مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
دائرة توحيد المبادئ –الطعن رقم 686 لسنة 32 القضائية (عليا)
مارس 24, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
دائرة توحيد المبادئ –الطعن رقم 3564 لسنة 32 القضائية (عليا)
مارس 24, 2020

دائرة توحيد المبادئ –الطعن رقم 1460 لسنة 33 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 17 من يونيه سنة 1989

الطعن رقم 1460 لسنة 33 القضائية (عليا)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح السيد بسيوني

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد حامد الجمل وعبد الفتاح إبراهيم صقر ونبيل أحمد سعيد ومحمد المهدي مليحي ومحمد محمود الدكروري وحنا ناشد مينا وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم ويحيى السيد الغطريفي ود.إبراهيم علي حسن.

نواب رئيس مجلس الدولة

…………………………………………………………………

المبادئ المستخلصة:

اختصاص– ما يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية- تختص بنظر طلب إلغاء قرار منح العامل بالقطاع العام إجازة إجبارية مفتوحة- مؤدى كل من الوقف الاحتياطي عن العمل لمصلحة التحقيق والوقف كعقوبة هو إسقاط ولاية الوظيفة مؤقتا عن العامل ومنعه من مباشرة اختصاصاته- يلتقي قرار الوقف جزاء كان أو احتياطيا في هذا بالقرار الذي يصدر بمنح أحد العاملين بالقطاع العام إجازة إجبارية مفتوحة- هذا القرار الأخير يحقق بذاته الأثر القانوني للوقف بما يرتبه من منع العامل مؤقتا من ممارسة اختصاصات وظيفته وإسقاط ولايتها عنه جبرا ودون رضاء منه- يختص القضاء التأديبي دون القضاء العادي بنظر طلب إلغاء ذلك القرار أو التعويض عنه.

  • المادتان 82 و 86 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام، الصادر بالقانون رقم (48) لسنة 1978.

الإجراءات

بتاريخ 22 من مارس سنة 1987 أودع السيد الأستاذ/… المحامي نائبا عن السيد الأستاذ/… بصفته وكيلا عن السيد رئيس مجلس إدارة شركة… المصرية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1460 لسنة 33 ق ضد السيد/… في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 25 من فبراير سنة 1987 في الطعن رقم 31 لسنة 20 ق المقام من المطعون ضده ضد شركة… المصرية، القاضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن، وباختصاصها بنظره، وبقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.

وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن هذا الطلب، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصليا بقبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر دعوى المطعون ضده، واحتياطيا برفض دعواه وإلزامه في الحالتين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 19/6/1988، كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن، انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا، وبرفض طلب وقف التنفيذ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بنظر طعن المطعون ضده وبإحالته إلى محكمة عابدين “الدائرة العمالية”.

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة بتاريخ 3/2/1988، وفي هذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 9/2/1988، وقد تدوول نظر الطعن أمام الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 27/12/1988 إحالة الطعن إلى الهيئة المنصوص عليها في المادة 54 من قانون مجلس الدولة المضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 عملا بما أوجبه نصها. وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بنظر الطعن وإحالته إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية “الدائرة العمالية”. ونظرت هذه المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده كان قد أقام الطعن رقم 31 لسنة 20 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بعريضة أودعها سكرتارية هذه المحكمة بتاريخ 29/7/1986، انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلغاء القرار رقم 289 لسنة 1986 فيما تضمنه من قيام الطاعن بإجازة إجبارية (مفتوحة)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ومنها صرف البدلات والحوافز التي خصمت من مرتبه اعتبارا من 16/6/1986 وإلزام المدعى عليه المصروفات والأتعاب.

وقال شرحا لدعواه إنه يعمل بالشركة المطعون ضدها بدرجة مدير عام، وفوجئ بالقرار رقم 289 لسنة 1986 بمنحه إجازة إجبارية مفتوحة اعتبارا من 16/6/1986 مع خصم بدلاته كاملة، بالإضافة إلى 50% من الحوافز الثابتة، وإن هذا القرار يتضمن جزاء مقنعا بقصد الإضرار به وحرمانه من جزء من مرتبه دون سند من القانون، فضلا عن سلب حقه المشروع في أداء وظيفته، وأضاف الطاعن أنه تظلم من هذا القرار بتاريخ 7/7/1986.

وقد قدمت الشركة المدعى عليها مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام الطاعن المصروفات والأتعاب.

وبجلسة 25/2/1987 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الطعن وباختصاصها بنظره وبقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 الذي يخضع له الطاعن قد خلت من أي تنظيم لأوضاع هذه الإجازة الإجبارية المفتوحة، وأن القرار المطعون فيه يتضمن إبعاد الطاعن عن عمله، ومن ثم فهو بمثابة قرار بوقف الطاعن عن عمله في غير الحالات التي أجازت فيها أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه هذا الوقف، ويكون القضاء التأديبي هو صاحب الاختصاص بالفصل فيه إلغاء وتعويضا، ولما كان القرار المطعون فيه بوصفه قرار وقف عن العمل قد صدر بغير بيان مدة محددة له ودون بيان السبب المبرر له وبغير الغرض الذي شرع من أجله هذا الوقف وهو مصلحة التحقيق، فإن القرار المطعون فيه يكون مشوبا بعيب عدم المشروعية، مما يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

ومن حيث إن مبنى الطعن أن اختصاص القضاء التأديبي على وفق ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا قد ورد محدَّدا استثناء من الولاية العامة للقضاء الإداري في المنازعات الإدارية ومن الولاية العامة للقضاء العادي في المنازعات العمالية، ولما كان الاستثناء يفسر في أضيق الحدود، فإنه يجب الالتزام بالنص وحمله على المعنى الذي قصده المشرع، وهو الجزاءات التي حددتها القوانين واللوائح صراحة على سبيل الحصر، التي يجوز توقيعها على العاملين كعقوبات تأديبية، ولما كان القرار المطعون فيه ليس من الجزاءات التي حددها القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام، فإن القضاء العادي هو الذي يكون مختصا دون غيره بنظر الدعوى بطلب إلغائه، ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه أن القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه لم يتضمن تنظيما لأوضاع الإجازة الإجبارية المفتوحة؛ ذلك أن المستقر عليه فقها وقضاء أن علاقة العاملين بشركات القطاع العام بتلك الشركات هي علاقة عقدية، وبالتالي يتحدد التزام الشركة قبل العامل بأن تؤدي له أجره مقابل ما يؤديه من عمل، ولا تثريب على الشركة إن هي رأت -لاعتبارات تراها- إسقاط التزام العامل نحوها مادام أن التزامها بأداء الأجر يظل قائما ومستمرا.

…………………………………

ومن حيث إنه سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت بجلستها المنعقدة في 24 من فبراير سنة 1979 في الطعنين رقمي 139 لسنة 21 ق، 337 لسنة 21 ق بأن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 لم يخول القائمين على القطاع العام سلطة تنحية العامل عن عمله بمنحه إجازة مفتوحة، وإنما ناط برئيس مجلس الإدارة حق إيقاف العامل عن عمله احتياطيا إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك، ومن ثم فإن القرار الذي يصدر بمنح أحد العاملين بالقطاع العام إجازة مفتوحة لا يعدو والحالة هذه أن يكون قرار وقف احتياطي عن العمل دون اتباع الإجراءات التي رسمها القانون في هذا الشأن، وبهذه المثابة يكون القضاء التأديبي هو صاحب الاختصاص بالفصل في طلب إلغاء ذلك القرار أو التعويض عنه.

بينما ذهبت بجلستها المنعقدة بتاريخ 23 من فبراير سنة 1988 في الطعن رقم 1458 لسنة 33ق إلى أن القرار الصادر بمنح أحد العاملين بالقطاع العام إجازة إجبارية مفتوحة لا يتضمن توقيع عقوبة تأديبية من بين العقوبات المنصوص عليها في المادة 82 من القانون رقم 48 لسنة 1978، ومن ثم لا ينعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر الطعن في هذا القرار، وإنما ينعقد الاختصاص في شأنه للمحاكم العمالية صاحبة الولاية العامة في منازعات العمال.

ومن حيث إنه وإن كان الأصل أن اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية والطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانونا، على وفق نص الفقرة الأخيرة من المادة 15 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، إنما ورد استثناء من الولاية العامة للقضاء الإداري بالنسبة للموظفين العموميين واستثناء من الولاية العامة للقضاء العادي (المحكمة العمالية) بالنسبة للطعون في الجزاءات التي توقع على العاملين بالقطاع العام، مما مقتضاه أن اختصاص المحاكم التأديبية إنما يتحدد بالجزاءات التأديبية التي عينها القانون، لئن كان ذلك كذلك إلا أنه يبقى مع ذلك الخلاف حول ما إذا كان القرار الذي يصدر بمنح العامل بشركة القطاع العام إجازة إجبارية مفتوحة يندرج تحت عموم القرارات التي نص المشرع على اختصاص المحكمة التأديبية بها، أم لا يندرج تحت أي منها، وبذلك يخرج عن ولاية هذه المحكمة.

ومن حيث إن قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 لم يتضمن أي تنظيم لمنح العاملين الخاضعين لأحكامه إجازة إجبارية مفتوحة، وإنما حددت المادة 82 منه الجزاءات التي يجوز توقيعها على العاملين، ومن بينها الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر، كما أن المادة 86 من ذات القانون ناطت برئيس مجلس الإدارة وقف العامل عن عمله احتياطيا إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التي تحددها، ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف الأجر ابتداء من تاريخ الوقف.

ومن حيث إن المستفاد من نصي المادتين 82 و 86 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه أن مؤدى كل من الوقف الاحتياطي عن العمل لمصلحة التحقيق والوقف كعقوبة هو إسقاط ولاية الوظيفة مؤقتا عن العامل ومنعه من مباشرة اختصاصاته، وفي ذلك يلتقي قرار الوقف -جزاء كان أو احتياطيا لمصلحة التحقيق- بالقرار الذي يصدر بمنح أحد العاملين بالقطاع العام إجازة إجبارية مفتوحة، فهذا القرار الأخير يحقق بذاته الأثر القانوني للوقف بما يرتبه من منع العامل مؤقتا من ممارسة اختصاصات وظيفته وإسقاط ولايتها عنه جبرا ودون رضاء منه، كما أنه يكشف بذاته عن قصد جهة العمل في إحداث الأثر القانوني للوقف الذي دل عليه مظهر مادي هو إبعاد العامل عن الوظيفة والنأي به عن النهوض بمقتضياتها.

ومن حيث إنه متى كان ذلك كذلك وكان القرار المطعون فيه فيما قضى به من منح المطعون ضده إجازة إجبارية مفتوحة هو في حقيقته وفحواه قرار بالوقف عن العمل تطابق معه في محله وغايته، فإن للمحكمة لما لها من هيمنة على التكييف القانوني للدعوى على هدي ما تستنبطه من واقع الحال فيها، أن تعطي لهذا القرار وصفه الحق باعتباره قرارا بالوقف عن العمل وتنزل عليه حكم القانون على هذا الأساس، غير مقيدة في ذلك بالمسمى الذي أعطته له جهة الإدارة على خلاف الواقع للنجاة به من رقابة المحكمة التأديبية باعتبارها القاضي الطبيعي لما يثار بشأن هذا القرار من منازعات.

وغني عن البيان أنه لا ينال مما تقدم أن القرار المطعون فيه لم تتوفر في شأنه شروط الوقف عن العمل كما حددها القانون؛ لأن ذلك يحوي سببا لبطلان القرار وعدم مشروعيته، ولا أثر له في حقيقة مضمونه وفحواه.

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قرار الوقف عن العمل هو قرار نهائي لسلطة تأديبية مما تختص به المحكمة التأديبية باعتبارها صاحبة الولاية العامة للفصل في مسائل تأديب العاملين، ومن ثم كان القرار المطعون فيه -وهو على ما سلف إيضاحه قرار بالوقف عن العمل- يختص القضاء التأديبي دون القضاء العادي بنظر طلب إلغائه أو التعويض عنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باختصاص القضاء التأديبي بنظر الطعون في قرارات منح العاملين بالقطاع العام إجازة إجبارية مفتوحة، وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

Comments are closed.

xnxxbf