برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. أبو الحسن عبد الغنى إبراهيم، وناصر محمد عبد الموجود، وأيمن عبد الفتاح محمد السيد، ونادي محمد عبد اللطيف.
نواب رئيس مجلس الدولة
المبادئ المستخلصة:
الخصوم في الدعوى- تعدد المدعين- الأصلُ أن يكونَ مُقدِّمُ الادعاءِ أو المدعي في صحيفةٍ واحدة فردًا واحدًا (سواء كان شخصًا طبيعيًّا أم اعتباريًّا)، واستثناءً من ذلك: يسوغُ الجمعُ بين مدعين متعددين، يعملون في جهةٍ واحدة، في عريضةٍ واحدة، إذا كانت طلباتُهُمْ مُتَّحِدَةً، ولو اختلفت مراكزُهُمُ القانونية، مادام يحكمُهُم جميعًا سندٌ قانوني واحد- مناطُ ذلك تحقُّقُ المصلحةِ في توجيهِ الخصومة على هذه الصورة، ويخضعُ ذلك لتقدير المحكمة على وفق ما تراهُ حسب ظروف كلِّ دعوى على حدةٍ- تطبيق: إذا كان المدعون حاصلين على المؤهِّلِ نفسه، ويشغلون وظائف متماثلة، ويعملون في جهةٍ واحدة، ويخضعون جميعًا لأحكام قانونٍ واحد، وكانت طلباتُهُمْ واحدةً متماثلةً في موضوعها، فإن ذلك يُبَرِّرُ قانونًا توجيهَ الخصومةِ بصورةٍ جماعية في صحيفةٍ دعوى واحدة، ولا وجه للحكمِ بعدم قبولها([1]).
في يومِ الإثنين الموافق 22/6/2009 أودعَ وكيلُ الطاعناتِ قلمَ كُتَّابِ المحكمةِ تقريرَ الطعنِ الماثل في الحكمِ الصادرِ عن محكمةِ القضاءِ الإداري بالقاهرة (الدائرة 13) في الدعوى رقم 480 لسنة 58ق. بجلسة 23/4/2009، القاضي بعدم قبول الدعوى، وإلزام المدعيات المصروفات.
وطلبتْ الطاعناتُ -للأسبابِ الواردة بعريضة الطعن- الحكمَ بقبولِ الطعنِ شكلا، وفي الموضوعِ بإلغاءِ الحكمِ المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى شكلا، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في الموضوع.
وأودعت هيئةُ مفوضي الدولةِ تقريرًا مُسَبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأتْ فيه الحكمَ بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإعادة الدعوى (المطعون على حكمها) رقم 480 لسنة 58 ق. إلى محكمةِ القضاء الإداري بالقاهرة لنظرها بهيئةٍ مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
نُظِرَ الطعنُ أمامَ دائرةِ فحص الطعون، وتُدُوْوِلَ بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، والتي أمرت بإحالته إلى هذه المحكمة، حيث تُدُوْوِلَ نظرُهُ أمامَهَا على النحوِ الثابتِ بمحاضرها، وبجلسةِ 19/11/2015 قرَّرَتْ المحكمةُ إصدارَ الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدرَ الحكمُ، وأودعت مسوَّدتُهُ المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصرَ هذه المنازعة تخلصُ -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 7/10/2003 أقامت الطاعناتُ الدعوى رقم 480 لسنة 58 ق. بإيداع عريضتها قلمَ كُتَّابِ محكمةِ القضاء الإداري بالقاهرة، بُغيةَ الحكمِ بقبولها شكلا، وفي الموضوع بأحقيتهن في صرفِ بدلِ ظروف ومخاطر الوظيفة بنسبة 40% من الأجر الأصلي، وبدلِ وجبةٍ غذائية قدرُهَا عشرةُ جنيهات شهريًّا، والجمعِ بين ذلك البدلِ وبدلِ العدوى المقرَّرِ لَهُنَّ اعتبارًا من عام 1997، مع مُراعاة التقادم الخمسي، واستمرار صرفه، مع إلزام المدعى عليه بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالت المدعياتُ شرحًا لدعواهُنَّ إن كلا منهن تعملُ بالجهة الإدارية المدعى عليها بوظيفةِ كبير إخصائيين بدرجةِ مدير عام بالمعامل المركزية بوزارة الصحة، ويخضعن لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ومن ثمَّ يحقُّ لهن صرفُ بدل ظروف ومخاطر الوظيفة إعمالا لأحكامِ القانونِ رقم 26 لسنة 1983 المعدَّل بالقانون رقم 16 لسنة 1985، وقرارِ رئيس مجلس الوزراء رقم 711 لسنة 1986، بواقع 40% من الأجر الأصلي، وعشرة جنيهات بدل وجبة غذائية شهريًّا، إلا أن جهةَ الإدارة امتنعتْ عن صرفِ هذا البدلِ، رغم أحقيتهن في صرفه، مِمَّا حداهن على اللجوءِ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات، ثم إقامةِ دعواهن بغيةَ الحكمِ لهن بالطلبات المشار إليها.
…………………………………………………………
وبجلسة 23/4/2009 قضت محكمةُ القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعيات المصروفات.
وشيَّدَتْ المحكمةُ قضاءَها على أنه ولئن كانت طلباتُ المدعيات مُتماثلةً في موضوعها، إلا أن لكلٍّ منهُن مركزًا قانونيًّا خاصًّا بها مُستقلا قائمًا بذاته، ولا يجمعهن من ثمَّ وضعٌ قانوني غيرُ قابلٍ للتجزئة أو مصلحةٌ جماعية مُشتركة، على نحوٍ يُجيزُ قانونًا توجيهَ الخصومة في صورةٍ جماعية بصحيفةٍ واحدة، على النحو الذي أقيمت به الدعوى الماثلة، مما تضحَى معه هذه الدعوى غيرَ مقبولةٍ؛ لجماعيتها.
…………………………………………………………
وحيث إن أسبابَ الطعن الماثل تتحصلُ في أن الحكمَ المطعون فيه قد خالفَ القانون؛ حيث جرى قضاءُ المحكمة الإدارية العليا على أن وحدةَ مصلحةِ المدعين تكفي لجمع طلباتهم في صحيفةٍ واحدة، دون أن يلحقَ بها البطلانُ؛ ذلك أن البطلانَ لا يلحقُ الإجراءَ أو العملَ إلا بنصٍّ صريح في القانون، أو أن يكونَ الإجراءُ قد شابه عيبٌ جوهري، وقد تواترت أحكامُ المحكمة الإدارية العليا على أنه يكفي لجمع أكثر من مدعٍ في صحيفةٍ واحدة أن تتفِقَ مصلحتُهُمْ وتتحدَ طلباتُهُم، مهما اختلفت وتباينت درجاتُهُم، مادامت أنها تدخلُ في اختصاصِ المحكمةِ نفسها، ولما كان الثابتُ أن الطاعنات يشغلن جميعًا وظيفةَ كبير إخصائيين، ويعملن في مكانٍ واحد وهو الإدارة العامة للمعامل المركزية، وإدارةٍ واحدة هي إدارة كيمياء الصحة العامة، وتتمثلُ طلباتُهُنَّ في طلبٍ واحد هو منحُهُن بدل ظروف ومخاطر الوظيفة، فوضعُهُن القانوني واحدٌ، وطلباتُهُنَّ واحدةٌ، ومراكزُهُنَّ القانونية واحدةٌ، ولا اختلاف بينهن، مِمَّا يجعلُ دعواهُنَّ مقبولةً شكلا، وإذ خالفَ الحكمُ المطعون فيه ما تقدم، فإنه يكونُ خليقًا بالإلغاءِ.
…………………………………………………………
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كان من المستقر عليه أنه يتعين كأصلٍ عام أن يكونَ مُقدِّمُ الادعاءِ أو المدعي في صحيفةٍ واحدة فردًا واحدًا، سواء كان شخصًا طبيعيًّا أم اعتباريًّا، إلا أن الجمعَ بين مدعين متعددين يعملون في جهةٍ واحدة في عريضةٍ واحدة يكونُ سائغًا؛ إذا كانت طلباتُهُمْ مُتَّحِدَةً، حتى لو اختلفت مراكزُهُمْ القانونية، مادام يحكمُهُم جميعًا سندٌ قانوني واحد، والمناطُ في ذلك هو تحقيقُ المصلحة في توجيه الخصومة على هذه الصورة، ومردُّ ذلك يرجعُ إلى تقدير المحكمة على وفق ما تراهُ حسب ظروف كلِّ دعوى على حدةٍ. (حكم المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثامنة) في الطعن رقم 10223 لسنة 49 ق. عليا جلسة 19/1/2008).
وحيث إنه يبينُ من الأوراق أن الطاعنات حاصلات على بكالوريوس علوم، وتشغلن وظيفةَ كبير إخصائيين بدرجة مدير عام في جهةٍ واحدة، وتخضعن جميعًا لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وطلباتهن واحدةٌ متماثلة في موضوعها، “صرف بدل ظروف ومخاطر الوظيفة بنسبة 40% من الأجر الأصلي، وبدل وجبة غذائية قدرها عشرة جنيهات شهريًّا، والجمع بين ذلك البدل وبدل العدوى المقرر لهن اعتبارًا من عام 1997، مع إلزام الجهة الإدارية بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد”، ومن ثمَّ فإن ذلك يُبَرِّرُ قانونًا توجيهَ الخصومةِ بصورةٍ جماعية في صحيفةٍ دعوى واحدة.
وإذ ذهبَ الحكمُ المطعون فيه غيرَ هذا المذهبِ، فإنه يكونُ قد خالفَ صحيحَ حكمِ القانون، خليقًا بالإلغاء فيما تضمَّنَهُ من عدم قبول الدعوى المطعون في حكمها.
وحيث إنه لَمَّا كان من المسلَّمِ به أن الطعنَ أمام المحكمة الإدارية العليا يطرحُ المنازعة برمتها أمامها لِتنـزلَ عليها صحيحَ حكمِ القانون، متى كان الطعنُ مُهيأ للفصل في موضوعه، ولَمَّا كان الطعنُ الماثل غيرَ مُهيأ للفصل في موضوعه، مِمَّا يتعينُ معه الحكمُ بإعادة الدعوى المطعون في حكمها إلى محكمةِ القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيها مُجَدَّدًا بهيئةٍ مغايرة، حتى لا تُفَوَّتُ درجةٌ من درجاتِ التقاضي، مع إبقاءِ الفصل في المصـروفات، عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات الطعن.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأمرت بإعادة الدعوى رقم 480 لسنة 58ق إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيها مُجَدَّدًا -بهيئةٍ مغايرة-، وأبقت الفصلَ في مصروفاتها، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها بمصروفات الطعن.
([1]) راجع في الاتجاه نفسه: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8670 لسنة 46 ق.ع بجلسة 22/6/2008 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53/1 مكتب فني، المبدأ رقم 106، ص782)، وكذا حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 25179 لسنة 51 ق.ع بجلسة 15/3/2009 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 54 مكتب فني، المبدأ رقم 43/أ، ص357)، وكذا حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 22368 لسنة 53 ق.ع بجلسة 21/11/2013 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 59/1 مكتب فني، المبدأ رقم 13، ص152).
وقارن بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11263 لسنة 47 ق.ع بجلسة 24/3/2007 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة الأولى بالمحكمة في الفترة من أول أكتوبر سنة 2006 حتى إبريل سنة 2007، جـ1 مكتب فني، المبدأ رقم 78، ص500)، حيث بينت المحكمة أن الأصل أن يكون مقدم الادعاء أو المدعي فى صحيفة الدعوى فردا واحدا؛ لأن لكل شخص طبيعي أو معنوي حالة قانونية أو مركزا قانونيا مستقلا لا يختلط بالحالة القانونية أو المركز القانوني لغيره، وأنه لا يجوز الاستثناء من هذا الأصل بأن يرفع أكثر من شخص دعوى واحدة بصحيفة واحدة، سواء أكانت طلباتهم واحدة ومتماثلة أم متعددة ومتغايرة، إلا في الحالات التي تكون فيها مراكزهم القانونية مندمجة في مركز قانوني واحد غير قابل للتجزئة أو الانفصال، و المناط في ذلك أن تتحقق المصلحة في توجيه الخصومة بصورة جماعية، وهو أمر يرجع في تقديره للمحكمة على وفق ما تراه من ظروف الدعوى، وتطبيقا لهذا قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى التي يرفعها أكثر من شخص طلبا لتوصيل التيار الكهربائي لمنازلهم.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |