مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – الطعن رقم 20485 لسنة 57 القضائية (عليا)
مايو 30, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السابعة – الطعن رقم 21368 لسنة 55 القضائية (عليا)
مايو 30, 2021

الدائرة الثالثة – الطعن رقم 12824 لسنة 59 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 28 من يوليو سنة 2015

الطعن رقم 12824 لسنة 59 القضائية (عليا)

(الدائرة الثالثة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضـــويـة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين/ أحمد منصور محمد منصور، وأحمد عبد الراضي محمد، وجمال يوسف زكي علي، ومحمد محمد السعيد محمد.

نــواب رئيس مجلس الدولـة

المبادئ المستخلصة:

(أ) اختصاص– ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة- ينعقد الاختصاص بنظر خصومة رد هيئة التحكيم في منازعات التحكيم الناشئة عن العقود الإدارية لمحكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية طبقا للاختصاص القيمي لكل منهما، كما تختص المحكمة الإدارية العليا بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الناشئ عن عقد إداري- استثناءً من هذا الأصل العام: تختص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الذي يصدر نفاذا لمشارطة تحكيم متى كانت ذات طبيعة تجارية دولية، وإن تضمنها عقد إداري.

– المادة رقم (19) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، معدلة بموجب القانون رقم 8 لسنة 2000.

(ب) تحكيم– ماهيته- الأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكَّم من الأغيار، يعين باختيارهما أو بتفويض منهما على وفق شروط يحددانها، ليفصل في النزاع بقرار يقطع دابر الخصومة- اتجاه إرادة المحتكمين إلى ولوج هذا الطريق لفض خصوماتهم بدلا من القضاء، يترتب عليه حجب المحاكم عن نظر المسائل التي يتناولها التحكيم، استثناءً من أصل خضوعها لولايتها.

– حكم المحكمة الدستورية العليا في القضيتين رقمي 50 و66 لسنة 22ق (دستورية) بجلسة 15/12/2002.

(ج) تحكيم– الاختصاص المنوط بهيئة التحكيم- تختص بالفصل في النزاع فيما يخص موضوع التحكيم المعروض عليها برمته، كما ناط بها المشرع الفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع المطروح عليها؛ وذلك إعمالا لقاعدة أن قاضي الدعوى هو قاضي الدفع- لا يحول الاتفاق على عرض نزاع ما على هيئة التحكيم دون أن تفرض المحكمة المختصة بنظر النزاع رقابتها على قرارات هيئة التحكيم التي تنتهي بها الخصومة كلها، فجعل المشرع لهذه المحكمة الأمر بتنفيذ حكم التحكيم والتظلم منه، وجعل لها وحدها الاختصاص بنظر دعوى بطلان أحكام المحكمين، فضلا عن نظر المسائل التي أحالها قانون التحكيم إليها، من بينها اتخاذ تدابير مؤقتة وتحفظية، سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها، واختيار المحكم الثالث بناء على طلب أحد طرفي التحكيم، والفصل في طلب رد المحكم.  

(د) دعوى– خصومة رد القاضي- ماهيتها- استقلالها عن الخصومة الأصلية- الأصل في خصومة الرد أنها تثير ادعاءً فرعيا عند نظر الخصومة الأصلية، مداره أن قاضيها أو بعض قضاتها الذين يتولون الفصل فيها قد زايلتهم الحيدة التي يقتضيها العمل القضائي، ومن ثم كان لخصومة الرد خطرها ودقتها، سواء بالنظر إلى موضوعها أو الآثار التي تنجم عنها، ولا شأن لها بنطاق الخصومة الأصلية، بل تستقل تماما عن موضوعها، وتعتصم بذاتيتها، لتكون لها مقوماتها الخاصة بها.

(هـ) تحكيم– خصومة رد هيئة التحكيم- ضمانة الحيدة في خصومة رد المحكم هي من ضمانات التقاضي الأساسية التي لا غنى عنها بالنسبة إلى كل عمل قضائي، ليغدو الحق في رد المحكم قرين الحق في رد القاضي- صدور حكم نهائي في دعوى التحكيم لا يؤثر في نظر خصومة الرد، إذ تعتصم بذاتيتها لتكون لها مقوماتها الخاصة بها- صدور حكم برد هيئة التحكيم أو أحد محكميها يرتب أثره ببطلان الحكم الصادر عن تلك الهيئة واعتباره كأن لم يكن.

– المادة (18) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، معدلة بموجب القانون رقم 8 لسنة 2000.

(و) دعوى– طلبات في الدعوى- تكييف الطلبات- العبرة بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها- المحكمة ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون تقيد بتكييف الخصوم لها، وذلك في ضوء ما تبينته من وقائعها متقيدة في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها دون تغيير في مضمون هذه الطلبات، أو استحداث طلبات جديدة لم تطرح من قبل الخصوم؛ وذلك إعمالا لقاعدة أصيلة من قواعد المرافعات التي توجب على القاضي التقيد في حكمه بحدود الطلبات المقدمة في الدعوى.

(ز) دعوى– الطعن على الأحكام- الأحكام غير المنهية للخصومة- عدم جواز الطعن عليها استقلالا قبل صدور الحكم المنهي للخصومة- استثناءً من ذلك أجاز المشرع الطعن استقلالا وقبل صدور حكم منهٍ للخصومة في الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام التابعة للتنفيذ الجبري والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة.

– المادة رقم (212) من قانون المرافعات، المستبدلة بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992.

(ح) دعوى– الحكم في الدعوى- الحكم بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة– يجوز الطعن عليه استقلالا في المواعيد المقررة قانونا- إذا لم يطعن عليه من قبل أي من أطراف الخصومة أصبح هذا الحكم نهائيا وحاز قوة الأمر المقضي، وتلتزم المحكمة التي قضى الحكم باختصاصها بنظر الدعوى، ولو بني على قاعدة غير صحيحة في القانون؛ احتراما لقوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام.

(ط) دعوى– الخصوم في الدعوى- جواز إدخال خصوم جدد في الدعوى لدى تداولها بجلسات التحضير أمام هيئة مفوضي الدولة، وذلك بموجب صحيفة معلنة([1]).

(ي) دعوى– طلبات في الدعوى- جواز تعديل الطلبات في الدعوى لدى تداولها بجلسات التحضير أمام هيئة مفوضي الدولة، وذلك بموجب صحيفة معلنة([2]).

(ك) دعوى– التدخل في الدعوى- التدخل الانضمامي- حدوده- يتقيد المتدخل الانضمامي بتأييد طلبات من يريد المتدخل الانضمام إليه من طرفي الدعوى، فلا يترتب على قبول التدخل أن يُطرح على المحكمة طلبٌ خاص بالمتدخل لتقضي فيه، بل يظل عملها مقصورا على الفصل في موضوع الدعوى الأصلي.

– المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

(ل) دعوى– صحيفة الدعوى- لزوم توقيع العريضة من محامٍ مقبول أمام المحكمة- تطبيق: صدور حكم عن محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى محل التدخل وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا باعتبارها محكمة موضوع، يستوجب تصحيح صحيفة الدعوى المقدمة أمامها بتوقيعها من محامٍ مقبول لدى المحكمة الإدارية العليا، وإلا قضي ببطلان صحيفة الدعوى.

– المادة (44/2) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.

(م) دعوى– الحكم في الدعوى- الحكم بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة- تجوز الإحالة من أي من المحاكم إلى المحكمة الإدارية العليا بوصفها محكمة موضوع لا محكمة طعن- ألزم المشرع المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، وألزم المحكمة المحال إليها الدعوى أن تفصل فيها، دون تفرقة بين درجات المحاكم المختلفة، فالإحالة واجبة متى قضي بعدم الاختصاص- تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بهذه الإحالة، سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بالإحالة أو من طبقة أعلى أو أدنى- العلة في ذلك تبسيط إجراءات التقاضي وتيسيرها على المتقاضين، وسرعة الفصل في القضايا([3]).

– المادة (110) من قانون المرافعات.

الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 3/3/2013 وردت لقلم كتاب المحكمة الدعوى الماثلة المقيدة بجدولها طعنا برقم 12824/59 ق. عليا، نفاذا لحكم الإحالة إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثامنة عقود) بجلسة 25/12/2012 في الدعوى رقم 56863 لسنة 63 ق المقامة من شركة الكراكات المصرية ضد المطعون ضدهما الأول والثاني، بطلب الحكم برد المهندس/…بصفته محكما عن الجهاز المركزي للتعمير في التحكيم المقام بين الشركة والجهاز، وببطلان حكم هيئة التحكيم الصادر بجلسة 31/3/2010 الذي قضى:

(أولا) برفض الدفوع الشكلية المقدمة من المحتكم ضده على النحو المبين بالأسباب.

و(ثانيا) بإلزام المحتكم ضده (الجهاز المركزي للتعمير) أن يدفع للمحتكمة (شركة الكراكات المصرية) مبلغ 2070967.0 جنيها (فقط مليونين وسبعين ألفا وتسع مئة وسبعة وستين جنيها مصريا)، تمثل قيمة الفرق بين قيمة أحجار البازلت بتطبيق فئة التكلفة التي تمت محاسبة الشركة المحتكمة عليها بالمقارنة بقيمتها بتطبيق الفئة التي قررتها هيئة التحكيم، مع إضافة نسبة 25% مصاريف إدارية وأرباح، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

(ثالثا) بإلزام المحتكم ضده أن يدفع للمحتكمة تكلفة التمويل لقيمة المستخلصات المعتمدة عن فترات التأخير على وفق سعر الائتمان والخصم المعلن من البنك المركزي في فترات التأخير، وذلك طبقا لقيمة المستخلصات المعتمدة ومدد تأخيرها المبينة بالكشف المرفق، وذلك كتعويض عن عدم قيام المحتكم ضده بصرف المستخلصات للشركة المحتكمة خلال ستين يوما من تاريخ تقديمها للمحتكم ضده، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

(رابعا) بتحمل المحتكمة والمحتكم ضده أتعاب ومصاريف التحكيم مناصفة.

(خامسا) رفض ما عدا ذلك من طلبات للمحتكمة والمحتكم ضده.

وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.

ولدى تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة تم اختصام أعضاء هيئة التحكيم المذكورين بصدر هذا الحكم بموجب صحيفة معلنة بتاريخ 25/6/2013، وقدمت الهيئة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع ببطلان حكم هيئة التحكيم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.

ونُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 21/5/2014، وتدوول أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/2/2015 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث نظرته بجلسة 24/3/2015 وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 2/6/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

وحيث إن مجمل الواقعات في حدود ما يتطلبه الفصل في دعوى الرد والطعن بالبطلان على حكم هيئة التحكيم المطعون فيه تخلص في أنه بتاريخ 16/9/2009 أقامت شركة الكراكات المصرية الدعوى رقم 56863 لسنة 63ق أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثامنة) بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع برد المهندس/… بصفته محكمًا عن الجهاز المركزي للتعمير في التحكيم المقام بين الشركة والجهاز -للأسباب المبررة لرده-، وذلك على سند من أنه بناء على موافقة وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية بتاريخ 20/1/2008 على اللجوء إلى التحكيم لحسم النزاع القائم بين شركة الكراكات المصرية والجهاز المركزي للتعمير الناشئ عن التعاقد المبرم بتاريخ 22/8/2000 بين الجهاز المركزي للتعمير وجهاز تعمير وتنمية الساحل الشمالي الأوسط وبين الشركة لتنفيذ ميناء الصيد بالبرلس، الصادر عنه أمر الإسناد رقم 1557 في 1/8/2000، وأمر الإسناد الملحق بتاريخ 1/11/2003 لتنفيذ أعمال الحماية البحرية المطلوبة لقرية برج البرلس؛ فقد أبرم بينهما اتفاق مشارطة تحكيم بتاريخ 2/3/2009، وأقامت الشركة دعوى تحكيم ضد الجهاز للفصل في المسائل المحدَّدَة بالبند الرابع من اتفاقية التحكيم، وتضمن البند الثالث منها تشكيل هيئة التحكيم وتعيين المهندسة/… محكما عن الجهاز المركزي للتعمير، إلا أن الشركة فوجئت بإخطارها بكتاب صادر بذات تاريخ مشارطة التحكيم باعتذار هذه المهندسة عن عدم الاستمرار كمحكم عن الجهاز، وتم تعيين المهندس/… محكما عن الجهاز بدلا منها، فتقدمت الشركة خلال المدة المقررة قانونا بطلب كتابي لهيئة التحكيم لرد هذا المحكم عملا بالمادة 18 من القانون رقم 27 لسنة1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية لكونه بحكم منصبه كرئيس للجهاز المركزي للتعمير قد أبدى آراء تتعلق بأمور موضوع نزاع التحكيم، مما يشكك في حيدته واستقلاله، وبينت في الطلب أسباب الرد، ولم يتنح المحكم المطلوب رده عن نظر التحكيم على الرغم من إثبات طلب الرد بمحضر اجتماع الجلسة الإجرائية الأولى في قضية التحكيم المنعقدة بتاريخ 30/5/2009، مما حدا الشركة على إقامة دعواها بطلب رد المحكم المشار إليه أمام المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، وهي محكمة القضاء الإداري طبقا للمادة (9) من القانون رقم 27 لسنة 1994، ونظرا لصدور حكم هيئة التحكيم بجلسة 31/3/2010 أثناء نظر الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة لدى محكمة القضاء الإداري، فقد عدلت الشركة طلباتها بموجب صحيفة معلنة بتاريخ 12/10/2010 طلبت في ختامها الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر بجلسة 31/3/2010 إضافة إلى طلبها الثابت بموجب صحيفة الدعوى، وذلك على سند من أن هيئة التحكيم تجاهلت إحالة طلب رد المحكم إلى المحكمة المختصة بالمخالفة للمادة 19 سالفة الذكر، ولخلو الحكم من بيان عناوين المحكمين وجنسياتهم وصفاتهم بالمخالفة للمادة 43 من قانون التحكيم.

وبجلسة 21/2/2012 تقدمت شركة الهدف للتجارة والمقاولات أمام محكمة القضاء الإداري بطلب تدخل انضمامي إلى جانب شركة الكراكات المصرية بموجب صحيفة معلنة بطلب الحكم برد المحكم على أساس أن الشركة المتدخلة هي مقاول الباطن للشركة المدعية في تنفيذ العقد الناشئ عنه النزاع.

………………………………………………….

وبجلسة 25/12/2012 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، وأقامت قضاءها على أن الشركة المدعية قد انتهت في طلباتها الختامية –على وفق التكييف القانوني الذي أسبغته المحكمة على طلباتها وطلبات الخصم المتدخل فيها إلى جانب الشركة المدعية- إلى طلب بطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 31/3/2010، مما يُعد طعنا بالبطلان على هذا الحكم، وهو ما تختص بنظره المحكمة الإدارية العليا باعتبارها محكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة بنظر موضوع النزاع أصلا وهي محكمة القضاء الإداري، وهو ما يتعين معه والحال كذلك الحكم بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا.

………………………………………………….

وحيث إن طلبات الشركة الطاعنة على وفق صحيفة تعديل الطلبات تنحصر في طلبين: (الأول) هو رد المحكم عن الجهاز المركزي للتعمير، و(الثاني) هو الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 31/3/2010.

وحيث إن المادة (19) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، المعدلة بالقانون رقم 8 لسنة 2000 تنص على أن: “1- يقدم طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبينا فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يوما من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة أو بالظروف المبررة للرد، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب، يحال بغير رسوم إلى المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن.

2- لا يقبل طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب برد المحكم نفسه في ذات التحكيم.

3- لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم، وإذا حكم برد المحكم، ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين، كأن لم يكن”.

ونصت المادة (9) على أن: “يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجاريا دوليا، سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر”.

وحيث إن الأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكَّم من الأغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما، على وفق شروط يحددانها، ليفصل في النزاع بقرار يقطع دابر الخصومة، بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره من خلال ضمانات التقاضي الرئيسة، وهو ما مؤداه اتجاه إرادة المحتكمين إلى ولوج هذا الطريق لفض خصوماتهما بدلا من القضاء، ومن ثم فإن المشرع، بما له من سلطة تقديرية في تنظيم الحقوق، قد حجب المحاكم عن نظر المسائل التي يتناولها التحكيم استثناءً من أصل خضوعها لولايتها، وأن المشرع في الفقرة الأولى من المادة (22) من قانون التحكيم المشار إليه قرر أن: “تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع”، وبذلك خول هيئة التحكيم الفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع، لاعتبارات تتفق والمنطق القضائي، قوامها أن عرض نزاع ما على هيئة التحكيم يعد وسيلة قضائية يحسم من خلالها النزاع موضوع التحكيم برمته، بما فيه من أوجه دفاع ودفوع، فلا تتجزأ الخصومة محل التحكيم لتفصل في موضوعها هيئة التحكيم، بينما تفصل في دفوعها هيئة أخرى، وذلك حتى تتمكن هيئة التحكيم من القيام بواجبها في الفصل في النزاع المطروح عليها دون أن تتمزق أوصاله، وما ذلك إلا تطبيقا للقاعدة المتفق عليها فقها وقضاء، وهي أن قاضي الدعوى هو قاضي الدفع، وهو ما حدا المشرع في الفقرة الأولى من المادة (13) من قانون التحكيم المشار إليه على أن يوجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعي عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى، وهو ما مؤداه أن هيئة التحكيم أصبحت هي الجهة الوحيدة التي تستطيع الفصل في الدفوع التي قد يثيرها الخصوم بشأن اتفاق التحكيم (وهو ما قررته المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 50 و66 لسنة 22 ق دستورية بجلسة 15/12/2002) على أن الاتفاق على عرض نزاع ما على هيئة التحكيم لا يحول دون أن تفرض المحكمة المختصة المشار إليها في المادة (9) رقابتها على قرارات هيئة التحكيم التي تنتهي بها الخصومة كلها، فقد جعل المشرع لهذه المحكمة الأمر بتنفيذ حكم التحكيم (المادة 56) والتظلم منه (المادة 58/3)، كما جعل لها وحدها الاختصاص بنظر دعوى بطلان أحكام المحكمين (المادة 54) ليتمكن من خلالها الخصوم وغيرهم من ذوي الشأن الذين يستطيل حكم التحكيم إليهم إبداء ما يعن لهم من مطاعن تؤدي إلى بطلان ذلك الحكم، كما أحال المشرع إلى هذه المحكمة أن تنظر المسائل التي أحالها قانون التحكيم إليها، وهي أن تأمر باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها (المادة 14)، واختيار المحكم الثالث بناء على طلب أحد طرفي التحكيم (المادة 17/1/ب)، والقيام بالإجراء أو العمل المنصوص عليه في المادة 17/2، والفصل في طلب رد المحكم (المادة 19/1)، والأمر بتنفيذ التدبير الذي قررته هيئة التحكيم على وفق حكم المادة 24، والحكم بالجزاءات على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة، والإنابة القضائية (المادة 37)، وطلب أحد طرفي التحكيم تحديد ميعاد إضافي لإصدار حكم التحكيم أو إنهاء إجراءات التحكيم (المادة 45/2).

وحيث إن مضي هيئة التحكيم في نظر النزاع الأصلي وصدور حكمها النهائي فيه، لا يؤثر في نظر خصومة الرد؛ ذلك أن خصومة الرد تثير ادعاء فرعيا عند نظر الخصومة الأصلية مداره أن قاضيها أو بعض قضاتها الذين يتولون الفصل فيها، قد زايلتهم الحيدة التي يقتضيها العمل القضائي، ومن ثم كان لخصومة الرد خطرها ودقتها، سواء بالنظر إلى موضوعها أو الآثار التي تنجم عنها، ولا شأن لها من ثم بنطاق الخصومة الأصلية المرددة بين أطرافها، ولا بالحقوق التي يطلبونها فيها، ولا بإثباتها أو نفيها، بل تستقل تماما عن موضوعها، فلا يكون لها من صلة بما هو مطروح فيها، ولا بشق من جوانبها، ولا بالمسائل المتفرعة عنها أو العارضة عليها، بل تعتصم خصومة الرد بذاتيتها، لتكون لها مقوماتها الخاصة بها، بما مؤداه استقلال خصومة الرد عن الخصومة الأصلية في موضوعها، وإن ظل للحكم الصادر في أولاهما أثره وانعكاسه على ثانيتهما ولو بعد الفصل فيها بحكم نهائي، فقد رتب البند 3 من المادة 19 من قانون التحكيم على صدور الحكم برد المحكم اعتبار حكم المحكمين كأن لم يكن، بما يجعل البطلان أثرًا من آثار الحكم برد المحكم.

وحيث إن الأصل العام هو اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الناشئة عن عقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريدات أو أي عقد إداري آخر على وفق نص المادة (10/11) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، مما مؤداه أن المشرع أبقى خصومة رد المحكم في التحكيم الناشئ عن عقد إداري من اختصاص محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية طبقًا للاختصاص القيمي، كما أبقى لمحكمة الدرجة الثانية الاختصاص بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الناشئ عن عقد إداري، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل العام دعوى بطلان حكم التحكيم الذي يصدر نفاذا لمشارطة تحكيم، وإن تضمنها عقد إداري، متى كانت ذات طبيعة تجارية دولية، على وفق التعريف المحدد لذلك في المادتين (2) و(3) من القانون رقم 27 لسنة 1994، فعهد بتلك الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة بصريح نصوص المواد (9/1) و(53/1- أ) و(54/2) من القانون المشار إليه.

وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطالبة محل التحكيم تتعلق بعقد أشغال عامة وتجاوزت قيمتها خمس مئة جنيه، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر دعوى خصومة رد المحكم لمحكمة القضاء الإداري، وليس المحكمة الإدارية العليا.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحكمة ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون تقيد بتكيِّف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى، والعبرة في تكييف الدعوى بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها، ولئن كان للمحكمة أن تكيف الدعوى بما تتبينه من وقائعها، وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون، إلا أنها مقيدة في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها، فلا تملك التغيير في مضمون هذه الطلبات، أو استحداث طلبات جديدة لم يطرحها عليها الخصوم، وإلا تكون قد خرجت بالدعوى عن نطاقها المطروح عليها، وخالفت قاعدة أصيلة من قواعد المرافعات التي توجب على القاضي التقيد في حكمه بحدود الطلبات المقدمة في الدعوى، لما كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق وحكم محكمة القضاء الإداري الذي أحيلت الدعوى بمقتضاه إلى هذه المحكمة، أن الشركة أقامت دعواها بطلب رد المحكم عن الجهاز المركزي للتعمير، ثم أضافت طلبا عارضا ببطلان حكم التحكيم المشار إليه، والذي لا يعدو أن يكون أثرا من آثار الحكم برد المحكم، فإن حكم القضاء الإداري إذ كيف الدعوى على أنها دعوى بطلان حكم التحكيم، يكون قد خرج بالدعوى عن نطاقها المطروح عليها، وهو ما حجبه عن بحث دعوى الرد، متسلبا من اختصاصه.

وحيث إن المادة (212) من قانون المرافعات المستبدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على أنه: “لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة، وفي الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المحال إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن”.

ومفاد ذلك أن الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن على الحكم المنهي للخصومة كلها، سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أم فرعية أم قطعية أم متعلقة بالإثبات، حتى لو كانت منهية لجزء من الخصومة، ولم يستثن المشرع من ذلك إلا الأحكام التي بيَّنها حصرا، وهي الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة، ورائد المشرع في ذلك هو عدم تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين المحاكم، مع ما يترتب على ذلك أحيانا من تعويق الفصل في الدعوى وما يستتبعه حتما من زيادة نفقات التقاضي، لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/12/2012 قام على عدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا، فمن ثم يجوز الطعن عليه على استقلال في المواعيد المقررة في القانون، وإذ لم يطعن عليه أي من أطراف الخصومة، وأصبح هذا الحكم نهائيا بعدم الطعن فيه وحاز قوة الأمر المقضي، فإن المحكمة التي قضى الحكم باختصاصها تلزم به، ولو بني على قاعدة غير صحيحة في القانون؛ لأن قوة الأمر المقضي تعلو على اعتبارات النظام العام، مما لا مناص معه من فصل هذه المحكمة في خصومة الرد التي تختص بنظرها محكمة القضاء الإداري، ثم دعوى بطلان حكم التحكيم التي ينعقد الاختصاص بنظرها لهذه المحكمة بوصفها محكمة الدرجة الثانية التي تتبعها محكمة القضاء الإداري المختصة أصلا بنظر منازعات عقود الأشغال العامة التي تجاوز قيمتها خمس مئة جنيه.

وحيث إنه إضافة إلى ما تقدم فإن الدائرة المنصوص عليها بالمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة (دائرة توحيد المبادئ) قررت في الطعن رقم 1831 لسنة 48 ق. ع بجلسة 2/1/2010 أنه فيما يتعلق بما تستند إليه الأحكام التي أخذت بالاتجاه الأول بعدم جواز الإحالة، من أن المحكمة الإدارية العليا هي محكمة الطعن بالنسبة لمحكمة القضاء الإداري، فالإحالة إليها سوف تحول بين مباشرة محكمة الطعن لاختصاصها في الرقابة القضائية، فإنه إذا كان هذا صحيحا في مجال الإحالة بين محكمة الموضوع ومحكمة الطعن على الأحكام الصادرة منها، بيد أنه ليس كذلك متى كانت الإحالة بين محكمتي موضوع تختص أحدهما بنظره دون الأخرى فالإحالة جائزة في هذه الحالة، والأخذ بما استندت إليه الأحكام المؤيدة لهذا الاتجاه لا يتفق وواقع الحال وطبيعة المنازعة الموضوعية الدائرة بين الهيئة القضائية وأحد أعضائها واختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظرها، وهو أمر لا يمكن إنكاره أو إغفاله.

وحيث إنه فيما يتعلق بالسند الثاني الذي قامت عليه الأحكام الآخذة بالاتجاه الأول، من أن التزام المحكمة بالإحالة إلى المحكمة المختصة عند القضاء بعدم اختصاصها لا يتأتى إلا إذا كانت المحكمتان من المستوى نفسه، أو كانت المحكمة المحال إليها من مستوى أدنى في درجات التقاضي، فإنه يُرد على هذا بأن هذا تخصيص بلا مخصص، وقيد على المحكمة المحيلة لا سند له من القانون، بل إنه يتعارض مع صريح نص المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي جرى على النحو الآتي:  “على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية… وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها”، فمؤدى هذا النص أنه ألزم المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة ولو كان الاختصاص متعلقا بالولاية، وكذلك ألزم النص المحكمة المحال إليها الدعوى أن تفصل فيها، دون أية تفرقة بين درجات المحاكم المختلفة، فالإحالة واجبة متى قضى بعدم الاختصاص، يؤكد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقا على تلك المادة: “وتبسيطا للإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص رُئيَ النص على وجوب أن تأمر المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في كل حالة من الحالات التي تقضي فيها بعدم اختصاصها بنظرها بعد أن كان ذلك الأمر جوازيا في القانون القائم، كما رُئيَ أيضا أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى…”، ولعل وضوح العبارات التي وردت في المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات المدنية والتجارية قاطعة الدلالة على أن الإحالة بين المحكمتين المحيلة والمحال إليها جائزة وواجبة دون النظر إلى درجتيهما.

وحيث إن الإحالة التي تتم من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا بحسبانها محكمة موضوع وليس كمحكمة طعن، شأنها في ذلك شأن الإحالة التي تتم من المحاكم الإدارية إلى محكمة القضاء الإداري بوصفها محكمة موضوع، وهي تتم تنفيذا للنص الصريح للمادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وتضحى المحكمة المحال إليها الدعوى ملتزمة بنظرها أخذا بصريح هذا النص أيضا، وتكمن علة هذا الحكم -حسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية بعبارات جلية- في تبسيط إجراءات التقاضي وتيسيرها على المتقاضين بما يحقق ما تصبو إليه المادة (68) من الدستور بتقريرها كفالة حق التقاضي للمواطنين، وحقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي وتقريب جهات القضاء منهم وسرعة الفصل في القضايا، ولا ريب أن القول بعدم جواز الإحالة سوف يترتب عليه تأخير وتعطيل الفصل في الدعاوى بما يؤثر في النهاية سلبا في حق التقاضي.

وحيث إنه فيما يتعلق بأنه في حالة الأخذ بجواز الإحالة سوف يترتب على ذلك إهدار الإجراءات المحددة التي يتعين اتباعها للجوء إلى المحكمة الإدارية العليا، فلا وجه للقول بذلك؛ لأنه بمطالعة كل من نصي المادتين (25) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 المنظمة للإجراءات واجبة الاتباع عند اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري والمادة (44) من القانون نفسه المحددة للإجراءات التي يتعين الالتزام بها عند اللجوء إلى المحكمة الإدارية العليا، يبين أن هناك اتفاقا بين هذه الإجراءات وتلك، عدا استلزام توقيع تقرير الطعن من محام مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو إجراء يمكن بحثه أمام المحكمة المختصة بالمنازعة موضوعا.

 وحيث إنه بناء على ما تقدم، يغدو الاتجاه الثاني في أحكام المحكمة الإدارية العليا، بجواز الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا، هو الأولى بالترجيح.

وحيث إنه عن طلب شركة الهدف للتجارة والمقاولات التدخل في دعوى رد المحكم كخصم منضم إلى الشركة طالبة الرد، فإن المادة (126) من قانون المرافعات تنص على أنه: “يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضما لأحد الخصوم أو طالبا لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى. ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها…”، ومن المقرر أن نطاق التدخل الانضمامي يتحدد بتأييد طلبات من يريد المتدخل الانضمام إليه من طرفي الدعوى، فلا يترتب على قبول تدخله أن يُطرح على المحكمة طلب خاص بالمتدخل لتقضي فيه، بل يظل عملها مقصورا على الفصل في الموضوع الأصلي المردد بين طرفي الدعوى.

ويشترط لقبول التدخل أن يتم بأحد الطرق التي رسمها المشرع في تلك المادة، ومن بينها صحيفة الدعوى أو تقرير الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وإذ اشترطت المادة (44/2) من قانون مجلس الدولة أن يكون تقرير الطعن موقعا من محام من المقبولين أمامها، ويترتب على مخالفة هذا الحكم بطلان الطعن، ولما كان ذلك، وكان البين من صحيفة التدخل أنها قد خلت من توقيع محام مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، بما يكون معه طلب التدخل باطلا، ولا يغير من ذلك إيداع صحيفة التدخل موقعا عليها من محامٍ مقيد بالاستئناف عند إيداعها أمام محكمة القضاء الإداري فكانت مقبولة أمامه، مادام لم يبادر إلى تصحيح صحيفة التدخل بتوقيعها من محام مقبول أمام هذه المحكمة بعد الإحالة إليها، مما يتعين معه القضاء ببطلان صحيفة التدخل.

وحيث إنه عن طلب الشركة المدعية إدخال المحكمين في خصومة الرد حتى يتسنى للمطلوب رده من المحكمين أن يجيب على وقائع الرد وأسبابه، فإن طلب إدخال المحكم المطلوب رده دون باقي المحكمين مقبولا، ويكتفى بذكر ذلك في الأسباب دون المنطوق.

وحيث إن خصومة الرد قد استوفت أوضاعها الشكلية.

وحيث إن المادة (18) من قانون التحكيم المشار إليه قد عنيت ببيان أسباب رد المحكم، فنصت في فقرتها الأولى على أنه: “لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكا جدية حول حيدته أو استقلاله”، وكان ذلك توكيدا على أن ضمانة الحيدة في خصومة رد المحكم هي من ضمانات التقاضي الأساسية التي لا غنى عنها بالنسبة إلى كل عمل قضائي، ليغدو الحق في رد المحكم قرين الحق في رد القاضي؛ ذلك أن حياد هيئة التحكيم وخلو ذهن المحكمين من المنازعة هو شرط أساسي للفصل في أي خصومة حتى لا يتأثروا بالرأي السابق إبداؤه، فالأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على مُحكّم من الأغيار يُعيّن باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها، ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائيا عن شبهة الممالأة، مجردا من التحامل، وقاطعا لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيليا من خلال ضمانات التقاضي الرئيسة، وإن الحق في رد قاض بعينه عن نظر نزاع محدد وثيق الصلة بحق التقاضي الذي مؤداه أن لكل خصومة في نهاية مطافها حلا منصفا يمثل الترضية القضائية التي يقتضيها رد العدوان على الحقوق المدعى بها، وهي لا تكون كذلك إذا كان تقريرها عائدا إلى جهة أو هيئة تفتقر إلى استقلالها أو حيدتها أو هما معا، إذ لا يجوز أن يكون العمل القضائي موطئا لشبهة تداخل تجرده وتثير ظلالا قاتمة حول حيدته، فلا يطمئن إليه متقاضون استرابوا فيه بعد أن صار نائيا عن قيم العدل ومبادئه، وينتهك ضمانة الحيدة التي يقتضيها العمل القضائي، وتعتبر حجر الزاوية والركن الركين في النظام القضائي.

وحيث إن الثابت من الأوراق، ومن حافظة مستندات الشركة طالبة رد محكم الجهاز المركزي للتعمير المهندس/… المقدمة بجلسة 2/12/2010 تحضير، أنها طويت على عدة صور مكاتبات موقعة من المهندس المطلوب رده، والتي لم تجحدها الجهة الإدارية، ومنها الكتاب رقم 1398 بتاريخ 5/7/2007 الذي يفيد مد مدة العملية حتى 31/12/2007 لنهو الأعمال المتوقفة، وحصر الأعمال المنفذة في الفترة من 1/6/2007 إلى 5/7/2007، والإشارة إلى توقف باقي أعمال المشروع الواردة في البرنامج الزمني وطلب دفع عجلة العمل وموافاته بالبرنامج الزمني للانتهاء من كافة الأعمال قبل 31/12/2007، والكتاب رقم 1471 بتاريخ 18/7/2007 الذي يفيد بطء معدلات العمل بالمشروع، وعدم موافاته بالبرنامج الزمني، والإنذار بسحب العمل إذا لم يتم دفع عجلة العمل للانتهاء من المشروع في التوقيتات المحددة، والكتاب رقم 1775 بتاريخ 2/9/2007 الذي يعرض لأوامر الإسناد وقيمتها ومد مدة المشروع وعدم استصدار البرنامج الزمني وبطء معدلات التنفيذ بالموقع، والإنذار الأول بسحب العمل وينتهي الكتاب إلى سحب العمل من الشركة وإسناده على الحساب طبقا للقانون رقم 89 لسنة 1998، وما تلاه من كتب دعوة لحضور لجان الجرد وحصر الأعمال وإصداره القرار رقم 63 لسنة 2007 بتشكيل لجنة الجرد والحصر، ثم إصداره الكتاب رقم 1858 بتاريخ 10/9/2007 بالتريث في إجراءات سحب العمل ثم كتابة بسحب العمل… إلخ، وكذا حافظة المستندات رقم 2 المقدمة بالجلسة نفسها والمنطوية على صور مكاتبات موقعة من المهندس المذكور بتشكيل لجنة الاستلام الابتدائي للمشروع، وطلب تنفيذ بعض الأعمال بناء على طلب محافظ كفر الشيخ لإدراجها في ختامي المشروع… إلخ.

ولما كانت طلبات الشركة المحتكمة التي تختص بنظرها هيئة التحكيم وردت بالبند الرابع من مشارطة التحكيم وهي: 1- حساب الكميات الفعلية للأحجار المستخدمة في حواجز الأمواج والأساسات الركامية. 2- أسعار البنود الإضافية والمستجدة. 3- تأخر صرف مستحقات الشركة طوال مدة المشروع. 4- الأعباء والتكاليف الإضافية التي تكبدتها الشركة نتيجة لزيادة مدة المشروع. 5- التعويض عن تحرير سعر صرف العملات الأجنبية. 6- صرف جميع مستحقات الشركة لدى الجهاز، وكانت طلبات الجهاز التي وردت بالبند نفسه منها أحقية الجهاز في توقيع غرامة التأخير على الشركة المحتكمة وسحب الأعمال وإعادة إسنادها على حسابها…، وكانت المكاتبات السالفة البيان تقطع بمشاركة المحكم المطلوب رده في سحب العمل من الشركة والتنفيذ على الحساب واعتماده قرار السحب، وهي من بين المسائل المعروضة على هيئة التحكيم، مما تتوفر معه شكوك جدية حول حيدة هذا المحكم أو استقلاله وعدم تأثره بالرأي السابق إبداؤه في شأن سحب العمل والتنفيذ على الحساب وتبعات ذلك من غرامات التأخير وفروق الأسعار… إلخ، مما يفقده شرط الحيدة الذي هو شرط أساسي للفصل في أي خصومة، وهي من ضمانات التقاضي الأساسية التي لا غنى عنها بالنسبة إلى كل عمل قضائي، ويغدو طلب رد المحكم في محله، حريا بإجابته والقضاء برد هذا المحكم.

ولما كان المشرع قد رتب على الحكم برد المحكم إلغاء قضاء هيئة التحكيم واعتباره كأن لم يكن، مما يغني عن الفصل في طلب بطلان حكم التحكيم دون حاجة لبحث الأسباب الواردة بهذا الطلب.

وحيث إن من خسر الدعوى يلزم المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:

(أولا) ببطلان صحيفة تدخل شركة الهدف للتجارة والمقاولات، وألزمتها مصروفات التدخل.

(ثانيا) بقبول طلب رد المحكم المهندس/… عن نظر التحكيم بين الشركة طالبة الرد والجهاز المركزي للتعمير شكلا، وفي الموضوع برده، مع ما يترتب على هذا الحكم من آثار، أخصها اعتبار حكم التحكيم الصادر بتاريخ 31/3/2010 كأن لم يكن، وألزمت الجهاز المركزي للتعمير المصروفات.

([1]) هذا المبدأ مستخلص من مسلك المحكمة في الحكم، وإن لم تنص عليه صراحة.

([2]) هذا المبدأ مستخلص من مسلك المحكمة في الحكم، وإن لم تنص عليه صراحة، ويراجع كذلك المبدأ رقم (98/أ) في هذه المجموعة.

([3]) قررت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ في حكمها الصادر بجلسة 2 من يناير سنة 2010 في الطعن رقم 1831 لسنة 48 القضائية (عليا).

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV