برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فوزي عبد الراضي سليمان أحمد
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إبراهيم سيد أحمد الطحان، ومحمد ياسين لطيف شاهين، وأحمد محمد أحمد الإبياري، وعبد الجيد مسعد عبد الجليل حميدة.
نواب رئيس مجلس الدولة
شئون الأعضاء- معاش- تسوية المعاش عن الأجر الأساسي- أوجب المشرع في قانون التأمين الاجتماعي استمرار العمل بالمزايا التأمينية المقررة في التشريعات المنظمة لشئون المعاملين بكادرات خاصة، ومنهم أعضاء مجلس الدولة- تضمن قانون مجلس الدولة بيان المزايا التأمينية لأعضاء المجلس، مفرقا بين فئتين من الأعضاء:
(الفئة الأولى) الأعضاء الذين تنتهي خدمتهم ببلوغهم سن الإحالة على المعاش أو بالاستقالة، وهؤلاء يطبق في شأنهم حكم المادة (124) من القانون المذكور، التي أوجبت تسوية معاش كل منهم أو مكافأته على أساس آخر مربوط الدرجة التي كان يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له، وذلك دون أي قيود، ودون حد أقصى([1]).
(الفئة الثانية) الأعضاء الذين تنتهى خدمتهم لعدم اللياقة الصحية أو بسبب الوفاة، وهؤلاء يطبق في شأنهم حكم المادة (125) من قانون مجلس الدولة، التي حددت قواعد تسوية المعاش المستحق لهم أو للمستحقين عنهم، على ألا يزيد في جميع الأحوال على الحد الأقصى المقرر بمقتضى قانون التأمين الاجتماعي.
مايز المشرع في قانون مجلس الدولة في المزايا التأمينية بين عضو مجلس الدولة الذي تنتهي خدمته لعدم اللياقة الصحية أو للوفاة والعضو الذي تنتهي خدمته بالاستقالة، حيث قيد معاش الأول بنسبة معينة من مرتبه لا يجوز تجاوزها، وهي أربعة أخماس المرتب، وربط هذه النسبة بآخر مرتب كان يتقاضاه، وليس بآخر مربوط الوظيفة أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح، وهذا على خلاف الحال بالنسبة للثاني، بالرغم من تماثلهما في المراكز القانونية، وهو ما يتعارض مع مبدأ المساواة المكفول دستوريا، كما حدد المشرع سقفا للمعاش المنصرف لورثة عضو مجلس الدولة الذي تنتهي خدمته بالوفاة بالرغم من أنهم قد يكونوا أحوج من غيرهم لمبلغ المعاش، بينما يكون المُستَحقُّ ذاته لعضو المجلس المستقيل بمحض إرادته متحررا من هذا السقف، كما أن هناك مغايرة أوجدها قانون مجلس الدولة لا مثيل لها في النصوص المنظمة للحقوق التأمينية للجهات والهيئات القضائية الأخرى، وهو ما يتعارض مع مبدأ المساواة بين عضو مجلس الدولة وأقرانه في تلك الجهات والهيئات- ترتيبا على ذلك: حكمت المحكمة بوقف الطعن تعليقيا، وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية نص المادة (125) من قانون مجلس الدولة([2]).
شئون الأعضاء- معاش- تسوية المعاش عن الأجر المتغير- استحدث المشرع بموجب القانون رقم 47 لسنة 1984 نظاما لمعاش الأجر المتغير، مستهدفا أن يوفر للمؤمن عليه معاشا مناسبا مقاربا لما كان يحصل عليه من أجر أثناء خدمته، موجبا تسويته على أساس المتوسط الشهري للأجور التي أديت على أساسها الاشتراكات عن هذا الأجر خلال مدة الاشتراك عنه- حظر المشرع تطبيق الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة بشأن الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير، ولم يستثن من ذلك إلا الوزراء ونواب الوزراء ومن في حكمهم المخاطبين بأحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، حيث اختصهم المشرع بنظام خاص حدد بموجبه كيفية حساب المعاش المستحق لهم، سواء عن الأجر الأساسي أم الأجر المتغير- بذلك تكون الأحكام الواردة في قانون التأمين الاجتماعي بشأن معاش الأجر المتغير هي الواجبة الإعمال على جميع المخاطبين بالقانون المذكور، بما في ذلك أعضاء الهيئات القضائية.
فوض المشرع وزير التأمينات في إصدار قرار بقواعد حساب عناصر الأجر المتغير، والمقصود بالقواعد في اللغة: الأسس، وبالحساب: العد والإحصاء والتقدير، فبذلك يكون المشرع قد فوضه في تحديد الأسس التي يعتد بها في مجال تقدير عناصر الأجر المتغير، بما مؤداه تفويضه في وضع الحد الأقصى للأجر المتغير الخاضع لاشتراك التأمينات- ناط المشرع كذلك بوزير التأمينات إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام قانون التأمين الاجتماعي، كما ناط به إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام القانون رقم 47 لسنة 1984، وهو ما يستتبع بحكم اللزوم المغايرة بين القرارات التنفيذية، والقرار المحدد لقواعد حساب عناصر الأجر المتغير، ومن ثم لا يعد هذا الأخير من قبيل القرارات التنفيذية، بل هو قرار صادر في إطار التفويض التشريعي للوزير بتحديد قواعد حساب عناصر الأجر المتغير، ومنها الحد الأقصى للاشتراك عن هذا الأجر- نتيجة لذلك: تكون القرارات الصادرة بوضع حد أقصى لأجر الاشتراك المتغير قد صدرت في إطار التفويض التشريعي المقرر لوزير التأمينات، ويتعين الاعتداد بما تضمنته في هذا الصدد.
من يستحق معاملة (وزير) من أعضاء مجلس الدولة من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي وعن الأجر المتغير، يطبق في شأنه فيما يتعلق بمعاش الأجر المتغير ما ورد بقراري وزير التأمينات رقمي 346 لسنة 2009 و102 لسنة 2012، وما تلاهما من قرارات صادرة في هذا الشأن، بصرف النظر عن كونه قد بلغ سن الإحالة على المعاش قبل التاريخين المحددين بهما، وهما (1/7/2009 و1/7/2012)؛ لأن هذين التاريخين لا يتعلقان إلا بالتنفيذ وإعمال الأثر الفوري والمباشر للقرارين المذكورين، وليس بتحديد فئة المخاطبين بأحكامهما- لا محل للقول بأن أحكام هذين القرارين يطبقان فقط على من بلغ السن القانونية بعد التاريخين المحددين بهما؛ فهذا القول يؤدي إلى ازدواج المعاملة التأمينية بين أصحاب المعاشات الذين بلغوا السن قبل التاريخين المشار إليهما، والذين بلغوها بعدهما، بالرغم من اتحادهم في المراكز القانونية- ترتيبا على ذلك: تتعين تسوية معاش أعضاء مجلس الدولة المذكورين عن الأجر المتغير على أساس المتوسط الشهري لأجورهم المتغيرة، أو على أساس آخر أجر متغير كانوا يتقاضونه عند انتهاء خدمتهم، أيهما أفضل، ويدخل في حساب الأجر المتغير جميع عناصره المحددة في المادة (5 بند ط/2) من قانون التأمين الاجتماعي.
شئون الأعضاء- معاش- الجمع بين المرتب والمعاش- قرر المشرع أحقية أعضاء الهيئات القضائية في تقاضي الحقوق التأمينية عند بلوغهم سن الستين، ومن ثم جمعهم بين المرتب والمعاش خلال الفترة من تاريخ بلوغ سن الستين وحتى انتهاء الخدمة ببلوغه سن السبعين- اعتبارا من تاريخ بلوغ عضو المجلس سن الستين يوقف استقطاع اشتراكات التأمينات الاجتماعية من مرتبه، ويجمع بين مرتبه والمعاش المستحق له.
شئون الأعضاء- معاش- مكافأة نهاية الخدمة- نص القانون رقم 47 لسنة 1984 على ألا تطبق الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة في شأن قواعد حساب هذه المكافأة، ومن ثم تتعين تسويتها على وفق القواعد التي تضمنتها المادة (30) من قانون التأمين الاجتماعي- يستحق المؤمن عليه مكافأة متى توفرت إحدى حالات استحقاق المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة، وتحسب المكافأة بواقع أجر شهر عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في نظام المكافأة، ويقدر أجر حساب المكافأة بأجر حساب معاش الأجر الأساسي.
(هـ) مجلس الدولة:
شئون الأعضاء- معاش- تعويض الدفعة الواحدة- خلا قانون مجلس الدولة من أي أحكام تنظم هذا التعويض، فيطبق عليهم حكم المادة (26) من قانون التأمين الاجتماعي بشأنه.
(و) مجلس الدولة:
شئون الأعضاء- معاش- حساب مدة الحرب مضاعفة في المعاش- تعد مدة الخدمة بالقوات المسلحة خلال فترة الحرب (التي يصدر بتحديدها قرار عن رئيس الجمهورية) مدة خدمة مضاعفة، يتعين حسابها لصاحب المعاش عند تقاعده نهائيا من خدمة الحكومة أو القطاع العام، وذلك بثلاثة شروط وهي: (الأول) أن يكون طالب الضم من الضباط أو ضباط الصف أو الجنود الاحتياط. (الثاني) أن يكون من العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام، بما لازمه أن تكون المدة المطلوب حسابها مضاعفة قد قضيت أثناء الخدمة المدنية، فلا عداد بما يسبقها أو يلحقها. (الثالث) أن تكون الخدمة قد قضيت في المدة من 5 يونيه سنة 1967 وحتى 1/1/1986 (مدة الحرب)- إذا كان التعيين في الحكومة أو في القطاع العام بعد انتهاء زمن الحرب، فقد تخلف أحد شروط حساب مدة الخدمة العسكرية مدة مضاعفة في المعاش.
في يوم الثلاثاء الموافق 10/1/2012 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل، طالبا في ختامه الحكم: (أولا) بقبول الطعن شكلا، و(ثانيا) في الموضوع بأحقيته في تسوية المعاش المستحق له على أساس آخر مربوط الوظيفة التى كان يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه مضافا إليه العلاوات الخاصة، أيهما أصلح، ودون التقيد بحد أقصى، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وباشرت هيئة مفوضي الدولة تحضير الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وخلالها أودع الحاضر عن الطاعن حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة بغلافها، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني في الطعن.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الثانية بالمحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وخلالها أثبت طالبو التدخل تدخلهم في الطعن للحكم لهم بذات طلبات الطاعن، وبجلسة 6/4/2013 قدم الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها (الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي) مذكرة دفاع، كما حضر الطاعن وعدل طلباته لتصبح الحكم: (أولا) بإعادة تسوية معاش الأجر الأساسي طبقا لحكم المادة (124) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 باعتبار آخر أجر أساسي كان يتقاضاه عند بلوغه سن الستين أو في 1/7/2008، مضافا إليه العلاوات الخاصة التي لم يكن قد تم ضمها إلى المرتب، وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك، و(ثانيا) بإعادة تسوية معاش الأجر المتغير بتطبيق أحكام قرار وزير المالية رقم 346 لسنة 2009، وكذا قرار وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية رقم 102 لسنة 2012، الذي تدرج بالحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير من 1500 جنيه إلى 1800 جنيه اعتبارا من 1/7/2012، ثم إلى 2070 جنيه اعتبارا من 1/1/2013، وما يستجد من زيادات على وفق الجدول المرافق لهذا القرار، وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك. و(ثالثا) بإعادة تسوية مكافأة نهاية الخدمة على وفق معاش الأجر المتغير الصحيح طبقا للتسوية التي تمت في البندين السابقين، وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك.
وبالجلسة نفسها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير تكميلي فيه في ضوء الطلبات المعدلة، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا تكميليا في الطعن.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة المذكورة على النحو المبين بالجلسات، وبجلسة 2/7/2013 قدم الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها مذكرة دفاع، طلب في ختامها: (أصليا) الحكم –أولا- بعدم قبول الطعن لانتفاء شرط المصلحة، و-ثانيا- برفض موضوع الطعن. و(احتياطيا) بإحالة الطعن إلى مصلحة الخبراء لتحقيق مدى قيام الهيئة بالتسوية طبقا لأحكام القانون من عدمه، وقررت الدائرة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 29/8/2013، ثم قررت إعادته للمرافعة وإحالته إلى الدائرة الأولى عليا (موضوع) لنظره مع طعون مماثلة محالة إليها.
وجرى تداول الطعن أمام هذه الدائرة، حيث التمس طالبو التدخل الحكم لهم بالطلبات نفسها، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/12/2013 تنازل طالب التدخل رقم (64) عن طلبه المتعلق بحساب مدة خدمته العسكرية كمدة مضاعفة في المعاش، وتمسك بالحكم له بذات طلبات الطاعن. وبجلسة 1/2/2014 حضر طالب التدخل رقم (64) وعدل طلباته الختامية بإضافة طلب ضم مدة خدمته العسكرية مدة مضاعفة في المعاش والذى سبق له التنازل عنه.
وبجلسة 5/4/2014 طلب الطاعن إعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسي على أساس آخر مربوط الدرجة التي كان يشغلها، أو آخر أجر كان يتقاضاه مع ضم العلاوات الخاصة التي لم تكن قد ضمت من قبل على حساب المكافأة والتعويض الإضافي، وكذلك إعادة تسوية معاش الأجر المتغير على أساس أحكام القرار رقم 102 لسنة 2012، كما قدم الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها مذكرة دفاع.
وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 7/6/2014 وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، ولم تودع أية مذكرات خلال الأجل المضروب، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة قانونا.
وحيث إن الطاعن وطالبي التدخل يطلبون الحكم بما هو مبين سلفا.
– وحيث إنه عن طلبات التدخل في الطعن، فإنه وطبقا لحكم المادة (126) من قانون المرافعات يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضما لأحد الخصوم، أو طالبا الحكم لنفسه بطلب يرتبط بالدعوى، وذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة ويثبت في محضرها، وإذ تقدم طالبو التدخل بطلبات تدخلهم في الطعن بالطريق المقرر قانونا، واستوفت هذه الطلبات شرائطها القانونية، فقد تعين القضاء بقبول طلبات التدخل المشار إليها.
– وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الطعن لانتفاء شرط المصلحة، على سند من أن الهيئة المطعون ضدها قامت بتسوية المعاش عن الأجر الأساسي على أساس آخر أجر كان يتقاضاه الطاعن بواقع 100% من أجر الاشتراك الأخير، ومعاملته معاملة نائب الوزير، فإن هذه التسوية ليست هي التسوية المقررة قانونا على نحو ما سيرد بعدُ، ومن ثم يغدو هذا الدفع غير سديد جديرا بالالتفات عنه.
– وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
– وحيث إن المادة رقم (124) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، معدلا بموجب القانون رقم 17 لسنة 1976 تنص على أن: “تعتبر استقالة عضو مجلس الدولة مقبولة من تاريخ تقديمها إلى رئيس المجلس إذا كانت غير مقترنة بقيد أو معلقة على شرط.
واستثناءً من أحكام قوانين المعاشات لا يترتب على استقالة عضو المجلس سقوط حقه في المعاش أو المكافأة، أو خفضهما.
وفي جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش العضو أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له، وفقا للقواعد المقررة بالنسبة للموظفين الذين تنتهي خدمتهم بسبب إلغاء الوظيفة أو الوفر”.
وتنص المادة (125) من القانون نفسه على أنه: “إذا لم يستطع عضو مجلس الدولة بسبب مرضه مباشرة عمله بعد انقضاء الإجازات المقررة في المادة 110، أو ظهر في أي وقت أنه لا يستطيع لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق، أُحيل إلى المعاش بقرار من رئيس الجمهورية يصدر بناءً على طلب رئيس مجلس الدولة وبعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية.
ويجوز للمجلس المذكور في هذه الحالة أن يزيد على خدمة العضو المحسوبة في المعاش أو المكافأة مدة إضافية بصفة استثنائية، على ألا تجاوز هذه المدة الإضافية مدة الخدمة ولا المدة الباقية لبلوغ السن المقررة للإحالة للمعاش, كما لا يجوز أن تزيد تلك المدة على ثماني سنوات ولا أن يكون من شأنها أن تعطيه حقا في معاش يزيد على أربعة أخماس مرتبه.
ومع ذلك لا يجوز أن يقل المعاش عن أربعة أخماس آخر مرتب كان يتقاضاه العضو أو يستحقه عند انتهاء خدمته إذا كانت مدة الخدمة المحسوبة في المعاش لا تقل عن عشرين سنة.
وتسري أحكام الفقرتين السابقتين في حالة الوفاة.
وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد المعاش على الحد الأقصى المقرر بمقتضى قوانين المعاشات”.
وتنص المادة الرابعة من مواد القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي على أن: “يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة…”.
وتنص المادة رقم (18) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه على أن: “يستحق المعاش في الحالات الآتية:
ويستحق صرف المعاش في هذه الحالة اعتبارا من تاريخ بداية الفترة التي ستحدد على أساسها النسبة المشار إليها بالمادة (21) أو من اليوم التالي لتاريخ انتهاء الخدمة أيهما ألحق. …”([3]).
وتنص المادة الأولى من القانون رقم 183 لسنة 2008 بتنظيم الحقوق التأمينية لأعضاء الهيئات القضائية على أنه: “مع مراعاة سن التقاعد المنصوص عليه بنظام التوظيف المعامل به أعضاء الهيئات القضائية, يستحق عضو الهيئة القضائية حقوقه التأمينية وفقا للبند (1) من المادة رقم 18 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 عند بلوغه سن الستين, ويوقف استقطاع اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة اعتبارا من بلوغه السن المذكورة.
ويسري حكم الفقرة السابقة على أعضاء الهيئات القضائية الذين تجاوزوا سن الستين اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون.
ولا تخل الفقرتان السابقتان بجمع عضو الهيئة القضائية بين المرتب والمعاش حتى بلوغه سن التقاعد”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع بموجب المادة الرابعة من مواد القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، ولاعتبارات قدرها، أوجب استمرار العمل بالمزايا التأمينية المقررة في التشريعات المنظمة لشئون المعاملين بكادرات خاصة، ومنهم أعضاء مجلس الدولة، الذين تضمن القانون المنظم لشئونهم الوظيفية (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972) بيان المزايا التأمينية لأعضاء المجلس، مفرقا بين فئتين من الأعضاء، وذلك على النحو الآتي:
(أولا) الأعضاء الذين تنتهي خدمتهم ببلوغهم سن الإحالة على المعاش أو بالاستقالة، وهؤلاء يطبق في شأنهم حكم المادة (124) من القانون المذكور، التي أوجبت تسوية معاش كل منهم أو مكافأته على أساس آخر مربوط الدرجة التي كان يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له.
ومما هو جدير بالتنويه أن هذه المادة قبل تعديلها بموجب القانون رقم 17 لسنة 1976 كانت تعول على آخر مربوط الدرجة التي كان يشغلها العضو، وعندما استشعر المشرع أن آخر مربوط الدرجة لم يعد هو نهاية المطاف، بالنظر إلى الحالات التي يمكن للعضو فيها أن يتجاوزه، فقد تناول المشرع ذلك الحكم بالتعديل، على نحو يسمح بتسوية المعاش على أساس آخر مربوط الدرجة أو آخر مرتب، أيهما أصلح، وهذا التعديل باعتباره تاليا لتاريخ العمل بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يؤكد اتجاه إرادة المشرع إلى استمرار معاملة أعضاء الكادرات الخاصة بالأحكام الواردة في أنظمتهم الخاصة بشأن المعاشات.
وغني عن البيان أن المشرع في المادة (124) المشار إليها لم يورد بالنسبة للطائفة المذكورة أية قيود، خلافا لما قرره بالنسبة للطائفة الأخرى، وعلى نحو ما سيلي بيانه فيما بعد، كما لم يورد حدا أقصى يتعين التقيد به عند تسوية المعاش، وهو ما يستوجب إعمال المبدأ طليقا من كل قيد، ومن ثم تسوية المعاش على أساس آخر مربوط الدرجة التي يشغلها العضو، أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح.
(ثانيا) الأعضاء الذين تنتهى خدمتهم لعدم اللياقة الصحية أو بسبب الوفاة، وهؤلاء يطبق في شأنهم حكم المادة (125) من قانون مجلس الدولة المشار إليه، التي حددت قواعد تسوية المعاش المستحق لهم أو للمستحقين عنهم بحسب الأحوال، وعلى ألا يزيد في جميع الأحوال على الحد الأقصى المقرر بمقتضى قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وعلى النحو المقرر صراحة بموجب حكم المادة المذكورة.
ومتى كان ذلك، وإذ قرر المشرع بموجب القانون رقم 183 لسنة 2008 بتنظيم الحقوق التأمينية لأعضاء الهيئات القضائية أحقية أعضاء الهيئات القضائية (ومنهم أعضاء مجلس الدولة) في تقاضي الحقوق التأمينية عند بلوغهم سن الستين، ومن ثم جمعهم بين المرتب والمعاش خلال الفترة من تاريخ بلوغ سن الستين وحتى انتهاء الخدمة ببلوغه سن السبعين، فإنه اعتبارا من تاريخ بلوغ عضو المجلس سن الستين يوقف استقطاع اشتراكات التأمينات الاجتماعية من مرتبه، ويجمع بين مرتبه والمعاش المستحق له، والذي يحدد على النحو المشار إليه في البند (أولا) المشار إليه، دون أن يغير من ذلك:
أ- الإشارة في المادة الأولى من القانون رقم 183 لسنة 2008 المشار إليه إلى البند (1) من المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975؛ بحسبان أن هذا البند لا شأن له بتحديد المستحقات التأمينية، بل بتاريخ استحقاقها في بعض الحالات، ومن ثم يبقى تحديد المعاش على حكم الأصل المقرر في قانون مجلس الدولة، وعلى نحو ما سلف بيانه.
ب- ما ورد في البند (1) من الفقرة الثالثة من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، الذي استثنى من الحد الأقصى المحدد بالفقرة الثالثة (وقدره 80% من الأجر الذي يتخذ أساسا لتسوية المعاش) “المعاشات التي تنص القوانين أو القرارات الصادرة تنفيذا لها بتسويتها على غير الأجر المنصوص عليه في هذا الباب (الباب الثالث من القانون)، فيكون حدها الأقصى 100% من أجر اشتراك المؤمن عليه الأخير”؛ وذلك بحسبان أن عبارة “القوانين…” الواردة في صدر هذا البند لا تهدم الاستثناء المقرر بموجب المادة الرابعة من مواد الإصدار والمتعلقة بالقوانين المنظمة لشئون الكادرات الخاصة، إذ تبقى هذه القوانين هي الواجبة الإعمال فيما يتعلق بهذه الكادرات؛ بحسبان أن عبارة “القوانين…” المشار إليها لا تشمل المعاملين بكادرات خاصة؛ إعمالا لصريح عبارة المشرع في المادة الرابعة من مواد الإصدار المبينة آنفا.
وبناءً على ما تقدم، فإنه بالنسبة للطاعن والمتدخلين فقد تبين من الأوراق أن بعضهم شغل، ويشغل وظيفة رئيس مجلس الدولة، والبعض الآخر شغل، ويشغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة، وبلغ راتبهم راتب رئيس مجلس الدولة، فيطبق بشأنهم حكم المادة (124) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، بما مؤداه أحقية كل منهم في تسوية معاشه عن أجره الأساسى على وفق آخر مربوط الدرجة التي يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه في 1/7/2008 أو عند بلوغه سن الإحالة على المعاش، أيهما أصلح له، ودون التقيد بأي حد أقصى في هذا الشأن، ويضاف إلى ذلك العلاوات الخاصة التي لم يسبق ضمها إلى المرتب الأساسي.
وإذ قامت الهيئة المطعون ضدها بتسوية معاشاتهم على غير هذا الأساس، فإن التسوية التي أجريت لهم تكون قد وقعت مخالفة لأحكام القانون، ويتعين لذلك القضاء بإلزام الهيئة المطعون ضدها إعادة حساب معاش كل منهم على النحو المشار إليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها صرف الفروق المالية المستحقة لكل منهم عن الفترة السابقة على تاريخ صدور هذا الحكم.
……………………………………………………..
وحيث إنه عن المعاش عن الأجر المتغير، وإذ تنص المادة رقم (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون، يقصد:… ط: الأجر([4]): كل ما يحصل عليه المؤمن عليه من مقابل نقدى من جهة عمله الأصلية لقاء عمله الأصلي، ويشمل:
ويصدر وزير التأمينات قرارا بقواعد حساب عناصر هذا الأجر…”.
وتنص المادة (18) مكررا من القانون المذكور، المضافة بالقانون رقم 47 لسنة 1984 على أن: “يستحق المعاش عن الأجر المتغير أيا كانت مدة اشتراك المؤمن عليه عن هذا الأجر، وذلك متى توافرت في شأنه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي…”.
وتنص المادة (19) منه على أن: “… ويسوى معاش الأجر المتغير على أساس المتوسط الشهرى للأجور التى أديت([5]) على أساسها الاشتراكات خلال مدة الاشتراك عن هذا الأجر…”.
وتنص المادة (20) من القانون نفسه بعد استبدالها بموجب القانون رقم 130 لسنة 2009 على أن: “يسوى المعاش بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءا من الأجر المنصوص عليه في المادة السابقة عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين…
ويربط المعاش بحد أقصى مقداره (80%) من الأجر المشار إليه في الفقرة الأولى، ويستثنى من هذا الحد الحالات الآتية:
وفي جميع الأحوال يتعين ألا يزيد الحد الأقصى للمعاش على (80%) من الحد الأقصى لأجر الاشتراك في تاريخ الاستحقاق”.
وتنص المادة رقم (31) منه على أن: “يسوى معاش المؤمن عليه الذى شغل منصب وزير أو نائب وزير على أساس آخر أجر تقاضاه، وذلك وفقا للآتي:
أولا: يستحق الوزير معاشا مقداره 150 جنيها شهريا ونائب الوزير معاشا مقداره 120 جنيها شهريا في الحالات الآتية:.. .
ثانيا: يسوى له المعاش عن مدة اشتراكه في التأمين التى تزيد على المدد المنصوص عليها في البند أولا ويضاف إلى المعاش المستحق وفقا للبند المذكور، على ألا يتجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقره الأخيرة من المادة (20)… وتتحمل الخزانة العامة بالفرق بين المعاش المحسوب وفقا لهذه المادة والمعاش المحسوب وفقا للنصوص الأخرى…”.
وتنص المادة الثانية عشرة من القانون رقم 47 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وزيادة المعاشات، بعد تعديلها بالقانون رقم 107 لسنة 1987 على أن: “تحسب الحقوق المقررة بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975, عن كل من الأجر الأساسى والأجر المتغير قائمة بذاتها وذلك مع مراعاة الآتي:
…
7- لا تسري الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة في شأن الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير وذلك باستثناء ما جاء في هذه القوانين من معاملة بعض فئاتها بالمادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، كما لا تسرى الأحكام المشار إليها في شأن قواعد حساب المكافأة.
وفي تطبيق المادة المشار إليها يراعى ما يأتي:
11- تتحدد قواعد حساب معاش أجر الاشتراك المتغير على أساس تاريخ انتهاء مدة الاشتراك عن هذا الأجر وتاريخ تحقق الواقعة المنشئة للاستحقاق”.
وتنص المادة الثالثة عشرة من القانون نفسه على أن: “يلغى كل حكم منصوص عليه في أي قانون آخر بشأن أجر الاشتراك يخالف التعريف المنصوص عليه في المادة 5 (بند ط) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975”.
وتنص المادة السابعة عشرة منه على أن: “يصدر وزير التأمينات القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره”.
وتنص المادة الأولى من قرار وزير المالية رقم 346 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 بشأن القواعد المنفذة لقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975([6]) على أن: “يستبدل بالبند ثانيا من الجدول رقم (1) بشأن الحد الأدنى والأقصى لأجر الاشتراك في التأمين المرفق بقرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 المشار إليه، النص الآتي: ثانيا: اعتبارا من 1/7/2009 يكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير 9000 جنيه سنويا و18000 جنيه سنويا للمؤمن عليه الذي يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش”.
وتنص المادة الثانية من هذا القرار على أن: “يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القرار”.
كما تنص المادة الثالثة منه على أن: “ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية، ويعمل به من 1/7/2009”.
كما تنص المادة الأولى من قرار وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية رقم 102 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 بشأن القواعد المنفذة لأحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على أن: “يستبدل بالبند (ثانيا) من الجدول رقم (1) المرفق بقرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 المشار إليه، النص الآتي: اعتبارا من 1/7/2012 يكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير بواقع 14400 جنيه سنويا، و21600 جنيه للمؤمن عليه الذى يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش. ويزاد الحد الأقصى المشار إليه بنسبة (15%) سنويا منه في بداية كل سنة ميلادية”.
وتنص المادة الثانية منه على أن: “ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية، ويعمل به اعتبارا من 1/7/2012، ويلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القرار”.
وحيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع بموجب القانون رقم 47 لسنة 1984 المشار إليه استحدث نظاما لمعاش الأجر المتغير، وحدد قوامه والأسس التى يقوم عليها بنيانه، وعلى نحو كفل تحديد المقصود بالأجر المتغير وكيفية تسوية المعاش المستحق عنه، موجبا تسويته على أساس المتوسط الشهري للأجور التي أديت على أساسها الاشتراكات عن هذا الأجر خلال مدة الاشتراك عنه، وعلى نحو ما ورد في المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعي، وإمعانا في التأكيد على الاعتداد بما ورد في قانون التأمين الاجتماعي وحده بشأن الأجر المتغير، حظر المشرع سريان الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة بشأن الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير، ولم يستثن من ذلك إلا الوزراء ونواب الوزراء ومن في حكمهم المخاطبين بأحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، حيث اختصهم المشرع بنظام خاص حدد بموجبه كيفية حساب المعاش المستحق لهم، سواء عن الأجر الأساسي أم الأجر المتغير، وعلى النحو الموضح تفصيلا في المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، والمادة الثانية عشرة من القانون رقم 47 لسنة 1984 المشار إليهما، وقرر تحمل الخزانة الفرق بين المعاش المحسوب على وفق ذلك والمعاش المحسوب على وفق النصوص الأخرى، وعلى ذلك تكون الأحكام الواردة في قانون التأمين الاجتماعي بشأن معاش الأجر المتغير هي الواجبة الإعمال على جميع المخاطبين بالقانون المذكور، بما في ذلك أعضاء الهيئات القضائية، لاسيما أن التشريعات المنظمة لشئونهم لم تتضمن تنظيما خاصا لمعاش الأجر المتغير على نحو ما تضمنته بالنسبة لمعاش الأجر الأساسي، وعلى فرض وجود مثل هذا النظام، كان يتعين عدم الأخذ به إعمالا لحكم البند (7) من المادة الثانية عشرة من القانون رقم 47 لسنة 1984 المشار إليه.
ومتى كان ذلك، وكان المشرع في الفقرة قبل الأخيرة من المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه، المضافة بالقانون رقم 107 لسنة 1987، قد فوض وزير التأمينات في إصدار قرار بقواعد حساب عناصر الأجر المتغير، وكان المقصود بالقواعد في اللغة: الأسس، وبالحساب: العد والإحصاء والتقدير، فبذلك يكون المشرع قد فوض وزير التأمينات في تحديد الأسس التي يعتد بها في مجال تقدير عناصر الأجر المتغير، بما مؤداه تفويضه في وضع الحد الأقصى للأجر المتغير الخاضع لاشتراك التأمينات.
ومما هو جدير بالتنويه في هذا الصدد أن المشرع في المادة الخامسة من مواد إصدار قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 ناط بوزير التأمينات إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام القانون المذكور، كما ناط في المادة السابعة عشرة من القانون رقم 47 لسنة 1984 المشار إليه بوزير التأمينات إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، وهو ما يستتبع بالضرورة وبحكم اللزوم المغايرة بين القرارات التنفيذية، والقرار المحدد لقواعد حساب عناصر الأجر المتغير، ومن ثم عدم اعتبار الأخير من قبيل القرارات التنفيذية، بل هو قرار صادر في إطار التفويض التشريعي للوزير بتحديد قواعد حساب عناصر الأجر المتغير، ومنها الحد الأقصى للاشتراك عن هذا الأجر، وعلى ذلك تكون القرارات الصادرة بوضع حد أقصى لأجر الاشتراك المتغير (ومنها القرار رقم 346 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 الذى جعل الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير 9000 جنيه سنويا و18000 جنيه سنويا للمؤمن عليه الذي يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش) –تكون- قد صدرت في إطار التفويض التشريعي المقرر لوزير التأمينات، ويتعين الاعتداد بما تضمنته في هذا الصدد.
ومما يؤيد ما سبق أن المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 28 القضائية (طلبات أعضاء)، قد انتهت إلى أن نصي المادتين (19) و(20/7) من قانون التأمين الاجتماعي، الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1987، والمادة رقم (12) من القانون رقم 47 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي، والمادة الأولى من القانون رقم 107 لسنة 1987، مؤداها أن المشرع -لحكمة تغياها- أفرد نظاما خاصا لحساب معاش الأجر المتغير المستحق للمعاملين بمقتضى المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي وهم الوزراء ونواب الوزراء ومن في حكمهم، فنص في البند (7) من المادة (12) من القانون رقم 47 لسنة 1984 الذي استحدث معاش الأجور المتغيرة، والمعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1987، على عدم سريان الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة في شأن الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير، باستثناء ما جاء في هذه القوانين من معاملة بعض فئاتها بالمادة رقم (31) من قانون التأمين الاجتماعي، وفي تطبيق هذه المادة يحسب المعاش عن كل من الأجرين الأساسي والمتغير معا على وفقها أو على وفق القواعد العامة، أيهما أفضل، ومن ثم يجب التقيد بهذا النص، وذلك بحساب معاش الأجر المتغير للخاضعين لأحكامها، إما على أساس آخر أجر متغير كان يتقاضاه، وإما على أساس المتوسط الشهري لأجور المؤمن عليه التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال مدة الاشتراك عن هذا الأجر، أيهما أفضل له، فإن قل المعاش عن 50% من أجر التسوية رفع إلى هذا القدر عملا بالمادة الأولى من القانون رقم 107 لسنة 1987 متى توفرت في حقه شروط تطبيق هذه المادة، وبمراعاة الحد الأقصى المقرر بالمادة الثانية عشرة من القانون رقم 47 لسنة 1984، وهو 80% من أجر التسوية، شريطة ألا تزيد على 100% من أجر اشتراك المؤمن عليه عن الأجر المتغير، لأن هذا الحد هو السقف الذي يحكم علاقة المؤمن عليه بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، فلا يجوز تجاوزه. (حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 28 قضائية- طلبات أعضاء بجلسة 15/4/2007).
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن أصل الحق في المعاش عن الأجر المتغير كان قد تقرر بمقتضى القانون رقم 47 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي، الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، امتدادا للحماية التأمينية لتشمل أجر المؤمن عليه بمختلف عناصره، وكان ما تغياه المشرع بذلك هو أن يوفر للمؤمن عليه معاشا مناسبا مقاربا لما كان يحصل عليه من أجر أثناء خدمته، يفي باحتياجاته الضرورية بعد بلوغ سن التقاعد التي يتحقق عندها الخطر المؤمن منه، حيث استهلت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 47 لسنة 1984 بالقول: “حرصت الدولة منذ بدء تقريرها لنظام التأمين الاجتماعي على تحقيق وظيفة التأمينات الاجتماعية في ضمان الدخل المناسب لما كان يحصل عليه المؤمن عليه خلال فترة عمله، وإلى تجميع مدخراته بما يكفل حصوله على مبلغ من دفعة واحدة يواجه به احتياجاته والتزاماته الاجتماعية التى لم يستطع أجره الدوري -وتبعا لذلك معاشه- الوفاء بها”. (حكمها في القضية رقم 2 لسنة 34 قضائية – طلبات أعضاء بجلسة 18/5/2014).
وبناءً عليه فإنه بالنسبة للطاعن والمتدخلين، الذين شغل بعضهم، ويشغل وظيفة رئيس مجلس الدولة، وشغل البعض الآخر، ويشغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة، فإنهم جميعا يعاملون معاملة الوزير من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي وعن الأجر المتغير على وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، ومن ثم يطبق في شأنهم فيما يتعلق بمعاش الأجر المتغير ما ورد بالقرارين رقمى 346 لسنة 2009 و102 لسنة 2012 المشار إليهما، وما تلا ذلك من قرارات صادرة في هذا الشأن، بصرف النظر عن كونهم قد بلغوا سن الإحالة على المعاش قبل التاريخين المحددين بهما وهما (1/7/2009 و1/7/2012)؛ وذلك بحسبان أن هذين التاريخين -على وفق ما يجرى عليه قضاء هذه المحكمة- لا يتعلقان إلا بالتنفيذ وإعمال الأثر الفوري والمباشر للقرارين المذكورين، وليس بتحديد فئة المخاطبين بأحكامهما، والقول بما ذهبت إليه الهيئة المطعون ضدها من سريان أحكام هذين القرارين على من بلغ السن القانونية بعد التاريخين المحددين بهما، هو قول يعوزه الدليل ويجافي المنطق والقانون، ويؤدى إلى ازدواج المعاملة التأمينية بين أصحاب المعاشات الذين بلغوا السن قبل التاريخين المشار إليهما، والذين بلغوها بعدهما، بالرغم من اتحادهم في المراكز القانونية، ومثل هذا الازدواج والمغايرة بين أصحاب المراكز القانونية الواحدة في قوانين المعاشات أمر غير جائز قانونا؛ منعا للغبن ودرءا للضرر. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 33179 لسنة 55 ق. عليا بجلسة 2/6/2012).
ولذلك فإنه يتعين إعادة تسوية معاش الطاعن والمتدخلين عن الأجر المتغير على أساس المتوسط الشهري لأجورهم المتغيرة، أو على أساس آخر أجر متغير كانوا يتقاضونه عند انتهاء خدمتهم، أيهما أفضل، ويدخل في حساب الأجر المتغير جميع عناصره المحددة في المادة (5) بند ط/2 من قانون التأمين الاجتماعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية المترتبة عليه.
……………………………………………………..
وحيث إنه عن مكافأة نهاية الخدمة، فإنه وفقا للبند السابع من المادة (12) من القانون رقم 47 لسنة 1984 الذي يقضي بأنه لا تطبق الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة في شأن قواعد حساب المكافأة، فمن ثم تتعين تسويتها على وفق القواعد التي تضمنتها المادة (30) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، والتي جرى نصها على أن: “يستحق المؤمن عليه مكافأة متى توافرت إحدى حالات استحقاق المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة، وتحسب المكافأة بواقع أجر شهر عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في نظام المكافأة، ويقدر أجر حساب المكافأة بأجر حساب معاش الأجر الأساسي…”.
ومتى كان ذلك وكان المعاش بالنسبة للطاعن والمتدخلين يسوى على أساس آخر أجر أساسي كانوا يتقاضونه شاملا العلاوات الخاصة، فمن ثم تتعين تسوية مكافأة نهاية الخدمة لهم على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه كل منهم، مضافا إليه العلاوات الخاصة.
……………………………………………………..
وحيث إنه عما يطلبه الطاعن والمتدخلون من إعادة حساب تعويض الدفعة الواحدة عن مدة الاشتراك الزائدة، وإذ خلا قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 من أي أحكام تنظم هذا التعويض، فلا مناص من إعمال حكم المادة (26) من قانون التأمين الاجتماعي بشأنها، ومن ثم يحسب التعويض للطاعن ولمن يتوفر في حقه ذلك من المتدخلين بنسبة 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من السنوات الزائدة.
……………………………………………………..
وحيث إنه عن طلب الخصم المتدخل رقم (64) بحساب مدة خدمته العسكرية كمدة مضاعفة في المعاش، فإن المادة الأولى من القرار بقانون رقم 116 لسنة 1964 في شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة([7]) تنص على أن: “تسري أحكام هذا القانون على المنتفعين الآتين…:
أ-… ب-… ج- ضباط الصف والجنود المجندون ومن في حكمهم بالقوات المسلحة الرئيسية والفرعية في حدود الأحكام الخاصة الواردة بهذا القانون”.
وتنص المادة (6) منه على أن: “تضاف المدد الآتية إلى مدة الخدمة الحقيقية عند حساب المعاش أو المكافأة:
أ- مدة مساوية لمدة الخدمة في زمن الحرب، وتحدد مدد الحرب بقرار من رئيس الجمهورية…”.
وتنص المادة (72) من القانون المذكور على أن: “تضاف الضمائم ومدد الخدمة الإضافية المنصوص عليها في المادتين (6 ، 7) من هذا القانون إلى مدد خدمة الضباط وضباط الصف والجنود الاحتياط من الموظفين العموميين في حساب معاشاتهم أو مكافآتهم عند تقاعدهم نهائيا من خدمة الحكومة والقطاع العام”.
وحيث إنه تنفيذا لنص المادة السادسة من القانون رقم 116 لسنة 1964 المشار إليه، أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 807 لسنة 1971، وتضمن في مادته الأولى النص على أن: “تعتبر الخدمة بالقوات المسلحة خدمة حرب من 5/6/1967 بالنسبة لجميع أفراد القوات المسلحة المعاملين بالقانون رقم 116 لسنة 1964 المشار إليه”.
وتنص المادة الثانية من هذا القرار على أن: “يتحدد تاريخ انتهاء مدة الحرب بقرار من رئيس الجمهورية”.
وقد أنهى قرار رئيس الجمهورية رقم 36 لسنة 1986 العمل بقراره السابق اعتبارا من 1/1/1986.
وحيث إن المادة (8) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، تنص على أن: “تضاف الضمائم الآتية إلى مدة الخدمة الفعلية عند حساب المعاش أو المكافأة:
ج-…
ومع عدم الإخلال بأحكام المادة (9) لا يجوز الجمع بين أكثر من ضميمة واحدة من الضمائم المذكورة في البنود (أ، ب، ج) عن مدة خدمة فعلية واحدة، وفي هذه الحالة تحسب الضميمة الأطول”.
وتنص المادة (73) من القانون المذكور على أن: “… وينتفع بحكم الفقرة السابقة من خدم بوزارة الحربية أو بالقوات المسلحة والمعارون والمنتدبون والملحقون منهم للعمل بالقوات المسلحة خلال مدة عملهم بها، وكذلك من خدم بوزارة الحربية أو بالقوات المسلحة أو كان من أفرادها والمعارون والمنتدبون والملحقون أثناء الحرب العالمية الثانية أو حملة فلسطين أو الاعتداء الثلاثى أو حرب اليمن أو منذ عدوان يونيه 1967 خلال مدة وجودهم الفعلى بها”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع مراعاة منه وتقديرا للدور الذي قام به أفراد القوات المسلحة الذين دافعوا عن تراب هذا الوطن في أصعب أوقاته، ألا وهو وقت الحرب، فقد قرر لهم بموجب القانون رقم 90 لسنة 1975 بشأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة (الذي حل محل القانون رقم 116 لسنة 1964 في شأن المعاشات والمكافآت والتأمين للقوات المسلحة) اعتبار مدة خدمتهم بالقوات المسلحة خلال فترة الحرب (التي صدر بتحديدها قرار رئيس الجمهورية رقم 807 لسنة 1971 بأنها الفترة التي تبدأ من 5 يونيه 1967) مدة خدمة مضاعفة، يتعين حسابها لهم عند تقاعدهم نهائيا من خدمة الحكومة والقطاع العام، ثم أصدر القرار رقم 36 لسنة 1986 بإنهاء العمل بقراره المذكور اعتبارا من 1/1/1986 على الفئات المنصوص عليها بالمادة (72) من القانون رقم 116 لسنة 1964 المشار إليه، ومن ثم فإن المشرع اشترط ثلاثة شروط وهي: (الأول) أن يكون طالب الضم من الضباط أو ضباط الصف أو الجنود الاحتياط. (الثاني) أن يكون من العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام، بما لازمه أن تكون المدة المطلوب حسابها مضاعفة قد قضيت أثناء الخدمة المدنية، فلا عداد بما يسبقها أو يلحقها. (الثالث) أن تكون الخدمة قد قضيت في المدة من 5 يونيه سنة 1967 وحتى 1/1/1986، ورتب على ذلك التزام جهة الإدارة بحساب تلك الفترة مدة خدمة مضاعفة عند تسوية المعاش.
وهديا بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الخصم المتدخل/… قد خدم بالقوات المسلحة كملازم مجند في المدة المحددة بشهادة الخدمة العسكرية، وقدرها سنة وشهران و16 يوما، وكانت مدة خدمته تلك تدخل ضمن الخدمة أثناء فترة الحرب، لكونه تجند بتاريخ 15/4/1978، وانتهت خدمته بالقوات المسلحة في 1/6/1979 بنقله إلى الاحتياط، وذلك على النحو الثابت بنموذج 51 س الصادر عن إدارة السجلات العسكرية بوزارة الدفاع، ثم عين في وظيفة إدارية بمجلس الدولة اعتبارا من 14/1/1980، ومن ثم فقد تخلف في حقه شرط من الشروط الثلاثة المبينة آنفا؛ لكون تعيينه بالمجلس جاء لاحقا لقضائه مدة الخدمة الإلزامية بالقوات المسلحة، فالمدة المطلوب حسابها مضاعفة يجب أن تكون قد قضيت أثناء الخدمة المدنية، فلا عداد بما يسبقها أو يلحقها، وهو ما يغدو معه طلب حساب تلك الفترة كمدة خدمة مضاعفة عند تسوية معاشه فاقدا لسنده، جديرا بالالتفات عنه.
……………………………………………………..
أما بالنسبة للمتدخلين أرقام (104) و(107) و( 128) و(140) وهم:…، فإنه يبين من الأوراق أنه قد انتهت خدمة مورثيهم بسبب الوفاة قبل بلوغهم سن الإحالة على المعاش، ومن ثم فلا مناص من تطبيق حكم المادة (125) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 فيما يتعلق بتسوية معاشهم عن الأجر الأساسي، فقد تضمنت المادة المذكورة النص على ألا يقل المعاش عن أربعة أخماس آخر مرتب كان يتقاضاه العضو أو يستحقه عند انتهاء خدمته إذا كانت مدة الخدمة المحسوبة في المعاش لا تقل عن عشرين سنة. وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد المعاش على الحد الأقصى المقرر بمقتضى قوانين المعاشات. وهذا الحكم أوجد مغايرة في المعاملة المالية بينهم وبين باقي المتدخلين في الطعن ممن ينطبق عليهم حكم المادة (124) من القانون المشار إليه.
وحيث إن المادة (53) من دستور 2014 تنص على أن: “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأي سبب آخر. … تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز…”.
كما تنص المادة (186) من الدستور على أن: “القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات…. ويبين القانون الحقوق والواجبات والضمانات المقررة لهم”.
وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن مبدأ المساواة أمام القانون الذي رددته الدساتير المصرية جميعها، بدءا بدستور1923، وانتهاءً بالدستور القائم، يستهدف حماية حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وهو بذلك يعد وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها إلى الحقوق التي يقررها القانون العادي ويكون مصدرا لها، ومن ثم فلا يجوز للقانون أن يقيم تمييزا غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل في عناصرها. (حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 81 لسنة 25 قضائية دستورية بجلسة 13 فبراير 2005).
وحيث إن المشرع الدستوري استهدف إقرار المساواة في المعاملة المالية بين أعضاء الهيئات القضائية جميعها، سواء في المخصصات المالية المقررة للوظائف من مرتبات وبدلات أو مزايا أخرى، أم في المعاشات المستحقة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم، ويجري هذا الحكم على المخصصات والمعاشات المستحقة لشاغلي الوظائف المقابلة لها في الهيئات والجهات القضائية، ومن ثم فقد أصبحت قاعدة المساواة على النحو المبين آنفا مستقرة، لا يجوز الإخلال بها، على النحو الذي يمتنع معه وجود أي تفاوت بين جميع الأعضاء في المرتبات والبدلات والمزايا والمعاشات بالنسبة لجميع تلك الهيئات والجهات إعمالا لهذه القاعدة. (في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا -الدائرة الثانية– في الطعن رقم 1 لسنة 53 ق. عليا الصادر بجلسة 22/9/2012).
وإذ حددت المادة (125) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 قواعد تسوية المعاش المستحق لأعضاء مجلس الدولة، أو للمستحقين عنهم بحسب الأحوال، ممن تنتهى خدمتهم بالوفاة قبل بلوغهم سن الإحالة على المعاش، فنصت على أنه لا يجوز أن يقل المعاش عن أربعة أخماس آخر مرتب كان يتقاضاه العضو أو يستحقه عند انتهاء خدمته إذا كانت مدة الخدمة المحسوبة في المعاش لا تقل عن عشرين سنة، فضلا عن القيد الخاص بألا يزيد المعاش في جميع الأحوال على الحد الأقصى المقرر بمقتضى قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، بينما نص القانون نفسه في المادة (124) منه (التى تخاطب عضو مجلس الدولة الذي تنتهى خدمته بالاستقالة) على وجوب تسوية معاشه على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له، ولم يورد المشرع في المادة الأخيرة نسبة معينة (أربعة أخماس)، ولم يربط هذه النسبة بالمرتب فقط على ما سلف بيانه، فضلا عن أن هذه المادة لم تضع حدا أقصى يتعين التقيد به عند تسوية المعاش، بما مؤداه إعمال المبدأ طليقا من كل قيد، بخلاف حكم المادة (125) المذكورة.
ولما كانت المغايرة بين هاتين الفئتين من قضاة مجلس الدولة في المزايا التأمينية –بالرغم من تماثلهما في المراكز القانونية– تتعارض مع مبدأ المساواة المكفول دستوريا، كما حدد النص سقفا للمعاش المنصرف لورثة عضو مجلس الدولة الذي تنتهى خدمته بالوفاة بالرغم من أنهم قد يكونوا أحوج من غيرهم لمبلغ المعاش، بينما يكون المستَحقُّ ذاته لعضو المجلس المستقيل بمحض إرادته متحررا من هذا السقف.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المغايرة التى أوجدتها المادة (125) من قانون مجلس الدولة لا مثيل لها في النصوص المنظمة للحقوق التأمينية لسائر الجهات والهيئات القضائية الأخرى وهو ما يتعارض مع مبدأ المساواة بين عضو مجلس الدولة وأقرانه في سائر تلك الجهات والهيئات.
وحيث إنه إعمالا لنص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والتى تنص على أن: “تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
(أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية. (ب)…”
وتطبيقا لما تقدم فإن المحكمة ترجئ الفصل في طلبات المتدخلين أرقام (104) و(107) و(128) و(140)، وتقضي بوقف الطعن تعليقيا بالنسبة لهم، وبإحالة نص المادة (125) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريته فيما تضمنه من تقييد معاش عضو مجلس الدولة الذي تنتهى خدمته للوفاة قبل بلوغه سن الإحالة على المعاش بنسبة معينة من مرتبه لا يجوز تجاوزها (أربعة أخماس)، وربط هذه النسبة بآخر مرتب كان يتقاضاه فقط، وليس بآخر مربوط الوظيفة، أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح، وكذا وضع سقف لمعاشه لا يزيد في جميع الأحوال على الحد الأقصى المقرر بمقتضى قوانين المعاشات، بينما لم تتضمن المادة (124) من القانون نفسه القيود المشار إليها عند حساب المعاش المستحق لعضو المجلس الذي تنتهي خدمته بالاستقالة؛ لكون هذه المغايرة في المزايا التأمينية التي أوجدتها المادة المذكورة على التفصيل المبين سالفا جاءت متعارضة مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادتين (53) و(186) من الدستور، سواء بالنسبة لقضاة مجلس الدولة فيما بينهم، أم مقارنة بأقرانهم في الجهات والهيئات القضائية الأخرى التي لا يوجد في النصوص المنظمة للحقوق التأمينية لأعضائها نص مماثل لنص المادة (125) من قانون مجلس الدولة المشار إليه.
وحيث إن الهيئة المطعون ضدها معفاة من المصروفات طبقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي.
حكمت المحكمة بقبول تدخل السادة المستشارين المبينة أسماؤهم بصدر هذا الحكم، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بأحقية الطاعن والمتدخلين في الآتي:
([1]) أكدت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 4/11/2017 في القضية رقم 3 لسنة 38 القضائية (طلبات أعضاء) أحقية عضو السلطة القضائية في تسوية معاشه عن الأجر الأساسي على وفق آخر مربوط الدرجة التي كان يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه عند بلوغه سن الستين، أيهما أصلح له، دون التقيد بحد أقصى.
([2]) قيدت هذه القضية بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم (165) لسنة 36ق (دستورية)، ولم يصدر الحكم فيها حتى مثول هذه المجموعة للطبع.
([3]) تنويه: النص الوارد بمتن الحكم هو نص المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعي كما صدر بالقانون رقم (79) لسنة 1975، وقد طرأت تعديلات عدة على هذا النص، أولها بموجب القانون رقم (25) لسنة 1977، وبموجبه أضحى نص المادة (18) المشار إليها: “يستحق المعاش في الحالات الآتية:
(1) انتهاء خدمة المؤمن عليه لبلوغه سن التقاعد المنصوص عليه بنظام التوظف المعامل به أو لتجاوزه سن الستين بالنسبة للمؤمن عليهم المنصوص عليهم بالبندين (ب) و(جـ) من المادة (2), وذلك متى بلغت مدة اشتراكه في التأمين 120 شهرا على الأقل.
(2) انتهاء خدمة المؤمن عليه للفصل بقرار من رئيس الجمهورية أو بسبب إلغاء الوظيفة…
(3) انتهاء خدمة المؤمن عليه للوفاة, أو العجز الكامل, أو العجز الجزئي المستديم…
(4) وفاة المؤمن عليه أو ثبوت عجزه عجزا كاملا خلال سنة من تاريخ انتهاء خدمته…
وإذا كان المؤمن عليه من غير الخاضعين لقوانين أو لوائح توظف أو لاتفاقات جماعية فيشترط لاستحقاق المعاش في الحالتين (3 و4) أن يكون للمؤمن عليه مدة اشتراك في التأمين لا تقل عن ثلاثة أشهر متصلة أو ستة أشهر متقطعة.
(5) انتهاء خدمة المؤمن عليه لغير الأسباب المنصوص عليها بالبنود (1 و2 و3) متى كانت مدة اشتراكه في التأمين (240) شهرا على الأقل.
ويجوز تخفيض السن المنصوص عليها في البند (1) بالنسبة للمؤمن عليهم العاملين في الأعمال الصعبة أو الخطرة التي تحدد بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ما يعرضه وزير التأمينات: ويجب أن يتضمن هذا القرار ما يأتي:…”.
وأحدثها (تلك التعديلات) بموجب القانون رقم (120) لسنة 2014، وبموجبه أضحى نص المادة (18) المشار إليها: “يستحق المعاش في الحالات الآتية:
(1) انتهاء خدمة المؤمن عليه لبلوغه سن التقاعد المنصوص عليه بنظام التوظف المعامل به أو لبلوغه سن الستين بالنسبة للمؤمن عليهم المنصوص عليهم بالبندين (ب) و(جـ) من المادة (2)، وذلك متى كانت مدة اشتراكه في التأمين 120 شهرا على الأقل.
(2) ملغاة.
(3) انتهاء خدمة المؤمن عليه للوفاة أو العجز الكامل، أو العجز الجزئي المستديم…
(4) وفاة المؤمن عليه أو ثبوت عجزه عجزا كاملا خلال سنة من تاريخ انتهاء خدمته…
ويشترط لاستحقاق المعاش في الحالتين المبينتين في البندين 3 و4 السابقتين أن تكون للمؤمن عليه مدة اشتراك في التأمين لا تقل عن ثلاثة أشهر متصلة أو ستة أشهر متقطعة، ولا يسري هذا الشرط في شأن الحالات الآتية:…
(5) انتهاء خدمة المؤمن عليه لغير الأسباب المنصوص عليها في البندين (1، 3)، بشرط توافر مدة اشتراك فعلية لا تقل عن 240 شهرا، وألا يكون خاضعا لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة في تاريخ تقديم طلب الصرف.
(6) وفاة المؤمن عليه أو ثبوت عجزه الكامل بعد انقضاء سنة من تاريخ انتهاء خدمته أو بلوغه سن الستين بعد انتهاء خدمته متى كانت مدة اشتراكه في التأمين 120 شهرا على الأقل ولم يكن قد صرف القيمة النقدية لتعويض الدفعة الواحدة، ويسوى المعاش في هذه الحالة على أساس مدة الاشتراك في التأمين.
ويجوز تخفيض السن المنصوص عليها في البند (1) بالنسبة للمؤمن عليهم من العاملين في الأعمال الصعبة أو الخطرة التي تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على ما يعرضه وزير التأمينات، ويجب أن يتضمن هذا القرار ما يأتي:…”.
([4]) استبدلت بكلمة “الأجر” عبارة “أجر الاشتراك” بموجب القانون رقم (120) لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه.
([5]) استبدلت بكلمة “أديت” كلمة “حددت” بموجب القانون رقم (120) لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه.
([6]) بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم (422) لسنة 2005 كان وزير المالية هو الوزير المختص بتنفيذ تشريعات التأمين الاجتماعي، وحل محل وزير التأمينات أينما ذكر في القوانين والتشريعات الأخرى.
([7]) ألغي هذا القانون بموجب القانون رقم (90) لسنة 1975 بشأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |