مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 2133 لسنة 36 القضائية (عليا)
مارس 25, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 1328 لسنة 38 القضائية (عليا)
مارس 25, 2020

الطعن رقم 1499 لسنة 37 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 6 من فبراير سنة 1997

الطعن رقم 1499 لسنة 37 القضائية (عليا)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حنا ناشد مينا وفاروق عبد السلام شعت ومحمد يسري زين العابدين ورائد جعفر النفراوي وفاروق علي عبد القادر ومحمد مجدي خليل ود. محمد عبد السلام مخلص ومحمد عبد الرحمن سلامة ومنصور حسن علي غربي والسيد محمد العوضي.

نواب رئيس مجلس الدولة

………………………………………………………………..

المبادئ المستخلصة:

تأديب– الدعوى التأديبية- انقضاؤها- انقضاء الدعوى بوفاة المتهم هو أحد المبادئ العامة للنظام العقابي، سواء في المجال التأديبي أو الجنائي([1])– إذا توفي المتهم قبل أن تصل المنازعة إلى غايتها النهائية فإنه يتعين الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية قبله، أيا كانت مرحلة التقاضي التي وصلت إليها- يستوي في ذلك أن تكون الوفاة بعد رفع الدعوى التأديبية وقبل الحكم فيها، أو بعد صدور الحكم التأديبي وأثناء مرحلة الطعن فيه، وسواء كان الطعن مقاما من النيابة الإدارية أو مقاما من الطاعن الذي توفي أثناء نظر الطعن- لا يُقضى بانقطاع سير الخصومة في هذه الحالة.

– المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950.

الإجراءات

في يوم السبت الموافق 23/3/1991 أودع الأستاذ/… نائبا عن الأستاذ/… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1499 لسنة 37 ق.ع، في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 23/1/1991 في الدعوى رقم 106 لسنة 32 ق الذي قضى: (أولا) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها. و(ثانيا) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر المخالفة الثابتة، وباختصاصها بنظرها. و(ثالثا) بمجازاة… بعقوبة التنبيه.

وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم: (أولا) وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن. (ثانيا) بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا ببراءة الطاعن مما أسند إليه.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

ثم تدوول الطعن أمام الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدمت النيابة الإدارية بجلسة 15/3/1995 حافظة مستندات طويت على كتاب شركة النصر للمرافق والتركيبات التي يعمل بها الطاعن، الذي يفيد انتقاله إلى رحمة الله في 22/8/1992، وأرفقت صورة من قرار إنهاء خدمته اعتبارا من 22/8/1992، وهو تاريخ الوفاة.

وبجلسة 15 من أغسطس سنة 1995 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة؛ لوجود تعارض في الأحكام بالنسبة للأثر المترتب على وفاة الطاعن في الحكم الصادر في الدعوى التأديبية، حيث ذهبت المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2379 لسنة 30 بجلسة 15/4/1989 إلى القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية في هذه الحالة، بينما ذهبت في حكمها الصادر في الطعن رقم 4025 لسنة 33ق بجلسة 18/11/1989 إلى القضاء بانقطاع سير الخصومة لوفاة الطاعن, الأمر الذي يتحقق به موجب الإحالة إلى دائرة توحيد المبادئ, وحددت لنظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ جلسة 5/10/1995، وتأجل نظر الطعن لجلسة 26/12/1995 حتى تفصل دائرة توحيد المبادئ في المسألة القانونية المعروضة عليها.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بانقضاء الدعوى قبل الطاعن الذي صدر حكم بإدانته عن المحكمة التأديبية وتوفي قبل الفصل في طعنه من المحكمة الإدارية العليا.

وقد تم نظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، حيث قررت حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.

من حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وجميع الأوراق- في أنه بتاريخ 30/7/1990 أودعت إدارة الدعوى التأديبية بالنيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا ملف القضية رقم 1249 لسنة 1989 (شركات الإسكان) ومذكرة وتقرير اتهام ضد:… رئيس قطاع الشئون الإدارية بشركة النيل العامة للكباري سابقا، وقطاع الشئون الإدارية بشركة النصر للمرافق والتركيبات بالدرجة العالية وقت إقامة الدعوى التأديبية؛ لأنه خلال سنة 1987 حتى 10/10/1989 بشركة النيل العامة للكباري خرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته، ولم يؤدِّ الواجبات المنوطة به بدقة، وقام بأداء عمل للغير وخالف أحكام القانون، بأن:

1ـ مارس أعمال المحاماة الحرة بالرغم من تعيينه رئيسا لقطاع الشئون الإدارية بشركة النيل العامة للكباري دون الحصول على إذن من السلطة المختصة.

2ـ لم يبلغ نقابة المحامين بنقل اسمه من جدول المشتغلين إلى جدول غير المشتغلين فور تركه العمل بالإدارة القانونية بالشركة طبقا لأحكام القانون، وذلك على النحو الموضح تفصيلا بالأوراق.

وانتهت سلطة الاتهام إلى أن المحال المذكور قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المواد 78/1 و 79/4 و 80 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978.

وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحال المذكور تأديبيا عن المخالفتين المنسوبتين إليه طبقا لنصوص المواد المبينة بتقرير الاتهام.

وبجلسة 23/1/1991 صدر الحكم المطعون فيه الذي قضى: (أولا) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها. (ثانيا) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها بنظرها. (ثالثا) بمجازاة… (الطاعن في الطعن الماثل) بعقوبة التنبيه.

ومن حيث إنه وأثناء نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا تقدمت النيابة الإدارية بحافظة مستندات طويت على القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 22/8/1992 لوفاته إلى رحمة الله.

ومن حيث إن التعارض الذي أشار إليه قرار الدائرة الثالثة بإحالة الطعن الماثل إلى دائرة توحيد المبادئ يتعلق ببيان أثر وفاة الطاعن بعد صدور حكم المحكمة التأديبية وأثناء نظر الطعن المقام بشأنه أمام المحكمة الإدارية العليا، وهل يكون بالحكم في الطعن بانقضاء الدعوى أم يكون بالحكم بانقطاع سير الخصومة؟

ومن حيث إن المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أن: “تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم…” تمثل أحد المبادئ العامة للنظام العقابي، سواء في المجال التأديبي أو الجنائي؛ باعتبار أن هذا النص هو تطبيق لقاعدة مقتضاها أن العقوبة شخصية, ومن ثم لا تجوز المساءلة في المجال العقابي إلا في مواجهة شخص المتهم الذي تطلب جهة الاتهام إنزال العقاب عليه, الأمر الذي يفترض بالضرورة حياة هذا الشخص حتى يسند إليه الاتهام وتستقر مسئوليته الجنائية أو التأديبية بصدور حكم بات في مواجهته, فإذا ما توفي المتهم قبل أن تصل المنازعة إلى غايتها النهائية فإنه يتعين عدم الاستمرار في إجراءات المساءلة أيا كانت مرحلة التقاضي التي وصلت إليها، وذلك من خلال القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية قبله.

ولا مجال في هذا الشأن للمغايرة بين ما إذا كان الطعن في الحكم التأديبي مقاما من النيابة الإدارية وحدثت الوفاة للموظف أثناء نظر الطعن، أو كان الطعن مقاما من الموظف الذي توفي أثناء نظر الطعن؛ إذ يتعين الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية في الحالتين، والقول بأنه في حالة ما إذ كان الحكم في الدعوى التأديبية بالإدانة، ثم طعن الموظف في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالبا الحكم ببراءته، ثم توفي أثناء نظر الطعن، فإن من حق ورثته ومن مصلحتهم من الناحية الأدبية أن يحصلوا على حكم بتبرئة ساحة مورثهم، بحيث يتعين في مثل هذه الحالة الحكم بانقطاع سير الخصومة في الطعن -لا وجه لهذه المغايرة-؛ لما يمكن أن تؤدي إليه من نتائج شاذة؛ إذ إن الاستمرار في نظر الطعن بعد وفاة الطاعن هو قول باستمرار توجيه الاتهام لمتهم توفي، كما أن المحكمة الإدارية العليا قد لا تتصدى بعد استئناف الورثة السير في الطعن لموضوعه إذا ما قررت أن الموضوع غير صالح للفصل فيه، فهل تعيد الدعوى التأديبية للمحكمة المختصة لإعادة محاكمة شخص انتقل إلى رحمة الله؟

من هنا كان القول بضرورة الرجوع إلى الأصل العام الذي من مؤداه اعتبار أن المادة 14 من قانون الإجراءات التي ترتب على وفاة المتهم انقضاء الدعوى الجنائية هو الأوجب في الأخذ به في المساءلة التأديبية في حالة وفاة المتهم، يستوي في ذلك أن تكون الوفاة بعد رفع الدعوى التأديبية وقبل الحكم فيها، أو بعد صدور الحكم التأديبي وأثناء مرحلة الطعن فيه، وسواء كان الطعن مقاما من النيابة الإدارية أو مقاما من الطاعن الذي توفي أثناء نظر الطعن، بحيث يقضى في جميع الأحوال بانقضاء الدعوى التأديبية، وليس بانقطاع سير الخصومة في الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأنه يتعين الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية في حالة وفاة العامل الصادر في شأنه حكم تأديبي أثناء نظر الطعن في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

([1]) يراجع في العلاقة بين القانونين التأديبي والجنائي: المبدآن رقما (9/أ) و (105/أ) في هذه المجموعة.

Comments are closed.

xnxxbf