مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 4453 لسنة 44 القضائية (عليا)
مارس 27, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 2846 لسنة 46 القضائية (عليا)
مارس 27, 2020

الطعن رقم 1012 لسنة 45 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 4 من يوليو سنة 2002

الطعن رقم 1012 لسنة 45 القضائية (عليا)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد أحمد الحسينى عبد المجيد مسلم وعادل محمود زكي فرغلي وإسماعيل صديق محمد راشد وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي ود.فاروق عبد البر السيد إبراهيم وعلي فكري حسن صالح والسيد محمد السيد الطحان وغبريال جاد عبد الملاك ود.حمدى محمد أمين الوكيل ويحيى عبد الرحمن يوسف.

نواب رئيس مجلس الدولة

……………………………………………………………….

المبادئ المستخلصة:

 (أ) قرار إداري– ركن السبب- إعفاء الإدارة من شرط تسبيب قرارها إنما يتعلق بشكل القرار، ولا يعني إعفاءها من أن يكون قرارها قائما على سببه؛ لأن ركن السبب هو أحد أركان القرار الإداري، ويمثل الحالة الواقعية أو القانونية التي استندت إليها الإدارة في إصدار القرار.

(ب) قرار إداري– ركن السبب- لا يكفي في بيان سبب القرار الاستناد إلى عبارات عامة ومرسلة تكشف عن سلطة مطلقة عن أي قيد أو عاصم يحدها، مما يجعل قرار الإدارة بمنأى عن أية رقابة قضائية، بالمخالفة للدستور الذي يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ويفرغ الشروط التي حددها القانون لتدخل الإدارة من محتواها ويجردها من أي معنى.

  • المادة 68 من دستور 1971.

(ج) قرار إداري– قرينة الصحة- إذا كان القانون قد فصَّل الشروط والضوابط والمعايير اللازمة لإصدار قرار إداري، فإن من شأن توفر هذه الشروط والمعايير في حق صاحب الشأن أن تتزحزح قرينة الصحة المفترضة في قيام قرار الإدارة على أسبابه، وأن ينتقل عبء الإثبات فيما قام عليه القرار من أسباب جديدة ومغايرة ليقع على عاتق الإدارة.

(د) أكاديمية الشرطة– كلية الشرطة- شئون الطلاب- شروط القبول- مقومات الهيئة واتزان الشخصية- السلطة التقديرية للجنة القبول- حدودها- يتعين على لجنة قبول الطلاب حال استبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوفر فيهم مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية، أن يكون قرارها بالاستبعاد قائما على أسبابه المبررة، ومستخلصا استخلاصا سائغا من أصول واقعية تبرره وتنتجه قانونا- إذا كان تقدير اللجنة لمدى استيفاء الطالب لمقومات الهيئة واتزان الشخصية هو مما تترخص فيه بما لها من سلطة تقديرية، إلا أن قرارها في هذا الشأن يجب أن يكون قائما على أسباب تبرره صدقا وحقا، وإلا كان مفتقرا لسببه- عبء الإثبات في ذلك يقع على عاتق الجهة الإدارية، ولا يجوز في هذا المقام افتراض قيام القرار على سبب صحيح- لا يكفي في ذلك الاستناد إلى عبارات عامة ومرسلة تكشف عن سلطة مطلقة عن أي قيد أو عاصم يحدها.

  • المواد 7 و 10و 11و 12 من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة.
  • المادتان 1و2 من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة، الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم (864) لسنة 1976، قبل تعديلها بالقرار رقم 14162 لسنة 2001، والقرارات اللاحقة.

الإجراءات

بتاريخ 26/11/1998 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 1012 لسنة 45ق.عليا، ضد المطعون ضده، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد) في الدعوى رقم 1182 لسنة 52ق  بجلسة 29/9/1998، الذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء قرار جهة الإدارة باستبعاد نجله من قائمة المقبولين بكلية الشرطة، وإلزام المطعون ضده المصروفات.

وأعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني مسببا، ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء قرار وزير الداخلية المؤرخ في 12/11/1997 بإعلان نتيجة القبول بكلية الشرطة عام 1997 فيما تضمنه من عدم قبول نجل الطاعن “محمد” بكلية الشرطة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع، وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ونظرا إلى أن للمحكمة قضاء سابقا جرى بأن المشرع قد ناط باللجنة المشكلة على وفق نص المادة 11 استبعاد من اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوفر فيهم مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة، وسلطتها في هذا الشأن مما تترخص في تقديره بلا معقب عليها في ذلك، مادام قد خلا تقديرها من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، فتقدير مدى استيفاء الطالب شروط مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية هو من الأمور التقديرية التي تستقل بها جهة الإدارة، ولم يحدد القانون أي إطار أو ضابط خاص يتعين على اللجنة المشار إليها الالتزام به عند قيامها باستبعاد من ترى عدم توفر المقومات المذكورة سالفا في شأنهم، فيما عدا الضابط العام الذي يحد جميع تصرفات الإدارة، وهو واجب عدم الانحراف بالسلطة.

كما أن اختيار الطالب الذي حصل على مجموع درجات في الثانوية العامة أقل من زميله إنما يكون في المرحلة النهائية التي تلي اجتياز الطالب الاختبارات المقررة، وبعد استبعاد من لا تتوفر في شأنه مقومات الهيئة واتزان الشخصية.

ونظرا إلى أن هناك رأيا يقتضي إعادة النظر فيما جرى به قضاء المحكمة في شأن تقدير اللجنة المشار إليها، مفاده أن مفهوم مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية من العموم بما يجعل سلطة الإدارة مطلقة وليست تقديرية، وهذا المفهوم يقتضي الاستعانة بضوابط وشروط تدل على توفرها أو عدم توفرها في الطالب، وإذا كان القانون قد خلا من المعيار المحدد لمفهوم مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية فكان على اللائحة الداخلية أن تضع من المعايير والضوابط التي تستعين اللجنة المشار إليها بها، شأنها في ذلك شأن الاختبارات الطبية والرياضية والنفسية والقدرات التي تقوم على قواعد وأصول مهنية ثابتة تدل على مدى اجتياز الطالب لها بنجاح من عدمه.

وبناء على ذلك قررت المحكمة بجلسة 20/6/2001 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ لنظره بإحدى الجلسات التى تحددها وتقرير ما تراه فى هذا الشأن.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني مسببا ارتأت فيه العدول عن المبدأ السابق تقريره في هذا الشأن من تمتع لجنة القبول بكلية الشرطة بسلطة تقديرية مطلقة لا يقيدها إلا عيب الانحراف بالسلطة.

وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.

ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1182 لسنة 52ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد المطعون ضده، طالبا في ختامها الحكم بقبولها شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية باعتماد نتيجة المقبولين بكلية الشرطة عام 1997، وفي الموضوع بإلغاء القرار فيما تضمنه من استبعاد نجله من قائمة الطلبة المقبولين بكلية الشرطة عام 1997.

وقال شرحا للدعوى إن نجله حصل على الثانوية العامة 1997 بمجموع 83%، واجتاز جميع الاختبارات، إلا أنه فوجئ عند إعلان نتيجة المقبولين بالكلية باستبعاد نجله، رغم أنه (أي الطاعن) ضابط شرطة أمضى عشرين عاما في خدمة الأمن العام، كما أن نجله حصل على مجموع في الثانوية العامة يفوق كثيرا من المقبولين، ونعى المدعى (الطاعن) على القرار المطعون فيه مخالفته القانون للقصور في التسبيب، كما أنه جاء مشوبا بعيب التعسف في استعمال السلطة التقديرية التي يمنحها القانون لوزير الداخلية. واختتم المدعي (الطاعن) عريضة الدعوى بالطلبات المبينة سالفا.

………………………………

وبجلسة 24/2/1998 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون وإلزام المدعي المصروفات.

وتدوول نظر الشق الموضوعي على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 29/9/1998 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت نصوص المواد 7 و 10 و 11 و12 من القانون رقم 91 لسنة 1975 في شأن أكاديمية الشرطة، والمادتين 1 و 2 من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة على أساس أن المشرع أحاط القبول بكلية الشرطة بضوابط وقواعد وإجراءات لضمان اختيار أفضل العناصر من المتقدمين للالتحاق بها، وفي هذا الصدد خوَّل اللجنة المنصوص عليها فى القانون رقم 91 لسنة 1975 الحق فى استبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوفر فيهم مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة.

وأضافت المحكمة أن تقدير مدى استيفاء الطالب لشرط مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية هو من الأمور التقديرية التي تستقل بها جهة الإدارة، ولم يحدد القانون أي إطار أو ضابط خاص يتعين على اللجنة المشار إليها الالتزام به عند قيامها باستبعاد من ترى عدم توفر مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية في شأنهم، فيما عدا الضابط الذي يحد جميع تصرفات الإدارة، وهو واجب عدم الانحراف بالسلطة.

وقالت المحكمة إن الثابت من الأوراق أن نجل المدعي (الطاعن) لم يرد اسمه ضمن المقبولين بكلية الشرطة لاستبعاده من قبل لجنة قبول الطلاب، وذلك لما ارتأته -بما لها من سلطة تقديرية- من عدم توفر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية في جانبه لدى مثوله أمامها، وأن المدعي (الطاعن) لم يقدم دليلا على أن استبعاد نجله كان لسبب غير ما ذكرته جهة الإدارة، أو يقدم دليلا على انحراف الإدارة بسلطتها في هذا الشأن؛ باعتبار أن هذا العيب من العيوب القصدية التي يجب إقامة الدليل عليها، وقد خلت الأوراق من دليل على أن جهة الإدارة قد تغيت بقرارها خلاف المصلحة العامة، ومن ثم فإن هذا القرار يكون موافقا حكم القانون حصينا من الإلغاء.

………………………………

ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ومخالفة القانون،كما خالف الثابت بالأوراق؛ وذلك لأن نجل الطاعن اجتاز بنجاح جميع الاختبارات الطبية والرياضية والنفسية اللازمة على وفق القانون للالتحاق بكلية الشرطة، ولا يوجد أي غبار على بيئته؛ حيث إنه من وسط اجتماعي ينحدر من رجال الشرطة، وأن قول جهة الإدارة بعدم توفر مقومات الهيئة واتزان الشخصية في نجله جاء تعسفا في استعمال سلطتها التقديرية، وأن الحكم قد أصابه الفساد في الاستدلال حينما ترك العنان لجهة الإدارة في قبول من ترى قبوله ورفض من ترى رفضه؛ حيث إن إقرار جهة الإدارة يخضع لرقابة القضاء، كما أن الحكم أهمل ما قدمه الطاعن من مستندات والتفت عنها، تفيد أن نجل الطاعن تتوفر لديه مقومات الهيئة واتزان الشخصية، ولم تقدم كلية الشرطة مستندات تفيد عكس ذلك، وأن الكلية قبلت طلبة بمجموع أقل وهم في نفس حالة نجل الطاعن من حيث مقومات الهيئة واتزان الشخصية.

وقدمت الجهة الإدارية مذكرتين بدفاعها طلبت فيهما الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات كما قدمت حافظة مستندات، وقدم الطاعن حافظتي مستندات ومذكرتي دفاع صمم فيهما على طلباته.

ومن حيث إن المادة (7) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة تنص على أن: “يختص مجلس إدارة الأكاديمية بما يأتي:1-… 2- وضع نظام قبول الطلاب والدارسين بالأكاديمية، وتحديد أعدادهم…”.

وتنص المادة (10) منه على أنه([1]): “يشترط فيمن يقبل بكلية الشرطة وقسم الضباط المتخصصين:1-… 2-…3-… 4-… 5- أن يكون مستوفيا شروط اللياقة الصحية والبدنية والسن التي يحددها المجلس الأعلى للأكاديمية. 6-… 7- بالنسبة لطلبة كلية الشرطة يختارون من بين المتقدمين من المصريين الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة، مع مراعاة النسبة المئوية لمجموع درجات النجاح، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يقررها المجلس الأعلى للأكاديمية”.

كما أن المادة (11) من القانون نفسه تنص على أن: “تشكل لجنة قبول الطلاب بكلية الشرطة برئاسة رئيس الأكاديمية وعضوية كل من:… ولا تكون قراراتها نافذة إلا بعد اعتمادها من وزير الداخلية”.

وتنص المادة (12) على أن: “يكون قبول الطلاب بكلية الشرطة وقسم الضباط المتخصصين تحت الاختبار ولمدة أربعة أشهر… وتنظم اللائحة الداخلية أوضاع وإجراءات قبول الطلاب ونظام التثبت من الصلاحية”.

وتنص المادة (1) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية (قبل تعديلها بالقرار رقم 14162 لسنة 2001) على أن: “يكون نظام قبول الطلبة الجدد وفقا لما يأتي:

1- قبول الطلبات: يحدد مجلس الأكاديمية سنويا الحد الأدنى للنسبة المئوية لدرجات النجاح في شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة التي لا يجوز أن تقبل أوراق غير الحاصلين عليها، إلا إذا كان عدد الطلبة المتقدمين يقل عن العدد المطلوب… ويشترط فى جميع الأحوال ألا يقل طول قامة الطالب عن… ومتوسط صدر عرض صدره عن… وألا يزيد سنه في أول أكتوبر عن…

2- اللياقة الصحية: يجب أن تقرر الجهة الطبية المختصة استكمال الطالب لشروط اللياقة الصحية للخدمة… ولمدير كلية الشرطة أن يقرر إجراء اختبارات نفسية للطالب عن طريق لجان من الأخصائيين يشكلها لهذا الغرض، وتستعين لجنة قبول الطلاب بنتائج هذه الاختبارات في تقدير اتزان شخصية الطالب.

3 ـــ اللياقة البدنية: يشكل مدير كلية الشرطة لجانا يؤدي الطالب أمامها اختبارات اللياقة البدنية التي يحددها، كما يحدد درجات كل اختبار منها…

4- اختبارات القدرات: يشكل مدير الكلية لجانا يؤدي الطالب أمامها اختبارا لقدراته لبيان مستوى ذكائه وفطنته وسرعة بديهته ودرجة ثقافته ومعلوماته العامة…

5- المفاضلة: تكون المفاضلة بين الطلبة راغبي الالتحاق الذين تتوافر فيهم الشروط السابقة على أساس نسبة مجموع الدرجات الحاصل عليها الطالب في شهادة الثانوية العامة، وفي حالة التساوي يفضل الأصغر سنا. ولا تدخل درجات النجاح فى اللياقة البدنية أو في اختبارات القدرات ضمن عناصر المفاضلة بين المتقدمين”.

كما تنص المادة (2) من اللائحة المذكورة قبل تعديلها بالقرار المشار إليه على أن: “تتولى اللجنة المنصوص عليها فى المادة (11) من القانون رقم 91 لسنة 1975 المشار إليه استبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوافر فيهم مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة، على أن تقوم باختيار العدد المطلوب من الباقين حسب ترتيب الدرجات التي حصلوا عليها في شهادة الثانوية العامة. وينشر قرار اللجنة مرفقا به كشوف أسماء الطلبة المقبولين في لوحة الإعلانات بمقر كلية الشرطة…”.

ومفاد أحكام المواد السابقة أنه لضمان أداء هيئة الشرطة لواجبها في خدمة الشعب وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين والسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات على نحو ما نصت عليه المادة 184 من الدستور؛ فقد حرص المشرع في القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة وفي اللائحة الداخلية للأكاديمية المشار إليهما على وضع الشروط والضوابط والإجراءات التي تكفل انتقاء أفضل العناصر للقبول بكلية الشرطة من بين المتقدمين للالتحاق بها، حيث اشترط في المادة (10) من القانون فيمن يقبل بالكلية أن يكون مصري الجنسية، وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة، وألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وألا يكون قد سبق فصله من خدمة الحكومة بحكم أو بقرار تأديبي نهائي، وأن يكون من الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة على وفق النسبة المئوية لمجموع درجات النجاح التي يقررها المجلس الأعلى للأكاديمية، وألا يكون متزوجا بأجنبية، وأن يكون مستوفيا شروط اللياقة الصحية والبدنية والسن التى يحددها المجلس الأعلى للأكاديمية. وعهد في المادة (12) إلى اللائحة الداخلية بتنظيم أوضاع وإجراءات قبول الطلاب، وشكل في المادة (11) لجنة قبول الطلاب برئاسة رئيس الأكاديمية وعضوية عدد من قيادات هيئة الشرطة.

وقد بينت اللائحة الداخلية نظام القبول بالكلية، سواء من حيث الحد الأدنى لدرجة النجاح في شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة وعدد المقبولين، واللذين يحددهما سنويا مجلس الأكاديمية،كما حددت الحد الأدنى لطول قامة الطالب ومتوسط عرض صدره والحد الأقصى لسن القبول، كما نظمت شروط اللياقة الصحية، وكذا الاختبارات النفسية التي تجريها لجان من الأخصائيين، وتستعين لجنة قبول الطلاب بنتائج هذه الاختبارات في تقدير اتزان شخصية الطالب، ونظمت اللائحة اختبارات اللياقة البدنية، كما نظمت اختبارات القدرات، ويتم فيها الكشف عن قوى وذكاء الطالب وفطنته وسرعة بديهته ودرجة ثقافته ومعلوماته العامة.

وخولت اللائحة في المادة (2) منها لجنة قبول الطلاب المنصوص عليها في المادة (11) من القانون سلطة استبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوفر فيهم مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة، على أن تقوم باختيار العدد المطلوب من الباقين حسب ترتيب الدرجات التي حصلوا عليها في شهادة الثانوية العامة، وفي حالة التساوي يفضل الأصغر سنا.

وإذا كان تقدير اللجنة لمدى استيفاء الطالب مقومات الهيئة واتزان الشخصية هو مما تترخص فيه بما لها من سلطة تقديرية، إلا أن قرارها في هذا الشأن يجب أن يكون قائما على أسباب تبرره صدقا وحقا ومستخلصا استخلاصا سائغا من أصول تنتجه واقعا وقانونا؛ ذلك أنه وخلافا لما جرت به بعض الأحكام (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم3220 لسنة40ق. عليا، بجلسة 13/8/1995 والأحكام المتواترة التي سارت على نهجه) من أن القانون لم يحدد أي إطار أو ضابط خاص يتعين على اللجنة المشار إليها الالتزام به عند قيامها باستبعاد من ترى عدم توفر مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية في شأنهم، فيما عدا الضابط العام الذي يحد جميع تصرفات الإدارة، وهو واجب عدم الانحراف بالسلطة، -خلافا لهذه الأحكام- فإن سلطة اللجنة تجد حدها الطبيعي فيما نص عليه القانون من شروط للقبول وبينت اللائحة الداخلية أوضاعه وإجراءاته على نحو يتناول حالة الطالب من حيث التأهيل العلمي وسنه وطول قامته ومتوسط عرض صدره، ولياقته الصحية عضويةً ونفسيةً، ولياقته البدنية، وأداءه الرياضي، وأخيرا مستوى ذكائه وفطنته وسرعة بديهته وثقافته ومعلوماته العامة، وكل هذه الأمور وضع المشرع معايير وضوابط للتثبت منها، واستبعاد من لا تتوفر فيه النسبة المقررة لاجتيازها، وكثير من هذه العناصر مما يدخل بحسب طبائع الأشياء ضمن مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية، ومن ثم يتعين على لجنة القبول وهي بصدد إعمال سلطتها في استبعاد من لا تتوفر فيه هذه المقومات أن يكون قرارها قائما على أسبابه المستخلصة استخلاصا سائغا ومقبولا من وقائع محددة تنتجها وتبررها واقعا وقانونا، وإلا كان قرارها مفتقرا لسببه.

ولا يكفي في ذلك الاستناد إلى عبارات عامة ومرسلة تكشف عن سلطة مطلقة عن أي قيد أو عاصم يحدها، مما يجعل قرارها بمنأى عن أية رقابة قضائية بالمخالفة لنص المادة 68 من الدستور التي تحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وتفرغ شروط القبول ومعاييره وضوابطه وإجراءاته التي حددها القانون وفصلتها اللائحة الداخلية من محتواها وتجردها من أي معنى، مادام أن اللجنة تستطيع بما لها من سلطة مطلقة استبعاد من توفرت فيه شروط القبول واجتاز جميع الفحوص والاختبارات المقررة، ودون أن تفصح عما استندت إليه في قرارها من أسباب جديدة ومغايرة، على نحو يُمَكن من إعمال الرقابة القضائية في شأنها، ليتبين مدى صحتها من ناحية الواقع والقانون.

ولا محاجة في هذا الشأن في أن المشرع لم يلزم اللجنة بتسبيب قرارها؛ لأن مثل هذا النص يتعلق بشكل القرار، وعدم وجوده لا يعني إعفاء الإدارة من أن يكون قرارها قائما على سببه؛ باعتبار أن ركن السبب هو أحد أركان القرار الإداري، ويمثل الحالة الواقعية أو القانونية التي استندت إليها فى إصدار القرار.

ولا يجوز في هذا المقام افتراض قيام القرار على سبب صحيح؛ لأنه في ضوء ما فصله القانون واللائحة الداخلية من شروط وضوابط ومعايير للقبول يكون من شأن توفر هذه الشروط والمعايير في حق الطالب الماثل أمام اللجنة أن تزحزح قرينة الصحة المفترضة في قيام قرار اللجنة على أسبابه، وتنقل عبء الإثبات فيما قام عليه قرار الاستبعاد من أسباب جديدة ومغايرة على عاتق اللجنة وليس على عاتق الطالب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأنه يتعين على لجنة قبول الطلاب المشكَّلة على وفق المادة (11) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة وهي تمارس سلطتها المقررة في المادة (2) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة باستبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوفر فيهم مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية، أن يكون قرارها بالاستبعاد قائما على أسبابه المبررة ومستخلصا استخلاصا سائغا من أصول واقعية تبرره وتنتجه قانونا، وأن عبء الإثبات في ذلك يقع على عاتق الجهة الإدارية، وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

([1]) قبل تعديلها بموجب القانونين رقمي (153) لسنة 2002، و (155) لسنة 2004.

Comments are closed.

xnxxbf