برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضـوية السادة الأسـاتذة المستشارين/ محمد حجازي حسن مرسي، ومحمود فؤاد محمود عمار، وخالد محمد محمود العتريس، ود. محمد أحمد شفيق الجنك.
نواب رئيس مجلس الدولة
انعقاد الخصومة والإعلان- أثر إغفال الإعلان- الخصومة القضائية هي مجموعة من الإجراءات، تبدأ بإقامة الدعوى (أو الطعن) أمام المحكمة، وتنتهى بحكم فاصل في النزاع، أو بتنازل، أوصلح، أو بسبب عيب أو خطأ في الإجراءات- حدد القانون إجراءات التقدم بهذا الادعاء أو الطعن الذي ينبني عليه انعقاد الخصومة، وهي تقوم على اتصال المدعي (أو الطاعن) بالمحكمة المرفوعة أمامها، وتكليف المدعى عليه (أو المطعون ضده) بالمثول أمام المحكمة، لكونها علاقة بين طرفيها من جهة، وعلاقة بين هذين الطرفين والقضاء من جهة أخرى، فإذا لم تكن هناك دعوة أو إعلان من الخصم إلى الخصم الآخر للتلاقي أمام القضاء، فلا تنشأ الخصومة القضائية- يمثل ذلك أصلا عاما من أصول التقاضي، سواء أمام القضاء العادي أم قضاء مجلس الدولة، فلا خصومة إلا بين طرفين يباشر كل منهما حق الدفاع كاملا في ساحة العدالة، ومن ثم يترتب على إهمال الإعلان وقوع عيب جوهري، يؤدي إلى عدم انعقاد الخصومة([1]).
ما يخرج عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة- الطعن على الأعمال القضائية للنيابة العامة– النيابة العامة شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية، تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية، إذ خصتها القوانين بصفتها أمينة على الدعوى العمومية بأعمال من السلطة القضائية، كتلك التي تتصل بإجراءات التحقيق والاتهام، ورفع الدعوى العمومية ومباشرتها، أو حفظها، إلى غير ذلك من الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وغيره من القوانين- هذه الطائفة من الأعمال تخرج عن دائرة رقابة المشروعية التي يباشرها القضاء الإداري على القرارات الإدارية، أما التصرفات الأخرى التي تباشرها النيابة العامة خارج نطاق هذه الأعمال القضائية فهي تصدر عن النيابة العامة بصفتها سلطة إدارية، وتخضع تصرفاتها في هذا المجال لرقابة القضاء الإداري- تطبيقا لهذا: لا تختص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعن على قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.
– المادة رقم (1) من قانون الإجراءات الجنائية، الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950.
– المادة رقم (162) من قانون الإجراءات الجنائية، معدلة بموجب المادة الرابعة من القانون رقم 37 لسنة 1972 بتعديل بعض النصوص المتعلقة بضمان حريات المواطنين في القوانين القائمة.
– المادة رقم (210) من قانون الإجراءات الجنائية، معدلة بموجب المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 170 لسنة 1981 بتعديل بعض نصوص قانون الإجراءات الجنائية.
ما يخرج عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة- الطعن على التقارير الطبية المعدة بواسطة الإدارة المختصة بالطب الشرعي، واللجنة المشكلة بمستشفى الطب النفسي عن الحالة الصحية للمريض، لبيان مدى سلامة قواه العقلية وإدراكه وسلامته النفسية والعصبية، وذلك بناء على طلب النيابة العامة المختصة في هذا الشأن- هذه التقارير لا تعدو أن تكون من أعمال الخبرة التي تكلفها بها النيابة العامة كسلطة تحقيق، حيث تخضع في النهاية لتقديرها إن شاءت أخذت بما تضمنته من توصيات أوْ لا، ومن ثم لا تختص محكمة القضاء الإدارى ولائيا بنظر طلب إلغاء هذه التقارير، ويكون نظر الطعن عليها من اختصاص محكمة الجنح المستأنفة، منعقدة في غرفة المشورة، التي ينعقد لها أيضا الاختصاص بنظر طلب التعويض عن هذه القرارات.
– المواد (20) و(24) و(25) من القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وقانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950.
ما يخرج عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة- الطعن على قرار التخطي في التعيين في وظيفة (معاون نيابة عامة)– تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم- لا يقتضي هذا بالضرورة أن يكون طلب إلغاء القرار المطعون فيه مقدما من أحد رجال القضاء والنيابة العامة، بل يكفي لقيام هذا الاختصاص أن يئول طلب الإلغاء إلى التأثير في المركز القانوني لأحدهم، ولو كان مقدما من غيرهم، إذ يعد الطلب في الحالتين كلتيهما متصلا بشأن من شئونهم.
– المادة رقم (83) من قانون السلطة القضائية، الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، المستبدلة بموجب نص المادة 2 من القانون رقم 142 لسنة 2006.
– حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 24ق. دستورية بجلسة 5/2/2012.
في يوم الخميس الموافق 4/9/2014 أودع الأستاذ/… المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعنة، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل، قيد برقم 61238 لسنة 60ق.ع، في الحكـم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى) بجلسة 31/8/2014 في الدعوى رقم 42823 لسنة 68ق، الذي قضى: (أولا) بعدم قبول الطلبين الأول والثاني، وألزمت المدعية المصروفات، (ثانيا) بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الطلب الثالث، وألزمت المدعية مصروفاته، (ثالثا) بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الطلب الرابع، وأمرت بإحالته إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة استئناف القاهرة للاختصاص، وأبقت الفصل في مصروفاته.
وطلبت الطاعنة –لما ورد بتقرير طعنها من أسباب– الحكم:
(أولا) بقبول الطعن شكلا، وموضوعا بصفة مستعجلة .
(ثانيا) الحكم بصفة مستعجلة بإلغاء الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارب بالقاهرة.
(ثالثا) الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر عن مستشفى الصحة النفسية بالعباسية في الدعوى رقم 9043 لسنة 2008 جنح مركز ميت غمر، ووقف متابعة الطاعنة من التردد على العيادة الخارجية بالمستشفى لصرف علاج دورى شهريا.
(رابعا) الحكم بالطلبات الموضوعية بصفة مستعجلة، وهي كالتالي:
وجرى تحضير الطعن بهيئة مفوضى الدولة على النحو الثابت من الأوراق، حيث أودعت تقريرا بالرأي القانوني فيه، ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا: (أولا) بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلبات الطاعنة الأول والثاني والثالث، وإحالتها بحالتها إلى محكمة الجنح المستأنفة –منعقدة فى غرفة المشورة بميت غمر–، مع إبقاء الفصل في المصروفات، (ثانيا) بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر طلب الطاعنة الرابع، وإحالته بحالته إلى دائرة طلبات رجال القضاء، مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
وجرى تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه الدائرة –بعد إحالته إليها من الدائرة الأولى لاستشعار الحرج– على النحو الثابت فى محاضر الجلسات، وبجلسة 26/7/2015 تقرر إحالته لدائرة الموضوع، حيث جرى تداوله على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/10/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/12/2015، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم لاستكمال المداولة، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إنه من المقرر أن الخصومة القضائية هي مجموعة من الإجراءات تبدأ بإقامة الدعوى (الطعن) أمام المحكمة بناء على مسلك إيجابي يتخذه المدعي (الطاعن)، وتنتهى بحكم فاصل في النزاع، أو بتنازل، أو صلح، أو بسبب عيب أو خطأ في الإجراءات.
وقد حدد القانون إجراءات التقدم بهذا الادعاء أو الطعن الذي ينبني عليه انعقاد الخصومة، وهي التي تقوم على اتصال المدعي (الطاعن) بالمحكمة المرفوعة أمامها، وتكليف المدعى عليه (المطعون ضده) بالمثول أمام المحكمة، لكونها علاقة بين طرفيها من جهة، وعلاقة بين هذين الطرفين والقضاء من جهة أخرى، فإذا لم تكن هناك دعوة أو إعلان من الخصم إلى الخصم الآخر للتلاقي أمام القضاء، فلا تنشأ الخصومة القضائية، ويمثل ذلك أصلا عاما من أصول التقاضي، سواء أمام القضاء العادي أم قضاء مجلس الدولة، فلا خصومة إلا بين طرفين يباشر كل منهما حق الدفاع كاملا في ساحة العدالة، ومن ثم يترتب على إهمال الإعلان وقوع عيب جوهري يؤدي إلى عدم انعقاد الخصومة.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد اختصمت المطعون ضده السادس بشخصه وبصفته، ولم تقم بإعلانه بتقرير الطعن، واكتفت بإعلانه –مع جميع المطعون ضدهم– بهيئة قضايا الدولة، فإنه يجب -والحالة هذه- القضاء بعدم انعقاد الخصومة في الطعن بالنسبة للمطعون ضده السادس.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن المدعية (الطاعنة فى الطعن الماثل)، كانت قد أقامت الدعوى رقم 20031 لسنة 33ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بموجب عريضة أودعت قلم كتابها في 16/7/2011، طلبت في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرارين رقمى 1427 لسنة 9043 و2002 لسنة 2008 جنح قسم ميت غمر، الصادرين عن مستشفى الصحة النفسية بالعباسية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكرت المدعية شرحا لدعواها أن مستشفى الصحة النفسية بالعباسية أصدرت قرارا ضدها في القضية رقم 1427 لسنة 2002 بأنها مريضة نفسيا وعقليا وغير مسئولة عن تصرفاتها، وذلك بسبب الخلافات القائمة بينها وبين المطعون ضده السادس عام 2002، حيث حرر ضدها تسع قضايا من ضمنها هذه القضية، مما أدى إلى الإضرار بمستقبلها العلمي والوظيفي، وأنه فى عام 2004 حدث خلاف بينها وبين أحد أمناء الشرطة بنيابة بندر ميت غمر، وحرر ضدها المحضر رقم 12072 لسنة 2007 قسم ميت غمر، وتم حفظه برقم 520 لسنة 2008 إداري قسم ميت غمر، وقامت بعد ذلك بتحرير المحضر رقم 9043 لسنة 2008 جنح قسم ميت غمر ضد بعض المحامين لتعديهم عليها بالسب والضرب أثناء تأدية عملها بمحكمة ميت غمر، وأثناء التحقيق قدم المحامون المتهمون صورة من تقرير مستشفى الأمراض النفسية المشار إليه، حيث قررت النيابة العامة –بناء على هذا التقرير– إعادة عرضها على مستشفى الأمراض النفسية، التي انتهت فى التقرير الذي أعدته في هذا الشأن إلى أنها مريضة نفسيا وعقليا وغير مسئولة عن تصرفاتها، ولما كانت هذه الإجراءات التي أتخذتها كل من النيابة العامة ومستشفى الأمراض النفسية قد أضرت بها، وأدت إلى ضياع مستقبلها العلمي والوظيفي، فقد أقامت تلك الدعوى بطلباتها المذكورة سالفا.
……………………………………………………..
وجرى تداول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الأولى)، وبجلسة 16/5/2010 أصدرت المحكمة حكمها الطعين، الذي قضى: (أولا) بعدم قبول الطلبين الأول والثاني، وألزمت المدعية مصروفاتهما، (ثانيا) بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الطلب الثالث، وألزمت المدعية مصروفاته، (ثالثا) بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الطلب الرابع، وأمرت بإحالته بحالته إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة استئناف القاهرة للاختصاص، وأبقت الفصل في مصروفاته.
وكيفت المحكمة طلبات المدعية بأنها:
(أولا) إلغاء القرار الصادر عن مصلحة الطب الشرعي بالمنصورة رقم 1567 لسنة 2001 فحص قوى عقلية، الصادر في القضية رقم 41 لسنة 2001 أحوال مركز ميت غمر، والتي قيدت برقم 4390 لسنة 2002 جنح ميت غمر، مع إلغاء الآثار المترتبة عليه.
(ثانيا) إلغاء القرارين الصادرين عن مستشفى الصحة النفسية بالعباسية فى القضيتين رقمي 1427 لسنة 2002 جنح قسم ميت غمر و9043 لسنة 2008 جنح قسم ميت غمر، مع إلغاء الآثار المترتبة عليهما، مع تعويضها بمبلغ عشرة ملايين جنيه لما أصابها من أضرار في هذا الشأن.
(ثالثا) إلغاء قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعويين رقمي 12072 لسنة 2007 و9043 لسنة 2008 جنح قسم ميت غمر، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
(رابعا) إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تعيينها في وظيفة وكيل نيابة عامة منذ عام 2004، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها صرف ما تستحقه من مرتبات وحوافز منذ هذا التاريخ، وترقيتها إلى الوظائف القضائية التي تستحقها، وتعويضها بمبلغ مليون جنيه عن التأخير في تعيينها، وذلك في مواجهة النائب العام ووزير العدل، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن طلبى المدعية (الطاعنة في الطعن الماثل) الأول والثانى ينحصران في إلغاء تقارير أعدتها مصلحة الطب الشرعي ومستشفى العباسية للصحة النفسية عن حالتها بناء على طلب النيابة العامة في قضايا يتم التحقيق فيها، وأن هذه التقارير تعد من أعمال الخبرة تخضع في النهاية لتقدير النيابة العامة كسلطة تحقيق واتهام، ومن ثم لا ترتب أي أثر قانوني، ولا ترقى إلى مرتبة القرار الإداري الذي يقبل الطعن عليه بالإلغاء.
وأوضحت المحكمة أن طلب المدعية الثالث بإلغاء قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في القضيتين رقمي 12072 لسنة 9043 و2007 لسنة 2008 جنح قسم ميت غمر تختص به النيابة العامة على وفق نص المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على اختصاص النيابة العامة –دون غيرها– برفع الدعاوى الجنائية ومباشرتها، ومن ثم تكون النيابة العامة هى الأمينة على الدعوى العمومية والمنوط بها تحريك الدعوى الجنائية والتصرف فيها إما بحفظها أو إصدار الأمر بألا وجه لإقامة الدعاوى الجنائية.
وأضافت المحكمة أنه فيما يتعلق بالطلب الرابع فإن المادة رقم (83) من قانون السلطة القضائية، الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، معدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006، تقضي باختصاص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة –دون غيرها– بالفصل في الدعاوى التي يرفعها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، وأنه من المستقر عليه أن هذا الاختصاص يمتد ليشمل طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المقدمة من الأفراد من غير طائفة رجال القضاء والنيابة العامة، وذلك بغية تعيينهم ضمن أفراد هذه الطائفة، وهو ما قضت معه المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر هذا الطلب، وإحالته بحالته للدائرة المختصة بمحكمة استئناف القاهرة، وانتهت المحكمة إلى حكمها المذكور سلفا.
……………………………………………………..
وإذ لم ترتض الطاعنة هذا الحكم، فقد أقامت طعنها الماثل، ناعية عليه الخطأ في تطبيق القانون والدستور والقصور في التسبيب والفساد فى الاستدلال؛ بحسبان أن المحكمة أغفلت تطبيق نص المادة رقم (20) من قانون رعاية المريض النفسي، الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2009، التي تجيز الطعن على قرارات الصحة النفسية أمام القضاء الإداري بعد التظلم إلى المجلس الإقليمي للصحة النفسية أو المجلس القومي للصحة النفسية، وهو ما اتبعته الطاعنة، فضلا عن أن محكمة القضاء الإداري أغفلت وقائع الغش الصادرة عن المطعون ضده السادس، واستغلاله لسلطته القضائية فى إيذاء الطاعنة وتلفيق قضايا لها بدون وجه حق، حيث حرر ضدها تسع قضايا قاصدا إدخالها مستشفى الصحة النفسية، ثم قام بسرقة المستند في القضية رقم 4390 لسنة 2002 جنح مركز ميت غمر بإرفاقه بالقضية رقم 1427 لسنة 2002 جنح قسم ميت غمر، قاصدا دمار حياة الطاعنة، وعدم حصولها على ليسانس الحقوق، ثم سرقة مستند الصحة النفسية رقم 1427 لسنة 2002 جنح قسم ميت غمر بمعرفة آخر، كما أخطأت المحكمة في تكييف طلبات الطاعنة بالنسبة للتعيين في النيابة العامة، واعتبرت أنها تطعن على القرار السلبي برفض تعيينها، في حين أن طلباتها كانت تنحصر في تعيينها بالنيابة العامة كتعويض عيني عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بها جراء أفعال المطعون ضده السادس، وانتهت الطاعنة إلى طلباتها المذكورة سالفا.
……………………………………………………..
– وحيث إنه عن طلبات الطاعنة الأول والثانى والثالث بإلغاء قرار مصلحة الطب الشرعي بالمنصورة رقم 1567 لسنة 2001 فحص قوى عقلية، الصادر في القضية رقم 41 لسنة 2001 أحوال مركز مدينة ميت غمر، المقيدة برقم 4390 لسنة 2002 جنح مركز ميت غمر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلغاء القرارين الصادرين عن مستشفى الصحة النفسية بالعباسية في القضيتين رقمي 1427 لسنة 2002 و9043 لسنة 2008 جنح قسم ميت غمر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والحكم بتعويض مادي عادل تقدره المحكمة عن الأضرار التي لحقت بها من جراء ذلك في مواجهة وزير الصحة.
وحيث إن المادة رقم (20) من القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي، وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، وقانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، تنص على أنه: “يجوز للمريض أو لمحاميه أو لذويه التظلم من قرارات الحجز أو العلاج الإلزامي إلى المجلس الإقليمي للصحة النفسية, وللمجلس في هذه الحالة أن يندب خبيرا من خارج المنشأة لفحص الحالة النفسية للمريض, وعلى المجلس أن يبت في التظلم خلال مدة أقصاها أسبوعان من تاريخ تقديمه.
ويجوز للمريض أو محاميه أو ذويه التظلم مباشرة من هذه القرارات إلى المجلس القومي للصحة النفسية, وعلى المجلس أن يبت في التظلم خلال مدة أقصاها أسبوعان من تاريخ تقديمه.
وفي جميع الأحوال يجوز لكل ذي شأن أن يتظلم من قرار الدخول الإلزامي أو الاستمرار فيه أو إلغائه، دون التقيد بأية مدة إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة, وتختص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في الطعن في القرارات الصادرة من المجلس الإقليمي للصحة النفسية أو المجلس القومي للصحة النفسية المشار إليهما في الفقرتين السابقتين, بعد أخذ رأي المجلس الإقليمي أو المجلس القومي للصحة النفسية والنيابة العامة” .
وتنص المادة (24) من القانون نفسه على أنه: “في حالة صدور قرار من النيابة العامة أو حكم قضائي بإيداع أحد المتهمين بإحدى منشآت الصحة النفسية للفحص ينتدب المجلس الإقليمي للصحة النفسية لجنة ثلاثية من الأطباء المقيدين لديه لفحص حالة المودع النفسية والعقلية طبقا لمضمون القرار أو الحكم, ويجب إبلاغ الجهة القضائية بتقرير عن الحالة النفسية والعقلية يتضمن نتيجة التقييم، وذلك خلال المدة التي يحددها قرار الجهات القضائية، وله أن يطلب مهلة إضافية إذا اقتضى الأمر, على أن يشمل التقرير ما يأتي…”.
وتنص المادة (25) منه على أنه: “في جميع الأحوال لا يجوز إنهاء الإيداع أو منح المريض إجازة للعلاج إلا بعد الرجوع إلى الجهة القضائية الآمرة بالإيداع, ويجب مراجعة تقييم قرار الإيداع مرة كل عام على الأقل…”.
وحيث إن قضاء محكمة النقض قد استقر على أن مصلحة الطب الشرعى جهة طبية معتمدة متخصصة في تحديد الإصابات ونسبتها، ومن ثم فإن عملها في إثبات العجز وتحديد نسبته يقوم مقام العمل الذي يتم بمعرفة الطبيب المعالج والذي يقره القومسيون الطبي (الطعن رقم 5938 لسنة 80ق جلسة 25/2/2012).
كما استقرت المحكمة نفسها على أن الأمر في تقدير رأي الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات، هو مما يختص به قاضى الموضوع، وله في حدود سلطته التقديرية أن يأخذ بما يطمئن إليه منها (الطعن رقم 1130 لسنة 25ق جلسة 25/1/1956).
وترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت أن طلبات الطاعنة الأول والثانى والثالث المشار إليها تنحصر في إلغاء التقارير الطبية التي أعدتها الإدارة المختصة بالطب الشرعي، واللجنة المشكلة بمستشفى الطب النفسي بالعباسية عن حالتها الصحية، لبيان مدى سلامة قواها العقلية وإدراكها وسلامتها النفسية والعصبية، وذلك بناء على طلب النيابة العامة المختصة في هذا الشأن، وكانت هذه التقارير لا تعدو أن تكون من أعمال الخبرة التي تكلفها بها النيابة العامة كسلطة تحقيق، حيث تخضع في النهاية لتقديرها إن شاءت أخذت بما تضمنته من توصيات أوْ لا، فمن ثم لا تختص محكمة القضاء الإداري ولائيا بنظر طلب إلغاء هذه التقارير، ويكون نظر الطعن عليها من اختصاص محكمة الجنح المستأنفة –منعقدة في غرفة المشورة– بميت غمر، التي ينعقد لها أيضا الاختصاص بنظر طلب التعويض عن هذه القرارات.
– وحيث إنه عن طلب الطاعنة الرابع بإلغاء القرارين الصادرين عن النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعويين رقمي 12072 لسنة 2007 و9043 لسنة 2008 جنح قسم ميت غمر:
وحيث إن المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن:” تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها، ولا ترفع من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون…”.
وتنص المادة رقم (162) منه، معدلة بموجب المادة الرابعة من القانون رقم 37 لسنة 1972 بتعديل بعض النصوص المتعلقة بضمان حريات المواطنين في القوانين القائمة، على أن:”للمدعي بالحقوق المدنية استئناف الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى، إلا إذا كان الأمر صادرا في تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات”.
وتنص المادة رقم (210) من القانون نفسه، معدلة بموجب المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 170 لسنة 1981 بتعديل بعض نصوص قانون الإجراءات الجنائية على أن:”للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى إلا إذا كان صادراً في تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات([2]).
ويحصل الطعن بتقرير في قلم الكتّاب في ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان المدعي بالحقوق المدنية بالأمر..
ويرفع الطعن إلى محكمة الجنايات منعقدة في غرفة المشورة في مواد الجنايات وإلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة في مواد الجنح والمخالفات، ويتبع في رفعه والفصل فيه الأحكام المقررة في شأن استئناف الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن النيابة العامة، وهي شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية، تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية، إذ خصتها القوانين بصفتها أمينة على الدعوى العمومية بأعمال من السلطة القضائية، كتلك التي تتصل بإجراءات التحقيق والاتهام، ورفع الدعوى العمومية ومباشرتها، أو حفظها، إلى غير ذلك من الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وغيره من القوانين، وهذه الأعمال تخرج عن دائرة رقابة المشروعية التي يباشرها القضاء الإداري على القرارات الإدارية، أما التصرفات الأخرى التي تباشرها النيابة العامة خارج نطاق هذه الأعمال القضائية فهي تصدر عن النيابة العامة بصفتها سلطة إدارية، وتخضع تصرفاتها في هذا المجال لرقابة القضاء الإداري.
وترتيبا على ما تقدم، ولما كان طلب الطاعنة يتعلق بإلغاء قراري النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعويين رقمي 12072 لسنة 2007 و9043 لسنة 2008 جنح قسم ميت غمر، وكان هذا الأمر من أعمال السلطة القضائية التي تدخل في اختصاص النيابة العامة باعتبارها أمينة على الدعوى العمومية، فإنه يخرج عن اختصاص محاكم مجلس الدولة الولائي، وينعقد الاختصاص بنظر هذا الطلب لمحكمة الجنح المستأنفة منعقدة بغرفة المشورة بميت غمر.
– وحيث إنه عن طلب الطاعنة الخامس بتعيينها في النيابة العامة عوضا لها عن الأضرار العلمية والوظيفية التي أصابتها من جراء خطأ النيابة العامة وجهة الإدارة، مع ترقيتها لدرجة (قاضية)، وحصولها على المرتبات والحوافز والمميزات:
وحيث إن المادة رقم (83) من قانون السلطة القضائية، الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، والمستبدلة بموجب نص المادة 2 من القانون رقم 142 لسنة 2006، تنص على أن: “تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة التي يرأسها الرؤساء بهذه المحكمة، دون غيرها، بالفصل في الدعاوى التي يرفعها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم.
وتختص هذه الدوائر، دون غيرها، بالفصل في دعاوى التعويض عن تلك القرارات.
كما تختص، دون غيرها، بالفصل في الدعاوى الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال القضاء والنيابة العامة أو لورثتهم…”.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد ذهب إلى أن اختصاص دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها -على وفق قانون السلطة القضائية- بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، لا يقتضي بالضرورة أن يكون طلب إلغاء القرار المطعون فيه مقدما من أحد رجال القضاء والنيابة العامة، بل يكفي لقيام هذا الاختصاص أن يئول طلب الإلغاء إلى التأثير في المركز القانوني لأحدهم ولو كان مقدما من غيرهم، إذ يعد الطلب في هاتين الحالتين كلتيهما متصلا بشأن من شئونهم (القضية رقم 3 لسنة 24ق. دستورية بجلسة 5/2/2012).
وترتيبا على ما تقدم، ولما كان طلب الطاعنة بتعيينها في النيابة العامة بأثر رجعي منذ عام 2004، وترقيتها إلى درجة (قاضية)، مع صرف المرتبات والحوافز المقررة، هو من الأمور اللصيقة بطائفة رجال القضاء ورجال النيابة العامة، فإنها تخرج عن اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظرها، وينعقد الاختصاص بها للدائرة المختصة بمحكمة استئناف القاهرة.
وحيث إن الحكم بعدم الاختصاص غير منه للخصومة، فمن ثم يتعين الحكم بإرجاء البت في المصروفات لحين الفصل في طلبات الطاعنة عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
(أولا) بعدم انعقاد الخصومة في الطعن بالنسبة للمطعون ضده السادس، وألزمت الطاعنة المصروفات.
(ثانيا) بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر طلبات الطاعنة الأول والثاني والثالث والرابع، وإحالتها لمحكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة بميت غمر للاختصاص، وعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الطلب الخامس، وإحالته إلى الدائرة المختصة بمحكمة استئناف القاهرة، وأبقت الفصل في المصروفات.
([1]) في هذا الاتجاه: حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 11308 لسنة 47 القضائية عليا بجلسة 19/3/2005 (منشور بمجموعة السنة 50 مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم 112/أ، ص781)، وحكمها في الطعن رقم 9005 لسنة 56 القضائية عليا بجلسة 2/4/2011 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنتين 55 و56 مكتب فني، المبدأ رقم 102/أ، ص939)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه يجب توجيه الإعلان بالنسبة للهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها إلى مراكز إدارتها، وأن توجيه الإعلان فى هذه الحالات إلى هيئة قضايا الدولة يؤدي إلى بطلانه، ومن ثم عدم انعقاد الخصومة، لكن لا يحكم بالبطلان إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء، فإذا حضر وكيل عن الجهة المدعى عليها جلسات المحكمة تحققت الغاية من الإجراء.
وكذا حكمها الصادر في الطعن رقم 1329 لسنة 53 القضائية عليا بجلسة 22/6/2014 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 59 مكتب فني، المبدأ رقم 81)، حيث انتهت إلى أن الإعلان بالخصومة يمثل أصلا عاما من أصول التقاضي، سواء أمام القضاء العادي أم قضاء مجلس الدولة؛ لضمان حق الدفاع أصليا أو بالوكالة لجميع المتقاضين، وأن ذلك يتحقق بإعلان المدعي أو الطاعن للمدعى عليه أو المطعون ضده على النحو القانوني السليم، ويترتب على عدم الإعلان عيب شكلي جوهري في الإجراءات يخالف النظام العام، ويؤدي حتما إلى عدم انعقاد الخصومة، وتطبيقا لهذا: فإن عدم قيام الجهة الإدارية الطاعنة بإعلان المطعون ضدهم على عناوينهم الثابتة بالتوكيلات المودعة ملف الدعوى المطعون في حكمها، والاكتفاء بإعلان الطعن إلى المحامي الذي كان موكلا عن المطعون ضدهم إبان إقامة الدعوى المطعون في حكمها، يؤدى إلى بطلان الإعلان، ومن ثم عدم انعقاد الخصومة في الطعن.
وكذا حكم الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 19482 لسنة 59 القضائية (عليا) بجلسة 23 من مارس سنة 2016 (السياق الزمني لهذه المجموعة)، حيث انتهت المحكمة إلى أن المشرِّع قد نظم في قانون مجلس الدولة إجراءات إقامة الدعوى أو الطعن، وإجراءً جوهريا من إجراءاتها، وهو الإعلان، سواءً لجهة الإدارة أو لذوي الشأن، كما بَيَّنَ أهميةَ الإخطار بالجلسة؛ بحسبان أن به تنعقدُ الخصومةُ صحيحةً قانونًا؛ لأنه من الأصول العامة المقررة في المحاكمات القضائية أن تُنْظَر القضيةُ في حضور طرفيها؛ إعلاءً لمبدأ المواجهة، حتى يُبْدِي كلُّ طرفٍ فيها دفاعه مُؤيَّدًا بما لديه من مستنداتٍ وأدلة سائغة قانونًا، ولتصدر المحكمةُ حكمها في الدعوى أو الطعن عن بصرٍ وبصيرة، فقد لا يمثلُ المدعى عليه أو المطعون ضده في القضية أو الطعن لانتفاء علمه بوجود خصومة مطروحة على القضاء للفصل فيها، حال أنه أحدُ طرفيها، وقد يكون هذا الغيابُ مرجعه التقاعس في دعوة أيٍّ من طرفي الخصومة القضائية إلى مجلس القضاء، أو قد يكون هذا الغيابُ مرجعه سوء نية الطرف الآخر بقصد عرقلة خصمه عن إبداء دفاعه، الأمر الذي لا يسوغ معه نظر القضية والفصل فيها في غيبته؛ لتخلف مقتضى العمل الإجرائي، وإلا كان الحكمُ الصادر فيها باطلا؛ لإخلاله بحق الدفاع؛ إذ ينقصه مفترضٌ جوهري لصحته هو إعلان المدعى عليه أو المطعون ضده، ومن ثم فإذا استطال نظرُ القضية أو الطعن، دون قيام مَنْ أثارَ هذا النزاعَ قضائيًّا، سواء كان مدعيًا أم طاعنًا، بإعلان المدعى عليه أو المطعون ضده، سواء كان ذلك مرجعه التقاعس أم سوء النية، فإنه لا مندوحة من رد قصده إلى نحره، والقضاء بعدم انعقاد الخصومة في القضية أو الطعن
وعلى خلاف هذا النظر: حكم الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 11786 لسنة 59 القضائية (عليا) بجلسة 31 من أغسطس سنة 2016 (منشور بهذه المجموعة- المبدأ رقم 114)، حيث بينت المحكمة أن رفع الدعوى الإدارية يتم بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة المختصة، كما يتم الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا بإيداع ذوي الشأن تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة، أما إعلان العريضة أو تقرير الطعن وتحديد جلسة لنظر المنازعة أمام المحكمة المختصة، فليس ركنا من أركان إقامة المنازعة الإدارية، أو شرطا لصحتها، بل هو إجراء مستقل لا يقوم به أحد طرفي المنازعة، إنما تتولاه المحكمة من تلقاء نفسها، ومن ثم فإنه ليس من شأن إغفال هذا الإجراء التأثير في صحة انعقاد الخصومة، وذلك على خلاف الحال في المنازعة المدنية، التي ترفع فيها الدعوى أمام المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تعلن للمدعى عليه، ما لم يقض القانون بغير ذلك، وتطبيقا لذلك انتهت المحكمة إلى أنه إذا لم يقم المدعي بإعلان المدعى عليه بالدعوى رغم تكليف المحكمة له بذلك، فإن عليها أن تحكم بوقفها لمدة شهر، ثم باعتبارها كأن لم تكن، ولا يجوز الحكم بعدم انعقاد الخصومة في هذه الحالة.
وكذا حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 11880 لسنة 47 القضائية (عليا) بجلسة 3/3/2007 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا 2006/2007، مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم 67، ص436)، حيث انتهت المحكمة إلى أن الخصومة الإدارية تنعقد صحيحة قانونا متى تم إيداع عريضة الدعوى قلم كتاب المحكمة على الوجه المبين بقانون مجلس الدولة، وأن إعلان العريضة وإبلاغ قلم الكتاب الخصوم بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى هي إجراءات لاحقة ومستقلة، وليست ركنا من أركان المنازعة الإدارية، وليس من شأنها التأثير فى صحة انعقاد الخصومة.
وكذا حكمها الصادر في الطعن رقم 12936 لسنة 49 القضائية (عليا) بجلسة 21/9/2010 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنتين 55 و56 مكتب فني، المبدأ رقم 73/ب، ص673)، حيث انتهت إلى أن الخصومة الإدارية تنعقد بإيداع صحيفة الدعوى أو الطعن سكرتارية المحكمة، وأن هذا الإجراء مستقل عن إعلان ذوي الشأن بهذه الصحيفة كإجراء لاحق مستقل، المقصود منه إبلاغ الطرف الآخر بقيام المنازعة، ودعوة ذوي الشأن لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم، وأنه لا أثر لتراخي الإعلان إلى ما بعد المدة المقررة بالمادة (70) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، مادام المدعى عليه قد أعلن إعلانا صحيحًا.
[2])) قضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بتاريخ 2/12/2007 في الطعن رقم 163 لسنة 26ق.دستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية، فيما تضمنته من قصر الحق في الطعن على الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لاقامة الدعوى لعدم الأهمية، على المدعى بالحقوق المدنية، دون المتهم.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |