مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 373 لسنة 42 القضائية (عليا)
مارس 25, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 7 لسنة 42 القضائية (عليا)
مارس 25, 2020

الطعن رقم 3096 لسنة 35 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 6 من مايو سنة 1999

الطعن رقم 3096 لسنة 35 القضائية (عليا)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت الملط

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد يسري زين العابدين وشفيق محمد سليم وثروت عبد الله أحمد ورأفت محمد السيد يوسف ورائد جعفر النفراوي ود.إبراهيم علي حسن وسعد الله محمد حنتيرة وعويس عبد الوهاب عويس ومحمد أحمد الحسيني ومحمد عبد الرحمن سلامة.

نواب رئيس مجلس الدولة

………………………………………………………………..

المبادئ المستخلصة:

 (أ) وقف– طبيعته القانونية- الوقف من أشخاص القانون الخاص، فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف، ولو ثبتت له هذه النيابة بنص في القانون بحكم شغله منصبا عاما- النظر على الوقف مجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص, ولا يقوم ناظر الوقف (وهو هيئة الأوقاف) إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص، فما يصدر عنها لا يصدر بوصفها سلطة عامة, وإنما باعتبارها نائبة عن الناظر على الوقف، وكل من الناظر أو نائبه إنما يمارس هذه الإدارة وأعمالها كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص يقوم بالنظارة على وقف خيري- ليس من شأن هذه النظارة أن تخلع على أموال الوقف صفة المال العام.

  • المادة 52 من القانون المدني.
  • المادتان 1 و 5 من القانون 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف.
  • المواد 1 و 2 و 5 و 6 من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية.

(ب) اختصاص– ما يخرج عن اختصاص محاكم مجلس الدولة- القرارات والإجراءات التي تتخذها هيئة الأوقاف نيابة عن وزير الأوقاف, بصفته ناظرا على الأوقاف الخيرية، في شأن إدارة أموال الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها لا تعد قرارات إدارية، وما يثار بشأنها من منازعات لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية، ومن ثم لا تختص محاكم مجلس الدولة بنظرها.

الإجراءات

في يوم السبت الموافق 17 من يونيه سنة 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته, ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته, قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا, تقرير طعن قيد بجدول تلك المحكمة برقم 3096 لسنة 35ق.ع ضد المطعون ضده السيد/… في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري )دائرة منازعات الأفراد والهيئات ب( بجلسة 27 من إبريل سنة 1989 في الدعوى رقم 795 لسنة 40ق، الذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وطلبت الهيئة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, وفي الموضوع بإلغائه، والحكم (أصليا) بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى, و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة في رفعها, و(من باب الاحتياط الكلي) برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق, وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة, التي أعدت تقريرا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا, ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

وحددت جلسة 16 من يناير سنة 1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي تداولت نظره بالجلسات إلى أن قررت بجلسة 15/5/1995 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع) لنظره بجلسة 18/6/1995، وتدوول الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) التي ارتأت أن النزاع الماثل يدور حول تصرف هيئة الأوقاف بالتمليك لوحدات العقار المملوك لها من أموال الأوقاف، الكائن بشارع… بطنطا، دون الالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 357 لسنة 1986 بشأن نسب تملك الوحدات السكنية بعمارات الأوقاف, وأن الأمر يقتضي ابتداء الفصل في مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع؛ ذلك أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن هيئة الأوقاف إنما تنوب قانونا عن وزير الأوقاف بصفته ناظرا للوقف, وأن نشاط وزير الأوقاف ومن بعده هيئة الأوقاف في تصديه للقيام على شئون الأموال الموقوفة إنما هو نشاط ناظر الوقف, ولما كان الوقف هو من أشخاص القانون الخاص, فمن ثم فإن النزاع المتصل بشأن من شئون النظارة على الوقف -ولو كان أحد أطرافه من أشخاص القانون العام– لا يعد متعلقا بقرار إداري كما لا يمثل منازعة إدارية، ومن ثم يخرج الفصل فيه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري (في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 711 و717 لسنة 28ق.ع بجلسة 14/6/1986، وحكمها في الطعن رقم 2360 لسنة 30ق.ع بجلسة 5/12/1987).

إلا أن هناك توجها آخر يرى أن النزاع الماثل يدخل في اختصاص القضاء الإداري باعتباره منازعة إدارية؛ تأسيسا على أن هيئة الأوقاف تعد على وفق القانون رقم 80 لسنة 1971 الصادر بإنشائها هيئةً عامة، أي أنها شخص من أشخاص القانون العام, وأنه وإن كانت الأوقاف التي تديرها الهيئة بقصد تنميتها تعتبر أموالا خاصة, إلا أن المشرع أولاها عناية متميزة، فعهد إلى أحد الوزراء (وهو وزير الأوقاف) بإدارتها، ثم نقل هذا الاختصاص إلى هيئة الأوقاف، كما ساوى بين هذه الأموال والأموال المملوكة للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة من حيث عدم جواز كسب أي حق عيني عليها بالتقادم, وجواز إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري بقرار من الوزير.

إزاء ما سبق قررت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 9 من مارس سنة 1997 (إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة, للفصل في الخلاف القائم حول مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعة.

وقد حددت جلسة 5 من يونيه سنة 1997 لنظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، خلصت فيه إلى أنها ترى أن المنازعات التي تتصل بإدارة الأوقاف الخيرية واستثمار أموالها والتصرف فيها تعد من المنازعات الإدارية التي تختص بالفصل فيها محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.

وقد تدوول الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ على النحو الثابت بمحاضر جلساتها دون أن يحضر المطعون ضده بنفسه أو بوكيل عنه أيا من هذه الجلسات رغم تكرار إخطاره، ودون أن يقدم أية مذكرات, بينما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بجلسة 7/5/1998 أكدت فيها على وجهة نظرها في أن المنازعات التي تتصل بإدارة الأوقاف الخيرية واستثمار أموالها والتصرف فيها لا تعد منازعات إدارية، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل فيها, وإنما يدخل ذلك في اختصاص القضاء العادي.

وقد قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم, حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول طبيعة التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف بصفتها ناظرا للوقف على الأموال الموقوفة، وما إذا كانت هذه التصرفات ذات طبيعة إدارية تخول مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بنظر المنازعات التي تثار بشأنها، أم أنها تعد من قبيل التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص، ومن ثم فلا اختصاص لمحاكم مجلس الدولة بنظر الأنزعة التي تتفرع عنها.

ومن حيث إن المادة (52) من القانون المدني تنص على أن: “الأشخاص الاعتبارية هي:

1- الدولة، وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون، والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية.

2- الهيئات والطوائف الدينية التي تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية.

3- الأوقاف. …”.

وتنص المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 بشأن تنظيم وزارة الأوقاف على أن: “تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف الآتية:

أولا: الأوقاف الخيرية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه. …

ثانيا: الأوقاف التي لا يعرف مستحقوها ولا جهة الاستحقاق فيها، حتى تحدد صفتها.

ثالثا: الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها النظر لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين.

رابعاً: الأوقاف التي انتهت بحكم القانون رقم 180 لسنة 1952 المشار إليه([1])، ولا زالت في حراسة الوزارة، وذلك إلى أن يتسلمها أصحابها.

خامسا: الأوقاف التي خول القانون رقم 122 لسنة 1958 الصادر في الإقليم الجنوبي لوزارة الأوقاف إدارتها”.

وتنص المادة (5) من هذا القانون على أن: “تتقاضى وزارة الأوقاف نظير إدارتها أعيان الوقف التي انتهت بالقانون رقم 180 لسنة 1952 ولا زالت في حراستها رسما بنسبة 10% من أصل إيراداتها, ويؤخذ علاوة على ذلك 5% من قيمة تكاليف الأعمال الفنية التي تنفذ في هذه الأعيان…”.

ولقد صدر بعد ذلك القانون (80) لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية، ونصت المادة (1) منه على أن: “تنشأ هيئة عامة تسمى هيئة الأوقاف المصرية، تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع وزير الأوقاف, ويكون مقرها مدينة القاهرة، ويجوز إنشاء فروع لها في المحافظات بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة”.

كما نصت المادة (2) على أن: “تختص الهيئة وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الآتية:
أولا: الأوقاف المنصوص عليها في المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه([2]) فيما عدا: أولا:… ثانيا:… ثالثا:… رابعا: الأوقاف التي يئول حق النظر عليها لوزارة الأوقاف بعد العمل بهذا القانون”.

وتنص المادة (5) على أن: “تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة وتتولى وزارة الأوقاف تنفيذ شروط الواقفين والأحكام والقرارات النهائية الصادرة من اللجان والمحاكم بشأن القسمة أو الاستحقاق أو غيرها وكذلك محاسبة مستحقي الأوقاف الأهلية وفقا لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه([3]) وذلك من حصيلة ما تؤديه الهيئة إلى الوزارة”.

وأخيرا تنص المادة (6) على أن: “على الهيئة أن تؤدي إلى وزارة الأوقاف صافي ريع الأوقاف الخيرية لصرفه وفقا لشروط الواقفين, وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من إجمالي الإيرادات المحصلة بالنسبة إلى هذه الأعيان…”.

ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن القانون المدني أدخل في المادة (52) منه (البند 3) (الأوقاف) ضمن صور الأشخاص الاعتبارية، بعد أن عدد في البند (1) من المادة نفسها الأشخاص الاعتبارية العامة كالدولة والمديريات (المحافظات) والمدن والقرى والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة, ويستفاد من هذه المقابلة أن الوقف الخيري لا يعدو أن يكون شخصا اعتباريا خاصا, وتعتبر أمواله أموالا خاصة، لا يغير من طبيعتها أن تكون المادة (970) من القانون المدني قد أسبغت عليها نوعا من الحماية والرعاية حفظا لها من طمع الطامعين، فحظرت تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم, وأجازت في الوقت نفسه إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري؛ ذلك أن المشرع ساوى في شأن الحماية التي سبغها بموجب نص المادة (970) المشار إليها بين أموال الأوقاف الخيرية وأموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة، وكذلك أموال شركات القطاع العام غير التابعة لأيهما، دون أن يدعي أحد أن أموال هذه الجهات تعد أموالا عامة تتماثل في طبيعتها وصفاتها مع المال العام المملوك للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة المخصص لأغراض النفع العام.

وحيث إن القانون رقم 272 لسنة 1959 قد ناط بوزارة الأوقاف القيام على شئون الأوقاف الخيرية كما يقوم النظار، ابتغاء مصلحة الوقف وإشفاقا على ريعه من أن تمتد إليه أيد غير أمينة تستولى عليه عمدا أو تنفقه بددا, ولقد خلفتها في هذا العبء هيئة الأوقاف التي أنشئت بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971، حيث أصبح لها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية، باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذي يتولى إدارة أموال الأوقاف بوصفه ناظر وقف.

وحيث إن الوقف من أشخاص القانون الخاص, فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف، ولو ثبتت له هذه النيابة بنص في القانون بحكم شغله منصبا عاما؛ لأن ولاية هذا المنصب –وإن كانت سند النظر– إلا أنها لا تصبح بذلك جزءا من الولاية العامة للمنصب؛ إذ يظل النظر على وضعه القانوني مجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص, ولا يقوم ناظر الوقف هنا (وهو هيئة الأوقاف) إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص، فما يصدر عنها لا يصدر بوصفها سلطة عامة, وإنما باعتبارها نائبة عن الناظر على الوقف، وكل من الناظر أو نائبه إنما يمارس هذه الإدارة وأعمالها كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص يقوم بالنظارة على وقف خيري.

 وليس من شأن هذه النظارة المتمثلة في تصريف شئون الوقف وتحصيل ريعه وإنفاق غلته في المصارف التي نص عليها كتاب الوقف، أو استثمارها فيما يعود بالنفع على المستحقين، أن تخلع على أموال الوقف صفة المال العام، ولا تجعل من القرارات والإجراءات التي تتخذها الهيئة في إدارة هذه الأموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية, كما أن ما يثار بشأنها من منازعات لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية التي نص عليها البند الرابع عشر في القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة, ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأن التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف نيابة عن وزير الأوقاف, بصفته ناظرا على الأوقاف الخيرية، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها، تعد من التصرفات الصادرة عن أحد أشخاص القانون الخاص، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها، وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

([1]) بشأن إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات.

([2]) بشأن تنظيم وزارة الأوقاف.

([3]) بشأن تسليم الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية.

Comments are closed.

xnxxbf