مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
مجلس الدولة قرار رئيس مجلس الدولة رقم (656) لسنة 2022 بانشاء و إعادة توزيع اختصاصات بعض المحاكم الإدارية بالقاهرة و المحافظات الأخري
فبراير 18, 2023
الفتوى رقم 143 ، الملف رقم: 32/2/5573 ، بتاريخ جلسة : 2023/1/11
مارس 1, 2023

الفتوى رقم 127 ، الملف رقم : 32/2/4219 ، بتاريخ جلسة : 2023/1/11

بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم

                        رقم التبليغ:          

                        بتاريــخ:      /    /2023

                                   

                        الملف رقم : 32/2/4219

السيد اللواء/ مساعد وزير الداخلية

رئيس مجلس إدارة صندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية

تحية طيبة، وبعد،

فقد اطلعنا على كتابكم رقم (1406) المؤرخ 7/7/2015م وكتبكم اللاحقة له، بشأن طلب إعادة عرض النزاع القائم بين صندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية ومحافظة سوهاج، على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع؛ لإصدار رأى يلزم محافظة سوهاج بتوصيل التيار الكهربائي للعمارات المقامة على الأرض موضوع النزاع، وبراءة ذمة الصندوق من ثمن هذه الأرض، واحتياطيًّا: تشكيل لجنة لتحديد ثمن الأرض لمُغالاة المحافظة في تقدير ثمنها، وإلزام وزارة الداخلية وليس الصندوق بأداء أي مبالغ قد تراها الجمعية العمومية مُستحقة للمحافظة.

وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أن صندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية تقدم بطلب إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بشأن براءة ذمته من مبلغ (126951500) جنيه الذي تطالب به محافظة سوهاج ثمنًا للأرض التي أقام عليها الصندوق بُرجيْن، وإلزام المحافظة بتوصيل المرافق إلى هذين البُرجين، وبجلسة 16/4/2014 انتهت الجمعية العمومية إلى إلزام الصندوق بأداء المبلغ المذكور قيمة الأرض المتنازع عليها وإلزام محافظة سوهاج– بعد أداء المبلغ المشار إليه– بالسير في إجراءات توصيل المرافق للمنشآت المقامة على الأرض المتنازع عليها، إلا أن هذا الإفتاء لم يلقَ قبولا لدى الصندوق للأسباب والمبررات المُبينة تفصيلا بكتبكم السالفة الإشارة إليها، وبناء عليه طلبتم إعادة عرض النزاع على الجمعية العمومية.

  وبعرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 12/12/2020، انتهت إلى تكليف صندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية بمخاطبة الهيئة العامة للخدمات الحكومية للقيام بتقدير ثمن الأرض موضوع النزاع في وقت قيام اللجنة العليا بمحافظة سوهاج بتقدير ثمنها بتاريخ 13/9/2012، على أن تقوم الهيئة المذكورة بإجراء هذا التقدير في حضور ممثلي طرفي النزاع وبعد الاطلاع على المستندات المقدمة منهما، وعلى الهيئة المذكورة إيداع تقريرها بنتيجة أعمالها مرفقًا به محاضر أعمالها وكافة الأوراق التي بُنيت عليها نتيجة هذا التقرير لدى الصندوق المذكور (الجهة عارضة النزاع) ليتولى الأخير تقديمه إلى الجمعية العمومية.

 وقد ورد إلى الجمعية العمومية كتاب المدير التنفيذي للجهاز التنفيذي لمشروعات الأراضي (صاد) رقم (388) المؤرخ 21/2/2021 مرفقًا به صورة كتاب القائم بتسيير أعمال اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية المؤرخ 21/2/2021، مرفقًا به التقرير الفني الاستشاري المُقدم من اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية بشأن معاينة وتقييم الأرض محل النزاع، وتقرير ومحضر لجنة أعمال تقدير الأرض محل النزاع المؤرخ 17/2/2021، وكذا محاضر أعمال اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية بشأن تنفيذ ما انتهت إليه الجمعية العمومية بجلسة 12/12/2020م، وقد انتهت اللجنة إلي أن القيمة المُقدرة لقطعتي الأرض محل النزاع هي (5000) خمسة آلاف جنيه للمتر المربع الواحد في كامل مسطح الأرض، وذلك في 13/9/2012م (تاريخ تقدير اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة بمحافظة سوهاج). كما ورد إلى الجمعية العمومية بتاريخ 26/6/2021 كتاب السيد الأستاذ/ محافظ سوهاج رقم (408) المؤرخ 15/6/2021م تعقيبًا علي ما انتهي إليه تقرير اللجنة العليا بالهيئة العامة للخدمات الحكومية سالف الذكر، والذي خلص إلي قيام المحافظة بتوصيل مرفق الكهرباء للأبراج، وأنها قامت بتنفيذ التزامها، وأنها ما زالت تتمسك بالسعر المُقدر من اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة، والتي ألزمت بموجبه الجمعية العمومية صندوقَ مشروعات أراضى وزارة الداخلية بسداد مبلغ مقداره (126951500) مائة وستة وعشرون مليونًا وتسعمائة وواحد وخمسون ألفًا وخمسمائة جنيه للمحافظة (بواقع 26 ألف جنيه للمتر المربع)، وأن السعر محل تقدير اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية لا يتناسب مع الأسعار السائدة في المنطقة.

  وبإعادة نظر النزاع مرة أخرى أمام الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في 8 من سبتمبر عام 2021م، تبين لها من مطالعة التقرير الفني الاستشاري المشار إليه، وكذا تقرير ومحضر لجنة أعمال تقدير هذه الأرض المؤرخ 17/2/2021، أن بعض الأُسس والمعايير التي تمت مراعاتها من قِبَل اللجنة المذكورة عند تقديرها قيمة الأرض بواقع خمسة آلاف جنيه للمتر المربع الواحد، وعلى وجه الخصوص أن الأرض تحت يد وزارة الداخلية لفترة تزيد على خمسين سنة كما ورد بالتقرير المؤرخ 17/2/2021 ( وسبعين سنة كما ورد بالتقرير الفني الاستشاري آنف الذكر)، وأن طرفي النزاع من الأشخاص الاعتبارية العامة وأموالهما أموال عامة، وأن الغرض من استغلال الأرض إقامة مبانٍ سكنية لضباط الشرطة وأُسر الشهداء ومصابي العمليات الجسيمة وليس استثماريًّا بهدف الربح؛ لا محل لها في الحالة الراهنة باعتبار أن الأمر إنما يتعلق بتقدير ثمن الأرض محل النزاع باعتباره تعويضًا للمحافظة عن إخلال الصندوق بعدم تنفيذ التزامه العقدي عينًا بتسليم المحافظة هذه الأرض على نحو ما ذهبت إليه بسابق إفتائها بجلسة 16/4/2014، كما لاحظت الجمعية العمومية من مطالعتها التقرير الفني الاستشاري المشار إليه، أن اللجنة العليا للتقييم المنتدبة لم تقدم ما يفيد اتصال علم المحافظة ببعض الكتب المستند إليها في التقييم، خاصة أن من بين المطلوب بموجب هذه الكتب الأسس والمعايير التي استندت إليها المحافظة في تقدير ثمن الأرض محل النزاع بتاريخ 13/9/2012، وهو التقدير المُنتهي إلى تحديد سعر المتر المربع بواقع (26 ألف جنيه)، وخلصت الجمعية العمومية إلى ضرورة قيام اللجنة المذكورة بمخاطبة المحافظة بشكل رسمي لتقديم تلك المستندات المطلوبة لاسيما في ضوء تمسك المحافظة بالسعر المُقدر بمعرفة اللجنة العليا لثمين أراضي الدولة بها، وبعدم تناسب السعر محل تقدير اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية مع الأسعار السائدة في المنطقة على النحو الوارد بكتاب السيد/ محافظ سوهاج رقم (408) المؤرخ 15/6/2021 آنف الذكر، وعليه انتهت الجمعية العمومية إلى إعادة النزاع إلى الهيئة العامة للخدمات الحكومية للقيام بالمهمة المُسندة إليها بقرارها الصادر بجلسة 12/12/2020، وذلك في ضوء الملاحظات السالف بيانها. ونفاذًا لذلك باشرت اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية المهمة المسندة إليها، وعقب إيداع تقريرها ورد إلى الجمعية العمومية كتاب السيد اللواء/ المدير التنفيذي للجهاز التنفيذى لمشروعات الأراضى (صاد) رقم (2472) المؤرخ 21/12/2021 مرفقًا به ملحق التقرير الفني الاستشارى المقدم من اللجنة المذكورة مشتملا على نتيجته النهائية.

 وأنه حال إعادة نظر النزاع مرةً أخرى أمام الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 16 من مارس عام 2022م الموافق 13 من شعبان عام 1443هـ، تبين لها من مطالعة ملحق التقرير الفني الاستشاري الأخير آنف البيان، أن اللجنة العليا للتقييم لم تأتِ بأي جديد خلاف ما انتهت إليه بالتقرير الفني الاستشاري السابق، وأنها لم تقم بأداء المأمورية المُعادة إليها على نحو ما انتهت إليه الجمعية العمومية بجلسة 12/12/2020، كما لاحظت الجمعية العمومية أن اللجنة المذكورة أعدت هذا الملحق الأخير، وبَنَت رأيها الوارد به على ذات أُسس ومعايير التقدير التي سبق للجمعية العمومية أن غضّت الطرْف والتفتت عنها ولم تُعول عليها، والمشار إليها سلفًا، رغم أن الجمعية العمومية سبق لها أن لفتت نظر اللجنة العليا للتقييم بأن هذه الاعتبارات لا محل لها في النزاع الماثل، وأن الأمر إنما يتعلق بتقدير ثمن الأرض محل النزاع باعتباره تعويضًا للمحافظة عن إخلال الصندوق بعدم تنفيذ التزامه المقابل عينًا بتسليم الأرض للمحافظة رغم التزام الأخيرة بتنفيذ كامل التزامها المقابل عينًا، على وفق ما انعقدت عليه إرادة طرفي عقد المقايضة المشار إليه سلفًا، لاسيما أن إخلال الصندوق بالتزاماته العقدية لم يقف عند امتناعه عن تسليم الأرض، بل امتدّ إلى حصوله على ترخيصي البناء رقمي: (91) و(92) لسنتي 2008 و2009 لبناء برجين عليها وإتمام بنائهما بالفعل، مما أدى إلى الحيلولة بين المحافظة وتسلم الأرض أو الانتفاع بها منذ عام 2007 (تاريخ إخلاء مبنى مديرية الأمن القديم المقام عليها ونقل العاملين به إلى مبنى مديرية الأمن الجديد- وحتى تاريخه)، كما أن ترخيصي البناء المشار إليهما لم يقتصرا على إنشاء وحدات سكنية لضباط الشرطة وأُسر الشهداء ومصابي العمليات فحسب كما ذهبت اللجنة العليا للتقييم بملحق تقريرها الفني الاستشاري آنف الذكر، وإنما تضمنَا بجانب هذه الوحدات السكنية إنشاء وحدات إدارية وتجارية والتي مما لا شك فيه ولا يغيب عن النظر، تدرّ على الصندوق ربحًا حال استغلالها، في الوقت ذاته الذى حرمت فيه المحافظة من الانتفاع بالأرض المقامة عليها هذه الوحدات لمدة تزيد على خمس عشرة سنة، لاسيما أن حصيلة تصرف المحافظة في الأرض المتنازع عليها تئول إلى حساب صندوق مشروعات الإسكان الاقتصادي بالمحافظة على وفق ما ورد بالمادة (17) من قرار محافظ سوهاج رقم (226) لسنة 1984 وتعديلاته، بشأن قواعد بيع وتأجير الأراضي الفضاء المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية في نطاق المحافظة.

وعليه، خلصت الجمعية العمومية إلى أن النزاع الماثل- بحالته الراهنة- ما زال غير صالح للفصل فيه لوجود بعض الأمور الفنية المُتخصصة التي يتوقف الفصل فيها على الاستعانة بأهل الخبرة، وأنه إزاء ثبوت تعذر قيام اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية السابق تشكيلها تنفيذًا لقراري الجمعية العمومية الصادرين بجلستي: 12 من ديسمبر عام 2020م و8 من سبتمبر عام 2021م، بإتمام المهمة المُكلفة بها على الوجه المطلوب والإجابة عن التساؤلات الواردة بهذين القرارين، فقد انتهت الجمعية العمومية إلى إعادة تكليف الجهة عارضة النزاع بتشكيل لجنة فنية جديدة محايدة لمباشرة المهام المحددة، على أن تُشكل من ثلاثة من أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات المختصين يندبهم السيد المستشار رئيس الجهاز- تكون رئاستها لأقدمهم- وممثل عن مأمورية الشهر العقاري بسوهاج، ويمثل فيها طرفا النزاع، تكون مهمتها- بعد الاطلاع على كافة أوراق النزاع، وعلى وجه الخصوص محاضر لجان التثمين بالمحافظة التي جرت في الفترة قبل 13/9/2012 (تاريخ تقدير اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة للأرض محل النزاع) وما بعدها، مرورًا بهذا التاريخ، وعقد المقارنة السليمة بينها، وذلك بعد الانتقال إلى الأرض محل النزاع ومعاينتها على الطبيعة، ودراسة أهمية الموقع، وطبيعة المنطقة والخدمات المتوافرة فيها أو بالمناطق المجاورة لها، والاشتراطات البنائية، ومدى سهولة الوصول إليها، والمؤثرات البيئية، توصلا إلى تقدير ثمن المثل والأسعار السائدة في المنطقة الكائنة بها والتي كانت متداولة تحديدًا في 13/9/2012 (تاريخ تقدير اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة بالمحافظة)، وبيان ما إذا كانت هناك حالات مِثل، وما إذا كان تم البيع لها بالسعر ذاته من عدمه، وكذا الغرض المستغلة فيه الأرض، وما إذا كان اقتصر على إنشاء وحدات سكنية أم شمل إنشاء وحدات إدارية وتجارية كما ورد بترخيصي البناء آنفي الذكر من عدمه، وفى الحالة الأولى بيان العائد المادي من هذه الوحدات الإدارية والتجارية وقت التقدير، إن وجد، وناطت باللجنة إبداء ما تراه من ملاحظات في هذا الشأن. ونفاذًا لذلك باشرت اللجنة المُعاد تشكيلها المهمة المسندة إليها، وعقب إيداع تقريرها ورد إلى الجمعية العمومية كتاب السيد اللواء/ المدير التنفيذي للجهاز التنفيذي لمشروعات الأراضي (صاد) رقم (2281) المؤرخ 26/11/2022 مرفقًا به التقرير النهائي المقدم من اللجنة المذكورة مشتملا على نتيجته النهائية ممهورًا بتوقيع جميع أعضائها.

ونفيد: أن النزاع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 11 من يناير 2023م، الموافق 18 من جمادى الآخرة عام 1444هـ، فتبين لها أن المادة (146) من القانون المدني تنص على أنه: “إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقًا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص، فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذى ينتقل فيه الشيء، إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه”، وأن المادة (147) منه تنص على أن: “(1) العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون (2)…”، وأن المادة (148) منه تنص على أنه: “(1) يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. (2) ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضًا ما هو من مستلزماته، وفقًا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام”، وأن المادة (203) من القانون ذاته تنص على أن: “(1) يجبر المدين بعد إعذاره طبقًا للمادتين (219) و(220) على تنفيذ التزامه تنفيذًا عينيًّا، متى كان ذلك ممكنًا. (2) على أنه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز له أن يقتصر على دفع تعويض نقدي، إذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضررًا جسيمًا”، وأن المادة (221) منه تنص على أنه: “1-إذا لم يكن التعويض مُقدرًا في العقد أو بنص في القانون، فالقاضي هو الذى يقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقّاه ببذل جهد معقول. 2-…”، وأن المادة (482) منه تنص على أن: “المقايضة عقد به يلتزم كل من المتعاقدين أن ينقل إلى الآخر على سبيل التبادل، ملكية مال ليس من النقود”، وأن المادة (485) منه تنص على أن: “تسرى على المقايضة أحكام البيع، بالقدر الذي تسمح به طبيعة المقايضة، ويعتبر كل من المتقايضين بائعًا للشيء الذي قايض به ومشتريًا للشيء الذي قايض عليه”.

واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، وعلى ما جرى به إفتاؤها، أنه يجب على كل من المتقايضين تنفيذ التزامه طبقًا لما تفرضه طبيعة العقد وبطريقة تتفق ومُوجبات حسن النية، وأن الأصل أن ينفذ المتقايض التزاماته عينًا، وقد يستبدل بالتنفيذ العيني– ولو كان ممكنًا– التنفيذ بطريق التعويض النقدي، وذلك إذا رخص فيه قاضى العقد، متى قدّر– بحسب ظروف التعاقد- أن التنفيذ العيني مرهقٌ للمدين، ولم يعرض الأخير أن ينفذ التزامه عينًا وكان التنفيذ بطريق التعويض لا يلحق بالدائن ضررًا جسيمًا، وأن يراعى عند تقدير التعويض ما أصاب الدائن من خسارة وما فاته من كسب.

واستظهرت الجمعية العمومية أيضًا من تفسير حكم المادتين: (203) و(215) من القانون المدني، أن الأصل هو تنفيذ الالتزام عينًا حتى لو كان ذلك جبرًا على المدين به متى كان هذا التنفيذ ممكنًا، وأن التنفيذ بطريق التعويض لا يكون إلا عِوَضًا عن التنفيذ العيني إذا استحال هذا التنفيذ، أو إذا اتفق الدائن والمدين على استبدال التعويض بالتنفيذ العيني سواء أكان ذلك صراحة أم ضِمنًا، وأن تنفيذ الالتزام عينًا أو تنفيذه بطريق التعويض قسيمان متكافئان قدرًا ومتحدان موضوعًا، يندمج كل منهما في الآخر ويتقاسمان معًا تنفيذ الالتزام الأصلي، وأنه من الأمور المُسلم بها سواء في مجال العقود الإدارية أو المدنية أن الخطأ العقدي هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد، فإذا استحال على المدين أن ينفذ التزاماته عينًا كان مسئولا عن التعويض لعدم الوفاء بها.

كما ارتأت الجمعية العمومية، وعلى ما استقر عليه الفقه والقضاء، أنه ليس بلازمٍ أن تتساوى أثمان كافة الأراضي في الناحية أو المدينة الواحدة في تاريخ أو تواريخ محددة أو مختلفة؛ إذ يختلف الثمن باختلاف الموقع والمرافق والخدمات والزمن أيضًا، وأن تحديد جهة الإدارة ثمن الأرض المَبيعة ليس طليقًا يتوقف على محض إرادتها تقدّره كيفما تشاء، وإنما يخضع عند المنازعة فيه بينها وبين جهة إدارية أخرى، لسلطة الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بوصفها الجهة المختصة بالفصل في المنازعات التي تنشب بين الجهات الإدارية وذلك بديلا عن استعمال الدعوى وسيلةً لحماية الحقوق وفض المنازعات، والتي تملك بموجبها ردّ هذا التقدير إلى السعر المناسب، وذلك من خلال الاستنارة بآراء ذوى الخبرة في المسائل الفنية التي تستدعى خبرة خاصة بشأنها. وأنه من المُسلم به أن الجمعية العمومية- وعلى ما جرى به إفتاؤها- هي صاحبة الحق الأصيل في التقدير الموضوعي لكافة عناصر النزاع، وهى غير ملتزمة إلا بما تراه حقًّا وعدلا من رأيٍ لأرباب الخبرة، وأن قيامها بإعادة المأمورية إلى اللجنة ذاتها المُشكلة من جانبها أو إلى لجنة أخرى، لا يعدو أن يكون إجراءً تتخذه لاستكمال عناصر النزاع، فلا يحُول ذلك دون أن تُوازن بين آراء أهل الخبرة جميعًا عند تعددها أو تعارضها، وتعوّل فى إفتائها على ما تراه وجه الحق فى النزاع باعتبار أن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه وعلى ما جرى به إفتاؤها يظل خاضعًا كغيره من الأدلة لتقدير الجمعية العمومية.

 وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الحاصل مما سبق عرضه- وبما لا يدع مجالا للشك- ثبوت إخلال صندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية (باعتباره خلفًا خاصًّا لوزارة الداخلية)، وذلك بامتناعه عن تسليم الأرض محل عقد المقايضة المُبرم بين محافظة سوهاج ووزارة الداخلية منذ عام 1980، المُقام عليها مبنى مديرية أمن سوهاج القديم، ومبنى سجن سوهاج العمومي القديم، والبالغة مساحتاهما معًا (4882,75) مترًا مربعًا، وكان النزاع الماثل في جوهره يدور حول تقدير ثمن هذه الأرض، وبالتحديد ثمن المِثل وفقًا للأسعار السائدة في المنطقة الكائنة بها الأرض والتي كانت متداولة تحديدًا في 13/9/2012 (تاريخ تقدير اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة بالمحافظة)، باعتبار هذا الثمن في حقيقته بمثابة تعويض للمحافظة عن إخلال الصندوق وذلك بعدم تنفيذ التزامه المقابل عينًا بتسليم هذه الأرض للمحافظة، رغم التزام الأخيرة بتنفيذ كامل التزامها المقابل عينًا، على وفق ما انعقدت عليه إرادة طرفي عقد المقايضة سالف الذكر، وثبوت تعذر تسليم الأرض للمحافظة لحصول الصندوق على ترخيصي البناء رقمي (91) و(92) لسنتي 2008 و2009 وقيامه ببناء بُرجين عليها بالفعل، تضمنَا وحدات إدارية وتجارية بجانب وحدات سكنية لضباط الشرطة وأسرهم.

وكان الثابت من تقرير اللجنة الفنية المُعاد تشكيلها بقرار الجمعية العمومية الصادر بجلستها المعقودة في 16 من مارس عام 2022م، والمُوقّع من جميع أعضائها، أن متوسط سعر المتر للأرض في 13/9/2012 (تاريخ تقدير اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة بالمحافظة)، هو(16228،25) ستة عشر ألفًا ومائتان وثمانية وعشرون جنيهًا وخمسة وعشرون قرشًا، ليكون إجمالي ثمن الأرض– المتنازع عليها– مبلغًا مقداره (79238487) تسعة وسبعون مليونًا ومائتان وثمانية وثلاثون ألفًا وأربعمائة وسبعة وثمانون جنيهًا، ولما كانت الجمعية العمومية تطمئن لهذا التقدير؛ لسلامة الأسس والمعايير التي بنت عليها اللجنة تقديرها، ومنها موقع الأرض والمرافق والخدمات المتصلة بها، وسعة هذا الموقع، والشوارع القائمة به، وكثافة السكان بالمنطقة الواقعة، ومقارنة اللجنة الأسعار المتداولة، سواء بالمنطقة ذاتها الواقعة بها الأرض أو بالمناطق القريبة منها- قبل ذلك التاريخ وبعده- وصولا إلى الكشف عن السعر الحقيقي لأرض النزاع في التاريخ آنف البيان، ومراعاتها في الوقت ذاته معدل التضخم القائم خلال فترات التقدير المشار إليها في تقريرها، والذى تقره الجمعية العمومية؛ نتيجة لحرمان المحافظة من الانتفاع بالأرض منذ إخلاء مبنى مديرية أمن سوهاج القديم ومبنى سجن سوهاج العمومي القديم المقامين عليها حتى تاريخه، بحسبان أن التعويض يشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب؛ الأمر الذى ترى معه الجمعية العمومية الاعتداد بتقدير اللجنة المشار إليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلزام صندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية (صاد) بأداء مبلغ مقداره (79238487) تسعة وسبعون مليونًا ومائتان وثمانية وثلاثون ألفًا وأربعمائة وسبعة وثمانون جنيهًا، قيمة الأرض المتنازع عليها.

وفى خصوص طلب الصندوق إلزام وزارة الداخلية بأي مبالغ قد تراها الجمعية العمومية مستحقة للمحافظة عن الأرض المُتنازع عليها، فهو مردود؛ لما هو مقرر من أنه إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقًا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص، فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذى ينتقل فيه الشيء، إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه، وكان صندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية يُعد خلفًا خاصًّا لوزارة الداخلية وفقًا لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم (155) لسنة 1983 الصادر بإنشاء الصندوق والمعدل بالقرار رقم (263) لسنة 1989، والذي ناط بالصندوق بيع الأراضي والمباني المملوكة للدولة والمُخصصة لوزارة الداخلية التي تُخليها الأخيرة، وكذا إقامة مبانٍ جديدة لأجهزة الوزارة، أو إصلاح المباني القائمة وترميمها، وإقامة المباني اللازمة لإيواء أعضاء هيئة الشرطة، وكذا قيامه بجميع الخدمات والأنشطة الإدارية والتجارية والمالية التي من شأنها تحقيق أهدافه وتنمية موارده التي تتكون من حصيلة بيع الأراضي والمباني المشار إليها، وإنه رغم ثبوت علم الصندوق بعقد المقايضة المُبرم بين المحافظة ووزارة الداخلية، فقد حصل على ترخيصي البناء رقمي (91) و(92) لسنتي 2008 و2009 وقام ببناء بُرجين بالفعل على الأرض المُتنازع عليها محل هذا العقد، مما تعذر معه تسليم الأرض للمحافظة، فضلا عن أن المستقر عليه في إفتاء الجمعية العمومية أنه إذا ما أَسند المشرع إلى جهة إدارية ما، ممارسة اختصاص مُعين، ثم أعاد تنظيم هذا الاختصاص بإسناده إلى جهة إدارية أخرى، فإن هذا التنظيم الجديد يُطبق بأثرٍ مباشر، ولا يجوز للجهة الأولى ممارسة هذا الاختصاص من تاريخ العمل بهذا التنظيم، وأن حلول جهة إدارية حلولا قانونيًّا محل جهة إدارية أُخرى، يترتب عليه تلقائيًّا، وبحكم هذا الحلول القانوني، أن تحل الجهة الأُولى محل الجهة الأخيرة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات، وعليه فإن الصندوق يضحى هو الملتزم بأداء ثمن الأرض المُتنازع عليها للمحافظة، ومن ثم يكون طلب الصندوق إلزام وزارة الداخلية بأداء هذا الثمن فاقدًا سندَه القانوني جديرًا بالرفض.

 وفيما يتعلق بطلب الصندوق إلزام المحافظة بتوصيل التيار الكهربائى للبرجين المُقامين على مساحة الأرض محل النزاع، فإن الثابت من كتاب السيد/ محافظ سوهاج رقم (408) المؤرخ 15/6/2021م الوارد إلى الجمعية العمومية بتاريخ 26/6/2021، والمشار إليه سلفًا، أن المحافظة قامت بتوصيل التيار الكهربائي إلى البرجين، وأن الأخيرة قامت بتنفيذ التزامها بتوصيل المرافق لهما، وهو ما لم يُنكره الصندوق ولم يعقب عليه بأي تعقيب، ومن ثم يضحى النزاع في هذا الخصوص غير ذي موضوع؛ الأمر الذي يتعين معه حفظه لانغلاق باب المنازعة بشأنه.

لـــذلــــك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى:

أولا- إلزام صندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية (صاد) بأن يؤدى إلى محافظة سوهاج مبلغًا مقداره (79238487) تسعة وسبعون مليونًا ومائتان وثمانية وثلاثون ألفًا وأربعمائة وسبعة وثمانون جنيهًا قيمة الأرض المُتنازع عليها.

ثانيًا: رفض طلب الصندوق إلزام وزارة الداخلية بأداء المبلغ المشار إليه.

ثالثًا: حفظ النزاع بخصوص طلب توصيل الكهرباء إلى البُرجين المُقامين على المساحة المُتنازع عليها لانغلاق باب المنازعة بشأنه.

وذلك كله على الوجه المُبين بالأسباب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحريرًا في:           /           /2023

                          رئـيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع

                  المستشار/

               أسامة محمود عبد العزيز محرم

                          النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة

Comments are closed.

Violetporno Tamil pengal sex - தமிழ் பெண்கள் sex india Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV Xnxxpornub gratuitXnxx arabYêu nhau bao lâu bây giờ mới được ướm cặc vào lồn em wwwxxx xxx videos