برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضـــويـة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين/ صلاح شندي عزيز تركي ود.مجدي صالح يوسف الجارحي وأحمد محمد أحمد الإبياري وعمرو محمد جمعة عبد القادر.
نــواب رئيس مجلس الدولـة
(أ) دعوى– حدود رقابة المحكمة الإدارية العليا على الحكم المطعون عليه- رقابة المحكمة الإدارية العليا على الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري هي بحسب الأصل رقابة قانونية، تراقب بمقتضاها ثبوت الواقعات وأدلة الثبوت للتحقق من أنها من الأدلة التي يصح بناء الحكم عليها، وتتأكد من تكييف تلك الواقعات تكييفا صحيحا، وتنزل تلك الكيوف والأوصاف القانونية السليمة على تلك الواقعات، ثم تتثبت من سلامة تطبيق القانون عليها، وذلك للتيقن من صحة قضائها وما خلصت إليه في منطوق ذلك القضاء.
(ب) دعوى– الحكم في الدعوى- تسبيب الأحكام- يجوز لمحكمة الطعن الإحالة إلى الأسباب الواردة في الحكم المطعون فيه كأسباب لحكمها، ولها أن تضيف إليه أسبابا أخرى.
(ج) هيئة الشرطة– شئون الضباط– تقرير الكفاية- التفاوت الكبير في تقدير الكفاية بين الرئيس المباشر والرئيس المحلي ورئيس المصلحة، يعد دليلا على خطأٍ بيّنٍ وغير مبرر في التقدير، من شأنه أن يبطله.
(د) هيئة الشرطة– شئون الضباط– تقرير الكفاية- يجوز للطاعن أن يثير عيوب تقارير كفايته ومطاعنه عليها رغم نهائيتها، وذلك بمناسبة الطعن على قرار إنهاء خدمته الصادر استنادًا إلى هذه التقارير.
في يوم الخميس الموافق 20/1/2011 أودعت هيئة قضايا الدولة بوصفها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل، وذلك طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية عشرة) بجلسة 28/11/2010 في الدعوى رقم 6365 لسنة 59ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 957 لسنة 2004، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعي مبلغا مقداره (5000 جنيه) فقط خمسة آلاف جنيه تعويضا عن الأضرار التي أصابته والمصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن.
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون، وذلك بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 28/12/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم ومذكرات في أسبوعين، وقد انقضى هذا الأجل دون أن يقدم أي طرف أية مذكرات، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصر النزاع تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 9/12/2004، طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 957 لسنة 2004 الصادر في 17/7/2004، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية أداء تعويض له مقداره خمس مئة ألف جنيه عن الأضرار التي لحقت به والمصروفات، وذلك على سند من القول إنه تخرج في كلية الشرطة عام 1987، وعمل بوزارة الداخلية حتى شغل رتبة رائد، وأنه كان يؤدي عمله على الوجه الأكمل، ثم نقل للعمل بمديرية أمن الفيوم، وكانت تقارير كفايته صادرة لمصلحته، وأنه أثناء عمله بالمديرية عامي 2001 و2002 كان قائده يغيبه الساعة الثامنة صباحا وذلك عند عودته من راحته الأسبوعية، بالرغم من أنَّ العودة من هذه الراحة بكل مديريات الأمن هي الساعة العاشرة صباحا، فقام بمقابلة مدير الأمن الذي سمح له بالحضور الساعة التاسعة بدلا من الثامنة صباحا نظرا لظروفه، إلا أن قائده قام بتغييبه دون النظر إلى موافقة مدير الأمن، مما أدى إلى توقيع أكثر من (55) جزاء عليه، ثم عمل بمديرية أمن دمياط عام 2003، وقد أجرى عملية جراحية بعيادة خاصة أقعدته عن العمل لمدة (27) يوما لم يوافق القومسيون الطبي على حسابها كإجازة مرضية له، كما أجرى أكثر من ثماني عمليات جراحية بمستشفى الشرطة بالعجوزة، ومازال يعاني من أثرها، وهو الأمر الذي أدى إلى قيام مدير أمن دمياط بخصم سبع درجات من عنصر السلوك للتقرير السري الخاص به لعام 2003، وأجرى معه أربعة تحقيقات من جزاءات مرسلة من مديرية أمن الفيوم، وأن هذا التقرير تم وضعه بناء على تقرير مديرية أمن الفيوم، وفي ضوء عدم حساب الإجازة المرضية المشار إليها، ثم أضاف أنه حصل على عدة فِرَقٍ عسكرية كان تقديره فيها بدرجة امتياز، ثم فوجئ بصدور القرار المطعون فيه رقم 957 لسنة 2004 متضمنا إنهاء خدمته استنادا إلى أن تقاريره السرية لعام 2001 و2002 و2003 بدرجة ضعيف ودون المتوسط، ولحصوله على إجازة مرضية عام 2002 لمدة (27) يوما دون اعتمادها من القومسيون الطبي، ولمجازاته عام 1999 بخصم خمسة أيام من راتبه بمعرفة مجلس التأديب، وقد نعى على القرار المطعون فيه صدوره مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها، وخلص إلى طلب الحكم له بالطلبات لمبينة سالفا.
………………………………………………….
وبجلسة 28/11/2010 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون عليه بعد أن شيدت طلب الإلغاء في ضوء استعراض المادة (16) من قانون هيئة الشرطة، الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 والتي مفادها أن المشرع أوجب إحالة الضابط الذي يقدم عنه تقريران سنويان متتاليان بتقدير ضعيف، أو تقريران بتقدير دون المتوسط وثالث بتقدير ضعيف، أو أربعة تقارير متتالية بتقدير دون المتوسط، إلى المجلس الأعلى للشرطة لفحص حالته، وللمجلس إذا رأى صلاحية الضابط لأنْ يُسْندَ إليه عمل آخر داخل هيئة الشرطة نقله إليه، كما له أن يمنح الضابط فرصة أخرى أو ينقله إلى وظيفة مدنية أو يفصله من الخدمة، وأن المجلس يتمتع بسلطة تقديرية في اللجوء إلى إحدى هذه الخيارات، بلا معقب عليه، مادام قراره قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي كان يشغل وظيفة رائد بهيئة الشرطة، وحصل على تقرير سري عام 2001 بتقدير دون المتوسط، وعامي 2002 و2003 بتقدير ضعيف، فتمت إحالته إلى المجلس المذكور، الذي اختار له بديل إنهاء خدمته من بين البدائل المبينة سالفا، وبناء عليه أصدر وزير الداخلية القرار المطعون فيه رقم 957 لسنة 2004 بإنهاء خدمته من هيئة الشرطة، وحيث إنه ثبت من بيانات الحالة الوظيفية للمدعي أن تقاريره السنوية إبان عمله بمديرية أمن الفيوم عام 1998 بدرجة امتياز، ثم بدرجة جيد عامي 1999 و2000، ثم هوت إلى درجة دون المتوسط عام 2001 وضعيف عامي 2002 و2003، وهو ما كان يستوجب على جهة عمله أن تقف على حقيقة الأسباب التي ألمت به وأدت إلى هذا الانحدار في تقاريره، والتي أرجعها المدعي إلى أن قائده بمديرية أمن الفيوم كان يغيبه الساعة الثامنة صبحا عند عودته من الراحة الأسبوعية بعد أن سمح له مدير الأمن بالحضور الساعة التاسعة صباحًا، وإذ كان ذلك وكان جل الجزاءات التي وقعت على المدعي والتي أدت إلى حصوله على التقارير المذكورة مرجعها إما تأخره عن العمل أو انقطاعه عنه، ومن ثم فإن ما استند إليه المدعي يجد ما يؤكده من الأوراق، علاوة على أن المشرع قد تحسب لهذا الأمر فوضع العديد من البدائل والخيارات أمام المجلس الأعلى للشرطة لمن يحصل على تقارير سنوية دون المستوى المطلوب، بدءًا من إسناد عمل آخر إليه في هيئة الشرطة، أو منحه فرصة أخرى أو نقله إلى وظيفة مدنية أو إنهاء خدمته، وقد جعل المشرع إنهاء الخدمة البديل الأخير لمن أضحى بتره الحل الأخير والنهائي، كما أن المشرع لم يضع تدرج البدائل المذكورة لغوًا بحيث لا تسير على هديه جهة الإدارة أو تنحرف به عن غرضه وغايته أو تسيء استعمال سلطتها بأن تطبقه على من تشاء وتمنعه عمن تشاء، فإن هي ركنت إلى أي من ذلك انحرفت عن غاية المشرع وأساءت استعمال سلطتها وأضحى قرارها مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها .
ولما كان الثابت من الأوراق أن الجهة المدعى عليها رغم حصول المدعي على تقارير سنوية عديدة بدرجة امتياز، وأن تقاريره السنوية المتدنية التي حصل عليها منذ عام 2001 حتى 2003 مرجعها إما إلى تأخره عن العمل أو انقطاعه عنه دون أي سبب آخر يمس الشرف والأمانة، قد طرحت جميع البدائل التي أقرها المشرع أملا في إصلاح من هم في موقف المدعي، وأبت إلا تنهي خدمته بالقرار المطعون فيه، فمن ثم تكون تلك الجهة قد أساءت استعمال سلطتها وانحرفت بها لدى إصدار قرارها الطعين بإنهاء خدمة المدعي، وهو ما يكون معه قرارها قد جاء بالمخالفة للقانون جديرا بالإلغاء.
كما شيدت المحكمة طلب التعويض على توفر أركان المسئولية، وانتهت إلى إلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعي مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضًا عن الأضرار التي أصابته، ومن ثم انتهت إلى إصدار حكمها المطعون عليه.
………………………………………………….
وإذ لم يرتض الطاعن بصفته هذا الحكم فقام بالطعن عليه بالطعن الماثل تأسيًسا على أن هذا الحكم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله باعتبار أن تقارير المطعون ضده السرية عن الأعوام المذكورة قد اكتسبت حصانة تعصمها من الإلغاء لعدم التظلم منها أو الطعن عليها في المواعيد المقررة، فضلا عن أن جميع الخيارات كانت متاحة أمام المجلس الأعلى للشرطة الذي وافق بالإجماع على إنهاء الخدمة، علاوة على انتفاء ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة، مما تنهار معه أركان المسئولية، وخلص الطاعن بصفته إلى طلب الحكم بالطلبات المبينة آنفا.
………………………………………………….
وحيث إن رقابة المحكمة الإدارية العليا على الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري بحسب الأصل هي رقابة قانونية تراقب بمقتضاها ثبوت الواقعات وأدلة الثبوت للتحقق من أنها من الأدلة التي يصح بناء الحكم عليها، وتتأكد من تكييف تلك الواقعات تكييفا صحيحا، وتنزل تلك الكيوف والأوصاف القانونية السليمة على تلك الواقعات ثم تتثبت من سلامة تطبيق القانون عليها، وذلك للتيقن من صحة قضائها وما خلصت إليه في منطوق ذلك القضاء.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون عليه أن محكمة أول درجة قد عنيت بذكر جميع العناصر الواقعية للدعوى، فبسطت الواقعات المنتجة وحَصَّلَتْ منها فهمَ الواقع تحصيلا صحيحا، وكيفت هذا الفهم وأسبغت عليه الأوصاف القانونية، ثم طبقت حكم القانون على حاصل هذا التكييف التطبيق الصحيح -على نحو ما جرى به قضاء هذه المحكمة- فمن ثم يكون حكمها قد استقام صحيحًا واقعًا وقانونًا واستوى مبرا من العيوب من حيث القانون وتطبيقه وصحة تفسيره وتأويله، لاسيما أن الطاعن بصفته لم يثر في طعنه جديدًا يَسُوغُ بمقتضاه العدولُ عما قضت به محكمة أول درجة، وجاءت أسباب هذا الطعن بلا ظل لها من واقع ولا سند من قانون، مما لا يجوز معه التعويل عليها، مما يتعين معه الأخذ بما انتهى إليه الحكم الطعين من قضاء محمولا على أسبابه والتي تعتبرها هذه المحكمة أسبابًا لها، والتي تضيف إليها هذه المحكمة أن الثابت من الأوراق المقدمة من جهة الإدارة أمام محكمة أول درجة بجلسة 24/9/2009 أن الرئيس المباشر للمطعون ضده قدر كفاية أدائه من عام 2002 بمرتبة ممتاز (91) درجة، وأن الرئيس المحلي قدره بمرتبة متوسط (69) درجة، إلا أن رئيس المصلحة قدره بمرتبة دون المتوسط (49) درجة،كما أن الرئيس المباشر قدر كفاية أدائه عن المدة من 1/1/2003 حتى 5/8/2003 بمرتبة متوسط (66) درجة، وقدرها الرئيس المحلي بمرتبة متوسط (61) درجة، وقدرها رئيس المصلحة بمرتبة ضعيف (39) درجة، وخلال المدة من 6/8/2003 حتى 31/12/2003 قدرها الرئيس المباشر بمرتبة جيد (70) درجة، وقدرها كل من الرئيس المحلي ورئيس المصلحة بمرتبة دون المتوسط (40) درجة.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن التفاوت الكبير في التقدير بين الرئيس المباشر والرئيس المحلي ورئيس المصلحة دلالة على وجود خطأ بين وغير مبرر في التقدير من شأنه أن يبطل التقدير.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم ما أثاره الطاعن بصفته من أن تقارير كفاية المطعون ضده الصادر استنادا إليها القرار المطعون فيه بإنهاء خدمته هي تقارير نهائية لعدم التظلم منها أو الطعن عليها في الميعاد المقرر قانونًا؛ فإن ذلك مردود عليه بأن للمدعي أن يثير عيوب تقارير كفايته ويثير كذلك مطاعنه عليها، وذلك بمناسبة الطعن على قرار إنهاء خدمته الصادر استنادا إلى هذه التقارير.
وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، وإذ صدر الحكم المطعون عليه مستندا إلى أسبابه الصحيحة مستخلصا استخلاصا سائغا ومتفقا وصحيح حكم القانون وما يجري عليه قضاء هذه المحكمة، ولم يرد بتقرير الطعن ما قد ينال من سلامته، ومن ثم يغدو الطعن الماثل في غير محله جديرا بالرفض، وهو ما تقضي به هذه المحكمة، مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |