مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 9812 لسنة 54 القضائية (عليا)
نوفمبر 7, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثانية – الطعن رقم 60581 لسنة 60 القضائية (عليا)
نوفمبر 9, 2020

الدائرة الرابعة – الطعن رقم 45808 لسنة 60 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 18 من يونيه سنة 2016

الطعن رقم 45808 لسنة 60 القضائية (عليا)

(الدائرة الرابعة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب           

 نائب رئيس  مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي، وعبد الفتاح السيد الكاشف، وسعيد عبد الستار محمد سليمان، وهشام السيد سليمان عزب.                            

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

  • جامعات:

أعضاء هيئة التدريس– واجب الأمانة العلمية- هذا الواجب هو أهم ما يقوم عليه العلم، وهو ينصب على العلم نفسه، بأن ينسب إلى أهله، وذلك في أية صورة يخرج فيها، وبأية طريقة ينشر أو يبلغ بها، سواء في صورة مرجع، أو رسالة علمية لنيل درجة علمية، أو مذكرات لطلبة العلم أو لغيرهم- يتعين على عضو هيئة التدريس حال النقل الحرفي الكامل من مؤلفات الغير أن يشير في مؤلفه إلى ذلك في المواضع محل النقل، وإلا مثل ذلك إخلالا جسيما بواجبات ومقتضيات وظيفته، وبما يتنافى مع الأمانة العلمية التي يجب أن تكون رائد كل باحث في العلم في جميع مجالاته، وفي شتي دُوره، وعلى الأخص في الجامعات- تتعين التفرقة بين الاقتباس من المصادر التاريخية المتعددة التي تتعرض لموضوع واحد، والتعدي على حقوق المؤلفين الآخرين بالنقل الحرفي من مؤلفاتهم؛ ذلك أن الاقتباس يشمل الفكر ومجالاته، ولا يشمل التعبير؛ باعتباره مسألة شخصية، تختلف من مؤلِّف لآخر تبعا لقدرات كل منهم وإمكانياته وملكاته الذهنية والعلمية واللغوية، فالتعبير عما أفصحت عنه المصادر الأخرى يجب أن يكون بفكر وطريقة مغايرة؛ حتى لا يعد مخالفة، ويشكل جريمة السطو على حقوق الآخرين، أما النقل الحرفي من مؤلفات الغير دون الإشارة إلى ذلك في المواضع محل النقل، فيشكل جريمة سرقة علمية وسطو على حقوق الآخرين في الابتكار والإبداع؛ باعتبار أن تحديد العبارات والجمل والكلمات التي تتعرض لهذا الشيء في مؤلف ما، ما هو إلا نتاج جهد وتفكير للمؤلِّف، ومن ثم يخضع للحماية القانونية.

  • جامعات:

أعضاء هيئة التدريس– واجب الأمانة العلمية- لا يقدح في ثبوت مخالفة السرقة من مؤلفات الغير كونُ المحالِ قد اشترك مع باحثين آخرين في إعداد الأبحاث محل الاتهام، وأنه لم يتم توجيه اتهامات لهم بشأنها، وذلك مادام أنه قد ثبت بتقارير اللجان العلمية وجود سرقة علمية في هذه الأبحاث([1]).

  • موظف:

تأديب- المحاكمة التأديبية- المحكمة التأديبية غير ملزمة بتعقب دفاع المخالف في وقائعه وجزئياته والرد عليها تفصيلا، مادام أنها قد أوردت إجمالا في حكمها الأدلة التي أقامت عليها قضاءها، بما يعني أنها طرحت ضمنا ما تمسك به المحال من أوجه دفاع.

  • موظف:

تأديب- الجزاء التأديبي- تقدير الجزاء التأديبى متروك لمن يملك توقيعه، سواء كان الرئيس الإداري، أو مجلس التأديب، أو المحكمة التأديبية- يجب أن ينظر في تقدير الجزاء إلى الاعتبارات المتعلقة بإصلاح حال المخالفين، وردعهم عن العودة إلى مثل تلك المخالفات، وإلى ما إذا كانت هناك من الظروف والملابسات المصاحبة لوقوع المخالفة ما يستوجب التخفيف أو التشديد والتغليظ إلى الدرجة التي تحتم إنهاء العلاقة الوظيفية للمخالف صونا للمرفق من خطر استمراره في العمل- السلطة التقديرية في تقدير الجزاء تجد حدها عند وجوب التناسب بين المخالفة التأديبية والجزاء الموقع عنها- مجاوزة هذا الحد يعبر عنها بالغلو في الجزاء، الذي يصم الجزاء التأديبي بعدم المشروعية.

الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 26/6/2014 أودع الأستاذ/…المحامي بالنقض، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 45808 لسنة 60ق عليا، في قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر الصادر بجلسة 5/5/2014 في الدعوى التأديبية رقم (1) لسنة 2011 بمجازاة الدكتور/…  بعقوبة العزل من الوظيفة، مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.

وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا بيراءته مما نسب إليه.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا بمجازاة الطاعن بالعقوبة المناسبة.

ونظرت الدائرة الرابعة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا الطعن، ثم قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره، حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 30/12/2010 صدر قرار السيد الأستاذ الدكتور/ رئيس جامعة الأزهر بإحالة الدكتور/… المدرس بقسم  أمراض القلب بكلية الطب بنين القاهرة، إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس؛ وذلك لارتكابه المخالفة الآتية: قام بنقل ثلاثة بحوث نقلا حرفيا من رسائل وبحوث لغيره، ولم يكن مشرفا أو مشاركا في أي منها على النحو الوارد تفصيلا بأوراق التحقيق، مما يعد سلوكا مشينا يتنافى وما يجب أن يكون عليه عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر. وقيدت الدعوى التأديبية أمام مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر برقم (1) لسنة 2011.

وبتاريخ 5/5/2014 أصدر مجلس التأديب قراره المطعون فيه بمجازاة الطاعن بعقوبة العزل من الوظيفة، مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.

وشيد مجلس التأديب قضاءه على أنه بتاريخ 18/11 2006 ورد إلى أ.د/ رئيس جامعة الأزهر كتاب كلية الطب قسم القلب والأوعية الدموية بشأن النتاج العلمي للدكتور/… المدرس بقسم أمراض القلب، مرافقا له كتاب اللجنة الثلاثية المشكلة لفحص النتاج العلمي للمذكور لترقيته إلى وظيفة أستاذ مساعد، وقد ارتأت تلك اللجنة وجود شبهة عدم أمانة علمية في الأبحاث التي تقدم بها المذكور للترقية، إذ تبين لها أن البحث رقم (2) منقول نقلا حرفيا من رسالة الماجستير الخاصة بالطبيب/…، والتي تم مناقشتها بتاريخ 19/9/1999، وأن البحث رقم (4) منقول نقلا حرفيا من البحث الذي ألقي في المؤتمر العلمي السنوي الخاص بطب الأزهر في الفترة من 20 إلى 22/10/1993، وأن البحث رقم (5) منقول نقلا حرفيا من رسالة الماجستير الخاصة بالطبيب/…، والتي تمت مناقشتها عام 2004.

وبناء على تقرير هذه اللجنة قرر أ.د/ رئيس جامعة الأزهر إحالة الموضوع إلى مكتب تحقيقات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، وقد أسفر التحقيق مع المذكور عن إحالته إلى مجلس التأديب أعضاء هيئة التدريس بناء على موافقة أ.د/ رئيس جامعة الأزهر على النحو المشار إليه، وفي سبيل بحث المخالفة المنسوبة إلى المحال ومدى ثبوتها في حقه من عدمه، فقد قرر مجلس التأديب تشكيل لجنة علمية متخصصة من ثلاثة أعضاء من هيئة التدريس بكلية الطب جامعة الأزهر من كل من أ.د/… وأ.د/… وأ.د/… الأستاذ بكلية الطب، وقد قامت هذه اللجنة بفحص الأبحاث الثلاثة محل التحقيق، وتبين لها الآتي:

  • بالنسبة للبحث رقم (2): وُجد أن المعلومات الواردة بالبحث مطابقة تماما لما جاء برسالة الماجستير الخاصة بالطبيب/… والتي تمت مناقشتها بتاريخ 19/9/1999، والبحث منشور في مجلة طب الأزهر عام 2005.
  • بالنسبة للبحث رقم (4): وجد أن الجدولين رقمي (1) و(2) الواردين في الصفحتين رقمي 1810 و1811 مطابقان بالتفاصيل الدقيقة والمعلومات للجدولين رقمي (1) و(2) الواردين في البحث المقدم في مؤتمر الأزهر الخامس من أ.د/…، والبحث منشور في مجلة طب الأزهر عام 2004.
  • بالنسبة للبحث رقم (5): يحتوي على الرسوم التوضيحية الواردة بصفحة 1664، وهي نسخة طبق الأصل من الرسوم التوضيحية الواردة بالصفحة رقم 139 الموجودة برسالة الماجستير الخاصة بالطبيب/…، علما بأن البحث تم نشره في مجلة طب الأزهر بنات في شهر مايو 2005.

وفي ضوء ما تقدم، وما تضمنه تقرير اللجنة العلمية المشار إليها سلفا، فإن المخالفة المنسوبة إلى المحال تكون ثابتة في حقه ثبوتا يقينيا، وقد توفرت بشأنه أركان جريمة السطو العلمي، مما يتعين معاقبته عن ذلك بعقوبة العزل من الوظيفة، مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.

……………………………………………………..

وحيث إن مبنى الطعن هو مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ إذ استند هذا القرار إلى ما أوردته الجامعة بمذكرة نتيجة التحقيق، كما أنه لم يقف أمام ما أدلى به الدفاع، وقد التفت عما أبداه في مذكرة دفاعه من أن الرسائل الثلاث محل الاتهام قد شارك فيها الطاعن مع زملائه الباحثين، فضلا عن أن المشاركين مع الطاعن في البحثين رقمي (4) و(5) محل الاتهام تمت ترقيتهما بالبحثين نفسيهما في عام 2006، ولم توجه إليهما أي اتهامات، كما أن البحث رقم (5) محل الاتهام سبق أن تم التحقيق بشأنه مع د/…، وهو أحد المشاركين مع الطاعن في هذا البحث، ووجهت إليه الاتهامات نفسها الموجهة إلى الطاعن، وأحيل إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس، وذلك في الدعويين رقمي 9 و12 لسنة 2012، وبجلسة 7/11/2010 صدر قرار مجلس التأديب ببراءته مما نسب إليه، وهو ما يؤكد أن الاتهام الموجه إلى الطاعن اتهام كيدي.

كما شاب القرار المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، والغلو في توقيع جزاء العزل من الوظيفة، وخلص الطاعن إلى طلباته المشار إليها.

……………………………………………………..

وحيث إن المحكمة وهي تتصدى لموضوع هذا الطعن تشير بداية إلى أن قضاءها قد استقر على أن واجب الأمانة العلمية هو أهم ما يقوم عليه العلم، وهو بذلك ينصب على العلم ذاته، بأن ينسب هذا العلم إلى أهله، وذلك في أية صورة يخرج فيها هذا العلم، وبأية طريقة ينشر أو يبلغ بها، سواء في صورة مرجع، أو رسالة علمية لنيل درجة علمية، أو مذكرات لطلبة العلم أو لغيرهم، ومن ثم فإنه يتعين على عضو هيئة التدريس حال النقل الحرفي الكامل من مؤلفات الغير أن يشير في مؤلفه إلى ذلك في المواضع محل النقل، وإلا مثل ذلك إخلالا جسيما بواجبات ومقتضيات وظيفته كعضو هيئة تدريس بالجامعة، وبما يتنافى مع الأمانة العلمية التي يجب أن تكون رائد كل باحث في العلم في جميع مجالاته، وفي شتي دُوره، وعلى الأخص في الجامعات، كما أنه تتعين التفرقة بين الاقتباس من المصادر التاريخية المتعددة التي تتعرض لموضوع واحد، والتعدي على حقوق الغير بالنقل الحرفي من مؤلفاتهم؛ ذلك أنه في الحالة الأولى فإن الاقتباس يشمل الفكر ومجالاته، ولا يشمل التعبير؛ باعتباره مسألة شخصية تختلف من مؤلف لآخر تبعا لقدراتهم وإمكانياتهم وملكاتهم الذهنية والعلمية واللغوية، ومن ثم فإن التعبير عما أفصحت عنه المصادر الأخرى يجب أن يكون بفكر وطريقة مغايرة؛ حتى لا يعد مخالفة، ويشكل جريمة السطو على حقوق الآخرين، حيث إن النقل الحرفي من مؤلفات الغير دون الإشارة إلى ذلك في المواضع محل النقل، يشكل جريمة سرقة علمية وسطو على حقوق الآخرين في الابتكار والإبداع؛ باعتبار أن تحديد العبارات والجمل والكلمات التي تتعرض لهذا الشيء في مؤلف ما، ما هو إلا نتاج جهد وتفكير للمؤلِّف، ومن ثم تخضع للحماية القانونية. (يراجع في هذا المبدأ: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 13487 لسنة 49 ق.عليا بجلسة 5/6/2004).

وحيث إنه هديا بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق ومن التحقيق الذي أجري مع الطاعن بمكتب تحقيقات أعضاء هيئة التدريس بناء على موافقة أ.د/ رئيس جامعة الأزهر، وما تضمنه تقرير اللجنة العلمية المشكلة بناء على موافقة مجلس التأديب من ثلاثة أعضاء من أساتذة كلية الطب بالجامعة، وهم أ.د/… وأ.د/… وأ.د/…، حيث قامت هذه اللجنة بفحص الأبحاث الثلاث محل التحقيق، وتبين لها أنه بالنسبة للبحث رقم (2) وجد أن المعلومات الواردة به مطابقة تماما لما جاء برسالة الماجستير الخاصة بالطبيب/… والتي تمت مناقشتها بتاريخ 19/9/1999، وأن البحث منشور في مجلة طب الأزهر عام 2005، وبالنسبة للبحث رقم (4) وجد أن الجدولين رقمي (1) و(2) الواردين في الصفحتين رقمي 1810 و1811 مطابقان بالتفاصيل الدقيقة والمعلومات للجدولين رقمي (1) و(2) الواردين في البحث المقدم في مؤتمر الأزهر الخامس من أ.د/…، والبحث منشور في مجلة طب الأزهر عام 2004، وبالنسبة للبحث رقم (5) فإن الرسوم التوضيحية الواردة بصفحة 1664، هي نسخة طبق الأصل من الرسوم التوضيحية الواردة بالصفحة رقم 139 برسالة الماجستير الخاصة بالطبيب/…، علما بأن البحث تم نشره في مجلة طب الأزهر بنات في شهر مايو 2005.

ومتى كان ذلك فإن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن تكون ثابتة في حقه ثبوتا يقينيا، وهو ما تطمئن إليه عقيدة المحكمة وما تنطق به الأوراق، وهو ما يقطع بعدم توفر الأمانة العلمية لدى الطاعن، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه -وقد خلص إلى ثبوت المخالفة في حقه- قد قام على سببه، ومتفقا وحكم القانون.

ولا يقدح في ذلك ما أثاره الطاعن في تقرير طعنه من أن الأبحاث محل الاتهام قد شارك فيها مع زملائه الباحثين، وأن من شاركوا معه في هذه الأبحاث قد تمت ترقيتهم ولم توجه إليهم أي اتهامات؛ لا محل لذلك لأن ما ذكره الطاعن في هذا الشأن جاء مجرد قول مرسل لا دليل عليه من الأوراق، فضلا عن أن ما أثاره من اشتراكه مع آخرين في الأبحاث محل الاتهام لا ينفي عنه المخالفة المنسوبة إليه، والثابتة بتقارير اللجان العلمية التي أكدت على وجود سرقة علمية في تلك الأبحاث.

وعما نعاه الطاعن على القرار المطعون فيه من الإخلال بحق الدفاع وعدم الرد على ما أثاره من دفاع جوهري، فإن المستقر عليه أن المحكمة التأديبية (أو مجلس التأديب) غير ملزمة بتعقب دفاع المخالف في وقائعه وجزئياته والرد عليها تفصيلا، مادام أنها قد أوردت إجمالا الأدلة التي أقامت عليها قضاءها، بما يعني أنها طرحت ضمنا ما تمسك به المحال من أوجه دفاع.

وحيث إنه عن مدى مناسبة الجزاء الموقع على الطاعن، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقدير الجزاء التأديبي متروك لتقدير من يملك توقيع العقاب التأديبي، سواء كان الرئيس الإداري أم مجلس التأديب أم المحكمة التأديبية، بيد أن هذه السلطة التقديرية تجد حدها عند وجوب التناسب بين المخالفة التأديبية والجزاء الموقع عنها، ومجاوزة هذا الحد هو ما يعبر عنه بالغلو في الجزاء، والذي يصم الجزاء التأديبي بعدم المشروعية، ويجعله واجب الإلغاء، وفي هذا المقام ترى المحكمة أن الوضع الوظيفي للطاعن، وما ثبت في حقه من عدم أمانة علمية، يشكلان خطورة بالغة كانت تستوجب أخذ المخالفة بنوع من الحزم، بيد أنه لما كان تقدير الجزاء يجب أن يكون منظورا فيه إلى اعتبارات أخرى، كإصلاح حال المخالفين، وردعهم عن العودة إلى مثل تلك المخالفات، وإلى ما إذا كانت هناك من الظروف والملابسات المصاحبة لوقوع المخالفة ما يستوجب التخفيف أو التشديد والتغليظ إلى الدرجة التي تحتم إنهاء العلاقة الوظيفية للمخالف صونا للمرفق من خطر استمرار المخالف في العمل، ومتى كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد بأنه سبق للطاعن أن اقترف مثل هذه المخالفة إبان حياته الوظيفية باستثناء الواقعة المعروضة، فإن المحكمة تقدر أن الجزاء الموقع عليه مشوب بالغلو، ويتعين -والحالة هذه- القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم، مع تأخير العلاوة المستحقة، وعسى أن يكون ما حدث سقطة لن تعود، وفرصة أخيرة للطاعن للحفاظ على وضعه الوظيفي، ومراعاة سيرته ومستقبله العلمي مما انزلق إليه من عدم بذل الجهد، والنقل من الآخرين .

وتهيب المحكمة بالقائمين على التعليم الجامعي في مصر الانتباه إلى تفشي ظاهرة النقل الحرفي والاقتباس المتكرر، والسرقة العلمية بين بعض السادة أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، سواء في مجال الأبحاث المقدمة للترقية إلى الدرجات الجامعية الأعلى أو في المؤلفات الجامعية التي تدرس للطلاب، وهو ما يدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل التعليم الجامعي في مصر، وضعف البحث العلمي، والقدرة على الابتكار، وتحول الأبحاث العلمية إلى مجرد أبحاث شكلية تقدم بغرض الترقية أو التدريس للطلبة بتلقينهم أفكارا مكررة، ولا تستند إلى أي مقومات وأبحاث حقيقية بغية تقديم فكر جديد، وهو ما يشكل بلا شك خطرا محدقا على مستقبل هذا الوطن الذي يحتاج إلى الابتكار العلمي، فبدون العلم لن نتقدم في أي مجال من المجالات، لذا فإن الأمر يحتاج إلى تضافر جميع الجهود ليعود البحث العلمي في الجامعات المصرية إلى سابق عهده بما يعود بالنفع والتقدم على المجتمع، وعلى مصرنا الحبيبة التي تحتاج منا جميعا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها إلى الإخلاص في العمل والصدق مع النفس. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما تضمنه من توقيع عقوبة العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة، وبمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم، مع تأخير العلاوة المستحقة.

[1])) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 18/5/2014 في الطعن رقم 31416 لسنة 54ق.ع (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 59 مكتب فني، المبدأ رقم 68)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه إذا قيمت اللجنة العلمية لفحص الإنتاج العلمي أحدَ الأبحاثِ المشتركة بتقديرٍ معين بالنسبة لأحد المساهمين فيه بمناسبة ترشيحه إلى وظيفة معينة، فلا يَسوغ لها (ولو اختلف أشخاصُها) أن تُقَيِّمَ البحثَ المشترك نفسه بتقديرٍ مخالف لباقي المساهمين فيه عند ترشيح أيٍّ منهم لمستوى الوظيفة نفسها، ما لم تبين صراحةً مدى التمايز لمساهمةِ كلٍّ منهم عن الآخر في البحث نفسه، وأنه إذا اتحدت جهودُ كلِّ المساهمين في إنجاز البحث المشترك، أو كانت جهودُهم شائعةً، لم تَسْتَبِنْ اللجنةُ فيها تفرقةَ أحدِهم على الآخر، سواء في الجهد أو التخصص والخبرة، وجب عليها أن تلتزمَ بالتقرير الذي وضعته من قبل لأيٍّ منهم، بحيث يحصلُ كلٌّ منهم على تقديرٍ واحد في البحث المشترك عند الترقية إلى الوظيفة نفسها المرقَّى إليها زملاؤه، وإلا تكون بذلك قد أخلت بمبدأ المساواة بين المرشحين

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV