برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الله إبراهيم فرج ناصف
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد الحميد حسن عبود، والسيد إبراهيم السيد الزغبي، ومحمود شعبان حسين رمضان، ود. رضا محمد عثمان دسوقي.
نواب رئيس مجلس الدولة
الأزهر الشريف– عاملون به- مبعوثو الأزهر إلى المراكز الإسلامية فى الخارج- شروط معاملتهم المالية طبقًا للأحكام المقرَّرة لموظفي وزارة التربية والتعليم بالخارج، الذين يُعاملون معاملة نظرائهم من رجال السلك السياسي- يُشترط لإفادة المبعوث من أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 أن يكون من مبعوثي الأزهر، وأن يكون ابتعاثه إلى أحد المراكز الإسلامية بالخارج- يُؤخَذُ هنا بالمفهوم العام للمراكز الإسلامية، وبالنظر إلى التعريف الموضوعي لها، وليس بالتعريف الشكلي، أي بالنظر إلى طبيعة عملها ومضمونه المتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وشرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتعليم اللغة العربية- يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن صورَ وأشكالَ هذه المراكز تختلفُ باختلاف الأنظمة التشريعية بكلِّ دولةٍ في الخارج، وحجم الجاليات الإسلامية فيها، وقوة نفاذها ومدى قدرتها على الوجود في أرض الواقع بما يتواءم مع ما تسمح به التشريعات المحلية.
– المادة (44) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 (الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية).
– قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 18/7/1955 بشأن الرواتب الإضافية التي تُصرف لموظفي وزارة التربية والتعليم في الخارج.
– المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 بشأن سريان قرار مجلس الوزراء الصادر في 18/7/1955 (المشار إليه) على مبعوثي الأزهر إلى المراكز الإسلامية في الخارج .
في يوم الإثنين الموافق 2/11/2009 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قُيِّدَ بجدولها بالرقم المشار إليه بعاليه، طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات- ب) بجلسة 6/9/2009 في الدعوى رقم 5496 لسنة 61ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددًا بأحقيته في معاملته ماليا طبقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 عن المدة المقررة لابتعاثه للعمل بالخارج، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا في الطعن. ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 28/1/2013 قررت إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 20/4/2013، وفيها نظرته هذه المحكمة وقررت التأجيل لجلسة 16/11/2013 للاطلاع على تقرير هيئة مفوضي الدولة والتعقيب، وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه عن موضوع الطعن، فإن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يُستفاد من الأوراق- في أن الطاعن (المدعي) أقام الدعوى رقم 5496 لسنة 61ق. أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات- ب) بتاريخ 28/11/2006، يطلب في ختامها الحكم بأحقيته في المعاملة المالية عن مدة ابتعاثه طبقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، على سندٍ من القول بأنه تمَّ ابتعاثُه إلى دولة غينيا كوناكري للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية لمدة أربع سنوات، على أن يتحمل الأزهر مرتباته ونفقاته خلال سفره، وسافر إلى بعثته وخلال فترة البعثة عُومِل ماليا بمقتضى القرار رقم 1025 لسنة 1981 بشأن تحديد المعاملة المالية للمُعارين على نفقة حكومة جمهورية مصر العربية، وكان يتعين معاملته ماليا طبقًا لأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 أسوة بزملائه.
………………………………………………..
وبجلسة 6/9/2009 حكمت المحكمة المتقدمة بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وشيَّدت قضاءها على أن مناط الاستفادة من أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 هو الابتعاث إلى أحد المراكز الإسلامية في الخارج، وأن مبعوثي الأزهر إلى غير هذه المراكز يخرجون عن نطاق تطبيق هذا القرار، وتطبيقًا لذلك خلصت المحكمة إلى أنه تم ابتعاث المدعي (الطاعن) إلى دولة غينيا كوناكري على نفقة الأزهر الشريف للعمل بالتدريس ونشر الثقافة الإسلامية، وليس للعمل بالمراكز الإسلامية التي عناها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992.
………………………………………………..
ونعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته لأحكام القانون، والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال؛ حيث تضمن التفرقة بين مبعوثٍ وآخر على أساسٍ غير موضوعي، وأن طبيعة عمله في البعثة تمثلت في نشر الثقافة الإسلامية بالخارج، ومن ثم فإنه يكون مبعوثًا لمركزٍ إسلامي أيًّا كان مسماه: مركز- مجمع- مسجد- أكاديمية- جامعة- معهد، فهي جميعًا تُعَدُّ مراكز إسلامية، كما أن الحكم الطعين خلا من أسبابٍ حقيقية، والتفت عن المستندات التي قدمها الطاعن، ولم يبين المعيار القانوني الذي استند إليه للقول بتوفر وصف المركز الإسلامي في مكانٍ أو جهةٍ ما، وانتفائه في مكانٍ أو جهةٍ أخرى، يعمل من خلالها مبعوثو الأزهر بالخارج، وخلص الطاعن إلى طلباته المبينة سالفًا.
………………………………………………..
وحيث إن المادة (44) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه: “يجوزُ منحُ رواتب إضافية للعاملين خارج الجمهورية وذلك وفقًا للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرارٌ من رئيس مجلس الوزراء بناءً على اقتراح لجنة شئون الخدمة المدنية”.
وإعمالا لحكم هذا النص، أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 579 لسنة 1992، ونص في مادته الأولى على أن: “تسري في شأن مبعوثي الأزهر إلى المراكز الإسلامية في الخارج الأحكامُ المقررة لموظفي وزارة التعليم بالخارج طبقًا لقرار مجلس الوزراء في 18 يوليو سنة 1955 المشار إليه، على أن يتحمل الأزهر بما يُصرف لهم طبقًا لأحكام هذا القرار”.
وقد نص قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 18/7/1955 بشأن الرواتب الإضافية التي تُصرف لموظفي وزارة التربية والتعليم في الخارج على أن: “يُعامَل موظفو وزارة التربية والتعليم بالخارج من الفنيين والإداريين (الكادر العالي) معاملة نظرائهم من رجال السلك السياسي، كما يُعامَل الموظفون الكتابيون بمكاتب البعثات معاملة أمناء المحفوظات، وذلك من حيث بدل الاغتراب (نظير بدل التمثيل) ومرتب الزواج وإعانة غلاء المعيشة وفرق خفض الجنيه (في البلاد التي يُصرف بها) وبدل السفر ونفقات العلاج وغير ذلك من الرواتب الإضافية والمصاريف، وذلك اعتبارًا من أول السنة المالية 1955- 1956”. وبتاريخ 13 من أغسطس سنة 1956 صدر قرار رئيس الجمهورية بشأن المعاملة المالية لموظفي وزارة التربية والتعليم في الخارج، وتضمن تحقيق المساواة الكاملة في المعاملة المالية بين موظفي وزارة التربية والتعليم في الخارج، وزملائهم من رجال السلك السياسي والملحقين الفنيين، وذلك تصحيحًا لبعض الأوضاع التي خلفها قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 18/7/1955.
وحيث إن مفاد ما تقدم أنه يتعين للإفادة من أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 أن يكون المبعوث إلى الخارج من مبعوثي الأزهر الشريف، وأن يكون ابتعاثه إلى أحد المراكز الإسلامية بالخارج، أخذًا بالمفهوم العام لهذه المراكز، وبالنظر إلى التعريف الموضوعي لها، وليس بالتعريف الشكلي، أي بالنظر إلى طبيعة عملها ومضمونه المتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وشرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتعليم اللغة العربية؛ خاصةً أنه لا يوجد نظامٌ محدَّد يتمُّ تطبيقه بشأن صور وأشكال المراكز الإسلامية، حيث إنها تختلف باختلاف الأنظمة التشريعية بكل دولةٍ في الخارج، وحجم الجاليات الإسلامية فيها، وقوة نفاذها ومدى قدرتها على أن توجد في أرض الواقع بما يتواءم مع ما تسمح به التشريعات المحلية، وذلك على النحو الوارد بكتاب وزارة الخارجية/ الإدارة القضائية (المرافق لحافظة مستندات الطاعن المودعة بجلسة 16/11/2013)، كما أفادت الإدارة العامة للبعوث الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في تقريرها المؤَرَّخ في 20/7/2005 (المرافق لحافظة مستندات الطاعن المودعة بجلسة 1/2/2009 أمام محكمة القضاء الإداري) بأن طبيعة عمل المبعوثين على نفقة الأزهر بالخارج تتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وشرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتعليم اللغة العربية، فضلا عن الخطابة وإمامة المصلين في مواعيد إقامة الصلاة بالمساجد، وإلقاء الدروس وتبصير المسلمين بأمور دينهم وتعليم أحكام القرآن الكريم، ويكون ذلك على مدار اليوم، وفي المكان الذي يُحدَّد بمعرفة الجهة الموفَدين إليها.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يشغل وظيفة مدرس مادة بمجموعة التعليم والدعوة بالأزهر الشريف بمحافظة الجيزة، وبتاريخ 17/9/2003 صدر قرار وكيل الأزهر رقم 2306 لسنة 2003 بالموافقة على سفر الطاعن للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية بدولة غينيا كوناكري لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ السفر، على أن يتحمل الأزهر مرتباته ونفقات سفره خلال هذه المدة، وذلك بناء على موافقة لجنة المبعوثين والمتعاقدين بمجمع البحوث الإسلامية بجلستها الخامسة والعشرين لسنة 2003 المعتمد محضرها في 10/8/2003، وقد سافر الطاعن إلى مقر بعثته بدولة غينيا كوناكري، وزاول المهام المبتعَث من أجلها، وهو ما يتعين معه معاملته ماليا على وفق أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 عن مدة ابتعاثه بالخارج، مع مراعاة خصم المبالغ التي صُرِفَت له خلال هذه المدة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر مخالفًا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه، وبأحقية الطاعن في معاملته عن مدة ابتعاثه لدولة غينيا كوناكري على وفق أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية الطاعن في معاملته ماليا طبقًا لقرار لرئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 عن مدة ابتعاثه للخارج لدولة غينيا كوناكري، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع مراعاة خصم ما سبق صرفه، وألزمت جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |