بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
الملف رقم: 32/2/5379
السيد اللواء/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم الوارد إلينا برقم (478) بتاريخ 27/12/2020م، بشأن النزاع القائم بين الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة وهيئة النقل العام بالقاهرة، بخصوص إلزام الأخيرة أداء مبلغ مقداره ألفان وخمسمائة جنيه قيمة الأضرار التي أحدثتها من جراء التقليم الجائر لعدد خمسة أشجار فيكس أمام جراج السواح.
وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق- أنه بتاريخ 6/1/۲۰۱۹، أرسل مدير إدارة حدائق الأميرية التابعة للهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة كتابًا إلى رئيس الإدارة المركزية للتجميل بالهيئة، بشأن قيام عمال هيئة النقل العام (فرع السواح) بالتقليم الجائر لعدد (5) أشجار دون الرجوع إلى الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة لكونها الجهة المختصة بذلك، وتم تحرير المحضر رقم (38) المؤرخ 5/1/۲۰۱۹ إدارى الأميرية بشأن تلك الواقعة، وتمهيدًا لمطالبة هيئة النقل العام بقيمة ما أُتلف من ممتلكات الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة جراء ذلك، أعدّت الإدارة المركزية للتجميل بالهيئة مقايسة بقيمة الأضرار التى أصابتها قُدّرت بمبلغ ألفين وخمسمائة جنيه، ثم خاطبت الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة مدير فرع هيئة النقل العام بالسواح لأداء هذا المبلغ، كما وجهت إنذارًا على يد محضر إلى كل من رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام والمدير العام لفرع الهيئة المذكور لأداء هذا المبلغ متضامنين، إلا أنهما لم يحركا ساكنًا، لذا طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية.
ونفيد: أن النزاع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 27 من أكتوبر عام 2021م الموافق 20 من ربيع الأول عام 1443هـ، فتبين لها أن المادة (163) من القانون المدنى تنص على أن: “كل خطأ سبّب ضررًا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض”، وأن المادة (165) من القانون ذاته تنص على أنه: “إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يدَ له فيه كحادث مفاجئ، أو قوة قاهرة، أو خطأ من المضرور، أو خطأ من الغير، كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق يقضي بغير ذلك”، وأن المادة (174) منه تنص على أن: “1- يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذى يُحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعًا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها.
2-وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرًّا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفى توجيهه”، كما أن المادة (178) منه تنص على أن: “كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يدَ له فيه…”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المسئولية التقصيرية التى نص عليها المشرع فى المادة (163) من القانون المدنى، تقوم على توافر أركان ثلاثة، هي: الخطأ، والضرر، وعلاقة السببية بينهما، وأن الخطأ لا يُفترض، وإنما يجب على المضرور إثباته وبيان وجه الضرر الذى حاق به من جرائه، كما يجب ارتباط الخطأ بالضرر ارتباطًا مباشرًا بحيث يكون بذاته ومجردًا من أية ملابسات أخرى، السببَ المنتج في إحداث الضرر، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كانت مساهمته لازمة فى إحداث هذا الضرر وليس مجرد نتيجة لخطأ آخر، وهو ما اصطلح علي تسميته بتوافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر الناتج عنه، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، تقوم مسئولية المتبوع عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع طبقًا لنص المادة (174) من القانون ذاته على أساس مغاير؛ إذ يكفى لقيام هذه المسئولية إثبات وقوع العمل غير المشروع من تابع حال تأدية وظيفته أو بسببها، وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرًّا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في الإشراف والتوجيه، وعلى ذلك فإن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية مردّها إلى العمل غير المشروع، ويتعين لقيامها أن يثبت المضرور العمل غير المشروع فى جانب التابع وأن يكون هذا العمل هو السبب المنتج فى إحداث الضرر.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- وحسبما جرى به إفتاؤها- أن الشخص الطبيعى أو المعنوى الذى له مكنة السيطرة على الشيء يلتزم بحراسته حتى لا يسبب ضررًا للغير، فإذا أخلّ بهذا الالتزام افتُرض الخطأ فى جانبه، والتزم بتعويض الغير عما يلحقه من ضرر بسبب الشيء الخاضع لحراسته، ولا تنتقل هذه الحراسة إلى تابعه المنوط به استعمال الشىء، لأنه وإن كانت للتابع السيطرة المادية على الشيء وقت استعماله، فإنه يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته، ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته، وبذلك فإنه يكون خاضعًا للمتبوع، مما يفقده العنصر المعنوى للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء، كما لو كان هو الذى يستعمله، ولا يعفيه من هذا الالتزام إلا أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى رغم ما بذله من عناية فى الحراسة، وقد يكون السبب الأجنبى قوة قاهرة أو حادثًا مفاجئًا أو خطأ المضرور أو الغير.
واهتداءً بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 5/1/2019 حررت الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة محضرًا ضد السيد/ المدير العام لفرع السواح بهيئة النقل العام، قُيد برقم 38 لسنة 2019 إدارى الأميرية، مُتهمة إيّاه بتقليم (5) أشجار مملوكة لها تقليمًا جائرًا دون الرجوع إليها، وكان الثابت أيضًا أنه سبق للمدير العام لفرع السواح بهيئة النقل العام أن أرسل كتابًا إلى الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة بتاريخ 5/12/2018 طالبًا تقليم الأشجار الموجودة أمام الفرع لكثافتها التى تحول بين كاميرات المراقبة وبين كشف المكان والمترددين عليه، بيد أن الهيئة- وهى المنوط بها قانونًا حراستها وتقليمها- لم تُجبه إلى طلبه ولم تبادر إلى القيام بواجبها المقرر قانونًا، واتخذت مسلكًا سلبيًّا حيال هذا الطلب لمدة تجاوز الحدّ المعقول، إذ امتدت هذه المدة منذ أن طلبت منها هيئة النقل العام بالقاهرة تقليم الأشجار وحتى تاريخ تحرير المحضر سالف الذكر إلى ما يقارب شهرًا كاملا، وهو ما ينطوى على إهمال وتقصير منها أدى إلى المساس بأمن وسلامة مرفق عام هو مرفق النقل، ويتحقق بذلك ركن الخطأ فى جانب الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة، ومن ثم لا تلتزم هيئة النقل العام بالتعويض عما لحقها من أضرار نتيجة قيامها بتقليم الأشجار، لكون تلك الأضرار لحقت بها بسبب خطئها وهو أحد أسباب عدم المسئولية وفقًا لحكم المادة (165) من القانون المدنى سالفة البيان. يضاف إلى ما تقدم أن ما قام به المدير العام لفرع السواح بتكليف عماله بتقليم الأشجار– وإن كان جائرًا- فإن التقليم الجائر على نحو ما أفاد به كتاب الإدارة المركزية للتجميل يُسمح به فنيًّا على سبيل الاستثناء فى حالات الضرورة القصوى، وإذ اقتضت الضرورة وأمْلت المصلحة العامة على هيئة النقل العام (فرع السواح) الإسراع بالتقليم تداركًا منها لتراخى الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة فى القيام بذلك، بهدف حماية أملاكها وحفظ الأمن العام لمنشآتها والمترددين عليها، ومن ثم ليس ثمة خطأ يمكن نسبته إلى أحد تابعى هيئة النقل العام في شأن الواقعة محل النزاع الماثل، بما ينتفى معه ركن الخطأ في جانبها أو أىّ من تابعيها، وتنتفى بذلك مسئوليتها، ويتعين والحال كذلك رفض المطالبة.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى: رفض مطالبة الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة بإلزام هيئة النقل العام بالقاهرة بأداء مبلغ ألفين وخمسمائة جنيه قيمة الأضرار
التى أحدثتها بممتلكات الهيئة محل النزاع، وذلك على النحو المُبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئيــــس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
أسامـة محـمود عـبد العـزيز محـرم
النـائـب الأول لرئـيـس مجلـس الـدولة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |