الدائرة السابعة – الطعن رقم 27645 لسنة 57 القضائية (عليا)
يونيو 18, 2020
الدائرة السابعة – الطعن رقم 31739 لسنة 59 القضائية (عليا)
يونيو 23, 2020

الدائرة السابعة – الطعنان رقما 6852 و 8167 لسنة 59 القضائية (عليا)

جلسة 17 من يناير سنة 2016

الطعنان رقما 6852 و 8167 لسنة 59 القضائية (عليا)

(الدائرة السابعة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح شندي عزيز تركي، ود. مجدي صالح يوسف الجارحي، وأحمد محمد أحمد الإبياري، وهاشم فوزي أحمد شعبان.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

  • دعوى:

طلبات في الدعوى- تكييفها- سلطة المحكمة في تكييف الطلبات- للمحكمة أن تتقصى طلبات الخصوم، وأن تستظهر مراميها وما قصدوه من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساته، شريطة ألا تصل إلى تغيير مضمون هذه الطلبات، أو تستحدث طلبات جديدة لم يطرحها عليها الخصوم([1]).

  • جامعات:

أعضاء هيئة التدريس- تعيينهم- سلطة الإدارة في العدول عن الإعلان- قرار التعيين في إحدى وظائف هيئة التدريس بالجامعة هو قرارٌ مُركَّب، يمرُّ بمراحل متعددة، تبدأ بإفصاحِ جهة الإدارة عن نيتها في شغل الوظيفة، بإعلانِها عنها طبقًا لشروط موضوعية وقانونية، ثم فحص الإنتاج العلمي للمترشح وقبوله طبقًا للمعايير العلمية القانونية، مرورًا بمجلس القسم ومجلس الكلية، حتى يصدر قرار التعيين بموافقة مجلس الجامعة- الأصل في التعيين في وظائف المدرسين أنه يتم بدون إعلانٍ من بين المدرسين المساعدين والمعيدين في الكلية نفسها أو المعهد- استثناءً من ذلك فإنه في حالة خلو هذه الوظائف مِمَّنْ يكون مُؤهَّلا لشغل وظائف المدرسين، تعين على جهة الإدارة إن أرادت التعيين فيها أن تقوم بالإعلان عنها، واتِّباع الإجراءات المقررة قانونًا لشغلها- إذا مَرَّ المرشحون بالمراحل والإجراءات المشار إليها للمفاضلة بينهم، وانتهت جهة الإدارة إلى اختيار أفضل المرشحين لشغل الوظيفة، فلا يسوغ للسلطة المختصة بالتعيين إلغاءُ الإعلان عن الوظيفة وما ترتب عليه من إجراءات، إلا لأسباب جدية ومبررات قانونية، تخضع لرقابة القضاء الإداري- تطبيق: إلغاء الجامعة إعلانها بعد اختيار مُرشَّح أساسي وآخر احتياطي بزعم الحاجة لمزيدٍ من الدراسة في ضوء الاحتياجات الفعلية يُعَدُّ سببًا غير جدي ويفتقد مبرره القانوني([2]).

– المواد أرقام (65) و(66) و(68) و(72) و(76) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.

– المادتان رقما (55) و(60) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات (المشار إليه)، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975.

الإجراءات

– بتاريخ 9/1/2013 أودع وكيلُ الطاعن قلمَ كُتَّابِ المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قُيِّدَ بجدولها برقم 6852 لسنة 59ق.عليا، وذلك طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري- دائرة بني سويف والفيوم (الدائرة الثامنة عشرة) في الدعوى رقم 1351 لسنة 9ق بجلسة 24/11/2012، القاضي منطوقه بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وإلزام المدعي المصروفات.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكمَ بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار السلبي المطعون فيه، وأحقيته في طلباته، وأحقيته في التعيين مدرسًا بكلية الآداب جامعة الفيوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.

وقد جرى إعلانُ تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.

– وبتاريخ 21/1/2013 أودع وكيلُ الطاعن قلمَ كُتَّابِ المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قُيِّدَ بجدولها برقم 8167 لسنة 59ق.عليا، وذلك طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري المشار إليه بعاليه.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكمَ بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددًا بقبول الدعوى، وبإلغاء القرار السلبي بامتناع المطعون ضدهم بصفاتهم عن إصدار قرار تعيينه، والقضاء بأحقيته في التعيين بوظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي بكلية الآداب جامعة الفيوم، والمعلن عنها بتاريخ 5/12/2007؛ وذلك لاجتيازه جميع الاختبارات العلمية بنجاح، مع ما يترتب على ذلك من آثار من تاريخ صدور قرار تعيين باقي المرشحين بالأقسام الأخرى؛ لتوفر الشروط الواجبة لشغل هذه الوظيفة فيه على وفق قرار لجنتي الفحص والاستماع المشكَّلة بقرار من رئيس جامعة الفيوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وأعدَّت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا بالرأي القانوني في الطعنين المذكورين.

وتدوول نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وخلالها قدم الحاضر عن الطاعن مذكرةً ختامية بدفاعه، ثم قررت إحالتهما إلى دائرة الموضوع لنظرهما بجلسة 25/10/2015، حيث جرى تداولهما بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 6/12/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم ومذكرات في أسبوعين -وبتاريخ 16/12/2015 أودعت الجامعة المطعون ضدها مذكرةَ دفاع- وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.

وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الدعوى هو من تصريف المحكمة، إذ عليها -بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم- أن تتقصى هذه الطلبات، وأن تستظهر مراميها وما قصده المشرع من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساته، شريطة ألا يصل تكييف المحكمة للدعوى إلى تغيير مضمون هذه الطلبات، أو استحداث طلبات جديدة لم يطرحها عليها الخصوم.

وحيث إن حقيقة ما يهدف إليه الطاعن -حسب التكييف القانوني الصحيح لطلباته- الحكم بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار مجلس جامعة الفيوم الصادر بتاريخ 28/4/2009 بإلغاء الإعلان عن شغل وظيفة مدرس بقسم علم النفس الإكلينيكي بكلية الآداب بالجامعة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استكمال إجراءات تعيينه في هذه الوظيفة، وإلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.

وحيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية، فمن ثم يكونان مقبولين شكلا.

وحيث إن واقعات النزاع في الطعنين الماثلين تخلص -حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 1351 لسنة 9ق أمام محكمة القضاء الإداري- دائرة بني سويف والفيوم (الدائرة الثامنة عشرة)، بموجب صحيفة أودعت قلمَ كُتَّابها بتاريخ 18/12/2008، طالبًا الحكم بقبولها شكلا، وبصفة مستعجلة بتعيينه في وظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي بكلية الآداب جامعة الفيوم لحين الفصل في موضوع الدعوى؛ لتوفر ركن الاستعجال، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار تعيينه، والقضاء مجددًا بأحقيته في التعيين بتلك الوظيفة المعلن عنها بتاريخ 5/12/2007، وذلك من تاريخ صدور قرار تعيين باقي المرشحين بالأقسام الأخرى؛ لتوفر الشروط الواجبة لشغل هذه الوظيفة فيه على وفق قراري لجنتي الفحص والاستماع المشكَّلتين بقرار من رئيس جامعة الفيوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وقال المدعي (الطاعن) شرحًا للدعوى إنه بتاريخ 5/12/2007 أعلنت جامعةُ الفيوم عن حاجتها لشغل وظائف خالية بأعضاء هيئة التدريس بالجامعة في مختلف الكليات، ومنها كلية الآداب جامعة الفيوم، وكان من ضمن التخصصات المطلوبة تعيين مدرس علم نفس إكلينيكي وآخر علم نفس صناعي بقسم علم النفس بكلية الآداب، وقد تقدم لقسم علم النفس بكلية الآداب في الموعد المحدد بالإعلان، وبتاريخ 13/1/2008 وافق مجلسُ كلية الآداب على تشكيل لجنة لفحص أوراق المتقدمين للتعيين بالوظائف الخالية، ومنها الوظيفة التي تقدم لشغلها، حيث وافق رئيسُ الجامعة على هذا التشكيل المقترح للجنة بتاريخ 20/2/2008، وقد انتهت هذه اللجنة إلى ترشيح مرشح أساسيٍّ وآخرَ احتياطيٍّ في كلِّ تخصصٍ مطلوب، وارتأت اللجنة توفر جميع الشروط في حقه، وقامت باختياره مرشحًا أساسيًّا للتعيين في وظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي بكلية الآداب جامعة الفيوم، ثم تشكلت لجنة للاستماع وعمل مقابلة للمرشحين الأساسيين، والتي انتهت إلى الموافقة على تعيينه بتلك الوظيفة، ثم وافق مجلسُ الكلية على قرار اللجنة المذكورة، وتمَّ رفعُ الأمرِ لأخذ موافقة مجلس الجامعة على التعيين، إلا أنه فُوجِئَ بامتناع رئيس الجامعة عن إصدار قرار تعيينه في الوظيفة المتقدم إليها رغم توفر الشروط في حقه، وقام بإلغاء الإعلان دون مبرر، وذلك بالمخالفة لصحيح حكم القانون، وهو ما حداه على إقامة دعواه بغية الحكم بطلباته المذكورة سالفًا.

……………………………………………………..

وبجلسة 24/11/2012 أصدرت المحكمةُ المذكورة حكمَها المطعون عليه بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وإلزام المدعي المصروفات.

وشيَّدت المحكمة قضاءها تأسيسًا على أن المدعي تقدم لشغل وظيفة مدرس علم نفس بكلية الآداب جامعة الفيوم، والمعلن عنها بتاريخ 5/12/2007، وقد انتهت لجنتا الفحص والاستماع إلى ترشيحه لشغل الوظيفة المشار إليها بصفةٍ أساسية، ووافق مجلسُ القسم على التوصية بتعيينه، إلا أنه قد استبان من الأوراق إعداد مذكرة من الكلية للعرض على مجلس الجامعة بشأن الموافقة على إلغاء الإعلان؛ لمزيدٍ من الدراسة في ضوء الاحتياجات الفعلية للكلية، حيث وافق مجلسُ الجامعة بجلسته المنعقدة بتاريخ 28/4/2009 على إلغاء الإعلان المذكور، وإذ خلت الأوراق مما يفيد التعيين في الوظيفة التي يطلب المدعي شغلها، فإن قيام السلطة المختصة بالتعيين في الجامعة بإلغاء الإعلان عن الوظيفة وما يترتب عليه من إجراءات، هو أمرٌ متروك لسلطة الإدارة التقديرية، طبقًا لأسبابٍ جدية وقانونية تبرِّرُ هذا الإلغاء، ومن ثم فإنه لا يكون هناك إلزام على الجامعة المدعى عليها أن تقوم بتعيين المدعي بوظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي بقسم علم النفس بكلية الآداب جامعة الفيوم، ومن ثم ينتفي القرارُ السلبي؛ باعتبار أن هذا القرار لا يكون سلبيًّا إلا إذا رفضت الجهة الإدارية أو امتنعت عن اتخاذ موقف يلزمها القانونُ باتخاذه، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.

وحيث إن مبنى الطعنين رقمي 6852 و8167 لسنة 59ق.عليا صدور الحكم المطعون عليه مشوبًا بعيب الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، والقصور في التسبيب، وكذا الفساد في الاستدلال، وذلك على سندٍ من القول بأن عملية الاختيار طبقًا لقانون تنظيم الجامعات هي عمليةٌ مؤسسية، وليست عملا فرديًّا؛ حيث تُشكَّل لجانٌ لفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظيفة عضو هيئة التدريس بالجامعة، وترفع اللجنة تقريرها لِمَنْ يليها، حتى تنتهي عمليةُ اختيار الأصلح لشغلها، فيصدرُ القرارُ بالتعيين عن رئيس الجامعة، ومن ثم فإنه مادامت مقدمات القرار كانت سليمةً، وتمت على وفق صحيح القانون، فلا بد من صدور القرار، وعدم إصداره بغير سببٍ قانوني يُشكِّل قرارًا سلبيًّا يصلحُ الطعنُ عليه بالإلغاء، ولما كان الطاعن قد مرَّ بجميع المراحل اللازمة لإصدار قرار تعيينه بكلية الآداب بجامعة الفيوم، إلا أن القرار قد صدر بإلغاء الإعلان بزعم المزيد من الدراسة، وهو ما يكشف عن أن هذا الإلغاء كان مُستهدَفًا لأغراض شخصية، مما يجعل هذا القرار مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها، وإذ تجاهلَ الحكمُ المطعون عليه حقَّه في استكمال إجراءات التعيين في الوظيفة المشار إليها، فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكمُ بإلغائه. وخلص الطاعنُ إلى طلب الحكم بطلباته المبينة سالفًا.

……………………………………………………..

وحيث إنه عن الموضوع، فإن قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 ينص في المادة (65) منه، المعدَّلة بالقانون رقم 18 لسنة 1981، على أن: “يُعيِّن رئيسُ الجامعة أعضاءَ هيئة التدريس بناءً على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية أو المعهد ومجلس القسم المختص. ويكون التعيين من تاريخ موافقة مجلس الجامعة”.

وتنص المادة (66) من قانون تنظيم الجامعات المذكور سالفًا -المعدَّل البند الأول منها بالقانون رقم 54 لسنة 1973- على أن: “يُشترَطُ فِيمَنْ يُعيَّنُ عضوًا في هيئة التدريس ما يأتي:

(1) أن يكون حاصلا على درجة الدكتوراه أو ما يعادلها من إحدى الجامعات المصرية في مادة تؤهِّلُه لشغل الوظيفة، أو أن يكون حاصلا من جامعةٍ أخرى أو هيئةٍ علمية أو معهدٍ علمي مُعترَف به في مصر أو في الخارج على درجةٍ يعتبرها المجلس الأعلى للجامعات مُعادلةً لذلك، مع مراعاة أحكام القوانين واللوائح المعمول بها.

(2) أن يكون محمود السيرة حسن السمعة”.

وتنص المادة (68) منه على أنه: “مع مُراعاة حكم المادتين السابقتين، يكون التعيين في وظائف المدرسين الشاغرة دون إعلانٍ من بين المدرسين المساعدين أو المعيدين في ذات الكلية أو المعهد. وإذا لم يوجد مِن هؤلاء مَنْ هو مُؤهَّل لشغلها فيجرى الإعلان عنها”.

وتنص المادة (72) من القانون المذكور على أنه: “مع مُراعاة أحكام المادتين (68) و(71)، يجرى الإعلان عن الوظائف الشاغرة في هيئة التدريس مرتين في السنة، ولمجلس الجامعة بناءً على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأى مجلس القسم المختص أن يضمن الإعلان فيما عدا وظائف الأساتذة اشتراط شروط معينة وذلك بالإضافة إلى الشروط العامة المبينة في القانون…”.

وتنص المادة (76) من القانون نفسه على أن: “يتولى مجلسُ القسم المختص مهمةَ اللجنة العلمية بالنسبة للمتقدمين لشغل وظيفة مدرس. وعند الاستحالة أو التعذر، تشكَّلُ اللجنة بقرارٍ من رئيس الجامعة بعد أخذ رأى مجلس الكلية أو المعهد من ثلاثة أعضاء من الأساتذة أو الأساتذة المساعدين في الجامعات الخاضعة لهذا القانون أو من المتخصصين من غيرهم”.

وتنص المادة (55) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975، على أن: “يتولى مجلسُ القسم المختص مهمةَ اللجنة العلمية بالنسبة للمتقدمين لشغل وظيفة مدرس، وفي حالة خلو القسم من ثلاثة من الأساتذة أو الأساتذة المساعدين المتخصصين، تُشكَّل اللجنة بقرارٍ من رئيس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية من ثلاثة أعضاء من الأساتذة أو الأساتذة المساعدين في الجامعات الخاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1972 أو من المتخصصين من غيرهم”.

كما تنص المادة (60) منها على أنه: “إذا كان المرشَّحُ لشغل وظيفة في هيئة التدريس من خارج الجامعة، تُشكَّل بقرارٍ من رئيس الجامعة بناءً على اقتراح مجلس الكلية المختص لجنةٌ من ثلاثة أعضاء من الأساتذة الحاليين أو السابقين بالجامعات، تُكلِّفُ المرشَّحَ بإعداد عددٍ محدود من الدروس خلال مدةٍ لا تقلُّ عن أسبوع، ويقوم بإلقائها أمام اللجنة ومَنْ يُدْعَى من أعضاء بمجلس الكلية ومجلس القسم المختص، وتقدِّم اللجنةُ تقريرًا عن المرشَّحِ للتدريس”.

وحيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن قرار التعيين في إحدى وظائف هيئة التدريس بالجامعة هو قرارٌ مُركَّب، يمرُّ بمراحل متعددة، تبدأ بإفصاحِ الجهة الإدارية عن نيتها في شغل الوظيفة، وذلك بإعلانِها عنها طبقًا لشروط موضوعية وقانونية، تؤكِّد حرصَها على اختيار أفضل المرشحين للوظيفة، وارتضاءها تعيين مَنْ يُسفِر عنه الاختيار طبقًا للشروط والإجراءات التي رسمتها أحكامُ قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية، بدءًا من فحص الإنتاج العلمي للمرشح وقبوله طبقًا للمعايير العلمية القانونية المنصوص عليها في القانون، مرورًا بمجلس القسم ومجلس الكلية، حتى يصدر قرار التعيين بعد موافقة مجلس الجامعة، بحسبانه صاحب الاختصاص الأصلي في البت في أمر تعيين أعضاء هيئة التدريس طبقًا للإجراءات المتقدمة، وإذا كان الأصل في التعيين في وظائف المدرسين أنه يتم بدون إعلانٍ من بين المدرسين المساعدين والمعيدين في الكلية نفسها أو المعهد نفسه، إلا أنه في حالة خلو هذه الوظائف مِمَّنْ يكون مُؤهَّلا لشغل وظائف المدرسين، فلا مناص من الإعلان عنها، واتِّبَاع الإجراءات المقررة قانونًا لشغلها على الوجه المتقدم ذكره، ويُعَدُّ الإعلانُ في حدِّ ذاته طبقًا للشروط الواردة به إفصاحًا من الجهة الإدارية عن إرادتها نحو تعيين مَنْ تقرِّرُه الإجراءاتُ الموضوعية المحايدة المنصوص عليها في الوظيفة المعلن عنها، فإذا مَرَّ المرشحون بالمراحل والإجراءات المشار إليها للمفاضلة بينهم، وانتهت تلك الإجراءاتُ إلى الكشف عن شخصية أفضل المرشحين لشغل الوظيفة، فلا يسوغ للسلطة المختصة بالتعيين إلغاء الإعلان عن الوظيفة وما يترتب عليه من إجراءات، إلا لأسباب جدية ومبررات قانونية، تخضع لرقابة القضاء الإداري، وإلا كان الإلغاء مُستهدِفًا تحقيق أغراض شخصية، تنصرف بالقرار عن تحقيق المصلحة العامة، وتصمه بعيب الانحراف بالسلطة. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6312 لسنة 46 ق.عليا بجلسة 18/1/2004).

وحيث إنه على هدي ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الجامعة المطعون ضدها أعلنت بجريدة الأهرام بتاريخ 5/12/2007 عن حاجة كلية الآداب (قسم علم النفس) لشغل وظائف مدرسين علم نفس سلوكي، وعلم نفس إكلينيكي، وعلم نفس صناعي تنظيمي، وقد تقدَّم الطاعنُ لشغل وظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي، وضَمَّن أوراقه الشهادات العلمية اللازمة، وقد شُكِّلت لجنةٌ علمية لفحص أوراق المتقدمين للوظيفة، وبعد فحص الأوراق قدمت اللجنةُ تقريرًا، انتهت فيه إلى ترشيح الطاعن كمُرشحٍ أساسي للوظيفة التي تقدم لشغلها، ثم شُكِّلت لجنةُ استماع للمتقدمين لشغل الوظيفة نفسها، وكذا وظيفة مدرس علم نفس صناعي تنظيمي المعلن عنهما، بناءً على موافقة رئيس الجامعة بتاريخ 7/4/2008، علمًا بأن مجلس الكلية سبق له الموافقة على التشكيل المقترح لهذه اللجنة بجلسته المنعقدة بتاريخ 31/1/2008، وقد ارتأت اللجنةُ أن الطاعن حاصلٌ على درجة الليسانس من كلية الآداب قسم علم النفس بتقدير تراكمي “جيد” بنسبة مئوية 75,6%، وكان تقديره في مادة التخصص (علم نفس إكلينيكي) جيد جدًّا، وحصل على درجة الماجستير في الآداب بتقدير “ممتاز” في التخصص نفسه، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الآداب بمرتبة الشرف الأولى عام 2006 في نفس التخصص، وأنها عند النظر في شهادات الخبرة المقدمة وجدت أن لديه خبرةً في المجال الإكلينيكي، حيث انتهت اللجنةُ -بعد أن قام الطاعن بعرض موضوع “تطبيقات علم النفس الإيجابي في المجال الإكلينيكي” ومناقشته فيه- إلى التوصية بتعيينه في وظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي، إلا أن مجلس الجامعة قرر بجلسته رقم (40) المنعقدة في 28/4/2009 إلغاءَ الإعلانِ المنشور بتاريخ 5/12/2007 لشغل عدة وظائف، ومن بينها وظائف قسم علم النفس بكلية الآداب؛ لمزيدٍ من الدراسة في ضوء الاحتياجات الفعلية للكلية.

وحيث إن السببَ الذي ارتكن إليه مجلسُ الجامعة المطعون ضدها لإلغاء الإعلان المذكور يتنافى عقلا ومنطقًا مع الإجراءات التي اتُّخِذَت، بدءًا من الإعلان عن الوظائف المطلوب شغلها، حتى اختيار المرشحين لشغل هذه الوظائف التي أعلن عنها قسمُ علم النفس بكلية الآداب بالجامعة، فقد تمَّ الوصولُ بالإجراءات إلى اختيار مُرشحٍ أساسي وآخر احتياطي لكلٍّ من وظيفتي مدرس علم نفس صناعي تنظيمي، ومدرس علم نفس إكلينيكي، ومن ثم فإن الزعم بأن الأمر يحتاجُ لمزيدٍ من الدراسة في ضوء الاحتياجات الفعلية للكلية غيرُ مُستساغ بعد الوصول إلى هذه المرحلة من الاختيار بين المرشحين، فلا يستقيم في هذه الحالة التنصل من استكمال إجراءات التعيين استنادًا إلى أسباب غير جدية أو مفتقدة لمبررها القانوني.

ومن ناحيةٍ أخرى فإنه قد استبان للمحكمة من كتاب وزارة التعليم العالي (الإدارة العامة لخدمة المواطنين) ردًا على تظلم الطاعن من إلغاء الإعلان، أن السببَ في الإلغاء يكمنُ في أن إعلان قسم النفس بكلية الآداب تضمن تخصصًا غيرَ موجودٍ باللائحة، وهو علم نفس سلوكي، مما أدى إلى التشكك في قدرة لجنتي الفحص والاستماع على الاختيار الصحيح والتوصية بإعادة الإعلان، ومن ثم عدم تعيين أي مُتقدِّم، وهو ما يكشف عن أن السبب المذكور لإلغاء الإعلان يعد قائمًا على غير سندٍ يبرره واقعًا أو قانونًا، باعتبار أن الخطأ الذي شاب الإعلانَ -وبفرض صحته- كان يستلزمُ إلغاءَ الإعلانِ عن وظيفة مدرس علم نفس سلوكي فقط، دون المساس بوظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي، فضلا عن أن البين من الأوراق أن لجنةَ الاستماع شُكِّلت لفحص المتقدمين لشغل وظيفتي “مدرس” تخصص علم نفس إكلينيكي وتخصص علم نفس صناعي تنظيمي بقسم علم النفس بكلية الآداب جامعة الفيوم، ولم تستمع هذه اللجنة لأي مُترشح مُتقدِّم لوظيفة مدرس تخصص علم نفس سلوكي، ومن ثم فإن قرار مجلس الجامعة الصادر في 28/4/2009 بإلغاء الإعلان الصادر عن الجامعة في 5/12/2007 بشأن شغل وظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي بكلية الآداب بالفيوم يكونُ قد صدر مشوبًا بعيب الانحراف في استعمال السلطة، جديرًا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استكمالُ إجراءات تعيين الطاعن في الوظيفة المتقدم إليها طبقًا لأحكام قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية، وهو ما تقضي به هذه المحكمة.

وحيث إنه في ضوء ما سلف، وإذ ذهب الحكمُ المطعون عليه غيرَ هذا المذهب، فإنه يكون قد جاء بالمخالفة لصحيح حكم القانون، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار مجلس جامعة الفيوم الصادر في 28/4/2009 فيما تضمنه من إلغاء الإعلان عن شغل وظيفة مدرس علم نفس إكلينيكي بكلية الآداب، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استكمال إجراءات تعيين الطاعن في هذه الوظيفة، وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.

([1]) يراجع ما قررته دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 6/6/2015 في دعوى البطلان المقيدة برقـم 25533 لسنة 60 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة في ثلاثين عاما، مكتب فني، المبدأ رقم110)، حيث قررت أن التكييف هو وصف الوقائع وإبرازها كعنصر أو شرط أو قيد للقاعدة القانونية واجبة التطبيق، وأن التكييف مهمة تقتضي جهدا في بحث طيات وقائع الدعوى، كما تقتضي فهم القانون والشروط اللازمة لإعمال نصوصه المختلفة، وقد أوجب المشرع أن تشتمل عريضة الدعوى التي تقدم إلى قلم كتاب المحكمة على موضوع الطلب وأسانيده، ورتب على إغفال هذا الإجراء بطلان العريضة، والحكمة التي تغياها المشرع من ذلك هي تمكين المحكمة من الإلمام بمضمون الدعوى ومرماها، وإتاحة الفرصة للمدعى عليه لأن يُكوِّن فكرة وافية عن المطلوب منه. وأكدت أن العبرة في تحديد طلبات المدعي هي بما يطلب الحكم به، فهو الذي يحدد نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء، والمحكمة ملزمة في قضائها بهذه الطلبات وما ارتكزت عليه من سبب قانوني، مادام لم يطرأ عليها تغيير أو تعديل أثناء سير الخصومة، وأنه ولئن كان من حق المحكمة أن تعطي طلبات المدعي التكييف القانوني الصحيح على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساته، إلا أنه ينبغي عليها ألا تصل في هذا التكييف إلى حد تعديل طلباته، سواء بإضافة ما لم يطلب الحكم به صراحة، أو بتحوير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصده ونيته الحقيقية من وراء إبدائها، فإذا رأت المحكمة أن الوقائع التي يستند إليها المدعي لا تستجيب للحكم له بطلبه، فإنها تقضي برفضه، وأنه إذا كيفت المحكمة الدعوى على خلاف ما أقيمت به فإنها تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم، وورَدَ حكمها على غير محل، ووقع باطلا بطلانا مطلقا.

([2]) في الاتجاه نفسه: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6312 لسنة 46 ق.ع بجلسة 18/1/2004 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 49 مكتب فني، المبدأ رقم 35، ص299)، حيث انتهت المحكمة إلى أن قرار التعيين في إحدى وظائف هيئات التدريس بالجامعة هو قرار مركب يمر بمراحل  متعددة، تبدأ بإفصاح الجهة الإدارية عن نيتها في شغل الوظيفة، وذلك بإعلانها عنها طبقاً لشروط موضوعية وقانونية تؤكد فيها حرصها على اختيار أفضل المرشحين للوظيفة وارتضاءها تعيين من يسفر عنه الاختيار طبقاً للشروط والإجراءات التي رسمتها أحكام قانون الجامعات ولائحته التنفيذية، بدءًا من فحص الإنتاج العلمي للمرشح وقبوله طبقاً للمعايير العلمية القانونية المنصوص عليها في القانون، مرورا بمجلس القسم ومجلس الكلية، حتى يصدر قرار التعيين بموافقة مجلس الجامعة، بحسبانه صاحب الاختصاص الأصلي في البت في أمر تعيين أعضاء هيئة التدريس طبقاً للإجراءات المتقدمة، وإذا كان الأصل في التعيين في وظائف المدرسين أنه يتم بدون إعلان من بين المدرسين المساعدين والمعيدين في ذات الكلية أو المعهد، إلا أنه فى حالة خلو هذه الوظائف ممن يكون مؤهلا لشغل وظائف المدرسين فلا مناص من الإعلان عنها واتباع الإجراءات المقررة قانونا لشغلها على الوجه المتقدم ذكره، ويعد الإعلان فى حد ذاته طبقا للشروط الواردة به إفصاحا من الجهة الإدارية عن إرادتها نحو تعيين من تقرره الإجراءات الموضوعية المحايدة المنصوص عليها في الوظيفة المعلن عنها، فإذا مر المرشحون بالمراحل والإجراءات المشار إليها للمفاضلة بينهم، وانتهت تلك الإجراءات إلى الكشف عن شخصية أفضل المرشحين لشغل الوظيفة، فلا يسوغ للسلطة المختصة بالتعيين إلغاء الإعلان عن الوظيفة وما يترتب عليه من إجراءات، إلا لأسباب جدية ومبررات قانونية تخضع لرقابة القضاء الإداري، وإلا كان الإلغاء مستهدفا تحقيق أغراض شخصية تنصرف بالقرار عن تحقيق المصلحة العامة، وتصمه بعيب الانحراف بالسلطة.

وفي هذا الاتجاه كذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 19826 لسنة 53 ق.ع بجلسة 22/6/2008 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53/2 مكتب فني، المبدأ رقم 189/ب، ص1444)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه بقيام جهة الإدارة بالإفصاح عن إرادتها اتخاذ إجراءات لإحداث أثر أو مركز قانوني معين متعلق بأشخاص آخرين ولمصلحتهم على وفق ما لها من سلطة تقديرية، فإنها تكون قد ألزمت نفسها استكمال تلك الإجراءات أو التوقف عن ذلك لأسباب صحيحة وقائمة يثبت ابتغاء المصلحة العامة بها، وإلا كانت جهة الإدارة بذلك قد أساءت استخدام سلطتها التقديرية بابتغاء خلاف المصلحة العامة، وهذا الأمر ينطبق على حالة ما إذا أعلنت جهة الإدارة عن حاجتها لشغل وظائف معينة، فبذلك تكون إرادتها قد اتجهت إلى هذا الأمر، فعندما يتقدم المرشحون لشغل تلك الوظائف وتتوفر فيهم جميع الشروط اللازمة لشغل هذه الوظيفة التي منها اجتياز الاختبارات والمقابلات من قبل الجهات المختصة بالجهة الإدارية وإجراء الكشف الطبي والتحريات اللازمة لشغل تلك الوظائف، فإن عدم قيام جهة الإدارة باستكمال إجراءات إصدار قرار التعيين في تلك الوظائف يعد امتناعا منها غير قائم على سبب صحيح يبرره، خاصة إذا ما أعادت الإعلان عن حاجتها لشغل ذات الوظائف في وجود الصالحين لشغلها السابق تقدمهم لشغل هذه الوظائف عند الإعلان عنها في أول مرة؛ لأن هذا الأمر يدل على أن جهة الإدارة قد أساءت استخدام سلطتها التقديرية، وانحرفت عن غاية المصلحة العامة، مما يشكل قرارا إداريا سلبيا غير مشروع قانونا، ولا يجوز في هذه الحالة القول بأن جهة الإدارة لها سلطة تقديرية لا رقيب عليها في هذا الشأن لعدم وجود قرار إداري سلبي.

وفي هذا الاتجاه كذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 34149 لسنة 60 ق.ع بجلسة 12/6/2016 (منشور بهذه المجموعة- المبدأ رقم 91)، حيث أكدت المحكمة أنه إذا كان القانون لا يُلزم جهة الإدارة إصدار القرار الإداري في وقت مُعين، مما لا يُشكل قرارًا سلبيـا يجوز الطعن عليه في دعوى الإلغاء كأصل عام، إلا أنه استثناء من هذا الأصل: إذا قامت جهة الإدارة على وفق ما لها من سُلطة تقديرية بالإفصاح عن إرادتها المنفردة باتخاذ إجراءات ما لإحداث أثر أو مركز قانوني مُعين يتعلق بأشخاص آخرين ولمصلحتهم، فإنها تكون بذلك قد ألزمت نفسها استكمال تلك الإجراءات أو التوقف عنها لأسباب صحيحة وقائمة يثبُت فيها ابتغاء المصلحة العامة وتحت الرقابة القضائية الكاملة في هذا الشأن، وتطبيقا لهذا انتهت المحكمة إلى أنه إذا قامت الجهة الإدارية بالإعلان عن الوظيفة، وقامت بإجراء مُقابلات المُتقدمين لها، وتقييمهم، ثم اختيار أحدهم، فإن امتناعها عن استكمال إجراءات تعيينه دون مسوغ قانوني يُمثل قرارًا إداريـا سلبيـا يجوز الطعن عليه بالإلغاء، وبينت أنه لا يعد مسوغا قانونيا عدم ورود رأي الجهات الرقابية، لأن موافقتها لا تعد من شروط شغل الوظيفة، والقول بغير ذلك يؤدي إلى عدم استقرار المراكز القانونية لشاغلي الوظائف العامة.

وعلى خلاف هذا النظر: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2478 لسنة 50 ق.ع بجلسة 25/11/2007 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53/1 مكتب فني، المبدأ رقم 33، ص234)، حيث انتهت المحكمة إلى أن جميع الإجراءات السابقة على صدور القرار بالتعيين في وظيفة مدرس بجامعة الأزهر لا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تحضيرية، تمهيدًا لإصدار القرار عن السلطة المختصة، وهو شيخ الأزهر، فهذه الإجراءات لا تشكِّل بذاتها قرارًا نهائيًّا، مما يقبل الطعن فيه استقلالا بالإلغاء أمام محاكم مجلس الدولة، ومن ثم فإن عدول الجامعة عن الترشيح لشغل وظيفة مدرس لا يُمثلُ قرارًا سلبيًّا بامتناع الجامعة عن التعيين في هذه الوظيفة، حيث إن جهة الإدارة تترخص في التعيين في الوظائف العامة بسلطتها التقديرية، بما لا معقب عليها إلا في أحوال إساءة استعمال السلطة، ما لم يقيدها القانون بنصٍّ خاص، أو تقيد هي نفسها بقواعد تنظيمية صحيحة، وليس في قانون إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها أو لائحته التنفيذية، أو فيما انبثق عن ذلك من قواعد تنظيمية صحيحة، ما يفرضُ على جهة الإدارة التزامًا محدَّدًا من هذا القبيل.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV