برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ جمال طه إسماعيل ندا
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومنير عبد القدوس عبد الله، ومحمد ياسين لطيف شاهين.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) نقابات– للنقابة المهنية صفة في التدخل في الدعوى المقامة طعنا في قرار يتعلق بتنظيم المهنة والقائمين عليها.
(ب) قرار إداري– وجود القرار- القرار الإداري لا يشترط فيه شكل معين، بل يتحقق وجوده حالما تتجه إرادة جهة الإدارة في نطاق سلطتها الملزمة إلى إحداث أثر قانوني، متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا- مدى تحقق وصف (القرار الإداري) في المنشورات الإدارية- المنشور الذي يخرج عن كونه مجرد تفسير لأحكام القانون أو تعليمات منفذة له، وينطوي على أحكام مستحدثة تنال من المراكز القانونية للمخاطبين به، يتحقق فيه وصف (القرار الإداري)، ويجوز الطعن عليه أمام محاكم مجلس الدولة.
(ج) قرار إداري– ركن الاختصاص- من المبادئ الدستورية المقررة أنه متى عهد القانون إلى سلطة معينة بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه، فإن هذه السلطة دون سواها تكون صاحبة الاختصاص بإصدار هذه القرارات، بحيث يمتنع على غيرها ممارسة هذا الاختصاص- صدور القرار عن شخص غير منوط به إصداره قانونا أو غير مفوض فى إصداره، يصمه بعيب عدم الاختصاص؛ لِما في ذلك من افتئات على السلطة المختصة بإصداره- هذا العيب من النظام العام، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
(د) مهن– تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي- ناط المشرع في قانون مزاولة مهنة الطب بوزير الصحة الاختصاص بإصدار القرارات اللازمة لتنظيم المهن ذات الارتباط بمهنة الطب، وردد قانون تنظيم مهنة العلاج الطبيعي الحكم نفسه حين عقد لوزير الصحة الاختصاص بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه- من بين هذه الأحكام: تنظيم العلاقة بين عمل إخصائي العلاج الطبيعي وعمل الطبيب المعالج- صدور قرار عن رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية والعاجلة بوزارة الصحة، دون تفويض من الوزير أو موافقة منه، متضمنا فصل قسم العلاج الطبيعي بالمستشفيات عن قسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل، وعدم خضوع كل منهما للإشراف الفني أو الإداري للآخر، وتغيير المسمى الوظيفي لذلك القسم من (طب طبيعي وروماتيزم وتأهيل) إلى (روماتيزم وتأهيل)، هو قرار صدر مستلبا الاختصاص المعقود لوزير الصحة باعتباره المنوط به قانونا إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام قانون تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي، وتحديد ماهية العلاقة بين عمل مزاولي هذه المهنة وعمل الأطباء المعالجين.
– المادة رقم (13) من القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الطب، المعدَّل بموجب القانون رقم 491 لسنة 1955.
– المواد أرقام (1) و(8) و(16) من القانون رقم 3 لسنة 1985 في شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي.
– المادة رقم (8) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 (الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية).
– المادة رقم (3) من قرار رئيس الجمهورية رقم 242 لسنة 1996 بتنظيم وزارة الصحة، معدَّلا بموجب القرار الجمهوري رقم 74 لسنة 2009.
بتاريخ 25/12/2011 أودع الأستاذ/… المحامي وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 5367 لسنة 58 القضائية عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الثالثة) بجلسة 30/10/2011 في الدعويين رقمي 12665 لسنة 60ق و12666 لسنة 60ق، القاضي بقبول الدعويين شكلا ورفضهما موضوعا، وإلزام المدعيين فيهما والمتدخلين إلى جانبهما المصروفات.
وطلب الطاعنون -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى الجهات الإدارية المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 17/6/2013 إحالته إلى دائرة الموضوع، وحددت لنظره أمامها جلسة 5/10/2013، حيث نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية لها على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 2/11/2013 أودع الحاضر عن الطاعنين مذكرة دفاع التمس فى ختامها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبالجلسة نفسها طلب الحاضر عن النقابة العامة للعلاج الطبيعي التدخل انضماميا في الطعن إلى جانب الجهة الإدارية المطعون ضدها، وذلك فى مواجهة الحاضر عن الطاعنين، وأودع الحاضر عن النقابة المتدخلة خلال جلسات نظر الطعن عدد ست حوافظ مستندات طويت على المستندات المعلاة على غلافها، وعدد أربع مذكرات دفاع التمس فيها الحكم: (أولا) بعدم قبول الدعويين المطعون على الحكم الصادر فيهما لانتفاء القرار الإداري، و(ثانيا) بعدم جواز نظر الطعن لسابقة الفصل فيه، و(ثالثا) بسقوط حق الطاعنين لمرور أكثر من خمسة عشر عاما على صدور القرار المطعون عليه، و(رابعا) برفض الطعن، مع إلزام الطاعنين المصروفات في أي من تلك الحالات، وبجلسة 7/6/2014 قدم الحاضر عن الطاعنين حافظة مستندات، وأودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بجلسة 27/12/2014 حافظة مستندات طويت على المستندات المثبتة على غلافها، وبجلسة 17/1/2015 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم 7/3/2015 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل المضروب دون تقديم شيء، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطاعنين يهدفون بطعنهم إلى الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا واستوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- فى أن الطاعن الأول كان قد أقام الدعوى رقم 12665 لسنة 60ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 6/5/2006، طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه الصادر عن مدير الإدارة المركزية للرعاية العلاجية والعاجلة بوزارة الصحة بتاريخ 28/3/1998 فيما تضمنه من فصل قسم العلاج الطبيعي بالمستشفيات عن قسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل، وعدم خضوع كل منهما للإشراف الفني والإداري للآخر، وفيما تضمنه من تغيير المسمى الوظيفي من طب طبيعي وروماتيزم وتأهيل إلى روماتيزم وتأهيل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك على سند من أنه فوجئ هو وآخرون من أطباء قسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل بالمستشفيات التابعة لمديرية الشئون الصحية بالإسكندرية بالقرار المطعون فيه بتاريخ 8/3/2006، فتظلم منه بتاريخ 9/4/2006، وأنه لما كان هذا القرار قد صدر بالمخالفة للقانون رقم 3 لسنة 1985 بشأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي، لصدوره عن غير مختص، بالمخالفة للمادة (16) من هذا القانون التى منحت وزير الصحة سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، كما أنه لا يجوز فصل العلاج الطبيعي عن الطب الطبيعي؛ إذ إن هذا الفصل يضر بالمرضى لأن إخصائي العلاج الطبيعي يعمل فى نطاق الطب الطبيعي، ولا يجوز الفصل بينهما طبقا للمادة (8) من القانون نفسه، لذا فقد أقام دعواه.
وكان الطاعن الثاني قد أقام الدعوى رقم 12666 لسنة 60ق بتاريخ 6/5/2006 أمام المحكمة نفسها، طالبا الحكم بالطلبات نفسها الواردة فى الدعوى الأولى.
………………………………………………….
ولدى نظر محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الثالثة) للدعويين تدخل في الدعوى الثانية إلى جانب المدعي عدة أشخاص من بينهم الطاعنون فى هذا الطعن من الثالث حتى الخامس، وبجلسة 30/10/2011 قررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الأولى للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبالجلسة نفسها قضت المحكمة بقبول الدعويين شكلا ورفضهما موضوعا، وإلزام المدعيين والمتدخلين إلى جانبهما المصروفات.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على أسباب حاصلها -بعد استعراضها لنصي المادتين الثامنة والسادسة عشرة من القانون رقم 3 لسنة 1985 فى شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي، والمادة الثامنة من قرار وزير الصحة رقم 150 لسنة 1986 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 3 لسنة 1985 المشار إليه- أن المشرع تناول الواجبات والمسئوليات الملقاة على عاتق من يزاول مهنة العلاج الطبيعي، وتناول المحظورات التى لا تمتد إليها يده محددا نطاق عمله فى إطار لا يتجاوزه، متمتعا فى ذلك باستقلالية في أداء عمله دون تسلط إداري أو إشراف فني من قبل الطبيب المعالج، وأنه ولئن كان نطاق عمل إخصائي العلاج الطبيعي تحت الإشراف الطبي للطبيب المعالج فإنه لا يقتصر على كونه مجرد عمل مادي تنفيذي لِما يقرره الطبيب المعالج دون أن يكون له دور، وإنما دوره يتمثل فى وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعي، وهو ما يؤكد استقلال إخصائي العلاج الطبيعي فى القيام بالعمل التخصصي لمهنته طبقا لأحكام القانون المذكور سالفا، وعلى ذلك لا يخضع إخصائي العلاج الطبيعي للإشراف الفني أو الإداري للأطباء المعالجين.
وخلصت المحكمة في حكمها المطعون فيه إلى أن القرار المطعون عليه وقد صدر متضمنا فصل قسم العلاج الطبيعي عن قسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل وعدم خضوع كل منهما لإشراف الآخر فنيا أو إداريا، وأن يقتصر المسمى الوظيفي من طب طبيعي وتأهيل إلى روماتيزم وتأهيل، فإنه لم يخرج عن أحكام القانون المذكور سالفا وقرار وزير الصحة المشار إليه، ويضحى الطعن عليه فى غير محله، مما تقضي معه المحكمة برفض الدعويين.
………………………………………………….
وحيث إن هذا القضاء لم يصادف قبولا لدى الطاعنين، فقد أقاموا طعنهم الماثل على سند من مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ فى تطبيقه وتأويله، والفساد في الاستدلال؛ لانعدام القرار محل الطعن لصدوره عن غير مختص، لأن المادة السادسة عشرة من القانون رقم 3 لسنة 1985 بشأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي تطلبت أن تكون جميع القرارات المنظمة والمنفذة لهذا القانون صادرة عن وزير الصحة دون غيره، وقد صدر القرار المطعون فيه عن رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية والعاجلة خلافا لما تطلبه القانون، كما أنه لا يجوز فصل وحدات العلاج الطبيعي عن قسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل؛ لأن ممارسة مهنة العلاج الطبيعي تكون بمعرفة إخصائي تحت إشراف طبيب، وأن إخصائي العلاج الطبيعي لا يختص بمناظرة المريض أو تشخيص علته وتقرير العلاج اللازم له، بل يختص بذلك الطبيب المعالج.
………………………………………………….
وحيث إنه عن طلب التدخل الانضمامي إلى جانب الجهة الإدارية المطعون ضدها والمقدم من النقابة العامة للعلاج الطبيعي، فالثابت أن هذا الطلب قدم شفاهة أمام المحكمة من الحاضر عن النقابة بجلسة 2/11/2013 في مواجهة الحاضر عن الطاعنين، وتم إثباته فى محضر الجلسة، ومن ثم يكون التدخل قد تم على وفق الإجراءات المنصوص عليها فى المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ولما كان هذا، وكانت تلك النقابة تمثل العاملين بالعلاج الطبيعي، وترعى مصالحهم على وفق قانون إنشائها رقم 209 لسنة 1994، وكان القرار المطعون فيه يتناول أمورا تتعلق بتنظيم العلاج الطبيعي والقائمين عليه بالمستشفيات، ومن ثم يكون للنقابة صفة ومصلحة فى تدخلها، وتقضي المحكمة بقبول هذا التدخل، لاسيما أن تلك النقابة كانت متدخلة أمام محكمة أول درجة وقضت المحكمة بقبول تدخلها.
وحيث إن النقابة المتدخلة قد دفعت بعدم قبول الدعويين المطعون على الحكم الصادر فيهما لانتفاء القرار الإداري، قولا منها إن المذكرة محل الطعن ليست من قبيل القرارات الإدارية، وإنها لا تعدو أن تكون من قبيل المنشورات أو التعليمات أو التوجيهات المصلحية الصادرة عن الجهة الإدارية بشأن تسيير وتنظيم العمل وتحديد العلاقة بين ممارسي وإخصائي العلاج الطبيعي وأطباء الروماتيزم والتأهيل.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن القرار الإداري لا يشترط في شأنه شكل معين، بل يكون هناك قرار لكل ما يحمل معنى اتجاه إرادة جهة الإدارة فى نطاق سلطتها الملزمة إلى إحداث أثر قانوني، متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا، ولما كان هذا وكان الثابت من الاطلاع على كتاب رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية والعاجلة بوزارة الصحة المؤرخ في 28/3/1998، والموجه إلى مديري مديريات الشئون الصحية، أنه تضمن ما يلي: (أولا) يتم فصل قسم العلاج الطبيعي بالمستشفى عن قسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل، وعدم خضوع كل منهما للإشراف الفني والإداري على الآخر، و(ثانيا) يتم تغيير المسمى من طب طبيعي وتأهيل إلى روماتيزم وتأهيل، ومن ثم فإن هذا المنشور قد تناول بالتنظيم اختصاصات قسمين من أقسام المستشفيات العامة التابعة لمديريات الشئون الصحية، وهما قسم العلاج الطبيعي، وقسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل، ومن ثم فقد أثر فى المركز القانوني لمن يعمل في القسمين المذكورين، كما تضمن تغيير المسمى الوظيفي لأحد القسمين المشار إليهما، وهو قسم (الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل) وقصره على مسمى (الروماتيزم والتأهيل) وهو ما يدخل فى نطاق إعادة هيكلة هذا القسم.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن ما تضمنه منشور رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية والعاجلة المؤرخ في 28/3/1998 -على النحو المبين سالفا- يخرج عن كونه مجرد تفسير لأحكام القانون أو تعليمات منفذة له، وذلك لانطوائه على أحكام مستحدثة تنال من المراكز القانونية لأطباء قسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل، يؤكد ذلك أن هذا المنشور تم وضعه موضع التنفيذ على الطاعنين، بناء على موافقة مدير مديرية الشئون الصحية بالإسكندرية بتاريخ 6/3/2006 على مذكرة مدير عام إدارة الطب العلاجي، والتي تضمنت أنه نظرا لاستمرار الخلافات والمشاحنات بين أطباء الروماتيزم والتأهيل وإخصائيي العلاج الطبيعي بالمستشفيات والوحدات، مما انعكس بالسلب على الأداء، وبات يهدد العمل بأقسام العلاج الطبيعي ومصلحة المرضى، لذا فإن الأمر معروض للموافقة على تنفيذ ما جاء بهذا الكتاب حسما لهذه الخلافات، ومن ثم وتبعا لذلك فإنه يندرج فى مفهوم القرار الإداري الذي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري برقابة مشروعيته، ويضحى الدفع المبدى فى غير محله واجب الالتفات عنه.
ولا وجه أيضا لِما دفعت به النقابة المتدخلة من عدم جواز نظر الطعن لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في الطعنين رقمي 808 لسنة 35 ق.عليا الصادر بجلسة 22/12/2001، و3991 لسنة 45 ق.عليا الصادر بجلسة 30/11/2002؛ وذلك لتخلف مناط إعمال هذا الدفع على وفق حكم المادة (101) من قانون الإثبات، ولا محل أيضا لِما دفعت به النقابة المذكورة من سقوط الحق فى الطعن بالتقادم الطويل لمرور خمسة عشر عاما على صدور القرار المطعون فيه؛ بحسبان أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 28/3/1998، وأن الدعويين المطعون على الحكم الصادر فيهما تم إقامتهما فى 6/5/2006 قبل مرور مدة السقوط المشار إليها.
وحيث إن المادة (13) من القانون رقم 415 لسنة 1954 فى شأن مزاولة مهنة الطب، المعدل بالقانون رقم 491 لسنة 1955، تنص على أن: “يصدر وزير الصحة العمومية القرارات اللازمة لتنظيم مهنتي التمريض والتدليك الطبي وغيرهما من المهن ذات الارتباط بمهنة الطب…”.
وتنص المادة (الأولى) من القانون رقم 3 لسنة 1985 فى شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي على أنه: “مع مراعاة أحكام قانون مزاولة مهنة الطب، لا تجوز مزاولة مهنة العلاج الطبيعي إلا بترخيص من وزارة الصحة طبقا للإجراءات والأوضاع المقررة في القانون”.
وتنص المادة (الثامنة) من القانون نفسه على أنه: “على من يزاول العلاج الطبيعي وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعي بناءً على التقرير الطبي الكتابي الصادر من الطبيب المعالج، وأن يكون على اتصال دائم به، ويتبادل الرأي معه في شأن استمرار العلاج، ويكون الاتصال فوريا إذا ظهرت على المريض أعراض جديدة غير التى أثبتها فحص الطبيب المعالج من قبل. ولا يجوز لمن يزاول العلاج الطبيعي تشخيص الحالات، أو إعطاء وصفات أو شهادات طبية أو دوائية، أو طلب فحوص معملية أو إشعاعية أو غيرها”.
وتنص المادة (السادسة عشرة) من القانون المذكور سالفا على أن: “يصدر وزير الصحة القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون”.
وتنص المادة (8) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978([1])، على أن: “تضع كل وحدة هيكلا تنظيميا لها يُعتمد من السلطة المختصة بعد أخذ رأي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة…”.
وتنص المادة (الثالثة) من قرار رئيس الجمهورية رقم 242 لسنة 1996 بتنظيم وزارة الصحة، المعدل بالقرار رقم 74 لسنة 2009، على أن: “يصدر وزير الصحة قرارا باعتماد الهيكل التنظيمي، على أن يراعى فيه إعادة تنظيم الوزارة بتقسيماتها الرئيسية والفرعية، وتحديد الاختصاصات لهذه التقسيمات، وذلك بعد أخذ رأي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وفقا للمادة رقم (8) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه”.
ومؤدى النصوص المذكورة سالفا أن المشرع فى قانون مزاولة مهنة الطب رقم 415 لسنة 1954 أناط بوزير الصحة الاختصاص بإصدار القرارات اللازمة لتنظيم المهن ذات الارتباط بمهنة الطب، وقد ردد القانون رقم 3 لسنة 1985 في شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي الحكم نفسه، حين عقد لوزير الصحة الاختصاص بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه، ومن بين هذه الأحكام تنظيم العلاقة بين عمل إخصائي العلاج الطبيعي وعمل الطبيب المعالج على وفق ما نصت عليه المادة (الثامنة) من هذا القانون، ومن ناحية أخرى فقد عهد قرار رئيس الجمهورية رقم 242 لسنة 1996 المشار إليه لوزير الصحة أيضا بإصدار قرار باعتماد الهيكل التنظيمي للوزارة بتقسيماتها الرئيسية والفرعية وتحديد اختصاصات هذه التقسيمات، وذلك بعد أخذ رأي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة على وفق نص المادة (8) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المذكور سالفا.
وحيث إنه من المبادئ الدستورية المقررة أنه متى عهد القانون إلى سلطة معينة بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه، فإن هذه السلطة دون سواها تكون صاحبة الاختصاص بإصدار هذه القرارات، بحيث يمتنع على غيرها ممارسة هذا الاختصاص.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه إذا فقد القرار أحد أركانه الأساسية، فإنه يعد قرارا معيبا، وأن صدور القرار عن شخص غير منوط به إصداره قانونا أو غير مفوض فى إصداره، يصمه بعيب عدم الاختصاص؛ لِما في ذلك من افتئات على السلطة المختصة بإصداره، وهذا العيب من النظام العام، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر عن رئيس الإدارة المركزية للرعاية العلاجية والعاجلة بوزارة الصحة بتاريخ 28/3/1998، متضمنا فصل قسم العلاج الطبيعي بالمستشفيات عن قسم الطب الطبيعي والروماتيزم والتأهيل، وعدم خضوع كل منهما للإشراف الفني أو الإداري للآخر، وقصر المسمى الوظيفي لذلك القسم من طب طبيعي وروماتيزم وتأهيل إلى روماتيزم وتأهيل، وقد أفادت الجهة الإدارية فى معرض ردها (المودع حافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المقدمة بجلسة 27/12/2014) على استفسار المحكمة عما إذا كان قد صدر تفويض أو موافقة من وزير الصحة لمصدر القرار المطعون عليه، بعدم وجود أي قرارات أو توجيهات من وزير الصحة تفيد فصل العلاج الطبيعي عن أقسام الطب الطبيعي، واعتباره قسما منفصلا بالمستشفيات والوحدات التابعة لوزارة الصحة، كما جاء بالقرار المطعون عليه، وهو الثابت أيضا من كتاب رئيس قطاع مكتب وزير الصحة المؤرخ في 7/9/2009، والموجه إلى السيد نقيب الأطباء (المودع صورة منه بحافظة المستندات المشار إليها)، والمتضمن أنه لم يتم صدور أي قرارات بفصل أقسام العلاج الطبيعي عن تخصص الروماتيزم والتأهيل، وأن نقابة العلاج الطبيعي تقدمت بعدد من الطلبات لفصل أقسام العلاج الطبيعي عن تخصص الروماتيزم والتأهيل، وبالعرض على وزير الصحة أشر بعدم الموافقة.
وبهذه المثابة فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مستلبا الاختصاص المنعقد لوزير الصحة، باعتباره المنوط به قانونا إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام القانون رقم 3 لسنة 1985 المذكور سالفا، والتي تتحدد فى إطار أحكامه وأحكام قانون مزاولة مهنة الطب الاختصاصات المنوطة بمزاولي مهنة العلاج الطبيعي، وجهة الإشراف الفني والإداري عليهم، وتحديد ماهية العلاقة بين عمل مزاولي هذه المهنة وعمل الأطباء المعالجين، وبحسبان أن الفصل التام بين العملين في غير مصلحة المريض، فعملهما يدور وجودا وعدما مع وجود المرض، مما يستلزم وجود تعاون وثيق وتنسيق دائم لإجراء عملية متابعة علمية لحالة المريض بين الطرفين، هذا فضلا عن اختصاص وزير الصحة بجميع الأعمال الخاصة بهيكلة وتنظيم الوزارة بتقسيماتها المختلفة، وتحديد اختصاصات هذه التقسيمات، بعد أخذ رأي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، على وفق قرار رئيس الجمهورية المنظم لوزارة الصحة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر عن غير مختص بإصداره ودون اتباع الإجراءات القانونية الشكلية المقررة لإصداره، وهو ما يستوجب الحكم بإلغائه.
وحيث إنه ترتيبا على ذلك، وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى القضاء برفض الدعويين، فإنه يكون مخالفا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبقبول تدخل النقابة العامة للعلاج الطبيعي خصما منضما للجهة الإدارية المطعون ضدها، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
([1]) المعدَّل بموجب القانون رقم 117 لسنة 1982، والملغى (لاحقا) بالقانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |