برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد العظيم محمود سليمان
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ رضا عبد المعطي السيد، وصلاح عز الرجال جيوشي بدوي، وياسر أحمد محمد يوسف، وصلاح محمود توفيق محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
المبادئ المستخلصة:
ترميم الآثار وإخلاؤها– اعتبر المشرع جميع الآثار من الأموال العامة، عدا ما كان منها وقفا، وبسط حمايته على تلك الأموال باعتبارها من الآثار، وذلك بأن حظر تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها قانونا- رتب المشرع على تسجيل الأثر واجبات يتعين أن يلتزم بها مالك الأثر وحائزه، ومنها عدم جواز تجديد أو تغيير معالم الأثر على أي وجه إلا بترخيص في ذلك، وجعل لهيئة الآثار المصرية (المجلس الأعلى للآثار فيما بعد) الحق في أن تباشر في أي وقت على نفقتها ما تراه من الأعمال لازما لصيانة الأثر، بما في ذلك أعمال الترميم اللازمة، كما جعل لها الحق في إخلاء الأثر كلما رأت ضرورة لذلك مقابل تعويض عادل، وخصها وحدها بأعمال الصيانة والترميم اللازمة للأثر، على أن تتحمل كل من وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية وهيئة الأوقاف القبطية نفقات ترميم وصيانة العقارات الأثرية والتاريخية التابعة لها، كما تتحمل الهيئة نفقات ترميم المباني التاريخية المسجلة التي في حيازة الأفراد والهيئات الأخرى، ما لم يكن سبب الترميم قد نشأ عن سوء استعمال من الحائز، فعندئذ يتحمل هو قيمة مصاريف الترميم، ولها حالتئذ إلزامه تحت إشرافها ترميم وصيانة الأثر، دون حاجة إلى إخلائه منه- قرار الهيئة بإخلاء الأثر إخلاء مؤقتا بدعوى ترميمه، دون تحديد مدة محددة لهذا الإخلاء، يكون مخالفا للقانون، فالإخلاء يكون حال وجود ضرورة لذلك، ومقابل تعويض عادل.
– المواد (5) و(6) و(12) و(13) و(15) و(30) و(51) من قانون حماية الآثار، الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983، قبل تعديله بموجب القانون رقم 3 لسنة 2010.
في يوم الخميس الموافق 19/5/2005 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض، وكيلا عن الطاعن (وزير الثقافة بصفته رئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار) قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة) بجلسة 22/3/2005 في الدعويين رقمي 1902 لسنة 56ق و6394 لسنة 57ق، الذي قضى بقبول الدعويين شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعويين إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلب الطاعن بصفته -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي (بصفة أصلية) بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعويين الأصليتين، و(احتياطيا) بإحالة الطعن إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المتخصصين لمعاينة موقع التعدي، ووضع تقريره عن حالة السبيل المعمارية، ومدى ما يحتاجه من ترميم وصيانة وتنكيس، وعما إذا كان هناك خطر محدق بالأثر من عدمه (المسجل تحت رقم 347 آثار قبطية)، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 20/4/2011 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع) بالمحكمة، حيث نظر الطعن أمامها، وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 21/10/2014 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة العاشرة (موضوع) بالمحكمة للاختصاص، وبجلسة 11/11/2015 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 27/1/2016، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، فإنه إذ تهيأ الطعن للحكم في موضوعه، فإن ذلك يغني (بحسب الأصل) عن التعرض لبحث ذلك الطلب.
وحيث إنه عن موضوع الطعن، فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 6/2/2001 أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 1902 لسنة 56ق أمام محكمة القضاء الإداري، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 2185 الصادر في 18/9/2001 الصادر عن المجلس الأعلى للآثار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، على سند من القول إنه بتاريخ 6/2/2001 صدر حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الأفراد ج) في الدعوى رقم 10964 لسنة 54ق المقامة منه، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 1276 لسنة 2000 الصادر عن المجلس الأعلى للآثار بطرد وإخلاء وإزالة التعديات والإشغالات الواقعة على سبيل مصطفى جورجي مرزا، (الأثر القبطي رقم 347 الكائن بشارع عش النخلة)، الواقعة من ورثة/…، ولما كان الحكم المذكور مذيلا بالصيغة التنفيذية، وعند شروع المدعي في تنفيذ هذا الحكم تعرضت له هيئة الآثار لعدم تنفيذ هذا الحكم بطردها التلاميذ من مكتب التحفيظ، وبعد أكثر من ستة أشهر على هذا الحكم وضع المجلس عقبة مادية حتى لا يتمكن من الاستمرار في تنفيذ هذا الحكم، فأصدر القرار المطعون فيه، الذي قرر تصحيح القرار رقم 1276 لسنة 2000، وذلك ليصبح الإخلاء إخلاء مؤقتا، وينعى المدعي على هذا القرار صدوره مجحفا بحقوقه؛ لكونه مجرد عقبة مادية لعدم الاستمرار في تنفيذ حكم قضائي، وبطلانه لعدم التسبيب، وصدوره مشوبا بالتعسف في استخدام السلطة، علاوة على مخالفته لحجية الشيء المقضي فيه، حيث صدر حكم لمصلحته في الدعوى رقم 4175 لسنة 1979 مدني كلي شمال القاهرة في 29/12/1986 بمنع تعرض هيئة الآثار له، ولوضع يده وانتفاعه بالعين محل الدعوى، وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بطلباته المبينة سلفا.
ومن ناحية أخرى فإنه بتاريخ 1/11/2001 أقام المدعي الدعوى رقم 6394 لسنة 57ق بصحيفة أودعت ابتداء قلم كتاب محكمة بولاق الجزئية، حيث قيدت بجدولها العام برقم 146 لسنة 2001 إشكالات تنفيذ بولاق، طالبا في ختامها الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 10964 لسنة 54ق، والحكم بعدم الاعتداد بالقرار الإداري رقم (2185) الصادر عن المجلس الأعلى للآثار بتاريخ 18/9/2001، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبجلسة 6/4/2002 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها، وأبقت الفصل في المصروفات، حيث وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة) وقيدت بجدولها العام برقم 6394 لسنة 57ق، وبجلسة 25/1/2015 قررت المحكمة ضم هذه الدعوى إلى الدعوى رقم 1902 لسنة 56ق لارتباطهما وليصدر فيهما حكم واحد.
……………………………………………………..
وبجلسة 18/3/2003 صدر الحكم المطعون فيه، وشيدت محكمة أول درجة قضاءها -بعد أن استعرضت بعض نصوص قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983- على أن البادي من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى، أن العقار محل الدعوى الماثلة مملوك لهيئة الأوقاف المصرية، ويقوم المدعي ضمن ورثة والده باستغلال هذا الأثر ككُتاب لتحفيظ القرآن الكريم امتدادا للعقد المبرم بين مورثه وهيئة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف مصطفى جورجي مرزا المؤرخ فى 1/1/1936 كعقد عارية، وقضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 1239 لسنة 1962 مدني كلي مصر في 5/12/1962 بتكييفه على أنه عقد إيجار بمقابل انتفاع، وقضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 4175 لسنة 1979 في 29/12/1986 مدني كلي شمال القاهرة بمنع تعرض كل من هيئة الآثار المصرية و… لمورث المدعي في حيازة هذا الأثر، ومن ثم يظهر أن المدعي حائز للأثر محل الدعوى حيازة قانونية هادئة ومستقرة بموجب عقد إيجار من هيئة الأوقاف المصرية، ويقوم باستغلاله كمدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، مما تكون معه سلطة هيئة الآثار مقتصرة على الإشراف على الأثر من ناحية الترميم والصيانة والحفاظ عليه من الأضرار الناجمة عن الاهتزاز والرشح وتغيير معالمه والحفاظ على طابعه التاريخي، دون أن يكون لها الحق في طرد وإخلاء الأثر قبل تعويض المالك تعويضا عادلا.
ولا يغير من هذا النظر قول هيئة الآثار إن الأثر محل الدعوى الماثلة مهدد بالانهيار، وإن به شروخا وتشققات وهبوطا بالأرضيات، ويخشى سقوطه في أية لحظة نتيجة للتعديات والإشغالات من قبل الباعة الجائلين وغيرهم المنتشرين حول جدران الأثر، وإنها اتخذت هذا القرار دفعا للخطر الداهم؛ حيث إن لهيئة الآثار الحق في إلزام ورثة المرحوم/… (ومنهم المدعي) ترميم وصيانة وتنكيس الأثر على نفقتهم، دون الحاجة إلى إخلائهم منه، وهو ما كشف ظاهر الأوراق عن قيامهم به، أو تقوم بذلك على نفقتها توقيا للخطر، أو تقوم بتعويضهم وهيئة الأوقاف مقابل الإخلاء وحيازة الأثر، مع إبعاد الباعة الجائلين عن الأثر، خاصة أن النشاط الذي يستغل فيه الأثر حال صلاحيته للاستعمال هو نشاط تحفيظ القرآن الكريم، وهو عمل غير ضار بالمبنى والأثر ولا يؤثر في سلامة المبنى، أو يغير في طابعه الأثري التاريخي، أما أن تصدر قرارها المطعون فيه رقم 2185 لسنة 2001 بإخلاء ورثة/… (ومنهم المدعي) إخلاء مؤقتا بدعوى ترميم الأثر، دون بيان مدة هذا الإخلاء وهل هو لشهور أم لسنين، فإنها بذلك تكون قد التفت حول الحكم الصادر عن المحكمة في الدعوى رقم 10964 لسنة 54ق الذي سبق أن أوقف تنفيذ قرار طرد وإخلاء وإزالة التعدي الذي تدعيه الهيئة المدعى عليها من ورثة/…، كما أنها تكون بذلك قد حققت النتيجة نفسها التي كانت تريدها من إصدار قرارها رقم 1276 لسنة 2000، وهو ما يكون معه القرار المطعون فيه بالدعوى الماثلة قد صدر مخالفا لصحيح حكم الواقع والقانون، ويتوفر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، ولا مراء في توفر ركن الاستعجال إذ إن من شأن إخلاء ورثة/… (ومنهم المدعي) من العقار محل الدعوى الماثلة وطردهم -وإن قيل إنه مؤقت- أن يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغاء القرار الطعين، تتمثل في إلحاق أضرار تلحق بهم تتمثل في حرمانهم من استغلال العقار واستئناف تحفيظ القرآن الكريم، وفي حرمانهم من حقهم في استغلال الأثر بما يعود عليهم بالنفع طبقا للعقد المبرم بينهم وبين هيئة الأوقاف، وهو ما يتوفر معه ركن الاستعجال، وبناء على ما تقدم فقد قضت المحكمة بحكمها المتقدم.
……………………………………………………..
وإذ لم يرتض الطاعن (بصفته) هذا الحكم فقد أقام الطعن الماثل استنادا إلى أن القرار المطعون فيه صادر عن الجهة المختصة بإصداره، وهو السيد أمين عام المجلس الأعلى للآثار، وذلك بموجب التفويض الممنوح له بالقرار الوزاري رقم 76/1994، وقرار وزير الثقافة (الرئيس للمجلس الأعلى للآثار) رقم 88/1994، الذي نص على تفويض أمين عام المجلس الأعلى للآثار في تمثيل رئيس مجلس إدارة المجلس أمام القضاء وفي صلاته بالغير، بناءً على نص المادة السابعة من القرار الجمهوري رقم 82/1994، وأن المبنى محل الحكم المطعون فيه مسجل ضمن الآثار الإسلامية والقبطية تحت رقم 347، وأن الحكم الصادر في الدعوى 10964 لسنة 54ق عن محكمة القضاء الإداري قد ارتكن إلى أن المبنى مملوك لهيئة الأوقاف وليس للمجلس الأعلى للآثار، ومن ثم لا يجوز لهيئة الآثار المصرية الطرد والإخلاء، بل إن مسئولية الهيئة إخلاء السبيل إخلاءً مؤقتا لحين الترميم، ومن ثم أصدر الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار القرار المطعون فيه رقم 2185 لسنة 2001 بالإخلاء المؤقت للترميم؛ لأن الأثر مهدد بالانهيار، وبه شروخ وتشققات وهبوط بالأرضيات ويخشى سقوطه في أية لحظة نتيجة التعديات والإشغالات من قبل الباعة الجائلين حول جدران الأثر، وأن الهيئة اتخذت هذا القرار على وفق حكم المادة (30) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983، وأن المجلس الأعلى للآثار يطلب قبل الفصل في الطعن الماثل إحالته إلى خبير متخصص للانتقال إلى موقع التعدي للمعاينة على الطبيعة، وبيان حالته المعمارية، وهو مسجل ضمن الآثار القبطية تحت رقم 347، ويعتبر من أملاك الدولة العامة الأثرية التي لا يجوز التعدي عليها أو تملكها بالتقادم.
واختتم الطاعن بصفته تقرير الطعن بطلباته المبينة سلفا.
……………………………………………………..
وحيث إنه لما كان الثابت من أوراق الطعن ومستنداته أنها كافية للفصل فيها دونما حاجة لإحالتها إلى خبير -حسبما يطلب الطاعن (بصفته) ذلك- فمن ثمّ يتعين والحالة هذه رفض طلب الطاعن بشأن إحالة الطعن إلى خبير.
وحيث إن قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 -قبل تعديله بالقانون رقم 3 لسنة 2010- ينص في المادة (5) منه على أن: “هيئة الآثار المصرية هي المختصة بالإشراف على جميع ما يتعلق بشئون الآثار في متاحفها ومخازنها وفي المواقع والمناطق الأثرية والتاريخية…”.
وتنص المادة (6) من القانون المشار إليه على أن: “تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة -عدا ما كان وقفا- ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنفذة له”.
وتنص المادة (12) من القانون نفسه على أن: “يتم تسجيل الأثر بقرار من الوزير المختص بشئون الثقافة بناء على اقتراح مجلس إدارة الهيئة، ويعلن القرار الصادر بتسجيل الأثر العقاري إلى مالكه أو المكلف باسمه بالطريق الإداري، وينشر في الوقائع المصرية، ويؤشر بذلك على هامش تسجيل العقار في الشهر العقاري”.
وتنص المادة (13) من هذا القانون على أن: “يترتب على تسجيل الأثر العقاري وإعلان المالك بذلك طبقا لأحكام المادة السابقة الأحكام الآتية:
فإذا أجرى صاحب الشأن عملا من الأعمال بغير الترخيص المشار إليه قامت الهيئة بإعادة الحال إلى ما كانت عليه على نفقة المخالف، مع عدم الإخلال بالحق في التعويض، وعدم الإخلال بالعقوبات المقررة في هذا القانون.
وتنص المادة (15) من هذا القانون على أن: “لا يترتب على أي استغلال قائم من قبل الأفراد أو الهيئات لموقع أثري أو أرض أو بناء ذي قيمة تاريخية أي حق في تملكه بالتقادم، ويحق للهيئة كلما رأت ضرورة لذلك إخلاءها مقابل تعويض عادل”.
وتنص المادة (30) من هذا القانون على أن: “تختص الهيئة دون غيرها بأعمال الصيانة والترميم اللازمة لجميع الآثار والمواقع والمناطق الأثرية والمباني التاريخية المسجلة.
يتحمل كل من وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية وهيئة الأوقاف القبطية نفقات ترميم وصيانة العقارات الأثرية والتاريخية التابعة المسجلة لها.
كما تتحمل الهيئة بنفقات ترميم المباني التاريخية المسجلة التي في حيازة الأفراد والهيئات الأخرى ما لم يكن سبب الترميم قد نشأ عن سوء استعمال من الحائز حسبما تقرره اللجنة الدائمة المختصة، وفي هذه الحالة يتحمل الحائز قيمة مصاريف الترميم…”.
وتنص المادة (51) من هذا القانون على أن: “تتولى الهيئة تنسيق العمل مع الهيئات والجهات المختصة بالتخطيط والإسكان والسياحة والمرافق والأمن ومجالس المحافظات بما يكفل حماية الآثار والمتاحف والمباني التاريخية من الاهتزازات والاختناقات ومسببات الرشح والتلوث وأخطار الصناعة وتغيير المحيط التاريخي والأثري، وبما يحقق التوازن بين مطالب العمران وبين ضرورات صيانة الآثار والتراث”.
وحيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع اعتبر هيئة الآثار المصرية (ومن بعدها المجلس الأعلى للآثار) الجهة المختصة بالإشراف على ما يتعلق بشئون الآثار في متاحفها ومخازنها وفي المواقع والمناطق الأثرية والتاريخية، واعتبر المشرع جميع الآثار من الأموال العامة -عدا ما كان منها وقفا-، وبسط المشرع على تلك الأموال حمايته باعتبارها من الآثار، وذلك بأن حظر تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها قانونا، وقضى المشرع بأن يتم تسجيل الأثر بقرار من الوزير المختص بشئون الثقافة بناء على اقتراح مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية، ورتب على التسجيل واجبات يتعين أن يلتزم بها مالك الأثر -وحائزه بحكم اللزوم-، ومنها عدم جواز تجديد أو تغيير معالم الأثر على أي وجه إلا بترخيص من رئيس الهيئة بعد موافقة اللجنة الدائمة المختصة، على أن يكون إجراء الأعمال التي رخص فيها تحت الإشراف المباشر للهيئة، وإلا قامت الهيئة بإعادة الحال إلى ما كانت عليه على نفقة المخالف، وجعل للهيئة الحق في أن تباشر في أي وقت على نفقتها ما تراه من الأعمال لازما لصيانة الأثر، بما في ذلك أعمال الترميم اللازمة، كما جعل لها الحق في إخلاء الأثر كلما رأت ضرورة لذلك مقابل تعويض عادل، وخص الهيئة وحدها بأعمال الصيانة والترميم اللازمة للأثر، على أن تتحمل كل من وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية وهيئة الأوقاف القبطية نفقات ترميم وصيانة العقارات الأثرية والتاريخية التابعة لها، كما تتحمل الهيئة نفقات ترميم المباني التاريخية المسجلة التي في حيازة الأفراد والهيئات الأخرى، ما لم يكن سبب الترميم قد نشأ عن سوء استعمال من الحائز، فعندئذ فإنه يتحمل قيمة مصاريف الترميم، وأناط بالهيئة تنسيق العمل مع الهيئات والجهات المختصة بالتخطيط والإسكان والسياحة والمرافق والأمن ومجالس المحافظات، بما يكفل حماية الآثار والمتاحف والمباني التاريخية من الاهتزازات والاختناقات ومسببات الرشح والتلوث وأخطار الصناعة وتغيير المحيط التاريخي والأثري، وبما يحقق التوازن بين مطالب العمران وضرورات صيانة الآثار والتراث.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان البادي من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده حائز بموجب عقد إيجار بمقابل انتفاع من هيئة الأوقاف المصرية للأثر رقم 347 (سبيل مصطفى جورجي ميرزا) الكائن بشارع عش النخلة بولاق أبو العلا، والمملوك لهيئة الأوقاف المصرية بصفتها ناظرة على وقف مصطفى جورجي ميرزا، ويقوم باستغلاله ككُتاب لتحفيظ القرآن الكريم، ومن ثم فإنه على وفق أحكام قانون حماية الآثار المشار إليه فإن سلطة هيئة الآثار تقتصر على الإشراف على هذا الأثر من ناحية الترميم والصيانة والحفاظ عليه من الأضرار الناجمة عن الاهتزاز والرشح وتغيير معالمه والحفاظ على طابعه التاريخي، دون أن يكون لها الحق في طرد المنتفع وإخلاء الأثر، قبل قيامها بالتعويض العادل في هذا الشأن، كما يكون لها أن تلزم حائز الأثر وتحت إشرافها ترميم وصيانة الأثر على نفقته إذا كان سبب الترميم قد نشأ عن سوء استعمال من الحائز، ودونما حاجة إلى إخلائه منه، وبذلك فإن القرار المطعون فيه رقم 2185 لسنة 2001 إذ تضمن إخلاء ورثة/… (ومنهم المطعون ضده) إخلاء مؤقتا بدعوى ترميم الأثر، ودون تحديد مدة محددة لهذا الإخلاء، فإنه يكون -بحسب الظاهر من الأوراق- مخالفا للقانون، ومن ثم يتوفر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، لاسيما أنه سبق أن قامت الهيئة بإصدار القرار رقم 1276 لسنة 2000 متضمنا طرد وإخلاء وإزالة التعدي الواقع من ورثة/… (ومنهم المطعون ضده) على الأثر المذكور، وهو ما حدا المطعون ضده على إقامة الدعوى رقم 10964 لسنة 54ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبا الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء هذا القرار، وبجلسة 6/2/2001 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات (كما قضت لاحقا بجلسة 29/6/2004 بإلغاء هذا القرار)، وذلك على سند من الأسباب ذاتها التي تضمنها الحكم المطعون فيه، وهو ما ينبئ عن أن جهة الإدارة المطعون ضدها في تلك الدعوى قد أصدرت القرار المطعون فيه بغية الالتفاف حول تنفيذ الحكم المشار إليه آنفا.
وحيث إنه فضلا عن توفر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على نحو ما سلف، فقد توفر كذلك ركن الاستعجال، بحسبان أن من شأن إخلاء ورثة/… (ومنهم المطعون ضده) من الأثر محل التداعي أن يرتب نتائج يتعذر تداركها، تتمثل في حرمانهم من استغلاله بما يعود عليهم بالنفع منه طبقا للعقد الذي سبق أن تم إبرامه مع هيئة الأوقاف المصرية بهذا الشأن، ومن ثم يتوفر ركنا طلب وقف التنفيذ، ويغدو متعينا القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ خلص إلى ذلك الحكم المطعون فيه فإنه يكون موافقا لصحيح القانون، مما يتعين معه رفض الطعن الماثل.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |