برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد وعادل محمود زكي فرغلي وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وأبو بكر محمد رضوان سليمان وغبريال جاد عبد الملاك ود.حمدي محمد أمين الوكيل ويحيى أحمد عبد المجيد مصطفى وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إبراهيم محمود علي عطا الله ويحيى خضري نوبي محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
………………………………………………………………..
هيئة النيابة الإدارية– شئون الأعضاء- التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية- السلطة التقديرية للجان المقابلة([1])– التعيين في هذه الوظيفة يتم بمقتضى سلطة تقديرية مقيدة بالمصلحة العامة- لا وجه في هذا الصدد لاستبدال رقابة السبب برقابة التقدير- السبب هنا هو الحالة الواقعية للمتقدم للوظيفة، وهو يندمج في الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة- إذا كانت المهمة التي أسندت إلى اللجنة لم تقترن بمعيار واضح يحدد لها كيفية أداء مهمتها واستخلاص الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة، فإن ذلك لا يعني حتما أنها مارست عملها دون ضوابط أو معايير- لا جدال في أنها استعانت بالعرف العام الذي يحيط تولي الوظائف القضائية بمعايير دقيقة وضوابط قاطعة وصفات سامية- لا يجوز للمحكمة أن تحل نفسها محل اللجنة في إعمال تلك المعايير والضوابط واستخلاص تلك الصفات، فهي نتيجة يأباها التنظيم القضائي، ومبدأ الفصل بين السلطات- إذا أتيحت للمتقدم فرصة مقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص مدى أهليته في تولي الوظيفة القضائية، فإنه لا يكون أمامه إن أراد الطعن في القرار الصادر بتخطيه في التعيين سوى التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة، وعندئذ يقع على عاتقه عبء إثباته.
بتاريخ 28/9/2000 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن، طالبا الحكم له بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 230 الصادر في 14/5/2000 فيما تضمنه من استبعاد الطاعن من التعيين في وظيفة (معاون نيابة إدارية) من دفعات 1990 حتى 1995، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا في الطعن انتهى لأسبابه إلى قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين في وظيفة (معاون نيابة إدارية)، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد نظرت الدائرة الثانية الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 8/12/2002 قررت إحالته إلى الدائرة السابعة للاختصاص، وقد نظرت الدائرة السابعة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 26/1/2003 قررت إحالته إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، واستندت الدائرة في هذا القرار إلى ما تبين لها من وجود تناقض بين أحكام المحكمة الإدارية العليا؛ إذ إنها اتجهت في الطعون أرقام 1215 لسنة 44 ق.ع و 523 لسنة 43ق.ع و4529 لسنة 42ق.ع و157 لسنة 42 ق.ع و157 لسنة 42 ق.ع و1923 لسنة 42 ق.ع و10085 لسنة 46 ق.ع إلى أن التعيين في الوظائف القضائية أمر تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية، وذلك باختيار أفضل العناصر الصالحة لتولي هذه الوظائف بلا معقب من القضاء على قراراتها المحمولة على الصحة والصادرة بلا تعسف، ما لم يثبت من الأوراق أن هذه القرارات شابها عيب إساءة السلطة أو الانحراف بها عن غايتها.
في حين اتجهت المحكمة في الطعن رقم 2707 لسنة 42 ق.ع إلى مناقشة الأسباب التي استندت إليها جهة الإدارة لتبرير تخطيها الطاعن في التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية، وذهبت إلى أن القرار المطعون فيه غير مستخلص استخلاصا سائغا من الأوراق، وأن الطاعن استوفى جميع الشروط والضوابط اللازمة للتعيين، ومن ثَمَّ حكمت بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين.
وقد نظرت هذه الدائرة الطعن بجلسة 8/5/2003، وتداولت نظره بالجلسات، وأثناء المرافعة أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني انتهى لأسبابه إلى ترجيح الاتجاه الذي يرى خضوع سلطة جهة الإدارة التقديرية في التعيين في الوظائف القضائية لرقابة القضاء.
وبجلسة 6/11/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة وإصدار الحكم آخر الجلسة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن المسألة التى تثيرها الإحالة إلى هذه الدائرة في الطعن المعروض تنحصر في الترجيح بين الاتجاه السائد الذي يذهب إلى تمتع جهة الإدارة في التعيين بالوظائف القضائية بسلطة تقديرية لا يحدها سوى استهداف المصلحة العامة، وهو ما يعني قصر رقابة القضاء على ركن الغاية في القرارات الصادرة بالتعيين في تلك الوظائف، فتصبح تلك الرقابة رهينة بإثبات سوء استعمال السلطة، الذي يقع حتما على عاتق الطاعن إعمالا لقرينة الصحة التي تحمل عليها جميع القرارات الإدارية، وبين اتجاه حديث للمحكمة الإدارية العليا بسطت فيه رقابتها على ركن السبب في القرارات المشار إليها، فنظرت في مدى استيفاء الطاعن شروط وضوابط التعيين، ومن ثَمَّ مدت رقابتها إلى سبب القرار ولم تقف عند غايته.
ومن حيث إن الطعن المطروح يتعلق بالتخطي في التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية من دفعات 1990 إلى 1995 بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 230 لسنة 2000، وكان الثابت بالأوراق أن النيابة الإدارية أصدرت في 30/6/1998 القرار رقم 108 لسنة 1998 بتشكيل لجنتين لمقابلة المتقدمين للتعيين بهذه الوظيفة من الدفعات المشار إليها، وذلك للوقوف على مدى توفر الأهلية اللازمة لشغل هذه الوظيفة القضائية في كل منهم، وأن هذا التشكيل ضم رئيس الهيئة وأعضاء وأمين عام المجلس الأعلى للنيابة الإدارية، فإن اجتياز تلك المقابلة يكون شرطا لازما يضاف إلى شروط التعيين المنصوص عليها في القانون، والتي تنحصر في التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية، والحصول على إجازة الحقوق، وعدم صدور أحكام عن المحاكم أو مجالس التأديب في أمر مخل بالشرف ولو تم رد الاعتبار، وحسن السمعة وطيب السيرة، وذلك على وفق نص المادة 38 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 الذي أحالت إليه المادة 38 من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989.
ومن حيث إن قرار تشكيل لجنتي المقابلة المشار إليه رقم 108 لسنة 1998 لم يقيد مهمة اللجنتين في اختيار المتقدمين سوى بمدى توفر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة القضائية المتقدمين إليها، وكانت تلك المهمة لم تتقيد بأي اختبارات سابقة تتعلق بالقدرات والعناصر الدالة على توفر أو عدم توفر تلك الأهلية، كما لم تتقيد بأي ضوابط أخرى؛ فإن سلطتها في الاختيار تكون سلطة تقديرية لا يحدها سوى استهداف المصلحة العامة، وليس من شك في أن القول بغير ذلك إنما يؤدي إلى إهدار كل قيمة لعمل لجان المقابلة، وحلول المحكمة محلها بناءً على ضوابط يضعها القاضي ليحدد على أساسها مدى توفر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة، وتلك نتيجة يأباها التنظيم القضائي، ومبدأ الفصل بين السلطات.
وإذا كانت المهمة التي أسندت إلى اللجنة لم تقترن بطريقة صريحة قاطعة ومعيار واضح يحدد لها كيفية أداء مهمتها واستخلاص الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة، فإن ذلك لا يعني حتما أنها مارست عملها دون ضوابط أو معايير، فلا جدال في أنها استعانت بالعرف العام الذي يحيط تولي الوظائف القضائية والوظائف التي يضفي عليها المشرع تلك الصفة بمعايير دقيقة وضوابط قاطعة وصفات سامية، بيد أنه يبقى من غير المسموح به أن تحل المحكمة نفسها محل اللجنة في إعمال تلك المعايير والضوابط واستخلاص تلك الصفات
كما لا وجه للقول بأن السلطة التقديرية المقررة لتلك اللجنة تعد امتيازا يتعين الحد منه برقابة قضائية حاسمة؛ ذلك لأن ممارسة السلطة التقديرية في مجال التعيين في الوظائف القضائية سيظل على وجه الدوام واجبا يبتغي المصلحة العامة باختيار أكفأ العناصر وأنسبها، وهو أمر سيبقى محاطا بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف المصلحة العامة دون سواها، وذلك بالتمسك بضرورة توفر ضمانات شغل الوظيفة والقدرة على مباشرة مهامها في إرساء العدالة دون ميل أو هوى.
وفضلا عن ذلك فإن تلك السلطة التقديرية هي وحدها التي تقيم الميزان بين حق كل من توفرت فيه الشروط العامة المنصوص عليها في القانون في شغل الوظائف القضائية، وفاعلية مرفق القضاء وحسن تسييره، فلا يتقلد وظائفه إلا من توفرت له الشروط العامة، وحاز بالإضافة إليها الصفات والقدرات الخاصة التي تؤهل لممارسة العمل القضائي على الوجه الأكمل، ومن ثَمَّ فإنه إذا أتيحت للمتقدم فرصة مقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص مدى أهليته في تولي الوظيفة القضائية والمشكَّلة من قمم الجهة التي تقدم لشغل إحدى وظائفها، فإنه لا يكون أمامه إن أراد الطعن في القرار الصادر بتخطيه في التعيين سوى التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة، وعندئذ يقع على عاتقه عبء إثبات هذا العيب، وهو أمر يصعب إثباته في ضوء أوراق الطعن ووقائعه التي تفيد دون جدال أن الإدارة اتخذت موقفا جديا ببحث الطلب المقدم من الطاعن لشغل الوظيفة، فقبلت أوراقه وفحصتها وعرضته على اللجنة لاستخلاص مدى توفر أهلية شغل الوظيفة لديه.
ومن حيث إنه يتعين في هذا المجال التأكيد على أن الطعن الماثل لا يحتمل البحث في قصور الأسباب على الوجه الذي ذهب إليه الطاعن؛ ذلك لأن القواعد القانونية التي تحكم مسلك الإدارة المطعون فيه لم تلزمها بتسبيب قرارها، ولأن الأهلية أو عدمها في تولي الوظائف القضائية إنما هي حالة عامة تستشف إما ببصيرة نافذة لدى مجموعة من المتمرسين عبر لقاء مركز وخلال فترة زمنية محدودة، وإما برقابة تستمر لفترة ليست بالقصيرة يجريها المؤهلون لذلك من المتخصصين، وعليه إن لم تتوفر الوسيلة الثانية لا يصح إهدار الأولى بحجة القصور في الأسباب أو حتى إهمالها، ولا وجه في هذا الصدد لاستبدال رقابة السبب برقابة التقدير؛ لأن السبب هنا وهو الحالة الواقعية للمتقدم للوظيفة يندمج في الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة، وبالتالي يذوب في الفكرة الموضوعية المستهدفة من القرار المطعون فيه، وهي تحقيق المصلحة العامة.
حكمت المحكمة بأن التعيين في وظيفة (معاون نيابة إدارية) يتم بمقتضى سلطة تقديرية مقيدة بالمصلحة العامة، وأمرت بإعادة الطعن للدائرة المختصة.
([1]) قررت دائرة توحيد المبادئ المبدأ نفسه في حكمها في الطعن رقم 5850 لسنة 47 ق ع بجلسة 6/5/2004 (منشور بهذه المجموعة برقم 60/ب)، وفي حكمها في الطعن رقم 12326 لسنة 46ق. عليا بجلسة 11/12/2004 (منشور بهذه المجموعة برقم 62)، وراجع كذلك حكمها في الطعن رقم 27412 لسنة 52 ق ع بجلسة 3/4/2010 (منشور بهذه المجموعة برقم 83/ب).
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |