مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 1012 لسنة 45 القضائية (عليا)
مارس 27, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 11225 لسنة 46 القضائية (عليا)
مارس 27, 2020

الطعن رقم 2846 لسنة 46 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 8 من مايو سنة 2003

الطعن رقم 2846 لسنة 46 القضائية (عليا)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد وجودة عبد المقصود فرحات وعادل محمود زكى فرغلي وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي ود.فاروق عبد البر السيد إبراهيم وعلي فكري حسن صالح والسيد محمد السيد الطحان وغبريال جاد عبد الملاك ود.حمدي محمد أمين الوكيل ويحيى أحمد عبد المجيد مصطفى.

نواب رئيس مجلس الدولة

……………………………………………………………….

المبادئ المستخلصة:

(أ) قرار إداري– السلطة التقديرية في إصدار القرار- السلطة التقديرية لا يصح وصفها في أي موضع أو مقام بالإطلاق؛ لأنها تتقيد دوما بالمصلحة العامة، وبالضمانات التي يقررها القانون لأصحاب الحقوق المستمدة من المراكز القانونية المشروعة.

(ب) قرار إداري– السلطة التقديرية في إصدار القرار- تمتع الإدارة بسلطة تقديرية في إصدار القرار لا يبرر التنصل من الإجراءات والضمانات التي أوجبها القانون.

(ج) بطلان– مناطه- البطلان كما يتقرر بالنص، فإنه يترتب تلقائيا على إغفال الإجراءات الجوهرية، ومن بينها تلك التي يقررها المشرع كضمانة لأصحاب المراكز القانونية.

(د) هيئة الشرطة المجلس الأعلى للشرطة– اختصاصاته- شكل المشرع المجلس الأعلى للشرطة بوزارة الداخلية لمعاونة الوزير، وأسند إليه النظر في جميع شئون أعضاء هيئة الشرطة على الوجه المبين بالقانون، وجعل قراراته نافذة باعتماد الوزير، واعتبرها معتمدة بمضي خمسة عشر يوما على رفعها للوزير- أجاز المشرع للوزير الاعتراض على قرارات المجلس، مع إلزامه أن يكون اعتراضه مكتوبا ومسببا- هذا إجراء من شأنه أن يحد من السلطة التقديرية- خول المشرع  المجلس في تلك الحالة الإصرار على رأيه، مع اعتبار قرار الوزير في تلك الحالة نهائيا- العرض على المجلس الأعلى للشرطة وأخذ رأيه يعد مسألة جوهرية، يؤدي تخلفها إلى بطلان القرار الإداري الصادر عن وزير الداخلية دون أخذ رأي المجلس إن كان العرض عليه واجبا، كما هي الحال في شئون أعضاء هيئة الشرطة بصفة عامة، والتعيين بها بصفة خاصة.

(هـ) هيئة الشرطة- شئون الضباط- التعيين- إجراءاته- في غير حالات التعيين بوظائف مساعد أول ومساعد وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم ورؤساء المصالح والإدارات العامة أوجب المشرع عرض التعيين على المجلس الأعلى للشرطة وأخذ رأيه- هذا العرض يعد مسألة جوهرية، يؤدي تخلفها إلى بطلان القرار الإداري الصادر عن وزير الداخلية دون أخذ رأي المجلس- رأي المجلس الأعلى يدخل عنصرا في قرار التعيين رغم عدم التزام الوزير به.

(و) هيئة الشرطة- شئون الضباط- إعادة تعيين الضابط المستقيل- للضابط المستقيل المُقَدَّرة كفايتُه بتقدير (جيد) في السنتين الأخيرتين من خدمته الحق في طلب إعادة تعيينه خلال سنة من الاستقالة- جعل القانون هذا الضابط في مركز قانوني خاص بالنسبة للوظيفة، من شأنه ثبوت الحق في طلب إعادة التعيين إذا توفرت فيه الشروط المحددة قانونا- هذا المركز الخاص يستوجب إخضاع إعادة التعيين لمن توفرت في شأنه عناصر هذا المركز لأحكام التعيين، فيتعين أن تُعمل في شأنه كافة الضمانات المقررة لهيئة الشرطة وللمنتسبين إليها، ومن بينها العرض على المجلس الأعلى للشرطة لإبداء رأيه.

  • المواد 4 و 5 و 8 و 11 من قانون هيئة الشرطة، الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971، المعدل بالقانون رقم 218 لسنة 1991.

(ز) هيئة الشرطة- شئون الضباط- إعادة تعيين الضابط المستقيل- إذا كان الامتناع عن إعادة التعيين لا يمثل قرارا سلبيا، فإن الامتناع عن عرض طلب إعادة تعيين الضابط المستقيل الذي توفرت الشروط في شأنه على المجلس الأعلى للشرطة يشكل قرارا سلبيا؛ لوجوب هذا العرض باعتباره ضمانة سنها المشرع- تمتع الإدارة بسلطة تقديرية في إعادة التعيين لا يبرر التنصل من إجراءاته وضماناته.

الإجراءات

 بتاريخ 13/1/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2846 لسنة 46ق. عليا، وذلك طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 20/12/1999 في الدعوى رقم 1130 لسنة 51ق الذي قضى في منطوقه  بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وبرفض طلب التعويض، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن -وللأسباب الواردة به- الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.

وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا في الطعن انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وتداولت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا نظر الطعن، وبجلسة 1/8/2001 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السابعة موضوع)، وحددت لنظره أمامها جلسة 30/9/2001، وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/1/2002 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة المنصوص عليها بالمادة 54 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة (المضافة بالقانون رقم 36 لسنة 1984) للعدول عن المبدأ الذي أقرته المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) في حكمها الصادر بجلسة 8/12/1998 في الطعن رقم 3117 لسنة 41ق. عليا بوجوب عرض إعادة التعيين على المجلس الأعلى للشرطة لإبداء رأيه كما هو الحال بالنسبة للتعيين.

وقد نظرت هذه الدائرة الطعن بجلسة 6/6/2002، وتداولت نظره بالجلسات، وأثناء المرافعة أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه العدول عن المبدأ السابق تقريره بالطعن رقم 3117 لسنة 41ق. عليا بجلسة 8/12/1998 فيما تضمنه من أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة بشأن القرار الصادر برفض طلب إعادة تعيين الضابط بهيئة الشرطة بعد نقله أو استقالته.

وبجلسة 2/1/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/3/2003، وصرحت بتقديم مذكرات خلال شهر، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 8/5/2003، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن جميع الأوراق المودعة ملف الطعن- في أن المطعون ضده أقام في 11 /11/1996 الدعوى رقم 1130 لسنة 51ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، طالبا الحكم –على وفق التكييف الذى أسبغته المحكمة على طلباته- بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير الداخلية برفض إعادة تعيينه في وظيفته السابقة برتبة (رائد)، مع التعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء هذا القرار.

وأوضح المطعون ضده في صحيفة دعواه المشار إليها أنه تخرج في أكاديمية الشرطة عام 1983، وعين بمديرية أمن بني سويف، ورشح عام 1985 للعمل بالمباحث الجنائية، وقدرت كفايته في كل تقاريره بمرتبة (ممتاز)، وأنه قدم استقالته وصدر قرار وزير الداخلية رقم 891  المؤرخ في 7/7/1995 بقبولها، وفي 16/7/1996 طلب إعادة تعيينه إعمالا للقواعد التي تجيز ذلك خلال سنة من تاريخ الاستقالة، إلا أن الإدارة لم تتخذ أي إجراء في شأنه، الأمر الذي حداه على إقامة دعواه.

…………………………………..

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني انتهى إلى قبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.

وجرى تداول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 20/12/1999 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وإلغاء قرار وزير الداخلية برفض إعادة تعيين المدعي، ورفض طلب التعويض.

واستندت المحكمة في ذلك إلى نص المادة 11 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 الذي أجاز للضابط المستقيل أن يطلب إعادة تعيينه خلال سنة من تاريخ الاستقالة، وإلى أن المادة 8 من القانون نفسه توجب أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة عند إصدار قرار التعيين، وذلك فيما عدا مساعدي أُوَل ومساعدي وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم الذين يعينون بقرار من رئيس الجمهورية، وإلى أن المحكمة الإدارية العليا قررت في الطعن رقم 3117 لسنة41 بجلسة 8/12/1998 أن إعادة التعيين تأخذ حكم التعيين في كل ما يتصل به من أحكام وإجراءات.

…………………………………..

ولم يلق هذا القضاء قبولا من الطاعن بصفته فأقام الطعن رقم 2846 لسنة 46ق. عليا ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الواردة بالتقرير، وحاصلها أن المادة 11 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 أجازت إعادة تعيين ضابط الشرطة المستقيل ولم توجبه، وأن امتناع الإدارة عن إصدار قرار إعادة التعيين لا يمثل قرارا سلبيا؛ لأن مثل هذا القرار لا يوجد إلا إذا ألزم المشرع الإدارة اتخاذ إجراء معين وامتنعت عن اتخاذه، وأن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية في إعادة التعيين، وأن عدم العرض على المجلس الأعلى للشرطة لا يؤدي إلى البطلان؛ لأن إعادة التعيين من الأمور التي يختص بها وزير الداخلية، ولم يلزمه المشرع بعرضها على المجلس الأعلى للشرطة كما قرر بالنسبة إلى التعيين، وأن دور المجلس الأعلى للشرطة يقتصر على إبداء رأي غير ملزم للوزير، وأن المشرع لم يرتب البطلان بنص صريح على عدم العرض على المجلس.

…………………………………..

وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا في موضوعه انتهى إلى قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا؛ لأسباب حاصلها أن المشرع أجاز إعادة تعيين الضابط المستقيل خلال سنة من تاريخ الاستقالة، وأن سلطة الإدارة التقديرية في إعادة التعيين مقيدة بالضمانات المقررة بالقانون وأخصها العرض على المجلس الأعلى للشرطة، وأن القرار الصادر برفض إعادة التعيين دون العرض على المجلس يفتقد بناء على ذلك إجراءً جوهريا، الأمر الذي يصمه بالبطلان.

…………………………………..

ومن حيث إن الطعن نظر أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة السابعة) على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 1/8/2001 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السابعة موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 30/9/2001، وقد نظرت الدائرة الطعن على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 6/5/2001 قررت إحالته إلى دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها بالمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للأسباب المبينة بمحضر الجلسة، وحاصلها أن الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا قضت بجلسة 8/12/1998 في الطعن رقم 3117 لسنة 41 بأن إعادة التعيين تأخذ حكم التعيين في كل ما يتعلق به من شروط وإجراءات، فإذا استوجبت المادة الثامنة من قانون هيئة الشرطة في التعيين أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة في غير وظائف مساعدي أُوَل ومساعدي الوزير ورؤساء القطاعات، فإنه يتعين تطبيق الإجراءات نفسها على حالات إعادة التعيين.

وأنه إذا كان مقبولا سحب أحكام التعيين على حالات إعادة التعيين عندما يقرر وزير الداخلية إعادة الضابط فعلا إلى وظيفته بحسبانها ضمانة مقررة لمصلحة الهيئة التي ينتمي إليها الضابط وهي هيئة الشرطة، فإن هذا الحكم لا ينسحب على الحالات التي يرى فيها وزير الداخلية رفض طلب إعادة التعيين؛ لأن الرفض لا يثير مسألة التعيين أو إعادة التعيين، لأن هذه الضمانة ليست مقررة لمصلحة من يطلب إعادة التعيين، ولأن مجرد تقدمه بالطلب لا يكسبه أي مركز قانوني ولا أي حق تجاه هيئة الشرطة بعد انفصام العلاقة الوظيفية بينه وبينها، الأمر الذى يقتضي العدول عن الحكم المشار إليه.

…………………………………..

ومن حيث إن المادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 (المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984) تنص على أنه: “إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض، أو رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا، تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية العامة لتلك المحكمة في كل عام قضائي من أحد عشر مستشارا برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه…”، وكان مناط إعمال هذا النص تعارض الأحكام أو العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة، وكانت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) قد ذهبت في حكمها الصادر بجلسة 8/12/1998 في الطعن رقم 3117 لسنة 41ق. عليا إلى وجوب عرض طلب إعادة التعيين المقدم خلال سنة من تاريخ استقالة الضابط الذي قدرت كفايته بمرتبة (جيد) في السنتين الأخيرتين على المجلس الأعلى للشرطة، وكانت الدائرة السابعة موضوع بالمحكمة الإدارية قد رأت العدول عن هذا المبدأ للأسباب المذكورة سالفا؛ فإن إحالة الطعن إلى هذه الدائرة يكون سليما ومطابقا للقانون.

ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في مدى وجوب عرض طلب إعادة التعيين المقدم خلال سنة من تاريخ استقالة الضابط على المجلس الأعلى للشرطة.

ومن حيث إن قانون هيئة الشرطة ينص في المادة الرابعة على أن: “يشكل بوزارة الداخلية مجلس أعلى للشرطة برئاسة أقدم مساعدي أُوَل وزير الداخلية…”.

وينص في المادة الخامسة على أن: “يعاون المجلس الأعلى للشرطة وزير الداخلية في رسم السياسة العامة للوزارة… ويختص بالنظر في شئون أعضاء هيئة الشرطة على الوجه المبين في هذا القانون… وتكون قرارات المجلس نافذة من تاريخ اعتمادها من الوزير، وتعتبر معتمدة قانونا بمرور خمسة عشر يوما على رفعها إليه دون أن يعترض عليها كتابة اعتراضا مسببا، فإذا اعترض الوزير عليها كلها أو بعضها كتابة أعاد ما اعترض عليه منها إلى المجلس لإعادة النظر فيه خلال مدة يحددها، فإذا أصر المجلس على رأيه أصدر الوزير قراره في الموضوع، ويكون هذا القرار نهائياً”.

وينص القانون في المادة الثامنة على أن: “يعين مساعدو أُوَل ومساعدو وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم ورؤساء المصالح والإدارات العامة بقرار من رئيس الجمهورية… ويكون التعيين في غير ذلك من وظائف هيئة الشرطة بقرار من وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة”.

وينص في المادة الحادية عشرة على أن: “الضابط الذي نقل من هيئة الشرطة أو استقال من الخدمة يجوز إعادة تعيينه بها إذا كان التقريران السنويان الأخيران المقدمان عنه في وظيفته السابقة بتقدير جيد على الأقل، ويشترط لإعادة تعيينه ألا يكون قد مضى على نقله أو استقالته مدة تزيد على سنة ميلادية، ويوضع في أقدميته السابقة”.

ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع شكل المجلس الأعلى للشرطة بوزارة الداخلية لمعاونة الوزير، وأسند إليه النظر في جميع شئون أعضاء هيئة الشرطة على الوجه المبين بالقانون، وجعل قراراته نافذة باعتماد الوزير، واعتبرها معتمدة بمضي خمسة عشر يوما على رفعها للوزير، وأجاز للوزير الاعتراض على قرارات المجلس، مع إلزامه أن يكون اعتراضه مكتوبا ومسببا، وخول المجلس في تلك الحالة الإصرار على رأيه مع اعتبار قرار الوزير في تلك الحالة نهائيا.

وأوجب في غير حالات التعيين بوظائف مساعد أول ومساعد وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم ورؤساء المصالح والإدارات العامة عرض التعيين على المجلس الأعلى للشرطة وأخذ رأيه، وبناء على ذلك فإن العرض على المجلس الأعلى للشرطة وأخذ رأيه يعد مسألة جوهرية يؤدي تخلفها إلى بطلان القرار الإداري الصادر عن وزير الداخلية دون أخذ رأي المجلس إن كان العرض عليه واجبا،كما هي الحال فى شئون أعضاء هيئة الشرطة بصفة عامة، والتعيين بها بصفة خاصة.

ومن حيث إنه وقد خولت المادة 11 من قانون هيئة الشرطة الضابط المستقيل المقدرة كفايته بجيد في السنتين الأخيرتين من خدمته حقا في طلب إعادة تعيينه خلال سنة من الاستقالة، فإنها بذلك تكون قد جعلته في مركز قانوني خاص بالنسبة للوظيفة، من شأنه ثبوت الحق في طلب إعادة التعيين إن توفرت شروط المادة، سواء من ناحية تقدير الكفاية أو ميعاد التقدم بالطلب، وبالتالي يندرج طلبه إعادة التعيين في مفهوم شئون أعضاء هيئة الشرطة التي يختص المجلس الأعلى للشرطة بنظرها بصفة عامة، كما أن هذا المركز الخاص يستوجب إخضاع إعادة التعيين المتوفر في شأنه عناصر هذا المركز لأحكام التعيين، وبالتالي يتعين أن تُعمَل في شأنه جميع الضمانات المقررة لهيئة الشرطة وللمنتسبين إليها، ومن بينها العرض على المجلس الأعلى للشرطة لإبداء رأيه.

ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما استند إليه تقرير الطعن من أسباب؛ ذلك لأنه إذا كانت المادة 11 من قانون هيئة الشرطة قد أجازت إعادة تعيين الضابط المستقيل، فإنها أوجبت نظر ذات الطلب إن توفرت شروط المادة من ناحية تقارير الكفاية والتقدم بالطلب خلال عام من الاستقالة، وإذا كان الامتناع عن إعادة التعيين لا يمثل قرارا سلبيا، فإن الامتناع عن عرض طلب إعادة تعيين الضابط المستقيل الذي توفرت شروط المادة في شأنه على المجلس الأعلى للشرطة هو الذي يشكل قرارا سلبيا؛ لوجوب هذا العرض باعتباره ضمانة سنها المشرع واستهدفها بتشكيل المجلس وتحديد اختصاصاته على الوجه المذكور سالفا، ولأن تمتع الإدارة بسلطة تقديرية في إعادة التعيين لا يبرر التنصل من إجراءاته وضماناته، ولأن البطلان كما يتقرر بالنص فإنه يترتب تلقائيا على إغفال الإجراءات الجوهرية، ومن بينها تلك التي يقررها المشرع كضمانة لأصحاب المراكز القانونية، ولأن إعادة التعيين تقبل قطعا القياس على التعيين لاتحادهما في العلة فيما يتعلق بأخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة، ولأن رأي المجلس الأعلى يدخل عنصرا في قرار إعادة التعيين رغم عدم التزام الوزير به؛ لأن الوزير ملزم عند الاعتراض على رأي المجلس أن يكون اعتراضه مكتوبا ومسببا، وذلك إجراء من شأنه أن يحد من السلطة التقديرية التي لا يصح وصفها في أي موضع أو مقام بالإطلاق؛ لأنها تتقيد دوما بالمصلحة العامة والضمانات التى يقررها القانون لأصحاب الحقوق المستمدة من المراكز القانونية المشروعة.

ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإنه لا يكون هناك محل للعدول عن المبدأ الذي قررته المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) في الطعن رقم 3117 لسنة 41ق. عليا بجلسة 8/12/1998 بوجوب أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة قبل البت في طلب إعادة تعيين الضابط المستقيل المقدرة كفايته بجيد في السنتين الأخيرتين، والمقدم خلال سنة من الاستقالة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالتزام وزير الداخلية بعرض طلب إعادة التعيين المقدم خلال سنة من تاريخ استقالة الضابط المقدرة كفايته بجيد في السنتين الأخيرتين من خدمته على المجلس الأعلى للشرطة لأخذ رأيه، وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة السابعة لتحكم فيه على هذا الأساس.

Comments are closed.

xnxxbf