برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الله عامر إبراهيم سالم
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عطية عماد الدين محمد نجم ومحمود ياسين رمضان سليمان وهشام محمود طلعت الغزالي وياسين ضيف الله أحمد خليفة.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى– حجية الأحكام- يُشترط لإعمال حجية الأمر المقضي أن يكون الحكم السابق حكما قضائيا، بأن يصدر عن جهة قضائية لها الولاية في الحكم الذي أصدرته بموجب سلطتها أو وظيفتها، وأن يكون قطعيا، بأن يكون قد فصل في موضوع النزاع، وأن يكون هناك اتحادٌ في الخصوم والمحل والسبب، الذي هو مصدر الحق المدعى به- يكون التمسك بالحجية في منطوق الحكم، لا في أسبابه، إلا إذا ارتبطت الأسباب بالمنطوق ارتباطًا وثيقًا، بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب.
– المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968.
(ب) دعوى– الطعن في الأحكام- أثر إلغاء الحكم لبطلانه- إذا انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء حكمٍ مطعون فيه أمامها لغير مخالفة قواعد الاختصاص، فعليها إذا كان موضوعه صالحًا للفصل فيه أن تفصل فيه مباشرة، ولا تعيده إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه([1]).
(ج) تقادم– التقادم الخمسي- تقادم الحقوق الدورية المتجددة- القاعدة العامة أن يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة- قرر المشرع استثناءات محدَّدة على هذه القاعدة، منها: الحقوق الدورية المتجددة- يُقصد بالدورية: أن يكون الحق مُستحَقا في مواعيد دورية كل شهر أو ثلاثة أشهر أو سنة أو أقل أو أكثر- يُقصد بالتجدد: أن يكون الحق بطبيعته مستمرًا لا ينقطع- تتقادم المرتبات والمكافآت والبدلات المستحَقة للموظفين العموميين خمسيا- هذه القاعدة قاعدة تنظيمية عامة تتعلق بالمصلحة العامة، وتهدف إلى استقرار الأوضاع الإدارية، والمراكز القانونية لعمال المرافق العامة- تتعلق هذه القاعدة بالنظام العام، وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها.
– المادتان (374) و(375) من القانون المدني.
(د) تعويض– مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية الصادرة عنها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع، وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
(هـ) تعويض– مناط مسئولية الإدارة عن أعمالها- ركن الضرر- التقاضي يمثل عبئًا ماديا ونفسيا على المتقاضي، لا ينحصر فقط فيما يؤديه من رسوم قضائية، وإنما يمتد إلى كل ما يتكبده المتقاضي من نفقات في سبيل حرصه على متابعة دعواه- اضطرار المتقاضي إلى ولوج سبيل التقاضي بغية الوصول إلى حقه، يتحقق به ركن الضرر الموجب للتعويض.
في يوم الأربعاء الموافق 24/11/2010 أقام الطاعن الطعن الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة طعنًا في حكم محكمة القضاء الإداري-الدائرة (11) تسويات، الصادر بجلسة 4/10/2010 في الدعوى رقم 15943 لسنة 63 ق. القاضي في منطوقه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم في الدعوى، أو إعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها في ضوء حكم المحكمة الإدارية العليا.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا برأيها القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرتي الفحص والموضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13/12/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابة عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، طالبًا الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في احتساب العلاوات الدورية المستحقة له قبل الترقية للدرجة الثالثة، واحتساب نهاية ربط الدرجة المعين عليها وهو (106) جنيهات، وتعويض مالي مقداره (150000) جنيه عما أصابه من أضرار مادية ونفسية.
وقال المدعي (الطاعن) شرحًا لدعواه إنه سبق له أن أقام الدعوى رقم 665 لسنة 50ق. أمام المحكمة الإدارية للتربية والتعليم وملحقاتها، طالبًا الحكم بأحقيته في تسوية حالته باحتساب أجره الذي كان يتقاضاه قبل تعيينه على درجة دائمة كبداية لأجر التعيين، وصرف الفروق المالية المستحَقة من تاريخ تعيينه بأثر رجعي، وبجلسة 28/2/2005 حكمت المحكمة بأحقيته في تسوية حالته وحساب أجره الذي كان يتقاضاه أثناء عمله بمكافأة شاملة قبل تعيينه كبداية لأجر التعيين، بما لا يجاوز نهاية ربط الدرجة المعين عليها، مع صرف الفروق المالية المستحقة من تاريخ تعيينه بأثر رجعي وإرجاع أقدميته إلى 3/9/1993، مع ما يترتب على ذلك من آثار، إلا أن الجهة الإدارية لم تنفذ هذا الحكم تنفيذًا صحيحًا، مما اضطره إلى إقامة الدعوى رقم 1001 لسنة 53ق. أمام المحكمة نفسها، طالبًا إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 665 لسنة 50ق. تنفيذًا صحيحًا، وذلك بحساب العلاوات الخاصة على أساس الأجر المحتفَظ به وصرف الفروق المالية بالحوافز، وقد صدر الحكم بأحقيته في حساب العلاوات الخاصة على أساس الأجر المحتفَظ به، وصرف الفروق المالية بالحوافز، مع ما يترتب على ذلك من آثار، إلا أنه لدى تنفيذ الحكم الأخير تجاهلت جهة الإدارة حساب العلاوات الدورية المستحَقة له قبل ترقيته للدرجة الثالثة، وكذلك انتقاص نهاية الربط إلى (101) جنيه بدلا من (106) جنيهات، وكانت جهة الإدارة تتعهد التنفيذ المنقوص للأحكام بعد أن ولج جميع السبل بما في ذلك سبيل التقاضي للحصول على حقوقه في مدة تقارب العشر سنوات، ومازال حقه منقوصًا، مما حداه على إقامة هذه الدعوى للمطالبة ببقية حقوقه، وكذا تعويضه عن تلك المعاناة المادية والأدبية، وخلص المدعي إلى طلباته المبينة آنفًا.
…………………………………………………………….
وبجلسة 4/10/2010 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أن طلبات المدعي في الدعوى هي طلباته ذاتها في الدعوى رقم 1001 لسنة 53ق، وأن هناك اتحادًا في الخصوم والمحل والسبب بين الدعويين، مما يتعين معه إعمال حجية الأمر المقضي طبقًا للمادة (101) من قانون الإثبات.
…………………………………………………………….
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن، فقد أقام الطعن الماثل، ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ حيث إن طلبات المدعي في الدعويين رقمي 665 لسنة 50ق. و1001 لسنة 53ق. لم تتضمن طلب صرف علاوات دورية، في حين أنه يطلب في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه صرف العلاوات الدورية المستحَقة له قبل ترقيته للدرجة الثالثة، ومن ثم لا يجوز إعمال حجية الأمر المقضي به المنصوص عليها في المادة (101) من قانون الإثبات.
وخلص الطاعن في ختام تقرير الطعن إلى طلباته المبينة آنفًا.
…………………………………………………………….
وحيث إن المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968 تنص على أن: “الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجةً فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل يُنقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاعٍ قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتتعلق بذات الحق محلا وسببًا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”.
والمستفاد من النص المتقدّم أن هناك شروطًا يلزم توفرها لإعمال حجية الأمر المقضي، وهى أن يكون الحكم السابق قضائيا وقطعيا، وأن يكون التمسك بالحجية في منطوق الحكم لا في أسبابه، إلا إذا ارتبطت الأسباب بالمنطوق ارتباطًا وثيقًا، بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب، كما يُشترط أن يكون هناك اتحادٌ في الخصوم والاتحاد في المحل والسبب، ومعنى أن يكون الحكم السابق قضائيا: أن يصدر عن جهة قضائية لها الولاية في الحكم الذي أصدرته وبموجب سلطتها أو وظيفتها القضائية، ومعنى أن يكون الحكم السابق قطعيا أن يكون قد فصل في موضوع النـزاع، وأن المقصود باتحاد السبب هو مصدر الحق المدعى به.
وحيث إن طلبات الطاعن (المدعي) في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تتمثل في: 1- أحقيته في حساب نهاية ربط الدرجة المعين عليها (الرابعة) وهو 106 جنيهات، 2- أحقيته في حساب العلاوات الدورية قبل ترقيته للدرجة الثالثة، 3- أحقيته في تعويض مالي مقداره (150000) جنيه (مئة وخمسون ألف جنيه) عما أصابه من أضرار مادية ونفسية.
– وحيث إنه عن الطلب الأول من طلبات الطاعن، فإن الثابت من الأوراق أنه سبق أن أقام الدعوى رقم 665 لسنة 50ق. أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بطلب تسوية حالته وصرف الفروق المالية، وقد قُضِيَ فيها بجلسة 28/2/2005 بأحقيته في تسوية حالته وحساب أجره الذي كان يتقاضاه أثناء عمله بمكافأة شاملة قبل تعيينه كبداية لأجر التعيين بما لا يجاوز نهاية ربط الدرجة المعين عليها (الرابعة) مع صرف الفروق المستحقة بأثر رجعي…، وإذ لم تقم الجهة الإدارية بتنفيذ هذا الحكم تنفيذًا صحيحًا، فقد أقام الطاعن الدعوى رقم 1001 لسنة 53ق. أمام المحكمة ذاتها، بطلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 665 لسنة 50ق. تنفيذًا صحيحًا، وذلك بحساب العلاوات الخاصة على الأجر الأساسي الذي تم إعادة تعيينه عليه، وهو (106) جنيهات آخر مربوط الدرجة التي تم تعيينه عليها بناء على حكم المحكمة، وصرف الفروق المالية بالحوافز…، وبجلسة 17/3/2008 حكمت المحكمة بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ الحكم الصادر لمصلحة المدعي (الطاعن) في الدعوى رقم 665 لسنة 50ق. بجلسة 28/2/2005 تنفيذًا صحيحًا فيما تضمنه من عدم تدرج راتبه بالعلاوات الخاصة على أساس الأجر المحتفَظ به، وصرف الفروق المالية المستحَقة من تاريخ تعيينه بأثر رجعي…، وتضمنت أسباب الحكم أن الأجر المحتفَظ به للمدعي (الطاعن) هو (106) جنيهات، والثابت من الأوراق أن الـ (106) جنيهات هي آخر مربوط الدرجة الرابعة التي عُيِّنَ عليها الطاعن.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الطلب الأول من طلبات الطاعن في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه يندرج ضمن طلباته في الدعويين رقمي 665 لسنة 50ق. و1001 لسنة 53ق. المشار إليهما، وكان هناك اتحادٌ في الخصوم والمحل والسبب بين هاتين الدعويين والدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، وقد خلت الأوراق مما يفيد أنه تم الطعن في أيٍّ من الحكمين الصادرين في هاتين الدعويين، ومن ثم تعيَّن إعمال حجية الأمر المقضي والحكم بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للطلب الأول من طلبات الطاعن (المدعي) السابقة الفصل فيها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه في هذا الشق منه غير قائم على سندٍ سليم من القانون، خليقًا بالرفض.
– وحيث إنه عن الطلبين الثاني والثالث من طلبات الطاعن (المدعي) في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، فإن هذين الطلبين لم يكونا ضمن طلبات الطاعن في أيٍّ من الدعويين رقمي 665 لسنة 50ق. و1001 لسنة 53ق.، ومن ثم فليس هناك اتحاد في المحل بالنسبة لهذين الطلبين في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه وأيٍّ من الدعويين المذكورتين سالفًا، وينتفي من ثم مناط إعمال حجية الأمر المقضي، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة لهذين الطلبين، فإن هذا الشق منه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، ويتعين معه الحكمُ بإلغائه.
وحيث إن دائرة توحيد المبادئ قضت بجلسة 14/5/1988 في الطعن رقم 1352 لسنة 33 ق. عليا بأنه إذا ما انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء حكمٍ مطعون فيه أمامها لغير مخالفة قواعد الاختصاص، فعليها إذا كان موضوعه صالحًا للفصل فيه أن تفصل فيه مباشرة ولا تعيده إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الدعوى بالنسبة للطلبين الثاني والثالث من طلبات المدعي (الطاعن) صالحةٌ للفصل فيها، ومن ثم فإن المحكمة تتصدى للفصل فيها.
وحيث إنه بالنسبة للطلب الثاني، فإن القاعدة العامة أن يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة طبقًا لنص المادة (374) من القانون المدني، وقد قرر المشرع استثناءات محدَّدة لأنواع مختلفة لحقوق تتقادم بمدد أخرى أقصر من المدة المشار إليها، ومن هذه الاستثناءات الحقوق الدورية المتجددة المنصوص عليها في المادة (375) من القانون المبين سالفًا، وتشمل أجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكر والفوائد والإيرادات المترتبة والمهايا والأجور والمعاشات، ويُشترط لإعمال هذه الاستثناءات أن يكون الحق دوريا متجددًا، ويُقصد بالدورية أن يكون الحق مُستحَقا في مواعيد دورية كل شهر أو سنة أو أقل أو أكثر، ويُقصد بالتجدد أن يكون الحق بطبيعته مُستمِرًا لا ينقطع.
ومن المقرَّر أن التقادم المسقِط في مجال روابط القانون العام يجد حكمته في استقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية لعمال المرافق العامة استقرًارًا تمليه المصلحة العامة وحسن سير المرافق، ومن ثم فهو من النظام العام، وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
وحيث إن المدعي (الطاعن) يطالب بأحقيته في العلاوات الدورية المستحَقة له بالدرجة الرابعة قبل ترقيته للدرجة الثالثة، ولما كان الثابت فيه الأوراق أنه عُيِّنَ بالدرجة الرابعة بتاريخ 1/12/1998، ورُقِيَ للدرجة الثالثة بتاريخ 29/4/2000، وأقام الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه للمطالبة بتلك العلاوات بتاريخ 21/1/2009، وقد خلت الأوراق مما يفيد تقديمه طلبات قاطعة للتقادم قبل هذا التاريخ، ومن ثم يكون حقه في تلك العلاوات قد سقط بالتقادم الخمسي، وهو ما يتعين الحكم به.
وحيث إنه بالنسبة للطلب الثالث، وعن الدفع المبدى من الجهة الإدارية بمذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 23/4/2009 بعدم قبول هذا الطلب لعدم اتباع الطريق الذي رسمه القانون رقم (7) لسنة 2000، فإن هذا الدفع مردودٌ بأن الثابت من حافظة مستندات المدعي (الطاعن) المقدمة بجلسة 5/3/2009 أنه لجأ إلى لجنة فض المنازعات بالطلب رقم (737) لسنة 2008، والتي أوصت بجلسة 18/8/2008 برفضه، وإذ استوفت الدعوى، بالنسبة للطلب الثالث، جميع أوضاعها الشكلية الأخرى المقررة قانونًا، فمن ثم تكون مقبولة شكلا.
وحيث إنه عن موضوع هذا الطلب، فإنه من المقرَّر أن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع، وأن يلحق صاحب الشأن ضررٌ من جراء هذا القرار، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وحيث إن ركن الخطأ في الحالة الماثلة متحققٌ في جانب الجهة الإدارية على نحو ما ثبت من حكمي المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم المشار إليهما آنفا، بعدم مشروعية القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر لمصلحة الطاعن تنفيذًا صحيحًا.
وحيث إنه عن ركن الضرر، فإنه ولئن كان الطاعن قد حصل على مستحقاته المالية بموجب حكمي المحكمة الإدارية للتعليم المذكورين سالفًا، إلا أن المقرَّر في قضاء هذه المحكمة أن التقاضي وإن كان حقا للجميع، إلا أنه يُمثل عِبئًا ماديا ونفسيا على المتقاضي، لا ينحصر فقط فيما يؤديه من رسومٍ قضائية، ولكن يمتد إلى كل ما يتكبده المتقاضي من نفقاتٍ في سبيل حرصه على متابعة دعواه حتى يظفر ببغيته وينال حقه عن طريق القضاء، وفي خصوصية الطعن الماثل، فالثابت أن الطاعن قد اضطر إلى ولوج سبيل التقاضي بالدعويين رقمي 665 لسنة 50ق. و1001 لسنة 53ق. للطعن على مسلك الجهة الإدارية وصولا إلى حقه، الأمر الذي ينجم عنه بلا شك إيلامه ومعاناته النفسية، فضلا عما تكبده من نفقات في سبيل بلوغ غايته، وهو ما تقدر معه المحكمة التعويض الجابر لهذه الأضرار بمبلغ (5000) خمسة آلاف جنيه.
وحيث إن كلا من الطاعن والجهة الإدارية المطعون ضدها قد أخفق في شق من طلباته، ومن ثم تلزمهما المحكمة المصروفات مناصفةً بينهما عملا بحكم المادة (186) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع:
(أولا) برفضه بالنسبة لشق الحكم المطعون فيه المتعلق بالطلب الأول للطاعن (المدعي) في الدعوى رقم 15943 لسنة 63ق.
(ثانيا) بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة للشق المتعلق بالطلبين الثاني والثالث للمدعي (الطاعن) في الدعوى رقم 15943 لسنة 63ق، وبسقوط حق المدعي (الطاعن) في العلاوات الدورية المطالب بها بالتقادم الخمسي، وبقبول طلب التعويض شكلا، وبإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها (المطعون ضدها) أن تؤدي للمدعي (الطاعن) مبلغ (5000) جنيه (خمسة ألاف جنيه) على سبيل التعويض، وألزمتها والطاعن المصروفات مناصفةً بينهما.
([1]) في هذا المعنى: حكم دائرة توحيد المبادئ الصادر بجلسة 14/5/1988 في الطعن رقم 1352 لسنة 33 القضائية. عليا (منشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها دائرة توحيد المبادئ في ثلاثين عامًا، جـ1، المبدأ رقم 12/ج، ص151)، وراجع الحكم الصادر عنها بجلسة 21/4/1991 في الطعن رقم 2170 لسنة 31 القضائية. عليا (منشور بالمجموعة المشار إليها، المبدأ رقم 18/ج ص 258)، حيث انتهت إلى أنه إذا شاب الحكم المطعون فيه بطلانٌ جوهري ينحدر به إلى درجة الانعدام، بسبب عدم صلاحية أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته لنظر الدعوى، يُلغى الحكم ويُعاد الطعن إلى محكمة أول درجة لنظره من جديد، ولا تتصدى المحكمة الإدارية العليا في هذه الحالة لموضوع الدعوى؛ لأن الحكم يكون قد شابه بطلان ينحدر به إلى درجة الانعدام؛ لمخالفته للنظام العام القضائي.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |