مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – دعوى البطلان الأصلية المقيدة برقم 35600 لسنة 52 القضائية (عليا)
مايو 22, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعنان رقما 34646 و34790 لسنة 54 القضائية (عليا)
مايو 22, 2021

الدائرة العاشرة – الطعن رقم 20669 لسنة 58 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 10 من يونيه سنة 2015

الطعن رقم 20669 لسنة 58 القضائية (عليا)

(الدائرة العاشرة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد العظيم محمود سليمان

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عطية حمد عيسى عطية، ورضا عبد المعطي السيد، وياسر أحمد محمد يوسف، وكامل محمد فريد شعراوي.

 نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– دفوع في الدعوى- الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها- يجب أن يكون الحكم السابق قطعيا، بأن يكون قد فصل في موضوع النزاع- لا يجوز التمسك بالحجية في المسائل التي لم تنظرها المحكمة فعلا ولم تكن محل مناقشة بين الخصوم، ولم تستقر حقيقتها بينهم استقرارا جامعا مانعا- تطبيق: لا يجوز الدفع بعدم جواز نظر دعوى طلب التعويض عن قرار إزالة، سبق التنازل عنه أثناء الطعن على القرار نفسه في دعوى أخرى؛ لكونه لم يكن محلا للمناقشة بين الخصوم فى تلك الدعوى، ولم تفصل فيه المحكمة قطعيا.

(ب) أملاك الدولة الخاصة والعامة– إزالة التعدي على أملاك الدولة- وضع اليد الذي ينفي صفة التعدي يجب أن يكون مستويا على سند من القانون- قيام مستأجر الأرض الزراعية بإقامة بناء على أرض مخصصة للاستغلال الزراعي وبغير تصريح وموافقة المالك (الجهة الإدارية) يغير من طبيعة العلاقة الإيجارية، ويخرجها عن أحكام السند القانوني (وهو التأجير) إلى وضع قانوني آخر فيه دوام واستقرار- هذا الخطأ من جانب المستأجر يستغرق خطأ جهة الإدارة إن هي لجأت إلى الطريق المقرر بالمادة (970) من القانون المدني لإزالة التعدي؛ لأنها جريمة يصغر أمامها فعل جهة الإدارة، مما يغدو معه طلبه التعويض عن هذا الخطأ غير قائم على سند([1]).

– المادة (970) من القانون المدني.

(ج) أملاك الدولة الخاصة والعامة إزالة التعدي على أملاك الدولة- صدور حكم عن المحكمة الإدارية العليا برفض طلب التعويض عن قرارِ إزالةِ تعدٍّ بالبناء على أملاك الدولة ثبت عدم مشروعيته، لا يمس بحجية الحكم الصادر بعدم مشروعية ذلك القرار؛ لكونه لم ينف قيام واقعة التعدي بالبناء على أملاك الدولة.

(د) مسئولية مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة عنها، هو وجود خطأ في جانبها، بأن يكون القرار غير مشروع لعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها بقانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر من جراء ذلك، وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر- ليس هناك تلازم بين ثبوت عدم مشروعية القرار الإداري وتحقق ركن الخطأ الموجب للتعويض- ما قد يشوب القرار الإداري من عيب عدم الاختصاص أو الشكل ويجعله قرارا غير مشروع لا يصلح حتما وبالضرورة أساسا للتعويض، ما لم يكن هذا العيب مؤثرا في موضوع القرار- يتعين الوقوف على طبيعة الخطأ الذي يرتب مسئولية الإدارة عن قراراتها، فالخطأ في السلوك الإداري هو وحده الذي يرتب المسئولية.

(هـ) تعويض– القضاء بالتعويض ليس من مستلزمات القضاء بالإلغاء- إلغاء القرار لعيب موضوعي ليس من مستلزماته القضاء بالتعويض، فقد يكون في مجرد إلغاء القرار خير تعويض للأضرار المادية والأدبية.

(و) مسئولية– مناط قيام مسئولية الإدارة عن قراراتها غير المشروعة– ركن علاقة السببية بين الخطأ والضرر– مفاده أن يكون خطأ الإدارة هو الذي أدى إلى وجود الضرر– إذا استغرق خطأ الغير خطأ الجهة الادارية فلا تعد علاقة السببية قائمة، ولا يكون هناك مجال للحكم بالتعويض.

الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 6/6/2012 أودع الأستاذ/… بصفته وكيلا عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم (20669) لسنة 58 القضائية (عليا)، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية (الدائرة الأولى) بجلسة 28/4/2012 في الدعوى رقم 9996 لسنة 14ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعين المصروفات.

وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلزام الجهة الإدارية أن تدفع لكل منهم التعويض الذي تراه المحكمة عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتهم من جراء خطأ الجهة الإدارية المتمثل في إصدارها قرار الإزالة الجديد رقم (36) لسنة 2008 حي ثالث، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.

وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للطاعنين التعويض الذي تقدره المحكمة، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الثالثة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حتى قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع)، حيث تدوول نظره أمامها بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حتى قررت بجلسة 23/12/2014 إحالة الطعن إلى الدائرة العاشرة (موضوع) للاختصاص، حيث تدوول نظره أمامها بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 25/3/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/5/2015، وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية والإجرائية، لذلك فهو مقبول شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعنين (المدعين أصلا) سبق أن أقاموا الدعوى رقم (9996) لسنة 14 ق أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 1/4/2009، بإلزام المطعون ضدهم (المدعى عليهم أصلا) أن يدفعوا مبلغ مئة ألف جنيه تعويضا ماديا يوزع بينهم بالتساوي، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وذكروا شرحا لدعواهم أن كلا منهم يشغل قطعة أرض مغروسة بأشجار مثمرة يتوسطها منزل لكل منهم بناحية حرم السكة الحديد بشرق الشيخ زايد بمدينة الإسماعيلية، وذلك بموجب عقود إيجار صادرة لهم عن المالك السابق (هيئة السكك الحديدية)، التي انتقل جزء من أملاكها إلى محافظة الإسماعيلية (المالك الحالي) محملة بما عليها من مستأجرين، وقد تقدموا بطلبات إلى محافظة الإسماعيلية لتمليكهم الأرض بنظام وضع اليد، فأحيلت طلباتهم إلى لجنة التثمين بالمحافظة، إلا أنهم فوجئوا بتنفيذ قرار الإزالة رقم (387) لسنة 1999 السابق صدوره بهدم منازلهم، والذي تم إلغاؤه والتعويض عنه بموجب الحكم الصادر في الدعوى أرقام 2997 لسنة 5ق وفي الدعوى رقم 3246 لسنة 6ق، ثم عاودوا تجديد طلبهم للمحافظة بتملكهم تلك الأراضي دون جدوى.

وأضافوا أنهم أقاموا الدعوى رقم 110 لسنة 11ق أمام محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تمليكهم الأرض محل الدعوى، واستصدروا لمصلحتهم حكما بإلغاء ذلك القرار، ثم فوجئوا بعد ذلك بصدور قرار الإزالة رقم (36) لسنة 2008 بإزالة المنشآت والمباني على الأرض وضع أيديهم (والتي أقاموها بعد تنفيذ الجهة الإدارية لقرار الإزالة الأول)، فطعنوا عليه بالدعوى رقم 9990 لسنة 13ق بطلب إلغائه والتعويض عنه، ثم تنازلوا عن طلب التعويض أثناء سير الدعوى، وقضت المحكمة برفض الدعوى، فطعنوا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، والتي قضت بجلسة 25/5/2010 بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار المطعون فيه رقم (36) لسنة 2008، ثم أقاموا الدعوى رقم 9996 لسنة 14ق (محل الطعن الماثل) أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية، مطالبين المدعى عليهم بصفاتهم بأن يدفعوا لهم مبلغ مئة ألف جنيه تعويضا ماديا يوزع بينهم بالتساوي، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

………………………………………………….

وبجلسة 28/4/2012 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى، مؤسسة قضاءها على أن صدور حكم عن المحكمة الإدارية العليا بإلغاء قرار الإزالة رقم (36) لسنة 2008 لصدوره مشوبا بعيب عدم الاختصاص لا يصلح سببا للحكم بالتعويض في هذه الحالة؛ لكونه لم يؤثر في موضوع القرار، والذي كان مضمونه إزالة الأعمال المخالفة من وجهة نظر الجهة الإدارية.

كما أنه لا يجوز تذرع المدعين في طلبهم التعويض بأنهم أقاموا مبانيهم على أرض مؤجرة لهم من محافظة الإسماعيلية ضمنيا بعد سماحها لهم بالاستمرار فيها بعد انتقال ملكيتها من هيئة السكك الحديدية إلى محافظة الإسماعيلية؛ حيث إن جهة الإدارة وإن كانت قد أخطأت باستصدارها قرارا إداريا عن غير مختص، إلا أن ذلك لا ينفي وقوع فعل التعدي منهم (المدعين أصلا) على الأرض المشار إليها؛ لكون فعل التعدي قد وقع أثناء وضع أيديهم على هذه المساحة قبل تملكها (أي وهي مازالت مملوكة للدولة) لأن الحكم الصادر بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تمليكهم الأرض صدر بتاريخ 26/2/2008، والقرار الصادر بإزالة التعدي رقم (36) لسنة 2008 صدر في 3/3/2008، أي قبل أن يتم تمليك الأرض المشار إليها للمدعين، ومن ثم يكون البناء محل قرار الإزالة قد أقيم على أرض مملوكة للدولة، وهو ما يشكل خطأ مشتركا بين الجهة الإدارية في إصدار قرار عن غير مختص، والمدعين في البناء على أرض ملك الدولة، وقد استغرق خطأ المدعين خطأ الجهة الإدارية، وهو ما ينتفي معه ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية كأحد أركان طلب التعويض وتكون الدعوى غير قائمة على سند من القانون حرية بالرفض.

………………………………………………….

وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لسببين: (أولهما) أن الحكم استند في قضائه برفض طلب التعويض إلى ما شاب القرار من عيب شكلي لصدوره عن غير مختص بإصداره، وهو مبدأ طبقته المحكمة الإدارية العليا في منازعة وظيفية تتعلق بالطعن على قرار إنهاء خدمة للانقطاع عن العمل، ولا يصح تطبيقه على منازعة تتعلق بقرار إزالة تعدي على أملاك الدولة، و(ثانيهما) أن الأرض محل النزاع كانت مؤجرة لهم بقصد الزراعة، فكان يتعين على الجهة الإدارية أن تلجأ إلى القضاء المدني لإنهاء العلاقة الإيجارية لإخلالهم بشروط عقد الإيجار قبل أن تلجأ الى إعمال سلطتها في استخدام نص المادة (970) من القانون المدني، وحيث إن المباني محل قرار الإزالة رقم (36) لسنة 2008 قد أقيمت بعد تنفيذ قرار الإزالة الأول رقم (387) لسنة 1999، الذي قضي بإلغائه والتعويض عنه، وذلك تحت سمع وبصر ومعاينة الجهة الإدارية، وهو ما أخذت به المحكمة الإدارية العليا حال نظرها الطعن المقام على الحكم الصادر في الدعوى رقم (110) لسنة 13 ق المقامة طعنا على قرار الإزالة رقم (36) لسنة 2008، واختتم الطاعنون تقرير الطعن بطلباتهم سالفة البيان.

………………………………………………….

وحيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية المطعون ضدها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 9990 لسنة 13ق، والمؤيد بالحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 19596 لسنة 55 القضائية عليا، حيث سبق للطاعنين أن أقاموا الدعوى رقم 9990 لسنة 13ق بطلبهم إلغاء قرار الإزالة رقم 36 لسنة 2008 والتعويض عنه، ثم تنازلوا عن طلب التعويض أثناء سير الدعوى بموجب مذكرة دفاع أودعها الحاضر عنهم بجلسة 27/1/2009، وبجلسة 28/4/2009 قضت المحكمة برفض الدعوى، فطعنوا على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي قضت بجلسة 25/5/2010 بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار المطعون فيه رقم (36) لسنة 2008.

وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن حجية الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتتعلق بنفس الحق محلا وسببا، وأن تلك الحجية لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق بأسبابه إلا إذا ارتبطت بالمنطوق ارتباطا لا يقبل التجزئة؛ بحيث لا يقوم المنطوق إلا بها، كما يجب أن يكون الحكم السابق قطعيا بأن يكون قد فصل في موضوع النزاع، وعلى ذلك فإن المسألة التي لم تنظرها المحكمة فعلا ولم تكن محلا للمناقشة بين الخصوم ولم تستقر حقيقتها بينهم استقرارا جامعا مانعا، لا يمكن أن تكون موضوعا لحكم حائز لقوة الأمر المقضي به، ولا يجوز الدفع في شأنها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.

وحيث إنه وبإنزال ما تقدم على واقعة النزاع، فإنه وإن كان الخصوم والسبب قد اتحدا في الدعوى رقم 9990 لسنة 13 ق، والدعوى رقم 9996 لسنة 14ق (محل الطعن الماثل)، إلا أنهما اختلفا في المحل؛ إذ إن الطاعنين قد قصروا طلباتهم في الدعوى الأولى على طلب إلغاء قرار الإزالة رقم (36) لسنة 2008 دون التعويض عنه، بعد أن أثبتوا تنازلهم عن طلب التعويض بجلسة 27/1/2009 أثناء سير الدعوى، في حين يطالبون في الدعوى الثانية (محل الطعن الماثل) بالتعويض عن قرار الإزالة الطعين، ولما كانت المحكمة في الدعوى الأولى لم تفصل في طلب التعويض، واكتفت بإثبات تنازلهم عنه في إجراءات حكمها، ومن ثم لم يكن محلا للمناقشة بين الخصوم، ولم تستقر حقيقته بينهم استقرارا جامعا مانعا، وهو ما لا يمكن معه أن يكون طلب التعويض (محل الطعن الماثل) موضوعا لحكم حائز لقوة الأمر المقضي به، ولا يجوز الدفع في شأنه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.

وحيث إنه عن موضوع الطعن، فقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة عنها هو وجود خطأ في جانبها، بأن يكون القرار غير مشروع لعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها بقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر من جراء ذلك، وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر، إلا أنه ولئن كان صدور القرار الإداري مشوبا بعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة يفقده المشروعية، إلا أن ذلك لا يعني حتما تحقق ركن الخطأ الموجب للتعويض، فليس هناك تلازم بين ثبوت عدم مشروعية القرار الإداري وتحقق ركن الخطأ الموجب للتعويض، فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن ما قد يشوب القرار الإداري من عيب عدم الاختصاص أو الشكل ويجعله قرارا غير مشروع لا يصلح حتما وبالضرورة أساسا للتعويض ما لم يكن هذا العيب مؤثرا في موضوع القرار، فإذا كان القرار سليما في مضمونه محمولا على أسبابه فلا يكون هناك وجه للحكم بالتعويض عن هذا القرار إذا كان مشوبا بعيب في الشكل أو الاختصاص، باعتبار أنه كان سيصدر حتما وبذات المضمون لو أن الجهة الإدارية قد راعت قواعد الاختصاص والشكل، ولذلك فإنه يتعين الوقوف على طبيعة الخطأ الذي يرتب مسئولية الإدارة عن قراراتها، فالخطأ في السلوك الإداري هو وحده الذي يرتب المسئولية. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8296 لسنة 44 ق .ع بجلسة 27/3/2005).

كما جرى قضاؤها أيضا على أن إلغاء القرار الإداري لعيب موضوعي ليس من مستلزماته القضاء بالتعويض، فقد يكون إلغاء القرار خير جابر للأضرار المادية والأدبية.

وحيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قد استصدروا لمصلحتهم حكما عن المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 19596 لسنة 55 ق. عليا بإلغاء قرار الإزالة رقم (36) لسنة 2008 بإزالة التعديات الواقعة منهم على أملاك الدولة، ويستندون إلى أسبابه في طلبهم التعويض بالإضافة إلى الأسباب الواردة بتقرير طعنهم، وقد استندت المحكمة في إلغائها لهذا القرار إلى سببين: (أولهما) لصدوره عن غير مختص بإصداره، (وثانيهما) أن وضع يد الطاعنين على الأرض محل النزاع بمقتضى عقود إيجار ينفي فعل التعدي أو الغصب المبرر لاستخدام الجهة الإدارية لسلطتها الاستثنائية في الإزالة بالطريق الإداري، وقد أضاف الطاعنون إلى هذا السبب أنه كان يجب على الجهة الإدارية أن تلجأ إلى القضاء المدني لإنهاء العلاقة الإيجارية لإخلالهم بشروط عقد الإيجار.

– وحيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن، ولما كان من المقرر أن ما قد يشوب القرار الإداري من عيب عدم الاختصاص أو الشكل ويجعله قرارا غير مشروع لا يصلح حتما وبالضرورة أساسا للتعويض ما لم يكن هذا العيب مؤثرا في موضوع القرار، ولما كان مضمون القرار المشار إليه هو إزالة المباني المخالفة التي أقامها الطاعنون على أرض ملك الدولة كانت مخصصة للاستغلال الزراعي فقط، فإن صدوره عن غير مختص بإصداره لا يؤثر في حد ذاته في مضمونه لو كانت قد روعيت قواعد الاختصاص، ومن ثم فإن هذا العيب لا يصلح بذاته مبررا لطلب التعويض.

– أما من حيث ما يتذرع به الطاعنون في السبب الثاني من أسباب طلبهم التعويض بأنهم كانت تربطهم علاقة تعاقدية مع الجهة الإدارية تنفي عنهم صفة التعدي على أملاك الدولة، وكان يتعين عليها أن تلجأ إلى القضاء المدني لإنهاء العلاقة الإيجارية لإخلالهم بشروط عقد الإيجار؛ فإن جهة الإدارة وإن كانت قد أخطأت باستصدارها قرارا عن غير مختص بإزالة الأعمال المخالفة، إلا أن ذلك لا ينفي قيامهم بالبناء على أملاك الدولة ببناء المنشآت محل قرار الإزالة على أرض كانت مخصصة للاستغلال الزراعي فقط على وفق ما أقر به الطاعنون بتقرير طعنهم، فالبناء على أرض ليست مملوكة للطاعنين وبغير تصريح وموافقة المالك (الجهة الإدارية) يغير من طبيعة العلاقة الإيجارية ويخرجها عن أحكام السند القانوني (وهو التأجير) إلى وضع قانوني آخر فيه دوام واستقرار، فضلا عن أن الأمر في هذه الحالة يعني تشجيع المخالف على تجاوز حدود العلاقة مع الجهة المالكة، وعلى هذا النحو فقد استغرق خطأ الطاعنين بالبناء على ملك الدولة خطأ الجهة الإدارية؛ لأنه جريمة يصغر أمامها فعل جهة الإدارة المطعون ضدها، وهو ما يغدو معه طلب الطاعنين إلزام الجهة الإدارية أن تؤدي إليهم تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتهم غير قائم على ما يبرره من الواقع أو القانون.

ولا محاجة للقول إن في هذا القضاء مساسا بحجية الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا القاضي بإلغاء القرار محل طلب التعويض عنه؛ لأن هذا الحكم استند في أسباب قضائه إلى أن وجود علاقة إيجارية بين الطاعنين والجهة الإدارية ينفي الاعتداء أو الغصب المبرر لاستخدام الجهة الإدارية لسلطاتها المقررة بنص المادة (970) مدني في إزالة التعدي؛ باعتباره طريقا استثنائيا، ومؤدى ذلك القضاء وغايته هي تقرير عدم مشروعية اللجوء إلى هذه الوسيلة التي استخدمتها الجهة الإدارية لإزالة أعمال البناء المخالفة؛ لعدم وجود مقتضياتها بتحقق وجود علاقة إيجارية، ولكنه لم ينفِ بأي حال من الأحوال واقعة قيام الطاعنين بالبناء على أرض ملك الدولة كانت مخصصة للاستغلال الزراعي فقط، وهو ما أقر به الطاعنون بتقرير طعنهم، علاوة على ذلك فإنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن إلغاء القرار لعيب موضوعي ليس من مستلزماته القضاء بالتعويض، فقد يكون في مجرد إلغاء القرار خير تعويض للأضرار المادية والأدبية، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب التعويض، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فيما قضى به، وهو ما يتعين معه القضاء برفض الطعن.

وحيث إن من أصابه الخسر في الطعن يتحمل مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعنين المصروفات.

(1) يراجع ما قررته المحكمة الإدارية العليا من أن قيام مستأجر الأرض الزراعية باقامة بناء عليها لا يسوغ للجهة الإدارية استخدام سلطتها المخولة لها بموجب المادة (970) من القانون المدني، بل يسوغ لها أن تلجأ إلى القاضي المختص للفصل في إخلال المتعاقد معها بشروط الايجار، خاصة أن لها أن تنهي العلاقة الإيجارية لمخالفة المستأجر شروط عقد الإيجار، فمستأجر الأرض في هذه الحالة ليس مغتصبا لها أو متعديا عليها دون وجه حق (حكمها في الطعن رقم 3390 لسنة 37 ق.ع بجلسة 26/1/1997، منشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في السنة 42/1 مكتب فني، مبدأ رقم 49 ص 489).

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV