برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ غبريال جاد عبد الملاك
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل وأحمد محمد صالح الشاذلي وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد وإبراهيم سيد أحمد الطحان
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى– الطعن في الأحكام- دعوى البطلان الأصلية- مناطها- المحكمة الإدارية العليا تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة، فلا يكون من سبيل لإهدار أحكامها إلا استثناء محضًا بدعوى البطلان الأصلية، وذلك في الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وإهدار للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته- يجب أن يكون الخطأ الجسيم الذي يهوى بالحكم إلى درك البطلان بيِّنا غير مستور، وثمرة غلط فاضح ينبئ في وضوح عن ذاته، فيضطرب ميزان العدالة على نحو لا يستقيم معه سوى صدور حكم يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.
(ب) دعوى– الطعن في الأحكام- دعوى البطلان الأصلية- ما يعد من حالاتها- إهدار حق الدفاع- يتعين أن يتم جميع ما تتخذه المحكمة بشأن الدعوى من إجراءات قضائية في إحدى جلساتها التي يعلمها طرفا الخصومة- يتعين عند اتخاذ إجراء قضائي في غير جلسة (كالتأجيل الإداري) أن يتم إعلان الخصوم وإخطارهم كتابة بذلك- مخالفة ذلك ترتب بطلان الحكم؛ لصدوره بناء على إجراءات باطلة أهدرت حق الدفاع.
– المادة (78) من دستور 2012 (التي تقابلها المادة 98 من دستور 2014).
– المادة (102) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
فى يوم الخميس الموافق 6/9/2012 أودع وكيل الممثل القانوني للشركة الطاعنة قلمَ كتاب المحكمة تقريرَ الطعن الماثل بدعوى البطلان الأصلية فى حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 37178 لسنة 55ق. عليا بجلسة 19/11/2011، القاضي بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وطلبت الشركة الطاعنة -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول دعوى البطلان الأصلية شكلا، وبإحالتها إلى دائرة مغايرة لنظر موضوع الطعن والحكم فيه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار محافظ البحر الأحمر رقم 50 لسنة 2000 الخاص بفسخ عقد البيع (موضوع النـزاع)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو الموضح بتقرير الطعن، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم ببطلان الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 37178 لسنة 55ق.عليا بجلسة 19/11/2011، على النحو الوارد بالأسباب، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ونظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث حضر الخصوم، وقدم الحاضر عن الشركة الطاعنة مذكرة، وبجلسة 2/3/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/4/2013، وفيها مُدَّ أجلُ النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولـة، وصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن بدعوى البطلان الأصلية استوفى أوضاعه الشكلية المقررة، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر النـزاع تخلص -بالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم الماثل على الأسباب- في أنه بتاريخ 12/7/2000 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 10697 لسنة 54ق، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ البحر الأحمر رقم 50 لسنة 2000 بفسخ العقد المبرم بينها وبين الجهة الإدارية بشأن قطعـة الأرض الكائنة بالمركز السياحي بمدينة سفاجا، مع ما يرتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وبجلسة 15/4/2003 قررت المحكمة المذكورة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بقنا للاختصاص، حيث وردت إليها وقيدت بجدولها برقم 5705 لسنة 11ق، وتدوولت أمامها على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 30/7/2009 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، على سندٍ من أن الشركة الطاعنة لم تقم بتنفيذ التزاماتها باستخراج تراخيص البناء، وسداد المستحقات عليها خلال المواعيد المقررة، وبذلك تكون قد أخلت بالتزاماتها التعاقدية، مما أدى إلى قيام الجهة الإدارية بإصدار قرارها المطعون فيه.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الشركة الطاعنة، فقد أقامت عنه الطعن رقم 37178 لسنة 55ق.عليا، طالبةً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم، والقضاء مجددًا بالطلبات الأصلية، وبجلسة 19/11/2011 قضت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات، وشيدت قضاءها على ما خلاصته أن الشركة الطاعنة لم تقم بتنفيذ المشروع المتعاقد بشأنه فى المواعيد المتفق عليها، ولم تقدم الإقراراتِ الموضِّحَة لمراحل تنفيذ هذا المشروع، فضلا عن عدم سداد المبالغ المستحقة عليها كاملة رغم مطالبتها بذلك، وانتهت المحكمة إلى أن القرار المطعون فيه بفسخ عقد البيع جزاء هذا الإخلال قد صدر متفقًا وما تضمنه العقد مما يتعين معه رفض دعوى طلب إلغائه، دون أن يغير من ذلك ما تدعيه الشركة الطاعنة من أن جهة الإدارة لم تقم بتوصيل المرافق، لكون ذلك -على فرض صحته- لا يبرر عدم قيام هذه الشركة بتنفيذ التزاماتها نحو إقامة المشروع وسداد المستحق عليها.
……………………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن الماثل بدعوى البطلان الأصلية على حكم المحكمة الإدارية العليا المطعون عليه يقوم على أسبابٍ عديدة، تتمثل فى أن الحكم الطعين صدر برئاسة المستشار/… رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، فى حين أن الثابت بالأوراق أنه لم يشارك فى نظر الطعن، حيث تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة 25/9/2011، وكان ذلك برئاسة المستشار /…، ومُدَّ أجلُ النطق بالحكم لجلسة 12/11/2011، ثم تأجَّل إداريا لجلسة 19/11/2011، وفيها تقرر إعادة الطعن للمرافعة لتغيير التشكيل على أن يصدر الحكم آخر الجلسة، وصدر الحكم الطعين على هذا الأساس، وبذلك تكون رئاسة المحكمة الجديدة لم تشارك فى نظر الطعن، ومداولاته، وعليه يضحى الحكم منطويا على عيب جسيم يمثل إهدارًا للعدالة على نحو يفقده وظيفته، كما أن الحكم الطعين أغفل قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين، ولم يرد على الدفع المبدى من الشركة بعدم اختصاص المحافظ بإصدار القرار المطعون فيه، وكذا الدفع المتعلق بالمادة (268) من القانون المدني.
……………………………………………………………..
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المحكمة الإدارية العليا بما وسد لها من رقابة المشروعية وسيادة القانون، وبما تحمله من أمانة القضاء وعظيم رسالته بغير معقب على أحكامها، تستوي على القمة فى مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة، فلا يكون من سبيل لإهدار أحكامها إلا استثناء محضًا بدعوى البطلان الأصلية، وذلك فى الحالات التى تنطوي على عيبٍ جسيم وإهدارٍ للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته، فتُنـزَع قرينةُ الصحة التى تلازمه، ويجب أن يكون الخطأ الجسيم الذي يهوى بالحكم إلى درك البطلان بينًا غير مستور، وثمرةَ غلطٍ فاضح ينبئ فى وضوحٍ عن ذاته، فيضطرب ميزان العدالة على نحوٍ لا يستقيم معه سوى صدور حكمٍ يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.
وحيث إن الدساتير المصرية وآخرها الدستور الحالي فى المادة (78) قد كفَّلت حق الدفاع، باعتباره أحد الأركان الجوهرية لسيادة القانون، ويكفل للخصومة القضائية عدالتها، ويصون قيمتها، فلا يُفْصَلُ فيها بعيدًا عن أدلتها، وتطبيقًا لقدسية حق الدفاع، فقد نظَّم المشرعُ فى قانون المرافعات الإجراءات القضائية تنظيمًا دقيقًا بما يعد تطبيقًا حقيقيا لحق الدفاع الذي تكْفُلُهُ مبادئ العلانية كأصل عام فى الإجراءات، والجلسات وتسبيب الأحكام، والالتزام بالرد على كل دفاع جوهري للخصوم، وحتمية أن تتم جميع إجراءات نظر المنازعة القضائية والفصل فيها بحضور الخصوم وغيرهم من المتقاضين، فالنطق بالحكم لا يكون إلا فى جلسة من جلسات المحكمة، وإعلان تأجيل إصدار الحكم ينبغي أن يكون فى جلسة من جلسات المحكمة، وكذلك فتح باب المرافعة، كل ذلك يعني أن جميع ما تتخذه المحكمة فى شأن الدعوى ينبغي أن يتم فى إحدى جلساتها التى يعلمها أطراف الخصومة، حتى يتحقق بشأنهم تمكينهم من العلم بكل إجراءٍ من الإجراءات، وهذا هو ما ينبني عليه أنه لا وجه لإعلان من لم يحضر من الخصوم أو إخطاره بأي إجراءٍ يتم فى جلسة معلومة التاريخ سلفًا إذا لم يحضر تلك الجلسة؛ لأنه كان فى مكنته الحضور بنفسه أو بواسطة وكيل عنه، وذلك لإبداء ما يــراه ويقدره من دفاع فى أية مرحلة تكون عليها الدعوى، إلا أن ذلك التمكين -الذي يحتَّمُهُ النظام العام للتقاضي- من مباشرة الدفاع لكل الأطراف لا يُفْتَرَضُ إذا ما اتُّخِذَ الإجراءُ القضائي فى غير جلسة، كما هي الحال فى التأجيل الإداري، إذ تتأبى مساواة نتائج التأجيل الإداري مع أن يكون التأجيل فى جلسة من جلسات المحكمة، ذلك أن التأجيل الإداري عادةً ما يتم إذا صادف يومُ انعقاد الجلسة إجازةً رسمية، أو إذا لم يتكامل تشكيل هيئة المحكمة، ففي الحالتين لا تنعقد الجلسة، ولا يتأتى افتراض علم الخصوم بتاريخ اليوم الذي تم التأجيل الإداري إليه، ويلزم قيام قلم كتاب المحكمة بإخطار الخصوم به كتابةً، ولذلك فإنه يتعين لكفالة حق الدفاع لجميع الأطراف عند إجراء التأجيل الإداري أن يتم اتخاذ الإجراء اللازم لإعلان الخصوم وإخطارهم كتابة بذلك، وإلا كان الحكم صادرًا فى خصومة انقطع اتصال الأطراف أو أحدهم بها، وانفصلت فيها المنازعة عن متابعة الخصوم لإجراءاتها، الأمر الذي يهدر أساسًا جوهريا من أسس النظام العام للتقاضي، وهو ما يرتب بطلان الحكم فى هذه الحالة لصدوره بناء على إجراءات باطلة أهدرت حق الدفاع.
وحيث إن الثابت بمحاضر جلسات نظر الطعن الصادر فيه الحكم الطعين، أنه بجلسة 25/6/2011 وبحضور الخصوم، قررت المحكمة برئاسة المستشار/… إصـدار الحكم بجلسة 25/9/2011، مع التصريح بمذكـــرات خلال شهر، وتقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 12/11/2011 لإتمام المداولة، ثم تقرر تأجيل النطق بالحكم إداريا لجلسة 19/11/2011، وفى تلك الجلسة انعقدت المحكمة برئاسة المستشار/… رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وفيها قررت المحكمة بتشكيلها الجديد إعادة الطعن للمرافعة لذات الجلسة لتغير التشكيل، على أن يصدر الحكم آخر الجلسة، حيث صدر الحكم الطعين، دون أن يحضر أحد من الخصوم -حسبما هو ثابت بمحضر الجلسة-، ودون أن تستمع المحكمة بتشكيلها الجديد إلى مرافعة الخصوم، وكان ذلك راجعًا إلى أن المحكمة لم تُتِح للخصوم فرصة معرفة تاريخ الجلسة التى تم التأجيل إليها إداريا بأي طريق من الطرق، مما ترتب عليه أن صدر الحكم المطعون فيه بالبطلان دون أن يُتَاح للشركة الطاعنة الإحاطة بتشكيل المحكمة الجديد وما قد يتعلق به ويتفرع منه من حقوق، مثل طلب الرد، وكذلك دون أن يتاح لها فرصة الترافع أمام هيئة المحكمة بتشكيلها الجديد، وإبداء ما تراه من دفاع ودفوع إعمالا لحقها الأصيل فى الدفاع على وفق أحكام الدستور، وقانون مجلس الدولة، وقانون المرافعات، وعليه وإذ صدر الحكم الطعين والحال كذلك، فإنه يكون صادرًا بناء على إجراءات معيبة وباطلة لإهدارها أسسًا جوهرية للنظام العام للتقاضي، من علانية، وحضور الخصوم وتمكينهم من مباشرة حق الدفاع والاستماع إليهم، مصداقًا لحكم المادة (102) من قانون المرافعات، الأمر الذي يؤدي إلى وجوب بطلان هذا الحكم، وهو ما تقضي به المحكمة، دون الفصل فى الطعن؛ لكونه غير صالح بحالته الراهنة للفصل فيه.
حكمت المحكمة بقبول دعوى البطلان الأصلية شكلا، وفى الموضوع ببطلان الحكم المطعون فيه، وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا (موضوع) للفصل فيه.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |