مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الخامسة ، الطعن رقم 15726 لسنة 55 القضائية عليا
يوليو 23, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الحادية عشرة ، الطعن رقم 26085 لسنة 58 القضائية (عليا)
يوليو 23, 2021

الدائرة السابعة ، الطعن رقم 41410 لسنة 56 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 23 من مارس سنة 2014

الطعن رقم 41410 لسنة 56 القضائية (عليا)

(الدائرة السابعة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال        

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د.محمد ماهر أبو العينـين، ومحمد علي محمود هاشم، وحسن محمود سعداوي محمد، ود.مجدي صالح يوسف الجارحي

 نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– دفوع في الدعوى- الدفع بعدم الدستورية– موطن البحث فيه- تبحث المحكمة هذا الدفع في نطاق ما تعلق به النص المطعون فيه، فيتعين بحثه إذا ما تعلق بالإجراءات في موقع بحث الإجراءات في الحكم، وإذا تعلق بالاختصاص تعين بحثه في موقع بحث الاختصاص، وإذا اتصل بالحقوق الموضوعية تعين بحثه عند الفصل في الحقوق الموضوعية- لا يجوز للمحكمة أن تتناول الفصل في الدفع بعدم الدستورية الذي يتصل بالحقوق الموضوعية في الدعوى قبل الفصل في شكل الدعوى، وإلا كان حكمها مخالفا للقانون.

(ب) حقوق وحريات– مبدأ المساواة- أولى الدستور مبدأ المساواة مكانا عليًّا في نصوصه؛ باعتباره ركيزة أساسية للحقوق والحريات، يستهدف المحافظة على الحقوق والحريات في مواجهة جميع صور التمييز التي قد تنال منها أو تحد من ممارستها، وكأساس ضروري لضمان الحماية المتكافئة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة، وبما يملى وحدة القاعدة القانونية الواجبة التطبيق عليهم، وإلا كانت مخالفة للدستور.

(ج) موظف– تأديب- لا يجوز أن يتضمن النظام التأديبي عبارة “لأسباب جدية تتعلق بالمصلحة العامة” في نطاق جواز معاقبة الموظف عما يسند إليه- هذه العبارة عبارة غامضة؛ لتعدد الدلالات التي تفيدها، وبما لا يمكن معه الوقوف على حقيقة المقصود منها، بما يفتح المجال واسعا للتأويل، خاصة إذا خلا النظام التأديبي من ضوابط تطبيقها، بأن لم يرد به تعريف للأسباب الجدية المتعلقة بالمصلحة العامة، ولا معايير لتحديد هذه الأسباب أو تعلقها بالمصلحة العامة أو طبيعة هذه الأسباب.

(د) هيئة الشرطة– شئون الضباط– تأديبهم- شبهة عدم الدستورية في نظام الإحالة إلى الاحتياط- وضع المشرع في قانون هيئة الشرطة نظامين لمواجهة المخالفات التي يرتكبها الضابط: (أحدهما) تأديبه لمعاقبته عن المخالفات التي تنسب إليه من خلال محاكمته تأديبيا، و(ثانيهما) نظام الإحالة إلى الاحتياط ثم المعاش- هذا النظام وإن كان يشترك مع النظام التأديبي في أنه يواجه وقائع ومخالفات تنسب إلى الضابط، إلا أنه يعد في الحقيقة نوعا من أنواع الجزاء يتم بغير النظام التأديبي الوارد في القانون، وبغير اتباع إجراءاته، فهو نظام جزائي استثنائي؛ لذلك اختصه المشرع بضوابطَ وشروطٍ خاصةٍ يجب توفرها حتى يسوغ لجهة الإدارة أن تترك نظام التأديب (وهو الأصل) إلى نظام الاحتياط الذي قد ينتهي بالإحالة على المعاش (وهو الاستثناء)- تَحُوطُ هذا النظام شبهة عدم الدستورية فيما قرره من جواز إحالة الضابط إلى الاحتياط لأسباب جدية تتعلق بالمصلحة العامة؛ وذلك لما يلي:

(أولا) إخلاله بالمساواة بين شاغلي رتبة (لواء) ومن دونهم،

(ثانيا) تترتب آثار جسيمة على الإحالة إلى الاحتياط، دون أن يُكفل لمن يُتَّخذُ هذا الإجراء في مواجهته حق الدفاع عن نفسه.

(ثالثا) يتم الأمر برمته من جانب الجهة الإدارية بإِجراء تتخذه من تلقاء نفسها، دون أية رقابة سابقة من أية جهة خارجها، ودون وجود أية ضمانة لصدوره بناء على تحقيق موضوعي، في حين يتمتع بضمانة التحقيق والمواجهة والمحاكمة من تنسب له أفعال أقل جسامة.

(رابعا) نظام الإحالة إلى الاحتياط لا يعدو أن يكون وقفا عن العمل كجزاء تأديبي بغير الضمانات المقررة لمن يوقف عن العمل، وبما يستتبعه فصلا بغير الطريق التأديبي بتسمية تخفي حقيقته والمقصود منه.

(خامسا) يتناقض هذا النظام مع مبدأ خضوع الدولة للقانون، بما ينطوي عليه من تقرير جزاء تأديبي بهذه الخطورة بناء على عبارة متسعة ومتعددة الدلالات “لأسباب جدية تتعلق بالمصلحة العامة”.

(سادسا) يتعارض تشريع الإحالة إلى الاحتياط مع حق العمل المنصوص عليه في الدستور.

ترتيبًا على ذلك: حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبوقف الفصل في موضوعه، وإحالة أوراق الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة([1]).

– المواد أرقام (12) و(14) و(92) من دستور 2014.

– المادة رقم (129) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

– المواد أرقام (67/2) و(68) و(69) من قانون هيئة الشرطة، الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971.

– المواد أرقام (25) و(29) و(30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 سنة 1979.

الإجراءات

بتاريخ 17/8/2010 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة 12 كادرات خاصة) بجلسة 20/6/2010 في الدعوى رقم 32586 لسنة 59ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعى المصروفات.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير طعنه- الحكم: (أولا) بقبول الطعن شكلا، و(ثانيا) بوقف الفصل في الطعن وإحالة موضوع الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المواد (67/1) و(68) و(69) و(70) من القانون 109 لسنة 1971 المعدل؛ لتعارضها مع أحكام المواد (14) و(64) و(65) و(66) و(67) من الدستور. و(ثالثا) إلغاء الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الطعن 32586 لسنة 59ق الصادر بجلسة 20/6/2010، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الوزاري رقم 167 لسنة 2005 فيما تضمنه من إحالة الطاعن إلى الاحتياط، واعتباره كأن لم يكن، وإعادة الطاعن إلى عمله وفى أقدميته نفسها، مع ما يترتب على ذلك من آثار وظيفية ومالية، بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة، وإلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.

وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه -بعد إعلان تقرير الطعن على النحو المقرر قانونا- الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.

وتدوول الطعن أمام الدائرة السابعة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون، وذلك على النحو المبين بالمحاضر، حيث تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

      بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 2/7/2005 أقام الطاعن الدعوى رقم 32586 لسنة 59ق، طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 167 لسنة 2005 فيما تضمنه من إحالته إلى الاحتياط واعتباره كأن لم يكن، وإعادته إلى عمله وفي أقدميته نفسها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وقال شرحا لدعواه إنه تخرج في كلية الشرطة عام 1981، وتدرج في العمل في عدة جهات حتى رقى إلى رتبة العقيد في 1/8/2001، وتم المد له في رتبة العقيد في 1/8/2003، إلا أنه فوجئ بإحالته إلى مجلس التأديب بالقرار رقم 55 لسنة 2005 في 7/2/2005، ثم صدر القرار رقم 167 لسنة 2005 بإحالته إلى الاحتياط، فتقدم بتظلم إلى جهة الإدارة بتاريخ 2/3/2005 المسجل برقم 1838، وتم سؤاله في هذا التظلم بتاريخ 19/3/2005، ثم لجأ إلى لجنة فض المنازعات المختصة بالطلب رقم 9790 لسنة 2005، التي أوصت بجلسة 18/6/2007 برفض الطلب، وهو ما حداه على إقامة دعواه الماثلة بطلباته المذكورة سالفا.

……………………………………………………….

وبجلسة 20/6/2010 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات.

وشيدت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم دستورية المواد (67/1) و(68) و(69) و(70) من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 لتعارضها مع أحكام المواد (14) و(64) و(65) و(66) و(67) من الدستور بعد استعراض المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979؛ حيث إن المشرع بموجب أحكام المواد (67/1) و(68) و(69) و(70) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971 قد وضع تنظيمًا متكاملًا لإحالة الضباط إلى الاحتياط، سواء كان ذلك بناءً على طلبه أو طلب وزارة الداخلية لأسباب صحية، أو إذا ثبت وجوب تلك الإحالة لأسباب جدية للمصلحة العامة، وبيَّن كيفية معاملة الضابط المحال إلى الاحتياط، ووضع الشروط اللازمة لصحة صدور ذلك القرار، وهي وجوب أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة، وأن تكون الإحالة إلى الاحتياط للمصلحة العامة لأسباب جدية، وذلك بقصد إبعاد الضباط الذين يقوم بهم مانع يحول بينهم وبين إمكانية تركهم يزاولون عملهم بمرفق الأمن؛ لجسامة المنسوب إليهم، فيتم إحالتهم إلى الاحتياط بعد استيفاء الضمانات التي أحاط بها المشرع ذلك النظام، وذلك لحين البت في أمرهم بقرار نهائي، إما بالإحالة على المعاش أو بإعادتهم لعملهم، وانتهت المحكمة إلى عدم جدية الدفع.

كما شيدت حكمها في موضوع الدعوى بأن استعرضت نصوص وأحكام المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971، وبينت أن الثابت بالأوراق أن المدعي (الطاعن في الطعن الماثل) كان يعمل ضابط شرطة برتبة عقيد بالإدارة العامة للقضاء العسكري، وقد اعتاد إبان عمله رئيسا للنيابة العسكرية بجنوب سيناء التحرش الجنسي وممارسة الشذوذ مع بعض المجندين العاملين تحت رئاسته أو مراودتهم عن أنفسهم مع رفضهم إقامة علاقة جنسية معه، ومنهم المجند/… (مراسلة مكتبه)، والمجند/… (سائق السيارة المخصصة له)، والمجند… (حلاق)، وأن المدعي كان يستغل سلطة وظيفته في التأثير عليهم للاستجابة له، كما اعتاد المدعي كذلك استغلال سلطة وظيفته كرئيس للنيابة العسكرية ومراودة بعض المتهمين الذين يعرضون عليه كمتهمين عن أنفسهم ومنهم المجند/… الذي عرض عليه لاتهامه في القضية رقم 173 مركزية لسنة 2002، حيث تحرش به جنسيا وراوده عن نفسه بتصرفات جنسية شاذة، وطلب منه ممارسة الجنس معه، وهو ما أكدته معلومات الجهات الأمنية ومباحث أمن الدولة، وقد تم تقييم موقف المدعي بشأن ما تقدم والتحقيق معه بمعرفة الإدارة العامة للتفتيش والرقابة التي أوصت بإحالته إلى الاحتياط للمصلحة العامة، وبناء على ذلك تم عرض أمره على المجلس الأعلى للشرطة بجلسته المنعقدة بتاريخ 12/2/2005، الذي وافق على إحالته إلى الاحتياط، فصدر قرار وزير الداخلية المطعون فيه رقم 167 لسنة 2005 بإحالته إلى الاحتياط للمصلحة العامة، ولأنه يشغل إحدى الوظائف القيادية بهيئة الشرطة ونسب إليه من الأفعال المشينة التي تبلغ من الجسامة والخطورة حدا تتوفر معه حالة الضرورة الملحة التي توجب إحالته إلى الاحتياط للمصلحة العامة، لاسيما وهي أفعال ينظر المجتمع لمن يرتكبها من العامة نظرة ازدراء وتأفف، وهو ما من شأنه أن ينال من الهيئة التي يعمل بها المدعي، وهي القوامة على أمن المجتمع الداخلي والمنوط بها مكافحة مثل تلك الجرائم والأفعال المشينة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قائما على سببه المبرر قانونا لصدوره وموافقا صحيح حكم القانون، دون أن ينال من سلامة القرار الطعين ما استند إليه المدعي من صدور حكم مجلس التأديب الابتدائي والاستئنافي في المخالفات المنسوبة إليه بالبراءة؛ لأن ذلك مردود عليه بأن صحة القرار الإداري تتحدد بالأسباب التي قام عليها ومدى سلامتها وقت صدور القرار، ولما كان الثابت من التحريات التي أجرتها الجهات المعنية، وما أشيع عن الضابط، وأكده بعض المرءوسين له -ومنهم من أنهى مدة خدمته- لَيَقطع بتوفر أسباب القرار المطعون فيه على النحو المبين سالفا، وهو ما يكون معه القرار المطعون فيه صادرًا على وفق صحيح حكم القانون.

………………………………………………..

وحيث إن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل ناعيا عليه مخالفته للقانون؛ لأن قرار الإحالة إلى الاحتياط قد سبقه القرار الوزاري رقم 55 لسنة 2005 بإحالته إلى مجلس التأديب الابتدائي، وعن الأسباب نفسها، ومن ثم يعد صدور القرار الطعين عدوانا على ولاية جهة التأديب، بالإضافة لمخالفة المبادئ التي استقرت عليها أحكام المحكمة الإدارية العليا ومخالفة الثابت بالأوراق؛ إذ جاء بأسباب الحكم الاستئنافي بتأييد حكم البراءة الصادر عن المجلس الابتدائي ما يفيد استخلاصها من أسباب تنتجها، كما أهدر الحكم الطعين حجية الأمر المقضي للحكم الصادر عن المجلس الابتدائي بالبراءة والذي تأيد استئنافيا، بالمخالفة لأحكام المادتين (66) و(67) من الدستور.

كما نعى الطاعن على الحكم الطعين القصور في التسبيب؛ إذ جاءت الأسباب التي بني عليها الحكم خلوا مما يفيد الإحاطة بوقائع الدعوى، وقد حجب نفسه عن المستندات وأوجه الدفاع التي ساقها بالاستناد إلى مذكرة قطاع التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية، كما تناول الحكم الطعين الدفع بعدم الدستورية على غير الوجه المقرر قانونا؛ لأنه ليس من الدفوع الشكلية أو الإجرائية. 

………………………………………………..

– حيث إن الدفع بعدم الدستورية يتعين بحثه والفصل فيه في نطاق ما تعلق به النص من الإجراءات، أو الاختصاص، أو طرق الطعن، أو طرق الإثبات، أو بالحقوق الموضوعية، عند الفصل فيما تعلق به، فيتعين بحثه إذا ما تعلق بالإجراءات في موقع بحث الإجراءات من الحكم، وإذا تعلق بالاختصاص تعين بحث الاختصاص، وإذا اتصل بالحقوق الموضوعية تعين بحثه عند الفصل في الحقوق الموضوعية، وعلى هذا الأساس فلا يجوز للمحكمة في صدد بحث نص يتعلق بالحقوق الموضوعية تناوله باعتباره من الدفوع الشكلية المتعلقة بشكل الدعوى، بل اعتباره من الدفوع الموضوعية المتعلقة بالحقوق محل النزاع.

وحيث إنه بتطبيق ما تقدم فإن الحكم الطعين قد تناول الفصل في الدفع بعدم الدستورية قبل الفصل في شكل الدعوى، في حين أن النصوص تتعلق بموضوع الدعوى والحقوق الموضوعية فيها، ومن ثم فإنه يكون مخالفا للقانون.

– وحيث إنه عن موضوع الطعن، فإن المادة (12) من الدستور تنص على أن: “العمل حق، وواجب، وشرف تكفله الدولة. ولا يجوز إلزام أي مواطن بالعمل جبرًا، إلا بمقتضى قانون، ولأداء خدمة عامة، لمدة محددة، وبمقابل عادل، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل”.

وتنص المادة (14) منه على أن: “الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي، إلا في الأحوال التي يحددها القانون”.

وتنص المادة (92) منه على أن: “الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصًا. ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها”.

وتنص المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971 على أن: “لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضباط -عدا المعينين في وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية- إلى الاحتياط وذلك:…

2- إذا ثبت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام، ولا يسري ذلك على الضابط من رتبة لواء.

 ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط على سنتين، ويعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلى الخدمة العاملة، فإذا لم يتم العرض عاد الضابط إلى عمله، ما لم تكن مدة خدمته انتهت لسبب آخر طبقا للقانون.

وتعتبر الرتبة التي كان الضابط يشغلها شاغرة بمجرد إحالته إلى الاحتياط”.

وتنص المادة (68) من القانون نفسه (معدلة بموجب القانون رقم 218 لسنة 1991) على أن: “يحتفظ الضابط المحال إلى الاحتياط بمرتبه بصفة شخصية لمدة عام، فإذا انقضت هذه المدة استحق ثلثي مرتبه. … ولا يجوز خلال مدة الاحتياط ترقية الضابط أو منحه علاوات،كما لا يجوز له حمل السلاح أو إحرازه دون ترخيص، وكذلك ارتداء الزي الرسمي، ولا يجوز له خلال مدة الاحتياط مباشرة أي عمل آخر، كما يلتزم بكافة الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون”.

 وتنص المادة (69) من القانون المذكور على أن: “تحدد أقدمية الضابط العائد من الاحتياط إلى الخدمة العاملة بين زملائه على الوجه الآتي:… 

2- إذا كانت الإحالة إلى الاحتياط وفقا للبند (2) من المادة (67) وجاوزت مدة الاحتياط سنة، أعيد الضابط برتبته التي كان فيها عند الإحالة، على أن يوضع أمامه عدد مماثل للعدد الذي كان يسبقه عند إحالته إلى الاحتياط”.

وحيث إن المستقر عليه -على وفق ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا- أن المشرع في قانون هيئة الشرطة وضع نظامين لمواجهة المخالفات التي يرتكبها الضابط: (أحدهما) خاص بالتأديب لمعاقبته عن المخالفات التي تنسب إليه من خلال محاكمته تأديبيا، و(ثانيهما) نظام الإحالة إلى الاحتياط ثم المعاش، وهذا النظام وإن كان يشترك مع النظام التأديبي في أنه يواجه وقائع ومخالفات تنسب إلى الضابط، إلا أنه لما كانت إحالة الضابط إلى الاحتياط، الذي قد يكون مقدمة لإحالته على المعاش، يعد في الحقيقة نوعا من أنواع الجزاء يتم بغير النظام التأديبي الوارد في القانون، وبغير اتباع إجراءاته، من تحقيقٍ يُجرى مع الضابط يواجَه فيه بما هو منسوب إليه، ويتمكن من الدفاع عن نفسه، ويحقَّق دفاعه، فهو على هذا النحو نظام جزائي استثنائي؛ لذلك اختصه المشرع بضوابطَ وشروطٍ خاصةٍ يجب توفرها حتى يسوغ لجهة الإدارة أن تترك نظام التأديب -وهو الأصل- إلى نظام الاحتياط الذي قد ينتهي بالإحالة على المعاش -وهو الاستثناء-. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 31431 لسنة 55 ق ع بجلسة 15/1/2012، وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 844 لسنة 38 ق ع بجلسة 13/2/1996).

وحيث إن المواد من (67) حتى (70) قد نظمت إحالة ضباط الشرطة إلى الاحتياط بعد أن أخرجت منهم رتبة لواء، رغم كونهم ضباطا في هيئة الشرطة: “ولا يسري ذلك على الضابط من رتبة لواء”، وحددت المادة (67) الأحوال التي يجوز فيها إحالة الضابط إلى الاحتياط بعبارة عامة: “لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام”، وهي عبارة في خصوص الجزاء التأديبي غامضة؛ لتعدد الدلالات التي تفيدها، وبما لا يمكن معه الوقوف على حقيقة ما قصده المشرع منها لفقدانها الوضوح، بما يفتح المجال واسعا للتأويل، خاصة مع خلو هذه العبارة من ضوابط تطبيقها، فلم يرد بها تعريف للأسباب الجدية المتعلقة بالمصلحة العامة، ولا معايير لتحديد هذه الأسباب أو تعلقها بالمصلحة العامة أو طبيعة هذه الأسباب مما ينسب إلى الضابط، ما إذا كان فعلا أو امتناعا، أو غير ذلك من القواعد التفصيلية التي تؤدى إلى ضبط المعنى، مما قد يؤدى إلى استخدامها بقصد لا يستقيم مع قصد المشرع منها. 

وإذ لا يمكن تحديد الأفعال التي تعد من وجهة نظر موضوعية أسبابا جدية تتعلق بالمصلحة العامة، وهو ما قد يقع به التداخل بينها وبين غيرها من الأفعال التي تدخل في نطاق المسئولية التأديبية، وهو ما يتنافى مع وجوب أن يقف المخاطب بالنص على الحدود الفاصلة بين الأفعال المشروعة وغير المشروعة التي تؤدى إلى مسئولية مقترفها تأديبيا، سواء كان امتناعا عن أداء الواجب أو اقترافا لمحظور؛ حتى لا يلتبس على المخاطبين بالنص، مما قد يجعل معايير التفرقة بينها شخصية أو ذاتية، تعود إلى التقدير الشخصي أو التقدير الذاتي للقائم على شئون الضباط.

 وحيث إن الدستور أولى مبدأ المساواة مكانا عليّا في نصوصه باعتباره ركيزة أساسية للحقوق والحريات، يستهدف المحافظة على الحقوق والحريات في مواجهة جميع صور التمييز التي قد تنال منها أو تحد من ممارستها، وكأساس ضروري لضمان الحماية المتكافئة بين المراكز القانونية المتماثلة، وبما يملى وحدة القاعدة القانونية الواجبة التطبيق عليهم، وإلا كانت مخالفة للدستور.

  ولما كان نص الفقرة الثانية من المادة (67) وما يرتبط بها من أحكام قد مايز بين فئتين من ضباط الشرطة الخاضعين لنظام قانوني واحد، هو قانون هيئة الشرطة، إذ قضى بجواز تطبيق الإحالة إلى الاحتياط على الضباط من رتبة ملازم حتى عميد (سبع رتب)، في حين أخرج من هم في رتبة لواء، وهم: لواء ولواء مساعد وزير الداخلية ولواء مساعد أول وزير الداخلية (ثلاث رتب)، ليكون تأديبهم على وفق القواعد العامة المقررة بالقانون، بالمخالفة لمبدأ الحماية القانونية المتكافئة بين المراكز القانونية المتماثلة، إذ لا يستند التمييز ضد من هم في رتبة ملازم حتى عميد على أي أساس موضوعي يبرره، بالمخالفة لمبدأ المساواة.

وحيث إن النصوص حددت عددا من الآثار التي تنشأ نتيجة اتخاذ هذا الإجراء ضد الضابط على النحو الآتي:

(أولا) بالنسبة للمرتب: يحصل على مرتبه لمدة عام فقط، يخفض بنسبة الثلث في العام الثاني، مع حرمانه من العلاوات المقررة قانونا، مع حظر عمله ليعول نفسه ومن يلتزم قانونا بالإنفاق عليهم. بخلاف تأثير ذلك على ما يتقاضاه عند الإحالة على المعاش.

(ثانيا) بالنسبة للعمل: حددت النصوص ستة آثار تتمثل في حظر ترقية الضابط، وحظر حمله السلاح أو إحرازه دون ترخيص، وحظر ارتداء الزي الرسمي، وحظر مباشرة أي عمل آخر رغم بقائه ملتزما بكافة الواجبات المنصوص عليها في القانون ورغم عدم وجوده في العمل، واعتبار الرتبة التي كان يشغلها شاغرة بمجرد إحالته إلى الاحتياط، وإعادة ترتيب أقدميته بين دفعة تخرجه.

وهي كلها آثار ثقيلة المعنى والنتائج، دون أن يكفل لمن يتخذ هذا الإجراء في مواجهته حق الدفاع عن نفسه من خلال التحقيق معه فيما ينسب إليه أو مواجهته أو محاكمته، فليس له أن يدفع أو يدافع عن نفسه ما يؤاخذ عليه من وقائع تنسب إليه، بحرمانه من الحق في سماعه، وقد يكون لديه ما ينفيها أو يبررها أو يفسرها أو شبهات علقت به أو بسيرته ولا وسيلة لديه لدحض أو تفنيد ما ينسب إليه بسبب النص، مما يسيء إليه وإلى مركزه القانوني وهو أعزل لا يملك عن نفسه دفعا ولا ردا، وهو ما قد يؤدى إلى التعسف في استخدام هذا  الإجراء أو الانحراف به.

 بالاضافة إلى ذلك يتم الأمر برمته من جانب الجهة الإدارية (ممثلة في وزير الداخلية والمجلس الأعلى للشرطة)، فهي الجهة الوحيدة المختصة بإعمال هذا النص بإحالة الضابط إلى الاحتياط بإِجراء تتخذه من تلقاء نفسها ودون أية رقابة سابقة من أية جهة خارج جهة الإدارة، ودون وجود أية ضمانة لصدور قرار الإحالة إلى الاحتياط بناء على تحقيق موضوعي، مما يعد إهدارا للضمانات المقررة قانونا لمن يتخذ في مواجهته، في حين يتمتع بضمانة التحقيق والمواجهة والمحاكمة من تنسب له أفعال يعد وقوعها من الظواهر الطبيعية في بيئة العمل، كبعض المخالفات الانضباطية المتعلقة بالتأخر عن موعد العمل أو المسلكية، كعدم إثبات قيامه بعمل روتيني، ولا يعقل أن يوقع جزاء تأديبي على ضابط لم يواجه به ولم يدافع عن نفسه فيما نسب إليه.

وحيث إن نظام الإحالة إلى الاحتياط على وفق ما نظمه القانون لا يعدو -في ضوء الحالة المحددة بالفقرة الثانية من المادة (67) من القانون وبالآثار والنتائج المترتبة عليه- أن يكون وقفا عن العمل كجزاء تأديبي بغير الضمانات المقررة لمن يوقف عن العمل وفى بعض الأحيان، وبما يستتبعه فصلا بغير الطريق التأديبي بتسمية تخفي حقيقته والمقصود منه، ومقصورا على الرتب من ملازم حتى عميد.

وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون -محددا على ضوء الأسس التي يعد التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية- يتناقض معه تقرير جزاء تأديبي بهذه الخطورة بناء على عبارة متسعة ومتعددة الدلالات، في حين أن الحقوق التي يمسها هذا التنظيم تمثل في ذاتها قيمة دستورية يحظر مخالفتها أو الخروج عليها، بلا ضمانات تتناسب وخطورة الآثار المترتبة على هذا الإجراء، بل يتم الأمر برمته داخل الجهة الإدارية، ومن ثم فإن إجازة المشرع بنص الفقرة الثانية من المادة (67) اتخاذ هذا الإجراء مع الحرمان من الضمانات المقررة  لمن يقترف إثما أقل خطورة يخالف أحكام الدستور.

 وفى ضوء ذلك فإن تشريع الإحالة إلى الاحتياط يتعارض مع حق العمل المنصوص عليه في المادة (12)، والفصل بغير الطريق التأديبي يتعارض مع المادة (14)، ويعد تعطيلا وانتقاصا من حق العمل اللصيق بشخص المواطن بالمخالفة للمادة (92) من الدستور في فقرتها الأولى.

وحيث إن المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن: “تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي:

أولا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. …”.

 وتنص المادة (29) منه على أن: “تتولى المحكمة الرقابة القضائية عـلـى دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:

(أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثـنـاء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقـفـت الـدعـوى وأحـالـت الأوراق بغـيـر رسوم إلى المحكمة…”.

وتنص المادة (30) منه على أنه: “يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العـلـيا أو صـحـيـفـة الدعوى المرفوعة إليها وفقا لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطـعـون بـعـدم دسـتـوريـتـه والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة”.

 وحيث إن المادة (129) من قانون المرافعات تنص على أن: “…يكون للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم، وبمجرد زوال سبب الوقف يكون للخصم تعجيل الدعوى”.

 وحيث إنه تطبيقا لما تقدم، وإذ تراءى  للمحكمة أن نص الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون 109 لسنة 1971 ينطوي على مخالفة لأحكام المواد (12) و(14) و(92/ فقرة أولى) من الدستور، فضلا عن إخلاله بمبدأ المساواة، ولما كان الفصل في مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون 109 لسنة 1971 المذكورة سالفا فيما لم تتضمنه على الأخص من وجوب مواجهة الضابط بما هو منسوب إليه وسماع دفاعه وتحقيق هذا الدفاع قبل إحالته إلى الاحتياط نظرا للآثار الخطيرة المترتبة عليه (ومنها إمكان أن يصدر قرار بإنهاء خدمة الضابط بعد سنتين من إحالته إلى الاحتياط)، تعد مسألة أولية لازمة للفصل في مدى دستورية الإحالة إلى الاحتياط لأسباب جدية تتعلق بالمصلحة العامة، وإن البت في هذه المسألة الأولية يخرج عن ولاية هذه المحكمة؛ لذا فإن المحكمة تقضي بوقف الفصل في الدعوى تعليقا وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها في ضوء مخالفتها لأحكام المواد (12) و(14) و(92/ فقرة أولى) من الدستور؛ لذا تقضي المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا لإعمال شئونها والفصل في مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون 109 لسنة 1971 في ضوء أوجه المخالفة المبينة سالفا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبوقف الفصل في موضوعه، وإحالة أوراق الطعن بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة، الصادر بالقرار بقانون 109 لسنة 1971.

([1]) قيدت هذه القضية بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 55 لسنة 36 القضائية (دستورية)، ولما يفصل فيها حتى مثول هذه المجموعة للطبع.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV