وزارة الدولة للتنمية الإدارية قرار رقم 620 لسنة 2000 بشأن ترقية جميع المستحقين للترقية من العاملين المدنيين بالدولة
نوفمبر 6, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة التاسعة ¬- الطعن رقم 36087 لسنة 55 القضائية (عليا)
نوفمبر 6, 2020

الدائرة الخامسة – الطعن رقم 5238 لسنة 54 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 23 من إبريل سنة 2016

الطعن رقم 5238 لسنة 54 القضائية (عليا)

(الدائرة الخامسة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. هانئ أحمد الدرديري عبد الفتاح

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ جعفر محمد قاسم عبد الحميد، وأشرف حسن أحمد حسن، وخالد جابر عبد اللطيف محمد، ود. أحمد محمد إبراهيم غنيم.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

  • ضرائب:

الضريبة العامة على المبيعات- مدى خضوع السلع والخدمات التي يتم استيرادها بغرض الاتجار لضريبة المبيعات- شبهة عدم الدستورية في عبارة “بغرض الاتجار” الواردة في تعريف كلٍّ من “المكلَّفِ” و”المستورِدِ” المنصوص عليهما في المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات (الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991)- تتعارض هذه العبارة مع العديد من المبادئ الدستورية التي يتبناها الدستور، ومنها: مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، ومبدأ المساواة، كما تتعارض مع جهود الدولة للنهوض بالإنتاج المحلي وتشجيع التصدير وتقليل الاستيراد([1])– ترى المحكمة كذلك أن هناك لبسًا وتعارضًا يكتنف تفسير بعض نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات؛ إذ وردت عبارة “بغرض الاتجار” في تعريف كلٍّ من “المكلَّفِ” و”المستورِدِ” بالمادة (1) من القانون، بما يظهر معه أن توفر غرض الاتجار هو شرط لفرض الضريبة على السلع المستوردة، في حين وردت صياغة كلٍّ من نصي المادتين (2) و(6) من القانون نفسه من العموم على نحوٍ يشيرُ إلى فرض الضريبة واستحقاقها على كل السلع المحلية والمستوردة بشكلٍ مطلق، دون تقييدِ أو تخصيص الخضوع بالنسبة للسلع المستوردة بأن يكون الاستيراد لغرضٍ معين- الإعفاءُ من الضريبة يكون بنصوص صريحة لا لبس فيها ولا غموض، ولم يُدرِج المشرِّعُ ضمن الإعفاءات الصريحة السلعََ المستوردة لغير غرض الاتجار بشكلٍ عام- ترتيبا على ذلك: تقضي المحكمة بإحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية عبارة “بغرض الاتجار” المشار إليها، بما يزيل ويحسم هذا اللبسَ والتعارض.

المواد (9) و(38) و(53) من دستور 2014. 

– المواد (1) و(2) و(6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 1991 (الملغى لاحقًا بموجب القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة)([2]).

– حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 23ق (دستورية) بجلسة 13/5/2007، وحكمها الصادر في القضية رقم 25 لسنة 30ق (منازعة تنفيذ) بجلسة 15/1/2012.

  • دستور:

أثر حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بعدم قبول الدعوى الدستورية المقامة أمامها- لا يمنعُ الحكمُ بعدم قبول الدعوى الدستورية محكمةَ الموضوع من أن تحيل إلى المحكمة الدستورية العليا نصوصًا أخرى للفصل في مدى دستوريتها خلاف النصوص الصادر بشأنها هذا الحكم، مادامت لم تتعرض أو تتصد لبحث مدى دستورية هذه النصوص المحالة- تطبيق: لئن كانت المحكمة الدستورية العليا قد تبنت تفسيرًا لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات، مفادُه أن المشرع قد اتجه إلى إخضاع السلع والخدمات التي يتم استيرادها (بغرض الاتجار) لضريبة المبيعات، وربط دومًا في نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده، فقضت المحكمة بعدم قبول بعض الدعاوى الدستورية لانتفاء المصلحة، إلا أن ذلك لا يحولُ دون أن تُحال إليها نصوصٌ أخرى للفصل في مدى دستوريتها، خلاف النصوص الصادرة بشأنها تلك الأحكام.

  • دستور:

الرقابة على دستورية القوانين واللوائح- الرقابة الدستورية من حيث مطابقة القوانين واللوائح للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ إذ إنها تستهدف أصلا صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه، بحسبان أن نصوصه تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، والتي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات([3]).

– المواد (25) و(29) و(30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.

الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 10/1/2008 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبةً عن الطاعن بصفته قلمَ كُتَّاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) بجلسة 27/11/2007 في الدعوى رقم 14583 لسنة 60 ق.، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية أن ترد للمدعي المبالغ المحصلة منه لحساب الضريبة على المبيعات عن السلع محل الدعوى، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وطلب الطاعن بصفته -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- أن تأمر دائرة فحص الطعون بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا؛ لتقضي بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا (أصليًّا) بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى واختصاص المحكمة الابتدائية، و(احتياطيًّا) برفض الدعوى، و(من باب الاحتياط) سقوط الحق في المطالبة برد الرسوم (الضرائب) بمضي ثلاث سنوات عن الفترة السابقة على 19/2/2003، مع إلزام المطعون ضده المصروفات في أيٍّ من الحالات السابقة -عدا الاختصاص الولائي- عن درجتي التقاضي.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت في ختامه الحكمَ بوقف الطعن تعليقًا لحين أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 162 لسنة 31 ق. “دستورية” بشأن مدى دستورية نصي الفقرتين الأخيرتين من المادتين (17) و(35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، المحالة إليها بموجب حكم المحكمة الإدارية العليا (دائرة توحيد المبادئ) بجلسة 11/4/2009 في الطعن رقم 14678 لسنة 52 ق.ع.

وقد تدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 28/3/2015 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 18/4/2015، وقد نظرت هذه المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 19/12/2015 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 27/2/2016 مع التصريح بمذكرات ومستندات خلال عشرين يومًا مناصفة تبدأ بالطاعن، وخلال هذا الأجل أودع وكيل المطعون ضده مذكرة دفاع وطلب فتح باب المرافعة لإبداء دفاعه على الوجه الأمثل، وبجلسة 27/2/2016 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/3/2016، وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/4/2016 لاستمرار المداولة، وبجلسة اليوم 23/4/2016 صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.

حيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 18/2/2006 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 14583 لسنة 60 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبًا في ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار الصادر عن مصلحة الضرائب على المبيعات بإلزام المدعي بصفته سداد ضرائب مبيعات عن السلع الرأسمالية المبينة بصحيفة الدعوى، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها براءة ذمته من تلك المبالغ، ورد ما تم سداده من مبالغ قام بسدادها عن تلك الرسائل، مع إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وذكر المدعي (المطعون ضده في الطعن الماثل) شرحًا لدعواه أنه صاحب ومدير مطبعة…، وقامت المطبعة باستيراد عدد 2 ماكينة طباعة أوفست من أجل تعزيز خطوط الإنتاج بالمطبعة، وليس بغرض الاتجار، أولاهما في 13/6/1993، والثانية في 23/12/1998، وقامت مصلحة الجمارك بإلزامه سداد 10% ضرائب مبيعات من قيمة الماكينتين، وقام بسداد مبلغ الضريبة كاملا عن الماكينة الأولى، كما قام بسداد جزء من مبلغ الضريبة عن الماكينة الثانية، ولم يقم بسداد القسطين الأخيرين من مبلغ الضريبة، وأضاف المدعي أن إلزامه سداد ضرائب مبيعات عن السلع الرأسمالية المذكورة ليس له سند من القانون، ويخالف ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 1991، التي عرفت المستورد بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم باستيراد سلع صناعية أو خدمات من الخارج خاضعة للضريبة بغرض الاتجار، وبذلك لا تستحق ضريبة مبيعات عن السلع الرأسمالية (الماكينتين المشار إليهما اللتين استوردهما بغرض تقوية وتعزيز خطوط الإنتاج، وليس بغرض الاتجار)، واختتم المدعي صحيفة دعواه بطلباته المذكورة سالفًا.

……………………………………………………..

وبجلسة 27/11/2007 حكمت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية أن ترد للمدعي المبالغ المحصلة لحساب الضريبة على المبيعات عن السلع محل الدعوى، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

وقد شيَّدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي قد استورد المعدات والآلات والسلع محل التداعي بغرض استخدامها في الإنتاج ولأغراض نشاطه، وليس بغرض الاتجار، ومن ثم لا يحق لمصلحة الضرائب على المبيعات مطالبته بالضريبة عنها، ويكون من حقه استرداد ما قام بسداده لحساب هذه الضريبة، وبراءة ذمته من المبالغ المطالب بها عنها، وأنه لا محاجة بتعريف السلعة الخاضعة للضريبة بأنها كلُّ مُنتَجٍ صناعي سواء كان محليًّا أم مستوردًا، وتعريف البيع بأنه انتقال ملكية السلعة من البائع ولو كان مستورِدًا إلى المشتري، وما نصت عليه المادة (6/2) من القانون بأنه يعتبر في حكم البيع قيام المكلَّف باستعمال السلعة في أغراض خاصة أو شخصية؛ لأن نصوص القانون يتعين فهمها وتطبيقها ككلٍّ لا يتجزأ، وبما لا يهدر أحكام جانب منها أو يعطله، ولأن الضريبة العامة على المبيعات هي ضريبة غير مباشرة يتولى المكلَّف تحصيلها وتوريدها للمصلحة، فإذا تخلف هذا المعنى لم يكن هناك محل للخضوع للضريبة، ومن ثم يجب حمل تعريف السلعة المطلق على القيد الذي تضمنه تعريف المكلَّف والمستورِد، واعتبار السلعة المستوردة الخاضعة للضريبة هي كل منتَج صناعي تم استيراده بغرض الاتجار، ومن ثم فإن الفهم الصحيح لأحكام المادة الأولى من القانون المذكور سالفًا (قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991) يؤكد عدم خضوع السلع المستوردة لأغراض الإنتاج للضريبة العامة على المبيعات، وتكون المطالبة محل الدعوى على غير سندٍ من القانون.

……………………………………………………..

وإذ لم يلقَ الحكمُ المطعون فيه قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة، فقد طعنت عليه بالطعن الماثل، تأسيسًا على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك على سندٍ من أن نص المادة الثانية من القانون المذكور سالفًا حدد بعبارات صريحة واضحة جلية المعنى المادة الخاضعة للضريبة المتنازع فيها، وهي جميع السلع المصنعة المحلية والمستوردة والخدمات التي أورد بيانها بالجدول المرافق للقانون، وعلى ذلك فإن عموم هذا النص الذي أورد عبارة السلع المستوردة في صيغة عامة مطلقة يقتضي اتساع نطاقه ليشمل جميع السلع المستوردة، عدا السلع المعفاة من الضريبة، وأيًّا كان الغرض من استيرادها، سواء بقصد الاتجار أو بغرض الإنتاج أو للاستعمال الشخصي أو الخاص، وسواء كانت سلعًا رأسمالية أم سلعًا استهلاكية، وسواء قام المستورد بالاستيراد مباشرة أو عن طريق الغير، وبصفة عامة جميع حالات الاستيراد المسموح بها طبقًا لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير، كما جاء نص المادة السادسة من القانون بصيغةٍ عامة، محدِّدًا الواقعة المنشئة لتلك الضريبة والمرتبة لاستحقاقها، وهي واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلَّفين بتحصيلها وتوريدها، كما تمتد تلك الواقعة المنشئة للضريبة لتشمل حالات البيع حكمًا، والمتمثلة في قيام المكلف باستعمال السلعة أو الاستفادة من الخدمة في أغراض خاصة أو شخصية، أو التصرف فيها بأي من التصرفات القانونية، كما حددت الفقرة الثالثة من المادة المذكورة سلفًا بعبارةٍ مطلقة الواقعة المنشئة لاستحقاق الضريبة بالنسبة إلى السلع المستوردة جميعها دون تفرقة، وذلك بمناسبة دخولها إلى إقليم الدولة الجمركي، فاعتبر المشرع اجتياز السلع المستوردة حدود الدائرة الجمركية وقبل الإفراج عنها هو الواقعة المنشئة لتلك الضريبة، شأنها في ذلك شأن الضرائب الجمركية على الواردات طبقًا لأحكام قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، ومصلحة الجمارك هي المكلفة بتحصيل هذه الضريبة وتوريدها مباشرة لمصلحة الضرائب على المبيعات.

كما أنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم الطعين بالنسبة لتقييد عموم نص المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 باشتراط أن يكون استيراد السلع بقصد الاتجار لكي تخضع للضريبة المذكورة؛ أخذًا بالتعريف الذي أورده المشرع لكلمتي “المكلَّف” و”المستورِد” على نحو ما جاء بنص المادة الأولى من القانون المشار إليه، ذلك أن هاتين الكلمتين لم ينص عليهما المشرع في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة، ولم ينط بهما أي حكم فيها، كما أنه لا يوجد تعارض بين هذين النصين؛ إذ إن لكل منهما مجال إعمال في ظل إخضاع المشرع السلع المستوردة للضريبة أيًّا كان الغرض من استيرادها، كما أن هذا القيد يقيم مفارقة بين المكلفين بالضريبة نفسها، وذلك بين مَنْ يستورد بقصد الاتجار فيها ومَنْ يستورد لغير غرض الاتجار، وأن ذلك يفتح بابًا للتحايل والتهرب الضريبي.

كما نعى تقريرُ الطعن على الحكم المطعون فيه أنه كان يتعين الحكم بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم الثلاثي بالنسبة للمبالغ المسددة حتى 19/2/2003 طبقًا لنص المادة (377) من القانون المدني، واختتم تقرير الطعن بالطلبات المشار إليها سلفًا في الإجراءات.

……………………………………………………..

وحيث إنه عَمَّا ورد بتقرير الطعن مِمَّا مفاده أن عبارة “بغرض الاتجار” الواردة بتعريف كلٍّ من المكلَّف والمستورِد بنص المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات تمثل قيدًا يقيم مفارقة (عدم مساواة) بين المكلفين بالضريبة نفسها، وذلك بين مَنْ يستورد السلعة بقصد الاتجار فيها ومَنْ يستورد لغير غرض الاتجار، وما يثيره ذلك من عدم مساواة بين مَنْ يستكفي حاجته من السلع الرأسمالية عن طريق الاستيراد ومَنْ يستكفي حاجته من السلع الرأسمالية من السوق المحلي، فإن المادة (38) من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2014 تنص على أن: “يهدف النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية.  لا يكون إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها، أو إلغاؤها، إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب، أو الرسوم، إلا في حدود القانون. …”.

وتنص المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991([4]) على أن: “يُقصَد في تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات الآتية، التعريفات الموضحة قرين كلٍّ منها:…

المكلَّف: الشخص الطبيعي أو المعنوي المكلَّف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان مُنتِجًا صناعيًّا أو تاجرًا أو مؤديًا لخدمةٍ خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حدَّ التسجيل المنصوص عليه في هذا القانون، وكذلك كلُّ مستورِدٍ لسلعةٍ أو خدمة خاضعة للضريبة بغرض الاتجار مهما كان حجم معاملاته.

السلعة: كلُّ مُنتَجٍ صناعي سواء كان محليًّا أو مستوردًا. ويُسترشَد في تحديد مُسمَّى السلعة بما يرد بشأنها بملاحظات ونصوص البنود المبينة بالأقسام والفصول الواردة بجداول التعريفة الجمركية.

الخدمة: كلُّ خدمةٍ واردة بالجدول رقم (2) المرافق.

البيع: هو انتقالُ ملكية السلعة أو أداء الخدمة من البائع، ولو كان مستورِدًا، إلى المشتري…

المستورِد: كلُّ شخصٍ طبيعي أو معنوي يقوم باستيراد سلع صناعية أو خدمات من الخارج خاضعة للضريبة بغرض الاتجار. …

السلع المعفاة: هي السلعُ التي تتضمنها قوائم الإعفاءات. …”.

وتنص المادة (2) من القانون نفسه على أن: “تُفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنصٍّ خاص. …”.

وتنص المادة (6) من القانون المشار إليه على أن: “تُستحَق الضريبة بتحقق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلَّفين وفقًا لأحكام هذا القانون. ويعتبر في حكم البيع قيام المكلَّف باستعمال السلعة أو الاستفادة من الخدمة في أغراض خاصة أو شخصية، أو التصرف فيها بأيٍّ من التصرفات القانونية. كما تُستحَق الضريبة بالنسبة إلى السلع المستوردة في مرحلة الإفراج عنها من الجمارك بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية، وتُحصَّل وفقًا للإجراءات المقررة في شأنها. وتُطبَّق في شأن هذه السلع المستوردة القواعد المتعلقة بالأنظمة الجمركية الخاصة المنصوص عليها في قانون الجمارك وذلك فيما لم يرد به نصٌّ خاص في هذا القانون”.

وحيث إن المحكمة تستحضر في هذا الشأن ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات تعتبر كلا واحدًا، يكمل بعضها البعض، ويتعين أن تفسر عباراته بما يمنع أيَّ تعارض بينها، إذ إن الأصل في النصوص القانونية التي تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها؛ باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها، لتكون نسيجًا متآلفًا، ولما كان نص الفقرة الأولى من المادة (2) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المذكور سالفًا ينص على أن: ” تُفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنصٍّ خاص…”، فإن تعيين هذا الالتزام الضريبي لا يستقيم منهجًا إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الالتزام: كماهية المكلَّف، وماهية المستورِد، وهو ما لا يتأتى سوى بالتعرض وجوبًا لدلالات الألفاظ حسبما أوردها المشرع بالمادة (1) من القانون نفسه، حيث عَرَّفَتْ (المكلَّفَ) و(المستورِدَ) على نحوٍ يتضح معه بجلاءٍ اتجاهُ إرادةِ المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التي يتم استيرادها بغرض الاتجار لضريبة المبيعات المقررة على وفق هذا القانون، وقد ربط دومًا في نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده. (في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 23 القضائية “دستورية” بجلسة 13/5/2007، وحكمها في القضية رقم 28 لسنة 27 القضائية “دستورية” بجلسة 2/3/2008، وحكمها في القضية رقم 215 لسنة 26 القضائية “دستورية” بجلسة 4/5/2008).

كما جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المحكمة بعد أن استعرضت تعريف المكلَّف والمستورد الوارد بالمادة (1)، ونص الفقرة الأولى من المادة (2) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، خلصت إلى اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التي يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات المقررة على وفق هذا القانون، وبذلك حددت نطاق الخضوع للضريبة بالنسبة للسلع والخدمات المستوردة في تلك التي يتم استيرادها من الخارج للاتجار فيها، وتأسيسًا على ذلك وإذ حددت المحكمة الدستورية العليا بطرق الدلالة المختلفة معنًى معينًا لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات على النحو المبين سالفًا، منتهية من ذلك إلى الحكم بعدم قبول الدعوى، فإن هذا المعنى يكون هو الدعامة الأساسية التي انبنى عليها هذا الحكم، ولازم للنتيجة التي انتهى إليها، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بمنطوقه، ويكمله ليكون معه وحدة لا تقبل التجزئة، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة والكاملة التي أسبغتها الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أحكامها في الدعاوى الدستورية جميعها، وذلك في مواجهة الجميع وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وبحيث تلتزم تلك السلطات -بما فيها الجهات القضائية على اختلافها- باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح، فلا يجوز لأية جهة أن تعطي هذه النصوص معنًى مغايرًا لِما قضت به. (في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 25 لسنة 30 القضائية “منازعة تنفيذ” بجلسة 15/1/2012).

وحيث إنه ولئن كانت المحكمة الدستورية العليا قد تبنت في أحكامها المشار إليها تفسيرًا لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات المذكور سالفًا، مفاده أن إرادة المشرع قد اتجهت إلى إخضاع السلع والخدمات التي يتم استيرادها بغرض الاتجار لضريبة المبيعات، وأن المشرع قد ربط دومًا في نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده، وأنه مع التسليم بالحجية المطلقة الكاملة لِما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن، إلا أن ذلك لا يحول دون أن تُحال إلى المحكمة الدستورية العليا نصوصٌ أخرى للفصل في مدى دستوريتها خلاف النصوص الصادر بشأنها الأحكام المذكورة، حيث صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 23 القضائية “دستورية” المشار إليها بشأن بحث مدى دستورية الفقرة الأولى من المادة (2)، والفقرات (2 و3 و4) من المادة (6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، كما صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 28 لسنة 27 القضائية (دستورية) في شأن بحث مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 المذكور سالفًا، كما صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 215 لسنة 26 القضائية “دستورية” في شأن بحث مدى دستورية نص المادة (6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 المذكور سالفًا، في حين صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 25 لسنة 30 القضائية “منازعة تنفيذ” بشأن طلب الاستمرار في تنفيذ حكمها الصادر في القضية رقم 3 لسنة 23 القضائية “دستورية” المذكورة سالفًا.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا في أحكامها المشار إليها لم تتعرض أو تتصد لبحث مدى دستورية عبارة “بغرض الاتجار” نفسها الواردة بتعريف كلٍّ من “المكلَّف” و”المستورِد” بنص المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 المذكور سالفًا، وهي العبارة التي أشارت الجهة الإدارية الطاعنة بتقرير طعنها إلى ما مفاده أنها تنطوي على شبهة عدم دستورية؛ لِما تمثله من قيد على استحقاق الضريبة يقيم مفارقة (عدم مساواة) بين المكلفين بالضريبة نفسها، وذلك بين مَنْ يستورد السلعة بقصد الاتجار فيها ومَنْ يستورد لغير غرض الاتجار، وهو الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة، ولغيره من الأسباب، جدية وأهمية تصدي المحكمة الدستورية العليا له في ضوء ما تراه هذه المحكمة من شبهة تعارض هذه العبارة مع العديد من المبادئ الدستورية التي تبناها دستور جمهورية مصر العربية الحالي لسنة 2014.

فهي من ناحيةٍ تتعارض مع مبدأ المساواة الذي نصت عليه المادة (53) من الدستور والتي جاء نصها كالآتي: “المواطنون لدى القانون سواءٌ، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأيِّ سببٍ آخر. …”.

وحيث إنه مما لا ريب فيه أن فرض الضريبة والتكليف بها هو من الواجبات العامة، التي يتعين المساواة بين المواطنين متحدي المراكز القانونية بشأنها، وترى المحكمة أن عبارة “بغرض الاتجار” المشار إليها تنطوي على شبهة عدم مساواة دستورية بين مَنْ يستكفي حاجته من السلع (كالآلات والمعدات) في سبيل إنشاء أو تطوير صناعته -أو لأيِّ غرضٍ آخر- عن طريق الاستيراد فيُعفى من الضريبة، ومَنْ يستكفي حاجته من السلع نفسها لإنشاء أو تطوير المجال الصناعي نفسه من السوق المحلي فيُلزم بأداء الضريبة، وتُثَار عدم المساواة أيضًا في التفرقة بين مَنْ يستورد السلعة بغرض الاتجار، ومَنْ يستورد السلعة نفسها لغير غرض الاتجار، فيُلزم الأول بأداء الضريبة ويُعفى الثاني منها، رغم أن واقعة الاستيراد واحدةٌ والسلعة واحدة ومقرر عليها الضريبة نفسها، ويتوقف الإلزام بالضريبة أو الإعفاء منها على البحث وراء الغرض من الاستيراد رغم أن السلع المعفاة وحالات الإعفاء وردت تحديدًا وحصرًا في القوانين، وليس من بينها الاستيراد لغير غرض الاتجار.

ومن ناحية أخرى تتعارض عبارة (بغرض الاتجار) مع مبدأ تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين؛ حيث نصت المادة (9) من الدستور على أن: “تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز”.

وغني عن البيان أن فرض ضريبة على معدات وآلات وسلع رأسمالية لازمة لإنشاء أو تطوير مصنعٍ إذا ما تمَّ شراؤها من السوق المحلي فيه إهدار لمبدأ تكافؤ الفرص بين صاحب هذا المصنع، وصاحب مصنعٍ مماثل يقوم باستيراد المعدات والآلات والسلع الرأسمالية اللازمة لإنشاء أو تطوير مصنعه من الخارج فيُعفى من الضريبة، فتقل بذلك نفقات إنشاء أو تطوير مصنعه عن الأول، بما يُخِلُّ بمبدأ تكافؤ الفرص في نجاح المشروع وتحقيق العائد المنتظر لكلٍّ منهما.

ومن ناحية أخيرة فإن عبارة (بغرض الاتجار) بما لا تمثله من قيدٍ على الإلزام بالضريبة على السلع المستوردة لغير غرض الاتجار تؤدي إلى تشجيع الاستيراد وتقويض الاقتصاد الوطني ومجهودات الدولة للنهوض بالإنتاج المحلي، بما يؤثِّرُ على أرصدة الدولة من العملات الأجنبية واستنفادها في عمليات استيراد يتمتع من خلالها المستوردُ بإعفاءات ضريبية، لا يتمتع بها حال شرائه المنتجات نفسها من السوق المحلي، وهو ما يصطدم جميعه مع المبادئ الدستورية المقررة بالمادة (28) من الدستور، التي نصت على أن: “الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية مقوماتٌ أساسية للاقتصاد الوطني، وتلتزم الدولة بحمايتها، وزيادة تنافسيتها، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، وتعمل على زيادة الإنتاج، وتشجيع التصدير، وتنظيم الاستيراد. …”.

وحيث إن المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن: “تختص المحكمةُ الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي: أولا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. …”.

كما تنص المادة (29) من القانون نفسه على أن: “تتولى المحكمةُ الرقابةَ القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: (أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية. …”.

وتنص المادة (30) من القانون المشار إليه على أن: “يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة بيانَ النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة”.

وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلا صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه، بحسبان أن نصوص الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات.

وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم ترى المحكمة وجود شبهة عدم دستورية عبارة “بغرض الاتجار” الواردة بتعريف كلٍّ من “المكلَّف” و”المستورد” المنصوص عليهما بالمادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991؛ لاصطدامها مع المبادئ الدستورية المقررة بالدستور الحالي على النحو المبين سالفًا، الأمر الذي تحيل معه المحكمة أوراق الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية تلك العبارة، والتي يتوقف على الفصلِ فيها الفصلُ في موضوع الطعن الماثل، دون أن يغير من ذلك ومن جدية هذه الإحالة ما دفعت به الجهة الإدارية الطاعنة من سقوط الحق في المطالبة باسترداد الضرائب محل المنازعة بالتقادم، ذلك أن التقادم الذي تتمسك به جهة الإدارة الطاعنة -وأيًّا ما كان وجه الرأي بشأن صحة هذا الدفع من عدمه ودون الوقوف عند حقيقة مدته- فإن الثابت أن هذا الدفع ينصب فقط على جزءٍ من المبالغ المطالب باستردادها من تلك التي تم سدادها، الأمر الذي تبقى معه جدوى الإحالة قائمة.

ولعل في تصدي المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية عبارة “بغرض الاتجار” المشار إليها ما يزيل ويحسم اللبس والتعارض الذي يكتنف تفسير بعض نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات؛ إذ وردت تلك العبارة في تعريف كلٍّ من “المكلَّف” و”المستورد” بالمادة (1) من القانون المذكور بما يظهر معه أن توفر غرض الاتجار هو شرط لفرض الضريبة على السلع المستوردة، في حين وردت صياغة كلٍّ من نص المادة (2) ونص المادة (6) من القانون المشار إليه من العموم على نحوٍ يشير إلى فرض الضريبة واستحقاقها على كل السلع المحلية والمستوردة بشكلٍ مطلق، دون تقييد أو تخصيص الخضوع بالنسبة للسلع المستوردة بأن يكون الاستيراد لغرضٍ معين، فضلا عن أن المشرع عندما أعفى من الضريبة كان ذلك -وإعمالا لأحكام الدستور- بنصوص صريحة لا لبس فيها ولا غموض، وهو ما انتهجه المشرع دومًا في تقرير الإعفاءات الضريبية، ولم يدرج المشرع ضمن تلك الإعفاءات الصريحة السلع المستوردة لغير غرض الاتجار بشكلٍ عام، بما لا يتسنى معه القول بأن عدم خضوع السلع المستوردة لغير غرض الاتجار للضريبة يمثل إعفاءً من الضريبة، وإنما يكون تفسيرُ عدم خضوع تلك السلع للضريبة أن المستورِد لا يكون في هذه الحالة (الاستيراد لغير غرض الاتجار) من المخاطبين بأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات بالكلية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بوقف الطعن تعليقًا، وإحالته بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية عبارة “بغرض الاتجار” الواردة في تعريف كلٍّ من “المكلَّف” و”المستورد” المنصوص عليهما في المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وأبقت الفصل في المصروفات.

([1]) يُراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1982 لسنة 49 ق.ع بجلسة 4/7/2004، (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 49 مكتب فني، المبدأ رقم 115/ج، ص927)، حيث انتهت المحكمة إلى خضوع جميع السلع المستوردة، عدا المعفاة منها، للضريبة العامة على المبيعات، وأيًّا كان الغرضُ من استيرادها، سواء بقصد الاتجار أو الإنتاج أو الاستعمال الشخصي، وسواء كانت سلعًا رأسمالية أم استهلاكية.

وقارن ذلك باتجاه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، الذي يرى أن السلع المستوردة لا تخضع لضريبة المبيعات إلا في حالة استيرادها بغرض الاتجار، وأن المشرع يربط دومًا فى نطاق الخضوع لهذه الضريبة بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده (من ذلك فتوى الجمعية رقم 521 بتاريخ 16/7/2003 ملف رقم 32/2/3201 بجلسة 7/5/2003).

ويراجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 23 ق. “دستورية” بجلسة 13/5/2007، حيث تخلص الوقائع في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت دعوى تطالب فيها بإلزام جهة الإدارة أن تؤدي إليها المبلغ الذي قامت بسداده قيمة الضريبة المسددة منها عن قطع غيار مستوردة من الخارج لاستخدامها في أعمال الصيانة والإحلال والتجديد لمعدات المصنع، وقد انتهت المحكمة إلى القضاء بعدم قبول الدعوى المتعلقة بالمطالبة بالحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثانية والفقرات (2 و3 و4) من المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في حمأة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعا. ولما كانت نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات تعد كلا واحدا، يكمل بعضها البعض، فيتعين أن تفسر عباراتها بما يمنع أي تعارض بينها، وأنه يبين من أحكام القانون المذكور اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التي يتم استيرادها بغرض الاتجار لضريبة المبيعات المقررة بالقانون المذكور، وقد ربط المشرع دوما في نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده.

ومتى كان ذلك، وكانت الشركة المدعية تهدف بدعواها الموضوعية إلى إعفائها من الخضوع للضريبة العامة على المبيعات على قطع الغيار المستوردة لاستخدامها في الصيانة والإحلال لمصانعها، فإن التطبيق السليم لنصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات يكون محققا للشركة المدعية بغيتها من دعواها الموضوعية، ولا تكون لها مصلحة في الطعن على النصوص الطعينة؛ بحسبان أن الضرر المدعى به ليس مرده إلى تلك النصوص، بل مرده إلى الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير السليم لأحكامها، ومن ثم فإن الشركة المدعية يمكنها بلوغ طلباتها الموضوعية من خلال نجاحها في إثبات الغرض من استيراد المواد المجلوبة من الخارج، وذلك شأنها أمام محكمة الموضوع، دون حاجة إلى التعرض للنص من الوجهة الدستورية، وهو ما تنتفي معه المصلحة في الدعوى الماثلة، ويتعين القضاء فيها بعدم القبول.

وفي حكمها الصادر في القضية رقم 25 لسنة 30ق. “منازعة تنفيذ” بجلسة 15/1/2012، حكمت المحكمة الدستورية العليا بالاستمرار فى تنفيذ حكمها الصادر في الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية “دستورية” –المنوه عنه-، وأكدت أنها لما كانت بحكمها المذكور قد حددت بطرق الدلالة المختلفة معنى معيناً لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات، منتهية من ذلك إلى الحكم بعدم قبول الدعوى، فإن هذا المعنى يكون هو الدعامة الأساسية التى انبنى عليها هذا الحكم، ولازم للنتيجة التى انتهى إليها، ويرتبط ارتباطا وثيقا بمنطوقه ويكمله، ليكون معه وحدة لا تقبل التجزئة، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة والكاملة التى أسبغتها الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أحكامها فى الدعاوى الدستورية جميعها، وذلك فى مواجهة الجميع، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وبحيث تلتزم تلك السلطات –بما فيها الجهات القضائية على اختلافها– باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح، فلا يجوز لأية جهة أن تعطي هذه النصوص معنى مغايرا لما قضت به، وهو ما تتوفر معه للشركة المدعية المصلحة الشخصية والمباشرة في منازعة التنفيذ الراهنة، والتي تهدف إلى إزالة العقبات القانونية التي تحول دون جريان تنفيذ مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه بالنسبة لها. ولما كانت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض قد ذهبت فى تدوينات حكمها الصادر بجلسة 17/3/2008 فى الطعن رقم 8529 لسنة 75 القضائية (هيئة عامة) إلى خضوع جميع السلع والمعدات والآلات المستوردة من الخارج للضريبة العامة على المبيعات، أيا كان الغرض من استيرادها، وهو ما يعطي نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات معنى مغايرا يجاوز تخوم الدائرة التي تعمل فيها، محددا إطارها على ضوء قضاء هذه المحكمة؛ فإنه يتعين طرح ما تضمنه حكم الهيئة العامة المشار إليه فى تدويناته من تقريرات لا تطاول الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية، والالتفات من ثم عن الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من هيئة قضايا الدولة والذي يستند إلى أن المنازعة الماثلة لا تتوفر لها مقومات قبولها، والقضاء بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه. 

[2])) تنص المادة (الثانية) من القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة على أن: “يُلغى قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، كما يُلغى كل نصٍّ يتعارضُ مع أحكام هذا القانون…”.

وقد تدارك القانون (الجديد) المسألة المثارة بالحكم الماثل؛ وذلك بعدم النص على عبارة “بغرض الاتجار” الواردة في تعريف كلٍّ من “المكلَّف” و”المستورِد” المنصوص عليهما في المادة (1) من القانون، حيث حُذِفت في تعريف “المكلَّف”، في حين ورد بدلا منها عبارة “أيًّا كان الغرض من الاستيراد” في تعريف “المستورِد”.

([3]) استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية، سواء في ذلك تلك المتعلقة بالشروط التي يفرضها الدستور لمباشرة الاختصاص بإصدارها في غيبة السلطة التشريعية أو بتفويض منها، أو ما كان متصلا منها باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها حال انعقاد السلطة التشريعية، إنما يتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها، أما الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور فتخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلا صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة؛ وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضيطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها، وأيا كان تاريخ العمل بها، لأحكام الدستور القائم؛ لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها بعضا، بما يحول دون جريانها على وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. (حكمها في القضية رقم 41 لسنة 26 ق دستورية بجلسة 2/6/2013، وفي القضية رقم 111 لسنة 32 ق دستورية بجلسة 7/5/2016).

كما أكدت أن حماية المحكمة الدستورية العليا للدستور إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعي، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذي صدر النص المحال في ظل العمل بأحكامه، مادام أن هذا النص قد عُمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استُبدل نص آخر به خلال مدة نفاذ ذلك الدستور. وتطبيقا لهذا بينت أنه متى كان النص المحال قد تم استبدال نص آخر به قبل نفاذ الدستور المطبق وقت إصدار الحكم، فإنه يتعين الاحتكام في شأن المسألة الدستورية المتعلقة بالنص المحال إلى نصوص الدستور الذي عُمل في ظله بالنص المطعون فيه، إلى أن تم استبدال نص آخر به خلال مدة نفاذ ذلك الدستور. (حكمها في القضية رقم 165 لسنة 30 ق دستورية بجلسة 10/1/2015، والقضية رقم 144 لسنة 24 ق دستورية بجلسة 14/3/2015).

([4]) ألغي هذا القانون بموجب القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV