مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثانية ، الطعن رقم 17476 لسنة 50 القضائية (عليا)
فبراير 24, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السابعة ، الطعن رقم 10323 لسنة 56 القضائية (عليا)
فبراير 24, 2021

الدائرة الخامسة ، الطعن رقم 13839 لسنة 55 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 23 من نوفمبر سنة 2013

الطعن رقم 13839 لسنة 55 القضائية (عليا)

(الدائرة الخامسة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فايز شكري حنين نوار

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سعيد سيد أحمد القصير، وجعفر محمد قاسم عبد الحميد، وكامل سليمان محمد سليمان، وأشرف حسن أحمد حسن

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دستور– المحكمة الدستورية العليا- حجية الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية- ما لم تُحدِّد المحكمة الدستورية العليا تاريخًا آخر لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلِّق بنصٍّ غير جنائي، وعدا النصوص الضريبية، يكون له أثرٌ رجعي- ينسحب أثر الحكم بعدم دستورية نص إلى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشره في الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرُها بناءً على حكمٍ قضائي بات، أو بانقضاء مدة التقادم.

– المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، المعدَّلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998.

(ب) رسوم– الفرق بين الضريبة والرسم- الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلَّفين بها، وتُعِينُها حصيلتها على النهوض بخدماتها ومهامها، فهي إسهام منطقي من جانبهم في تمويل أعبائها، دون أن تقابلها خدمة بذاتها تُؤدَّى مباشرةً لأحدهم- الرسم مبلغ لا تقتضيه الدولة من أيٍّ من المواطنين إلا بمناسبة عملٍ أو أعمالٍ محددة بذاتها أتتها بعد طلبها منها، وهو مقابل يناسب هذه الأعمال، وإن لم يكن بقدر تكلفتها، فهو جزاءٌ عادلٌ عنها، فمناط فرضه وجود خدمة، وبما يوازيها([1]).

(ج) دستور– المحكمة الدستورية العليا- أثر الحكم بعدم دستورية نص يتعلق بالرسوم- للحكم بعدم دستورية النص الذي حُصِّلَ الرسمُ استنادًا إليه أثرٌ رجعي- الاستثناء المقرر قانونا بشأن الأثر المباشر للحكم بعدم دستورية نص ضريبي، لا ينبسط إلى حالة الحكم بعدم دستورية النصوص المتعلقة بالرسوم- الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه- تلتزم الجهة الإدارية أن ترد الرسوم لِمَنْ حُصِّلت منه استنادًا إلى تشريعاتٍ قُضِيَ بعدم دستوريتها([2]).

(د) رسوم– رسوم جمركية- استردادها- تُرد الرسوم التي تم تحصيلها إذا ما قُضِيَ بعدم دستورية سندها القانوني، مع مراعاة أحكام التقادم، دون النظر إلى ما إذا كان يترتب على ذلك إثراء لمن سدَّدها أوْ لا، ما لم تُثْبِت الجهة الإدارية قيام مَنْ دفع تلك الرسوم بتحميل قيمتها على المستهلِك بإضافة قيمة هذه الرسوم إلى أسعار السلع- عدم رد هذه الرسوم إلى دافعها فيه إثراءٌ بلا سبب للجهة الإدارية؛ باحتفاظها بما حَصَّلَته من مبالغ بغير سندٍ تشريعي([3]).

– المادة رقم (111) من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، المقضي بعدم دستوريتها بحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية (دستورية) بجلسة 5/9/2004.

(هـ) تقادم– تقادم الرسوم- يسقط الحق في استرداد ما دُفِعَ من رسومٍ بغير وجه حق بالتقادم الخمسي- يطبق حكم المادة (377/2) من القانون المدني على المبالغ التي يكون قد تمَّ تحصيلها باعتبارها رسمًا، ثم تبيَّن أن دفعها قد تمَّ بغير حق للحكم بعدم دستورية النص القانوني الذي فرضها([4]).

المادة (377) من القانون المدني، المقضي بعدم دستورية نص البند (2) منها بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 100 لسنة 28 القضائية (دستورية) بجلسة 7/3/2010، والمستبدل به النص الوارد بالمرسوم بقانون رقم 106 لسنة 2011.

(و) فوائد– نطاق المطالبة بها في المنازعات الإدارية- عدم ملاءمة إلزام أشخاص القانون العام فوائدَ قانونية عن التزاماتها التي مصدرها القانون (التزاماتها غير التعاقدية) في علاقاتها مع أشخاص القانون الخاص.

– المادة رقم (226) من القانون المدني.

الإجراءات

في يوم الإثنين 30/3/2009 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض وكيلا عن الشركة الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بجلسة 29/1/2009 في الدعوى رقم 22022 لسنة 61ق، المقامة من الشركة الطاعنة ضد المطعون ضده (وزير المالية) بصفته، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبرفضها موضوعًا، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.

وطلبت الشركة الطاعنة -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بأحقية الشركة الطاعنة في استرداد المبالغ محل النزاع، مع إلزام المطعون ضده (بصفته) المصروفات عن درجتي التقاضي.

وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقرير مُسببًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت في ختامه الحكم -بعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده- بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بأحقية الشركة الطاعنة في استرداد المبالغ التي سددتها كرسوم خدماتٍ إضافية فرضتها مصلحةُ الجمارك استنادًا إلى المادة (111) من قانون الجمارك، والقرارات المنفذة لها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.

وقد تدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/4/2013 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 25/5/2013 وعلى قلم الكتاب إخطار الخصوم، وقد نظرت المحكمة الطعن في الجلسة المحددة في 25/5/2013، وتدوول نظره أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/10/2013 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم 23/11/2013، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.

حيث إن الطعن قد أُقِيمَ خلال الميعاد المقرر قانونًا، مُستوفِيًا جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 26/6/2007 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 22022 لسنة 61ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ضد المطعون ضده، طالبةً الحكم بإلزام المطعون ضده (بصفته) أن يؤدي للشركة المدعية مبلغا قدره (28848,42) جنيهًا (ثمانية وعشرون ألفا وثمان مِئة وثمانية وأربعون جنيهًا واثنان وأربعون قرشًا)، تم تحصيلها مع الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ تقديم الطلب وحتى السداد، مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وذكرت الشركة المدعية (الطاعنة) شرحًا لدعواها أن الشركة استوردت عدة رسائل سيارات، وفرضت عليها بشأنها رسوم خدماتٍ على وفق الفئات المحددة بالقرارين رقمي 255 و752 لسنة 1997، وقامت بأداء هذه الرسوم خلال الفترة من 21/1/2001 حتى 4/1/2003، ولما كان القراران المشار إليهما قد قُضِيَ بسقوطهما بالحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 5/9/2004 في القضية رقم 175 لسنة 22ق. (دستورية), فإنه يحق للشركة استرداد ما دفعته من هذه الرسوم بدون وجه حق، وقد لجأت الشركة إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات عام 2007، وأصدرت تلك اللجنة توصيتها في طلب الشركة في 19/5/2007، واختتمت الشركة عريضة دعواها بطلباتها المذكورة سالفًا.

………………………………………………..

وبجلسة 29/1/2009 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بقبول الدعوى شكلا، وبرفضها موضوعًا، وألزمت المدعي المصروفات، وقد شيَّدت المحكمة قضاءها على أن الشركة المدعية استوردت الرسائل المنوَّه عنها في صحيفة الدعوى، وقامت بسداد رسوم الخدمات عنها طبقًا للقرارات المذكورة سالفًا في غضون الأعوام من 2001 وحتى 2003، وإذ لم يقدم المدعي ما يفيد أن تلك الرسائل التي سَدَّدَ عنها رسومَ خدمات لم يتم التصرف فيها لجمهور المستهلكين، ومن ثَمَّ فإنه يكون قد حَصلَ على الرسوم كزيادةٍ في السعر من أولئك، وبالتالي يكون طلب استرداده لها من جهة الإدارة غير قائم على سندٍ صحيح من القانون، مما تقضي معه المحكمة برفض الدعوى.

………………………………………………..

وإذ لم يلقَ هذه الحكم قبولا لدى الشركة الطاعنة، فقد أقامت طعنها الماثل مُستنِدةً في ذلك إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لمخالفته الأحكام والقواعد القانونية المستقر عليها، والتي جرت على إلزام المطعون ضده رد رسوم الخدمات التي سددتها الشركة؛ لانعدام السند التشريعي لتحصيلها بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، كما أن نشاط الشركة هو تأجير السيارات، فكيف يتسنى لها أن تقدم ما ينفي أنها قامت ببيع هذه السيارات إلى جمهور المستهلكين وأضافت رسوم الخدمات إلى البيع، على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، والذي أخطأ فهم طبيعة نشاط الشركة، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم للشركة الطاعنة بالطلبات المبينة سالفًا في الإجراءات.

………………………………………………..

وحيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في بحث مدى أحقية الشركة الطاعنة في استرداد قيمة رسوم الخدمات التي قامت بأدائها لمصلحة الجمارك عن الرسائل التي استوردتها الشركة (موضوع الطعن الماثل) والتي قامت بأدائها إعمالا لحكم المادة (111) من قانون الجمارك والقرارات الوزارية المنفِّذة لها.

وحيث إن المادة (111) من قانون الجمارك، الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، كانت تنص قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية (دستورية) على أن: “تخضع البضائع التي تُودع في الساحات والمخازن والمستودعات التي تُديرها الجمارك لرسوم الخزن والشيالة والتأمين والرسوم الإضافية الأخرى التي تقتضيها عمليات إيداع البضائع ومعاينتها وجميع ما تقدمه الجمارك من خدمات أخرى.

أما البضائع التي تودع في المناطق الحرة فلا تخضع إلا لرسوم الإشغال للمناطق المودَعة فيها ورسوم الخدمات التي تُقدم إليها.

وتحدد بقرارٍ من وزير الخزانة (المالية) أثمان المطبوعات ومعدل الرسوم عن الخدمات المشار إليها في الفقرتين السابقتين، وللوزير أو من ينيبه خفض رسوم الخزن أو الإعفاء منها في الحالات التي يُعيِّنها”.

وإعمالا لحكم الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة المذكورة سالفًا، أصدر وزير المالية قراره رقم 58 لسنة 1963 بفرض رسوم الخدمات بالمواني والمنافذ الجمركية، والذي جرى تعديله بالقرار رقم 100 لسنة 1965، ثم بالقرار رقم 255 لسنة 1993، كما أصدر القرار رقم 123 لسنة 1994 بفرض رسم مقابل خدماتٍ إضافية، والذي أُلغي وحل محله القرار رقم 1208 لسنة 1996، ثم أُلغي الأخير بالقرار رقم 752 لسنة 1997.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية (دستورية) في جلستها المنعقدة بتاريخ 5/9/2004: (أولا) بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963. (ثانيًا) سقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك سالف البيان. (ثالثًا) سقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963، والقرارين المعدِّلين له رقمي 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994، والقرارين المعدِّلين له رقمي 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997.

وحيث إن المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والمعدَّلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998، تنص على أن: “أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمةٌ لجميع سلطات الدولة وللكافة.

وتُنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفاتٍ خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ صدورها.

ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر أسبق، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص…”.

وحيث إن مفاد المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه أنه ما لم تُحدِّد المحكمة تاريخًا آخر لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلِّق بنصٍّ غير جنائي، وعدا النصوص الضريبية، يكون له أثرٌ رجعي، ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشره في الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرُها بناءً على حكمٍ قضائي بات، أو بانقضاء مدة التقادم. (يُراجع في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 192 لسنة 21 القضائية دستورية بجلسة 12/1/2003).

وحيث إنه فيما يتعلق بما قد يُثار من أن المبلغ موضوع النزاع مقابل رسوم خدمات جمركية يُعَدُّ بمثابة ضرائب، ومن ثم فإن الحكم الصادر بعدم دستورية النصوص التي حُصِّلَ هذا المبلغ استنادًا إليها، لا يكون له إلا أثر مباشر، أي من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية، فإن هذا القول مردودٌ عليه بأن التعديل الذي أورده المشرع على نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه بعدم سريان قضائها بعدم دستورية النص الضريبي بأثرٍ رجعي، وسريانه بأثرٍ فوري، هو استثناء من الأصل العام المقرر لسريان أحكامها بعدم الدستورية المتعلِّقة بنصٍّ غير جنائي بأثرٍ رجعي، ومن ثَمَّ لا يجوز التوسع في هذا الاستثناء أو القياس عليه، وسحب سريانه على أحكامها بعدم دستورية النصوص المتعلقة بالرسوم؛ بحسبان أن هناك فارقًا بين الضريبة والرسم، فالضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا وبصفة نهائية من المكلفين بها، ولا يملكون التنصل من أدائها، باعتبار أن حصيلتها تعِينُها على النهوض بخدماتها ومهامها التي يُفِيد مواطنوها منها بوجهٍ عام، فلا تكون الضريبة التي يتحملونها إلا إسهامًا منطقيا من جانبهم في تمويل أعبائها، ولا تقابلها من ثم خدمة بذاتها أدتها مباشرة لأحدهم، وذلك على نقيض الرسم التي لا تقتضيه الدولة من أيٍّ من المواطنين إلا بمناسبة عملٍ أو أعمالٍ محددة بذاتها أتتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مقابلٍ يناسبها -وإن لم يكن بقدر تكلفتها- إلا جزاءً عادلا عنها، ومن ثم تكون هذه الأعمال مناط فرضه وبما يوازيها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 100 لسنة 28 القضائية (دستورية) بجلستها المنعقدة بتاريخ 7/3/2010 بعدم دستورية البند (2) من المادة رقم (377) من القانون المدني، فيما نص عليه من أنه: “ويتقادم بثلاث سنوات أيضًا الحقُّ في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دُفِعَت بغير حقٍّ”، ونفاذًا لهذا القضاء صدر المرسوم بقانون رقم 106 لسنة 2011 باستبدال البند المقضي بعدم دستوريته، ليصبح نص هذا البند كالتالي: “2- ويتقادم بخمس سنوات الحقُّ في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دُفِعَت بغير حقٍّ، ويبدأ سريانها من يوم دفعها”.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى، بشأن المطالبة بالفوائد القانونية تطبيقًا لحكم المادة (226) من القانون المدني، على عدم ملاءمة إلزام أشخاص القانون العام فوائد قانونية عن التزاماتها التي مصدرها القانون (التزاماتها غير التعاقدية) في علاقاتها مع أشخاص القانون الخاص.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة قد ذكرت في عريضة دعواها وتقرير طعنها الماثل أنها قامت بأداء رسوم الخدمات (موضوع النزاع الماثل) عن الرسائل التي استوردتها، وذكرت بعريضة دعواها أنها قامت بأداء هذه الرسوم خلال الفترة من 21/1/2001 حتى 4/1/2003، وقدمت بعض صور المستندات المؤيِّدة لأدائها هذه الرسوم، ولم تجحد جهة الإدارة أو تُنكر في أيٍّ من مراحل المنازعة قيام الشركة الطاعنة بأداء رسوم الخدمات خلال هذه الفترة، وطبقًا للبيانات والتواريخ الموضحة بعريضة الدعوى، ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمها المشار إليه في القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية (دستورية)، فمن ثَمَّ يكون تحصيل رسوم الخدمات من تلك الشركة (موضوع النزاع الماثل)، والذي تم استنادًا إلى أحكام المادة (111) من قانون الجمارك المشار إليه، والقرارات الوزارية المنفذة لها المذكورة سالفًا، قد تمَّ دون وجه حقٍّ، مُفتَقِدًا إلى سنده التشريعي، وعلى غير سندٍ صحيح من القانون، مما يتعين معه إلزام الجهة الإدارية أن ترد إلى هذه الشركة ما حُصِّلَ منها من هذه الرسوم فعليا، استنادًا إلى تلك التشريعات المقضي بعدم دستوريتها، وإذ لجأت تلك الشركة الطاعنة إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات؛ للمطالبة باسترداد تلك الرسوم، بالطلب رقم 664 لسنة 2007، والتي أصدرت توصيتها فيها بجلسة 19/5/2007 بسقوط حق الشركة في استرداد رسوم الخدمات المطالب بها، ولم تجحد ذلك جهة الإدارة، ثم أقامت الشركة دعواها الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه بتاريخ 26/6/2007، ومن ثَمَّ فإنه إعمالا لأحكام التقادم الخمسي، لا يَحِقُّ للشركة الطاعنة استرداد الرسوم التي قامت بأدائها قبل خمس سنوات على تاريخ لجوئِها إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات عام 2007، ويشمل ذلك الرسوم التي قامت بأدائها عام 2001 والمبيَّنة بعريضة الدعوى، ولا يشمل ذلك ما قامت بأدائه من رسمٍ في 23/12/2002 و4/1/2003، حيث لا تلحقهما أحكام التقادم الخمسي؛ لمرور أقل من خمس سنوات من تاريخ أدائهما، محسوبةً ليس فقط من تاريخ اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات -غير الثابت بالأوراق- بل محسوبةً إلى تاريخ صدور التوصية عن هذه اللجنة، التالي حتمًا لتاريخ اللجوء إليها.

ودون أن يُغَيِّر من أحقية الشركة الطاعنة في استرداد الرسوم التي أدتها بعد إعمال أحكام التقادم الخمسي، على النحو المبيَّن سالفًا، ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الشركة الطاعنة لم تقدم ما يفيد أن الرسائل التي سدَّدت عنها رسوم خدماتٍ لم يتم التصرف فيها لجمهور المستهلِكين، ومن ثم فإنها تكون قد حَصلَت على هذه الرسوم كزيادةٍ في السعر من أولئك، وانتهى الحكم من ذلك إلى أن طلب استرداد تلك الرسوم غير قائم على سندٍ صحيح من القانون؛ ذلك أن هذا القول مردودٌ عليه -سواء تصرفت الشركة الطاعنة في تلك الرسائل بالبيع لجمهور المستهلكين، أو لم تتصرف فيها بالبيع، حسبما أوردت ذلكَ الشركةُ الطاعنة في تقرير طعنها- بأنه في ضوء ما ثبت من أن تحصيل تلك الرسوم تم بدون وجه حق؛ لتحصيلها على غير سندٍ تشريعي، فيتعين القضاء بردها إلى الشركة الطاعنة، دون النظر إلى ما إذا كان هذا الرد يُثرِيها من عدمه، بل إن عدم رد مبالغ هذه الرسوم إليها، فيه إثراء بلا سبب للجهة الإدارية؛ باحتفاظها بما حَصَّلَته من الشركة الطاعنة على غير سندٍ من القانون، وفضلا عن ذلك فإن الجهة الإدارية لم تُثبت قيام الشركة الطاعنة بتحميل قيمة الرسوم المطالَب بها على المستهلِك، بإضافة قيمة هذه الرسوم إلى أسعار السلع التي أُدِّيَت عنها هذه الرسوم، بما يجعل هذا القول مجردَ قول مرسل، لا يُقيم حجةً، ولا يصلح دليلا على أن الشركة الطاعنة قد استردت هذه الرسوم من جمهور المستهلِكين.

وحيث إنه عن طلب الشركة الطاعنة في عريضة دعواها الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه بالفوائد القانونية عن مبلغ الرسوم المطالَب باسترداده، فإنه فضلا عما هو ثابت من أن الشركة الطاعنة لم تُطالب بهذه الفوائد في طلباتها بتقرير الطعن الماثل، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على عدم ملاءمة إلزام أشخاص القانون العام فوائد قانونية عن التزاماتها التي مصدرها القانون (التزاماتها غير التعاقدية) في علاقاتها مع أشخاص القانون الخاص.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى على سندٍ من عدم أحقية الشركة الطاعنة في استرداد رسوم الخدمات موضوع المنازعة، وذلك على خلافِ ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون والحال هكذا قد صدر مخالفًا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه، والقضاء مجددًا بأحقية الشركة الطاعنة في استرداد ما أدته فعليا من رسوم خدماتٍ عن الرسائل التي استوردتها، وأدت عنها تلك الرسوم المطالَب بها استنادًا إلى المادة (111) من قانون الجمارك المشار إليه، والقرارات الوزارية المذكورة سالفًا، والصادر بشأنها حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية (دستورية) المذكور، مع إعمال أحكام التقادم الخمسي، والتي مُؤدى إعمالها سقوط الحق في المطالَبة بالرسوم التي أدتها الشركة قبل الخمس السنوات السابقة على تاريخ اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات، على النحو الموضح تفصيلا سالفًا.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (270) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للشركة الطاعنة المبالغ التي حَصَّلَتها منها فعليا كرسومِ خدماتٍ -موضوع المنازعة- استنادًا إلى المادة (111) من قانون الجمارك، والقرارات الوزارية المنفِّذة لها، والصادر بشأنها حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية (دستورية)، وذلك بعد إعمال أحكام التقادم الخمسي، على النحو المبيَّن بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.

[1])) يراجع في هذا: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3778 لسنة 53 القضائية (عليا) بجلسة 4/6/2011 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنتين 55 و56 مكتب فني، المبدأ رقم 120/أ، ص1064).

[2])) يراجع في هذا: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 10617 لسنة 51 القضائية (عليا) بجلسة 26/1/2008 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53 مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم 68، ص492).

[3])) يراجع ما انتهت إليه الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 27 من فبراير سنة 2016 في الطعن رقم 2780 لسنة 54 ق ع (قيد النشر بمجموعة السنة 61 مكتب فني) من أنه إذا ثبت حصول من قام بدفع رسوم الخدمات الجمركية (المطالب باستردادها) على قيمة هذه الرسوم، وذلك بثبوت استرداده لها بالفعل بإضافة قيمة هذه الرسوم إلى ثمن السلعة لدى بيعها إلى الغير، فإنه ينتفي شرط المصلحة في المطالبة باسترداد ما أدَّاه من رسوم (إذا ما قُضِيَ بعدم دستورية سندها القانوني)، ويتعين القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة، مادام أن التصرف بالبيع للسلع المفروض عليها الرسوم قد تمَّ قبل إقامة الدعوى.

[4])) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3778 لسنة 53 القضائية (عليا) بجلسة 4/6/2011 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنتين 55 و56 مكتب فني، المبدأ رقم 120/ب، ص1064)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه يسقط الحق فى استرداد ما دفع من رسوم بغير وجه حق بالتقادم الخمسي من يوم الدفع، سواء كان الممول يعلم بحقه في الاسترداد أو لا يعلم، وأنه لا يطبق على هذه المطالبة التقادم الطويل، وأن الحكم الوارد في المادة (377) من القانون المدني مخصِّص للحكم العام الوارد في المادة (187) منه.

وقارن بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 12918 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 28/4/2013 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 58 مكتب فني، المبدأ رقم52)، حيث فرقت المحكمة فيما يخص تقادم الضرائب والرسوم بين ما تم دفعه بغير وجه حق، وما تم دفعه بوجه حق (أي بسندٍ)، فما تم دفعه بغير وجه حق يسقط الحق في استرداده بالتقادم الخمسي طبقا للمادة (377) من القانون المدني، أما ما تم دفعه بوجه حق فيسقط الحق في اقتضائه بالتقادم الطويل، ولا يخضع للمادة المذكورة؛ لأن حكم هذه المادة استثناء لا يجوز التوسع فيه بطريق القياس، ومن ثم فلا مجال لإعمال حكم التقادم الخمسي على ما يتم تحصيله من ضريبة أو رسم بحقٍّ، ثم يصدر قرار لاحق بالإعفاء من هذه الضريبة أو الرسم، أو إلغاء التعليمات الخاصة بتحصيل أيهما، حيث تصبح هذه المبالغ المحصلة دَينًا عاديا، يسقط الحق في اقتضائه بالتقادم الطويل.

وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت عددًا من الأحكام، قضت فيها بالاستمرار فى تنفيذ حكمها الصادر بجلسة 5/9/2004 فى القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية (دستورية) المشار إليه، وعدم الاعتداد بالأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا فى بعض الطعون التي قضت بسريان أحكام التقادم الخمسي طبقًا للمادة (377/2) من القانون المدني في شأن استرداد ما دُفِعَ من رسومٍ قُضِيَ بعدم دستورية سندها التشريعي بالحكم المشار إليه، ومن ذلك: أحكام المحكمة الدستورية العليا في القضايا أرقام (2) و(3) و(5) لسنة 37 القضائية (منازعات تنفيذ) بجلسة 5/12/2015.

وقد بينت المحكمة الدستورية العليا في هذه الأحكام أن النصوص المقضي بعدم دستوريتها كانت تنظم استحقاق رسوم الخدمات التي تحصلها مصلحة الجمارك عن البضائع التي تودع في الساحات والمخازن والمستودعات التي تديرها, ومن ثم فهي لا تعد نصوصًا ضريبية مما ورد النص عليها بالفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وإذ لم تحدد المحكمة تاريخًا آخر لعدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته, فمن ثم يغدو إعمال القواعد العامة يستوجب ارتداد أثر الحكم بعدم الدستورية إلى تاريخ صدور النص التشريعي المقرر لهذه الرسوم, ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات, أو بانقضاء مدة التقادم وصدور حكم بذلك على وفق نص المادة (387/1) من القانون المدني. ومتى كان هذا, وكان بحث اكتمال مدة التقادم وبيان مدى توفر شرائطه يعد مسألة موضوعية تستقل بها محاكم الموضوع, إلا أن إعمال قيد التقادم الذي يحد من الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا, يعد أمرًا يتعلق بإعمال آثار حكمها التي تلتزم بها محاكم الموضوع, ومن ثم فإن قيام تلك المحاكم بتطبيق هذا القيد على نحو يعوق المضي في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا تنفيذًا صحيحًا ومكتملا, يخوِّل هذه المحكمة التدخل للأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها, وعدم الاعتداد بالعائق الذي أعاق سريانها.

وأوضحت المحكمة أن التطبيق السليم لقيد التقادم الذي يحد من الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا في غير النصوص الضريبية ينطوي على أنه إذا كان سداد الرسوم تم إعمالا لنص قانوني نافذ, ثم قضي بعدم دستورية ذلك النص, مما يعني زوال سبب الالتزام بالسداد, صار المبلغ الذي تم سداده دينًا عاديًّا يخضع للتقادم المنصوص عليه بالمادة (374) من القانون المدني، ومقداره خمس عشرة سنة؛ لأن أثر الحكم بعدم الدستورية لا يسري على الوقائع المستقبلة فحسب, وإنما ينسحب إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور هذا الحكم.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV