جلسة 22 من ديسمبر سنة 2001م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد الشحات
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 808 لسنة 35 قضائية عليا:
مهن ـ مهنة العلاج الطبيعى ـ التنسيق بين عمل أخصائى العلاج الطبيعى وعمل الطبيب المعالج.
القانون رقم 3 لسنة 1985 بشأن مزاولة مهنة العلاج الطبيعى ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار
وزير الصحة رقم 150 لسنة 1986.
المشرع في سبيل التنسيق بين عمل الطبيب المعالج وعمل ممارس وأخصائى العلاج الطبيعى، تناول تفصيلاً الواجبات والمسئوليات الملقاة على عاتق من يزاول وظيفة العلاج الطبيعى والمحظورات التى لا يمتد إليها عمله، محدداً نطاق عمله فى أطر لا يتجاوزها، متمتعًَا فيها باستقلالية في أداء هذا العمل دون أدنى تسلط إدارى أو إشراف فنى من قِبل الطبيب المعالج، حيث أناط به المشرع وضع برنامج وأساليب العلاج الطبيعى الذى يراه، وتنفيذه بناءً على التقرير الطبى الكتابى للطبيب المعالج بعد أن حدد التشخيص الطبى للمريض والعلة المصاب بها وأسلوب العلاج الطبى المقرر له وأعراض هذا المرض وأى بيانات أخرى يرى لفت أنظار أخصائى العلاج الطبيعى إليها ـ أما إذا حدد التقرير الطبى للطبيب المعالج نوع العلاج الطبيعى وأسلوبه أو مدته فإنه يجب على أخصائى العلاج الطبيعى الالتزام بذلك عند وضع برنامج العلاج الطبيعى وتنفيذه ـ إن كلاً من برنامجى العلاج الطبى والعلاج الطبيعى يشكلان معًا برنامج علاج متكامل للمريض، وكلاهما يعمل فى مجال تخصصه الفنى من خلال هذا البرنامج المتكامل ـ الأعمال التخصصية التى يقوم بها الطبيب المعالج تختلف عن تلك التى يقوم بها ممارس وأخصائى العلاج الطبيعى إلا أنه نزولاً على اعتبارات المحافظة على صحة المواطنين فإن ذلك يقتضى استمرار الإشراف الطبى للطبيب المعالج على حالة المريض
أثناء مزاولة أخصائى العلاج الطبيعى لعمله، لذا فقد أوجب المشرع على أخصائى العلاج الطبيعى الاتصال بالطبيب المعالج للوقوف على تطورات الحالة الصحية للمريض ونتائج علاجه وأن يتبادل الرأى معه في شأن استمرار العلاج الطبيعى للمريض من عدمه ـ كما نص المشرع على الأعمال المحظورة على مزاولى مهنة العلاج الطبيعى وهى مناظرة المرضى بغرض تشخيص حالتهم وكتابة الشهادات والتقارير الطبية، وكذا كتابة أى وصفات دوائية وطلب فحوصات معملية أو إشعاعية أو غيرها بحسبان أن تلك الأعمال قاصرة على الأطباء البشريين المعالجين فقط ـ تطبيق.
في يوم السبت الموافق 18/2/1989 أودع الأستاذ الدكتور/ السيد عبدالمولى، المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ـ قيد بجدولها العام تحت رقم 808/35ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى “دائرة منازعات الأفراد والهيئات” ـ فى الدعوى رقم 3831 لسنة 42ق. بجلسة 20/12/1988، والقاضى منطوقه: “بعدم قبول الدعوى شكلاً لانتفاء القرار الإدارى وألزمت المدعين المصروفات”.
وقد طلب الطاعنون ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً
وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة .
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده قانونًا على النحو الثابت بالأوراق. وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 1/11/1999 وتداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 21/2/2000 إحالة الطعن
إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى ـ موضوع”، وحددت لنظره أمامها جلسة 16/4/2000، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة20/10/2001 قررت إصدار الحكم بجلسة 22/12/2001 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى أسبوعين.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الحكم المطعون فيه
وسائر الأوراق ـ فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 3831 لسنة 42ق. أمام محكمة القضاء الإدارى “دائرة منازعات الأفراد والهيئات” بموجب عريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 30/4/1988 طالبين في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار التنظيمى العام الذى تضمنه المنشور الصادر في 2/2/1988 من رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية بوزارة الصحة فيما تضمنه إخضاع اختصاصيى وممارسى العلاج الطبيعى للإشراف الطبى للأطباء المعالجين فى المستشفيات ومراكز العلاج الطبيعى، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة على سند من القول إنه بتاريخ 15/6/1986، و30/9/1986 صدر قرارا عميدى كليتى الطب بجامعة القاهرة وعين شمس لتنظيم العمل داخل المستشفيات الجامعية بين أطباء الطب الطبيعى واختصاصيى وممارسى العلاج الطبيعى وقد أوجب على اختصاصيى وممارسى العلاج الطبيعى برمجة العلاج وتنفيذه تحت إشراف الطبيب مما تسبب فى تضرر اختصاصيى وممارسى العلاج الطبيعى من القرارين المذكورين فتقدموا بتظلماتهم إلى وزير التعليم فأحال هذا الموضوع إلى المستشار القانونى لوزارة التعليم لدراسته فرأى أن حق إصدار القرارات التنفيذية للقانون رقم 3 لسنة 1985 فى شأن تنظيم مهمة العلاج الطبيعى تنعقد لوزير الصحة وأن قرارى العميدين المشار إليهما قد صدرا بالمخالفة لهذا القانون ولائحته التنفيذية، واقترح عقد لجنة تنسيقية يمثل فيها كل من وزارة الصحة وكليات الطب بالجامعات المصرية ورابطة العلاج الطبيعى. وبناءً على هذه الفتوى أرسل وزير التعليم كتابه المؤرخ 31/1/1987 إلى رئيس جامعة القاهرة طالبًا اعتماد الفتوى المذكورة واتخاذ الإجراءات بصفته رئيس الجامعة لإعمال قرار وزير الصحة والمتفق مع أحكامه وبعرض الأمر على المجلس الأعلى للجامعات قرر بجلسته المنعقدة فى 4/3/1987 استطلاع رأى مجلس الدولة فى تحديد اختصاص خريجى معهد العلاج الطبيعى بالنسبة لممارسة المهنة وحدود ارتباطها بمهنة الطب.
وبتاريخ 14/10/1987 عرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع وانتهت إلى أن اختصاص ممارسى واختصاصيى العلاج الطبيعى ينحصر طبقًا لأحكام القانون
رقم 3 لسنة 1985 فى شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعى فى وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعى بناءً على تقرير الطبيب المعالج وليس من اختصاصه تشخيص الحالات
أو إعطاء وصفات أو شهادات طبية أو دوائية أو طلب فحوص معملية أو إشعاعية أو غيرها. وبتاريخ 2/2/1988 أصدر رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية بوزارة الصحة منشوراً دوريًا متضمنًا قرارًا تنظيميًا مفاده التنبيه باتخاذ اللازم نحو تنفيذ ما جاء بفتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع سالفة الذكر مع ضرورة أن يعمل ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى تحت الإشراف الطبى للأطباء المعالجين فى المستشفيات أو مراكز العلاج الطبيعى، وقد استند المنشور المذكور ليس على منطوق الفتوى وإنما إلى بعض فقرات من حيثياتها المتعارضة مع منطوقها.
واستطرد الطاعنون أنه لما كان المنشور المذكور يعتبر من الناحية القانونية قرارًا تنظيميًا عامًا لأنه يؤثر فى المركز القانونى لاختصاصى العلاج الطبيعى، فضلاً عن أنه منظم لممارسة مهنة اختصاصى العلاج الطبيعى وحدود ارتباطها بمهنة الطب، ولذا يكون هذا القرار صادراً بناءً
على المادة 16 من القانون رقم 3 لسنة 1985 سالف الذكر والتى أعطت لوزير الصحة سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون ويترتب على ذلك أن هذا المنشور يعد قراراً تنظيميًا عامًا يصلح محلاً لدعوى الإلغاء لمراقبة مدى مشروعيته، ناعين على هذا القرار صدوره من سلطة غير مختصة ومخالفته لنصوص كل من القانون رقم 3 لسنة 1985 وقرار وزير الصحة رقم 150/1986 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المذكور، حيث قد ترتب على هذا القرار وقوع أضرار بالغة على الطاعنين بصفتهم من ممارسى مهنة العلاج الطبيعى لأن مفاده هو خضوعهم للإشراف الفنى والرئاسى للأطباء وجعلهم مجرد منفذين لتعليماتهم وتوجيهاتهم وفى ذلك إهدار لحقهم المقرر طبقًا لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1985 ولائحته التنفيذية، فضلاً عن أن القرار الطعين صدر مستنداً إلى حيثيات فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع آنفة الذكر وهذه الحيثيات تتعارض مع منطوق هذه الفتوى، كما أنها تتعارض مع القانون مما لا تصلح معه سندًا للقرار المطعون فيه.
وبجلسة 20/12/1988 قضت محكمة القضاء الإدارى “دائرة منازعات الأفراد والهيئات” بعدم قبول الدعوى شكلاً لانتفاء القرار الإدارى وألزمت المدعين المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها ـ بعد استعراض نص المادة 8 من القانون رقم 3 لسنة 1985
فى شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعى، والمادة 8 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 150/1986 ـ على أن المشرع حدد اختصاص ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى فى وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعى بناءً على تقرير الطبيب المعالج وليس من اختصاصه تشخيص الحالات أو إعطاء وصفات أو شهادات طبية أو دوائية أو طلب فحوص معملية أو إشعاعية أو غيرها، وأوجب عليه الاتصال بالطبيب المعالج وتبادل الرأى معه فى شأن استمرار العلاج الذى قرره، وأن يكون هذا الاتصال فوريًا إذا ظهرت على المريض أعراض جديدة غير تلك التى أثبتها الطبيب المعالج فى تقريره، وعليه فى جميع الأحوال الالتزام بتوجيهات الطبيب المعالج وعدم الخروج عن أسلوب العلاج الذى يقرره
وما يطرأ عليه من تعديلات حسب تطور حالة المريض، فهو لا يمارس عمله بعيدًا
عن الإشراف الطبى للطبيب المعالج بهدف الوصول إلى مرحلة الشفاء، على أن المقصود بالإشراف الطبى فى هذا الصدد يقتصر فقط على الالتزام بتوجيهات الطبيب المعالج نحو تنفيذ أسلوب العلاج الذى يقرره طبقًا لتطورات حالة المريض، ولا يقصد به التبعية الرئاسية
أو التسلط القيادى الرئاسى.
وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم ولما كان المنشور المطعون فيه لم يخرج مضمونه على الأحكام المتقدمة، وبالتالى فإنه لا يعدو كونه تفسيرًا صحيحًا لأحكام القانون رقم 3/1985 ولم يتضمن تعديلاً لمركز المدعين على خلاف حكم القانون مما ينتفى عنه وصف القرار الإدارى.
ومن حيث إن الطعن الماثل أقيم على سببين: أولهما: أن الحكم المطعون فيه قد شَابَه القصور فى التسبيب، وذلك من ناحيتين: أولاهما: الأسباب وردت فى صيغة إجمالية لا تخلو من إبهام وغموض على نحو يصعب معه فهم النتيجة التى انتهت إليها المحكمة، والأخرى أن الأسباب لم تتضمن أى رد على بعض أوجه الدفاع الجوهرية وأهمها الكيفية التى حدد بها القانون العلاقة بين اختصاصى العلاج الطبيعى والطبيب المعالج، وقد تضمَّن هذا الدفاع أنه لا يمكن أن تكون علاقة إشرافية وإنما هى علاقة أساسها ومبناها الاستقلال.
وحاصل السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون على سند من القول بأن هناك تعارضًا واضحاً بين ما جاء فى المنشور المطعون فيه وبين كل من نص المادة 8 من القانون رقم 3 لسنة 1985 فى شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعى ونص المادة 8 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادر بقرار وزير الصحة رقم 150/1986 واللتين أسندتا لاختصاصى العلاج الطبيعى وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعى على نحو لا يكون معه علاقة تبعية بينه وبين الطبيب المعالج، إذ كيف يتأتى للطبيب المعالج أن يحدد أسلوب العلاج الطبيعى المناسب من بين أساليب العلاج الطبيعى وهو يفتقد الخلفية العلمية التى تمكنه من ذلك؛ حيث إن ذلك يخرج عن اختصاصه، كما أن المنشور المطعون فيه قد تنكب حدود المشروعية عن زاويتين أولاهما من حيث الشكل لصدوره من رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية وهو غير مختص بإصداره وإنما المختص هو وزير الصحة طبقًا لنص المادة 16 من القانون رقم 3 لسنة 1985 سالف الذكر، والأخرى أن هذا المنشور خالف أحكام المادة 8 من القانون المذكور لأنه حرم اختصاصى العلاج الطبيعى من اختصاص خولته إياه هذه المادة بمقتضاه يستقل فى عمله فى كافة مراحله ابتداءً من وضع برنامج العلاج الطبيعى وتحديد أساليب وطرق تنفيذه ومن ثَمَّ فان المنشور المطعون فيه وإن وُصف بأنه تنظيم للعمل إلا أنه خرج عن نطاق تنظيم العمل وأثر فى المراكز القانونية والوظيفية لممارسى واختصاصيى العلاج الطبيعى ووضعهم فى مركز التابع وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بأسباب الطعن، وبذلك فإن المنشور الطعين يعتبر قرارًا إداريًا يصلح محلاً لدعوى الإلغاء.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى هذا الطعن يكمن فى تبيان ما إذا كان المنشور الصادر بتاريخ 2/2/1988 من رئيس الإدارة المركزية للوقاية العلاجية بوزارة الصحة ـ مثار النزاع الماثل ـ كما ذهب الحكم المطعون فيه هو لا يعدو كونه تفسيرًا صحيحًا لأحكام القانون
رقم 3 لسنة 85 فى شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعى ولم يتضمن تعديلاً لمركز المدعين على خلاف حكم القانون، الأمر الذى ينتفى معه وجود كيان القرار الإدارى النهائى بالمعنى الإدارى، وبذلك فإن هذا القرار لا يرقى بحسب محله ومضمونه وأثره إلى مرتبة القرارات الإدارية التى يجوز الطعن فيها بدعوى الإلغاء، أم أن هذا القرار ـ على ما ذهب إليه
الطاعنون ـ يعد قرارًا إداريًا ينطوى على عمل قانونى من جانب واحد صدر بالإرادة المنفردة لرئيس الإدارة المركزية للوقاية العلاجية بوزارة الصحة، بما له من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح فى الشكل الذى يتطلبه القانون بقصد إنشاء نظام أو وضع قانونى وفرضه على المخاطبين بأحكامه وهم ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى سواء كانوا من العاملين بجهات إدارية أو مراكز طبية خاصة بقصد تحقيق مصلحة عامة، مما يعد معه من قبيل القرارات الإدارية بالمعنى الادارى بحيث يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى برقابة مشروعيته للتحقق مما إذا كان قد صدر صحيحًا وفقاً لأحكام القانون أم أنه قد صدر معيبًا ـ أيًا ما كانت درجة هذا العيب ووصفه بحيث يلحقه عدم المشروعية والبطلان.
ومن حيث إن المادة الثامنة من القانون رقم 3 لسنة 1985 بشأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعى يجرى نصها كالآتى: “على من يزاول العلاج الطبيعى وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعى بناءً على التقرير الطبى الكتابى الصادر من الطبيب المعالج، وأن يكون على اتصال دائم به، ويتبادل الرأى معه فى شأن استمرار العلاج، ويكون الاتصال فوريًا إذا ظهرت على المريض أعراض جديدة غير التى أثبتها فحص الطبيب المعالج من قبل.
ولا يجوز لمن يزاول العلاج الطبيعى تشخيص الحالات، أو إعطاء وصفات أو شهادات طبية أو دوائية، أو طلب فحوص معملية أو إشعاعية أو غيرها”.
كما تنص المادة السادسة عشرة من ذات القانون على أنه: “يصدر وزير الصحة القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون”.
وتنص المادة الثامنة من قرار وزير الصحة رقم 150/1986 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 3/1985 فى شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعى على أنه: “على المرخص له بمزاولة المهنة أن يضع برنامج العلاج الطبيعى ويحدد أساليب وطرق تنفيذه بناًء على ما يتضمنه التقرير الطبى الكتابى الصادر من الطبيب المعالج متعلقًا بتشخيص الحالة وبما قد يكون المريض قد تلقاه من علاج دوائى أو جراحى أو غير ذلك، وعليه أن يداوم الاتصال بالطبيب ويخطره بأية أعراض جديدة قد تظهر على المريض ونتائج العلاج وأن يبادله الرأى
فى شأن استمراره”.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن وزير التعليم طلب بكتابه رقم 1243 فى 5/4/1987 عرض موضوع تحديد اختصاص خريجى معهد العلاج الطبيعى بالنسبة لمزاولة المهنة وحدود ارتباطها بمهنة الطب على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بناءً على قرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر فى هذا الشأن بجلسته المنعقدة فى 4/3/1987 فانتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 14/10/1987 إلى أن اختصاص ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى ينحصر طبقاً لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1985 المشار إليه فى وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعى بناءً على تقرير الطبيب المعالج وليس من اختصاصه تشخيص الحالات أو إعطاء وصفات أو شهادات طبية أو دوائية أو طلب فحوص معملية أو إشعاعية أو غيرها.
وبتاريخ 2/2/1988 أصدر رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية بوزارة الصحة منشورًا إلى وكلاء الوزارة ومديرى العموم ـ محل الطعن الماثل ـ متضمنًا ما انتهت إليه فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع المشار إليها سلفًا ـ الذى جاء به “أن اختصاصى العلاج الطبيعى لا يختص بداءة بمناظرة المريض بغرض تشخيص حالته كما لا يملك تقرير العلاج اللازم له سواء كان علاجًا دوائيًا أو جراحيًا أو طبيعيًا أو غير ذلك من أساليب العلاج الطبى المعروفة، وإنما يأتى دوره فى مرحلة تالية بعد إحالة المريض إليه من الطبيب المعالج مصحوبًا بتقرير طبى بتشخيص العلة المرضية التى يشكو منها المريض وتحديد العلاج الطبيعى اللازم لهذه الحالة المرضية وأساليب وطرق هذا العلاج والمدة اللازمة له وكافة المعلومات والبيانات الأخرى التى يرى الطبيب المعالج لزوم وضعها تحت نظر اختصاصى العلاج الطبيعى عند ممارسته لاختصاصاته فى برمجة وتنفيذ هذا العلاج وعلى ذلك فإن اختصاص ممارس واختصاصيى العلاج الطبيعى وفقًا لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1985 المشار إليه هو اختصاص تنفيذى لما يقرره الطبيب المعالج وليس له أى دور فى تحديد أساليب هذا العلاج، وهو لا يمارس عمله بعيدًا عن إشراف الطبيب المعالج وتوجيهاته .
وبناءً عليه يُرجى التنبيه باتخاذ اللازم نحو تنفيذ ما جاء بالفتوى عاليه، مع ضرورة أن يعمل ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى تحت الإشراف الطبى للأطباء المعالجين فى المستشفيات
أو مراكز العلاج الطبيعى.
ومن حيث إن مفاد نص المادة 8 من القانون رقم 3/1985 والمادة 8 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور سالفتى الذكر أن المشرع ـ فى سبيل التنسيق بين عمل الطبيب المعالج وعمل ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى، وباعتبار أن تلك المسألة فنية ودقيقة نظرًا للارتباط الوثيق بين العملين وباعتبار أن محل عملها مشترك وهو المريض الذى يتلقى العلاج من كليهما، وفى ذات الوقت يؤديان عملين مختلفين دون أن تربطهما رابطة إشراف فنى أو إدارى وبالرغم من أن هذين العملين يعتبران وسيلتين لتحقيق غاية مشتركة وهى الوصول بحالة المريض إلى الشفاء التام من المرض ـ لذا فقد تناول المشرع تفصيلاً الواجبات والمسئوليات الملقاة على عاتق من يزاول وظيفة العلاج الطبيعى، والمحظورات التى لا يمتد إليها عمله، محددًا نطاق عمله فى أطر لا يتجاوزها، متمتعًا فيها باستقلالية فى أداء هذا العمل دون أدنى تسلط إدارى أو إشراف فنى من قِبل الطبيب المعالج، حيث أناط به المشرع وضع برنامج وأساليب العلاج الطبيعى الذى يراه وتنفيذه بناءً على التقرير الطبى الكتابى للطبيب المعالج ـ أيًا كان تخصصه وذلك إذا اقتصر هذا التقرير على إحالة المريض لإجراء العلاج الطبيعى ـ بعد أن حدد التشخيص الطبى للمريض والعلة المصاب بها وأسلوب العلاج الطبيعى المقرر له وأعراض هذا المرض أو أى بيانات أخرى يرى لفت أنظار اختصاصى العلاج الطبيعى إليها ـ أما إذا حدد التقرير الطبى للطبيب المعالج نوع العلاج الطبيعى أو أسلوبه أو مدته ـ فإنه يجب على اختصاصى العلاج الطبيعى الالتزام بذلك عند وضع برنامج العلاج الطبيعى وتنفيذه.
وبداهة إن حالة كل مريض تختلف عن حالة غيره، وحيث إنه وإن كان اختصاصى العلاج الطبيعى يضع برنامج وأسلوب العلاج الطبيعى فى حدود ما تم تشخيصه وتقريره كعلاج عام للمريض طبقًا لما سلف بيانه، فى حين أن الطبيب المعالج يضع برنامجه العلاجى بمراعاة حالة المريض الصحية والعضوية والنفسية إلا أن كلا برنامجى العلاجين المذكورين يشكلان معا برنامج علاج متكامل، وكلاهما يعمل فى مجال تخصصه الفنى من خلال هذا البرنامج المتكامل.
ومن حيث إنه مما لا شك فيه أن الأعمال التخصصية التى يقوم بها الطبيب المعالج تختلف عن تلك التى يقوم بها ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى، ومع ذلك فإنه نزولاً على اعتبارات المحافظة على صحة المواطنين ـ التى تشكل المصلحة العامة محل الاعتبار فى هذا الشأن ـ وضرورة التأكد من رعاية الحالة الصحة للمواطن المريض، فإن ذلك يقتضى استمرار الإشراف الطبى للطبيب المعالج على حالة المريض أثناء مزاولة اختصاصى العلاج الطبيعى لعمله، حيث إن الفصل التام بين العملين فى غير صالح المريض، فعملهما يدور وجودًا أو عدمًا مع وجود المرض مما يلزم وجود تعاون وثيق وتنسيق دائم لإجراء عملية متابعة علمية لحالة المريض بين الطرفين؛ لذا فقد أوجب المشرع على اختصاصى العلاج الطبيعى الاتصال بالطبيب المعالج للوقوف على تطورات الحالة الصحية للمريض، ونتائج علاجه وأن يتبادل الرأى معه فى شأن استمرار العلاج الطبيعى للمريض من عدمه، فقد يكون للاستمرار فى العلاج الطبيعى أثر على حالة المريض وخاصة عند حدوث مضاعفات أو أعراض جانبية
أو أثر على مرض آخر مصاب به أو أى عامل آخر فى صحته، لذا تقتضى حالة المريض أن يتابع الطبيب المعالج حالته فقد يقرر وقف العلاج الطبيعى أو إبداله بغيره مراعاة لصالح المريض أو استمراره، وذلك كله فى ضوء ما يسفر عنه تبادل الرأى بين اختصاصى العلاج الطبيعى، والطبيب المعالج، كما جعل المشرع هذا الاتصال أمراً وجوبيًا فوريًا إذا ما ظهرت على المريض أعراض جديدة غير التى أثبتها فحص الطبيب المعالج من قبل لمعاودة مناظرة هذا المريض لتقرير علاج هذه الأعراض. كما نص المشرع على الأعمال المحظورة على مزاولى هذه المهنة، وهى مناظرة المرضى بغرض تشخيص حالتهم وكتابة الشهادات والتقارير الطبية، وكذا كتابة أى وصفات دوائية وطلب فحوصات معملية أو إشعاعية أو غيرها بحسبان أن تلك الأعمال قاصرة على الأطباء البشريين المعالجين فقط.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، فإن المنشور سالف البيان المطعون فيه يكون صادراً بالمخالفة لأحكام القانون رقم 3/1985 ولائحته التنفيذية المشار إليهما سلفًا.
حيث لم يقتصر نطاقه على مجرد تفسير نص المادة 8 من القانون المذكور التى حددت اختصاص ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى، وإنما قد صدر متضمنًا لأحكام جديدة لا سند لها فى القانون المذكور، وترتب عليها تغيير لأوضاعهم القانونية ذلك أنه وإن كان هناك أى تأثير لوظيفة الطبيب المعالج على أعمال واختصاصات من يزاول مهنة العلاج الطبيعى فى النطاق والحدود والضوابط المنصوص عليها فى المادة 8 من القانون رقم 3/1985 سالف الذكر إلا أن القرار المطعون عليه قد خرج عن حدود وضوابط ارتباط هذه المهنة بمهنة الطب لأنه جعل اختصاص ممارس واختصاصى العلاج الطبيعى هو اختصاص تنفيذى لما يقرره الطبيب المعالج وليس له أى دور فى تحديد أساليب العلاج الطبيعى ….. مع ضرورة أن يعمل تحت الإشراف الطبى للأطباء المعالجين فى المستشفيات ومراكز العلاج الطبيعى الخاصة بالمخالفة لصريح نص المادة 8 سالفة الذكر والتى قضت بأن لمن يزاول العلاج الطبيعى وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعى بناءً على التقرير الطبى الكتابى، فى حين جعلهم القرار الطعين مجرد منفذين لتعليمات وتوجيهات الأطباء المعالجين كأنهم يقومون بأعمال مادية، مما يؤثر على استقلالهم فى القيام بالأعمال التخصصية لمهنتهم طبقًا لأحكام القانون المذكور، ولا يخضعون فى هذا النطاق ـ الذى يمثل مجال تخصصهم العلمى ـ للإشراف الفنى أو الإدارى للأطباء المعالجين، وفوق ذلك فإن نص المادة 8 من القانون سالف الذكر لم يشر إلى ما يفيد أن يكون عمل من يزاول هذه المهنة تحت الإشراف الطبى للطبيب المعالج، ولم ينص على إلزامه باتباع تعليمات وتوجيهات الطبيب المعالج عند أدائه لعمله الفنى رغم أن المشرع ألزمه بأن يكون على اتصال دائم بالطبيب المعالج بقصد المتابعة المستمرة لحالة المريض وللوقوف على نتائج عمله بدليل أن المشرع نص صراحة فى تلك المادة على أن يتبادل اختصاصى العلاج الطبيعى الرأى مع الطبيب المعالج فى شأن استمرار العلاج، فإن هذا لا يعنى خضوعه للإشراف الفنى عند مزاولة عمله للطبيب المعالج وإنما يقتصر الأمر على إجراء المتابعة العلمية لحالة المريض على النحو الذى قررته أحكام المادة 8 من القانون رقم 3/1985 آنف الذكر، ومن ثَمَّ فإن المشرع لم يجعل ارتباط مهنة العلاج الطبيعى بمهنة الطب البشرى قاصرًا على التزام اختصاصى وممارس العلاج الطبيعى عند ممارسة اختصاصه بما سطره الطبيب المعالج كتابة فى التقرير الطبى الخاص بالمريض فقط وإنما يمتد ـ أثناء مزاولته لعمله ـ بالتزامه بمداومة الاتصال بالطبيب المعالج طبقًا لما سلف بيانه.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن ما تضمَّنه القرار الطعين من خضوع من يزاول مهنة العلاج الطبيعى فى عمله الفنى لإشراف الطبيب المعالج، يعد انتقاصًا من ذاتية مهنة العلاج الطبيعى ويتعارض مع طبيعة عمل كل منهما.
ومن حيث إنه، وبالبناء على ما سبق جميعه، فان المنشور المطعون فيه خرج عن نطاق تنظيم العمل، حيث لم يقتصر نطاقه على التعليمات التى تصدر من رئيس المصلحة إلى مرءوسيه متضمنة تفسير نصوص التشريع ـ المخاطبين بأحكامه ـ وكيفية تنفيذها، وإنما تجاوز نطاق التفسير الصحيح للقانون.
وأضاف أحكاماً جديدة أثرت فى المراكز القانونية والوظيفية لاختصاصى وممارس العلاج الطبيعى المستمدة مباشرة من أحكام القانون رقم 3/1985 سالف الذكر، ومن ثَمَّ فإن هذا القرار يرقى إلى مرتبة القرارات الإدارية، ويدخل فى ولاية محاكم مجلس الدولة ورقابة مشروعيته، والنظر فى طلب وقف تنفيذه وإلغائه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم، وكان الثابت من أوراق الطعن أن القرار التنظيمى العام مثار النزاع قد صدر بتاريخ 2/2/1988 وقد أجدبت الأوراق من أى دليل يفيد نشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية أو فى نشرة مصلحية أو إعلان المدعين به أو تحقق علمهم اليقينى به فى تاريخ محدد، وذلك قبل الستين يومًا السابقة على إقامة دعواهم فى 30/4/1988 فتكون الدعوى ـ موضوع الطعن الماثل ـ مقامة فى الميعاد القانونى، وقد استوفت سائر أوضاعها الشكلية الأخرى، ومن ثَمَّ تكون مقبولة شكلاً، مما كان يتعين معه على محكمة أول درجة الحكم بقبول الدعوى شكلاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب، فإنه يكون قد جاء مخالفًا لصحيح أحكام القانون، حريًا والحالة هذه بالإلغاء، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إن الطعن مهيأ للفصل فى موضوعه.
ومن حيث إن المدعين يطلبون الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار التنظيمى العام الذى تضمَّنه المنشور الصادر عن رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية بوزارة الصحة بتاريخ 2/2/1988 فيما تضمَّنه من إخضاع اختصاصيى وممارسى العلاج الطبيعى للإشراف الطبى للأطباء المعالجين فى المستشفيات أو مراكز العلاج الطبيعى.
ومن حيث إن الفصل فى الموضوع يغنى عن التعرض للشق العاجل من النزاع.
ومن حيث إن المحكمة وهى تبسط رقابتها على مدى مشروعية القرار المطعون فيه قد استبان لها أنه قد صدر من غير مختص، وبغير تفويض من المختص قانونًا بإصداره، حيث أناط المشرع الاختصاص بإصدار القرارات التنفيذية للقانون رقم 3 لسنة 1985 سالف الذكر لوزير الصحة طبقًا للمادة 16 منه، ومن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه صدر معيبًا بعيب عدم الاختصاص مما يبطله الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |