برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الفتاح أمين عوض الله الجزار، وعبد الفتاح السيد أحمد عبد العال الكاشف، وسعيد عبد الستار محمد سليمان، وهشام السيد سليمان عزب.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) مهن– مهنة الطب- مسئولية الطبيب- تقتضي مباشرة مهنة الطب إحاطتها بالكثير من القواعد والإجراءات والأصول العلمية والطبية والقانونية؛ للحفاظ على حياة المرضى، وبما يكفُل للأطباء الاستقرار والسكينة في مباشرة عملهم- يجب على الطبيب أن يؤدي عمله بنفسه وبدقة وأمانة- الطبيب ليس ملتزمًا بنتيجة، لكنه ملتزمٌ ببذل عناية الرجل الحريص- على الطبيب الجراح أن يتخذ جميع الاحتياطات اللازمة للمريض أثناء الجراحة، طبقًا للأسس العلمية المتعارف عليها والفنية والطبية المسلَّم بها في مثل العملية الجراحية التي يتم إجراؤها.
(ب) مهن– مهنة الطب- مسئولية الطبيب عن عمله الفني- مخالفة الطبيب للأصول والقواعد العلمية التي يقتضيها علم الطب في خصوص حالة المرض محل العلاج تُشكِّل مخالفةً تأديبية في حقه- يجب أن تكون مساءلة الطبيب على أساس مقدار الخطأ الواقع منه، دون العوامل الأخرى التي تقع بفعل الغير والخارجة عن إرادته.
(ج) موظف– تأديب- الطعن في أحكام المحاكم التأديبية- للمحكمة التأديبية الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ مما تطمئن إليه من أقوال الشهود أو القرائن، وأن تطرح ما عداه مما لا تطمئن إليه، وهي من الأمور الموضوعية التي تستقل بها، مادام أن تقديرها جاء سليمًا سائغًا، ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من نتيجة.
في يوم الثلاثاء الموافق 15/6/2010 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلمَ كُتَّاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ، قُيِّدَ بجدولها برقم 27464 لسنة 56ق. عليا، طعنًا في حكم المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والمالية بجلسة 18/4/2010 في الدعوى رقم 377 لسنة 51ق، فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءته مما هو منسوب إليه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حتى قررت الدائرة إحالته إلى دائرة الموضوع، حيث تدوول نظر الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، حتى قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 16/11/2013، مع التصريح بإيداع مذكرات في أسبوعين، وقد انقضى الأجل دون إيداع مذكرات، وبجلسة اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءته مما هو منسوب إليه.
وحيث إن الطعن الماثل قد استوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 15/4/2009 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 377 لسنة 51ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والمالية، وطويت على ملف تحقيقاتها في القضية رقم 87 لسنة 2008 نيابة الصحة- القسم الأول، وتقرير اتهامٍ ضد كلٍّ من: 1- محمد… إخصائي أمراض النساء والتوليد بمستشفى بولاق العام بمديرية الشئون الصحية بالقاهرة، 2- خالد… إخصائي التخدير بالمستشفى ذاته السابق ذكره، 3- ماجد… مفتش صحة بمكتب العدوية التابعة لمنطقة بولاق الطبية؛ لأنهم في يومي 1 و2/4/2006 بدائرة عملهم وبوصفهم السابق لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القانون، وذلك بأن:
– المخالف الأول (منفردًا): 1- تسبب خطأ في وفاة/ نصرة… حال إجراء عملية توليد قيصرية لها بالمستشفى حال فتح البطن بإحداث جرح وقطع بالشريان الأيمن للرحم، رغم علمه مسبقًا بوجود سيولة بالدم لديها، مما ترتب عليه نزيف حاد مستمر أدى إلى حدوث صدمة دموية غير مرتجعة أدت لوفاتها عقب انتهاء العملية رغم محاولات إسعافها. 2- ترك المستشفى عقب انتهاء الجراحة على النحو السالف تاركًا المريضة حال علمه بخطورة حالتها دون البقاء بجوارها لحين استقرار حالتها الصحية.
– المخالفان الأول والثاني: لم يقوما بنقل المريضة إلى وحدة العناية المركزة عقب إتمام العملية رغم سوء حالتها الصحية، مكتفين بنقلها للقسم الداخلي العادي بالمستشفى.
– المخالف الثالث:…. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبيًّا.
وبجلسة 18/4/2010 قضت المحكمة بمجازاة المحال الأول بالفصل من الخدمة، وشيَّدت قضاءها على سندٍ من ثبوت المخالفة الأولى المتعلقة بتسببه في وفاة المريضة المذكورة، فهي ثابتة في حقه ثبوتًا كافيًا بما شهدت به في التحقيقات كل من/ ميرفت… وأعضاء اللجنة المشكَّلة من مديرية الشئون الصحية بالقاهرة لفحص حالة المريضة المذكورة، من أن خطأ المحال أدى إلى قطع الشريان الأيمن للرحم، ما أدى إلى إصابتها بنزيفٍ حاد لم يستطع السيطرة عليه، وهو ما أدى إلى وفاتها بعد إصابتها بصدمة دموية غير مرتجعة، وذلك على نحوٍ يجعل مسلكه مكوِّنًا لمخالفةٍ تأديبية، كما ثبتت المخالفة الثانية المنسوبة إليه، والمتعلقة بمغادرته المستشفى عقب الجراحة تاركًا المريضة المذكورة في حالة خطيرة، ثبوتًا كافيًا بما شهد به في التحقيقات كل من/ هاني… وجميع أعضاء اللجنة المشار إليها سلفًا من مغادرة المحال المستشفى عقب الجراحة رغم علمه بخطورة حالة المريضة، على نحوٍ يجعل مسلكه مكوِّنًا لمخالفةٍ تأديبية، وأخيرًا فقد ثبتت المخالفة الثالثة في حقه، والمتعلقة بعدم قيامه بالاشتراك مع زميله خالد… إخصائي التخدير بنقل المريضة إلى وحدة العناية المركزة، فهي ثابتة في حقه ثبوتًا كافيًا بما شهد به في التحقيقات كلٌّ من د/ هدى…، ود/ عبد العزيز… عضوي اللجنة المشار إليها سلفًا، من أن الأصول الطبية تقتضي ضرورة نقل المريضة إلى وحدة العناية المركزة، وإذ لم يصنع المحال ذلك، فإنه يكون مرتكبًا لمخالفةٍ تأديبية، ومن ثم فإن مقتضى ارتكاب المحال لجميع هذه المخالفات ضرورة معاقبته بجزاءٍ يتناسبُ معها، وهو الفصل من الخدمة.
………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وشابه الفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع، والغلو في توقيع الجزاء؛ وذلك لإغفال الحكم الطعين الرد على جميع ما أبداه الطاعن من طلبات أمام المحكمة التأديبية، والتي تتحقق منها براءته من الاتهامات المنسوبة إليه، وذلك لانتفاء مسئوليته عن حالة المريضة كجراح عقب وصول الدكتور/ حامد… (الاستشاري المختص) إلى غرفة العمليات، والذي تولى إصدار جميع التعليمات والتوجيهات الخاصة بعلاج المريضة التي توفيت، وبالتالي أصبح الطاعن هو المساعد للدكتور/ حامد… الذي أصبح هو المسئول عن الحالة، وتم الالتزام بتعليماته تجاه المريضة.
كما صدر الحكم الطعين اعتمادًا على شهادات بعض الشهود التي جاءت مخالفةً للتقرير الطبي الصادر عن اللجنة المشكلة من مديرية الشئون الصحية بالقاهرة، والتي نفت عن الطاعن ارتكابه أية مخالفة أدت إلى وفاة المريضة، سوى مغادرته للمستشفى بعد خروج المريضة من غرفة العمليات، وهو ما كان عقب انتهاء العملية، ولا صلة له بوفاة المريضة، وأنه عقب خروج المريضة من غرفة العمليات يتولى طاقم النوبتجية بالمستشفى رعايتها رعاية كاملة، وهذا الطاقم لا صلة للطاعن به، وبرغم ذلك قضى الحكم الطعين عليه بأقصى العقوبات المقررة قانونًا، وهي الفصل من الخدمة، على نحوٍ يجعله متسمًا بعدم المشروعية، على نحوٍ يقتضي براءته مما نُسِبَ إليه.
………………………………………………..
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن الأديان السماوية وما بعدها من التشريعات الوضعية عهدت إلى الأطباء بمباشرة أقدس المهن وأعلاها في السمو والرفعة؛ إذ يلجأ إليهم المرضى من آحاد الناس حاملين آلامهم التي يشتكون منها طالبين منهم العلاج، فيسلمون إليهم أرواحهم لتكون أمانة بين أيديهم ثقةً فيهم، مما يوجب عليهم اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة للمحافظة على المرضى الذين يسلمون إليهم أرواحهم، لذلك حرصت التشريعات الوضعية والأحكام القضائية على إحاطة مباشرة مهنة الطب بالكثير من القواعد والإجراءات والأصول العلمية والطبية والقانونية التي تقتضيها مباشرة هذه المهنة، للحفاظ على حياة المرضى بين أيدي الأطباء، كما تكفُل للأطباء الاستقرار والسكينة في مباشرتهم لعملهم، منها أن يؤدوا أعمالهم بأنفسهم وبدقة وأما%
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |