مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 3599 لسنة 40 القضائية (عليا)
مارس 26, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 2062 لسنة 44 القضائية (عليا)
مارس 27, 2020

الطعن رقم 724 لسنة 41 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 7 من يونيه سنة 2001

الطعن رقم 724 لسنة 41 القضائية (عليا)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدي

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ جمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر ومحمد أحمد الحسيني وجودة عبد المقصود فرحات وإسماعيل صديق محمد راشد وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين ود.فاروق عبد البر إبراهيم وعلي فكري حسن صالح وأحمد عبد الفتاح حسن.

نواب رئيس مجلس الدولة

………………………………………………………………..

المبادئ المستخلصة:

 (أ) مبانٍ- ضرورة وضع تنظيم لأعمال البناء- تمثل هذه الأعمال استعمالا واستغلالا وانتفاعا بحق الملكية في ضوء ما هو محدد لهذا الحق من وظيفة اجتماعية على النحو المنصوص عليه في الدستور- تنظيم أعمال البناء يحقق التوازن القانوني بين حق الفرد في الانتفاع بملكه، وحقوق الآخرين في إطار من تحقيق المصلحة العامة للجميع.

  • المادة (32) من دستور 1971.

(ب) مبانٍ– مجال إعمال كل من قانون التخطيط العمراني وقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء([1])– قضت أحكام قانون التخطيط العمراني بوجوب تخطيط وتقسيم الأراضي قبل منح تراخيص بناء عليها، وقررت اختصاص الجهة المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بقرار مسبب بوقف الأعمال والمباني التي تقام بالمخالفة لأحكامه– أما قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء فقد استهدف تنظيم البناء على الأرض التي سبق تخطيطها وتقسيمها– يتعين الالتزام بأحكام القانونين معا على وفق ترتيب زمني رسمه المشرع، يبدأ باتخاذ إجراءات تقسيم الأرض المحددة تفصيلا في قانون التخطيط العمراني، ثم الحصول على ترخيص على وفق الإجراءات المحددة في قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء، فلكل من القانونين مجال إعماله وتطبيقه بغير تداخل أو تصادم بين أحكام كل منهما- يتعين التزام جادة تطبيق أحكام كل منهما بمراعاة مجال تطبيقه، فإذا كان الأمر يتصل ببناء على أرض من تلك التي يحكم وضعها القانوني قانون التخطيط العمراني كان وقف الأعمال والمباني خاضعا لزاما لأحكام ذلك القانون، أما إذا كانت المباني والأعمال مما ينصرف إليها خطاب المشرع تطبيقا لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء فيكون من المتعين لتقرير وقفها أو تصحيحها أو إزالتها إعمال أحكام هذا القانون.

  • المواد 15و16و16 مكررا من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الملغى عدا المادة 13 مكررا منه)، معدلا بالقانون رقم 101 لسنة 1996.
  • المواد 12و60 و61 من قانون التخطيط العمراني، الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1982 (الملغى).

(ج) إدارة– مبدأ الفصل بين السلطات- لا يجوز للجهة الإدارية أن تُحل إرادتها محل إرادة المشرع- إذا كان لكل قانون نطاق إعمال ومجال تطبيق، فإنه يتعين إعمال أحكام كل منهما على الوقائع التى تحكمها نصوص كل منهما صدقا وقانونا، ولا يكون جائزا القول بتطبيق أحكام أي منهما حسبما يتراءى لجهة الإدارة؛ إذ في هذا القول إحلال لإرادة الجهة الإدارية محل إرادة المشرع، الأمر الذى يتعين أن يهب قاضي المشروعية لتقويمه؛ إعلاء لكلمة القانون وقالة الحق.

(د) قانون– تفسير- إذا كان لكل قانون مجاله في التطبيق، فإنه لا يصح القول بتداخل أحكامهما، بحيث يسريان معا لحكم واقعة محددة أو تنظيم واقع معين- يتأبى على صحيح فهم القانون ومع مقتضيات التفسير وأصوله العامة ترتيب هذه النتيجة- يتحتم دائما أن يصدر التفسير عن أصل ثابت، قوامه تحقيق التناغم والاتساق بين التشريعات؛ تنزيها للمشرع عن شبهة الالتباس أو الخلط أو الخطأ.

الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 5/1/1995 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 724 لسنة 41 القضائية عليا فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (دائرة الأفراد والهيئات) في الدعوى رقم 2035 لسنة 47 القضائية بجلسة 10/11/1994، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني مسببا في الموضوع.

وطلب الطاعنان بصفتيهما في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.

وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وقد عرض الطعن على الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون، وبعد تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات قررت بجلسة 10/12/2000 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها في المادة (54 مكررا) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 للفصل فيما إذا كان البناء على أرض غير مقسمة وغير معتمدة التقسيم دون الحصول على ترخيص في البناء من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم يجيز تطبيق أحكام أي من القانونين رقمي 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني و106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، باعتبار أن البناء في هذه الحالة بدون ترخيص على أرض غير مقسمة يشكل مخالفة لكل من القانونين المذكورين، وبالتالي يجوز إصدار قرار الإزالة طبقا لأحكام أي منهما على وفق ما قضت به المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 1813 لسنة 40 القضائية بجلسة 7/1/1996، أم أنه لا وجه لتطبيق أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه على أساس أنه لا يجوز أصلا طبقا لأحكام هذا القانون إصدار ترخيص في البناء على أرض غير مقسمة أو غير معتمدة التقسيم، وأنه إذا تمت إقامة أي مبانٍ أو منشآت في هذه الحالة فإنه يتعين أن تطبق بشأنها أحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمرانى دون أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانونى ارتأت فيه تطبيق أحكام قانون التخطيط العمرانى رقم 3 لسنة 1982 دون القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء في حالة البناء على أرض غير مقسمة، أو لم يصدر قرار باعتماد تقسيمها، بدون الحصول على ترخيص في ذلك.

وقد نظر الطعن أمام هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/4/2001 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 22/5/1993 بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية (دائرة الأفراد والهيئات) من السيدة/… ضد محافظ الإسكندرية بصفته ورئيس حي شرق الإسكندرية بصفته، طلبت فيها المدعية (بصفة مستعجلة) وقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثاني رقم 59 لسنة 1992 بإزالة المباني المبينة به، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.

وقالت المدعية شرحا لدعواها إنها تملك عن طريق الميراث الشرعى عن زوجها المرحوم/… عقارا كائنا بعزبة الناصرية الجديدة أمام كوبرى أبيس العلوى بالإسكندرية، وهو مكون من دور أرضي سكن لها ولأولادها وحظيرة للمواشي ومخزن للحبوب، وبه جميع المرافق، وتمت إقامته منذ أكثر من عشر سنوات، وقد فوجئت بتاريخ 19/5/1993 بقوة من الشرطة تقوم بإزالة العقار تنفيذا للقرار المطعون فيه، وتنعى المدعية على هذا القرار مخالفته للواقع والقانون؛ إذ صدر ضد شخص لا علاقة له بالعقار، وقد صدرت أحكام جنائية بتقرير انقضاء الدعوى الجنائية بشأنه، فضلا عن وجود العديد من العقارات المجاورة التي تم إنشاؤها حديثا ولم يصدر بشأنها قرارات إزالة، واختتمت المدعية عريضة دعواها قائلة إن من شأن تنفيذ القرار المطعون فيه تشريدها وأولادها.

………………………………

وبجلسة 10/11/1994 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني مسببا في الموضوع.

وشيدت المحكمة قضاءها على أن المنطقة التى يقع بها العقار غير مقسمة ولم يصدر قرار بتخطيطها طبقا لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمرانى، الذي تحظر المادة (25) منه إقامة مبانٍ أو تنفيذ أعمال على قطع أراضي التقسيم أو إصدار تراخيص بناء عليها إلا بعد استيفاء الشروط التى بينتها المواد الواردة في الفصل الخاص بالتقسيم، وفي حالة مخالفة هذا الحظر فإن المادة (61) من القانون المذكور توجب وقف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري وإعلان قرار الوقف لذوي الشأن، وأوجبت المادة (62) منه على الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم أن تحيل موضوع الأعمال المخالفة التي تقتضي الإزالة أو التصحيح، سواء اتخذ بشأنها إجراء وقف الأعمال أو لم يتخذ، إلى لجنة التظلمات المنصوص عليها في المادة (59) من القانون، التي لها وحدها سلطة إصدار قرار بإزالة أو تصحيح أو استئناف الأعمال، وللجهة المختصة بشئون التنظيم بالحي إصدار قرار الإزالة في حالة الأعمال المكتملة بعد الرجوع إلى اللجنة نفسها طبقا لنص المادة (60)، إذا ترتب على بقائها الإخلال بالمصلحة العامة، وهو إجراء يختلف عما رسمه المشرع لإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة طبقا لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 الذي يعقد اختصاص الإزالة للمحافظ المختص أو من ينيبه بعد الرجوع إلى اللجنة الثلاثية المنصوص عليها فى المادة (16) من القانون معدلا بالقانون رقم 30 لسنة 1983، وإذ صدر قرار الإزالة المطعون فيه عن رئيس حي شرق على خلاف حكم المادتين (60) و(62) من قانون التخطيط العمراني، فإنه يكون قد وقع بحسب الظاهر مشوبا بعيب عدم الاختصاص، مما يرجح إلغاءه عند الفصل في الموضوع، كما أن تنفيذ القرار المطعون فيه قبل عرض موضوع الأعمال المخالفة على اللجنة المختصة طبقا لقانون التخطيط العمرانى يمثل عدوانا على الملكية الخاصة، ويحرم المدعية من الانتفاع بملكها، وهي أمور يتعذر تداركها ويُخشى عليها من فوات الوقت، ومن ثَمَّ يستقيم طلب وقف التنفيذ على ركنيه.

………………………………

ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله؛ ذلك أنه إذا قام القرار على عدة أسباب فإن توفر سبب واحد يبرر صدوره يجعله قرارا مشروعا، حتى لو كان أحد الأسباب التى استند إليها غير صحيح، إذ يتعين إهدار السبب غير الصحيح وإقامة القرار على السبب الصحيح.

ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو تحديد القانون واجب التطبيق في حالة القيام بأعمال البناء على أرض غير مقسمة أو غير معتمدة التقسيم دون الحصول على ترخيص، وما إذا كان الأمر مرده في هذه الحالة إلى أحكام قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982 أو إلى أحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976، أو كان من الجائز تطبيق أحكام القانونين معا.

ومن حيث إنه يبين من مطالعة أحكام كل من قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء وقانون التخطيط العمراني المشار إليهما أن المشرع كشف فيهما عن المقومات الأساسية التي تنظم أعمال البناء بحسبانها استعمالا واستغلالا وانتفاعا بحق الملكية في ضوء ما هو محدد لهذا الحق من وظيفة اجتماعية على النحو المنصوص عليه في المادة (32) من الدستور، مما يحقق صدقا تحديد موضوع التوازن القانوني بين حق الفرد في الانتفاع بملكه، وحقوق الآخرين في إطار من تحقيق المصلحة العامة للجميع.

وقد قضت أحكام قانون التخطيط العمراني بوجوب تخطيط وتقسيم الأراضي قبل منح تراخيص بناء عليها؛ تحقيقا للغايات العامة التي صدر على أساسها ذلك القانون حسب مفاد حكم المادة الأولى من القانون بإصداره، التي تعهد إلى هيئة عامة تُنشأ مسئولية رسم السياسة العامة للتخطيط العمراني وإعداد خطط وبرامج التنمية العمرانية على مستوى الجمهورية، وعلى هدي الأحكام التي تضمنها قانون التخطيط العمرانى من وجوب أن يكون التخطيط التفصيلي في إطار التخطيط العام، وكل ذلك على نحو ما تكشف عنه الأحكام الواردة بالباب الأول من القانون، التي تنتهى بأن قررت قيدا يتمثل في عدم جواز تنفيذ أي مشروع تقسيم أو إدخال تعديل في تقسيم معتمد أو قائم إلا بعد اعتماده على وفق الشروط والأوضاع التي نص عليها القانون ووردت باللائحة التنفيذية له، على نحو ما جرى به نص المادة (12) من القانون المشار إليه.

وقد ورد بصدر المذكرة الإيضاحية للقانون ما يكشف عن الغرض من إعداده وإصداره بما احتواه من شروط وأوضاع، فجرت عبارة تلك المذكرة بأن “يعتبر التخطيط أساسا لتنظيم المدن والقرى وتطوير نموها العمراني، ومما لا شك فيه أن ما تعانيه المدن والقرى المصرية من تخلف عمراني يرجع في المقام الأول إلى أن نموها وامتدادها لا يستند إلى أسس تخطيطية سليمة”، وقد رتب ذلك القانون الجزاء الذي قدره مناسبا عند مخالفة أحكامه، فقرر في المادتين (60) و(61) منه اختصاص الجهة المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بقرار مسبب بوقف الأعمال والمباني التي تقام بالمخالفة لأحكام القانون.

أما قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء فقد استهدف تنظيم البناء على الأرض التي سبق تخطيطها وتقسيمها، بأن استلزم للبناء على تلك الأراضي صدور ترخيص في ذلك عن الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ومن ثم يلزم لتطبيق أحكام هذا القانون ضرورة أن تكون الأراضي المطلوب البناء عليها من تلك التي سبق تخطيطها وتقسيمها، أي أن تكون صالحة للبناء من الناحية التخطيطية، بحيث إذا ما أتم طالب البناء الاشتراطات المتطلبة في قانون التخطيط العمراني، بأن قام باعتماد تقسيم الأرض وأصبحت صالحة للبناء عليها، تعين عليه أو على غيره قبل الشروع في البناء استصدار ترخيص في ذلك عن الجهة الإدارية المختصة.

ومقتضى ما تقدم الالتزام بأحكام القانونين معا بترتيب زمني على وفق تسلسل رسمه المشرع، يبدأ باتخاذ إجراءات تقسيم الأرض المحددة تفصيلا في القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني، ثم الحصول على الترخيص على وفق الإجراءات المحددة في القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، ولكل من القانونين طبقا لما تقدم مجال إعماله وتطبيقه، بغير تداخل أو تصادم بين أحكام كل منهما.

ومن حيث إن المشرع وضع تنظيما خاصا لإزالة المباني المخالفة لأحكام كل من القانونين، فإنه يتعين قانونا التزام جادة تطبيق أحكام كل منهما بمراعاة مجال تطبيقه، فإذا كان الأمر يتصل ببناء على أرض من تلك التي يحكم وضعها القانوني قانون التخطيط العمراني كان وقف الأعمال والمباني خاضعا لزاما لأحكام ذلك القانون، أما إذا كانت المباني والأعمال مما ينصرف إليها خطاب المشرع تطبيقا لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996) فيكون من المتعين لتقرير وقفها أو تصحيحها أو إزالتها إعمال أحكام المواد (15) و(16) و(16مكررا) من هذا القانون.

فإذا كان لكل من القانونين المشار إليهما مجاله في التطبيق، فإنه لا يصح القول بتداخل أحكامهما، بحيث يسريان معا لحكم واقعة محددة أو تنظيم واقع معين، وإنه لمما يتأبى على صحيح فهم القانون ومع مقتضيات التفسير وأصوله العامة ترتيب هذه النتيجة؛ إذ يتحتم دائما أن يصدر التفسير عن أصل ثابت، قوامه تحقيق التناغم والاتساق بين التشريعات؛ تنزيها للمشرع عن شبهة الالتباس أو الخلط أو الخطأ.

فإذا كان ذلك، وكان لكل من القانونين المشار إليهما نطاق إعمال ومجال تطبيق، فإنه يتعين إعمال أحكام كل منهما على الوقائع التى تحكمها نصوص كل منهما صدقا وقانونا، ولا يكون جائزا القول بتطبيق أحكام أي منهما حسبما يتراءى لجهة الإدارة؛ إذ في هذا القول إحلال لإرادة الجهة الإدارية محل إرادة المشرع، الأمر الذى يتعين أن يهب قاضي المشروعية لتقويمه؛ إعلاء لكلمة القانون وقالة الحق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأن لكل من القانونين رقمي 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني، و106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء مجال تطبيق؛ لذلك فإنه في حالة البناء على أرض غير مقسمة ودون ترخيص فإن القانون رقم 3 لسنة 1982 وحده هو الذي يطبق -على النحو المبين تفصيلا بالأسباب-، وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

([1]) ألغي قانونا التخطيط العمراني وتوجيه وتنظيم أعمال البناء، فيما عدا المادة 13 مكررا من هذا القانون (التي أنشئ بموجبها جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء)، وذلك بموجب المادة الثالثة من القانون رقم (119) لسنة 2008 بإصدار قانون البناء.

Comments are closed.

xnxxbf