بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم

                        رقم التبليغ:          

                        بتاريــخ:      /    /2021

                        ملف رقم: 32/2/4738

السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر

تحية طيبة، وبعد،

فقد اطلعنا على كتابكم المؤرخ 19/2/2018، بشأن النزاع القائم بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر والهيئة القومية للبريد، بخصوص إلزام الهيئة الأخيرة بأن تؤدى إلى الهيئة الأولى مبلغًا مقداره (273252) جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع (5%) من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد.

وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه بتاريخ 24/12/2018 تم توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر والهيئة القومية للبريد، تقوم بموجبها الأخيرة بتحمل وسداد الفارق بين قيمة الاشتراك المدعم الذى توفره الهيئة القومية لسكك حديد مصر للعاملين بالهيئات الحكومية وقيمة الاشتراك التجاري، وذلك فيما يخص العاملين بالهيئة القومية للبريد، بحيث تقوم هيئة سكك حديد مصر بتحصيل قيمة الاشتراك المدعم من الموظف وإرسال مطالبة بباقى قيمة الاشتراك التجارى لتحصيله من الهيئة القومية للبريد، فتقوم الهيئة القومية لسكك حديد مصر طبقًا لبنود مذكرة التفاهم المشار إليها بإرسال فاتورة شهرية بقيمة الدعم للهيئة القومية للبريد؛ لتقوم باعتماد الفاتورة وسداد قيمتها وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ إرسال الفاتورة إلى الهيئة، وحيث تأخرت الهيئة القومية للبريد عن سداد قيمة بعض الفواتير مما نتج عنه مديونية مقدارها (273252 ) جنيهًا عن الفترة من يناير 2009 حتى أكتوبر 2015، وقد طالبت الهيئة القومية لسكك حديد مصر الهيئة القومية للبريد بسداد المديونية المشار إليها، ولكن دون جدوى، وإزاء ما تقدم فقد طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية، حيث عرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 26 من فبراير سنة 2020م، وانـتـهت إلى تكليف طرفي النزاع بتشكيل لجنة مالية محاسبية برئاسة أحد أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات، وعضوية ممثل عن كل طرف من طرفى النزاع، لفحص الأوراق والمستندات والوقوف على وجود مبالغ مستحقة لهيئة سكك حديد مصر لدى الهيئة القومية للبريد؛ تنفيذاً لبنود مذكرة التفاهم الموقعة بين الهيئتين عام 2008 من عدمه، على أن تقدم اللجنة تقريرها للهيئة عارضة النزاع لتتولى الأخيرة رفعه للعرض على الجمعية العمومية قبل انعقاد جلسة 22/ 4 /2020 تمهيدًا للفصل في النزاع، وبتاريخ 11/11/2020م ورد إلى الجمعية العمومية خطاب السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر مرفقًا به محضر إنهاء أعمال اللجنة المشكلة نفاذًا لإفتاء الجمعية العمومية بجلستها المعقودة بتاريخ 26/2/2020 بشأن النزاع الماثل، ثم أتبعه بخطاب آخر بتاريخ 6/12/2020 مرفقًا به تقرير رئيس اللجنة المشار إليها وبما انتهت إليه أعمال اللجنة.

ونفيد أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 27 من يناير عام 2021م الموافق 14 من جمادى الآخرة عام 1442هـ؛ فتبين لها أن المادة (89) من القانون المدني تنص على أن: “يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد”، وأن المادة (90) منه تنص على أن: “1- التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفًا، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكًّا في دلالته على حقيقة المقصود. 2- ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيًّا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحًا”، وأن المادة (95) منه تنص على أنه: “إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها، اعتبر العقد قد تم. وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها، فإن المحكمة تقضي فيها طبقًا لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة”، وأن المادة (147) منه تنص على أن: “1-العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون…”، وأن المادة (148) منه تنص على أن: “يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية…”.كما تنص المادة (1) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968 على أنه: “على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه”.

ومن حيث إن مذكرة التفاهم المبرمة بين وزارة النقل– ويمثلها الهيئة القومية لسكك حديد مصر- ووزارة الاتصالات– ويمثلها الهيئة القومية للبريد- بتاريخ 24/12/2008 ينص البند الأول منها على أن: “يقوم الأفراد العاملون بالهيئة القومية للبريد باستخراج الاشتراكات بذات الأسعار الحالية باستمارات معتمدة بخاتم هيئة البريد”. وينص البند الثانى منها على أن: “تقوم الهيئة القومية لسكك حديد مصر بتسعير اشتراكات العاملين بالأسعار التجارية وعليها تحصيل قيمة الاشتراك المدعم من الموظف وإرسال مطالبة بباقى قيمة الاشتراك التجارى لتحصيله من الهيئة القومية للبريد”. وينص البند الثالث منها على أن: “تقوم الهيئة بإرسال فاتورة شهرية بقيمة الدعم بالجهات التابعة إلى الهيئة القومية للبريد موضحًا بها الآتى: الجهات التابعة: المناطق والإدارات .

عدد العاملين: العاملين الذين تم استخراج اشتراكات لهم. الاشتراك المدعم: قيمة المبالغ التى تم سدادها من قبل العاملين نظير استخراج الاشتراكات بالأسعار الحالية. الاشتراك التجاري: ذات سعر اشتراكات القطاع الخاص. الدعم: الفرق بين سعر الاشتراك التجارى والاشتراك المدعم”. وينص البند الرابع منها على أن: “تقوم الهيئة القومية للبريد باعتماد وسداد قيمة الفاتورة الشهرية فى خلال عشرة أيام من تاريخ إرسالها من الهيئة”،

وينص البند الخامس منها على أنه: “اتفق الأطراف على العمل بهذا الاتفاق بدءًا من 1/1/2009 م”.

واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم– وعلى ما جرى به إفتاؤها– أن العقد ينعقد بين الطرفين بمجرد توافق إرادتين متطابقتين بما اصطلح عليه بالإيجاب والقبول، وأنه لا يشترط إفراغ هاتين الإرادتين في شكل معين، فقد يكون ذلك من خلال ألفاظ أو مكاتبات متبادلة، أو بالإشارة المتداولة عرفًا، أو باتخاذ موقف لا تدع ظروفه شكًّا في دلالته على قصد متخذه، وأنه متى تم التطابق بين إرادتين على نحو ما سلف البيان، قامت شروط العقد مقام القانون بالنسبة إلى طرفيه، ولا يجوز لأحدهما منفردًا تعديل هذه الشروط إلا لسبب من الأسباب المقررة قانونًا، وأن تنفيذ العقود يجب أن يكون طبقًا لما اشتملت عليه وبطريقة تتفق مع مقتضيات حسن النية، وأنه في تفسير العقود لا يجوز الانحراف عن عباراتها الواضحة للتعرف على إرادة طرفيها، فإذا كان للتفسير محل، تعين البحث عن الإرادة الحقيقية للمتعاقدين من خلال الاستهداء بطبيعة التعامل محل العقد، وبما ينبغي توافره من أمانة وثقة بينهما، وفقًا لما يجرى عليه العرف في المعاملات.

كما استعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه إفتاؤها من أن الأصل في إثبات الالتزام أنه يقع بصفة عامة على عاتق الدائن، وعلى المدين إثبات التخلص منه، وذلك تطبيقًا لأصل قانونى مؤداه أن مدعي الحق عليه إثبات وجوده لصالحه قِبَل من يبدى التزامه بمقتضاه، فإذا ما أثبت ذلك كان على المدعى عليه (المدين) أن يثبت تخلصه منه، إما بإثبات عدم تقرير الحق أصلا، أو عدم ثبوته للمدعي (الدائن)، أو انقضائه، وذلك كله على الوجه المطابق للقانون، ومقتضى ذلك أن المدعي هو الذي يتحمل عبء إثبات ما يدعيه، فإذا ما أقام الدليل الكافي على ذلك، كان على المدعى عليه أن يقيم الدليل النافي لادعائه.

وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن النزاع الماثل يدور بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر والهيئة القومية للبريد بخصوص إلزام الأخيرة بأن تؤدى للهيئة مبلغًا مقداره (273252) جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد؛ وذلك إعمالا لبنود مذكرة التفاهم الموقعة بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر والهيئة القومية للبريد عام 2008، والتى تقوم بموجبها الأخيرة بتحمل وسداد الفارق بين قيمة الاشتراك المدعم الذى توفره الهيئة القومية لسكك حديد مصر للعاملين بالهيئات الحكومية وقيمة الإشتراك التجاري، ومن حيث إنه بالاطلاع على ما ورد بمحضر إنهاء أعمال اللجنة المشكلة نفاذًا لإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلسة 26/2/2020 لفحص مستندات النزاع الماثل، وكذا ما خلص إليه تقرير رئيس اللجنة المذكورة، وبما انتهت اليه أعمالها من أن ممثلى الهيئة القومية لسكك حديد مصر لم يقوموا حتى انتهاء أعمال اللجنة بتقديم صور المطالبات والفواتير الشهرية الخاصة بالفترة من ديسمبر 2009 حتى مايو 2010، وهى الفترة التى تمخض عنها المبلغ محل النزاع الماثل؛ الأمر الذى تكون قد أخفقت فى اٍقامة الدليل على ما تدعيه، فمن ثم تغدو مطالبتها الماثلة عارية عن صحيح سندها حَريّة بالالتفات عنها ورفضها.

لـــذلــــك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى رفض مطالبة الهيئة القومية لسكك حديد مصر بإلزام الهيئة القومية للبريد بأن تؤدى لها مبلغًا مقداره (273252) جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحريرًا في:           /           /2021

                          رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

                 المستشار/

                 يسرى هاشم سليمان الشيخ

                          النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة