برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح أحمد السيد هلال ود. محمد عبد الرحمن القفطي وعبد الحميد عبد المجيد عبد الحميد الألفي وعاطف محمود أحمد خليل.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) قرار إداري– الفرق بين البطلان والانعدام- مخالفة القرار الإداري للقانون تستتبع البطلان وليس الانعدام- الانعدام لا ينشأ إلا حيث يكون مُصْدِر القرار مغتصبًا للسلطة من الجهة المختصة بإصداره، أو إذا شاب القرار غش أو تدليس، أو بلغت المخالفة التي لحقت به حدًا من الجسامة يفقده كيانه ويجرده من صفته ومقوماته كتصرف قانوني- أثر ذلك: سحب القرار المنعدم يكون في أي وقتٍ مهما طال الأمدُ، أما القرار الباطل فينتهي أثر بطلانه بمضي ستين يومًا على صدوره دون مساس به، فإذا انتهت هذه المدة غدا القرار حصينًا من السحب والإلغاء، وتولد عنه لصاحبه مركزٌ قانوني لا يجوز المساس به؛ نزولا على مبدأ استقرار المراكز القانونية([1]).
(ب) قرار إداري– ركن النية- الغش أو التدليس الذي يصاحب القرار الإداري ويفسده هو عمل قصدي بطبيعته، يتحقق باستعمال صاحب الشأن طرقًا احتيالية بنية التضليل، للوصول إلى غرض غير مشروع، يدفع الإدارة فعلا إلى إصدار قرارها- هذه الطرق الاحتيالية قد تكون طرقًا مادية كافية للتضليل وإخفاء الحقيقة، وقد تكون عملا سلبيا محضًا، يتمثل في كتمان صاحب الشأن عمدًا بعض المعلومات الأساسية التي تجهلها الإدارة، ولا تستطيع معرفتها عن طريق آخر، ويؤَثِّرُ جهلُها بها تأثيرًا جوهريا في إرادتها، مع علم صاحب الشأن بهذه المعلومات وبأهميتها وخطرها، وأن الإدارة تعول عليها في إصدار قرارها، ولو لم تطلبها منه صراحة.
(جـ) جامعات– جامعات خاصة- جامعة 6 أكتوبر- شروط القبول بالجامعة- قبول الطلاب المصريين والأجانب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، بحد أدنى 55%، وعلى وفق شروط القبول الأخرى التي يحددها مجلس الجامعة- لم يُشر المشرع إلى أي اشتراطات في شأن الشهادة المعادَلة، من حيث إجراء امتحانات أو اختبارات أخرى، ولم يجز المشرع لمجلس الجامعة إضافة أيِّ شروطٍ أخرى فيما يتعلق بنوع الشهادة ونسبة النجاح.
– المادتان (1) و(3) من القانون رقم 101 لسنة 1992 بشأن إنشاء الجامعات الخاصة، الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 12 لسنة 2009 بإصدار قانون الجامعات الخاصة والأهلية، الذي حل محله ودمج مواده.
– المواد (1) و(4) و(6) و(9) من قرار رئيس الجمهورية رقم 243 لسنة 1996 بإنشاء جامعة خاصة باسم “جامعة 6 أكتوبر”.
(د) جامعات– جامعات خاصة- جامعة 6 أكتوبر- شروط القبول بالجامعة- قبول الطلاب المصريين والأجانب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، بحد أدنى 55%- قبول قيد طالب حاصل على شهادة الثانوية الفنية التجارية بإحدى كليات الجامعة بالمخالفة للقانون، دون غشٍ أو تدليس من جانبه، هي مخالفة لا يترتب عليها انعدام القرار- الإقرار المقدَّم من الطالب بحصوله على شهادة الثانوية العامة لم يكن هو الدافع إلى إصدار قرار قبوله، ولم يكن له أدنى تأثير في علم الجامعة بحقيقة الشهادة الحاصل عليها، ولا تقبله أية جهة كمستند للشهادة الحاصل عليها المتقدِّم أو كمسوغ للالتحاق بها، إذ إن الجامعة كانت على علمٍ تامٍ بحقيقة الشهادة الحاصلة عليها الطالب، حيث قدمها للجامعة، وأودعت ملف أوراقه، ومن ثم ينتفي أي غش أو تدليس من جانب الطالب في صدور قرار قبوله التحاقه بالكلية- يتحصن هذا القرار بمضي ستين يومًا على صدوره، ولا يسوغ للجامعة سحبه بعد ذلك.
– المادة (9) من قرار رئيس الجمهورية رقم 243 لسنة 1996 بإنشاء جامعة خاصة باسم “جامعة 6 أكتوبر”.
– المادة (3) من اللائحة الداخلية لكلية العلوم الاجتماعية جامعة 6 أكتوبر.
(هـ) قواعد فقهية– قاعدة “الوصف في الحاضر لغو”- أي وصف الشيء الحاضر المشار إليه في المجلس لا اعتبار له؛ فالمقصود من الوصف التعريف وإزالة الاشتباه والاشتراك، وقد حصل ذلك بالإشارة إليه التي هي أعلى وأبلغ.
(و) أهلية– إقرار ناقص الأهلية- نقص الأهلية يستتبع الخضوع لأحكام الولاية أو الوصاية- توقيع إقرار من ناقص الأهلية يقع في دائرة البطلان، ويوجب على المحكمة عدم الاعتداد به، وطرح ما ورد به وما ترتب عليه من آثار.
– المواد من (44) إلى (48) من القانون المدني.
(ز) تعويض– مسئولية الإدارة عن قراراتها- ركن الضرر- سلطة المحكمة في تقدير قيمة التعويض- ليس هناك نصٌ في القانون يُلزِمُ اتباع معايير معينة في تقدير التعويض عن الأضرار المالية والأدبية- يجب على المضرور أن يُبَين عناصر الضرر والدليل عليه- تستقل المحكمة بتقدير درجة أحقيته في التعويض عنها؛ بحسبان أن تقدير ذلك هو من مسائل الواقع، ولها أن تستبعد من الأضرار ما لا دليل عليه- إذا اشترك المضرور بفعله المخالف للقانون في إحداث الضرر الذي أصابه، كان للمحكمة أن تأخذ ذلك في حسبانها في تقدير التعويض المقرر له، مُستهدِيةً في ذلك بجميع الظروف والملابسات المحيطة بالنـزاع.
– المادة (216) من القانون المدني.
في يوم الخميس الموافق10/7/2008 أودع الأستاذ/… المحامى بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعنة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قيد بجدولها برقم 32851 لسنة 54ق. عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 11/5/2008 في الدعوى رقم 33968 لسنة 57ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة -للأسباب الواردة بتقرير طعنها- قبول الطعن شكلا، وإلغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، وتعويضها عما لحقها من أضرار مادية ومعنوية لفصلها ومنعها من دخول امتحانات الفصل الدراسي الثاني (الترم الثاني) للعام الجامعي 2001/2002.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) بجلسة 6/12/ 2011، على النحو الثابت بمحضر الجلسة، وبجلسة 20/12/2011 قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) لنظره بجلسة 8/2/ 2012، حيث تدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعنة أقامت ابتداء الدعوى رقم 3208 لسنة 2002 مدني كلى حكومة أمام محكمة الجيزة الابتدائية بتاريخ 2/7/2002 طالبة الحكم بوقف تنفيذ قرار كلية العلوم الاجتماعية بجامعة 6 أكتوبر فيما تضمنه من حرمانها من أداء امتحان الفصل الدراسي الثاني (الترم الثاني) بالفرقة الثانية بالكلية للعام الجامعي 2001/2002، ووقف قرار فصلها من الكلية لتحصن قرار قبولها، وفي الموضوع بتمكينها من أداء الامتحان، وتعويضها عما أصابها من أضرار مادية وأدبية ومعنوية بمبلغ 200000 جنيه.
وقالت شرحًا للدعوى إنَّها طالبة بالفرقة الثانية بكلية العلوم الاجتماعية جامعة 6 أكتوبر في العام الدراسي 2001/2002، وعندما قامت بدخول امتحان إحدى مواد الفرقة الثانية للفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 2002، فوجئت بمنع الجهة الإدارية لها، على سند من أن قبولها بالكلية تم عن طريق الخطأ.
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/2/2003 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة المذكورة، حيث قيدت بجدولها برقم 33968 لسنة 57ق.
…………………………………………………………….
وبجلسة 11/5/ 2008 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها -بعد أن كَيَّفَت طلبات المدعية بأنها طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جامعة 6 أكتوبر فيما تضمنه من عدم الاعتداد بقيدها في كلية العلوم الاجتماعية، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقيتها في دخول امتحانات الفصل الدراسي الثاني (الترم الثاني) للفرقة الثانية بالكلية بالعام اللاحق، وتعويضها عما لحقها من أضرار مادية ومعنوية، وبعد أن استعرضت المحكمة أحكام المادتين (19) و(74) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، والمادة (75) من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور، والمادة (9) من قرار رئيس الجمهورية رقم 244 لسنة 1996 بإنشاء جامعة 6 أكتوبر، والمادة (3) من اللائحة الداخلية لكلية العلوم الاجتماعية بجامعة 6 أكتوبر- شيَّدته على أن الثابت من الأوراق أن المدعية حاصلة على دبلوم الثانوية التجارية للعام الدراسي 1999، من مدرسة مبارك التجارية للبنات، نظام الثلاث السنوات، بمجموع 465 من 700، وأنها تقدمت لمكتب تنسيق القبول بالمعاهد والجامعات التابع لوزارة التعليم العالي عام 1999، وقد سجلت رغباتها ببطاقة الاختيار، وحيث أفصحت عن أربعين رغبة لم يكن من بينها الالتحاق بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة 6 أكتوبر، وإنما سجلت رغباتها في الالتحاق ببعض المعاهد التابعة لهذه الجامعة، ومن ثم فإن ذلك له دلالة على أن التحاقها بهذه الكلية لم يكن عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات، وإنما جاء عن طريق علاقة شخصية بين الطالبة والكلية، وإذ لم تقدم ما يفيد أنها حصلت على شهادة معادلة لشهادة الثانوية العامة، وبالرغم من ذلك تم قبولها بكلية العلوم الاجتماعية جامعة 6 أكتوبر، وقد ادعت الجامعة أن قبولها لها جاء بطريق الخطأ المادي الذي وقع فيه الموظف المختص، وقد أقرَّت للجامعة بأنها حاصلة على شهادة الثانوية العامة بمجموع 55% فأكثر، وإذ ثَبُت غير ذلك فإنها تكون مسئولةً عنه دون أدنى مسئوليةٍ على الجامعة، وإذ كان هذا الإقرار بخلاف الحقيقة، فإن التحاقها بالكلية قد جاء بناء على غشٍ منها، الأمر الذي يجعل من حق الجامعة أن تسحب قرار قبول التحاقها بالكلية في أي وقتٍ، ويترتب على هذا السحب آثاره القانونية الصحيحة، ومنها منعها من دخول الامتحان، وبالتالي يكون طلب المدعية غير مُستنِد إلى أساسٍ صحيح من القانون، خليقًا بالرفض.
وبالنسبة لطلب التعويض، فإن الثابت من الأوراق أن الضرر الذي وقع على المدعية كان نتيجة لحصول الغش من جانبها، ومن ثم فإن خطأها يستغرق خطأ الجهة الإدارية بفرض ثبوته، وبالتالي لا تكتمل أركان مسئولية الجامعة، مما يجعل طلب التعويض فاقِدًا لسنده، جديرًا برفضه.
…………………………………………………………….
وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن الجهة الإدارية قد قبلت أوراق الطاعنة ابتداء بشهادة الثانوية التجارية باعتبارها معادلة للثانوية العامة، دون أن تطلب من الطاعنة دخول امتحان أو اختبار المواد المعادلة للثانوية، وقبلت جامعة 6 أكتوبر الطاعنة بكلية العلوم الاجتماعية التابعة لها في العام الدراسي 2000/2001، وأنها أدت امتحانات الفرقة الأولى بفصليها الأول والثاني، ونجحت في الترم الأول في الفرقة الثانية، وعند أدائها امتحانات الترم الثاني فوجئت باستبعادها؛ على سند من أنه تم قبولها بالخطأ من الموظف المختص بقبول الأوراق، وأن مؤهلها الذي التحقت به لا يؤهلها للالتحاق بالكلية، في حين أن قرار قبولها بالجامعة قد تحصن بمرور ستين يومًا؛ لأنه لا يعد قرارًا معدومًا؛ لأنه لم يلحقه خلل في أركانه، وإنما في شروط صحته، وأن كلية العلوم الاجتماعية بجامعة 6 أكتوبر تقبل طلبات الالتحاق بها بصفة فردية، ومع الطلبات الواردة برغبتها لدى مكتب التنسيق، وهذا لا يعني وجود علاقة شخصية تربطها مع الكلية، كما أنه لم يُطلب منها أي امتحان معادلة للثانوية العامة.
أما عن طلب التعويض، فإن الحكم المطعون فيه استند إلى دليل فاسد، اصطنعته الجهة الإدارية بطلبها سلفًا من الطاعنة أثناء دخولها الامتحان في الترم الثاني من الفرقة الثانية أن تكتب إقرارًا بأنها حاصلة على الثانوية العامة، وفي ذلك غش من الجامعة، وليس من الطاعنة التي أجبرت عليه، بزعم أن هذا الإقرار مطلوب من جميع الطلاب الحاصلين على شهادة دبلوم المدارس التجارية، وبالتالي فإن الخطأ واقع من الجهة الإدارية لا منها هي، وهو ما تتكامل معه عناصر المسئولية الإدارية.
…………………………………………………………….
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 101 لسنة 1992 بشأن إنشاء الجامعات الخاصة([2]) تنص على أن: “يجوز إنشاء جامعات خاصة تكون أغلبية الأموال المشاركة في رأسمالها مملوكة للمصريين، ولا يكون غرضُها الأساسي تحقيق الربح، ويصدر بإنشاء الجامعات الخاصة وتحديد نظامها قرارٌ من رئيس الجمهورية…”.
وتنص المادة الثالثة من القانون ذاته على أن: “يكون للجامعة شخصية اعتبارية خاصة، ويمثلها رئيسها أمام الغير، وتتكون من أقسام أو كليات أو معاهد عليا متخصصة أو وحدات بحثية. ويبين القرار الصادر بإنشاء الجامعة الأحكام المنظمة لها، وبصفة خاصة: (أ)… (ب)… (جـ) بيان الدرجات العلمية والشهادات والدبلومات التي تمنحها الجامعة، والشروط العامة للحصول عليها. (د) شروط قبول الطلاب الحاصلين على شهادات الثانوية العامة أو ما يعادلها،…”.
وتنص المادة رقم (1) من قرار رئيس الجمهورية رقم 243 لسنة 1996 على أن: “تُنشأ جامعة خاصة تسمى «جامعة 6 أكتوبر»، تكون لها الشخصية الاعتبارية، ويمثلها رئيسها أمام الغير، ويكون مقرها مدينة 6 أكتوبر، وتباشر الجامعة نشاطها طبقًا لأحكام القانون رقم 101 لسنة 1992 المشار إليه، وللأحكام الواردة بهذا القرار”.
وتنص المادة رقم (4) من القرار نفسه على أن: “يختص مجلس الأمناء بما يلي:
1-… 2- وضع اللوائح الداخلية لتسيير أعمال الجامعة والخاصة بالشئون المالية، والشئون الإدارية، وشئون العاملين، وشئون التعليم والطلاب في كل كلية أو وحدة بحوث…، وذلك بعد أخذ رأي مجلس الجامعة…”.
وتنص المادة رقم (6) من القرار نفسه على أن: “يختص مجلس الجامعة بما يلي:
1- تسيير الشئون العلمية والبحثية والإدارية للجامعة.
2- تحديد شروط القبول، وأعداد الطلاب، والمصروفات الدراسية، وذلك بكل كليةٍ أو وحدة بحوث. 3-…”.
وتنص المادة رقم (9) من القرار ذاته على أن: “تقبل الجامعة الطلاب المصريين والأجانب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها بحد أدنى 55%، ووفقًا لشروط القبول الأخرى التي يحددها مجلس الجامعة”.
وتنص المادة رقم (3) من اللائحة الداخلية لطلبة كلية العلوم الاجتماعية بجامعة 6 أكتوبر على أن: “يُشترط للقبول بالكلية أن يكون الطالب حاصلا على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، مستوفيا الحد الأدنى للقبول في الكلية حسب قرار مجلس الجامعة، وأن يجتاز الاختبارات وشروط القبول التي تحددها الكلية”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع في القانون رقم 101 لسنة 1992 أجاز إنشاء جامعات خاصة بقرار من رئيس الجمهورية، وعلى أن يحدد هذا القرار شروط قبول الطلاب الحاصلين على شهادات الثانوية العامة أو ما يعادلها، وأنه إعمالا لذلك القانون صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 243 لسنة 1996 بإنشاء جامعة 6 أكتوبر، ونص في المادة رقم (9) منه على قبول الجامعة للطلاب المصريين والأجانب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، بحد أدنى 55%، وعلى وفق شروط القبول الأخرى التي يحددها مجلس الجامعة، ولم يُشر المشرع إلى أي اشتراطات في شأن الشهادة المعادلة، من حيث إجراء امتحانات أو اختبارات أخرى، بل إنَّ الظاهر من نص المادة (9) من القرار الجمهوري المذكور سالفًا أنه لم يُجز لمجلس الجامعة إضافة أي شروط فيما يتعلق بنوع الشهادة ونسبة النجاح، وإن أجاز له تحديد شروط أخرى للقبول.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعنة حاصلة على شهادة الثانوية الفنية التجارية نظام الثلاث السنوات، دور أول سنة 1999 من مدرسة مبارك التجارية بنات، بمجموع 465 من 700 درجة، وأنها حررت شهادة رغبات مكتب تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد التابع لوزارة التعليم العالي عن عام 1999، حيث أبدت أربعين رغبة ولم تكن منها كلية العلوم الاجتماعية بجامعة 6 أكتوبر، والثابت من كتاب جامعة 6 أكتوبر المودع حافظة مستندات الجهة الإدارية بجلسة 22/4/2007 أمام محكمة القضاء الإداري أنَّ الطاعنة قيدت بالفرقة الأولى بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة 6 أكتوبر مستجدة في العام الدراسي 2000/2001، وتقدمت لأداء امتحانات نهاية العام وكانت نتيجتها راسبة، والثابت كذلك من مذكرة دفاع جامعة 6 أكتوبر المقدمة أمام محكمة الجيزة الابتدائية (المحكمة التي أقيمت الدعوى أمامها ابتداء) أن الطاعنة لم يُسمح لها بأداء امتحانات الفرقة المقيدة بها؛ وذلك لاكتشاف الجامعة أن الطالبة قُبِلَت بالجامعة بالمخالفة للقانون؛ لعدم حصولها على شهادة الثانوية العامة، حيث إنها حاصلة على شهادة الثانوية التجارية، كما أقرت الطاعنة في الإقرار الموقع منها عند التحاقها بالجامعة أنها حاصلة على شهادة الثانوية العامة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مخالفة القرار الإداري للقانون تستتبع البطلان وليس الانعدام، وذلك بحسبان أن الانعدام كجزاء على مخالفة مبدأ المشروعية لا ينشأ إلا حيث يكون مُصْدِرُ القرار مغتصبًا للسلطة من الجهة المختصة بإصداره، أو شاب القرار غش أو تدليس من صاحب الشأن، أو متى بلغت المخالفة التي لحقت بالقرار أو اعتورته حدًا من الجسامة يُفقده كيانه ويُجرده من صفته ويُزيل عنه مقوماته، كتصرف قانوني صادر عن جهة الإدارة لإحداث مركز قانوني معين، ومن ثم يكون لزامًا سحبه في أي وقت مهما طال الأمد، في حين أن الأمر مختلف بالنسبة للقرار الباطل، حيث ينتهي أثر هذا البطلان بمضي ستين يومًا على صدوره دون المساس به، فإذا انتهت هذه المدة غدا القرار حصينًا من السحب والإلغاء، وتولد عنه لصاحبه مركزٌ قانوني لا يجوز المساس به؛ نزولا على مبدأ استقرار المراكز القانونية. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 20/7/2011 في الطعن رقم 36580 لسنة 57ق.ع)
وحيث إن المخالفة التي شابت قرار قبول أوراق الطاعنة وقيدها بكلية العلوم الاجتماعية بالجامعة المطعون ضدها، والتي يقتصر القبول فيها على الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، دون الحاصلين على شهادة الثانوية الفنية التجارية، هي مخالفة لا يترتب عليها انعدام القرار؛ خاصة أن الجهة الإدارية كانت على علمٍ تامٍ بحقيقة الشهادة الحاصلة عليها الطاعنة، والتي قدمتها للجامعة، وأودعت ملف أوراقها، دون غش أو تدليس من جانبها، وبالتالي فإن قرار قبولها يتحصن بمضي مدة ستين يومًا على صدوره، ولا يجوز للجامعة المطعون ضدها أن تسحبه بعد أن أمضت الطاعنة أكثر من عام بالكلية المذكورة.
ولا ينال من ذلك ما أثارته الجامعة المطعون ضدها من أن الطاعنة أقرَّت عند التحاقها بالجامعة بأنها حاصلة على شهادة الثانوية العامة، إذ إن ذلك لا يعد غِشًّا ولا تدليسا؛ باعتبار أن التدليس الذي يصاحب مراحل إصدار القرار الإداري عمل بطبيعته قصدي يتوفر باستعمال صاحب الشأن طرقًا احتيالية بنية التضليل، للوصول إلى غرض غير مشروع، تدفع الإدارة فعلا إلى إصدار قرارها، وقد تكون هذه الطرق الاحتيالية التي استهدف بها صاحب الشأن التأثير في الإرادة طرقًا مادية كافية للتضليل وإخفاء الحقيقة، وقد تكون عملا سلبيا محضًا، في صورة كتمان صاحب الشأن عمدًا بعض المعلومات الأساسية التي تجهَلُها جهة الإدارة، ولا تستطيع معرفتها عن طريق آخر، ويؤَثِّر جهلُها بها تأثيرًا جوهريا في إرادتها، وذلك مع علم صاحب الشأن بهذه المعلومات وبأهميتها وخطرها، وأن الإدارة تعول عليها في إصدار قرارها، ولو لم تطلبها منه صراحة. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 2/3/ 1968 في الطعن رقم 268 لسنة 11ق.ع- مجموعة الخمسة عشر عامًا (1965- 1980) ج3 ص2070).
ولما كانت شهادة الثانوية الفنية التجارية الحاصلة عليها الطاعنة مُقدَّمةً للجامعة المطعون ضدها عند تقديم الطاعنة لأوراق التحاقها بالجامعة، ومحفوظة بملف أوراقها لدى الجامعة، وبالتالي فإن الإقرار المقدَّم من الطاعنة لم يكن هو الدافع إلى إصدار قرار قبولها، ولم يكن له أدنى تأثير في علم الجامعة بحقيقة الشهادة الحاصلة عليها، ولا تقبله أية جهة إدارية كمستند للشهادة الحاصل عليها المتقدِّم أو كمسوغ للالتحاق بها، وبالتالي ينتفي أي غش أو تدليس من جانب الطاعنة في صدور القرار المطعون فيه، فضلا عنْ أنَّ الثابت من الاطلاع على الإقرار المشار إليه أنه غير مؤرَّخ، ولا دليل على أنه قُدِّمَ مُعاصرًا لتاريخ تقديم الطاعنة لأوراق قبولها بالجامعة، ولا ينفي ما أثارته الطاعنة من أنها أُجبِرَت عليه عند منعها من دخول الامتحان، بحجة أنه مطلوب من جميع الطلبة، خاصةً وأنه نموذج معد من قبل الجامعة ذاتها، ويُنبئُ بذاته أن الغرض منه تنصل الجامعة من مسئوليتها عن قرارات قبول الطلبة.
فضلا عن أن القاعدة الفقهية تجري على أن: “الوصف في الحاضر لغو”، أي الوصف في الشيء الحاضر المشار إليه في المجلس لغو، أي ساقط الاعتبار؛ لأن المقصود من الوصف التعريف وإزالة الاشتباه والاشتراك، وقد حصل ذلك بالإشارة إلى ما هو أعلى وأبلغ. (راجع في ذلك تفصيلا: شرح القواعد الفقهية للشيخ/ أحمد الزرقا، دار القلم بدمشق، الطبعة الثانية 1989- ص331 وما بعدها).
وباعتبار أن الأصل موجود لدى الجامعة المطعون ضدها، وهو أصل الشهادة الحاصلة عليها الطاعنة، وبالتالي فالإدلاء بأية بيانات عن هذه الشهادة هو من قبيل اللغو الساقط عن الاعتبار، هذا من جانب.
ومن جانب آخر فإن المطعون ضدها وقت توقيع هذا الإقرار كانت ناقصة الأهلية، ولم تكن كاملة الأهلية لمباشرة حقوقها المدنية، بحسبانها من مواليد 1/8/1982، وأنها وقَّعت الإقرار المذكور في عام 2001، فمن ثم تكون بالغةً من العمر تسعة عشر عامًا تقريبًا، ونقص الأهلية يستتبع الخضوع لأحكام الولاية أو الوصاية، وذلك كله على وفق أحكام المواد من (44) حتى (48) من القانون المدني، ومن ثم وَقَع الإقرارُ المشار إليه في دائرة البطلان، ووجب على المحكمة عدم الاعتداد به، وطرح ما ورد به وما ترتب عليه من آثار.
وحيث إنه ترتيبًا على كل ما تقدم، يغدو القرار المطعون فيه من سحب قرار قبول الطاعنة بالكلية مخالفًا للقانون، جديرًا بالإلغاء وما يترتب عليه من آثار أهمها استكمال دراستها بالكلية على وفق حقيقة وضعها الدراسي بالكلية، إذ خلت الأوراق من أيِّ ما يَدلُّ على عكس ذلك يقينًا.
– وحيث إنه عن طلب التعويض، فإن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية منوطة بأن يكون القرار معيبًا، وأن يترتب عليه ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين عدم مشروعية القرار- أي بين خطأ الإدارة- والضرر الذي أصاب صاحب الشأن.
وحيث إنه عن ركن الخطأ، فإن المحكمة قد انتهت سلفًا إلى عدم مشروعية القرار المطعون فيه، وهو سحب قرار قبول الطاعنة بالجامعة المطعون ضدها، وهو الركن الأول من أركان المسئولية الإدارية.
وحيث إنه عن الركن الثاني، وهو ركن الضرر، ومؤداه أن يترتب على الخطأ ضرر، سواء كان ضررًا ماديا أو أدبيا، وما دام أنه لا يوجد أيُّ نصٍ في القانون يُلِزمُ اتباع معايير معينة في تقدير التعويض عن الأضرار المالية والأدبية، لذا فإنه يجب على المضرور أن يبين عناصر الضرر والدليل عليه، وتستقل المحكمة بتقدير درجة أحقيته في التعويض عنه؛ بحسبان أن تقدير التعويض هو من مسائل الواقع، ولها أن تستبعد من الأضرار ما لا دليل عليه. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30/1/2001 في الطعن رقم 6701 لسنة 42ق عليا- مجموعة السنة 46 ج1 ص713)
وحيث إن الطاعنة أصابها -دون شك- ضررٌ مادي محقق من جراء صدور القرار المطعون فيه، وهو حرمانها من استكمال دراستها الجامعية بالكلية التي اختارتها وضياع سنة دراسية عليها، وضررٌ أدبي أيضًا، يتمثل في الشعور بالألم والحرمان والإحباط من جراءِ صدور القرار المطعون فيه، خاصة صدوره مقرونًا بارتكاب الطاعنة للغش والتدليس، إلا أن باقي الأضرار التي أوردتها الطاعنة من دفعها المصاريف الدراسية بالكلية المذكورة سالفًا لمدة عامين متتاليين، بالإضافة إلى قيمة الكتب والمصاريف الأخرى، لا تصلح محلا للتعويض؛ لأن الطاعنة لم تقدم أصلا ما يفيد نجاحها في الفرقة الدراسية الأولى، وقد أشارت الجامعة المطعون ضدها بكتابها المودع حافظة المستندات المقدمة منها أمام محكمة أول درجة بجلسة 22/4/2007 إلى أن الطاعنة تقدمت لامتحانات نهاية العام بالفرقة الأولى وكانت نتيجتها راسبة، وأنها قامت بسحب أوراقها من الجامعة، خاصة أن الطاعنة قدمت بحافظة مستنداتها المقدمة أمام محكمة جنوب الجيزة الابتدائية صورة من بطاقة التحاقها بالفرقة الأولى فقط، وصورة من إيصال تأمين للقسط الأول بالجامعة المطعون ضدها مؤرخ في 7/10/2000، وهو وقت التحاقها بالفرقة الأولى بالعام الدراسي 2000/2001، ومن ثم فإن هذه المصاريف كانت ستتحملها أيضًا لو لم يصدر القرار المطعون فيه، وتقديم الطاعنة لصور أسئلة امتحان الفرقة الثانية بالكلية المذكورة لا يدل البتة على أنها اجتازت الفرقة الأولى بنجاح، وأدت امتحانات الفرقة الثانية- الفصل الدراسي الأول، مادامت لم تقدم ما يثبت ذلك، وأقلها بطاقة قيدها بالفرقة الثانية.
وحيث إن المادة (216) من القانون المدني تنص على أنه: “يجوز للقاضي أن يُنقص مقدار التعويض، أو ألا يحكم بتعويضٍ ما، إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه”.
ولما كان تقديم الطاعنة لأوراقها للالتحاق بكلية العلوم الاجتماعية بالجامعة المطعون ضدها قد تم بِفعلها بالمخالفة لأحكام القانون، فإن المحكمة تأخذ ذلك في حسبانها في تقدير التعويض للطاعنة، مُستهديةً في ذلك بجميع الظروف والملابسات المحيطة بالنـزاع، ومن ثم تقضي المحكمة بإلزام جامعة 6 أكتوبر أن تؤدى للطاعنة مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضًا جابرًا لجميع الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بها من جَرَاءِ صدور القرار المطعون فيه.
وحيثُ إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النهج، فيما قضى به وما ذهب إليه من أسباب، فإنه بذلك يكون قد أخطأ في تطبيق صحيح حكم القانون، ويكون الطعنُ عليه قائمًا على سندٍ صحيح، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلغائه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجامعة المطعون ضدها بتعويض الطاعنة على النحو الذي سَيرد بالمنطوق.
وحيث إنَّ من خَسِرَ الطعن يُلزمْ مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجامعة المطعون ضدها أن تؤدى للطاعنة مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضًا جابرًا للأضرار التي حاقت بها من جراءِ صدور القرار المطعون فيه، وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات.
[1])) يراجع كذلك في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 21/5/2008 في الطعن رقم 4759 لسنة 46 القضائية عليا، (منشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة في السنة 53 مكتب فني، ج/2- المبدأ رقم 162/ب، ص1238).
[2])) هذا القانون أُلغي بموجب المادة الثانية من القانون رقم 12 لسنة 2009 بإصدار قانون الجامعات الخاصة والأهلية…، والذي حل محله، ودُمجت مواده بالقانون الجديد.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |