بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 32/2/5435
السيد الدكتور/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم الوارد إلينا برقم )1237) بتاريخ 20/5/2021، بشأن النزاع القائم بين الهيئة العامة للتأمين الصحي ومديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة، بخصوص إلزام الأخيرة بأداء مبلغ مقداره (20807304) جنيهات قيمة المتبقي من اشتراكات التأمين الصحي عن الطلاب بهذه المحافظة عن العامين الدراسيين (2018/2019) و(2019/2020)، مضافًا إليه الفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه بموجب القانون رقم (99) لسنة 1992م بشأن تطبيق التأمين الصحي كنظام إلزامي على فئات الطلاب الذين حددتهم المادة الأولى من هذا القانون، وقرار وزير الصحة رقم (15) لسنة 1993م الصادر بتاريخ 17/1/1993م، والذي تضمن كيفية تحصيل وتوريد المبالغ المُحصلة إلى إدارة فرع الهيئة العامة للتأمين الصحي، وإذ لم تقم محافظة القاهرة، مُمثلة في مديرية التربية والتعليم بالمحافظة، بأداء كامل المبالغ المستحقة في ذمتها عن العامين الدراسيين 2018/2019م و2019/2020 بإجمالي مبلغ مقداره (20807304) عشرون مليونًا وثمانمائة وسبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة جنيهات، لذا طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية.
وفي معرض استيفاء إدارة الفتوى المختصة للنزاع، خاطبت محافظة القاهرة بموجب كتابيها رقمي (316) و(392) المؤرخين 14/6/2021م و25/8/2021م؛ لاستجلاء وجهة نظرها في النزاع الماثل وموافاتها بمذكرة تفصيلية بردها علي النزاع، وأية أوراق أو مستندات متعلقة به، غير أنها لم ترد علي النزاع أو تقدم أي مستندات.
ونفيد: أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 13 من أكتوبر عام 2021 م الموافق 6 من ربيع الأول عام 1443هـ، فتبين لها أن المادة (1) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968 تنص على أنه: “على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه”. وأن المادة الأولى من القانون رقم (99) لسنة 1992 في شأن نظام التأمين الصحي على الطلاب تنص على أن: “ينشأ نظام للتأمين الصحي على الطلاب وفقًا لأحكام هذا القانون، ويشمل على الأخص الفئات التالية: 1-أطفال رياض الأطفال. 2-طلاب مراحل التعليم الأساسي. 3-طلاب مراحل التعليم الثانوي العام والفني. 4-طلاب المدارس الفنية نظام الخمس السنوات. 5-طلاب المدارس الثانوية التجريبية التحضيرية للمعلمين. 6-طلاب المدارس الخاصـة من مختلف المراحــل والنوعيات. 7-طلاب المعاهد الأزهرية…”، وأن المادة الثانية منه تنص على أن: “تسرى أحكام هذا القانون تدريجيًّا بما لا يجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، على الفئات والجهات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة، ويكون النظام إلزاميًّا على جميع الطلاب”، وأن المادة الثالثة منه– بعد تعديلها بموجب القانون رقم (3) لسنة 2017– تنص على أن: “يُمول نظام التأمين الصحي على الطلاب على النحو الآتى: (أ) الاشتراكات السنوية التي يتحملها الطالب فى كل مرحلة والتي تُسدد عن كل عام دراسي وفقًا للتنظيم وفى المواعيد التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة بالاتفاق مع الوزير المختص وذلك بواقع: اثنى عشر جنيهًا عن كل طفل من رياض الأطفال وكل طالب من طلاب التعليم الأساسي والثانوي العام والخاص بأنواعه والمدارس الفنية بأنواعها المختلفة والمدارس الثانوية التجريبية للمعلمين والمدارس الخاصة والمعاهد الأزهرية…”، وأن المادة العاشرة منه تنص على أنه: “على الجهات التي تسرى في شأنها أحكام المادة الثانية من هذا القانون، توفير المكان المناسب لإنشاء عيادة طبية، على أن تتضمن الإنشاءات الجديدة للمدارس وجود عيادات طبية، وتحصيل الاشتراكات من الطلاب، وموافاة الهيئة العامة للتأمين الصحى بها، وبكافة البيانات والإحصائيات التي تطلبها الهيئة المذكورة ويتطلبها تنفيذ هذا القانون…”.
كما تبين لها أنه تنفيذًا للقانون رقم (99) لسنة 1992 المشار إليه، أصدر وزير الصحة القرار رقم (320) لسنة 1992 بشأن سريان نظام التأمين الصحي على الطلاب متضمنًا في المادة (1) منه النص على أن: “يسرى نظام التأمين الصحي على الطلاب المنصوص عليه بالقانون رقم 99 لسنة 1992 المشار إليه على الفئات التالية… وذلك بالمحافظات والمدن الموضحة بعد (كمرحلة أولى): محافظة القاهرة…”، ثم أصدر القرار رقم (15) لسنة 1993 بشأن تحصيل اشتراكات التأمين الصحي من طلاب المدارس متضمنًا في المادة (1) منه النص على أن: “تقوم إدارة المدرسة بتحصيل الاشتراكات السنوية التي يتحملها الطلاب الذين يصدر قرار من وزير الصحة بتطبيق نظام التأمين الصحي عليهم، عن كل عام دراسى، وفق أحكام القانون رقم 99 لسنة 1992، وتوريدها في المواعيد المبينة بالمادة الثالثة…”، ونص فى المادة (3) منه على أن: “يتم تحصيل اشتراكات التأمين الصحي على الطلاب في المواعيد المحددة لتحصيل الرسوم الدراسية، وفي موعد أقصاه شهر من التاريخ المحدد لبدء التطبيق بالنسبة لما ورد بالمادة الثانية من هذا القرار، على أن يتم توريد المبالغ المحصلة إلى إدارة فرع الهيئة العامة للتأمين الصحي في موعد أقصاه خمسة عشر يومًا من تاريخ انتهاء المهلة المحددة للتحصيل”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- حسبما استقر عليه إفتاؤها- أن المشرع استنّ نظامًا للتأمين الصحي على الطلاب في مختلف المراحل الدراسية، وعلى اختلاف أشكالها بموجب القانون رقم (99) لسنة 1992 المشار إليه، وذلك بهدف توفير الرعاية الطبية اللازمة لجميع الطلاب بالمراحل الدراسية المختلفة. وحـدّد أبواب تمويل هذا النظام، ومنها الاشتراكات السنوية التي يتحملها الطالب في كل مرحلة من المراحل والتي تُسدد كل عام دراسي. وجعل هذا النظام إلزاميًّا على جميع الطلاب المقيدين بالجهات التي يصدر بتطبيق هذا النظام عليها قرار من وزير الصحة، وذلك لضمان فاعلية هذا النظام، وتحقيق أهدافه في توفير الرعاية الطبية للطلاب. وتلتزم الإدارات المدرسية بتحصيل اشتراكات الطلاب، وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق نتيجة بهدف ضمان تحقيق حصيلة هذا الباب من أبواب تمويل نظام التأمين الصحي للطلاب، فلا ينفك عن الجهات التعليمية التزامها بتحصيل الاشتراك ما دام الطالب مقيدًا بها في العام الدراسي المحصل عنه، ومن ثم فإن هذه الجهات تلتزم بأداء كامل قيمة الاشتراكات عن الطلاب المقيدين بها في كل عام دراسي، على أن تقوم هذه الجهات بتحميل الطالب قيمة الاشتراك من خلال الإجراءات الإدارية، باعتباره تابعًا لها في مجال تعليمه، وأن القـول بأن التزام الجهات الخاضعة بالتحصيل هو التزام ببذل عناية ينفك عنها بعدم قيام الطالب طوعًا واختيارًا بسداد الاشتراكات، اكتفاءً بحرمان من لم يسدد الاشتراكات من الانتفاع بخدمات التأمين الصحي عند احتياجه إليها، من شأنه أن يؤدى إلى جعل هذا النظام اختياريًّا خلافًا لما عناه المشرع من كونه إلزاميًّا، فضلا عن أنه يؤدى إلى زعزعة موارد هذا الباب من أبواب التمويل بما يخل بتحقيق أهداف هذا النظام، كما يخل بمفهوم التأمين التكافلي الذى يستهدف تعاون الجميع على تغطية المخاطر التي تحدث لبعضهم، وأن اشتراط سداد قيمة الاشتراك لتقديم الخدمة ما هو إلا وسيلة أراد بها المشرع ضمان التزام المنتفعين بأداء الاشتراكات.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن الأصل في إثبات الالتزام أنه يقع بصفة عامة على عاتق الدائن، وعلى المدين إثبات التخلص منه، وذلك تطبيقًا لأصل جوهري مُؤدّاه أن مدعي الحق عليه إثبات وجوده لمصلحته قِبَل من يُبدى التزامه بمقتضاه، فإذا أثبت ذلك كان على المدعى عليه (المدين) أن يُثبت تخلصه منه، إما بإثبات عدم تقرير الحق أصلا، أو عدم ثبوته للمدعي (الدائن)، أو انقضائه، وذلك كله على الوجه المطابق للقانون. ومقتضى ذلك أن المدعي هو الذي يتحمل عبء إثبات ما يدعيه، فإذا أقام الدليل الكافي على ذلك كان على المدعى عليه أن يقيم الدليل النافي لادعائه.
وحيث إنه تأسيسًا على ما تقدم، ولما كان نظام التأمين الصحي على الطلاب المقرر بالقانون رقم (99) لسنة 1992 مُطبقًا على محافظة القاهرة بموجب قرار وزير الصحة رقم (320) لسنة 1992، فمن ثمّ فإنه يتعين على محافظة القاهرة (مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة) تحصيل اشتراكات التأمين الصحي السنوية من طلاب المدارس التابعة لها وموافاة الهيئة العامة للتأمين الصحي بها، وإذ ثبت من الأوراق المقدمة من الهيئة– عارضة النزاع- أن مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة لم تُورد إليها كامل قيمة هذه الاشتراكات عن العامين الدراسيين 2018/2019 و2019/2020، وكان إجمالي الاشتراكات عن العام الدراسي ( 2018/2019م) مبلغًا مقداره (27277008) جنيهات، وقامت بسداد مبلغ مقداره (18090432) جنيهًا، ومن ثم يتبقى في ذمتها مبلغ مقداره (9186576) جنيهًا، وكان إجمالي الاشتراكات عن العام الدراسي (2019/2020م) مبلغًا مقداره ( 28641972) جنيهًا، وقامت بسداد مبلغ مقداره (17021244) جنيهًا، ومن ثم يتبقى في ذمتها مبلغ مقداره ( 11620728) جنيهًا، وعليه يضحى إجمالي المبلغ المتبقي في ذمتها عن العامين الدراسيين المشار إليهما مبلغًا مقداره (20807304) عشرون مليونًا وثمانمائة وسبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة جنيهات، وإذ لم تنازع محافظة القاهرة في أعداد الطلاب المقيدين بمدارس مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة خلال العامين الدراسيين المشار إليهما، أو في مقدار المبلغ محل المطالبة، ولم تقدم دليلا يناهضه، إذ لم ترد على موضوع النزاع إبان استيفائه من إدارة الفتوى المختصة، فإنه يتعين إلزامها بأداء هذا المبلغ إلى الهيئة المذكورة نزولا على صحيح حكم القانون، وانصياعًا لمقتضاه.
ومتى كان الأمر كذلك، فإنه يتعين إلزام محافظة القاهرة (مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة) بأداء المبلغ المطالب به ومقداره (20807304) عشرون مليونًا وثمانمائة وسبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة جنيهات، إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي (في ضوء عدم سريان قانون التأمين الصحي الشامل على محافظة القاهرة حتى تاريخه).
وحيث إنه عن المطالبة بالفوائد القانونية، فإن إفتاء الجمعية العمومية جرى على أنه لا سبيل للمطالبة بالفوائد القانونية بين الجهات الإدارية؛ باعتبار أنها جهات يضمّها جميعا الشخص المعنوي الواحد للدولة، وباعتبار وحدة الموازنة العامة للدولة، مما يتعين معه رفض هذا الطلب.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى: إلزام مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة بأداء مبلغ مقداره (20807304) عشرون مليونًا وثمانمائة وسبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة جنيهات قيمة المتبقي من اشتراكات التأمين الصحى عن العامين الدراسيين (2018/2019) و(2019/2020)، إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وذلك على النحو المُبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
أسامة محمود عبد العزيز محرم
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |