بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 32/2/5369
السيد الدكتور/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم الوارد إلينا برقم (401) بتاريخ 10 من ديسمبر عام 2020، بشأن النزاع القائم بين الهيئة العامة للتأمين الصحي ومديرية التربية والتعليم بمحافظة المنيا، بخصوص إلزام الأخيرة بسداد مبلغ مقداره (1758192) مليون وسبعمائة وثمانية وخمسون ألفًا ومائة واثنان وتسعون جنيهًا، قيمة المتبقي من اشتراكات الطلبة عن عام 2014/2015 مضافا إليها الفوائد القانونية المستحقة بمقدار 4% من تاريخ الاستحقاق.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه بموجب نظام التأمين الصحي الصادر بالقانون رقم (99) لسنة 1992، والذى يوجب سداد اشتراكات سنوية على الطلاب تلتزم الإدارة التعليمية بتوريدها إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي فى موعد غايته منتصف شهر نوفمبر من كل عام، وفى العام الدراسى 2014/2015 بلغت الاشتراكات المستحقة على مديرية التربية والتعليم بمحافظة المنيا ولم تقم بتوريدها وفقا لعدد الطلاب المقيدين مبلغًا مقداره (1758192) مليون وسبعمائة وثمانية وخمسون ألفًا ومائة واثنان وتسعون جنيهًا، وفقا للبيان الصادر من الإدارة المالية بالهيئة، والمؤيد بما تضمنه من الكشوف المرسلة من وزارة التربية والتعليم والمبين بها عدد الطلاب المقيدين في الإدارات التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالمنيا، وإزاء ذلك طلبتم عرض النـزاع على الجمعية العمومية.
وقد تم مخاطبة محافظة المنيا (مديرية التربية والتعليم) لاستجلاء وجهة نظرها في النزاع فأفادت بموجب الكتاب المؤرخ فى 25/1/2021 بعدم أحقية الهيئة العامة للتأمين الصحى فيما تطالب به استناداً إلى أن بعض الطلاب لم يقوموا بسداد رسوم المصروفات الدراسية ، فضلا عن وجود عدد من الطلاب منقطعين.
ونفيد: أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 7 من إبريل عام 2021م الموافق 25 من شعبان عام 1442ه، فاستعرضت نص المادة (1) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، ونصوص المواد الأولى والثانية والثالثة والعاشرة من قانون نظام التأمين الصحي على الطلاب الصادر بالقانون رقم (99) لسنة 1992- قبل تعديله بالقانون رقم (2) لسنة 2018 بإصدار قانون نظام التأمين الصحي الشامل- كما استعرضت قرارات وزير الصحة أرقام (320) لسنة 1992، و(15) لسنة 1993، و(16) لسنة 1993، و(129) لسنة 1993، و(302) لسنة 1994 الصادرة تنفيذًا لقانون التأمين الصحي على الطلاب المشار إليه.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- وحسبما استقر عليه إفتاؤها- أن المشرع استنّ نظامًا للتأمين الصحي على الطلاب في مختلف المراحل الدراسية وعلى اختلاف أشكالها بموجب القانون رقم (99) لسنة 1992م المشار إليه، وذلك بهدف توفير الرعاية الطبية اللازمة لجميع الطلاب بالمراحل الدراسية المختلفة، وحـدد أبواب تمويل هذا النظام، ومنها الاشتراكات السنوية التي يتحملها الطالب في كل مرحلة من المراحل والتي تسدد كل عام دراسى، وجعل هذا النظام إلزاميًّا على جميع الطلاب المقيدين بالجهات التى يصدر بتطبيق هذا النظام عليها قرار من وزير الصحة، وذلك لضمان فاعلية هذا النظام وتحقيق أهدافه في توفير الرعاية الطبية للطلاب، وتلتزم الإدارات المدرسية بتحصيل اشتراكات الطلاب، وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق نتيجة بهدف ضمان تحقيق حصيلة هذا الباب من أبواب تمويل نظام التأمين الصحي للطلاب، فلا ينفك عن الجهات التعليمية التزامها بتحصيل الاشتراك ما دام الطالب مقيدًا بها في العام الدراسي المحصّل عنه، ومن ثم فإن هذه الجهات تلتزم بأداء كامل قيمة الاشتراكات عن الطلاب المقيدين بها في كل عام دراسى، على أن تقوم هذه الجهات بتحميل الطالب قيمة الاشتراك من خلال الإجراءات الإدارية باعتباره تابعًا لها في مجال تعليمه، وأن القـول بأن التزام الجهات الخاضعة بالتحصيل هو التزام ببذل عناية ينفك عنها بعدم قيام الطالب طوعًا واختيارًا بسداد الاشتراكات؛ اكتفاءً بحرمان من لم يسدد الاشتراكات من الانتفاع بخدمات التأمين الصحي عند احتياجه إليها، من شأنه أن يؤدى إلى جعل هذا النظام اختياريًّا خلافًا لما عناه المشرع من كونه إلزاميًّا، فضلا عن أنه يؤدى إلى زعزعة موارد هذا الباب من أبواب التمويل بما يخلّ بتحقيق أهداف هذا النظام، كما يخل بمفهوم التأمين التكافلى الذى يستهدف تعاون الجميع على تغطية المخاطر التي تحدث لبعضهم، وأن اشتراط سداد قيمة الاشتراك لتقديم الخدمة ما هو إلا وسيلة أراد بها المشرع ضمان التزام المنتفعين بأداء الاشتراكات.
كما استظهرت الجمعية العمومية أن الأصل فى إثبات الالتزام أنه يقع بصفة عامة على عاتق الدائن، وعلى المدين إثبات التخلص منه، وذلك تطبيقًا لأصل جوهري مؤدّاه أن مدعي الحق عليه إثبات وجوده لصالحه قِبل مَن يُبدى التزامه بمقتضاه، فإذا أثبت ذلك كان على المدعى عليه (المدين) أن يثبت تخلصه منه، إما بإثبات عدم تقرير الحق أصلا، أو عدم ثبوته للمدعي (الدائن)، أو انقضائه، وذلك كله على الوجه المطابق للقانون، ومقتضى ذلك أن المدعي هو الذي يتحمل عبء إثبات ما يدعيه، فإذا أقام الدليل الكافى على ذلك كان على المدعى عليه أن يقيم الدليل النافي لادعائه.
وبناءً على ما تقدم، ومتى كان الثابت من الأوراق نفاذ نظام التأمين الصحى الصادر به القانون رقم (99) لسنة 1992 على طلاب محافظة المنيا، ومن بينهم طلاب مديرية التربية والتعليم بالمحافظة بموجب قرارى وزير الصحة رقم (13) لسنة 1993، ورقم (15) لسنة 1993، فمن ثم يتعين على محافظة المنيا (مديرية التربية والتعليم) سداد الاشتراكات السنوية عن طلاب المديرية التابعين لها، وإذ بلغ عدد الطلاب المقيدين فى العام الدراسى 2014/2015، (1158710) طلاب، وبلغت قيمة الاشتراكات المستحقة عنهم (46344840) جنيهًا، لم تسدد منه سوى مبلغ (2876648) جنيها، وتبقى فى ذمتها مبلغ مقداره (1758192) مليون وسبعمائة وثمانية وخمسون ألفًا ومائة واثنان وتسعون جنيهًا، فمن ثم يتعين إلزامها بسداده.
ولا ينال مما تقدم ما استندت إليه محافظة المنيا (مديرية التربية والتعليم) من أن بعض الطلاب لم يقوموا بسداد رسوم المصروفات الدراسية، وبعضهم منقطعون عن العام الدراسى 2014/2015، وأنها لم تتمكن تبعا لذلك من تحصيل الاشتراكات ابتداء حتى تقوم بتوريدها إلى فرع الهيئة العامة للتأمين الصحي بالمحافظة، فإن ذلك مردود عليه بأنه لا ارتباط بين سداد الرسوم الدراسية وسداد رسوم الاشتراكات عن التأمين الصحي حيث يختلف الأساس القانونى لكل منهما، فليس من شأن عدم سداد الرسوم والمصروفات الدراسية تحلل مديرية التربية والتعليم والإدارات والمدارس التابعة لها في نظام التأمين الصحي، من التزامها المقرر قانونا، والمتمثل في تحقيق نتيجة معينة، وهي توريد جميع اشتراكات الطلاب التابعين لها في نظام التأمين الصحي إلى فرع الهيئة بالمحافظة، وإلا تحوّل التزامها بالتوريد إلى التزام ببذل عناية، وتحوّل معه نظام التأمين الصحي إلى نظام اختياري وليس إلزاميًّا على نحو من شأنه الإخلال بموارد هذا النظام وفكرة التأمين التكافلي التي يقوم عليها وهو الأمر المخالف لأحكام القانون.
ومن حيث إنه عن طلب الهيئة حساب الفوائد القانونية عن مدة التأخير فى سداد المبلغ محل المطالبة، فإن المستقر عليه فى إفتاء الجمعية العمومية أنه لا سبيل للمطالبة بالفوائد القانونية بين الجهات الإدارية على اعتبار أنها جهات يضمها جميعًا الشخص المعنوى الواحد للدولة، فضلا عن وحدة الموازنة العامة للدولة، ولما كانت الجهتان طرفا النزاع المعروض من بين الجهات الإدارية الأمر الذى لا محل معه للمطالبة بالفوائد القانونية فى هذا الشأن.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى إلزام محافظة المنيا (مديرية التربية والتعليم) بسداد مبلغ مقداره (1758192) مليون وسبعمائة وثمانية وخمسون ألفًا ومائة واثنان وتسعون جنيهًا إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |