برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضـوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد حجازي حسن مرسي، ومحمود فؤاد محمود عمار، وسيد أحمد جميع محمد، وخالد محمد محمود العتريس.
نواب رئيس مجلس الدولة
مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”- وضع المشرع أصلا من أصول القانون ينطبق على العقود المدنية والإدارية على حد سواء، فهذان الصنفان من العقود سواءٌ في أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاقهما، أو للأسباب التي يقررها القانون، وتنفيذ العقد يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ومن مقتضى ذلك مراعاة حسن النية في تنفيذ العقد، فلا يتعسف أي طرف في المطالبة بحقوقه الناشئة منه والمنبثقة عنه.
تفسير العقد- الأصل في تفسير العقود، مدنية كانت أم إدارية، أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، أما إذا كانت العبارة غير واضحة فيجب تقصي النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل، وما ينبغي توفره من أمانة وثقة بين المتعاقدين على وفق العرف الجاري في المعاملات- المقصود بوضوح العبارة هو وضوح الإرادة، فقد تكون العبارة في ذاتها واضحة، لكن الظروف تدل على أن المتعاقدين أساءا استعمال التفسير الواضح، ففي هذه الحالة لا يؤخذ بالمعنى الواضح للفظ، بل يجب أن يعدل عنه؛ ذلك أن المرجع في تفسير العقود والتعرف على النية المشتركة للمتعاقدين يكون عن طريق معايير موضوعية تمكن من الكشف عنها- أساس ذلك أن من القواعد الفقهية المقررة أن “الأمور بمقاصدها”، وأن “إعمال الكلام أولى من إهماله”.
تخصيص العقارات- الطعن في قرار فرض غرامة تأخير جزاءَ التأخرِ في سداد الأقساط، يندرج ضمن المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية، التي لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة قانونا لدعاوى الإلغاء.
تخصيص العقارات- محضر تسلم الأراضي- يعد هذا المحضر من المستندات المهمة التي تترتب عليها عدة آثار قانونية، أهمها: وضع الأرض تحت يد من خصصت له من قبل الجهة الإدارية، وإقرار من خصصت له الأرض بأنه تسلمها خالية من الموانع الظاهرة التي تعوق تنفيذ مشروعه، وتحديد بداية ونهاية مدة تنفيذ المشروع الذي خصصت الأرض من أجله، وبدء حساب مواعيد سداد أقساط الأرض، مع ما يترتب عليه من حساب فوائد التأخير في حالة التأخير في السداد عن المواعيد المحددة- يجب أن ينظر لذلك المحضر على أنه وحدة واحدة، وأن البيانات التي تضمنها يكمل بعضها البعض، وأنه لا يكتسب هذه الصفة ولا يعول عليه في الإثبات، وفي ترتب الآثار القانونية المشار إليها، إلا بالتوقيع عليه من المتسلم أو من يمثله قانونا، ومن أعضاء اللجنة المناط بها التسليم من قبل جهة الإدارة، ثم ختمه بخاتم الجهة الإدارية- لكون هذه التوقيعات تعد خاتمة المطاف في تحرير المحضر، وتختتم بها أعمال التسليم؛ فإن ما يقترن بها من بيانات أو ملاحظات يعد جزءًا من أجزاء المحضر، ويجب أن يوضع في الاعتبار؛ لما قد يكون لها من آثار من شأنها أن تفسر أو تقيد أو تكمل أو تنسخ بعض البيانات الواردة بصلب المحضر.
في يوم الخميس الموافق 15/7/2010 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام برقم 34646 لسنة 56 القضائية عليا، طعنا في الحكم الصادر بجلسة 16/5/2010 عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية–أفراد/ب) في الدعوى رقم 27604 لسنة 59ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان –للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بصفة أصلية بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، وبصفة احتياطية برفض الدعوى لعدم قيامها على سند صحيح من الواقع والقانون، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد جرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة، وأعدت تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه -بعد إعلانه- الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن قانونا على النحو المبين بالأوراق.
وتدوول نظر الطعن ابتداء أمام الدائرة السادسة عليا، إلى أن قررت بجلسة 8/10/2014 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة للاختصاص، فتحدد لنظره جلسة 21/12/2014، وتدوول بالجلسات، وبجلسة 12/4/2015 قدم الحاضر عن الطاعنين مذكرة دفاع، وبجلسة 15/11/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 24/1/2016، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/2/2016، وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده –بصفته- (المدعي) كان قد أقام الدعوى رقم 27604 لسنة 59ق بإيداع صحيفتها بتاريخ 25/5/2005 قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية-أفراد/ب)، طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ، وإلغاء القرار الصادر عن جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة بتاريخ 6/4/2005 بفرض فوائد على الأقساط المستحقة على الشركة التي يمثلها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات، وذلك استنادا إلى أنه تقدم إلى هذا الجهاز بطلب تخصيص قطعة أرض للشركة التي يمثلها بغرض إقامة مبنى إداري عليها، فخصصت له ابتداء القطعة رقم (123)، ثم فوجئ بإخطاره بتغيير التخصيص إلى القطعة رقم (79) بالقطاع الأول بمركز المدينة، وبمساحة أقل من القطعة الأولى، ودون سبب واضح لخفض المساحة، ومع ذلك قام بسداد جميع الالتزامات المالية، وتسلم الأرض فعليا في 22/12/2003، وليس في 12/4/2003، وبتاريخ 28/9/2004 أقر الجهاز صراحة بأن تاريخ 22/12/2003 هو تاريخ تسلم الأرض، ومع هذا فوجئ في 29/11/2003 بخطاب من الجهاز بضرورة سداد الأقساط قبل فوات عام من تاريخ تسلم الأرض في 12/4/2003، وقد قام بسداد القسط الأول دون الفوائد التي فرضها الجهاز، وذلك في موعد استحقاقه بتاريخ 22/12/2004، إلا أنه فوجئ بقيام الجهاز بإلغاء التخصيص دون وجه حق، فتظلم من هذا القرار، فقررت اللجنة الفرعية بالجهاز بتاريخ 6/4/2005 إعادة تخصيص الأرض للشركة التي يمثلها، مع التأكيد على أن تاريخ تسلم الأرض هو 12/4/2003، وهو التاريخ الذي تحسب على أساسه مهلة البناء ومواعيد استحقاق الأقساط، وهو ما حداه على إقامة دعواه بطلباته المبينة سالفا.
……………………………………………………..
وتدوول نظر الدعوى بالجلسات أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية– أفراد- ب)، وبعد أن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، صدر الحكم المطعون فيه قاضيا بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس ما ثبت لها من محضر تسلم الأرض محل التداعي من أنه ولئن قد جاء بصدر المحضر أن تسليمها كان بتاريخ 12/4/2003، إلا أن الثابت في نهاية المحضر أن تاريخ التسلم الحقيقي هو 12/12/2003، حيث اقترن هذا التاريخ بتوقيع المدعي ورئيس اللجنة وأحد المسئولين بالجهاز، وقد تأكد ذلك بموجب الخطاب الموجه للمدعي من رئيس جهاز المدينة، حيث أشار فيه إلى أن تاريخ تسلم الأرض هو 12/12/2003، وعلى أساس هذا التاريخ الأخير يتم حساب مواعيد استحقاق الأقساط المستحقة، ومن ثم فلا محل لتوقيع فوائد التأخير على اعتبار أن تاريخ التسلم هو 12/4/2003 الذي ثبت عدم صحته، ويكون قرار جهة الإدارة القائم على هذا التاريخ وبفرض غرامات تأخير على الشركة التي يمثلها المدعي، غير قائم على سند من القانون، حريا بالإلغاء.
……………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا من جانب الجهة الإدارية الطاعنة، فقد أقامت الطعن الماثل على أسباب حاصلها مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ فى تطبيقه، وذلك من وجهين:
(الوجه الأول) عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد؛ لأن الثابت أن القرار المطعون فيه صدر وعلم به المطعون ضده في 6/4/2005، وأن آخر موعد للطعن عليه بتاريخ 6/6/2005، إلا أن المطعون ضده أقام دعواه بتاريخ 25/8/2005 بعد الميعاد المقرر قانونا.
(الوجه الثاني) خروج الحكم الطعين عن مقتضى التطبيق الصحيح لأحكام القانون؛ حين ألغى القرار المطعون فيه، رغم أن الثابت أن هذا القرار قد قام على أساس من صحيح القانون والواقع؛ لأن المطعون ضده قد ارتضى قرار اللجنة العقارية الفرعية المؤرخ في 21/3/2005 باعتبار تاريخ تسليم الأرض هو 12/4/2003، وقام بسداد جزء من الأقساط المستحقة عليه، مما يعني موافقته الضمنية على قرار اللجنة العقارية الفرعية.
……………………………………………………..
– وحيث إنه عن الوجه الأول من الطعن بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونا لدعاوى الإلغاء، فإنه مردود عليه بأن الدعوى الماثلة تندرج ضمن المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية التى لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة قانونا لدعاوى الإلغاء، وإذ استوفت الدعوى جميع أوضاعها الشكلية الأخرى المقررة قانونا، فمن ثم تكون مقبولة شكلا، ويكون هذا الوجه من الطعن على الحكم الطعين غير قائم على سند صحيح من القانون، جديرًا بالرفض.
– وحيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن، والذي تنعى فيه الجهة الإدارية الطاعنة على الحكم الطعين خروجه عن مقتضى التطبيق الصحيح لأحكام القانون حين ألغى القرار المطعون فيه، فإنه في حقيقة الأمر يتعلق بمقطع النزاع في الخصومة الماثلة، والذي يتمثل في تحديد تاريخ تسلم الأرض محل النزاع، والذي على أساسه يتم تحديد حساب مواعيد سداد أقساط قطعة الأرض، وحساب غرامات التأخير في حال التأخير عن السداد.
وحيث إن المادة (147) من القانون المدني تنص على أن: “العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون”.
وتنص المادة (148) من القانون المدني على أنه: “1- يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية…”.
وحيث إنه من المقرر أن المشرع في المادتين (147) و(148) من القانون المدني، قد وضع أصلا من أصول القانون ينطبق على العقود المدنية والإدارية على حد سواء، فهذان الصنفان من العقود سواءٌ في أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاقهما، أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ومن مقتضى ذلك مراعاة حسن النية في تنفيذ العقد، فلا يتعسف أي طرف في المطالبة بحقوقه الناشئة منه والمنبثقة عنه.
كما أن من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في تفسير العقود، مدنية كانت أم إدارية، أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، أما إذا كانت العبارة غير واضحة فيجب تقصي النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وما ينبغي توفره من أمانة وثقة بين المتعاقدين على وفق العرف الجاري في المعاملات، والمقصود بوضوح العبارة هو وضوح الإرادة، فقد تكون العبارة في ذاتها واضحة لكن الظروف تدل على أن المتعاقدين أساءا استعمال التفسير الواضح، ففي هذه الحالة لا يؤخذ بالمعنى الواضح للفظ، بل يجب أن يعدل عنه؛ ذلك أن المرجع في تفسير العقود والتعرف على النية المشتركة للمتعاقدين يكون عن طريق معايير موضوعية تمكن من الكشف عنها.
وحيث إن محاضر تسليم الأراضى المخصصة لهذا الغرض من قبل جهة الإدارة، تعد من المستندات المهمة التي تترتب عليها عدة آثار قانونية، أهمها: وضع الأرض تحت يد من خصصت له من قبل الجهة الإدارية، وإقرار من خصصت له الأرض بأنه تسلمها خالية من الموانع الظاهرة التي تعوق تنفيذ مشروعه، وتحديد بداية ونهاية مدة تنفيذ المشروع الذي خصصت الأرض من أجله، وبدء حساب مواعيد سداد أقساط الأرض، مع ما يترتب عليه من حساب فوائد التأخير في حالة التأخر في السداد عن المواعيد المحددة له، وغير ذلك من الآثار التي قد تصل في بعض الحالات إلى حد سحب الأرض، كما أن محضر تسلم الأرض يجب أن ينظر له على أنه وحدة واحدة، وأن البيانات التي تضمنها يكمل بعضها البعض، وأنه (أي محضر التسلم) لا يكتسب هذه الصفة ولا يعول عليه في الإثبات ولا في ترتب الآثار القانونية المشار إليها، إلا بالتوقيع عليه من المتسلم أو من يمثله قانونا، ومن أعضاء اللجنة المنوط بها التسليم من قبل جهة الإدارة، ممهورًا بخاتم الجهة الإدارية، ولأن هذه التوقيعات تعد خاتمة المطاف في تحرير المحضر وتختتم بها أعمال التسليم، فإن ما يقترن بها من بيانات أو ملاحظات يعد جزءًا من أجزاء المحضر، ويجب أن يوضع في الاعتبار؛ لما قد يكون لها من آثار من شأنها أن تفسر أو تقيد أو تكمل أو تنسخ بعض البيانات الواردة بصلب المحضر، وذلك عملا بقاعدة “إعمال الكلام أولى من إهماله”.
وهديًا بما تقدم، ولما كان الثابت من المستندات المقدمة أمام محكمة القضاء الإداري من الجهة الإدارية الطاعنة، والتي تتطابق مع المستندات المقدمة من المطعون ضده، أن الأخير (بصفته) تقدم إلى الجهة الإدارية الطاعنة بطلب لتخصيص قطعة أرض لإقامة مبنى إداري، وبتاريخ 17/6/2002 أرسلت إليه جهة الإدارة إخطار التخصيص للقطعة رقم (79) بالقطاع الأول بمركز المدينة بالتجمع الخامس، وتضمن هذا الإخطار مساحة القطعة، وسعر المتر الأساسي، ونسبة التميز، وسعر المتر شاملا نسبة التميز، وإجمالي ثمن القطعة، وما سدده من مبالغ، والباقي من قيمة الأرض، كما تضمن هذا الإخطار أن يتم سداد المتبقى من قيمة الأرض على ثلاثة أقساط متساوية، وتحديد قيمة كل قسط، وأن يتم سداد القسط الأول بعد سنة من تسليم الأرض، والثاني بعد سنتين من التسليم، والثالث بعد ثلاث سنوات من التسليم.
والثابت أنه ولئن كان محضر تسليم الأرض المخصصة للمطعون ضده، قد دُون في صدره تاريخ تحريره في 12/4/2003، إلا أن الثابت أيضًا أن المطعون ضده (المتسلم) قد وقع على هذا المحضر وقرن توقيعه بتاريخ 22/12/2003، وأن التاريخ نفسه قد اقترن بتوقيع رئيس لجنة التسليم، وتوقيع أحد أعضاء اللجنة، وبخط يد كل منهما، كما أن هذين التوقيعين قد وضع عليهما خاتم الهيئة الطاعنة، كما أن التاريخ نفسه قد وضع أسفل المحضر من جهة اليمين، والثابت أيضًا من خطاب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة المؤرخ في 18/9/2004 -الموجه للمطعون ضده أنه قد تضمن إشارة واضحة لا غموض فيها ولا لبس إلى أن تسلم الأرض محل النزاع قد تم بتاريخ 22/12/2003، ومن ثم فإن ما سبق مؤداه أن التاريخ الفعلي والحقيقي لتسلم الأرض، والذي يعول عليه في ترتيب الآثار القانونية، ليس الذي ورد في صدر المحضر، بل هو تاريخ 22/12/2003 المدون أسفل المحضر، والمقترن بتوقيع من اشتركوا في تحريره، ذلك لأن من المقرر في هذا الشأن أن الأمور بمقاصدها، وقد خلت الأوراق تمامًا مما يفيد سبق قيام الجهة الإدارية بتوجيه إخطار إلى المطعون ضده على عنوانه المدون بطلب التخصيص تُحدد فيه تاريخ تسلم الأرض في التاريخ المبين بصدر المحضر، ونبهت عليه أنه في حالة التقاعس أو التأخير في التسلم سيعتد بهذا التاريخ في التسلم.
وبناء عليه فإن تاريخ 22/12/2003 هو تاريخ تسلم المطعون ضده لقطعة الأرض المخصصة له، وأنه من هذا التاريخ يتم حساب مواعيد سداد أقساط الأرض، والفوائد المستحقة فى حالة التأخير عن سداد القسط في موعده، فإذا كانت جهة الإدارة قد خالفت هذا النظر، واتخذت من التاريخ المدون في صدر المحضر (وهو 12/4/2003) أساسًا لحساب مواعيد سداد الأقساط وفوائد التأخير، واعتبرت المطعون ضده مقصرًا في التزاماته العقدية، فإنها تكون قد أخطأت في فهم الواقع، ويكون قرارها والحال كذلك قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، جديرًا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ولا ينال مما تقدم ما ورد بتقرير الطعن من أن قرار اللجنة العقارية الفرعية الصادر بتاريخ 21/3/2005 قد تضمن التأكيد على المطعون ضده بأن يكون تاريخ تسلم الأرض هو 12/4/2003، وهو التاريخ الذي تحسب على أساسه مهلة البناء ومواعيد استحقاق الأقساط، وقيام المطعون ضده -على أثر ذلك- بسداد جزء من الأقساط، مما يعني موافقة ضمنية على قرار اللجنة، فإن هذا الاستنتاج في غير محله، ومردود عليه بأن قرار اللجنة العقارية الفرعية هو محل الخصومة الماثلة التي استهلها المطعون ضده بالطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري فيما تضمنه هذا القرار من تحديد لتاريخ لتسلم قطعة الأرض في 12/4/2003، وهو ما ينفي في جانب المطعون ضده أي رضاء أو موافقة ضمنية بما تضمنه هذا القرار في شأن تحديد تاريخ تسلم قطعة الأرض على النحو الوارد بالقرار، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن هذا القرار يعد تعسفا من جانب اللجنة في المطالبة بحقوق الجهة الإدارية بلا مقتضٍ، ويخالف الثابت بالأوراق على نحو ما سلف بيانه، كما أنه يحمل في طياته إكراها معنويا على إرادة المطعون ضده، وذلك بالنظر إلى أن هذا القرار قد تضمن الموافقة على استمرار التعامل على قطعة الأرض مع المطعون ضده، وأنه صدر بمناسبة تظلم الأخير من قرار سابق للجنة نفسها، هو القرار رقم (69) بتاريخ 21/2/2005 بإلغاء تخصيص أو حجز قطعة الأرض، ومن ثم فإنه ولئن كان الأمر ينسب للآمر (اللجنة العقارية)، فإن الفعل الصادر عن المطعون ضده -تلبية لهذا الأمر- بسداد جزء الأقساط انصياعا لقرار اللجنة بتحديد تاريخ تسلم الأرض خشية حساب فوائد التأخير أو سحب قطعة الأرض مرة أخرى -هذا الفعل- لا يمكن أن يُنسب بناء عليه لإرادة المطعون ضده رضاءٌ صحيحٌ عن هذا القرار في شأن تحديد تاريخ التسلم؛ لكونه كان مجبرا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء القرار المطعون فيه، فإنه يكون قد صدر سديدا بمنأى عن القضاء بإلغائه، ومن ثم يكون الطعن الماثل غير قائم على سند من الواقع والقانون، مما يتعين معه الحكم برفضه.
وحيث إن المصروفات يلزم بها من خسر الطعن عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |