برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ غبريال جاد عبد الملاك
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد محمد صالح الشاذلي وأحمد وجدي عبدالفتاح علي فاضل وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد وإبراهيم سيد أحمد الطحان
نواب رئيس مجلس الدولة
اختصاص– ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة- المنازعة في بيانات حيازة الأطيان الزراعية في إطار التنظيم الإداري لبطاقة الحيازة الزراعية- تتعيَّن التفرقة بين منازعات الحيازة كأحد أسباب الملكية، والتي يختص بنظرها القضاء المدني، والمنازعة الإدارية بشأن التنظيم الإداري لبطاقة الحيازة الزراعية- القرار الصادر عن لجنة الطعون في الحيازة الزراعية هو قرارٌ إداري تختص محكمة القضاء الإداري بنظر الطعن عليه([1]).
– الباب السابع (بطاقة الحيازة الزراعية) المواد من (90) إلى (93) من قانون الزراعة، الصادر بالقانون رقم (53) لسنة 1966.
– نظام بطاقة الحيازة الزراعية، الصادر بقرار وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم (59) لسنة 1985.
الإجراءات
في يوم السبت الموافق 15/3/2003 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة (بصفته) سكرتارية هذه المحكمة عريضة طعن، قيد بجدولها برقم 5649 لسنة 49 القضائية عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الأولى) بجلسة 26/1/2003 في الدعوى رقم 1181 لسنة 5ق المقامة من/… ضد وكيل وزارة الزراعة بالغربية (بصفته)، الذي قضى بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية للاختصاص، وبإبقاء الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعن (بصفته) الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وإحالتها للدائرة المختصة للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات للحكم المنهي للخصومة في الدعوى.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن، انتهت فيه لِما أبدته من أسبابٍ إلى أنها ترى -بعد إعلان تقرير الطعن إلى أطراف الخصومة أمام محكمة أول درجة- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإحالة الدعوى رقم 1181 لسنة 5ق للفصل فيها من محكمة أول درجة بهيئة أخرى، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد عُينت لنظر الطعن جلسة 5/4/2010 أمام الدائرة العاشرة (فحص)، التى أمرت بإحالته إلى الدائرة الأولى (فحص)، التى عَينت لنظره جلسة 17/10/2011، وفيها حضر طرفا الخصومة في الدعوى رقم 1181 لسنة 5ق، وبجلسة 16/1/2012 قدم المطعون لمصلحته حافظة مستندات، كما قدم بجلسة 2/4/2012 مذكرة، وبذات الجلسة تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع، وعَينت لنظره جلسة 1/7/2012، وتدوول الطعن بجلساتها على النحو المبين بالمحاضر.
وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزومًا لسماعه من إيضاحات من الطرفين، قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم، حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة -حسبما يبين من أوراق الطعن- تتحصل في أن المدعى/… أقام الدعوى رقم 1181 لسنة 5ق. ضد وكيل وزارة الزراعة بالغربية (بصفته) أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا-الدائرة الأولى، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر عن لجنة الطعون في الحيازة الزراعية بالإدارة الزراعية بالمحلة الكبرى برفض الطعن المقدم لها من المدعي وباستمرار حيازة ورثة المرحومة/… للأطيان الزراعية البالغ مساحتها (10 س/10 ط/1 ف) بناحية سنبارة بالمحلة الكبرى، وما يترتب على ذلك من آثار.
…………………………………………………………….
وفى 26 من يناير 2003 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن مجرد صدور القرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري دائمًا، وأنه يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه، فإذا ما دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإدارة شخص معنوي خاص خرج عن عداد القرارات الإدارية، أيا كان مُصدِره، ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإداري، كما أن المنازعة لا تعد إدارية لمجرد أن أحد طرفي النـزاع جهة إدارية، بل يتعين أن تكون طبيعة المنازعة ذاتها “إدارية” في ضوء السلطات والاختصاصات المخولة للجهة الإدارية بوصفها كذلك في القوانين واللوائح المنظمة لها، فإذا كان التصرف يدور في إطار القوانين العادية التى تخضع لها أشخاص القانون الخاص، فلا يجوز أن تُوصف المنـازعة الناشئة عن هذا التصرف بأنها “منازعةٌ إدارية”، بل تعد “منازعةً مدنية” يختص بها القضاء العادي، وذلك يصدق على واقعات النـزاع، والذي يدور حول بطاقة الحيازة الزراعية، وهى مسألة تدور حول الفصل في الملكيات الخاصة ووضع اليد والإيجار للأرض الزراعية، وجميعها مسائل من صميم اختصاص القضاء المدني، إذ إنها تخضع لأحكام القانون الخاص، ومن ثم ينحسر الاختصاص بنظرها عن محكمة القضاء الإداري ولائيا، وينعقد لمحكمة طنطا الابتدائية.
…………………………………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ بحسبان أن اللجنة المختصة بنظر الطعون في الحيازة الزراعية تمَّ تشكيلُها طبقًا لما أوجبه قانون الزراعة، ومن ثم فهي لجنة إدارية تُصدِر قراراتٍ فيما يُعرض عليها من أنزعة، وقراراتها هذه تعد قراراتٍ إدارية نهائية، صادرة عنها بمقتضى السلطة المخولة لها في القانون، بقصد إحداث أثر قانوني معين، هو مركز التحييز أو عدم التحييز للأرض الزراعية المقدَّم بشأنها الطعن في الحيازة، ومن ثم تتوفر لقرارها مقومات القرار الإداري، وينعقد الاختصاص بنظر الطعون في قراراتها لمجلس الدولة صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية.
…………………………………………………………….
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرار الإداري هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يحدِّده القانون عن إرادتها الملزِمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث أثرٍ قانوني معين، متى كان ذلك ممكنًا وجائزًا قانونًا، ابتغاء تحقيق مصلحة عامة.
وحيث إن قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 قد شرَّع في الباب السابع منه “نظام بطاقة الحيازة الزراعية”، وناط بوزير الزراعة إصدار قراراتٍ في مسائل معينة، منها تحديد نماذج السجلات وبطاقات الحيازة، وطرق القيد فيها، وتحديد المسئولية عنها، ونظم وقواعد إثبات ما يطرأ على بيانات البطاقة من تغيير وطرق الطعن في بيانات الحيازة، والجهة التى تفصل في الطعن وكيفية تشكيلها والإجراءات التى تتبعها، ونفاذًا لذلك أصدر وزير الزراعة قراره رقم 59 لسنة 1985 بإصدار “نظام بطاقة الحيازة الزراعية”، ناصًا فيه على تشكيل لجنة إدارية تتولى تلقي الطعون من ذوى الشأن بالطعن في بيانات الحيازة، وبحث تلك الطعون والتحقق من مدى صحتها بجميع الوسائل، ثم إصدار قرارٍ نهائي في شأنها.
وحيث إن إيلاء المشرع حيازة الأراضي الزراعية عنايةً خاصة واختصاصها بنظام بطاقة الحيازة الزراعية على الوجه المبين سالفًا، هو في واقع الأمر أحد جوانب التنظيم الإداري لمرفق الزراعة، والذي يهدف إلى تيسير تعامل حائز الأطيان الزراعية مع الجهات الحكومية المعنية بشئون الزراعة؛ بما يكفل توصيل الخدمات ومستلزمات الإنتاج إلى الأرض الزراعية، والتي تعمل الدولة من خلال سياساتها الزراعية على توفيرها للزراعة، تعزيزًا لدورها الحيوي في الاقتصاد القومي.
وحيث إن المنازعة في بيانات حيازة الأطيان الزراعية في إطار التنظيم الإداري لبطاقة الحيازة الزراعية، على النحو المبين سالفًا، هي بلا خلاف منازعة إدارية، ومن ثم فإن القرار الصادر عن لجنة الطعن في شأنها هو قرار إداري بمعناه الاصطلاحي المشار إليه سالفًا، تختص بالطعن فيه محكمة القضاء الإداري.
ولا محاجة في ذلك بما يُثار في هذا الشأن من أن مسألة الحيازة هي من المسائل التى تندرج في صميم اختصاص القضاء المدني، فالفارق جد كبير بين مسألة التنظيم الإداري لبطاقة الحيازة الزراعية، على نحو ما تقدم، ومسألة الحيازة كأحد أسباب كسب الملكية بين الأحياء، على وفق التنظيم الوارد في القانون المدني، وما أفرده الشارع من وسائل قانونية لحماية الحيازة على العقار بدعاوى ثلاث، هي: دعوى استرداد الحيازة (يَسترِد بها الحائز حيازته إذا فقدها عُنوةً أو خِلسة)، ودعوى منع التعرض (يُوقِف بها الحائز كل ادعاءٍ أو كل فعلٍ يتضمن ادعاءً معارضًا لحيازته)، ودعوى وقف الأعمال الجديدة (يُوقِف بها الأعمال التى لو تمت لكانت تعرضًا له في حيازته)، والتي يختص بها القضاء المدني دون القضاء الإداري بلا خلاف.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا المذهب، فخلط بين هاتين المسألتين، فإنه يكون قد تبنى تفسيرًا مخالفًا لصحيح حكم القانون الواجب الأخذ به في الدعوى، ومن ثم يكون قد أخطأ في تأويل القانون، ويتعين إلغاؤه، والقضاءُ باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعــوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بطنطا لنظرها بهيئة أخرى، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بطنطا للفصل فيها بهيئة أخرى، وأبقت الفصل في المصروفات.
[1])) في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 15/4/2006 في الطعن رقم 6068 لسنة 48 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في السنة 51 مكتب فني= =الجزء الثاني، المبدأ رقم 101 ص 727)، وكذا حكمها الصادر بجلسة 13/5/2006 في الطعن رقم 3463 لسنة 50 القضائية عليا (المنشور بالمجموعة نفسها، المبدأ رقم 118 ص831).
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |