مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعنان رقما 9717 و10347 لسنة 57 القضائية (عليا)
يونيو 22, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الخامسة – الطعن رقم 11543 لسنة 54 القضائية (عليا)
يونيو 22, 2021

الدائرة الرابعة – دعويا البطلان الأصليتان المقيدتان برقمي 69 و 755 لسنة 63 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 18 من فبراير سنة 2017

دعويا البطلان الأصليتان

المقيدتان برقمي 69 و 755 لسنة 63 القضائية (عليا)([1])

(الدائرة الرابعة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد ماهر أبو العينين

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. حسني درويش عبد الحميد درويش، وعبد الفتاح السيد أحمد عبد العال الكاشف، وأسامة محمد أحمد حسنين، وهاشم فوزي أحمد شعبان.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- الدورة الإجرائية لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- القاعدة أن الطعون المعروضة على المحكمة الإدارية العليا كمحكمة طعن يجب أن تمر إلى دائرة الموضوع من خلال دائرة فحص الطعون، فلا بد أن تبدأ الدورة الإجرائية لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا من نظر دائرة فحص الطعون للطعن إذا كان به شق عاجل، أو بعد تحضير الطعن في هيئة مفوضي الدولة وإحالته إلى المحكمة- تستثنى من ذلك: الدعاوى المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا كمحكمة أول وآخر درجة، فحينئذ لا يكون لدائرة فحص الطعون دورٌ؛ لأن الطعن لابد أن تبت فيه دائرة الموضوع، إلا في خصوص طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، فيجوز مع هذا أن تصدر الدائرة المذكورة حكمها بوقف تنفيذه- إذا لم يتم الأمر على هذا النحو، ونظرت دائرة الموضوع الطعن مباشرة دون أن تنظره دائرة فحص الطعون، كان هناك خلل جسيم في الحكم، يهوى به إلى درجة الانعدام؛ لبطلان اتصال دائرة الموضوع بالطعن، وتفويت مرحلة قضائية أساسية من شأنها أن تمس حق التقاضي بالنسبة للطاعن.

(ب) دعوى– الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- دائرة فحص الطعون- طبيعتها ودورها- لدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا طبيعة مزدوجة، فعلاوة على كونها دائرة من دوائر المحكمة الإدارية العليا، فإنها تعد محكمة ذات ولاية قضائية تختلف عن ولاية دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا، وتشكل على نحو يغاير تشكيلها- ما يصدر عن هذ الدائرة قد يكون حكما وقد يكون قرارا، فإذا رأت بإجماع الآراء رفض الطعن أصدرت حكما بذلك، وإذا تضمن الطعن طلبا عاجلا كان لها أن تحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، أما إذا رأت إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع فإنها بذلك تمارس سلطتها الولائية القضائية، وتصدر قرارا، وليس حكما، بإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا- ما يصدر عن دائرة فحص الطعون من أحكام يخضع لكل ما تخضع له أحكام مجلس الدولة من قواعد وإجراءات، وكذلك ما ورد في قانون المرافعات من أحكام.

– المادتان (4) و(46) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.

(ج) دعوى– رد القضاة- تختص بنظر طلب رد مستشاري دائرة الفحص بالمحكمة الإدارية العليا إحدى دوائر الفحص بالمحكمة.

(د) دعوى دعوى البطلان الأصلية- تختص دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بنظر دعوى البطلان المقامة في الحكم الصادر عنها([2]).

الإجراءات

– في 1/10/2016 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول لدى المحكمة الإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن بدعوى البطلان الأصلية، قيد برقم 69 لسنة 63ق.ع طعنا على الحكم الصادر عن الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 25 من يوليو سنة 2015 في الطعون أرقام 48967 و5221 و54130 لسنة 60 القضائية (عليا) والطعن رقم 61839 لسنة 61 القضائية (عليا)، القاضي منطوقه بقبول الطعون شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بمجازاة كل من/… و… و… و… بالفصل من الخدمة، وانتهى تقرير الطعن بالبطلان إلى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، و(أصليا) القضاء مجددا بإعادة نظر الطعون على ضوء التنازل الصادر عنهم يوم 27/6/2015، و(احتياطيا) القضاء مجددا ببراءتهم مما أسند إليهم.

– وفي اليوم نفسه (1/10/2016) أودع الأستاذ/… المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعنين أنفسهم، تقريرا بالطعن بدعوى البطلان الأصلية، قيد برقم 755 لسنة 63ق.ع،  طعنا على الحكم المشار إليه نفسه، وطلب في ختام تقرير الطعن الحكم بالطلبات نفسها المبينة سالفا في الطعن رقم 69 لسنة 63ق.ع، وانتهى إلى بطلان الحكم المذكور؛ لابتنائه على عيوب جسيمة تهدر قواعد العدالة.

وتحددت لنظر هذين الطعنين جلسة 17/12/2016 بعد ورود تقرير هيئة المفوضين، الذي انتهى إلى أن الهيئة ترى الحكم بقبول الدعويين شكلا، ورفضهما موضوعا، وتدوول الطعنان على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث تقرر إصدار الحكم فيهما -بعد ضمهما- بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

وحيث إن دعوى البطلان الأصلية ليس لها ميعاد محدد لرفعها، فإن الطعنين مقبولان شكلا.

وحيث إن واقعات الحكم المطعون فيه بالبطلان تخلص -حسبما يظهر من الأوراق- في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 319 لسنة 55ق أمام المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية، مشتملة على تقرير اتهام ضد الطاعنين، بوصف الطاعن/… الناسخ بإدارة النسخ بمجلس الدولة بالدرجة الثالثة، والطاعن/… الموظف بجدول عام محكمة القضاء الإداري بالدرجة الرابعة، والطاعن/… سكرتير الدائرة 12 بمحكمة القضاء الإداري بالدرجة الرابعة، والطاعن/… الموظف بالجمعية العمومية للفتوى والتشريع بالدرجة الثانية، أنهم بتاريخ 30/4/2013 بوصفهم السابق، وبمقر مجلس الدولة، سلكوا مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة:

المخالفان الأول والثاني: قاما بإنزال أحد مفاتيح الكهرباء الخاصة بقاعة محكمة القضاء الإداري، بقصد قطع التيار الكهربائي عن غرفة المداولة المنعقدة بها جلسة الدائرة الثانية، مما أعاق أعضاء الدائرة المذكورة عن أداء عملهم.

المخالف الثالث: تواجد أمام لوحة الكهرباء الخاصة بالقاعة المذكورة بقصد منع إعادة التيار الكهربائي الذي تم فصله عن غرفة المداولة المشار إليها، مما منع السادة أعضاء الدائرة المذكورة من أداء عملهم.

المخالف الرابع: قام بالطرق بعنف على باب غرفة المداولة مستخدما عصا، وذلك أثناء انعقاد الدائرة الثانية بها للمداولة، مما عطل عمل الدائرة المذكورة.

وأمرت النيابة الإدارية بإحالة المحالين للمحكمة التأديبية طالبة محاكمتهم تأديبيا، وقيدت الأوراق دعوى تأديبية برقم 319 لسنة 55ق، ونظرتها المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة يوم 31/5/2014 قضت بمعاقبة المتهمين بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.

وبتاريخ 13/7/2014 أقيم الطعن الأول رقم 48967 لسنة60ق.

وبتاريخ 24/7/2014 أقيم الطعن الثاني رقم 52121 لسة60ق.

وبتاريخ 27/7/2014 أقيم الطعن الثالث رقم 54130 لسنة60ق.

وأثناء تداول هذه الطعون، وبتاريخ 13/5/2015 أقامت النيابة الإدارية الطعن الفرعي في الطعون الثلاثة السابقة.

وبعد ورود تقرير هيئة المفوضين أحيلت الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة موضوع)، وبجلسة 27/6/2015 حضر الطاعنون وقرروا التنازل عن الطعون المقامة منهم، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة يوم 25/7/2016، وبهذه الجلسة صدر الحكم المطعون فيه بدعويي البطلان الماثلتين، وقام الحكم على ثبوت المخالفات في حق الطاعنين، وانتهى الحكم إلى تعديل الجزاء الموقع عليهم إلى توقيع جزاء الفصل من الخدمة عليهم.

………………………………………………….

وتقوم الأسباب الواردة في دعويي البطلان على وقوع عدة أخطاء جسيمة في الحكم المطعون فيه من شأنها أن تجعله منعدما، منها أن الطعون الثلاثة المقامة من الطاعنين لم تمر على دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا قبل أن تتصدى لنظرها الدائرة الرابعة عليا موضوع وتحكم فيها، فضلا عن وجود غلو شديد في الحكم الصادر عن المحكمة، وأخيرا: أنهم قد تنازلوا عن الطعن المقام منهم، فلا يجوز للحكم سوى إثبات هذا التنازل؛ لأن طعن النيابة الإدارية كان قد قدم بعد المواعيد المقررة للطعن، وانتهى تقريرا الطعن إلى الطلبات المبينة سالفا.

………………………………………………….

وحيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا، وعلى رأسها دائرة توحيد المبادئ، قد استقرت على أن المحكمة الإدارية العليا تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة، فلا يكون من سبيل إلى إهدار أحكامها إلا استثناء محضا بدعوى البطلان الأصلية، وهي دعوى لها طبيعة خاصة، توجه إلى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، وطريقُ طعنٍ استثنائي.

وفي غير حالات البطلان المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية، والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعملها في مجال ما يقام من دعاوى بطلان أصلية في أحكام صادرة عنها، يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم يمثل إهدارا للعدالة على نحو يفقد معها الحكم صفته كحكم، وبه تختل قرينة الصحة التي تلحق به قانونا، فلا يصبح عنوانا للحقيقة، ولا يتحقق به أن يكون هو عين الحقيقة وحق اليقين، ويجب أن يكون الخطأ الذي شاب الحكم ثمرة غلط فاضح يكشف بذاته عن أمره ويقلب ميزان العدالة على نحو لا يستقيم معه سوى صدور حكم عن المحكمة نفسها تعيد فيه الأمور إلى نصابها الصحيح. (الطعن رقم 1752 لسنة 62 القضائية عليا بجلسة 11/10/2015).

وحيث إنه  متى كان ذلك، وكانت المادة (46) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: “تنظر دائرة فحص الطعون الطعن بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة وذوي الشأن إن رأى رئيس الدائرة وجها لذلك، وإذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة الإدارية العليا، إما لأن الطعن مرجح القبول، أو لأن الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره، أصدرت قرارا بإحالته إليها، أما إذا رأت بإجماع الآراء أنه غير مقبول شكلا أو باطل أو غير جدير بالعرض على المحكمة، حكمت برفضه. ويكتفى بذكر القرار أو الحكم بمحضر الجلسة، وتبين المحكمة في المحضر بإيجاز وجهة النظر إذا كان الحكم صادرا بالرفض، ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن…”.

وحيث إن مفاد ذلك أن دائرة فحص الطعون هي محكمة ذات ولاية قضائية تختلف عن ولاية دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا، وتشكل على نحو يغاير تشكيلها، وتصدر أحكامها على استقلال طبقا لقواعد نص عليها القانون، فهي بهذه المثابة ذات كيان بذاته.

وتنص المادة (4) من قانون مجلس الدولة على أن: “يكون مقر المحكمة الإدارية العليا في القاهرة، ويرأسها رئيس المجلس، وتصدر أحكامها من دوائر من خمسة مستشارين، وتكون بها دائرة أو أكثر لفحص الطعون، وتشكل من ثلاثة مستشارين”.

ويستفاد من ذلك أن دائرة فحص الطعون علاوة على كونها دائرة من دوائر المحكمة الإدارية العليا، فإنها تعد محكمة ذات ولاية قضائية. ويترتب على هذه الطبيعة المزدوجة عدة نتائج، منها:

أن هذه الدائرة باعتبارها محكمة ذات ولاية قضائية، تملك سلطة إصدار الأحكام، وتخضع أحكامها من ثم لكل ما تخضع له أحكام مجلس الدولة من قواعد وإجراءات، وكذلك ما ورد في قانون المرافعات من أحكام، بيد أن المشرع اشترط لإسباغ وصف الحكم على قرار الدائرة الثلاثية أن يصدر القرار برفض الطعن وبإجماع آراء الدائرة. وفي حالة قبول الطعن فإن المحكمة تمارس سلطتها الولائية، وتصدر قرارا، وليس حكما، بإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 348 لسنة 9ق.ع بجلسة 3/11/1968، وفي الطعن رقم 887 لسنة 45ق.ع بجلسة 2/2/2002).

وتعبيرا عن ذلك المعنى أوضحت المحكمة الإدارية العليا أن المشرع قد نص على أن تشكل دائرة فحص الطعون من ثلاثة مستشارين، وهو ما يتضح معه من تشكيل هذه الدائرة واختصاصاتها أنها محكمة ذات تشكيل خاص وولاية قضائية خاصة مميزة تختلف عن تشكيل وولاية المحكمة الإدارية العليا بدوائرها الموضوعية، وقد وصف المشرع صراحة ما يصدر عن دائرة فحص الطعون بأنه “قرار” فيما يتعلق بما تقرر إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، ومن ثم فهو بالنص قرار قضائي ولائي من هذه الدائرة، بينما وصف ما تقضي به من رفض للطعن بإجماع آراء أعضائها بأنه “حكم”، ومن ثم فإن هذا الرفض يكون حكما قضائيا صادرا عن دائرة فحص الطعون بتشكيلها الخاص. (الطعن رقم 1445 لسنة50ق.ع جلسة 20/5/2006).

ونتيجةً لاستقلال دائرة فحص الطعون عن دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا، فقد استقر قضاء المحكمة على أن رد مستشاري دائرة الفحص يعهد بنظره إلى إحدى دوائر الفحص بالمحكمة الإدارية العليا، وكذلك في حال وجود طعن بالبطلان على حكم صادر عن دائرة الفحص تختص بنظره ذات دائرة الفحص التي أصدرته.

وحيث إن الدورة الإجرائية لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا بد أن تبدأ من نظر دائرة فحص الطعون للطعن إذا كان به شق عاجل، أو بعد تحضير الطعن في هيئة المفوضين وإحالته إلى المحكمة، وإن دور دائرة فحص الطعون جوهري وأساسي لوجوب مرور الطعن عليها، إلا في حالة الطعون أمام المحكمة الإدارية العليا كأول وآخر درجة، فحينئذ لا يكون للدائرة دورٌ؛ لأن الطعن لا بد أن تبت فيه دائرة الموضوع، إلا في خصوص طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، فيجوز -حتى لو كان الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا كأول وآخر درجة- أن تصدر الدائرة حكمها بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وعلى كل فإن أي قضاء في موضوع الطعون المعروضة على المحكمة الإدارية العليا كمحكمة طعن يجب أن يمر إلى دائرة الموضوع من خلال دائرة فحص الطعون، وإذا لم يتم هذا الأمر كان هناك خلل جسيم في الحكم، يهوى به إلى درجة الانعدام؛ لبطلان اتصال دائرة الموضوع بالطعن، وتفويت مرحلة قضائية أساسية من شأنها أن تمس حق التقاضي بالنسبة للطاعن.

وحيث إنه بتطبيق هذا الفهم على واقعات الحكم المطعون فيه بالبطلان، فإن الأوراق توضح بجلاء أن الحكم المطعون فيه لم يمر على دائرة فحص الطعون قبل أن تتصدى دائرة الموضوع للفصل فيه، فالأوراق قد خلت من أية إشارة إلى أن الطعن مر على دائرة فحص الطعون قبل اتصال دائرة الموضوع به، فليست هناك محاضر جلسات أمام دائرة فحص الطعون، أو تأشيرات على الملفات الخاصة بالطعن توضح اتصال دائرة الفحص بالطعن، بل إن المستندات الواردة بحافظة المستندات المقدمة من الطاعنين بجلسة 17/12/2016 توضح أن هذه الطعون قد تم إرسالها إلى دائرة الموضوع مباشرة دون إحالتها إلى دائرة فحص الطعون وذلك من واقع الأجندة الخاصة بجلسات الدائرة الرابعة عليا مفوضين، كما توضح الشهادة المستخرجة من واقع سجلات هيئة مفوضي الدولة تَسلم سكرتير الدائرة الرابعة موضوع ملفات الطعون من هيئة مفوضي الدولة في 9/6/2015 (حافظة مستندات الطاعنين المقدمة بجلسة 14/1/2017).

فإذا أضفنا إلى هذا خلو الحكم المطعون فيه من أية إشارة إلى تداول الطعون أمام دائرة فحص الطعون، فإنه يتأكد للمحكمة أن هذه الطعون قد نظرتها دائرة الموضوع بالمحكمة دون مرورها على دائرة فحص الطعون لتتخذ فيها ما تشاء من إجراء، إما برفض الطعون أو إحالتها إلى دائرة الموضوع، ومن ثم فقد وقع الحكم المطعون عليه بالبطلان في خطأ إجرائي جسيم، من شأنه أن يصمه بالبطلان.

فإذا أضفنا إلى ذلك أنه باستقراء وقائع الطعن أمام دائرة الموضوع نجد أن الطاعنين قد تنازلوا عن طعنهم أمام دائرة الموضوع ورفضت الدائرة هذا التنازل بوصف الأمر يتعلق بالنظام العام، فإذا تبين أن هناك مرحلة سابقة على اتصال دائرة الموضوع بنظر الطعن، وهذه المرحلة كان يمكن لدائرة فحص الطعون فيها أن تتصدى لهذا التنازل بقبوله وتنتهي الطعون عند هذا الحد، تبين أن إغفال مرحلة فحص الطعون قد مس على نحو سافر حق الطاعنين في نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتستقل بقرارها الذي قد يكون بقبول تنازلهم وإثباته وانتهاء الخصومة في الطعون عند هذا الحد، فإذا تبين وجود هذا الاحتمال فإن تصدي دائرة الموضوع لنظر الطعون مباشرة وحرمان الطاعنين من إبداء دفاعهم ودفوعهم أمام دائرة فحص الطعون يجعل ما انتهت إليه المحكمة في حكمها، ليس فقط يصيب الحكم بالبطلان، بل بالانعدام؛ لأنه أخل على نحو جسيم بحق من حقوق التقاضي الأساسية التي نص عليها المشرع وتستوجبها طبيعة المنازعات أمام مجلس الدولة من ضرورة مرور الطعون على دائرة مستقلة عن دائرة الموضوع، وهي دائرة فحص الطعون، خاصة وأن الأمر يتعلق بالطعن على حكم من أحكام المحاكم التأديبية، وليس طعنا أمام المحكمة الإدارية العليا كمحكمة أول وآخر درجة، ويتعين لذلك الحكم بانعدام الحكم المطعون فيه، وإعادة الطعون إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة للنظر فيها من جديد.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بانعدام الحكم الصادر في الطعون أرقام 48967 و5221 و54130 لسنة 60ق عليا، والطعن رقم 61839 لسنة 61ق  عليا جلسة 25/7/2015، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإحالة الطعون المذكورة إلى دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا لنظرها بجلسة 8/4/2017.

([1]) يخرج هذا الحكم عن السياق الزمني لهذه المجموعة، لكننا رأينا نشره ملحقا بها؛ لارتباطه بالحكم الصادر عن الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 25 من يوليو سنة 2015 في الطعون أرقام 48967 و5221 و54130 لسنة 60 القضائية (عليا) والطعن رقم 61839 لسنة 61 القضائية (عليا)، المنشور بهذه المجموعة برقم (105).

[2])) يراجع المبدأ رقم (96) في هذه المجموعة، حيث يبين من واقعات الحكم أن لدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا أن تقضي بقبول دعوى البطلان في حكم صادر عنها شكلا، وببطلان الحكم المطعون فيه مع إحالته لدائرة الموضوع لنظره، وقد بينت المحكمة أن حكم دائرة فحص الطعون الصادر في دعوى البطلان هو حكم بات حائز لقوة الشيء المحكوم فيه.

Comments are closed.

Violetporno xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV XnxxXnxx arabYêu nhau bao lâu bây giờ mới được ướm cặc vào lồn em