برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين /أحمد إبراهيم زكي الدسوقي وسعيد عبد الستار محمد سليمان و د. رضا محمد عثمان دسوقي و د. عبد الجيد مسعد عبد الجليل حميدة.
نواب رئيس مجلس الدولة
موظف– تأديب- المسئولية التأديبية- حدود مسئولية مهندسي التنظيم في الأحياء والجهات الإدارية في شأن تطبيق أحكام قانون البناء- منَح المشرع القائمين على تطبيق أحكام قانون البناء العديد من الصلاحيات التي تمكنهم من وقف الأعمال المخالفة في مهدها، وعدم تمادي المخالف في تنفيذ تلك الأعمال حتى تصبح أمرا واقعا يفرض على الجميع- لا تقِف مسئولية مهندس التنظيم عند مجرد قيامه باتخاذ إجراءات شكلية بتحرير محاضرَ واستصدار قرارات بوقف الأعمال المخالفة وإزالتها، مع عدم خروج هذه القرارات إلى حيز التنفيذ وتركها حبيسة الأوراق التى كتبت عليها والأدراج التى وضعت فيها- إذا خالف مهندسو التنظيم والقائمون على تطبيق أحكام قانون البناء الإجراءات والضمانات التي قررها المشرع، واكتفوا رغم ما لهم من ضبطية قضائية بمجرد تحرير محاضر وهمية، واستصدار قرارات مكتبية صورية، متعللين بعدم القدرة على تنفيذها، فإن هذا يقيم مسئوليتهم التأديبية فضلا عن المسئولية الجنائية، ويقتضي الأمر أخذهم بالشدة الواجبة؛ حماية للأرواح والممتلكات.
– أحكام قانون البناء، الصادر بالقانون رقم (119) لسنة 2008.
في يوم الأحد الموافق 20/3/2011 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 21268 لسنة 57 ق.عليا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها الصادر بجلسة 22/1/2011 في الدعوى رقم 122 لسنة 52ق القاضي ببراءة المحالين مما هو منسوب إليهما.
وطلبت النيابة الإدارية -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بمعاقبة المطعون ضدهما بالعقوبة المناسبة.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
ونظرت الدائرة الرابعة فحص بالمحكمة الإدارية العليا الطعن، ثم قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره، حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، ومن ثم فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 27/4/2010 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 122 لسنة 52 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها مشتملة على تقرير اتهام ضد كل من:
1- … مهندس بمديرية الإسكان والمرافق بالجيزة حاليا، وسابقا منتدب للعمل بإدارة التنظيم بحي العمرانية بالدرجة الثانية.
2- … مهندس تنظيم بحي العمرانية بالدرجة الثانية.
لأنهما في غضون عام 2008 وبوصفهما السابق وبدائرة عملهما لم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة وأهملا في أداء واجبهما وخالفا أحكام قانون تنظيم وتوجيه أعمال البناء، وأتيا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول: لم يقم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حينها حيال قيام مالك العقار رقم 18 شارع شعبان شلبي ببنائه من الأرضي حتى السادس فوق الأرضي بدون ترخيص.
الثاني: (أ) أهمل في الإشراف على أعمال الأول مما ترتب عليه عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال بناء العقار رقم 18 شارع شعبان شلبي ببنائه من الأرضي حتى السادس فوق الأرضي بدون ترخيص.
(ب) لم يقم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال عدم التزام الصادر له الترخيص رقم 74/2007 بتنفيذ البدروم على الطبيعة بالعقار الكائن شارع شعبان شلبي بالمخالفة لترخيص البناء.
………………………………………………….
وبجلسة 22/1/2011 قضت المحكمة المذكورة ببراءة المحالين مما هو منسوب إليهما.
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة للمخالفة الأولى المنسوبة إلى المحال الأول، بأن الثابت من الأوراق انتفاء هذه المخالفة؛ لأنه قام باتخاذ الإجراءات القانونية حيال قيام مالك العقار رقم 18 شارع شعبان شلبي ببنائه من الأرضي حتى السادس فوق الأرضي بدون ترخيص، على وفق ما هو ثابت بالمستندات التي لم تدحضها جهة الإدارة، إذ قام بتحرير محاضر مخالفات للعقار محل التحقيق، وبناء عليه صدر قرار إداري بإيقاف الأعمال برقم 281 لسنة 2008 وقرار الإزالة رقم 548 لسنة 2008، وقد خلت الأوراق مما يفيد إهمال المحال الأول في اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفات المشار إليها أو تراخيه في ذلك، وهو ما تنتفي معه المخالفة المنسوبة إليه، ويتعين الحكم ببراءته من هذه المخالفة، وهو ما يستتبعه انتفاء المخالفة الأولى المنسوبة إلى المحال الثاني، والمتمثلة في إهماله في الإشراف على المحال الأول.
كما أنه عن المخالفة الثانية المنسوبة إلى المحال الثاني، فإن الثابت من الأوراق والتحقيقات التي أجريت بمعرفة النيابة الإدارية أنها قد جاءت خلوا مما يقطع بارتكابه لتلك المخالفة، لأن الثابت من الأوراق أن المذكور قام باتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفة المشار إليها، إذ قام بتحرير محاضر مخالفات للعقار محل التحقيق، وبناء على هذه المحاضر صدرت قرارات بوقف وإزالة الأعمال المخالفة، وهو ما يتعين معه القضاء ببراءته من المخالفتين المنسوبتين إليه.
………………………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، وشابه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق؛ لأن المخالفات المنسوبة إلى المحالين ثابتة في حقهما ثبوتا يقينيا، إذ لم تناقش المحكمة بالأسباب أدلة ثبوت الواقعة المتمثلة في تقرير المكتب الهندسي بمحافظة الجيزة، واعتراف المحالين وإقرارهما بمسئوليتهما عن المنطقة الكائن بها العقار خلال فترة حدوث المخالفات، وتبريرهما ذلك بضغط العمل، وهو ما لا يصلح لدرء المسئولية، كما أن القول بقيام المحالين باتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفات التي ارتكبها مالك العقار محل التحقيق يخالف الواقع، لأن ما قام به المحالان مجرد إجراءات شكلية وصورية، ولم يتخذ أي منهما إجراءات تنفيذية على أرض الواقع لتنفيذ تلك الإجراءات الشكلية، رغم ما منحه المشرع لمهندسي التنظيم من حق الضبط القضائي لمخالفات البناء، بيد أن المحالين قد تقاعسا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارات وقف الأعمال والإزالة التي صدرت على الورق فقط، وهو ما يبرهن على ارتكابهما للمخالفة المنسوبة إليهما، وهو ما يقتضي مجازاتهما تأديبيا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك، فإنه يكون قد صدر على خلاف صحيح حكم القانون ويكون جديرا بالإلغاء.
………………………………………………….
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن مسئولية مهندسي التنظيم في الأحياء والجهات الإدارية المنوط بهم التأكد من تطبيق أحكام قانون البناء، لا تقف عند مجرد قيامهم باتخاذ إجراءات شكلية بتحرير محاضر واستصدار قرارات بوقف الأعمال المخالفة وإزالتها، مع عدم خروج هذه القرارات إلى حيز التنفيذ وتركها حبيسة الأوراق التي كتبت عليها والأدراج التي وضعت فيها، لتكون مجرد إجراءات مكتبية صورية وهمية، الهدف منها ليس وقف المخالفة وإزالتها حقا، ولكن جعلها وسيلة للإفلات من المسئولية والعقاب، مع ترك المخالف يعبث بأحكام القانون وبالأرواح ويتمادى في تنفيذ الأعمال المخالفة دون رادع، وبذلك تكتمل منظومة الفساد تحت سمع وبصر القانون التي نُفذت أحكامه ولكن على الورق فقط، أما أرض الواقع فتشهد على العبث بأحكامه، ويكون الثمن هو أرواح العديد من البشر الذين يموتون تحت أنقاض هذه المباني المخالفة التي لم تجد من يوقف انتشارها كالسرطان في جسد هذا الوطن؛ فقد منح المشرع القائمين على تطبيق أحكام قانون البناء العديد من الصلاحيات التي تمكنهم من وقف الأعمال المخالفة في مهدها وعدم تمادي المخالف في تنفيذ تلك الأعمال حتى تصبح أمرا واقعا يفرض على الجميع، إذ تملك تلك الجهات سلطة التحفظ على الأدوات والمهمات المستخدمة في الأعمال المخالفة، ولهذا منح المشرع مهندسي التنظيم في الأحياء سلطة الضبطية القضائية، ويكون لهم بمقتضى ذلك صفة دخول مواقع الأعمال المخالفة، وإثبات ما يقع من مخالفات واتخاذ الإجراءات المقررة في شأنها، وعليهم متابعة تنفيذ القرارات والأحكام النهائية الصادرة في شأن الأعمال المخالفة وإبلاغ رئيس المجلس المحلي المختص بأية عقبات في سبيل تنفيذها، كما تملك الجهة الإدارية المختصة بشأن التنظيم جميع الوسائل لمنع الانتفاع بالأجزاء المخالفة ومنع إقامة أي أعمال بناء جديدة فيها، بما في ذلك وضع الحراسة المناسبة لضمان عدم المساس بالتدابير التي اتخذتها، فإذا خالف مهندسو التنظيم والقائمون على تطبيق أحكام هذا القانون كل هذه الإجراءات والضمانات التي قررها المشرع، واكتفوا بمجرد تحرير محاضر وهمية، واستصدار قرارات مكتبية صورية، متعللين بعدم القدرة على تنفيذها، فإن هذا لا ينفي مسئوليتهم التأديبية فضلا عن المسئولية الجنائية، ويقتضي الأمر أخذهم بالشدة الواجبة؛ حماية للأرواح والممتلكات.
وحيث إنه هديا بما تقدم، فإن الثابت من الأوراق ثبوت مسئولية المطعون ضدهما عن المخالفات المنسوبة إليهما، على نحو ما جاء بتقرير المكتب الهندسي بمحافظة الجيزة، ومن واقع أقوالهما بالتحقيقات والتي تؤكد مسئوليتهما عن المنطقة الكائن بها العقار خلال فترة حدوث المخالفات محل تلك التحقيقات، ومحاولة تبريرهما ذلك بحجة ضغط العمل وقلة عدد مهندسى التنظيم.
ولا يقدح في ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من نفي مسئولية المطعون ضدهما لمجرد قيامهما بتحرير محاضر مخالفات واستصدار قرارات بوقف وإزالة الأعمال المخالفة؛ إذ ثبت من الأوراق أن هذه الإجراءات كانت مجرد إجراءات مكتبية صورية، ولم يتخذ المذكوران الإجراءات المقررة قانونا لوقف الأعمال المخالفة وإزالتها، واقتصر دورهما على تلك الإجراءات الإدارية الصورية التي ظلت حبيسة الأدراج، ولم يتخذا أي إجراءات فعلية لتنفيذها على أرض الواقع، مما ساعد على اكتمال الأعمال المخالفة لتصبح أمرا واقعا تحت سمع وبصر المطعون ضدهما، اللذين اكتفيا بتلك الإجراءات الصورية لدرء مسئوليتهما، ومن ثم فقد تراخى المطعون ضدهما في تنفيذ صحيح أحكام القانون لوقف أعمال البناء المخالفة، وهو ما يستوجب مساءلتهما تأديبيا، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر مخالفا لأحكام القانون، ويكون الطعن عليه قائما على أسباب تتفق وصحيح الواقع والقانون، مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا الحكم، وبمجازاة المطعون ضدهما بالعقوبة المناسبة، والتي تقدرها المحكمة بخفض الأجر في حدود علاوة.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبمجازاة كل من المطعون ضدهما بخفض الأجر في حدود علاوة.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |