برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الله إبراهيم فرج ناصف
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد الحميد حسن عبود، وصلاح شندي عزيز تركي، وأحمد محفوظ محمد القاضي، ود. رضا محمد عثمان دسوقي.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) هيئة قضايا الدولة– شئون الأعضاء- تأديب- واجبات الوظيفة- الوظائف القضائية من الوظائف ذات المسئولية الخطرة، التي تتطلب في شاغلها أشدَّ درجات الحرص على اجتناب كلِّ ما من شأنه أن يُزري السلوك أو يمسُّ السمعة- على عضو الهيئة القضائية أن يسلُك في سلوكه ما يليق بكرامة وظيفته ويتناسب مع قدرها وعلو شأنها وسمو رسالتها- لا يقتصر هذا الالتزام على ما يصدر عن العضو وهو يقوم بأعباء وظيفته، بل يمتد ليشمل ما يصدر عنه خارج نطاق وظيفته؛ بابتعاده عن مواطن الريب والشبهات، والالتزام بالسلوك القويم، وصون كرامة الوظيفة- عمل عضو الهيئة القضائية لا يُقاس بعمل غيره من الموظفين العموميين، ولا يُؤاخذ بالضوابط المعمول بها في شأن واجباتهم الوظيفية، بل يتعين أن يكون مقياس سلوكه أكثرَ صرامةً وأشدَّ حزمًا.
(ب) هيئة قضايا الدولة– شئون الأعضاء- تأديب- واجبات الوظيفة- حظر ممارسة الأعمال التجارية- تحظرُ على عضو الهيئة المشاركةُ فى إنشاء وتأسيس الشركات التجارية- شركة التوصية البسيطة تعد من الشركات التجارية على وفق قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، فتعد المشاركة في إنشائها عملا تجاريا يمثل الإتيان به إخلالا من العضو بواجبات وظيفته- لا يغير من ذلك مشاركته في الشركة بصفته وليًّا طبيعيًّا على نجله القاصر؛ إذ إن أعباءَ هذه الشركة تتعارضُ ووظيفته.
– المادة (19) من قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13/11/1883، (الملغى -عدا الفصل الأول من الباب الثاني منه الخاص بشركات الأشخاص- بموجب القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة).
– المادة (الأولى) من مواد الإصدار، والمادتان (4) و(10) من قانون التجارة، الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999.
(ج) هيئة قضايا الدولة– شئون الأعضاء- تأديب- التنبيه المسلكي- التنبيهُ الموَجَّه لعضو هيئة قضايا الدولة لا يُعَدُّ بذاته جزاءً من الجزاءات التي نص عليها القانون، بل هو مجرد إجراء يتخذه الرئيسُ المنوط به حق توجيهه، لإثبات خروج عضو الهيئة على مقتضيات وواجبات وظيفته، ولِيتلافى ذلك مستقبلا، لكنه يُعَدُّ في الوقت نفسه دليلا على ثبوتِ الخطأ الذي ارتكبه العضو، ويُرفَق بملف خدمته، ويظل مُنتِجًا لأثره.
– المادتان رقما (26) و(28) من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة، المعدَّل بموجب القانونين رقمي 10 لسنة 1986 و2 لسنة 2002.
– المادتان رقما (19) و(20) من اللائحة الداخلية للتفتيش الفني بهيئة قضايا الدولة، الصادرة بقرار وزير العدل رقم 5025 لسنة 1993.
الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 20/7/2009 أودع وكيلُ الطاعن قلمَ كُتَّابِ المحكمةِ الإدارية العليا تقريرَ الطعنِ الماثل، وطلب الطاعن -للأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر عن الهيئة المطعون ضدها بتوجيه تنبيه للطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وبعد إعلان الطعن على الوجه المقرَّر قانونًا، أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا في الطعن.
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع، وقدم الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها حافظة مستندات ومذكرة دفاع التمس فيها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة 28/12/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء التنبيه المسلكي الصادر إليه بتاريخ 16/5/2007 عن رئيس هيئة قضايا الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانونًا، واستوفى جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يغدو مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن موضوع الطعن، فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 16/5/2007 صدر القرار المطعون فيه بتوجيه تنبيه مسلكي إلى الطاعن، مع حفظ أصل هذا التنبيه بملفه السري، بناء على التحقيق رقم 250/7/39/2006، لِما نسب إليه من إخلاله بواجبات وظيفته بمشاركته في إنشاء شركة توصية بسيطة- مستودع بوتجاز، حيث تستر وراء صفة الولي الطبيعي، وذلك بموجب العقد المؤرَّخ في 13/12/2003، والمصادق عليه برقم 7802 (أ) الشهر العقاري بأوسيم بتاريخ 13/12/2003، وهو ما يُعَدُّ عملا تجاريا حسبما تقضي به المادة الرابعة من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، وقد نعى الطاعن على هذا القرار مخالفته للقانون؛ لأن الشركة المذكورة لم يُكتَب لها النجاح، ولم يتم شهرها ونشرها وقيدها بالسجل التجاري، كما أن دخوله في هذه الشركة بصفة شريك موصٍ لا يسبغ عليه صفة التاجر، وأن مسئوليته عن الشركة تكون في حدود حصته، دون أن تمتد إلى أمواله الأخرى، فضلا عن أنه لم يمارس أيَّ عملٍ تجاري، كما أنه تخارج من الشركة أثناء التحقيق معه، ومن ثم فإن توجيه تنبيه مسلكي إليه يُعَدُّ عقابًا عن جرمٍ لم يرتكبه.
………………………………………………..
وحيث إن قانون تنظيم هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (75) لسنة 1963، المعدَّل بالقانونين رقمي (10) لسنة 1986 و(2) لسنة 2002، ينص في المادة (28) على أن: “لرئيس القسم أو الفرع حقُّ تنبيه الأعضاء في دائرة اختصاصه إلى كل ما يقع منهم مخالفًا لواجباتهم أو مقتضيات وظيفتهم بعد سماع أقوالهم، ويكونُ التنبيهُ شفاهةً أو كتابة. وفي الحالة الأخيرة تُبلغ صورةٌ لرئيس الهيئة الذي يبلغُها لوزير العدل. وللعضو في حالة اعتراضه على التنبيه الصادر إليه كتابةً من رئيس القسم أو الفرع أن يطلب خلال أسبوع من تبليغه إياه إلى مجلس التأديب إجراءَ تحقيقٍ عن الواقعة التي كانت محلا للتنبيه. ولهذا المجلس أن يجريه… وله أن يُؤَيِّد التنبيهَ أو يعتبره كأن لم يكن ويبلغُ قرارَه إلى وزير العدل. … ولوزير العدل ولرئيس الهيئة حقُّ تنبيهِ أعضاء الهيئة بعد سماع أقوالهم، على أن يكون لهم حق الاعتراض أمام المجلس المشار إليه…”.
وتنص اللائحة الداخلية للتفتيش الفني بهيئة قضايا الدولة الصادرة بقرار وزير العدل رقم 5025 لسنة 1993 في المادة (19) على أن: “ترسلُ الشكاوى التي ترد لرئيس الهيئة أو رؤساء الأقسام أو الفروع عن أمور متعلقة بالأعضاء حتى درجة وكيل الهيئة لإدارة التفتيش الفني لفحصها، وتُقَيَّدُ بسجل خاص بها…، ويعرض رئيس إدارة التفتيش نتيجةَ كلِّ تحقيقٍ على رئيس الهيئة بمذكرةٍ للبت فيها”.
وتنص المادة (30) على أن: “يُجرى التحقيقُ مع العضو فيما يقع منه مخالفًا لواجبات وظيفته أو مقتضياتها وما يلزم مراعاته في سلوكه وتصرفاته من انضباط ووقار بمعرفة أحد أعضاء التفتيش الفني… ويُجرى التحقيقُ كتابةً ويُدوَّن محضرُ التحقيق بمعرفة المحقق أو سكرتير التحقيق…”.
وحيث إن القانون رقم (17) لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة ينص في المادة الأولى على أن: “يُلغَى قانونُ التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 من نوفمبر سنة 1883 عدا الفصل الأول من الباب الثاني منه والخاص بشركات الأشخاص…”.
وينص قانون التجارة الصادر بالقانون رقم (17) لسنة 1999 في المادة (4) على أن: “يُعَدُّ عملا تجاريا:…”.
وتنص المادة (10) على أن: “يكونُ تاجرًا: 1-…
2- كلُّ شركةٍ تتخذُ أحدَ الأشكال المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالشركات، أيًّا كان الغرض الذي أنشئت الشركة من أجله”.
وتنص المادة (19) بالفصل الأول من الباب الثاني من قانون التجارة الصادر بالأمر العالي المذكور على أن: “الشركات التجارية المعتبرة قانونًا ثلاثة أنواع:
النوع الأول: شركة التضامن.
النوع الثاني: شركة التوصية.
النوع الثالث: شركة المساهمة…”.
وحيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرِّع خوَّل كلا من وزير العدل ورئيس هيئة قضايا الدولة ورؤساء الأقسام والفروع سلطةَ توجيه التنبيه إلى أعضاء الهيئة، واشترط لتوجيه التنبيه أن تكون الوقائعُ المنسوبة إلى العضو تتضمنُ إخلالا بواجبات وظيفته أو خروجًا على مقتضياتها، وأن تسمع أقواله قبل توجيه التنبيه إليه، وللعضو حق الاعتراض على التنبيه خلال أسبوع من تاريخ تبليغه أمام مجلس التأديب، وللمجلس أن يؤيِّد التنبيه أو يلغيه ويعتبره كأن لم يكن، ولا يصبح التنبيه نهائيا إلا بعد انقضاء ميعاد الاعتراض أو ميعاد البت فيه، فإذا ثبت أن التنبيه الموجَّه إلى العضو له ما يبرِّره بحصول الوقائع التي اقتضت توجهيه، وكانت هذه الوقائع تشكِّل مخالفةً لواجبات وظيفته أو مقتضياتها، كان التنبيهُ الموجَّه إليه له ما يبرِّره وبمنأى عن الإلغاء.
وحيث جرت أحكام هذه المحكمة على أنه ولئن كان التنبيه لا يُعَدُّ بذاته جزاءً من الجزاءات التي نصت عليها المادة (26) من قانون الهيئة المشار إليه، ولا يعدو أن يكون إجراءً يتخذه الرئيس المنوط به حق توجيهه لإثبات خروج عضو الهيئة على مقتضيات وواجبات وظيفته، وأن عليه تلافي ذلك مستقبلا، إلا أن التنبيه في الوقت نفسه يُعَدُّ دليلا على ثبوتِ الخطأ الذي ارتكبه عضو الهيئة، ويُرفَق بملف خدمته، ويظل منتجًا لأثره.
وحيث استقرت أحكام هذه المحكمة على أن الوظائف القضائية هي من الوظائف ذات المسئولية الخطرة، التي تتطلب في شاغلها أشدَّ الحرص على اجتناب كلِّ ما من شأنه أن يُزري السلوك أو يمسُّ السمعة، وأن على عضو الهيئة القضائية أن يسلُك في سلوكه ما يليق بكرامة وظيفته ويتناسب مع قدرها وعلو شأنها وسمو رسالتها، ولا يقتصر هذا الالتزام على ما يصدر عن العضو وهو يقوم بأعباء وظيفته، بل يمتد ليشمل ما يصدر عنه خارج نطاق وظيفته؛ بابتعاده عن مواطن الريب والشبهات، والالتزام بالسلوك القويم، وصون كرامة الوظيفة، والحرص على هيبة الهيئة القضائية التي ينتمي إليها، وعدم زعزعة الثقة فيها؛ باعتبار أن شغله لإحدى وظائف هذه الهيئة يفرِض عليه أقصى درجات الامتثال والالتزام لتقاليدها، مع الأخذ في الاعتبار أن عمل عضو الهيئة القضائية لا يُقاس بعمل غيره من الموظفين العموميين، ولا يُؤاخذ بالضوابط المعمول بها في شأن واجباتهم الوظيفية، بل يتعين أن يكون مقياس سلوكه أكثرَ صرامةً وأشدَّ حزمًا؛ نأيًا بالعمل القضائي أن تحيط به الشبهات وتكتنفه مواطن الريب التي تلقى بظلال على نزاهته، فتتضاءل معها الثقة في القائمين عليه.
وحيث إنه على هدي ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه بتوجيه تنبيه مسلكي للطاعن لِما نسب إليه من أنه شارك في إنشاء شركة توصية بسيطة- مستودع بوتجاز، متسترا وراء صفة الولي الطبيعي، وذلك بموجب العقد المؤرَّخ في 4/12/2003، والمصادق عليه برقم 2802 (أ) الشهر العقاري بأوسيم بتاريخ 3/12/2003، وهو ما يُعَدُّ عملا تجاريا على وفق قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، مما يُعَدُّ إخلالا منه بواجبات وظيفته.
وحيث إن إدارة التفتيش الفني بهيئة قضايا الدولة قد أجرت تحقيقًا فيما نسب إلى الطاعن، تمَّ فيه سماعُ أقواله وأقوال الشاكي، وقد ثبت في حق الطاعن ما نُسِبَ إليه ثُبوتًا يقينيا جازمًا لا يعتريه شكٌّ، وهو ما يُعَدُّ ولا ريب خروجًا منه على مقتضيات وظيفته، كعضو ينتمي إلى هيئةٍ قضائية تتطلب منه أن ينأى بنفسه عن سلوك مثل هذا المسلك؛ حتى لا يُسِيء إلى الهيئة التي ينتمي إليها، وعلى هذا وإذ صدر القرار الطعين بتوجيه تنبيه مسلكي إليه استنادًا إلى ما ثبت في حقه، فإن هذا القرارَ يكونُ قد صدر قائمًا على سببه، ومتفقا وحكم القانون، ويغدو الطعنُ عليه على غير سندٍ سليم من القانون، خليقًا بالرفض.
ولا يغير مما تقدم ما تذرع به الطاعن من أنه شارك في الشركة المذكورة بصفته وليًّا طبيعيًّا على نجله القاصر؛ إذ إن أعباءَ هذه الشركة تتعارضُ ووظيفته، كما لا يغير من ذلك ما أثاره من أنه تخارج من تلك الشركة؛ باعتبار أن هذا التخارج تمَّ بمناسبة إجراء التحقيق معه، كما أنه لا يغير مما تقدم ما تذرع به من أن الشركة لم يُكتَب لها النجاح، وأنه مجرد شريك موصٍ، وأن هذه الصفة لا تكسبه صفة التاجر، فإن ذلك مردودٌ عليه بأن قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 (المشار إليه) قد اعتبر مجرد تأسيس الشركات التجارية عملا تجاريا، وشركة التوصية البسيطة من بين الشركات التجارية، وذلك على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إن الطعن مُعفى من الرسوم إعمالا لنص المادة (25 مكررًا 1) من قانون هيئة قضايا الدولة المبين سالفًا.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |