برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد العظيم محمود سليمان
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضــــــي، ومحمد هشام أحمد الكشكى، ورضا عبد المعطي السيد، وصلاح عز الرجال جيوشي.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) قواعد فقهية– قاعدة “الضرورة تقدر بقدرها”.
(ب) تأمين صحي– علاج منتفعي التأمين الصحي بالخارج- نظم المشرع حالات السفر بغرض العلاج في الخارج، بحيث يقتصر السفر على الحالات القابلة للشفاء، التي يتعذر علاجها داخل الجمهورية، وعلى وفق الإجراءات التي انتظمها قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي- إذا كان السفر لغير غرض العلاج، وحدث المرض أو الإصابة بالخارج كظرف عارض غير متوقع، فإن المريض يكون في حالة ضرورة ملجئة ترفع عنه الالتزام بمراعاة الإجراءات واتباع الخطوات التي حددها القرار المشار إليه- يمكن الاستدلال على الغرض من السفر من أمور كثيرة، منها تأشيرة الدخول للدولة التي تم السفر إليها، كما يمكن التأكد من حالة الضرورة بمراجعة التقارير الطبية للمنتفع بالعلاج بالتأمين الصحي، ومعرفة تاريخه المرضي للتأكد من أن المرض كان مكتشفا قبل السفر، أم أنه فاجأه بالفعل في الخارج.
– المادتان رقما (1) و (10) من قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي رقم (240) لسنة 1979.
(ج) تأمين صحي– علاج منتفعي التأمين الصحي بالخارج- التزام الهيئة العامة للتأمين الصحي برد نفقات العلاج بالخارج في الحالات الطارئة يتعين أن يكون متناسبا مع حالة الضرورة المفاجئة التي داهمت المريض في الخارج، فلا يتجاوز التزامُ الهيئةِ قيمةَ سداد تكاليف ما كان سيصرف للمريض لو كان قد فاجأه المرض داخل الجمهورية، وتقرر علاجه في الداخل بالنسبة للحالات التي يمكن علاجها داخل الجمهورية؛ مراعاةً للمساواة بين المنتفعين بخدمات التأمين الصحي، فلا يمتاز من فاجأه المرض في الخارج عمن فاجأه المرض نفسه في الداخل، مادام أن علاجه في الداخل متاح في هذا الشأن.
– المواد أرقام (74) و(77) و(85) من قانون التأمين الاجتماعي، الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
(د) قرار إداري– ما يعد قرارا إداريا سلبيا- امتناع الهيئة العامة للتأمين الصحي عن رد نفقات علاج منتفعي التأمين الصحي بالخارج في الحالات الطارئة.
(هـ) مسئولية– مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية الصادرة عنها- ركن الضرر- عدم تحديد المدعي عناصرَ الضرر المادي والأدبي يرتب انتفاء مسئولية الإدارة، فلا يكون هناك مجال للحكم بالتعويض.
بتاريخ 17/12/2009 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الحادية عشرة) في الدعوى رقم 21811 لسنة 62ق بجلسة 19/10/2009، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء بطلباته في دعواه، وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات وأتعاب المحاماة.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات، ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى هذه الدائرة، التي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/6/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 25/6/2014، وبهذه الجلسة تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة، فمن ثم يضحى مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر النزاع تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الطاعن قد أقام دعواه أمام محكمة أول درجة طالبا في ختامها: الحكم (أولا) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بعدم صرف تكاليف العلاج، والحكم بصرفها فورا. و(ثانيا) الحكم في الموضوع بإلغاء القرار السلبي المذكور، واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المدعي عليها التعويض عن الأضرار الأدبية والمادية التي أصابت وتصيب الطالب، والتي يقدرها بمليون جنيه، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة.
وذكر شرحا للدعوى أنه كان يعمل طبيبا بمستشفيات الهيئة العامة للتأمين الصحي (المدعى عليها)، وسافر في إبريل 2007 إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة لابنه، وأثناء الزيارة أصيب بذبحة صدرية شديدة فدخل مستشفى (بافلو)، وتم عمل قسطرة استكشافية للقلب، واتضح عدم إمكانية زرع دعامات بالشرايين التاجية لانسداد كامل بها، وقررت المستشفى ضرورة إجراء جراحة عاجلة (قلب مفتوح)، وتم نقله إلى مستشفى (كليفلاند)، حيث تم إجراء الجراحة له دون أن يسدد شيئا للمستشفيين (بافلو وكليفلاند)، وهو الآن ملزم بسداد التكاليف التي بلغت (41000) دولار، أي ما يعادل (240000) جنيه مصري، وحيث إن الهيئة المدعى عليها هي الملتزمة بالسداد؛ لاشتراكه بنظام التأمين الصحي، فقد طالبها بالسداد، إلا أنها امتنعت عن ذلك، وهو ما دعاه إلى اللجوء إلى لجنة فض المنازعات، ثم إلى محكمة أول درجة للقضاء له بالطلبات.
………………………………………………..
وبجلسة 19/10/2009 صدر الحكم المطعون عليه، وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن المدعي أجرى عملية القلب المفتوح بالخارج دون اتباع الإجراءات المقررة قانونا للعلاج خارج البلاد، ومن ثم فإنه عملا بحكم المادة (10) من قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي رقم 240/1979 فإن الهيئة غير ملزمة قانونا بدفع نفقات علاج المدعي بالخارج، واستطردت المحكمة في أسباب حكمها أنه لا ينال من سلامة ما تقدم ما ذكره المدعي من أن المرض فاجأه أثناء وجوده خارج البلاد، وأن العملية كانت ضرورية وعاجلة، إذ إن ذلك ورد قولا مرسلا لاسيما أن عمليات القلب المفتوح أصبحت منتشرة وناجحة وتجرى لآلاف المرضى يوميا داخل البلاد، وليست من الحالات التي يتعذر علاجها داخل البلاد.
………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن الحكم المطعون عليه قضى برفض الدعوى استنادا إلى المادة (10) من القرار رقم 240/1979، في حين أن حالة الطاعن لم تكن تتعلق بحالة مرضية يستعصي علاجها بمصر، وتقتضي العلاج بالخارج، بل إن الحالة كانت مفاجئة، واقتضت العلاج السريع وهو بالخارج بحيث كان التأخير في إجراء الجراحة سيؤدي لا محالة إلى القضاء عليه، ومن ثم يكون الحكم قد طبق القرار في غير موضعه.
………………………………………………..
وحيث إن المادة (47) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم (79) لسنة 1975 وتعديلاته تنص على أنه: “يقصد بالعلاج والرعاية الطبية ما يلي:
4- العلاج والإقامة بالمستشفى أو المصح أو المركز المتخصص.
5- العمليات الجراحية وأنواع العلاج الأخرى حسب ما يلزم. …”.
كما تنص المادة (85) من القانون نفسه على أن: “تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحي علاج المصاب أو المريض ورعايته طبيا إلى أن يشفى أو يثبت عجزه، وللهيئة المختصة الحق في ملاحظة المصاب أو المريض حيثما يجري علاجه، ويقصد بالعلاج والرعاية الطبية ما هو منصوص عليه بالمادة (47)…”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القانون المشار إليه نظم العلاج والرعاية الطبية على وفق نظام التأمين الصحي الذي يفرض على كل منتفع به سداد مبالغ محددة، وفي المقابل التزام الدولة ممثلة في الهيئة العامة للتأمين الصحي بتأمين العلاج والرعاية الطبية للمستفيدين. (يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6841 لسنة 51ق.ع بجلسة 24/2/2007).
وحيث نصت المادة (77) من القانون نفسه المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي على أن: “يوقف سريان أحكام هذا التأمين خلال المدد الآتية:
ومفاد ذلك النص الصريح أن المشرع قضى بوقف سريان التأمين في حالات محددة على سبيل الحصر بنص المادة 77 المبينة سالفا، ومن ثم لا يشمل ذلك ما عداها من حالات، ومنها: المدد التي يقضيها المؤمن عليه خارج البلاد في غير إجازة خاصة أو إعارة أو إجازة دراسية أو بعثة علمية، حيث يظل مشمولا بالتأمين منتفعا بأحكامه خلالها.
وحيث صدر قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي رقم (240) لسنة 1979 منظما علاج منتفعي الهيئة بالخارج، ونص في مادته رقم (1) على أن: “يقتصر علاج منتفعي الهيئة خارج الجمهورية على الحالات القابلة للشفاء، والتي يتعذر علاجها داخل الجمهورية، وتختص إدارات الخدمات الطبية بفروع الهيئة بإعداد التقارير اللازمة عن كل حالة بالاستعانة بالرأي الفني للأطباء المعالجين أو الأخصائيين بالمراكز التخصصية…”.
كما نص في المادة (10) منه على أنه: “لا تلتزم الهيئة بدفع نفقات العلاج في الحالات التي يتم سفرها للعلاج بالخارج بدون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في هذا القرار أو التي تم علاجها بدون تلك الإجراءات…”.
ومفاد ذلك القرار حسب صريح عباراته وواضح معانيه أنه ينظم حالات السفر بغرض العلاج في الخارج، أي أن يكون السفر بغرض العلاج، أما إذا كان السفر لغرض آخر غير العلاج، وحدث المرض أو الإصابة بالخارج كظرف عارض غير متوقع، فإن المريض يكون في حالة ضرورة ملجئة ترفع عنه الالتزام بمراعاة الإجراءات واتباع الخطوات التي حددها القرار المشار إليه، الذي يفترض وجود المريض داخل البلاد، ومن نافلة القول أن معرفة الغرض من السفر يمكن الاستدلال عليه من أمور كثيرة، منها: تأشيرة الدخول للدولة التي تم السفر إليها، كما يمكن التأكد من حالة الضرورة بمراجعة التقارير الطبية، ومعرفة التاريخ المرضي للتأكد من اكتشافه المرض قبل السفر، أم أن المرض فاجأه بالفعل في الخارج.
وحيث إن المقرر فقها وقضاء أن الضرورة تقدر بقدرها، ولما كانت الضرورة هي التي تبرر عدم التزام من فاجأه المرض أثناء وجوده في الخارج بالإجراءات والخطوات التي حددها قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي رقم (240) لسنة 1979 المشار إليه سالفا، إلا أن التزام الهيئة العامة للتأمين الصحي برد نفقات العلاج بالخارج في مثل هذه الحالات يتعين أن يكون متناسبا مع حالة الضرورة المفاجئة التي داهمت المريض في الخارج، فلا يتجاوز التزام الهيئة قيمة ما كان سيصرف للمذكور لو كان قد فاجأه المرض داخل الجمهورية، وتقرر علاجه في الداخل بالنسبة للحالات التي يمكن علاجها داخل الجمهورية مراعاة للمساواة بين المنتفعين بخدمات التأمين الصحي، فلا يمتاز من فاجأه المرض في الخارج عمن فاجأه المرض ذاته في الداخل، مادام أن علاجه في الداخل متاح في هذا الشأن.
وحيث إن الثابت من الأوراق –حيث لم تقدم الهيئة المطعون ضدها ما يخالفها أو تجحد ما ورد بها– أن الطاعن (المدعي أمام أول درجة) هو أحد المنتفعين بالتأمين الصحي، وقد سافر في إبريل 2007 إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة لابنه، وأثناء الزيارة أصيب بذبحة صدرية شديدة فدخل مستشفى (بافلو)، وتم عمل قسطرة استكشافية للقلب، واتضح عدم إمكانية زرع دعامات بالشرايين التاجية لانسداد كامل بها، وأمرت المستشفى بضرورة إجراء جراحة عاجلة (قلب مفتوح)، وتم نقله إلى مستشفى (كليفلاند) حيث تم إجراء الجراحة له، ومن ثم تكون الهيئة المطعون ضدها هي الملتزمة بالسداد بما لا يجاوز تكاليف علاج الحالات المماثلة التي تجرى داخل الجمهورية، ويغدو امتناعها عن ذلك مخالفا لصحيح حكم القانون مما يشكل قرارا سلبيا بالامتناع عن سداد تلك التكاليف، مستوجبا القضاء بإلغاء ذلك القرار، وما يترتب عليه من آثار، وإذ ذهب الحكم الطعين غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفا للقانون، ومن المتعين إلغاؤه، والقضاء مجددا بإلغاء قرار الهيئة المطعون ضدها السلبي بالامتناع عن سداد تكاليف علاج الطاعن (المدعي أمام أول درجة) بمستشفيي (بافلو) و(كليفلاند) بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2007 بما لا يجاوز تكاليف علاج الحالات المماثلة التي تجرى داخل الجمهورية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
– وحيث إنه عن طلب الطاعن (المدعي أمام أول درجة) إلزام الهيئة المطعون ضدها (المدعى عليها) التعويض عن الأضرار الأدبية والمادية التي أصابته والتي يقدرها بمليون جنيه، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر أنه يلزم للحكم بالتعويض توفر الخطأ في جانب جهة الإدارة، والضرر لطالب التعويض، وأن تقوم علاقة سببية بينهما، وحيث إن الطاعن لم يحدد عناصر الضرر (المادي والأدبي) التي ألمت به على وجه التحديد ليتسنى للمحكمة تقدير استحقاقه التعويض من عدمه، وتحديد مقداره حالة الاستحقاق، ومن ثم تقضي المحكمة برفض طلب التعويض.
وحيث إن كلا من الطاعن والمطعون ضده قد أخفقا في بعض طلباتهما، ومن ثم تقضي المحكمة بإلزامهما مناصفة المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء قرار الهيئة المطعون ضدها السلبي بالامتناع عن سداد تكاليف علاج الطاعن (المدعي أمام أول درجة) بمستشفيي (بافلو) و(كليفلاند) بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2007 بما لا يجاوز تكاليف علاج الحالات المماثلة التي تجرى داخل الجمهورية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الطاعن والمطعون ضده (بصفته) المصروفات مناصفة.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |