برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأستاذة المستشارين/ حسن سيد عبد العزيز السيد، وأحمد عبد الراضي محمد، وجمال يوسف زكي علي، ومحمد محمد السعيد محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
عوارض سير الخصومة- وقف الدعوى جزائيا، واعتبارها كأن لم تكن- إذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعي السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهائها، أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة، تعين على المحكمة أن تحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن- لئن كان عدم استجابة المدعي لتكليف المحكمة له بالاطلاع والتعقيب على مستندات الإدارة لا يجيز وقف الدعوى جزائيا، إذ يجوز للمحكمة أن تنزل حكم القانون على وقائعها بحالتها، إلا أن الحكم الصادر بوقف الدعوى لهذا السبب جزاء إهمال المدعي في تنفيذ ما تأمر به المحكمة يعد حكما يجوز الطعن عليه فور صدوره، فإذا لم يطعن عليه في الميعاد المحدد قانونا، حاز قوة الأمر المقضي، وتمتنع معاودة النظر فيما تضمنه، أو إثارة الجدل بشأنه([1]).
في يوم السبت 14/3/2009 أودع وكيل الطاعنة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا– الدائرة الأولى، بجلسة 25/1/2009 في الدعوى رقم 4356 لسنة 9ق، الذي قضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فيما تضمنه من التصديق على إلغاء انتفاع المدعية (الطاعنة) بالمساحة المبينة بعريضة الدعوى، وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة أول درجة، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الصادر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فيما تضمنه من التصديق على إلغاء انتفاع المدعية بالمساحة المبينة بعريضة الدعوى، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الثالثة (فحص) على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، والتي قررت بجلسة 20/6/2012 إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 22/1/2013، وبها نظر ثم تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 2/12/2014 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 3/3/2015 ومذكرات بالإيداع في أربعة أسابيع لمن يشاء، ولم يودع أي من الطرفين شيئا خلال هذا الأجل، وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد أقيم في الميعاد واستوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 4/4/1998 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 4843 لسنة 52ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبة الحكم بإلغاء قرار الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فيما تضمنه من التصديق على محضر اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، والقضاء مجددا بأحقيتها في الانتفاع بالمساحة محل النزاع، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سند من أنها تتعامل على تلك الأرض خلفا لمورثها:… .
وبجلسة 2/7/2002 قررت تلك المحكمة إحالة الدعوى إلي دائرة محكمة القضاء الإداري بالغربية للاختصاص.
ونفاذا لذلك أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بطنطا، وقيدت بسجلاتها بالرقم المبين بصدر هذا الحكم، وتدوولت أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/7/2007 قضت المحكمة بوقف الدعوى جزاءً لمدة شهر نظرا لعدم حضور المدعية (الطاعنة) رغم إخطارها للاطلاع والتعقيب.
– ثم وبجلسة 25/1/2009 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، الذي شيدته -بعد استعراض نص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية- على أن الثابت من الأوراق أن المحكمة قضت بجلسة 4/7/2007 بوقف الدعوى جزائيا لتخلف المدعية (الطاعنة) عن تنفيذ ما أمرت به المحكمة، وقد مضت مدة الوقف ولم تقم المدعية (الطاعنة) بتنفيذ ما أمرت به المحكمة خلال الميعاد المقرر قانونا، ومن ثم وطبقا للمادة (99) المشار إليها فإنه يتعين القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن.
– وحيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه؛ تأسيسا على أن الطاعنة قد مثلت أمام المحكمة بوكيل عنها، وكلفته بالاطلاع والتعقيب، ثم قضت المحكمة بوقف الدعوى جزائيا، ثم قامت الطاعنة بتعجيل الدعوى خلال المدة المحددة قانونا وحضر وكيلها وطلب أجلا للمستندات، واحتياطيا تفويض المحكمة في الرأي، وأنها (أي الطاعنة) لم تمتنع عن تنفيذ قرار المحكمة.
– وحيث إن المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، معدلة بموجب القانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999 تنص على أن: “تحكم المحكمة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بغرامة… ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم على المدعي بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا بعد سماع أقوال المدعى عليه. وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعي السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهائها، أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة، حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن”.
وحيث إن مفاد النص المتقدم أن المشرع أجاز للمحكمة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا بعد سماع أقوال المدعى عليه، بدلا من الحكم عليه بغرامة، وذلك إذا تخلف المدعي عن إيداع المستندات، أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد، أو عن تنفيذ ما كلفته به المحكمة، فإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعى السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهائها، أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة، حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري بطنطا كانت قد قضت بوقف الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه وقفا جزائيا من جراء عدم حضور الطاعنة واطلاعها ثم التعقيب على ما قدم من الجهة الإدارية من مستندات, ولدى قيامها (أي الطاعنة) بتعجيل نظر الدعوى من الوقف ارتأت المحكمة نفسها أن الطاعنة لم تقم بتنفيذ ما كلفتها به المحكمة من الاطلاع والتعقيب على المستندات، فقضت المحكمة -إعمالا لحكم المادة (99) من قانون المرافعات- باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وهو ما يكون معه الحكم المطعون فيه -والحال كذلك- قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ويضحى الطعن عليه غير قائم على سنده من القانون جديرا بالرفض.
ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الطاعنة بتقرير طعنها من أنها مثلت بوكيل عنها بجلسات المحكمة، ورغم ذلك فقد حكمت المحكمة بوقف الدعوى جزائيا على سند من أنها لم تنفذ قرار المحكمة؛ لأن ذلك مردود بأنه ولئن كان عدم اطلاع الطاعنة وتعقيبها على مستندات الإدارة لا يجيز وقف الدعوى جزائيا، إذ يجوز للمحكمة أن تنزل حكم القانون على وقائعها بحالتها، إلا أن الحكم الصادر بوقف الدعوى لهذا السبب جزاء إهمال الطاعنة في تنفيذ ما تأمر به المحكمة يعد حكما طبقا للمادة (99) مرافعات، يجوز الطعن عليه فور صدوره عملا بحكم المادة (212) من هذا القانون، فإذا لم يطعن على هذا الحكم في الميعاد المحدد قانونا، حاز قوة الأمر المقضي، وتمتنع معاودة النظر فيما تضمنه أو إثارة الجدل بشأنه، ولما كانت الطاعنة لم تسلك سبيل الطعن على الحكم الصادر بوقف الدعوى، فقد كان لزاما على المحكمة الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وهو ما سلكته المحكمة بحكمها المطعون فيه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعنة المصروفات.
([1]) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 37341 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 24/2/2015 (منشور بهذه المجموعة- المبدأ 122/ج)، حيث أكدت أنه يتعين على المحكمة متى قضت بوقف الدعوى جزائيا، ولم يتم تنفيذ ما أمرت به، أن تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ولو كان الحكم بوقف الدعوى جزائيا غير سديد؛ إذ إنه حكمٌ له ما للأحكام من حجية، فإذا لم يطعن عليه ذو الشأن في الميعاد القانوني حاز قوة الأمر المقضي، وتمتنع إعادة النظر فيما تضمنه، أو إثارة الجدل بشأنه، وأنه يمتنع على المحكمة الإدارية العليا عند نظرها الطعن في الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن رقابة السبب الذي قام عليه حكم الوقف الجزائي.
وقارن بالحكم الصادر عن الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 6 من يناير سنة 2016 في الطعن رقم 5117 لسنة 58 القضائية عليا (منشور بهذه المجموعة- المبدأ 27/و)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه لا يجوز الطعنُ على الحكم الصادر بالوقف الجزائي بسبب تقاعس المدعي عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة، لكن يجب على محكمة الطعن وهي بصدد إعمال رقابتها على الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن، أن تُمَحِّصَ الحكمَ الصادر بالوقف الجزائي وأسبابه التي قام عليها؛ لكونه يُمَثِّلُ حجرَ الزاوية الذي بُني عليه هذا الحكمُ، فإذا لم تتوفر الأسباب والموجبات التي تبرِّرُ الوقفَ الجزائي، انهار تبعًا لذلك الأساسُ الذي قام عليه الحكمُ باعتبار الدعوى كأن لم تكن، مِمَّا يُوقِعُه في حومةِ مخالفة القانون.
(تنص المادة 212 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه: “لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة، وفي الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المحالة إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن”).
وقارن كذلك بالحكم الصادر عن الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 19 من ديسمبر سنة 2015 في الطعن رقم 17828 لسنة 59 القضائية عليا (منشور بهذه المجموعة- المبدأ 18)، حيث أكدت أن حكمي الوقف واعتبار الدعوى كأن لم تكن يرتبطان ارتباط السبب بالنتيجة، فيلزم للحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن أن يكون حكم الوقف الذي سبقه حكما صحيحا قانونا، ومن ثم فإن الطعن في الثاني منهما يثير الطعن في الحكم الأول، ولو لم يكن قد طعن فيه، بما يستتبع أن تتصدى محكمة الطعن له، وأن تراقب أسبابه من الناحيتين القانونية والواقعية؛ للتأكد من صدوره استنادا إلى وقائع صحيحة، وعلى نحو يتفق والتطبيق القانوني السليم.
وقارن كذلك بحكم محكمة النقض (مدني) الصادر بجلسة 22/12/2011 في الطعن رقم 2213 لسنة 53 القضائية، حيث أكدت أن قضاء المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن إعمالا لحكم المادة (99/3) من قانون المرافعات، معدلا بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992، هو جزاء يوقع على المدعي لإهماله في اتخاذ ما تأمر به المحكمة، قُصد به تأكيد سلطتها في حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها، إلا أن مناط توقيع هذا الجزاء أن تكون المحكمة قد التزمت لدى إصدارها الأمر أحكامَ القانون، فإن هي خرجت عليها انتفى موجب توقيع الجزاء، وخرج الأمر عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية، وأصبح محضَ تحكمٍ واستبدادٍ، وهو ما يتنافى مع مقتضيات العدالة، وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ذلك سائغا، ولا يخالف الثابت بالأوراق، وانتهت المحكمة إلى نقض الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد سبْق الحكم بوقفها جزائيا؛ لمخالفة حكم الوقف الثابت بالأوراق.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |