مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 154 لسنة 34 القضائية (عليا)
مارس 25, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 1499 لسنة 37 القضائية (عليا)
مارس 25, 2020

الطعن رقم 2133 لسنة 36 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 2 من يناير سنة 1997

الطعن رقم 2133 لسنة 36 القضائية (عليا)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د.محمد جودت الملط وحنا ناشد مينا ومحمد يسري زين العابدين ورائد جعفر النفراوي وفاروق علي عبد القادر ومحمد مجدي خليل ومحمد عبد الرحمن سلامة ومنصور حسن علي غربي وعلي عوض محمد صالح والسيد محمد العوضي.

نواب رئيس مجلس الدولة

……………………………………………………………….

المبادئ المستخلصة:

 (أ) دعوى- المقصود بها- الدعوى تعني طلب الحماية القضائية، يلجأ الشخص بمقتضاه إلى القضاء المختص بغية إقرار حق وحماية ما يدعيه من حقوق أو مصالح مشروعة، مادية كانت أو معنوية.

(ب) دعوى- المقصود بالمنازعة الإدارية- هي تلك التي تنشأ نتيجة نشاط وأعمال السلطة الإدارية بوصفها سلطة إدارية، أي بنشاطها في مجال ممارسة وظيفتها الإدارية، إذا ما باشرت بشأن هذا النشاط أسلوب السلطة العامة- المنازعة الإدارية في مفهوم ولاية القضاء الإداري تتعلق بدعوى، لا بأية منازعة أخرى خارج نطاق التداعي تكون جهة الإدارة طرفا فيها.

(ج) دعوى- دعوى تهيئة الدليل (إثبات الحالة)– طبيعتها- هي في حقيقتها دعوى وقائية تستهدف تفادي ضياع دليل الدعوى الموضوعية، وذلك عندما تحدث واقعة يخشى من زوال معالمها أو من تغيير هذه المعالم بمرور الوقت- لا يشترط أن تكون الواقعة المطلوب إثباتها محل نزاع أمام القضاء كطلب موضوعي، بل يكفي في شأنها أن تكون مما يحتمل أن تصبح محلا للنـزاع أمام القضاء، وأنه يخشى ضياع معالم هذه الواقعة إذا انتظر الخصم حتى يعرض النـزاع على الحق أمام القضاء.

(د) دعوى- دعوى تهيئة الدليل (إثبات الحالة) في المنازعات الإدارية- يجوز رفع هذه الدعوى استقلالا كمنازعة إدارية أمام القضاء الإداري دون ارتباطها بطلب موضوعي- الاختصاص عام للقضاء الإداري بالفصل في جميع المنازعات الإدارية- لا يجوز قياس دعوى تهيئة الدليل على طلب وقف التنفيذ غير المقترن بطلب الإلغاء.

  • المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.

الإجراءات

في يوم السبت الموافق 12/5/1990 أودعت هيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2133 لسنة 36 ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات ب) في الدعوى رقم 4242 لسنة 43 ق بجلسة 15/3/1990، الذي قضى بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليندب أحد خبرائه المختصين للاطلاع على ملف الدعوى ومستنداتها والانتقال إلى عقار النزاع الكائن بناحية شارع… وشارع… بمدينة… بالزاوية الحمراء بالقاهرة، وبيان حالة المباني المقامة عليه وحدودها ومعالمها وموقعها من خط التنظيم المعتمد بقرار محافظ القاهرة رقم 1887 لسنة 1971، وطلب الطاعنون في ختام تقرير طعنهم الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وبعدم قبول الدعوى.

وقد تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهما، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون في 3/1/1994، وبجلسة 2/1/1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره جلسة 5/2/1995، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة استنادا إلى أن المحكمة الإدارية العليا قد تواترت في العديد من أحكامها على أن دعوى تهيئة الدليل لا تكون مقبولة إن هي رفعت استقلالا عن المنازعة الإدارية الموضوعية.

ولما كان الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل قضى برفض الدفع بعدم قبول دعوى تهيئة الدليل لعدم اقترانها بالدعوى الموضوعية استنادا إلى أنه مادام صاحب الشأن قد أقام الدعوى الموضوعية أمام المحكمة نفسها فإن دعوى تهيئة الدليل تكون مقبولة، وذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أنها تتجه اتجاها مغايرا لهذا الذي جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بأن دعوى تهيئة الدليل (إثبات الحالة) تعد مقبولة أمام القضاء الإداري مادام أنها كانت من قبيل المنازعات الإدارية ولو أقيمت استقلالا دون أن ترتبط بطلب موضوعي.

وقد تم نظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ على الوجه المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت حجز الطعن للحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.

من حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وجميع الأوراق- في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 4115 لسنة 1988 في 8/1/1988 أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بطلب الحكم بندب خبير من الجدول للانتقال إلى العقار المملوك لهما، المحدد الحدود والمعالم بعريضة الدعوى المشار إليها لإثبات حالته وبيان المباني المقامة على قطعة الأرض وما عليها من منشآت.

وبجلسة 28/4/1989 حكمت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وأبقت الفصل في المصروفات.

وقد ورد ملف الدعوى المشار إليها إلى قلم كتاب محكمة القضاء الإداري، حيث قيدت بجدولها برقم 4242 لسنة 43 ق، وقد دفعت هيئة قضايا الدولة أمام محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لعدم اقترانها بطلب موضوعي، وفي 15/3/1990 صدر الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل حيث تضمن في أسبابه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها استقلالا عن الدعوى الموضوعية.

ومن حيث إن مقطع النزاع في الحالة المعروضة هو بيان مدى جواز قبول دعوى تهيئة الدليل أمام القضاء الإداري إذا أقيمت استقلالا، دون أن ترتبط بطلب موضوعي.

ومن حيث إن سند الطعن الماثل -في ضوء ما ورد بتقرير الطعن- أن الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف حكم القانون، قولا من الطاعنين إن دعوى تهيئة الدليل لا تكون مقبولة إلا من خلال منازعة إدارية مما يدخل في اختصاص القضاء الإداري، ولا تقبل إن هي رفعت استقلالا عن الدعوى الموضوعية بطلب إلغاء القرار الإداري، ومن ثم خلص التقرير إلى القول بأنه كان يتعين الحكم بعدم قبولها. وخلص تقرير الطعن إلى الحكم بالطلبات السابق بيانها.

…………………………………

ومن حيث إن البند (رابع عشر) من المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد تضمن اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في جميع المنازعات الإدارية.

ومن حيث إن المقصود بالمنازعة الإدارية تلك المنازعات التي تنشأ نتيجة نشاط وأعمال السلطة الإدارية بوصفها سلطة إدارية، أي بنشاطها في مجال ممارسة وظيفتها الإدارية إذا ما باشرت بشأن هذا النشاط أسلوب السلطة العامة، والمنازعة الإدارية في مفهوم ولاية القضاء الإداري إنما تتعلق بدعوى لا بأية منازعة أخرى خارج نطاق التداعي تكون جهة الإدارة طرفا فيها، والدعوى تعني طلب الحماية القضائية، يلجأ الشخص بمقتضاه إلى القضاء المختص بغية إقرار حق وحماية ما يدعيه من حقوق أو مصالح مشروعة مادية كانت أو معنوية، وهذا الحق (أي حق التقاضي) هو ما كفله الدستور المصري كشأن غيره من جميع الدساتير الأخرى.

ومن حيث إنه تبعا لذلك، وأمام الاختصاص العام للقضاء الإداري بالفصل في جميع المنازعات الإدارية، فإن دعوى تهيئة الدليل إذا ما تعلقت بقرار أو تصرف إداري مما يخضع لولاية القضاء الإداري فإن هذه الدعوى مما يدخل الفصل فيها في اختصاص القضاء الإداري كدعوى مستقلة حتى ولو لم ترتبط بطلب موضوعي، ويكفي لقبولها وبالنظر إلى طبيعتها ومقصدها المتمثل في تهيئة الدليل في دعوى موضوعية مرفوعة فعلا أو سترفع في المستقبل، وذلك عندما تحدث واقعة يخشى من زوال معالمها أو من تغيير هذه المعالم بمرور الوقت.

ومن ثم فإنه لا يشترط أن تكون الواقعة المطلوب إثباتها باعتبارها منازعة إدارية محل نزاع أمام القضاء كطلب موضوعي، بل يكفي في شأنها أن تكون مما يحتمل أن تصبح محلا للنزاع أمام القضاء الإداري، وأنه يخشى ضياع معالم هذه الواقعة إذا انتظر الخصم حتى يعرض النزاع على الحق أمام القضاء، بحيث تبدو دعوى تهيئة الدليل في حقيقتها دعوى وقائية تستهدف تفادي ضياع دليل الدعوى الموضوعية في المنازعة الإدارية، وهي بهذه المثابة تعد -والحال كذلك- دعوى مستقلة يجوز رفعها استقلالا كمنازعة إدارية أمام القضاء الإداري دون ارتباطها بطلب موضوعي.

وغني عن البيان أنه لا يجوز قياس دعوى تهيئة الدليل التي ترفع استقلالا، على دعوى طلب وقف تنفيذ القرار الإداري الذي لا يقترن بطلب الإلغاء؛ إذ إن المنازعة الإدارية في الحالة الأخيرة تدور حول التضرر من استمرار قرار إداري غير مشروع، فضلا عن أنه لا يتأتى القول بأن وقف تنفيذه يتحقق منه الغاية، أما بالنسبة لدعوى تهيئة الدليل فهي دعوى وقائية -كما أسلفنا- تتحقق بها استقلالا حماية الحق المطلوب حمايته، حتى لو قرر المدعي عدم حاجته بعد صدور الحكم في دعوى تهيئة الدليل لرفع دعوى بأصل الحق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأن دعوى تهيئة الدليل (إثبات الحالة) للمنازعة الإدارية تكون مقبولة أمام القضاء الإداري، ولو أقيمت استقلالا عن هذه المنازعة، وقررت إعادة الطعن للدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

Comments are closed.

xnxxbf