برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي، وسعيد عبد الستار محمد سليمان، ود.رضا محمد عثمان دسوقي، ود.عبد الجيد مسعد عبد الجليل.
نواب رئيس مجلس الدولة
تأديب– المسئولية التأديبية- يجب تقدير مدى مسئولية الموظف العام تأديبيا في حدود ما ارتكبه من خطأ- لا يتحمل المخطئ المسئولية عن العوامل الأخرى الواقعة بفعل الغير والخارجة عن إرادته، والتي تؤدي إلى تفاقم الأضرار- تطبيق: ثبوت خطأ الموظف العام إبان مباشرته لبعض إجراءات منح قرض لأحد المستحقين، لا يقيم مسئوليته عن تفاقم الضرر بسبب عدم سلوك الجهة الإدارية الطرق القانونية المتعارف عليها لتحصيل قيمة القرض من المقترض([1]).
تحميل- لا يجوز أن تحمل ذمة الشخص قيمة ضرر مازال احتماليا- يجب أن يكون الضرر محققاً، أي وقع بالفعل- لا يجوز تحميل الشخص أي التزامات مالية في جانبه، ما لم يكن هناك سبب قانوني مشروع يجيز ذلك.
في يوم الإثنين الموافق 14/4/2008 أودع الأستاذ/… المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعن (رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي للوجه البحري- بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 14811 لسنة 54ق.عليا، طعنا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 23/2/2008 في الطعن رقم 585 لسنة 35ق، فيما قضى به من قبول طلب إلغاء القرار رقم 1 لسنة 2007 شكلا، وفي الموضوع بإلغائه فيما تضمنه من تحميل الطاعن مبلغ 51535.52 جنيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن بصفته -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من قبول طلب إلغاء القرار رقم 1 لسنة 2007 شكلا، وفي الموضوع بإلغائه فيما تضمنه من تحميل الطاعن (المطعون ضده في الطعن الماثل) مبلغ 51535.52 جنيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض الطعن التأديبي رقم 585 لسنة 35ق بخصوص هذا الطلب.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه -للأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ونظرت الدائرة الرابعة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره، حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إن الطاعن (بصفته) يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من قبول طلب إلغاء القرار رقم 1 لسنة 2007 شكلا، وفي الموضوع بإلغائه فيما تضمنه من تحميل الطاعن (المطعون ضده في الطعن الماثل) مبلغ 51535.52 جنيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض الطعن التأديبي رقم 585 لسنة 35ق بخصوص هذا الطلب.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تتحصل -حسبما هو ثابت من الأوراق- في أنه بتاريخ 30/8/2006 أقام المطعون ضده الطعن رقم 585 لسنة 53ق أمام قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا بغية الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 8 لسنة 2007 فيما تضمنه من مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه، وبإلغاء القرار رقم 1 لسنة 2007 فيما تضمنه من تحميله مبلغ 51535.52 جنيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سند من أنه يعمل بالبنك المطعون ضده فرع قرية المنشية ببنها، وقد نسب إليه التدليس وإدخال الغش على البنك، لشرائه جزءا من الأرض محل الضمان المقدم من السيد/… أحد عملاء البنك قبل منحه القرض بأيام قليلة، وإخفاء ذلك عن البنك، والاشتراك في منحه القرض دون الإفصاح عن واقعة الشراء، على نحو أدى إلى صعوبة تحصيل البنك لقيمة القرض بعد تعثر العميل، وعلى إثر ذلك صدر القرار رقم 8 لسنة 2007 بمجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه، وكذلك القرار رقم 1 لسنة 2007 بتحميله مبلغ 51535.52 جنيها، بالإضافة إلى ما يستجد من فوائد وغرامات حتى تاريخ السداد، فتظلم منهما، ثم لجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات دون جدوى، ونعى على القرارين المطعون فيهما صدورهما بالمخالفة لصحيح القانون.
……………………………………………………..
وبجلسة 23/8/2008 قضت المحكمة بإلغاء القرار رقم 8 لسنة 2007 المطعون فيه فيما تضمنه من تحميل الطاعن مبلغ 51535.52 جنيها، مع ما يترتب علي ذلك من آثار، ورفض الطعن التأديبي بخصوصه، وبقبول طلب إلغاء القرار رقم 1 لسنة 2007 شكلا، وفي الموضوع بإلغائه فيما تضمنه من تحميل الطاعن مبلغ 51535.52 جنيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سند من أن الضرر الذي أصدر البنك قرار التحميل من أجله مازال ضررا محتملا، ولم يتحقق بعد في ذمة البنك، ومن ثم ينهار بذلك قرار تحميل الطاعن بذلك المبلغ، مما يجعله جديرا بإلالغاء.
……………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع؛ وذلك لأن ما ارتكبه المطعون ضده من مخالفة ثابتة بحقه ثبوتا كافيا، وهذه المخالفة تأخذ وصف الخطأ الجسيم الذي يرقى إلى مرتبة الغش والتدليس الذي تم بسوء نية، وقد ترتب عليه إصابة البنك بأضرار جسيمة نتيجة عدم قيام العميل بسداد قيمة القرض، واستنفاد البنك جميع الوسائل القانونية لتحصيله دون جدوى، وهذا الضرر نتيجة طبيعية ومباشرة لخطأ المطعون ضده، ومن ثم تكاملت عناصر مسئوليته عن سداد قيمة ذلك القرض.
……………………………………………………..
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه يجب تقدير مدى مسئولية العامل في حدود ما ارتكبه من خطأ، وأن كل خطأ يتحمل مرتكبه تعويض الضرر المترتب عليه دون تحميله المسئولية عن العوامل الأخرى الواقعة بفعل الغير، والخارجة عن إرادته، والتي تؤدي إلى تفاقم الأضرار.
وهديا بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق ثبوت خطأ المطعون ضده إبان مباشرته لبعض إجراءات منح القرض محل المخالفة المنسوبة إليه من واقع التحقيقات التي أجراها البنك الطاعن، بما لا يدع مجالا للشك أو المنازعة فيه من جانب المطعون ضده أو غيره، إلا أنه بالنسبة للضرر الذي أصاب البنك الطاعن من جراء خطأ المطعون ضده، فإن الأوراق قد خلت مما يفيد سلوك البنك للطرق القانونية المتعارف عليها لتحصيل قيمة القرض من المقترض سوى إقامة جنحة (دعوى قضائية) ضده، والتي صدر فيها حكم جنائي بمعاقبته بالحبس دون استكماله لباقي الطرق القانونية لتحصيل قيمة القرض منه، مثل بيع الجزء المتبقى من الأرض المملوكة للمقترض (محل الضمان) بعد خصم قيمة ما اشتراه المطعون ضده منها، حيث لم يقم البنك بالإعلان عن بيع المساحة المتبقية من الأرض وتحصيل قيمتها لحسابه لسداد قيمة القرض، وبهذه المثابة فلم يتبين بحزم أو يقين عدم قدرة البنك على تحصيل قيمة القرض من المقترض.
ويضاف إلى ذلك خلو الأوراق مما يفيد سعي البنك لتنفيذ الحكم الجنائي الصادر ضد المقترض قبل موعد سقوطه بالتقادم، وهو ما يقطع بجلاء بعدم سعي البنك جاهدا نحو تحصيل قيمة القرض بالطرق والوسائل المتاحة لذلك قانونا، حيث اكتفى بتحميل المطعون ضده قيمة القرض، وبهذا الوصف فإنه لم يتحقق بعد صدق إصابة البنك الطاعن بضرر أدى إلى فقده أمواله (محل القرض) حتى يتجه صوب المطعون ضده لتحميله قيمته، وذلك مادام أنه كانت هناك العديد من الوسائل القانونية لتحصيله، ومن ثم فلا يمكن أن تحمل ذمة المطعون ضده قيمة ضرر مازال احتماليا بعدُ؛ بحسبان أن قضاء هذه المحكمة يتطلب في الضرر أن يكون محققا، أي وقع بالفعل، وأنه لا يجوز تحميل الشخص أي التزامات مالية في جانبه ما لم يكن هناك سبب قانوني مشروع يجيز ذلك، وكل ذلك وغيره يقطع بعدم مشروعية تحميل المطعون ضده المبلغ محل القرار رقم 1 لسنة 2007؛ لمخالفته لصحيح حكم القانون، وإذ ذهب الحكم الطعين إلى هذا المذهب فإنه يكون متفقا مع صحيح حكم القانون، ويضحى الطعن الماثل في غير محله، خليقا بالرفض.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
([1]) يراجع كذلك في شأن عدم المسئولية حال تفاقم الأضرار: الحكم المنشور في هذه المجموعة، الصادر بجلسة 13 من يناير سنة 2016 في الطعن رقم 50329 لسنة 61 القضائية عليا (المبدأ رقم 29/د).
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |