مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – الطعن رقم 30327 لسنة 54 القضائية (عليا)
يوليو 26, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – الطعن رقم 13571 لسنة 52 القضائية (عليا)
يوليو 26, 2021

الدائرة السادسة – الطعن رقم 827 لسنة 51 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 23 من إبريل سنة 2014

الطعن رقم 827 لسنة 51 القضائية (عليا)

(الدائرة السادسة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح أحمد السيد هلال، ود. محمد عبد الرحمن القفطي، وعبد الحميد عبد المجيد الألفي، وعمرو محمد جمعة عبد القادر

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– القاعدة العامة في البطلان- الأصل العام المقرر في قانون المرافعات المدنية والتجارية أن البطلان لا يتقرَّر إلا بنصٍّ، أو في حالة الإخلال بحقِّ الدفاع، أو بإجراءٍ جوهري يُعَدُّ من النظام العام القضائي الذي يقوم عليه تحقيق العدالة- ما ترتب على باطل كان باطلا.

(ب) دعوى– الحكم في الدعوى- أثر إعادة الدعوى للمرافعة لتغيُّر تشكيل هيئة المحكمة- إعادة الدعوى للمرافعة لتغيُّر تشكيل هيئة المحكمة ثم حجزها للحكم في الجلسة نفسها التي كانت محدَّدة للنطق بالحكم، لا يبطل الحكم، مادام لم يترتب على هذا الإجراء الإخلال بحقِّ الدفاع- لم يشترط المشرِّع عند فتح باب المرافعة إعلان طرفي النزاع، بل اشترَط فقط أن يكون ذلك لأسبابٍ جدية، تُبيَّن في محضر الجلسة- يفترض المشرِّع في الخصوم العلم بما قد تقرِّره المحكمة في جلسة النطق بالحكم، دون حاجة إلى إعلان([1]).

– المادة (173) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

(ج) دعوى– المرافعة أمام محاكم مجلس الدولة- النظام القضائي بمجلس الدولة يقومُ أساسًا على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيدَ محدَّدةٍ- ليس من حق ذوي الشأن أن يُصِرُّوا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفهية.

(د) اختصاص– الاختصاص الولائي- رفع ذوي الشأن دعوى أمام القضاء العادي لا يَحُولُ بين محاكم مجلس الدولة واختصاصها الولائي الذي وسَّده إياها الدستور والقانون- الدفع المتعلق بالاختصاص الولائي يعد مطروحًا على محكمة الموضوع دائمًا، وتثيره المحكمة من تلقاء نفسها؛ لتعلُّقِه بالنظام العام، ولو لم يُدفع به أمامها، فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به، حتى لو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة الطعن، إذا لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع.

(هـ) شركات– شركات الأشخاص- تصرفات مدير الشركة- لمدير شركة الأشخاص الذي عُهِدَ إليه بإدارتها بمقتضى نصٍّ خاص في عقد الشركة، وحده، دون باقي الشركاء ممن لم يُنَط بهم أعمال الإدارة وأعمال التصرف، تمثيلُ الشركة بوصفها شخصًا اعتباريا، والقيام بالتصرفات القانونية التي تدخل في حدود الغرض من تكوينها- لا يجوز للمدير ممارسة نشاطٍ من شأنه إلحاق الضرر بالشركة، بل يتعيَّن عليه بذلُ العناية في تدبير مصالحها- تصرفاتُ المدير بصفته الشخصية، التي لا يمثل فيها الشركة، لا تنصرفُ إلى ذمتها المالية، ولا تلتزم بها الشركة، بل تُعَدُّ من تصرفات الغير التي لا يُلتزم بها، إلا إذا قبلتها الشركة، أو كانت نافعةً نفعًا محضًا لها.

– المواد (516/1) و(519) و(521) من القانون المدني، الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948.

(و) هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة– تخصيص الأراضي- التنازل عنه- يجب أن يُقَدَّم طلبُ التنازل من المخصَّص له أو من يمثله- على الهيئة التأكُّدُ من صحة تمثيل الشخص المخصَّص له حال التقدُّمِ بطلب التنازل عن التخصيص- أثر مخالفة ذلك: للشخص المخصَّص له طلب عدم الاعتداد بهذا التنازل، وإعادة التخصيص له بالأسعار المعمول بها وقت التخصيص الأول.

– المواد (2) و(14) و(39) من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة.

الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 2/11/2004، أودع الأستاذ/ … المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعنين بصفاتهم، قلمَ كتاب هذه المحكمة تقريرَ الطعن الماثل، ضد كل من: مورث المطعون ضدهم الأول، والمطعون ضده الثاني، وذلك طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) في الدعوى رقم 4445 لسنة 55ق. بجلسة 6/9/2004، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.

وطلب الطاعنون بصفاتهم -في ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم (أولا) المصروفات.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن.

وجرى نظر الطعن بجلسات المرافعة أمام المحكمة على النحو الثابت من محاضرها، وخلالها تمَّ تصحيحُ شكل الطعن، بإدخال المطعون ضدهم (أولا)، على النحو المبيَّن بصدر الحكم، لوفاة مورثهم إلى رحمة الله تعالى في 16/2/2010، وذلك بموجب عريضةٍ أودعت قلمَ كتاب المحكمة في 28/11/2012، جرى إعلانُها قانونًا على النحو الثابت بالأوراق، وقد أرجأت إصدار الحكم في الطعن لجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.

وحيث إن الطاعنين (بصفاتهم) يطلبون الحكم بطلباتهم المبيَّنة سالفًا.

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 21/3/2001، أقام مورث المطعون ضدهم (أولا- المرحوم/ محسن …) الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين، بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري قُيَّدت بجدولها برقم 4445 لسنة 55ق، ضد كل من الطاعنين بصفاتهم، والمطعون ضده الثاني، بطلب الحكم بقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار الهيئة المدعى عليها المتضمن إعادة تخصيص قطعة الأرض الكائنة بالمجاورة (53) بمدينة العاشر من رمضان بالسعر المعمول به حاليًا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة التخصيص بالأسعار القديمة، واعتبار قرار التخصيص الصادر في 3/6/1996 مازال قائمًا، مع بطلان قرار جهاز مدينة العاشر من رمضان بقبول تنازل المدعى عليه الخامس (المطعون ضده الثاني بالطعن الماثل): عبد المقصود… (بصفته الشخصية) عن قطعة الأرض المشار إليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وقال شرحًا للدعوى: إنه أنشأ مع المدعى عليه الخامس شركة توصية بسيطة، باسم/ شركة عبد المقصود… وشُركاه للمقاولات، بموجب عقد شركة مُؤرَّخ في 1/1/1996، وأشهرت هذه الشركة قانونًا، وكان للمدعى عليه الخامس حق الإدارة فقط، دون التصرف في ممتلكات وأصول الشركة، الذي كان حقًا مُشترَكًا بينهما، وكانت الشركة قد تقدمت بطلب إلى المدعى عليه الثالث (رئيس جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان) لتخصيص قطعة أرضٍ لإقامة مشروعاتها عليها، حيث صدر بتاريخ 3/6/1996 قرارٌ بتخصيص قطعة الأرض المبيَّنة سالفًا باسم الشركة، وتمَّ سدادُ مُقدَّم للثمن مبلغ (25%) من إجمالي الثمن، بيد أنه حدث خلاف بينه وبين شريكه المذكور، فتواطأ مع المختصين بجهاز مدينة العاشر من رمضان، وأخفى مستندات الشركة، وتقدم بمستندات عن شركةٍ أخرى باسم/ مؤسسة عبد المقصود، فقدم تنازلا عن الأرض المخصَّصة للشركة، واستردَّ المبلغ المسدَّد للهيئة كمُقدَّم للثمن. وأضاف أنه فور علمه بتلك الواقعة تقدم بطلب للمدعى عليه الثالث مُقرِّرًا فيه تمسك الشركة بالأرض، وعدم تنازلها عنها، ومن ثم أجري تحقيقٌ في الواقعة انتهى إلى عدم قانونية التنازل المشار إليه، فتقدم بطلب إلى الهيئة لإعادة تخصيص قطعة الأرض المشار إليها للشركة بالأسعار التي كانت مُحدَّدة عند التخصيص في 3/6/1996، فأعدَّ المختصون بالجهاز مذكرةً بأحقيته في ذلك، إلا أن اللجنة العقارية المركزية بالهيئة قررت إعادة تخصيص الأرض له بالأسعار المعمول بها حاليًا وعلى وفق شروط التخصيص المقررة وقت التخصيص، ما حداه على التظلم من هذا القرار، ثم التقدم بطلب إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 3 لسنة 2001، ثم أقام دعواه للحكم بطلباته المبيَّنة سالفًا.

………………………………………………..

وبجلسة 6/9/2004 أصدرت المحكمة حكمها الطعين، وشيَّدته على سندٍ من أنه طبقًا لأحكام القانون المدني والقانون التجاري، فإن الشركات التي يُنْشِئُهَا الأفراد -أيًّا كان شكلها القانوني- تكون لها شخصيتها القانونية المستقلة عن الشركاء، ولو تسمت باسم أيٍّ منهم، ويترتب على ذلك أن تصرفات مدير الشركة المتعلقة بنشاطها تنصرف إليها، وتدخل في ذمتها المالية، شريطةَ أن يكون تصرفُه بوصفه المسئول عن إدارة الشركة طبقًا لنظامها الأساسي أو قرار عمله بها، إعمالا لنص المادة (516) مدني، أما تصرفات المدير بصفته الشخصية، التي لا يمثل فيها الشركة، فإنها لا تنصرف إلى ذمتها المالية، ولا تلتزم بها الشركة، بل هي من تصرفات الغير التي لا يلتزم بها، إلا إذا قبلتها الشركة، كشخصٍ معنوي مستقل، أو كانت نافعةً نفعًا محضًا لها، ولما كان الثابت من الأوراق أن الهيئة المدعى عليها (الهيئة الطاعنة الأولى بالطعن الماثل) قد خَصَّصت لشركة عبد المقصود… وشُركاه للمقاولات قطعةَ الأرض الكائنة بالمجاورة (53) بمدينة العاشر من رمضان في 3/6/1996، على وفق ما تضمنه عقد التخصيص من شروطٍ وثمنٍ للأرض، وقامت الشركة بأداء مُقدَّم ثمنِ الأرض، ومقداره (25%) من إجمالي الثمن، إلا أن المواطن/ عبد المقصود … (المدعى عليه الخامس) تقدم بطلب في 31/1/2000، إلى الهيئة ممثلةً في جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان، بالتنازل عن هذه الأرض، ووقَّع هذا الطلب باسمه الشخصي، ولم يذكر فيه صفته كمديرٍ لهذه الشركة، ولا كان هذا الطلب محررًا على أوراقها، بل حُرِّرَ على أوراق شركةٍ أخرى تحمل اسم مؤسسة عبد المقصود للمقاولات، وبعنوانٍ مختلف عن الشركة المتعاقِدة مع الهيئة، فقبلت الهيئة هذا التنازل، رغم أنه تصرف من الغير الذي لا يمثل هذه الشركة، ولم يتعامل باسمها، ومن ثم يكون قبول الهيئة لهذا التنازل قد أُسِّس على سببٍ باطل، وغير قانوني، ولا ينتج من ثم أثره في حق الشركة المذكورة، وخلصت المحكمة بحكمها المبيَّن سالفًا إلى إلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار تخصيص الأرض المشار إليها سلفًا للشركة بنفس الأسعار والشروط بقرار التخصيص المُؤرَّخ في 3/6/1996.

………………………………………………..

وإذ لم يلقَ هذا الحكمُ قبولا لدى الطاعنين بصفاتهم، فقد طعنوا عليه بالطعن الماثل على أسبابٍ حاصلها: بطلان الحكم المطعون فيه، فضلا عن مخالفته القانون، والخطأ في تطبيقه، وذلك من وجهين: (أولهما) أنه بجلسة 23/5/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم الطعين بجلسة 3/7/2004، مع التصريح بمذكراتٍ خلال أسبوعين، لم تُقدَّم خلالهما مذكراتٌ، ثم قررت إعادتها للمرافعة لتغيير تشكيل المحكمة، وإصدار الحكم فيها بجلسة 6/9/2004، وجاء الحكمُ دون إشارةٍ إلى ما يفيد إخطار الخصوم بهذا القرار، ومن وجهٍ آخر، فإن تشكيل الدائرة التي أصدرت الحكم تغيَّر قبل إصداره، ولم تُجرَ مرافعةٌ جديدة، مما يَبْطُلُ معه الحكم الطعين، فضلا عن أنه تمَّ الدفع أمام المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، على سندٍ من وجود دعوى أقامها المطعون ضده الأول (مورث المطعون ضدهم أولا) أمام محكمة الزقازيق الكلية برقم 3798 لسنة 2000م.ك. الزقازيق عن الطلبات نفسها، ولم تتصد المحكمة لهذا الدفع.

كما أنه من ناحية أخرى، فإن استجابة الهيئة لما تقدم المطعون ضده الثاني بطلبه المؤرَّخ في 31/1/2000، بإعادة الأرض المخصَّصة واسترداد ما سبق سداده، كانت من قِبل الهيئة بحسن نيةٍ منها، والتزامًا منها بالتعامل مع مدير الشركة والشريك المتضامن فيها، ما يسري معه هذا التصرف في حقها، وإن صادف اعتراض باقي الشركاء بالشركة، ومن ثم فإن قرار الهيئة بإعادة تخصيص الأرض بالأسعار المعمول بها في تاريخ طلب إعادة التخصيص يكون مُتوَسِّدًا صحيح حكم القانون؛ باعتباره تخصيصًا جديدًا، وليس امتدادًا للتخصيص الأول الذي انتهى بالطلب المُؤرَّخ في 31/1/2000، المشار إليه، وخلص الطاعنون في ختام تقرير الطعن إلى طلب الحكم بطلباتهم المبيَّنة سالفًا.

………………………………………………..

– وحيث إنه عن النعي على الحكم الطعين بالبطلان، على سندٍ من أن الدعوى قد أعيدت للمرافعة دون إخطار الخصوم، كما أن تشكيل المحكمة تغَيَّر قبل إصدار الحكم المطعون فيه دون مرافعةٍ جديدة، فضلا عن عدم تصدي المحكمة للدفع الذي أبدته الهيئة الطاعنة أمامها بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان على نحو ما تقدم، فإن المشرِّع بالمادة (173) من قانون المرافعات المدنية والتجارية([2])، لم يَشترط عند فتح باب المرافعة إعلانَ طرفي النـزاع، بل إن كلَّ ما تطلبه هو أن يكون ذلك لأسبابٍ جدية، تُبيَّن في محضر الجلسة، وبحسبان أن النظام القضائي بمجلس الدولة يقومُ -أساسًا- على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيدَ محدَّدةٍ، وليس من حق ذوي الشأن أن يُصِرُّوا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفهية، كما أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن المشرِّع يفترض في الخصوم العلم بما قد تقرره المحكمة في جلسة النطق بالحكم، من مدِّ أجل النطق به، أو من إعادة الدعوى للمرافعة، دون حاجة إلى إعلانٍ، ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي قررت إعادة الدعوى للمرافعة؛ بسببِ تغيُّرِ تشكيل الهيئة، ثم حجزتها للحكم في نفس الجلسة التي كانت محدَّدةً للنطق بالحكم، وذلك ما لم يَثبُت أن هذا الإجراء قد ترتب عليه الإخلال بحق الخصوم في الدفاع؛ وذلك تطبيقًا للأصل العام في المرافعات المدنية والتجارية من أن البطلان لا يتقرَّرُ إلا بنصٍّ، أو في حالة الإخلال بحق الدفاع، أو بإجراءٍ جوهري يُعَدُّ من النظام العام القضائي الذي يقوم عليه تحقيق العدالة. (راجع في هذا المعنى: حكمها في الطعن رقم 1172 لسنة 35ق. عليا بجلسة 25/3/1989، وحكمها في الطعن رقم 2490 لسنة 33ق. عليا بجلسة 27/5/1989).

وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، وكان الثابت من محضر جلسة 23/5/2004، أن المحكمة قررت إصدار الحكم الطعين بجلسة 3/7/2004، مع التصريح بمذكراتٍ خلال أسبوعين، لم تُقدَّم خلالهما مذكراتٌ، وفيها قررت إعادتها للمرافعة لتغير تشكيل المحكمة، وبالجلسة نفسها قررت إصدار الحكم فيها بجلسة 6/9/2004، حيث صدر عن الدائرة المشكلة من السادة المستشارين/ أحمد…- نائب رئيس مجلس الدولة- رئيسًا، وعضوية كل من: صفوت…، وصبحي…- نائبي رئيس مجلس الدولة، ووُقِّعَت مُسَوَّدةُ الحكم منهم، ومن ثم فإن المحكمة -والحال هذه- تكون قد أعملت صحيح حكم القانون، دون إخلال منها بحقِّ الدفاع بين الخصوم، وهو ما يتعيَّن معه الالتفاتُ عن هذا النعي.

دون أن ينال من ذلك أيضًا النعي بأن المحكمة التفتت عن الدفع المبدى من الهيئة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان؛ على سندٍ من وجود دعوى أقامها المطعون ضده الأول (مورث المطعون ضدهم أولا) أمام محكمة الزقازيق الكلية برقم 3798 لسنة 2000 م.ك. الزقازيق، عن الطلبات نفسها؛ بحسبان أن من المقرَّر أن رفع ذوي الشأن دعوى أمام القضاء العادي لا يَحُولُ بين محاكم مجلس الدولة واختصاصها الولائي الذي وسَّده إياها الدستور والقانون، إذ يعد دائمًا مطروحًا على محكمة الموضوع؛ لتعلقه بالنظام العام، ولو لم يُدفع به أمامها، فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به، حتى لو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة الطعن، إذا لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع؛ لكون هذا الدفع من الدفوع التي يجوز إثارتها في أية حالة كانت عليها الدعوى، وتثيره المحكمة من تلقاء نفسها، وتفصل فيه قبل الفصل في أي دفع أو دفاع آخر، فإذا ثبت لها عدم دخول النزاع في ولايتها، قضت بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها؛ حتى لا تقضي في خصومة خارجة عن اختصاصها، ومن ثم، وقد كيَّفت المحكمة الطلبات التي أقيمت بها الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين -على وفق وقائعها وإرادة الخصوم فيها- بأنها منازعةٌ إدارية (إحدى منازعات القانون العام) تتعلق بطلب إلغاء قرار الهيئة الطاعنة بقبول تنازل المدعى عليه الخامس (المطعون ضده الثاني بالطعن الماثل) -عبد المقصود …- بصفته الشخصية، عن قطعة الأرض الكائنة بالمجاورة (53) بمدينة العاشر من رمضان، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار تخصيص الأرض المشار إليها على وفق الأسعار وشروط التخصيص المقرَّرة بقرار الهيئة المُؤرَّخ في 3/6/1996، فإنها (أي المحكمة) بذلك تكون قد أعملت سلطتها على وفق صحيح حكم القانون، وعليه يكون النعيُ المثار في غير محله، ما يتعيَّن الالتفاتُ عنه.

– وحيث إنه عن الموضوع، فإن مفاد النص في المواد (516/1) و(519) و(521) من القانون المدني أن الشركة بوصفها شخصًا معنويا يمثلها مديرها أو مديروها الذين يديرون ذمتها المالية، وأن مدير شركة الأشخاص الذي عُهِدَ إليه بإدارتها بمقتضى نص خاص في عقد الشركة، له وحده، دون باقي الشركاء ممن لم ينط بهم أعمال الإدارة وأعمال التصرف، تمثيل الشركة بوصفها شخصًا اعتباريا، والقيام بالتصرفات القانونية التي تدخل في حدود الغرض من تكوينها، دون ممارسة نشاطٍ من شأنه إلحاق الضرر بها، بل يتعين عليه بذل العناية في تدبير مصالح الشركة ما يبذله في تدبير مصالحه الشخصية، أما تصرفات المدير بصفته الشخصية، التي لا يمثل فيها الشركة، فإنها لا تنصرف إلى ذمتها المالية، ولا تلتزم بها الشركة، بل هي من تصرفات الغير التي لا يلتزم بها، إلا إذا قبلتها الشركة كشخص معنوي مستقل، أو كانت نافعةً نفعًا محضًا لها. (في هذا المعنى: نقض مدني، الطعن رقم 661 لسنة 72ق. بجلسة 1/8/2005).

وحيث إن القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، تنص المادة الثانية منه على أن: “يكون إنشاءُ المجتمعات العمرانية الجديدة وفقًا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفِّذة له. وتنشأ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طبقًا لأحكام الباب الثاني من هذا القانون، تكون -دون غيرها- جهازَ الدولة المسئول عن إنشاء هذه المجتمعات العمرانية ويعبر عنها في هذا القانون “بالهيئة””.

وتنص المادة (14) منه على أن: “يكون الانتفاعُ بالأراضي والمنشآت الداخلة في المجتمعات العمرانية الجديدة طبقًا للأغراض والأوضاع ووفقًا للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرَمة مع ذوي الشأن. وفي حالة المخالفة يكون لمجلس إدارة الهيئة إلغاء تراخيص الانتفاع أو حقوق الامتياز، إذا لم يقم المخالف بإزالة المخالفة خلال المدة التي تحددها له الهيئة بكتابٍ موصى عليه بعلم الوصول، ويُنفَّذ قرار الإلغاء بالطريق الإداري”.

وتنص المادة (39) منه على أن: “يضع مجلس إدارة الهيئة اللوائح الداخلية للهيئة، وذلك دون التقيد بالقوانين واللوائح والنظم المطبَّقة في الجهاز الإداري للدولة،…”.

وحيث إن اللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها (الصادر بها قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 14 لسنة 1994) تنص المادة (16) منها على أن: “تتخذ إجراءات إلغاء تخصيص الأراضي والعقارات بالمجتمعات العمرانية الجديدة في الحالات الآتية: 1- بناء على طلب صاحب الشأن…”([3]).

وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق، أنه بتاريخ 1/1/1996، قد أسَّس كلٌّ من مورث المطعون ضدهم أولا، والمطعون ضده الثاني، بوصفهما شريكين متضامنين، وآخرين شركاء موصين، شركة توصية بسيطة، باسم شركة عبد المقصود… وشُركاه، بغرض المقاولات (تجارة وتقسيم وشراء الأراضي والبناء عليها وبيعها أو تمليكها أو تأجيرها) والتوريدات العمومية والاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية، ونص البند الخامس من عقد تأسيسها على أن: “يتولى إدارة الشركة الشريك المتضامن السيد/ عبد المقصود… منفردًا، وله الحق في التوقيع نيابة عن الشركة، وفي قبض واستلام المبالغ المتحصلة لحساب الشركة، أو إبرام العقود باسمها، وتعيين الموظفين، كما يحق له توكيل الغير نيابة عنه في كل أو بعض ما ذُكِرَ، ويتقاضى نظير الإدارة 10% من صافي أرباح الشركة سنويا”، وقد تقدمت الشركة المذكورة للهيئة الطاعنة بطلب تخصيص قطع أراضٍ لها، حيث وافقت اللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة الطاعنة بجلستها رقم (119) في 3/6/1996، على تخصيص لها عدد (170) قطعة أرضِ إسكان بالمجاورة (53) بمدينة العاشر من رمضان، وقامت الشركة بأداء مُقدَّم ثمن الأرض، ومقداره (25%) من إجمالي الثمن، إلا أن المطعون ضده الثاني تقدم بطلبٍ مُؤرَّخ في 31/1/2000، إلى الهيئة ممثلةً في جهاز مدينة العاشر من رمضان، بالتنازل عن هذه الأرض، واسترداد المبلغ المسدَّد، ووقَّع هذا الطلب باسمه الشخصي، ولم يذكر فيه صفته كمديرٍ لتلك الشركة، ولا كان هذا الطلب مُحرَّرًا على أوراقها، بل حُرِّرَ على أوراق شركةٍ أخرى تحمل اسم/ مؤسسة عبد المقصود للمقاولات، فقبلت الهيئة هذا التنازل، حيث تأشَّرَ عليه بأنه لا مانع من الاسترداد طبقًا للقواعد بتاريخ 1/2/2000، رغم أنه تصرف من الغير الذي لا يمثل هذه الشركة؛ بحسبان أن الشركة المخصَّص لها قطعة الأرض المبيَّنة سالفًا على وفق البند الأول من عقد تأسيسها شركة عبد المقصود… وشركاه، وليست مؤسسة عبد المقصود للمقاولات، أو المطعون ضده الثاني بشخصه، ثم بتاريخ 27/3/2000 تقدم مورث المطعون ضدهم أولا (بصفته الشريك المتضامن الآخر بالشركة) بطلبٍ للإبقاء على الأرض للشركة، مُعتَرِضًا على التنازل المبيَّن سالفًا، كما قدمت الشركة طلبًا آخر مُؤرَّخًا في 18/4/2000 للإبقاء على الأرض المشار إليها، وأرفقت به عدد (2) شيك مقبولَ الدفع، بإجمالي قيمة ما تم استرداده، بيد أن اللجنة العقارية الرئيسة بجلستها رقم (48) في 26/8/2000، قررت الموافقة على إعادة تخصيص قطع الأراضي المشار إليها للشركة على أساس الأسعار المعمول بها وقت طلب إعادة التخصيص في 18/4/2000.

متى كان ذلك، وكان قبول الهيئة الطاعنة طلب التنازل المؤرَّخ في 31/1/2000، عن قطع الأراضي المشار إليها واسترداد المبلغ المسدَّد، الذي تقدَّم به المطعون ضده الثاني باسمه الشخصي، وليس بصفته كمدير للشركة المخصَّص لها قطع الأراضي المشار إليها، بل حُرِّرَ على أوراق شركةٍ أخرى، على نحو ما تقدم، قد أُسِّسَ على سببٍ باطل، وغير قانوني، ولا ينتج -من ثم- أثره في حق الشركة المذكورة؛ بحسبانه تصرفا من الغير الذي لا يمثل هذه الشركة، ذلك أن الشركة المخصَّص لها قطعة الأرض المبيَّنة سالفًا على وفق البند الأول من عقد تأسيسها شركة عبد المقصود… وشركاه، وليست مؤسسة عبد المقصود للمقاولات، أو المطعون ضده الثاني- بشخصه، وعليه يغدو قبول ذلك التنازل قد جاء بالمخالفة لحكم المادة (16) من اللائحة العقارية للهيئة الطاعنة المبيَّنة سالفًا، ومن ثم يضحى -كذلك- قرار اللجنة العقارية الرئيسة بجلستها رقم (48) في 26/8/2000، بالموافقة على إعادة تخصيص قطع الأراضي المشار إليها للشركة على أساس الأسعار المعمول بها وقت طلب إعادة التخصيص في 18/4/2000، مخالِفًا صحيح حكم القانون، قائِمًا على سببٍ غير صحيح واقعًا وقانونًا، مناقِضًا في ذلك لمبدأ المشروعية، على وفق القاعدة الأصولية بأن ما ترتب على باطل كان باطلا، ومن ثم تقضي المحكمة بإلغاء ذلك القرار، مع ما يترتب عليه من آثار، أخصها استمرار تخصيص الأراضي المشار إليها سالفًا للشركة بالأسعار والشروط ذاتها الواردة بقرار اللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة الطاعنة بجلستها رقم (119) في 3/6/1996 المشار إليه.

وحيث إن الحكم الطعين قد انتهى إلى النتيجة نفسها، فمن ثم يكون قد صدر موافقا صحيح حكم القانون، ومن ثم تقضي المحكمة برفض الطعن الماثل.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.

[1])) يراجع في المبدأ نفسه: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2561 لسنة 44ق.ع بجلسة 26/3/2005 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 50 مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم115/أ، ص801).

وقارن بما انتهى إليه حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4601 لسنة 55ق. عليا بجلسة 22/5/2010 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنتين 55 و56 مكتب فني، المبدأ رقم55، ص485)، حيث ذهبت المحكمة إلى أنه لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلا، فإذا تقرَّر حجزُ الدعوى للحكم، ثم تغيَّر أحدُ أعضاء الدائرة التى سمعت المرافعة، وجبَ إعادةُ فتح باب المرافعة وإعادةُ الإجراءات أمام المحكمة بهيئتها الجديدة، ويجب إعلان طرفي النزاع إذا لم يكونوا حاضرين، ومخالفة ذلك تؤدي إلى بطلان الحكم.

[2])) تنص هذه المادة على أنه: “لا يجوزُ فتحُ باب المرافعة بعد تحديد جلسةٍ للنطق بالحكم إلا بقرارٍ تُصرِّحُ به المحكمةُ في الجلسة، ولا يكونُ ذلك إلا لأسبابٍ جدية تُبيَّن في ورقة الجلسة وفي المحضر”.

[3])) هذه اللائحة حلَّت محلها اللائحة العقارية المعدَّلة، النافذة اعتبارًا من 7/6/2001، الصادر بها قرار وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 3 لسنة 2001، (وتعديلاتها)، وقد جاء نص المادة (16/1) منها (المقابل للنص المشار إليه بعاليه) بالصياغة نفسها.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV