بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة السابعة (موضوع)
بالجلسة المنعقدة علناًفى يوم الأحد الموافق 27/5/2018 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أنور أحمد إبراهيم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـــة
وعضـويــة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين:
السيد الأستاذ المستشار/ حسام محمد طلعت محمد السيدنائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ سامح جمال وهبة نصر نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ صلاح محمد محمد سالم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ كامل محمد فريد شعراوي نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / هاني جاد المنزلاوي مفوض الدولة
وحضور السيد / سيد رمضان عشماوي سكرتيــــر المحكمـــة
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن رقم 56330 لسنة 61 القضائية. عليا
المقام من
هاني مصطفى عبد الرحمن عبد اللطيف
ضــــــــد
وزير الداخلـــــية “بصفته”
في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة 13) بجلسة 19/4/2015 في الدعوى رقم 2527 لسنة 68 ق
في يوم الأحد الموافق 26/4/2015أودع الأستاذ/ محمد عبد الرحمن الغنيمي، المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن الماثل، قيد بجدولها برقم 56330 لسنة 61القضائية. عليافي الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداريبالقاهرة (الدائرة 13)في الدعوى رقم 2527 لسنة 68 ق بجلسة 19/4/2015، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلاً،ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً، ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 1625 لسنة 2013 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن بالإحالة إلى المعاش للاستقالة، وإعادة تعيين الطاعن بالخدمة بوزارة الداخلية في ذات أقدميته بين دفعته بترتيب 740/1988، وإسناد وظيفة ذات مسمى وظيفي من وظائف الهيكل الوظيفي لوزارة الداخلية بالقطاع الذي سيلحق به يتناسب مع أقدمية دفعته.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول نظر الطعن بالجلسات أمام الدائرة السابعة (فحص الطعون) بالمحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/12/2016 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بنفس المحكمة، حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/2/2018 قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة 22/4/2018، وفيها قررت المحكمة مد آجل النطق بالحكم لجلسة اليوم؛ لاستمرار المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات،والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الموعد المقرر قانوناً، واستوفى سائر أوضاعه الشكلية والإجرائية الأخرى، لذلك فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنالطاعن (المدعي أصلا) سبق أن أقام الدعوى رقم 2527 لسنة 68 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 13/10/2013، ضد المطعون ضده (بصفته) طالبا في ختامها الحكم بإلغاء القرار الوزاري المطعون عليه بإحالة الطالب إلى المعاش بالاستقالة، وكافة ما ترتب عليه من آثار، وإعادته إلى الخدمة كضابط عامل في ترتيب دفعة تخرجه بين الأقدم والأحدث منه في دفعته في وظيفة ذات مسمى وظيفي يتناسب مع أقدميته في دفعة تخرجه،وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة.
وذكر شرحا لدعواهأنه صدر قرار وزير الداخلية رقم 1625 لسنة 2013متضمناإحالته إلى المعاشبرتبة عقيد، في حركة وزارة الداخلية عام 2013، وكان قد تقدم باستقالته، وفوجئ بإنهاء خدمته(رغبة)، وقد عدل عن الاستقالة وتقدم بتظلم من هذا القرار خلال ستون يوما، ولم ينتظر لمدة عام طبقا لقانون الشرطة، ثم تقدم بطلب إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات حيث قيد برقم 11680 لسنة 2013، وبتاريخ 3/10/2013 أوصت برفض الطلب، ونعى على القرار المطعون فيه إساءة استعمال السلطة، ومخالفته الدستور والقانون، حيث لم يتضمن قانون هيئة الشرطة ما يسمى بإنهاء الخدمة بناء على رغبة الضابط، بل بالاستقالة فقط،وهو ما دعاه إلى إقامة دعواه بطلباته المبينة سلفا.
وبجلسة 19/4/2015 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات.
وأسست المحكمةُ قضاءها بعد استعراض نصوص المواد (17) و(19) و(71) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971، على أن الثابت من الأوراق أن المدعي التحق بهيئة الشرطة اعتبارا من 1/11/1988 برتبة ملازم، وتدرج في العمل بقطاعاتها حتى رقي إلى رتبة عقيد، وبتاريخ 28/3/2013 تقدم بطلب إلى مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة ضمنه” إبداء رغبته في إنهاء خدمته بهيئة الشرطة بالإحالة إلى المعاش لدى حلول الدور عليه في المد في الرتبة الحالية أو الترقية للرتبة الأعلى، وذلك خلال الحركة العامة للترقيات القادمة في أغسطس 2013، وأنه على علم بأن الاستجابة لرغبته سوف يكون في إطار أحكام نص المادة(71) بند(2) فقرة أولى من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 وتعديلاته وليس وفقا لنص المادة (11) من ذات القانون بشأن أحكام الاستقالة الصريحة، وفي حالة الاستجابة لطلبه سيلتزم بعدم العدول عنه مرة أخرى، ولا تكون الوزارة ملتزمة بالنظر فيه مرة أخرى”، وتم عرض طلبه على المجلس الأعلى للشرطة الذي رأى الموافقة على إنهاء خدمته برتبة عقيد(بناء على رغبته) اعتبارا من 1/8/2013، وصدر بناء على ذلك القرار المطعون فيه، ومن ثم فإنه لا تثريب على الجهة الإدارية إن هي أنهت خدمته (بناء على رغبته الصريحة) واستبعدته من نطاق مد الخدمة إعمالا لسلطتها التقديرية المخولة لها في انتقاء العناصر التي تطمئن إليها في مد الخدمة لها وتقلد المناصب القيادية، وقد خلت الأوراق مما يفيد أن القرار المطعون فيه قد صدر مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، كما أن أحكام العدول عن الاستقالة وفقا لنص المادة(11) من قانون هيئة الشرطة لا تنطبق على حالة الطاعن(المدعي أصلا)، كما جاءت أقواله مرسلة بشأن ادعائه تعرضه لإكراه مادي ومعنوي من قبل الجهة الإدارية، بأنه في حالة عدم توقيعه على طلب إنهاء خدمته سيتم حرمانه من كافة مميزات رتبة العقيد التي يشغلها.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه الفساد في الاستدلال؛ لإغفاله الرد على الدفوع والمستندات والطلبات الجوهرية، ولكونه قد خرج على خلاف المستقر عليه في أحكام المحكمة الإدارية العليا، وأن سيرته الوظيفية وتميزه في كافة معايير التقييم والتقدير، تجعله أفضل من كثير ممن مٌدت خدمتهم في رتبة عقيد.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن المادةرقم (11) من القانون 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة تنص على أن: “الضابط الذي نقل من هيئة الشرطة أو استقال من الخدمة يجوز إعادة تعيينه بها إذا كان التقريران السنويان الأخيران المقدمان عنه في وظيفته السابقة بتقدير جيد على الأقل، ويشترط لإعادة تعيينه ألا يكون قد مضى على نقله أو استقالته مدة تزيد على سنة ميلادية، ويوضع في أقدميته السابقة”.
وتنص المادة (17) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971، (المعدلة بموجب القانون رقم 20 لسنة 1998) تنص على أنه:” مع مراعاة حكم المادة 15 من هذا القانون، تكون الترقية إلى كل رتبة من الرتب السابقة عليها مباشرة بالأقدمية المطلقة حتى رتبة عقيد.
ويشترط في جميع الأحوال للترقية أن يجتاز الضابط بنجاح الفرق التدريبية أو الدراسات التدريبية أو العليا التي يقررها وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة بالنسبة إلى كل رتبة.
ويجوز في جميع الأحوال تخطي الضابط في الترقية لأسباب يقتضيها الصالح العام بعد سماع أقواله بشأنها أمام المجلس الأعلى للشرطة، فإذا تخلف عن الحضور أمام المجلس بغير عذر مقبول رغم إعلانه اعتبرت إجراءات تخطيه صحيحة، وإن قبل عذره في التخلف تحجز له رتبة حتى تسمع أقواله أمام المجلس. فإذا رأى المجلس بعد سماع أقواله ترقيته حسبت أقدميته في الرتبة المرقى إليها من تاريخ حجزها”.
وتنص المادة (19) من نفس القانون،والمستبدلة بموجب القانون رقم 20 لسنة 1998 على أنه:” تكون الخدمة في رتبة عقيد لمدة سنتين يجوز مدها لمدة مماثلة مرة واحدة أو أكثر حتى حلول الدور في الترقية إلى رتبة عميد. وتكون الترقية إلى رتبة عميد بالاختيار، ومن لا يشمله الاختيار يحال إلى المعاش مع ترقيته إلى رتبة عميد، إلا إذا رأى المجلس الأعلى للشرطة لأسباب هامـة يقدرها عـدم ترقيته وإحالته إلـى المعاش. وتكون الخدمة في رتبة عميد لمدة سنة يجوز مـدها لمدة مماثلة مـرة واحـدة أو أكثر حتى حلول الدور في الترقية إلى رتبة لواء. وتكون الترقية إلـى رتبة لواء بالاختيار، ومن لا يشمله الاختيار يحال إلـى المعاش مع ترقيته إلـى رتبة لواء، إلا إذا رأى المجلس الأعلى للشرطة لأسـباب هامة يقدرها عدم ترقيته وإحالته إلى المعاش، وتكون الخدمة في رتبة لواء لمدة سـنة يجـوز مدها لمدة مماثلة مرة واحدة أو أكثر تنتهي خدمته بانتهائها ولو رقي خلالها إلى درجة مالية أعلى. وتكون الترقية إلى الرتب الأعلى بالاختيار”.
وتنص المادة (71) من نفس القانون (المستبدل بندها الثاني فقرة أولى بموجب القانون رقم 49 لسنة 1978، ثم القانون رقم 23 لسنة 1994، ثم استبدلت الفقرة الأولى بموجب القانون رقم 20 لسنة 1998) على أنه:”تنتهى خدمة الضابط لأحد الأسباب التالية: (1) … (2) إذا أمضـى الضابط في رتبة عقيد سنتين من تاريخ الترقية إليها، أو أمضى سنة واحدة في أي من رتبتي (عميد) أو (لواء) من تاريخ الترقية إليها، وذلك ما لم تمد خدمته أو تتم إحالته إلى المعاش طبقا لأحكام المادة (19) مـن هذا القانون…”.
وحيثُ إنه يبين من استقراء نصي المادتين (19) و(71) من قانون هيئة الشرطة المشار إليهما، أنشغل الضابط رُتبة عقيد سنتين تُعد بذاتها سبباً من أسباب انتهاء خدمته بهيئة الشرطة، ما لم تر السُلطة المُختصة مد خدمته بالعمل لديها، ومن ثَمَّ فإن حقيقة طلب الطاعن في الدعوى الصادر فيها الحُكم المطعون فيه لا تقوم على طلب إلغاء قرار إنهاء خدمتهبإحالته إلى المعاش اعتبارا من 1/8/2013،بل هي طعن على القرار السلبي بالامتناع عن مد خدمته بعد انتهائها بقوة القانون، للعمل بذات أقدميته.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن للحكومة الحق في اختيار شاغلي الوظائف القيادية العليا بها الذين تستأنس فيهم قدرتهم على القيام بما تطلبه منهم لتنفيذ سياستها، ومقتضى ذلك أن يترك لها قدر واسع من الحرية، يتأكد بصفة خاصة في مجال الأمن العام الذي تقوم على شئونه وزارة الداخلية.
وأنه ولئن كان الأصل في الترقية إلى الوظائف أنها تقوم على قاعدة أصولية قوامها عدم تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير هو الأكفأ، إلا أن هذه القاعدة قد أُرسيت حمايةًللموظف خلال حياته الوظيفية بقصد إقامة الموازنة بين حقه في العمل، وهو حق دستوري تكفله القوانين، وحق الجهات الإدارية في اختيار موظفيها ووضعهم في المكان المناسب بحسبانها هي المسئولة عن تصريف أمور الدولة وتسيير المرافق العامة على وجه يحقق المصلحة العامة، وإذا كان المشرع قد اعترف في هذه الموازنة للجهات الإدارية (ومن بينها وزارة الداخلية) بسلطة تقديرية أرحب في اختيار موظفيها ممن ترى فيهم الصلاحية لشغل تلك الوظائف تحت رقابة القضاء على نحو يحقق المصلحة العامة إذا ما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة، فإن هذه الموازنة تسقط نهائيا بانتهاء خدمة الضابط الذى كفل له المشرع حق الوصول إلى أعلى الرتب في قانون الشرطة حتى نهاية خدمته التي يبلغ أجلها طبقًا للمادتين (19) و(71) من القانون المذكور بقضاء الضابط مدة سنتين في رتبة عقيد من تاريخ الترقية إليها أو بترقيته إلى رتبة العميد أو اللواء؛ إذ يكون الضابط قد حقق كل ما كفله له القانون من حقوق، ويكون القول الفصل في مد الخدمة بعد انتهاء أجلها لما تقرره الإدارة من اختيار بعض العناصر التي تراها مناسبة لتحقيق السياسة الأمنية التي تتولى الوزارة مسئولية تحقيقها، والتي يكون الوزير فيها مسئولا مسئولية كاملة عنها أمام الأجهزة الشعبية والسياسية، وهو ما يتعين معه الاعتراف للمجلس الأعلى للشرطة بسلطة تقديرية واسعة يترخص فيها عند اصطفائه لبعض العناصر المختارة من بين من تقرر إنهاء خدمتهم طبقًا للقانون، ممن هم أجدر في رأيه على تحقيق التناغم الأمني المطلوب، وهو يستقي ذلك من عناصر شتى قد تجبن عيون الأوراق عن الإيماء إليها، ومن ثم لا يجوز الاستناد إلى ملف خدمة الضابط وما يظهره من عناصر الكفاية والأقدمية لإجبار الإدارة على مد خدمته استنادًا –فقط- إلى ملف خدمته رغم عدم قدرته على التعاون معها وتحقيق سياستها، أو وجود من هو أجدر منه في ذلك، ومن ثم وجب على القاضي الإداري أن يترك للإدارة -بعد أن كفلت القوانين للضباط بلوغ أرقى المراتب والدرجات- أن تختار من بين الضباط الذين تقرر إنهاء خدمتهم طبقًا للقانون من تراه صالحًا للاستمرار في خدمتها المدة أو المدد التي أجازها لها القانون للاستعانة به لتحقيق أهدافها بغير رقابة عليها في ذلك ما لم يثبت من الأوراق أن الإدارة قد أساءت استعمال السلطة واستهدفت غاية أخرى غير المصلحة العامة.
كما أن من المقرر أن استبعاد المجلس الأعلى للشرطة بعض من تتوفر فيهم الكفاية توصلا إلى العناصر القادرة على التعاون معه في تنفيذ السياسة العامة للدولة وسياسة الوزارة لا يُحمل على أنه يرجع إلى أسباب تتعلق بعدم صلاحيتهم؛ لأن المجلس المذكور قد يجد نفسه ملزما باستبعاد بعض من تتوفر فيهم الكفاية توصلا إلى العناصر القادرة على التعاون معه في تنفيذ السياسة العامة للدولة وسياسة الوزارة، وهذه الاعتبارات في حد ذاتها كافية لحمل قرار المجلس الأعلى للشرطة على محمل الصحة دون الخوض فيما وراءه من أسباب قد تجبن عنها عيون الأوراق، وتقف سلطة المحكمة عند التحقق من توفر عيب الانحراف أو تخلفه في القرار فقط، دون أن تمتد رقابتها إلى جميع عناصر البت في القرار التي تستقل جهة الإدارة بتقديرها.
وحيث إن هناك ثمة فرقا بين إنهاء خدمة الضابط الذي أبدى رغبة في عدم الاستمرار في الخدمة بإحالته إلى المعاش على وفق نص المادة(19) من قانون هيئة الشرطة، وبين إنهاء خدمة الضابط (الاستقالة الصريحة) المنصوص عليها في الفقرة(4) من المادة(71) من نفس القانون، فإبداء الضابط رغبته في عدم الاستمرار في هيئة الشرطة لا تعدو أن تكون استطلاعا لرأي الضابط لمن هو في رتبة اللواء أو العميد أو العقيد بعد مرور سنتين أو أربع سنوات في هذه الرتبة، يتقدم به في غضون شهري (مارس وإبريل) من كل عام، قبل قيام الجهة الإدارية بممارسة سلطتها التقديرية المخولة لها قانونا في مد الخدمة أو إنهائها بالإحالة إلى المعاش في شهر أغسطس من كل عام أثناء الحركة العامة للترقيات والتنقلات بوزارة الداخلية، ومن ثم فإن إبداء الضابط رغبته في عدم الاستمرار في الخدمة لا يغل الجهة الإدارية بالالتفات عن هذه الرغبة على وفق سلطتها التقديرية، ولا يحدها في ذلك سوى استهداف المصلحة العامة، بينما إنهاء خدمة الضابط بالاستقالة على وفق الفقرة(4) من المادة(71) من القانون سالف الذكر، فهو حق كفله القانون لجميع الضباط في مختلف الرتب، ويجب أن تكون صريحة ومكتوبة ونابعة عن إرادة الضابط في الوقت الذي يحدده، ولا تتوقف على مبادرة من الجهة الإدارية، وتكون مقبولة بقوة القانون بعد مضي ثلاثين يوما من تاريخ تقديمها دون البت فيها، ومن ثم فإن الضابط الذي انتهت خدمته بالإحالة إلى المعاش على وفق نص المادة(19) من قانون هيئة الشرطة، لا يعد مستقيلا (استقالة صريحة على وفق الفقرة(4) من المادة(71) من القانون المذكور)، ولا يسري في شأنه حكم المادة(11) من قانون هيئة الشرطة بشأن إعادة التعيين للضابط الذي استقال من الخدمة .
كما قضت المحكمة الإدارية العليا،أنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن وهو عقيد شرطة، تقدم طالباً صراحة إنهاء خدمته وإحالته إلى المعاش إعمالاً لحكم المادة (19) من قانون هيئة الشرطة، ومن ثم فإنه يجب أن يعامل على وفق أحكام هذه المادة ، وليس على وفق أحكام إعادة التعيين للضابط الذي استقال من الخدمة،والتي أفرد لها المشرع نصاً خاصاً بشرائط خاصة في المادة (11) من القانون سالف الإشارة،ولما كان ذلك، وكانت المادة (19) من قانون هيئة الشرطة، قد حددت أحوال إنهاء الخدمة والإحالة إلى المعاش، ومن بينها قضاء الضابط في رتبة عقيد سنتين،ما لم تمد خدمته، وكان الطاعن قد سارع قبل التقييمبتقديم طلب إنهاء خدمته وإحالته إلى المعاش طواعية ودون إكراه، أثناء شغله هذه الرتبة،مرتكناًإلى نص المادة (19) من القانون المذكور، ثم عاد وأقام دعواه على سند من نص المادة (11) سالفة الإشارة، فإن سنده هذا يكون قد قام على وهن، ذلك أن المادة المذكورة والمتعلقة بإعادة تعيين الضابط الذي تقدم باستقالته، لا تنطبق على حالته، وتغدو المادة (19) التي تنظم أحوال إنهاء الخدمة والإحالة للمعاش هي الحاكمة لمثل حالته، ومن ثم فإن امتناع جهة الإدارة عن إعادته إلى الخدمةلإحالته إلى المعاش بناء على طلبه، يكون صحيحاً متفقاً وحكم القانون .(الطعن رقم 34538 لسنة 59 القضائية. عليا-جلسة 29/7/2015- الدائرة السابعة (موضوع)).
وترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراقأن الطاعن تخرج في كلية الشرطة عام 1988، وتدرج في وظائفها حتى رٌقي إلى رتبة عقيد، وقد تقدم بطلب في 28/3/2013 إلى مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، دون إكراه مادي أو معنوي ثابت في الأوراق، ضمنه” إبداء رغبته في إنهاء خدمته بهيئة الشرطة بالإحالة إلى المعاش لدى حلول الدور عليه في المد في الرتبة الحالية أو الترقية للرتبة الأعلى، وذلك خلال الحركة العامة للترقيات القادمة في أغسطس 2013، وأنه على علم بأن الاستجابة لرغبته سوف يكون في إطار أحكام نص المادة(71) بند(2) فقرة أولى من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 وتعديلاته وليس وفقا لنص المادة (11) من ذات القانون بشأن أحكام الاستقالة الصريحة، وفي حالة الاستجابة لطلبه سيلتزم بعدم العدول عنه مرة أخرى، ولا تكون الوزارة ملتزمة بالنظر فيه مرة أخرى”، وتم عرض طلبه على المجلس الأعلى للشرطة الذي رأى الموافقة على إنهاء خدمته برتبة عقيد(بناء على رغبته) اعتبارا من 1/8/2013، وصدر بناء على ذلك القرار المطعون فيه، وذكرت جهة الإدارة في مذكرة دفاعها أنها أعملت نص المادة(71/2) من قانون هيئة الشرطة على الطاعن؛ باختيارها من ترى أنه الأجدر على تحقيق التناغم الأمني المطلوب، وعلى إثر ذلك صدر القرار المطعون فيه رقم 1625لسنة 2013 المطعون فيه، بإنهاء خدمة الطاعن، ومن ثم تكون الجهة الإدارية المطعون ضدها،قد أعملت سُلطتها التقديرية في اختيارالعناصر القادرة على التعاون معها في تنفيذ السياسة العامة للدولة وسياسة الوزارة، ويكون قرارها قد صدر متفقا وأحكام القانون، وقد خلت الأوراق مما يفيد أن الجهة الإدارية قد أساءت استعمال سلطتها أو انحرفت بها.
ولاينال مما تقدم ، ما ذكره المدعي في مذكرات دفاعه من أحقيته في العدول عن استقالته، وإعادة تعيينه بهيئة الشرطة على وفق نص المادة(11) من قانون هيئة الشرطة، فذلك مردود عليه: بأنه قد طلب صراحة إنهاء خدمته وإحالته إلى المعاش إعمالاً لحكم المادة (19) من قانون هيئة الشرطة، وقد أعملت الجهة الإدارية سلطتها التقديرية في إجابته إلى رغبتهبإنهاء خدمته بالإحالة إلى المعاش، ومن ثم فإنه يكون من غير المخاطبين بنص المادة(11) من قانون هيئة الشرطة بشأن إعادة تعيين الضابط الذي استقال من الخدمة، والتي أفرد لها المشرع ضوابط خاصة، منها أن يكون الضابط قد انتهت خدمته بالاستقالة على وفق نص المادة (71) فقرة (4)من القانون سالف الذكر، وتغدو المادة (19) من القانون المذكور التي تنظم أحوال إنهاء الخدمة والإحالة للمعاش هي الحاكمة لمثل حالته، ويكون ما أثاره الطاعن لا أساس له من الواقع أو القانون.
ومتى ذهب الحكم المطعون هذا المذهب، فإنه يكون متفقا وصحيح حكم القانون.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته طبقا للمادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |