مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – الطعن رقم 35408 لسنة 59 القضائية (عليا)
أغسطس 2, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة العاشرة – الطعن رقم 4267 لسنة 56 القضائية (عليا)
أغسطس 3, 2021

الدائرة السابعة – الطعن رقم 684 لسنة 60 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 9 من أغسطس سنة 2014

الطعن رقم 684 لسنة 60 القضائية (عليا)

(الدائرة السابعة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد ماهر أبو العينين، وطارق محمد لطيف عبد العزيز، ومحمد محمد مجاهد راشد، وحسن محمود سعداوي محمد

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) جامعات– أعضاء هيئة التدريس- رئيس مجلس القسم- تعيينه([1])– ميَّز المشرِّعُ بين حالة ما إذا كان القسم يضم ثلاثة أساتذة فأكثر، أو يضم أقل من ثلاثة- في الحالة الأولى يتم التعيين بالاختيار فيما بينهم من قِبَل رئيس الجامعة بما له من سلطة تقديرية، ويكتسب المعين مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا بالتعيين، وتكون مدة رئاسة القسم ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وفي الحالة الثانية يكون التعيين بالأقدمية، وتكون سلطة رئيس الجامعة مُقيَّدةً في هذا الشأن، ويكون قراره بالتعيين مجرد إجراء تنفيذي لا يُكسِبُ مَنْ صدر لمصلحته مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا بالتعيين، بل يكون شاغلا لمركزٍ قانوني عام غير مُحدَّد بمدةٍ ينتهي إذا طرأ عليه تعديلٌ تشريعي أو واقعٌ قانوني- (تطبيق): إذا تمَّ تعيين رئيس القسم بالأقدمية (الحالة الثانية)، ثم صدر تعديلٌ تشريعي بشأن اختيار رئيس مجلس القسم (كأن يكون التعيين عن طريق الانتخاب) انتهت مدة شغله لتلك الوظيفة، ويطبق التعديلُ بأثره الفوري([2]).

– المادة رقم (56) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، والمادة رقم (13 مكررًا) من قانون تنظيم الجامعات، المضافة بالقرار بقانون رقم 84 لسنة 2012، والملغاة لاحقًا بموجب القرار بقانون رقم 52 لسنة 2014.

– المادة رقم (40) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات المشار إليه، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975.

– المواد أرقام (15) و(18) و(19) و(20) و(22) و(24) من قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 1 لسنة 2012 بشروط وإجراءات انتخابات القيادات الجامعية.

(ب) قرار إداري– السلطة التقديرية والسلطة المقيَّدة- طبيعة المركز القانوني الناشئ عن القرار، والآثار القانونية المترتبة عليه، في كلٍّ من الحالتين- في الحالة الأولى (صدور القرار بناء على سلطةٍ تقديرية لمصْدِرِه) يَكتسبُ الصادرُ له القرار مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا، يُكسِبه الحقَّ المتولد عنه للمدة المحدَّدة قانونًا، (إذا كانت مؤقتة)، ما لم يطرأ عارضٌ يمنعُ هذا البقاء أو الاستمرار- في الحالة الثانية (حالة صدور القرار بناء على سلطةٍ مُقيَّدة لمصْدِرِه) يشغلُ الصادرُ له القرار مركزًا قانونيًّا عامًّا، لا مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا؛ لكون القرار مجرد إجراء تنفيذي لمقتضى حكم القانون أو اللائحة، وينتهي شغله لهذا المركز القانوني العام إذا طرأ عليه تعديلٌ تشريعي أو واقعٌ قانوني، مادام لم يكن مُحدَّدًا بمدةٍ على أساسٍ قانوني يجعل له الحق في البقاء أو الاستمرار إلى نهايتها.

الإجراءات

في يوم 9/10/2013 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلمَ كُتَّاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ قُيِّدَ بجدولها برقم 684 لسنة 60 ق. عليا، طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة عشرة) بجلسة 4/9/2013 في الدعوى رقم 10430 لسنة 67ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات.

ويطلب الطاعن -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر بإعلان نتيجة انتخابات قسم الإرشاد النفسي بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة المؤرَّخ في 2/12/2012 فيما تضمنه من إعلان فوز الأستاذة الدكتورة/… (الخصم المتدخل المنضم لجهة الإدارة) برئاسة قسم الإرشاد النفسي بالمعهد بالتزكية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها أحقيته في الاستمرار في رئاسة مجلس القسم، وإلزام الجامعة المصروفات عن الدرجتين.

وبعد الإعلان قانونًا، أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار إعلان نتيجة انتخابات قسم الإرشاد النفسي بمعهد الدراسات والبحوث التربوية- جامعة القاهرة، الصادر في 2/12/2012، فيما تضمنه من إعلان فوز الدكتورة/… برئاسة قسم الإرشاد النفسي بالمعهد بالتزكية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها أحقية الطاعن في الاستمرار برئاسة القسم، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وجرى نظر الطعن بالجلسات أمام الدائرة السابعة عليا (فحص) على النحو الثابت بمحاضرها، حيث أحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 16/3/2014، وفيها نظر وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وقررت إصدار الحكم بجلسة 15/6/2014، وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، حيث صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.

وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية.

وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 28/11/2012 أقام الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة 13) الدعوى رقم 10430 لسنة 67 ق، طالبًا الحكم بقبولها شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف إجراءات الانتخابات، وفي الموضوع بإلغاء انتخابات رئاسة قسم الإرشاد النفسي بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة، وتمكينه من استكمال مدته القانونية الثانية للقسم، على سندٍ من أنه تمَّ تعيينه رئيسًا لقسم الإرشاد النفسي بالمعهد المذكور بالقرار رقم 2088 لسنة 2008، إلا أنه فوجئ بفتح باب الترشح لرئاسة القسم من 25/11/2012 حتى 4/12/2012، بالرغم من أنه لم تنتهِ مدة رئاسته للقسم، ولم يبلغ سن التقاعد، وقبل خلو المنصب بشهر ونصف على الأقل.

………………………………………………..

وبجلسة 4/9/2013 قضت المحكمة المذكورة بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعي المصروفات، بعد قبول تدخل المطعون على قرار إعلان فوزها الأستاذة الدكتورة/… انضماميًّا إلى جانب الجهة الإدارية، مُشيِّدة قضاءها -بعد أن استعرضت أحكام المادة (56) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، والمادة (13 مكررًا) منه المضافة بالقانون رقم 84 لسنة 2012، والمعمول بها اعتبارًا من 15/7/2012، والمادتين (15) و(18) من قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 1 لسنة 2012- على أنه صدر القرار 2088 لسنة 2008 بتعيين الطاعن رئيسًا لمجلس قسم الإرشاد النفسي بالمعهد المدعى عليه اعتبارًا من 1/11/2008، وحتى حدوث أي تعديل يطرأ على القسم، وذلك طبقًا لأحكام المادة (56) من القانون المشار إليه، التي حدَّدت مدة رئاسة القسم بثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وانتهت مدة رئاسة المدعي في 31/10/2011، ولم يصدر قرار بالتجديد، ولكن استمر قائمًا بعمل رئيس القسم، وبعد صدور القانون رقم 84 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات (الذي نص على أن يتمّ اختيار شاغلي الوظائف القيادية، ومنها رئيس القسم، بطريق الانتخاب على وفق الشروط والإجراءات ومعايير المفاضلة التي يقرها المجلس الأعلى للجامعات) تقدم العديد من أعضاء هيئة التدريس بالقسم بشكاوى ضد المدعي للمطالبة بتفعيل القانون الجديد، حيث عُرِضَ الأمر على المستشار القانوني للجامعة الذي أفاد بمذكرته المؤرَّخة في 17/10/2012 بأنه يتعين إجراء الانتخابات، وبناءً على ذلك أعلن المعهد عن إجراء الانتخابات لرئاسة القسم، فتقدم للترشح:… الخصم المتدخل، ولم يتقدم المدعي للترشح، وبتاريخ 2/12/2012 أعلن فوز الخصم المتدخل بالتزكية، ومن ثمَّ صدر قرار رئيس الجامعة رقم 1202 في 3/12/2012 بتعيينها رئيسًا لمجلس القسم، وأن القانون رقم 84 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات تضمن تنظيمًا عاما ومتكاملا لاختيار وتعيين شاغلي الوظائف القيادية المنصوص عليها بالقانون، وذلك بطريق الانتخابات، وهذا التنظيم الجديد يطبق بالضرورة على حالة المدعي؛ إعمالا لمبدأ نفاذ القانون الجديد بأثر فوري ومباشر، بحسبان أن علاقة الموظف بالجهة الإدارية هي علاقة تنظيمية، وأن مركزه القانوني يجوز تغييره وتعديله في أي وقت على وفق المصلحة العامة، وأن تعيين الخصم المتدخل بناءً على القانون الجديد رقم 84 لسنة 2012، وإعمال ذلك في المدة الباقية من رئاسة المدعي للقسم على فرض وجودها، لا يعد سحبا لهذا القانون بأثر رجعي على واقعة تمت قبل نفاذه، مادام أن تعيين الطاعن في ذاته لم يمس، ولم ينصَبَّ أثرُ القانونِ الجديدِ إلا على استمرار رئاسته، وأن مدة شغله لرئاسة القسم -وهي ثلاث سنوات طبقًا لأحكام المادة (56)- قد انتهت قبل إجراء الانتخابات في ديسمبر 2012، وأصبح المنصب شاغرًا من هذا التاريخ.

………………………………………………..

وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله؛ ذلك أن الأساتذة بالقسم أقل من ثلاثة، ومن ثمَّ يتولى الرئاسة الأقدم بقوة القانون عملا بحكم المادتين (56) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، و(40) من اللائحة التنفيذية له، والمادتين (19) و(22) من قرار رئيس المجلس الأعلى للجامعات رقم 1 لسنة 2012، وأن الطاعن شغل منصب رئيس القسم لكونه الأستاذ الوحيد به، كما نعت على الحكم الطعين الفساد في الاستدلال لتطبيق القانون رقم 84 لسنة 2012 بأثر رجعي، والقصور في التسبيب لبطلان إجراءات تعيين الخصم المتدخل.

………………………………………………..

وحيث إن المادة (56) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، تنص على أن: “يُعيَّن رئيس مجلس القسم من بين أقدم ثلاثة أساتذة في القسم، ويكون تعيينه بقرار من رئيس الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية أو المعهد لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ولا يسري هذا الحكم في حالة وجود أقل من ثلاثة أساتذة؛ إذ تكون رئاسة مجلس القسم لأقدمهم…”.

وتنص المادة (40) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 على أن: “يُعيَّن رئيس مجلس القسم من بين أقدم ثلاثة أساتذة في القسم، ويكون تعيينه بقرار من رئيس الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ويستمر في رئاسة القسم حتى نهاية المدة دون اعتبار لِما يطرأ من تغييرٍ على عدد الأساتذة في القسم.

وفي حالة وجود أقل من ثلاثة أساتذة تكون رئاسة مجلس القسم لأقدمهم، فإذا أصبح بالقسم من هو أقدم منه كانت له الرئاسة مادام عدد الأساتذة دون الثلاثة، فإذا أصبح عدد الأساتذة ثلاثة أو أكثر عيَّن رئيس الجامعة رئيس مجلس القسم وفقًا لحكم الفقرة الأولى من هذه المادة”.

وتنص المادة (13 مكررًا) من القانون المذكور- المضافة بالقرار بقانون رقم 84 لسنة 2012، والمعمول بها اعتبارًا من 15/7/2012- على أن: “يتولى أعضاءُ هيئة التدريس ومعاونوهم اختيار شاغلي الوظائف القيادية المنصوص عليها بهذا القانون (رئيس مجلس القسم- عميد الكلية أو المعهد- رئيس الجامعة)، وذلك بطريق الانتخاب وفقًا للشروط والإجراءات ومعايير المفاضلة التي يقرها المجلس الأعلى للجامعات بمشاركة ثلاثة من رؤساء نوادي أعضاء هيئة التدريس على نحوٍ يضمنُ كفالة المساواة والعدالة بين جميع المتقدمين لشغل هذه الوظائف وتحقيق اختيار أفضل وأكفأ العناصر الممثلة لإرادة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ويصدر قرارُ التعيين من السلطة المختصة بالتعيين وفقًا لهذا القانون وذلك طبقًا لنتيجة الانتخابات، ويُلغى كل ما يخالفُ ذلك”.

وتنص المادة (15) من قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 1 لسنة 2012 بشروط وإجراءات انتخابات القيادات الجامعية على أن: “يتم انتخاب رئيس مجلس القسم من بين أقدم ثلاثة متقدمين للترشيح من الأساتذة العاملين بالقسم والمستوفين لشروط الترشيح، وذلك عن طريق الانتخاب الحر المباشر بواسطة جميع أعضاء هيئة التدريس بالقسم العاملين والمتفرغين والقائمين بالعمل فعليًّا بالجامعة… ويتم إجراء الانتخابات في حالة وجود اثنين من الأساتذة المرشحين لرئاسة القسم، وفي حالة وجود أكثر من أستاذ تتوافر فيهم شروط الترشيح واقتصار الترشيح على أحدهم فإن اللجنة تعلن نجاحه بالتزكية،…”.

وتنص المادة (18) من القرار المشار إليه على أنه: “يكونُ للسلطةِ المختصة بالتعيينِ لوظيفتي رئيس مجلس القسم وعميد الكلية، أو العرضِ بالنسبة لوظيفة رئيس الجامعة، الحقُّ في تكليف قائم بالأعمال في الحالتين الآتيتين:

1- استحالة إجراء العملية الانتخابية طبقًا لهذا القرار، وذلك لمدة عام أكاديمي.

2- في الأقسام والكليات والجامعات المنشأة حديثًا، وذلك لحين استيفاء مقومات إجراء العملية الانتخابية”.

وتنص المادة (19) من القرار ذاته على أن: “تعتبر أي وظيفة قيادية من المشار إليها بهذا القرار شاغرةً بمجرد صدور القرار بتعيين شاغلها لوظيفة قيادية أخرى…”.

وتنص المادة (20) من القرار المذكور على أن: “تكون مدد شغل الوظيفة القيادية طبقًا لِما جاء بقانون تنظيم الجامعات في هذا الشأن”.

وتنص المادة (22) منه على أن: “تتولى السلطةُ المختصة بالتعيينِ بالنسبة لوظيفة رئيس مجلس القسم وعميد الكلية أو المعهد، وكذا السلطةُ المختصة بالعرضِ لإصدار قرار تعيين رئيس الجامعة، إجراء الانتخابات وبدء أعمال لجنة الإشراف قبل موعد خلو الوظيفة القيادية الجامعية بشهر ونصف على الأقل”.

وتنص المادة (24) منه على أن: “يُعلَنُ عن الوظيفة الشاغرة طبقًا لهذا القرار لمدة أسبوعين…”.

وحيث إن مفاد ذلك أن المشرِّع قد حدَّد بالمادة (56) من قانون تنظيم الجامعات، والمادة (40) من لائحته التنفيذية المشار إليهما، إجراءات تعيين رئيس مجلس القسم، وطبيعة هذه السلطة، ومدة رئاسة مجلس القسم، وفرَّق في ذلك بين حالتين:

الأولى: التعيين بالاختيار، وهي الحالة التي يكون فيها عدد الأساتذة في القسم ثلاثة فأكثر، فيتم التعيين من رئيس الجامعة بما له من سلطة تقديرية، بعد استيفاء إجراء هو أخذ رأي عميد الكلية أو المعهد، وفي هذه الحالة يكتسب المعيَّن بقرار رئيس الجامعة مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا بالتعيين؛ لكونه صادرًا بناءً على سلطة تقديرية، بموجب قرار مركب، بعد أخذ رأي عميد الكلية أو المعهد، وتكون مدة رئاسة مجلس القسم في هذه الحالة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمرةٍ واحدة، وإذا طرأ أيُّ تغيير على عدد الأساتذة وجب أن يستمر في شغل منصبه حتى نهاية المدة وهي ثلاث سنوات.

والثانية: التعيين بالأقدمية، وهي الحالة التي يكون عدد أساتذة القسم فيها أقل من ثلاثة، وأوجب أن تكون الرئاسة للأقدم، دون إجراءٍ سابق يتعين على رئيس الجامعة اتخاذه ودون تحديد مدة لشغله لها، ودون أية سلطةٍ تقديرية لرئيس الجامعة في هذا الشأن، فيكون رئيس القسم هو الأقدم، فإذا عُيِّنَ بالقسم مَنْ هو أقدم من المعين به، وجب على رئيس الجامعة أن يُصدرَ قرارًا جديدًا بتعيين الأقدم، مادام أن العدد أقل من ثلاثة أساتذة، بحيث تنعقدُ الرئاسةُ دائمًا للأقدم، وقرار التعيين الذي يصدره رئيس الجامعة في هذه الحالة يصدر بناءً على سلطة مقيَّدة، ولا يعدو أن يكون مجرد إجراء تنفيذي لمقتضى حكم القانون واللائحة، لذا لا يجوز لرئيس الجامعة تحديد مدة شغل وظيفة رئيس القسم في هذه الحالة، ويكون شغلُه لها في هذه الحالة شغلا لمركزٍ قانوني عام لا يُكسِبُه حقًّا ذاتيًّا.

وحيث إن أوجه الاختلاف بين التعيين في رئاسة القسم بالاختيار والتعيين بالأقدمية في الإجراءات، بأخذ رأي عميد الكلية أو المعهد في التعيين بالاختيار حالة كونهم ثلاثةً فأكثر، من عدم أخذ رأيه حالة كونهم أقل من ثلاثة أساتذة بالقسم، وطبيعة السلطة الصادر بناء عليها القرار، فهي سلطة تقديرية في التعيين بالاختيار، وسلطة مقيَّدة في التعيين بالأقدمية، ومدة شغل المنصب ثلاثُ سنوات في التعيين بالاختيار ويجوزُ تجديدُها لمرةٍ واحدة، وغيرُ محدَّدة المدة في التعيين بالأقدمية.

وحيث إنه إزاء هذا الاختلاف في هذه الجوانب الثلاثة، فقد ترتب عليه اختلافٌ في طبيعة المركز القانوني الناشئ عن قرار التعيين، واختلافٌ في الآثار القانونية المترتبة على قرار التعيين في كل من الحالتين، ففي الحالة الأولى يَكتسبُ الصادرُ له قرار التعيين بالاختيار مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا، يُكسِبه حقًّا في البقاء والاستمرار في شغل المنصب للمدة المحددة قانونًا، ما لم يطرأ عارضٌ يمنع هذا البقاء أو الاستمرار، في حين أنه في الحالة الثانية يشغلُ الصادرُ له قرار التعيين بالأقدمية مركزًا قانونيًّا عامًّا، لا يَكتسِبُ به مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا من القرار الصادر بتعيينه؛ لكونه صادرًا بناءً على سلطةٍ مُقيَّدة لرئيس الجامعة ومجرد إجراء تنفيذي لمقتضى حكم القانون واللائحة، ولم يكن مُحدَّدًا بمدةٍ؛ لعدم تحديد مدة شغل وظيفة رئيس القسم في هذه الحالة.

وحيث إنه ترتيبًا على هذا الاختلاف في طبيعة المركز القانوني، بين مركزٍ قانوني ذاتي يُكسِبُ شاغلَه حقًّا في البقاء أو الاستمرار المدة المحدَّدة قانونًا، ومركزٍ قانوني عام لا يُكسِبُ شاغله حقًّا في البقاء أو الاستمرار مدة معينة؛ لعدم وجود مدة محدَّدة قانونًا لشغله، يتولاه مَنْ يتوفر فيه بمجرد تعيينه في القسم، ويكون هو الأقدم، فهي تنتهي بتعيين مَنْ يحمل درجة الأستاذية في القسم، ويكون أقدم مِمَّنْ يشغلُ رئاسة مجلسه بقوة القانون، لذا فإنها تنتهي أيضًا بتغيير القواعد القانونية المنظِّمة لهذه الرئاسة؛ لكونها لا تصادفُ مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا يمثل حقًّا مُكتسَبًا، بل مجرد مركز قانوني عام، وبصدور القانون الذي يُعدِّل قواعد شغله، فإنها تطبق بأثرها المباشر؛ لعدم وجود مدة محدَّدة له قانونًا، فمَنْ يشغلُ رئاسةَ القسم في هذه الحالة لا يكتسبُ مركزًا ذاتيًّا بمجرد شغل هذا المركز أو الاستمرار في العمل بعد انتهاء مدة الثلاث السنوات؛ ذلك أن المدة المحدَّدة ليست مُقرَّرة لهذا الغرض، بل لحالة وجود ثلاث أساتذة فأكثر، إذ إن هذا الاستمرار لا يُفيدُ بقاءً ولا استمرارًا لمركزٍ قانوني ذاتي يمكن أن يرتب القانون عليه آثارًا قانونية ذاتية لشاغله، بالنظر إلى عدم وجود مدةٍ محدَّدة له أساسا يَحِقُّ له استكمالها لنهايتها، بل شغلَ رئاسةَ القسم تنفيذًا لأحكام قانونية، ومُؤدى ذلك أن أحكام المادة (13 مكررًا) من قانون تنظيم الجامعات المضافة بالقانون 84 لسنة 2012 تصادفُ مركزًا قانونيًّا عامًّا لا مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا لرئيس مجلس القسم المعين بالأقدمية، ولعدم وجود مدة محددة لرئاسته، لذا يطبق الحكمُ الجديد بأثره الفوري المباشر.

وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان شاغلا لوظيفة رئيس قسم الإرشاد النفسي بمعهد الدراسات والبحوث التربوية بجامعة القاهرة، بموجب القرار رقم 2088 لسنة 2008 بتعيينه رئيسًا لمجلس قسم الإرشاد النفسي بالمعهد اعتبارًا من 1/11/2008 وحتى حدوث أيِّ تعديلٍ يطرأ على القسم، وذلك على وفق أحكام المادة (56) من قانون تنظيم الجامعات (الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972)، والمادة (40) من لائحته التنفيذية، مع عدم وجود مدة محدَّدة لرئاسة القسم في قرار التعيين الصادر عن رئيس الجامعة؛ لعدم جواز تحديد مدة لشغله في هذه الحالة، بل تكون الرئاسة للأقدم بقوة القانون دون تحديد مدة لشغله، ولكونه صادرًا بناءً على سلطة مُقيَّدة، دون أية سلطةٍ تقديرية لرئيس الجامعة، بل مجرد إجراء تنفيذي وشغلا لمركزٍ قانوني عام، ومن ثمَّ فلم تصادفُ الأحكامُ المقررة بالتشريع الجديد مركزًا قانونيًّا ذاتيًّا للطاعن، ومن ثم تطبق بأثرها الفوري والمباشر؛ لعدم وجود ما يُسمى بالتجديد الضمني لمدةٍ ثانية؛ لعدم تحديد مدةٍ محدَّدة من أساسٍ لشغل رئاسة مجلس القسم في حالة التعيين بالأقدمية، وإذ تمَّ فتحُ باب الترشح لرئاسة القسم طبقًا للقانون 84 لسنة 2012، فإنه يكون مطابقًا للقانون، بغض النظر عن مدى سلامة الأسباب التي تمَّ الاستناد إليها في هذا الشأن.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بهذا المذهب، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق، ولا مطعن عليه، محمولا على الأسباب الواردة بهذا الحكم.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته طبقًا للمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.

([1]) بتاريخ 14/7/2012 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 84 لسنة 2012، ونص في المادة (الرابعة) منه على أن: “تُضاف مادة جديدة إلى قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 نصها الآتي: مادة (13 مكررًا): يتولى أعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم اختيار شاغلي الوظائف القيادية المنصوص عليها بهذا القانون (رئيس مجلس القسم- عميد الكلية أو المعهد- رئيس الجامعة)، وذلك بطريق الانتخاب وفقا للشروط والإجراءات ومعايير المفاضلة التي يقرها المجلس الأعلى للجامعات بمشاركة ثلاثة من رؤساء نوادي أعضاء هيئة التدريس على نحو يضمن كفالة المساواة والعدالة بين جميع المتقدمين لشغل هذه الوظائف وتحقيق اختيار أفضل وأكفأ العناصر الممثلة لإرادة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ويصدر قرار التعيين من السلطة المختصة بالتعيين وفقا لهذا القانون وذلك طبقا لنتيجة الانتخابات، ويلغى كل ما يخالف ذلك”، ثم صدر بتاريخ 24/6/2014 قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 52 لسنة 2014 ونص في المادة (الثانية) منه على أن: “تُلغى المادة (13 مكررًا) من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه”.

([2]) يراجع في المبدأ نفسه: فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع رقم 393 بتاريخ 15/4/2006 ملف رقم 86/3/1067 بجلسة 15/3/2006، حيث انتهت الجمعية إلى صحة قرار رئيس جامعة القاهرة بتعيين أستاذٍ رئيسًا لقسم القانون المدني بكلية الحقوق؛ لكونه الأقدم بعد عودته من الإعارة، وذلك قبل انتهاء مدة الثلاث السنوات المذكورة بقرار تعيين أستاذٍ أحدث منه رئيسًا للقسم، بحسبانه كان الأستاذ الوحيد بالقسم.

وجاء في هذا الإفتاء أنه: “… أما إذا كان عدد أساتذة القسم دون الثلاثة، فتكون قاعدةُ الأقدمية هي المطبَّقة، بحيث يكون الأقدم دومًا هو رئيس القسم، فإذا لم يكن بالقسم سوى أستاذٍ واحد، كان هو الرئيس، فإذا وُجِدَ بعد ذلك بالقسم أستاذٌ أقدم، كان الأقدمُ هو الرئيس، والقرار الذي يصدر بالتعيين فى هذه الحالة لا يعدو أن يكون مجرد إجراء تنفيذي لمقتضى حكم القانون واللائحة؛ على اعتبار أن سلطةَ رئيس الجامعة مُقيَّدة، وليس فيها أدنى قدر من التقدير، وبهذه المثابة لا يجوزُ لرئيس الجامعة تحديدُ مدةِ شغل وظيفة رئيس القسم فى هذه الحالة، فإذا جاءَ قرارُ رئيس الجامعة مخالفًا للقانون، فلا يجوزُ الاحتجاجُ بمركزٍ قانوني متولد عنه، ولا تلحقه حصانة مهما طال عليه الأمد لفقدانه -في الأساس- مقومات القرار الإداري الذي قد يرد عليه التحصن…”.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV