برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي، وعبد الفتاح السيد الكاشف، وسعيد عبد الستار سليمان، ود.رضا محمد عثمان دسوقي.
نواب رئيس مجلس الدولة
تأديب- الإضراب عن العمل- أقر المشرع الدستوري بالحق في الإضراب، واعتبره أحد الحقوق الدستورية للعامل المصري، وناط بالقانون تنظيمه- لم يقصر الدستور هذا الحق على العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل فقط، بل أصبح الإضراب السلمي حقا لجميع العاملين بالدولة، سواء بالجهات الإدارية والهيئات العامة أم بالقطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص([1])– لم يعتبر المشرع الدستوري هذا الحق حقا مطلقا يمارسه العامل بلا قيود أو شروط، بل أكد على أمرين:
(أولهما) أن الإضراب الذي أقره الدستور واعتبره حقا للعامل هو الإضراب السلمي الذي يلجأ إليه العامل للتعبير عن حقوقه ومطالبه المشروعة، وذلك بتوقفه عن العمل، دون التأثير في سير وانتظام العمل داخل المرفق أو مكان العمل، ودون اللجوء إلى العنف بأي شكل من الأشكال، أو إجبار باقي العاملين ممن لم يشاركوا في الإضراب على التوقف عن العمل، فالإضراب غير السلمي لا يعد إضرابا، ولا يمكن اعتباره حقا يحميه الدستور؛ بل يندرج ضمن المخالفات والجرائم التي يتعين أن يحاسب العامل عنها تأديبيا وجنائيا.
(الثاني) هو أن القانون ينظم حق الإضراب السلمي، ومؤدى ذلك أنه يتعين أن يصدر قانون عن السلطة التشريعية ينظم الحق في ممارسة الإضراب السلمي، في إطار الحرص على حماية المصلحة العامة للدولة وحماية المرافق العامة، وضمان حصول العاملين على حقوقهم المشروعة، بحيث يتضمن:
لحين صدور هذا التشريع عن السلطة التشريعية، فإن ما سبق ذكره يندرج ضمن القواعد والأصول العامة التي يفرضها المنطق السليم القائم على مراعاة طرفي العلاقة والموازنة بين المصلحة العامة للدولة وحق المجتمع، وحقوق العامل وواجباته، ومن ثم فإذا التزم العامل بهذه الضوابط والأصول العامة عند ممارسته حقه في الإضراب السلمي للتعبير عن مطالبه المشروعة، فإنه يكون قد مارس هذا الحق في إطار من الشرعية الدستورية، ويكون جديرا بالحماية، ومن ثم لا تجوز مساءلته تأديبيا عن ممارسته لهذا الحق المشروع([2]).
في يوم الأحد الموافق 19/5/2013 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 22314 لسنة 59ق.عليا، في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بالإسماعيلية بجلسة 28/3/2013 في الطعن رقم (54) لسنة 18ق، القاضي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية رقم 35 لسنة 2012 فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بخصم خمسة أيام من أجرها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ماعدا ذلك من طلبات على النحو المبين بالأسباب.
وطلب الطاعنان -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الطعن رقم (54) لسنة 18ق الإسماعيلية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الطعن.
ونظرت الدائرة الرابعة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا الطعن، ثم قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره، حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر الطعن تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضدها أقامت الطعن التأديبي رقم (54) لسنة 18ق بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسماعيلية بتاريخ 2/12/2012، طالبة في ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم (35) لسنة 2012 فيما تضمنه من مجازاتها بخصم خمسة أيام من راتبها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، واعتبار أيام الانقطاع الثلاثة أيام انقطاع عن العمل بلا أجر.
وذكرت شرحا لطعنها أنها تعمل بمأمورية السويس التابعة لمحكمة استئناف الإسماعيلية، وبتاريخ 10/6/2012 أصدر رئيس المحكمة القرار رقم 35 لسنة 2012 بمجازاتها بخصم خمسة أيام من راتبها، وحساب أيام الانقطاع عن العمل غيابا عن العمل بلا أجر، ونعت الطاعنة على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون؛ لأنها لم ترتكب أية مخالفة إدارية تستوجب مجازاتها تأديبيا، لأن التظاهر والإضراب عن العمل حق مشروع طبقا للدستور والقانون.
……………………………………………………..
وبجلسة 28/3/2013 قضت المحكمة المذكورة بإلغاء القرار المطعون فيه على النحو المشار إليه.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن الفعل المنسوب إلى الطاعنة، والذي تم مجازاتها عنه بالقرار المطعون فيه، هو غيابها عن العمل أيام 28/2 و29/2 و1/3/2012 لاشتراكها في الإضراب بمأمورية السويس التابعة لمحكمة استئناف الإسماعيلية، ولما كان الثابت أن هذا الإضراب الذي اشتركت فيه الطاعنة كان بالتنسيق مع النقابة العامة للعاملين بمحاكم ونيابات مصر لمدة محددة، وقد سبقه إخطار إلى جهة الإدارة ممثلة في وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام بتاريخ 1/2/2012، مصحوب بالمطالب الجماعية لموظفي المحكمة القائمين بالإضراب، وذلك طبقا للثابت بشهادة الشهود الواردة بالتحقيقات، وهو ما لم تنكره جهة الإدارة أو يثبت بالتحقيقات ما يناقضه، وثبت من الأوراق أن الإضراب كان دفاعا من العاملين عن أحد مصالحهم المهنية والمالية المتعلقة بمساواتهم بزملائهم في مواقع أخرى بوزارة العدل، وإذ لم يثبت من الأوراق والتحقيقات أنه قد ترتب على الإضراب الذي اشتركت فيه الطاعنة أي ضرر بسير العمل؛ ومن ثم فإن هذا الإضراب لم يمثل أي خروج على القانون، فلا يعد الاشتراك فيه سببا مشروعا لمجازاة الطاعنة تأديبيا، وهو ما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
……………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وذلك لأن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدها ثابتة في حقها ثبوتا يقينيا من واقع التحقيقات، إذ أخلت بواجبها الوظيفي بأن امتنعت عن أداء العمل الموكل إليها، مما أدى إلى تعطيل عمل وسير المرفق العام، باعتبارها موظفا عاما عليها أداء عملها وعدم تعطيل المرفق العام، ولا يجوز للمطعون ضدها التعلل بمشروعية الإضراب؛ لأن ذلك مردود عليه بأن الإضراب مشروع، لكن بشروط وتلزم بها النقابات العمالية، ولم يقر القانون ترك العمل بحجة الإضراب لإقرار المطالب العمالية، وإذ صدر الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك، فإنه يكون قد جانبه الصواب مستوجبا الحكم بإلغائه.
……………………………………………………..
وحيث إن المادة (15) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في عام 2014 تنص على أن: “الإضراب السلمي حق ينظمه القانون”.
وحيث إن مفاد هذا النص أن المشرع الدستوري قد أقر بالحق في الإضراب، واعتبره أحد الحقوق الدستورية للعامل المصري، ولم يقصر هذا الحق على العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل فقط، بل أصبح الإضراب السلمي حقا لجميع العاملين بالدولة، سواء بالجهات الإدارية والهيئات العامة أم بالقطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، بيد أن المشرع الدستوري لم يعتبر هذا الحق حقا مطلقا يمارسه العامل بلا قيود أو شروط، بل أكد على أمرين: (أولهما) أن الإضراب الذي أقره الدستور واعتبره حقا للعامل هو الإضراب السلمي الذي يلجأ إليه العامل للتعبير عن حقوقه ومطالبه المشروعة، وذلك بتوقفه عن العمل، دون التأثير في سير وانتظام العمل داخل المرفق أو مكان العمل، ودون اللجوء إلى العنف بأي شكل من الأشكال، سواء بالقول أو بالفعل، فلا يجوز للعاملين المشاركين في الإضراب التعدي بالسب أو القذف على أي شخص أو مسئول أو استخدام ألفاظ خارجة تتنافى مع الآداب العامة، كما لا يجوز حمل أية أسلحة أو ذخائر أو أدوات تعرض الأفراد أو الممتلكات للضرر أو الخطر، كما يحظر عليهم الإخلال بالأمن أو النظام العام، أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه، أو إجبار باقي العاملين ممن لم يشاركوا في الإضراب على التوقف عن العمل، أو تعطيل مصالح المواطنين، أو إيذاؤهم، أو تعريضهم للخطر، أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم، أو التأثير في سير العدالة، أو المرافق العامة، أو قطع الطرق أو المواصلات، أو الاعتداء على الأرواح والممتلكات، أو تعريضها للخطر، ومن ثم فإن الإضراب غير السلمي لا يعد إضرابا، ولا يمكن اعتباره حقا يحميه الدستور؛ لأن الإضراب الذي أجازه المشرع الدستوري واعتبره حقا هو الإضراب السلمي، أما الإضراب غير السلمي الذي يلجأ فيه العامل إلى العنف اللفظي أو الفعلي فلا يعد إضرابا، بل يندرج ضمن المخالفات والجرائم التي يتعين أن يحاسب العامل عنها تأديبيا وجنائيا .
أما عن (الأمر الثاني) الذي أكده المشرع الدستوري في المادة (15) المذكورة سالفا، فهو أن القانون ينظم حق الإضراب السلمي، ومؤدى ذلك أنه يتعين أن يصدر قانون عن السلطة التشريعية ينظم الحق في ممارسة الإضراب السلمي، بحيث يتضمن تحديد نطاقه، بأن يكون لجوء العامل إليه للمطالبة بحقوق ومطالب مشروعة مرتبطة بوظيفته وعمله، فلا يجوز أن يستخدم الإضراب كوسيلة للمطالبة بحقوق ومطالب غير مشروعة، أو ليست لها صلة بوظيفة العامل أو جهة العمل، كذلك يتعين أن يحدد التشريع المنظم لحق الإضراب السلمي الشروط والإجراءات التي يتعين أن يسلكها العامل قبل اللجوء إلى الإضراب عن العمل، بأن يكون قد لجأ إلى الطرق والوسائل القانونية في عرض طلباته على جهة العمل، ورغم ذلك لم تستجب، وأن يخطر السلطة المختصة القائمة على إدارة المرفق العام بقيامه بالإضراب السلمي قبل الشروع فيه بوقت كافٍ، كما يتعين أن يتضمن هذا التشريع التزامات الجهة الإدارية والقائمين على إدارة المرافق باحترام حق العاملين في الإضراب، وعدم مواجهة هذا الإضراب السلمي بالعنف، أو بالتنكيل بالعامل بأي شكل من الأشكال، وأنه يتعين عليها التدرج في مناقشة العاملين المضربين في مطالبهم والتفاوض معهم، مع تحديد وقت زمني محدد حسب طبيعة العمل بكل جهة، للنظر في طلبات العاملين والرد عليها، وعدم التعسف بترك العاملين المضربين دون رد، أو اللجوء إلى حرمانهم من أية حقوق أو مزايا وظيفية عقابا على لجوئهم إلى الإضراب السلمي، مع ضرورة أن يضمن التشريع المقترح إخطار النقابات والاتحادات العمالية ذات الصلة لتكون طرفا في محاولة التقريب في وجهات النظر بين العاملين وجهة الإدارة أو صاحب العمل، كل هذا في إطار الحرص على حماية المصلحة العامة للدولة وحماية المرافق العامة، وضمان حصول العاملين على حقوقهم المشروعة.
ولحين صدور هذا التشريع عن السلطة التشريعية، فإن ما سبق ذكره يندرج ضمن القواعد والأصول العامة التي يفرضها المنطق السليم القائم على مراعاة طرفي العلاقة والموازنة بين المصلحة العامة للدولة وحق المجتمع، وحقوق العامل وواجباته، ومن ثم فإذا التزم العامل بهذه الضوابط والأصول العامة عند ممارسته حقه في الإضراب السلمي للتعبير عن مطالبه المشروعة، فقام بإخطار الجهات المختصة على النحو المشار إليه، ولم يلجأ إلى العنف في سبيل عرض هذه المطالب، ولم يؤثر في سير العمل وانتظامه بالمرفق العام أو بمكان العمل، فإنه يكون قد مارس هذا الحق في إطار من الشرعية الدستورية، ويكون جديرا بالحماية، ومن ثم لا تجوز مساءلته تأديبيا عن ممارسته لهذا الحق المشروع.
وحيث إنه هديا بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المخالفة المنسوبة للمطعون ضدها، والتي تم مجازاتها عنها بالقرار المطعون فيه بخصم خمسة أيام من راتبها، هي اشتراكها في الإضراب عن العمل بمحكمة استئناف الإسماعيلية أيام 28/2 و29/2 و1/3/2012, وكان الثابت أن هذا الإضراب الذي اشتركت فيه المطعون ضدها كان إضرابا سلميا لم يخرج عن الإطار السلمي، ولم ينسب للعاملين المشتركين في هذا الإضراب لجوءهم إلى العنف بأي شكل من الأشكال، وكان الهدف من هذا الإضراب السلمي هو عرض مطالبهم الوظيفية المشروعة، وذلك بمساواتهم بزملائهم في مواقع أخرى تابعة لوزارة العدل، وقد تم التنسيق مع النقابة العامة للعاملين بمحاكم ونيابات مصر، وقد حرصوا قبل قيامهم بهذا الإضراب على إخطار جهة الإدارة ممثلة في وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام بتاريخ 1/2/2012، وكان الإخطار مصحوبا بالمطالب الجماعية لموظفي المحكمة القائمين بالإضراب، وذلك طبقا للثابت بشهادة الشهود الواردة بالتحقيقات، وهو ما لم تجحده جهة الإدارة أو تثبت ما يناقضه، كما خلت الأوراق والتحقيقات مما يفيد أنه قد ترتب على الإضراب الذي اشتركت فيه الطاعنة أي ضرر بسير العمل؛ ومن ثم فإن هذا الإضراب كان إضرابا سلميا، ولم ينسب إلى العاملين المضربين أي خروج على القانون، فلا يعد الاشتراك في هذا الإضراب مخالفة أو جرما يستوجب مجازاة الطاعنة عنه تأديبيا، وهو ما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاتها بخصم خمسة أيام من راتبها، مع ما ترتب على ذلك من آثار.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى ذات المذهب وخلص إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس أو سند صحيح من الواقع أو القانون، مما يتعين معه القضاء برفض هذا الطعن.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
([1]) في هذا الاتجاه: حكم الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 17/6/2017 في الطعن رقم 27047 لسنة 61 القضائية عليا (قيد النشر بمجموعة السنة 62 مكتب فني)، حيث أكدت المحكمة أن اتفاقية العهد الدولي الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي وقعت عليها مصر في 4/8/1967، لم تفرق في نطاق مشروعية الإضراب بين عمال المرافق العامة وعمال القطاع الخاص، وأن كل ما تستطيعه مصر هو تنظيم هذا الحق بعد أن أصبحت الاتفاقية جزءا من التشريعات المصرية.
وعلى خلاف هذا النظر: حكم الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 25/7/2015، في الطعون أرقام 48967 و5221 و54130 لسنة 60 القضائية عليا و61839 لسنة 61 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في السنة 60، مكتب فني، جـ2، المبدأ رقم 105، ومقضي بانعدامه لاحقا بموجب الحكم الصادر عن الدائرة الرابعة بالمحكمة بجلسة 18/2/2017 في دعويي البطلان الأصليتين المقيدتين برقمي 69 و755 لسنة 63 القضائية عليا، المنشور بالمجموعة المذكورة، المبدأ رقم 122، والذي قضى بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بانعدام هذا الحكم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإحالة الطعون المذكورة إلى دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا لنظرها بجلسة 8/4/2017)، حيث أكدت المحكمة في ذلك الحكم الصادر بجلسة 25/7/2015 في الطعون المشار إليها (أرقام 48967و…) أنه يتعين التمييز بين إضراب العمال الذين يحكمهم قانون العمل، والإضراب الذي يقوم به الموظف العام، فلا يُقبل من العاملين في المرافق العامة الادعاء بأن لهم الحق في الإضراب أسوة بالعمال في المشروعات الخاصة، وأنه لا يكفي لمباشرة الحق في الإضراب أن يُنص عليه في اتفاقية العهد الدولي الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي وقعت عليها مصر، دون أن يصدر قانون يضع القيود والضوابط التي تبين كيفية استعماله، فتوقيع مصر عليها كان مشروطا بمطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية، وهذه الشريعة لا تجيز الإضراب إذا كان القصد منه الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها لا تتناسب مع ما يصيب المصلحة العامة ومصلحة المواطنين من ضرر، كما أن الاتفاقية المذكورة لم تلغ كذلك نصوص قانون العقوبات التي تتعارض معها.
[2])) راجع وقارن بالحكم الصادر عن الدائرة الرابعة بالمحكمة بجلسة 18 من إبريل سنة 2015 في الطعن رقم 24587 لسنة 61 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 60، مكتب فني، المبدأ رقم 79)، حيث أكدت المحكمة أن إضراب الموظفين العموميين جريمة جنائية وجريمة تأديبية، وأنه لئن كانت الحكومة قد تعهدت في الاتفاقية التي وقعتها في 4/8/1967 بكفالة حق الإضراب في حدود ما تجيزه أحكام الشريعة الإسلامية، فإن إعمال هذا الحق تطبيقا لتلك الاتفاقية رهين بوضع المشرع القوانين المنظمة له بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، وباعتباره من الحقوق التي يجب ممارستها على وفق ضوابط معينة، ودون تعسف في استعمالها، فلا مجال لإعمال الاتفاقية المشار إليها متى خالفت أحكام الشريعة الإسلامية، كما أكدت أن هذه الاتفاقية لا تعدو أن تكون وعدا مبذولا من جانب الحكومة المصرية بصفتها من أشخاص القانون العام بالقيام بعمل منسِّق مع غيرها لضمان تقرير الحقوق الواردة بها، بشرط مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك بتعديل تشريعاتها لتتوافق مع هذه الاتفاقية بتلك الصيغة، أو لتقريرها إن كانت تشريعاتها خالية من مثل هذه الحقوق، وأن هذه الاتفاقية لم تلغِ ضمنا النصوص المجرمة لحق الإضراب في قانون العقوبات.
– وتأييدا للاتجاه الذي قررته المحكمة في الحكم المنشور عاليه: أكدت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 26/7/2015 في الطعن رقم 19485 لسنة 59 القضائية عليا (غير منشور) أنه بموجب دستور 2012 ثم دستور 2014 لم يعد الاضراب السلمي منحة، بل صار من الحقوق الدستورية المكفولة لكل فئات العمال، بغض النظر عن طبيعة الجهة التي يعملون بها، أي سواء بالقطاع الحكومي أم العام أم الخاص، بمعنى أنه أضحى معترفا به كحق مشروع من حيث المبدأ، ومنح المشرع واجب تنظيمه، وسواء نشط المشرع أو لم ينشط لتنظيم هذا الحق فإن استعمال العمال لهذا الحق جلبا لحقوقهم دون إضرار بالمرافق العامة، هو استعمال مشروع لحق ثابت دستوريا ولا يستوجب عقابا؛ إذ إنه متى قرر الشارع حقا اقتضى ذلك حتما إباحة الوسيلة إلى استعماله، إذ يصدم المنطق أن يقرر الشارع حقا ثم يعاقب على الأفعال التي يستعمل بها، فيكون معنى ذلك تجريد الحق من كل قيمة، ويكون عصفا به كلية، وتحريما ومصادرة كاملة للحق نفسه. وهو ما يتفق والحكم المنشور عاليه.
وهو كذلك ما انتهجته المحكمة في حكم لاحق صدر عن الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 17/6/2017 في الطعن رقم 27047 لسنة 61 القضائية عليا (قيد النشر بمجموعة السنة 62 مكتب فني)، وفيه نوهت المحكمة إلى أن قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 قد تناول تنظيم حق الإضراب السلمى للعاملين الخاضعين لأحكام هذا القانون، إلا أن قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 قد خلا من تنظيم حق الإضراب السلمي للعاملين المدنيين بالدولة، وهو ما تهيب معه المحكمة بالمشرع سرعة إدخال تعديل تشريعي على هذا القانون يتناول تنظيم حق الإضراب السلمي بما يتفق مع حكم المادة (15) من دستور سنة 2014، وبمراعاة الضوابط والمعايير التي حرصت المحكمة على تناولها بحيثيات حكمها؛ إذ إن تنظيم هذا الحق من شأنه أن ينظم العلاقة بين هؤلاء العاملين والجهات الإدارية، وذلك بما يضمن حقوق العامل، ويضمن في الوقت نفسه سير المرافق العامة بانتظام واضطراد. كما أكدت المحكمة في هذا الحكم أن أحكام الإضراب الواردة في قانون العقوبات قد ألغيت ضمنا اعتبارا من نفاذ اتفاقية العهد الدولي الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي وقعت عليها مصر في 4/8/1967.
– وكان للمحكمة الإدارية العليا قضاء سابق على تقرير الحق في الإضراب دستوريا، ومن ذلك ما انتهت إليه في حكمها الصادر في الطعن رقم 5567 لسنة 44 القضائية عليا بجلسة 19/5/2002 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 47 مكتب فني، ص841) من أن الإضراب عن العمل حق مشروع طبقا للاتفاقية الدولية التي وقعت عليها مصر وتم التصديق عليها، لكن هذا الحق لا يتساوى مع الدعوة إلى الامتناع عن العمل أو التوقف الفوري عن العمل بغرض تحقيق بعض المطالب أو الحقوق العمالية؛ لأن الحق في الإضراب يتم على وفق ضوابط محددة، ومعلوم سلفا للقائمين على أمر جهة العمل وقبل مدة معينة، أما الدعوة إلى الامتناع عن العمل أو التوقف الفوري عنه فإنها تعد دعوة إلى زعزعة استقرار جهة العمل وشيوع الفوضى داخله، مما ينعكس بالضرورة على سير العمل وانتظامه، وترتيبا على ذلك فإن الدعوة إلى الامتناع عن العمل، أو التوقف الفوري عنه، أو التحريض على أي منها، تعد أمورا غير مشروعة.
وكذا ما انتهت إليه في حكمها الصادر في الطعن رقم 1932 لسنة 35ق ع بجلسة 25/1/1994 (منشور بمجموعة س 39 مكتب فني، جـ1، ص755) من أنه لا يجوز للعامل بالقطاع العام أن يدعو للإضراب أو يحرض عليه؛ لما في ذلك من زعزعة للأمن العام وإخلال بالسكينة العامة وشيوع للفوضى داخل العمل على نحو ينعكس على سيره، وأن الإضراب يعد إخلالا جسيما من العامل بواجبات وظيفته، ولا وجه للقول بأن الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/2/1966 ووقعت عليها مصر في 1967 وتم التصديق عليها في 8/12/1981 تبيح الحق في الإضراب؛ ذلك أن هذه الاتفاقية قد نصت في المادة الثامنة على أن: “تتعهد الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بأن تكفل: (أ)… (د) الحق في الإضراب، على أن يمارس طبقا لقوانين القطر المختص”، كما أنها لا تعطي الحق للعامل في أن يدعو إلى الإضراب أو يحرض عليه، لما في ذلك من زعزعة للأمن العام وإخلال بالسكينة العامة، ويؤدي إلى شيوع الفوضى داخل العمل، مما ينعكس بالضرورة على سير العمل وانتظامه بالوحدات الاقتصادية، ويعد إخلالا جسيما من العامل بواجبات وظيفته، التي تحتم عليه ألا يقوم بما من شأنه الإخلال بحسن سير العمل بانتظام واطراد، أو ما يؤدي إلى قلقلة الأمن الاقتصادي للوحدة التي يعمل بها.
أما الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، فقد استظهرت في فتواها رقم 895 بتاريخ 9/12/2012، جلسة 21/11/2012، ملف رقم 86/6/681 (منشورة بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 67 مكتب فني، من أكتوبر 2012 إلى سبتمبر 2013، المبدأ رقم 34) أن الحق فى الإضراب عن العمل أضحى بمقتضى أحكام الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مكفولا لجميع العاملين، سواء من كان منهم يعمل بأجهزة الدولة أم بالقطاع الخاص، إلا أن ممارسة هذا الحق تكون على وفق قوانين كل دولة، ولما كان نص الاتفاقية المقرر لهذا الحق هو نص خاص فى دلالته وفي طريقة سَنِّه، لاحقٌ على نص الفقرة الأولى من المادة (124)، وما ارتبط بحكمها من المادة (124/أ) من قانون العقوبات التي تجرم ترك الموظفين العموميين أو المستخدمين لعملهم، أو امتناعهم عن تأديته بغية تحقيق غرض مشترك، أو التحريض على القيام بذلك، ولاحقٌ كذلك على قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978) الذي يبين من نصوصه أنه لم يعترف بالإضراب كحق مقرر للعاملين، فمن ثم يكون نص المادة (8/1/د) من الاتفاقية المذكورة ناسخا للنصوص القانونية السابقة عليه التى تتعارض معه، طبقا لحكم المادة (2) من القانون المدنى.
ولاحظت الجمعية أن المشرع المصري قد نهض إلى تنظيم ممارسة الحق في الإضراب للخاضعين لأحكام قانون العمل رقم (12) لسنة 2003، حيث حظر في المادة (194) منه الإضراب أو الدعوة إليه في المنشآت الاستراتيجية أو الحيوية التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي أو بالخدمات الأساسية التي تقدمها للمواطنين، وفوض رئيس مجلس الوزراء في تحديد هذه المنشآت، والذي أصدر قراره رقم (1185) لسنة 2003 مُحددا هذه المنشآت، ومن البديهي ألا يطبق هذا القرار على الموظفين العموميين إعمالا لصريح نص المادة (4) من قانون العمل المشار إليه، التي استثنت صراحة العاملين بأجهزة الدولة من الخضوع لأحكامه ما لم يرد نص يقرر نفاذ أحكام هذا القانون على هؤلاء.
وأبانت الجمعية أنه لما كان المشرع المصري لم ينظم ممارسة الحق في الإضراب بالنسبة للموظفين العموميين، فإنها تهيب به التدخل لتنظيم ممارسة هذا الحق؛ لما له من آثار خطيرة على انتظام سير المرافق العامة بالدولة، وبينت أنه يجوز للمشرع المصري في مجال تنظيمه لممارسة الحق في الإضراب فرض قيود عامة على هذه الممارسة في إطار المادة (8/1/د) من الاتفاقية المشار إليها، ويجوز له فرض قيود خاصة على ممارسة هذا الحق بواسطة طوائف بذاتها في إطار الفقرة الثانية من المادة نفسها، ويجوز للمشرع وهو بصدد وضع القيود العامة على ممارسة الحق في الإضراب أن يفرض لممارسته إطارا من الضمانات التي تحول دون المساس بحقوق الأفراد أو الجماعة، أو أن يحظر أنواعا معينة منه متى قَدَّر أنها تخل إخلالا جسيما بحقوق الغير، أو كان الضرر الناجم عنها غير متناسب مع المصلحة التي تقرر الحق من أجل تحقيقها، كما يكون للمشرع أن يفرض قيودا خاصة أكثر صرامة على ممارسة هذا الحق بالنسبة للطوائف المذكورة بالفقرة الثانية من المادة (8) من الاتفاقية المذكورة، فيحرمهم جميعا أو بعض فئات منهم من ممارسة هذا الحق، دائما أو خلال أوقات معينة، ولا يمكن أن يتم ذلك ضمنا، بل يجب أن تكون إرادة المشرع في خصوصه واضحة جلية، لا تقبل تأويلا ولا اختلافا، حيث إن جواز تقييد ممارسة الحق في الإضراب بالنسبة لهذه الطوائف يفيد بالضرورة تمتعهم بأصل الحق فيه، فلا يجوز استلابه منهم أو تقييده بغير نص تشريعي صريح.
وأوضحت الجمعية أن عدم تنظيم المشرع للحق في الإضراب بالنسبة للموظفين العموميين ليس من مؤداه القول بحظر إضرابهم عن العمل مطلقا، أو إرجاء ممارستهم لهذا الحق لحين إصدار المشرع قانونا ينظم ممارستهم لهذا الحق، مهما استطال الأمد؛ إذ إن هذا القول يفضي إلى العصف بأصل الحق ومصادرته كليا، كما أنه ليس من مؤداه أيضا ترك ممارسة الحق في الإضراب بالنسبة لهم طليقا من كل قيد؛ ذلك أن الاعتراف بالحق في الإضراب في غيبة مثل هذا التنظيم التشريعي، لا يمكن أن يؤدي إلى استبعاد جميع القيود التي يجب أن يكون هذا الحق محلا لها، شأن أي حق آخر، حتى يمكن تجنب استعماله تعسفا، أو بالمخالفة لمقتضيات النظام العام.
وأكدت الجمعية أن الحق في الإضراب، كغيره من الحقوق، يمكن أن يمارس بصورة غير مشروعة طبقا لحكم المادة (5) من القانون المدني إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التى يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، أو إذا كانت المصالح التى يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة، فنظرية التعسف في استعمال الحق لها من العموم ما يجعلها تنبسط على جميع نواحي القانون.
كما أكدت أن كفالة سير المرافق العامة وتلبية حاجات المتعاملين معها يتصل اتصالا وثيقا بالنظام العام وبالمصلحة العليا للمجتمع، وأن إباحة ممارسة الموظف العام لحقه في الإضراب على إطلاقه دونما قيود تحد من غلوائه تنطوي على تعارض مع مقتضيات استمرار سير المرافق العامة، ومن ثم تخالف النظام العام، وأنه في ظل الفراغ التشريعي القائم في شأن تنظيم ممارسة حق الإضراب للموظفين العموميين، فإنه يتعين كفالة حق الموظف في الإضراب، دون أن يغل ذلك يد الجهة الإدارية في فرض قيود على ممارسته؛ لتحول دون ممارسته تعسفا، ولتضمن استمرار سير المرفق العام وانتظام العمل فيه بما لا يخل بحاجات المتعاملين معه والحفاظ على النظام العام، وبشرط ألا تنال هذه القيود من أصل الحق فى الإضراب فتعصف به، وأن تتسم بالمعقولية والتناسب مع طبيعة الحق والغرض منه.
ونوهت الجمعية إلى أن هناك فارقا في خصوص تقييد ممارسة الحق في الإضراب بين المرافق العامة التي تقدم خدمات حيوية للمواطنين وغيرها من المرافق، فالأولى هي المرافق التي تهدف إلى توفير خدمات للأفراد مما يترتب على حرمانهم منها خطورة على الحياة أو الأمن أو الصحة أو المقومات الأساسية للحياة، ولو تم إسناد إدارة هذه المرافق لأشخاص القانون الخاص، وهذه المرافق تُفرض على ممارسة الإضراب فيها قيود أكثر صرامة من تلك التي تُفرض على غيرها من المرافق قد تصل أحيانا إلى حد الحظر التام. وفي كل الأحوال، سواء بالنسبة للمرافق العامة التي تقدم خدمات حيوية أو ما عداها من المرافق، فإنه يجب فرض حد أدنى من التشغيل في المرفق أثناء الإضراب، يختلف من حالة لأخرى حسب ظروف كل مرفق، بغرض كفالة استمرار سيره بانتظام.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |