برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن سيد عبد العزيز السيد، وأحمد عبد الراضي محمد، وجمال يوسف زكي علي، وسامح جمال وهبه.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى– الطعن في الأحكام- طلبات في الطعن- لا يجوز إبداء طلبات جديدة أمام المحكمة الإدارية العليا؛ لأنها محكمة طعن، تقتصر ولايتها على نظر الطعون في الأحكام الصادرة في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، وليست لها، بحسب الأصل، ولاية مبتدأة بالفصل في أي طلب موضوعي يقدم إليها لأول مرة- يتعين على المحكمة عدم قبول الطلب الجديد المبدى أمامها؛ لأنه يفوت درجة من درجات التقاضي على الخصوم.
(ب) عقد إداري– انعقاد العقد- التعبير عن الإرادة يمكن أن يكون صراحة بالكتابة أو اللفظ أو الإشارة المتداولة عرفا، ويمكن أن يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود، ويمكن أن يكون ضمنيا.
(ج) مناجم ومحاجر– عقد الاستغلال- مدته- عدم قيام مستغل المحجر بتسليمه إلى الجهة الإدارية بعد انتهاء مدة عقد استغلاله، يفيد اعتبار مدة الإيجار مجددة تلقائيا طوال فترة بقاء المحجر تحت يده حتى تاريخ انتهاء العقد، أو تَسَلُّم المحجر فعليا منه، حتى لو لم يطلب صراحة تجديد العقد- يترتب على ذلك حق الجهة الإدارية في مطالبته بقيمة الإيجار عن المدة التي امتد إليها العقد.
في يوم الأحد 2/9/2001 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة 5/7/2001 في الدعوى رقم 3245 لسنة 50ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم: (أولا) بصفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ مطالبات الإدارة العامة للإيرادات بسداده القيمة الإيجارية عن المدة من 31/3/1989 حتى 30/3/2000 لحين الفصل في موضوع الطعن. و(ثانيا) في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا ببراءة ذمة الطاعن من المبالغ المطالب بها، وبعدم أحقية الإدارة في المطالبة بها. و(ثالثا) ندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان مدى أحقية الإدارة أو المدعي في كل ما يطالب به كل منهما من تحديد القيمة الإيجارية الفعلية كأجرة مثل في المناطق الصناعية، مع بيان واضع اليد الفعلي ومستنداته، وما إذا كان وضع اليد يكسب الطاعن حقوقا طبقا لنصوص القانون المدني أو الإداري.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول الطعن بالدائرة الثالثة (فحص) على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 2/1/2013 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث جرى تداوله على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/4/2014 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 1/7/2013، وبها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم له بطلباته المذكورة سالفا.
وحيث إنه عن طلب الطاعن وقف تنفيذ مطالبات الإدارة العامة للإيرادات بسداده القيمة الإيجارية عن المدة من 31/3/1989 حتى 30/3/2000، فإن من المقرر أن المحكمة الإدارية العليا محكمة طعن تقتصر ولايتها على نظر الطعون في الأحكام الصادرة في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، وليست لها ولاية مبتدأة بالفصل في أي طلب موضوعي يقدم إليها لأول مرة، وأي طلب من هذا القبيل يعرض على المحكمة الإدارية العليا يتعين القضاء بعدم قبوله؛ بحسبانه طلبا جديدا يفوت درجة من درجات التقاضي على الخصوم. (الطعن رقم 447 لسنة 33ق بجلسة 15/2/1992).
وحيث إن طلب الطاعن إيقاف مطالبات الجهة الإدارية للطاعن بشأن القيمة الإيجارية للمحجر موضوع الطعن وحوش التشوين عن المدة من 31/3/1993 حتى 30/3/2000 هو طلب جديد قدم إلى المحكمة الإدارية العليا لأول مرة، فمن ثم يتعين القضاء بعدم قبوله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر في 5/7/2001 وأقيم الطعن الماثل في 2/9/2001 مستوفيا جميع أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 3245 لسنة 50ق بإيداع عريضتها ابتداء قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 9/7/1995، طالبا الحكم ببراءة ذمته من المبالغ المطالب بها محل الدعوى وإلزام الإدارة المصروفات.
وذكر المدعى (الطاعن) شرحا لدعواه أنه بتاريخ 1/7/1995 قامت الجهة الإدارية بإنذاره بسداد مبلغ 40240 جنيها قيمة إيجار المحجر رقم 10430 عن المدة من 31/3/1989 إلى 30/3/1993، مع أنه لم يقم بتجديد عقد المحجر منذ انتهاء مدته الأولى، ولا يطبق في شأنه سوى عقد حوش التشوين ويتم سداد الأجرة عنه، وخلص المدعى إلى طلباته المذكورة سلفا.
………………………………………………..
وبجلسة 26/11/1995 حكمت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، وأبقت الفصل في المصروفات.
وتدوولت الدعوى بجلسات المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 5/7/2001 صدر الحكم المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها -بعد استعراض نص المادة 26 من القانون رقم 86 لسنة 1956 بشأن المناجم والمحاجر- على أنه ولئن كان النص المشار إليه قد تطلب في حالة رغبة المستغل في تجديد العقد أن يبلغ جهة الإدارة كتابة برغبته في التجديد قبل انقضاء المدة بستة أشهر في العقود التي تزيد مدتها على السنة، وشهرين إذا كانت مدة العقد عاما، إلا أن هذا الإجراء لا يعني غل يد الإدارة عن المطالبة بقيمة الإيجار في حالة عدم التزام المستغل بالقيام بالإجراء المشار إليه في الوقت الذي يحتفظ فيه بالموقع محل التعاقد، وهو ما يعني الاستفادة منه واستمراره في الانتفاع به بعد انتهاء مدة العقد المنتهية في 30/3/1988، ومن ثم تصبح دعواه للمطالبة ببراءة ذمته لا سند لها من القانون، جديرة بالرفض.
………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك حين افترض قيام أركان عقد استغلال المحجر وحوض التشوين في حق الطاعن، في الوقت الذي لم يبد فيه رغبته في التجديد، ولما كان الطاعن لم يبد تلك الرغبة، فلا يحق للإدارة العامة للإيرادات بمحافظة القاهرة أن تلزمه القيمة الإيجارية، أو على الأقل أن تفرض عليه قيمة إيجارية غير مغالى فيها –كما حدث- ولا تتفق مع حالات المثل، وبذلك تكون تلك المطالبة مخالفة لأحكام القانون والواقع، ويحق للطاعن المطالبة ببراءة ذمته منها. وأضاف الطاعن أنه كان قد طلب أمام محكمة أول درجة ندب خبير في الدعوى لبيان مدى أحقيته في طلباته، وهو ما لم تجبه إليه المحكمة.
………………………………………………..
وحيث إن المادة رقم (147) من القانون المدني تنص على أن: “1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون 2-…”.
وتنص المادة رقم (148) منه على أنه: “1- يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية 2- ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته، وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام”.
وتنص المادة (26) من القانون رقم 86 لسنة 1956 بشان المناجم والمحاجر على أن: “يصدر عقد الاستغلال للمدة التي يحددها الطالب بقرار من وزير التجارة والصناعة أو ممن ينيبه في ذلك، بشرط ألا تقل عن سنة ولا تزيد المدة على ثلاثين عاما. ويجوز تجديد العقد مرتين، بحيث لا تجاوز المدة في كل مرة خمسة عشر عاما إذا ثبت لمصلحة المناجم والمحاجر عند انقضاء مدة العقد أن المستغل قد قام بجميع التزاماته، وكان قد أبلغ مصلحة المناجم والمحاجر كتابة برغبته في التجديد، وذلك قبل انقضاء المدة بستة أشهر على الأقل بالنسبة إلى العقود التي تزيد مدتها على سنة، أو شهرين إذا كانت المدة سنة…”.
وتنص المادة رقم (92) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه على أن: “يلتزم المستغل بأن يشون مستخرجات محجره داخل حدود محجره أو داخل حوش تشوين مرخص له به من المصلحة”.
كما تنص المادة رقم (102) من اللائحة المذكورة على أنه: “إذا ألغي عقد استغلال محجر ما بسبب انتهاء مدته أو بسبب مخالفة أثناء تشغيله، فتقوم المصلحة أيضا وفي نفس الوقت بإلغاء كافة عقود إيجار الأراضي وغيرها المتعلقة بهذا المحجر (العقود التبعية عامة)”.
وينص البند الثاني والعشرون من عقد استغلال المحجر رقم 10430 المبرم بين جهة الإدارة والطاعن، المؤرخ في 31/3/1987 على أنه: “عند انقضاء أجل هذا العقد لانتهاء مدته أو لأي سبب آخر يسلم المستغل المحجر إلى مندوب الحكومة المنوط به التسليم وطبقا للنصوص المدرجة في هذا العقد، وذلك دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار، وإلا استولت عليه الحكومة بالطريق الإداري بدون تنبيه أو إنذار”.
كما ينص البند الرابع والعشرون من العقد المذكور على أن: “حق المرخص له في الحصول على عقود تبعية لتمكينه من استغلال المحجر… وتصرح الحكومة للمستغل باستئجار أرض للتشوين… بمقتضى عقود تبعية طبقا لأحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 وبالشروط والإيجار والأوضاع الواردة به وبلائحته التنفيذية المبينة لشروط تلك العقود”.
وحيث إن الثابت من الأوراق أنه تم تحرير عقد استغلال المحجر رقم 10430 بين محافظة القاهرة والطاعن لمدة سنة قابلة للتجديد، تبدأ من 31/3/1987 حتى 30/3/1988، وقام الطاعن بسداد القيمة الإيجارية للمحجر عنها، كما تم الترخيص له في استغلال حوض تشوين لزوم المحجر المذكور سلفا بنفس المنطقة لتشوين المادة الحجرية المستخرجة منه لمدة تبدأ من 29/8/1987 وتنتهي في 30/3/1988، وفى 9/5/1988 تقدم الطاعن بطلب تجديد ترخيص استغلال المحجر لمدة مماثلة من 31/3/1988 حتى 30/3/1989، وطلب تجديد ترخيص استغلال حوش التشوين لمدة مماثلة، وقام بسداد القيمة الإيجارية السنوية عن المحجر والحوض عن تلك المدة، وقد استمر الطاعن في استغلال المحجر وحوض التشوين منذ 31/3/1989 دون سداد القيمة الإيجارية عنها، وذلك حتى 30/3/1993 على الأقل، وهي المدة محل المطالبة بالمبالغ عنها.
وحيث إن التعبير عن الإرادة يمكن أن يكون صراحة بالكتابة أو اللفظ أو الإشارة المتداولة عرفا، ويمكن أن يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود، أو يكون ضمنيا عملا بأحكام المادة (90) من القانون المدني([1]).
وحيث إنه ولئن كان الطاعن لم يطلب صراحة تجديد مدة إيجار المحجر، أو يبدي رغبته كتابة في ذلك طبقا للنصوص المذكورة سالفا، إلا أنه في الوقت نفسه لم يطلب تسلم المحجر، ولم يقم بتسليمه للجهة الإدارية، كما لم يقم موظفو تلك الجهة –بتقصير وإهمال أو تؤاطو يسألون تأديبيا عنه– باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسلم المحجر، ومن ثم فلا مناص من اعتبار مدة الإيجار مجددة تلقائيا طوال فترة بقاء المحجر تحت يد المستأجر (الطاعن) حتى تاريخ اتخاذ إجراءات إنهاء العقد، أو تسلم المحجر فعليا منه.
وحيث إنه وترتيبا على ما تقدم، ولما كان الطاعن قد احتفظ بالمحجر في حوزته عقب انتهاء مدة الإيجار خلال الفترة من 31/3/1989 حتى 30/3/1993 ومن ثم استُحق عليه مبلغ مقداره 40240 فقط (أربعون ألفا ومئتان وأربعون جنيها لا غير) نظير ذلك، وهو المبلغ الذي تطالبه به الجهة الإدارية، والذي أقام دعواه ابتداء بغية الحصول على حكم ببراءة ذمته منه، فمن ثم يكون طلبه قائما على غير أساس من صحيح القانون خليقا لذلك بالرفض.
وحيث إنه مما يؤكد حيازة الطاعن للمحجر بعد 31/3/1989 وحتى نهاية المدة المطالب عنها بالمبالغ محل المطالبة أن الطاعن يقر بحيازته لحوش التشوين الخاص بالمحجر، وهو ما يستوجب التسليم بحيازته للمحجر؛ لأن الغرض من ترخيص الحوش هو تشوين المادة الحجرية المستخرجة من المحجر، كما أن عقد إيجار الحوش ينتهي تبعا لانتهاء عقد إيجار المحجر.
كذلك فإنه مما يؤكد ما تقدم أن الطاعن تقدم بطلب مؤرخ في 15/6/1995 إلى إدارة المحاجر لموافاته رسميا بكامل المستحقات المالية عن المحجر حتى تاريخ تقديم الطلب وذلك للسداد.
وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن الطاعن يكون ملزما بسداد المبالغ المطالب بها، ومن ثم يكون طلب الحكم ببراءة ذمته قائما على غير سند جديرا بالرفض، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه قائما على غير سند جديرا بالرفض.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
([1]) تنص المادة رقم (90) من القانون المدني على أن: “1- التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفا، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود. 2- ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا، إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا”.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |