برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ جمال طه إسماعيل ندا
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، ومنير عبد القدوس عبد الله، وإبراهيم سيد أحمد الطحان، وأحمد جمال أحمد عثمان.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) القوات المسلحة– الخدمة العسكرية- الوفاة أثناء الخدمة العسكرية وبسببها- التعويض المكمل- ما يتقرر من حقوق طبقا لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة يختلف عن التعويض الناشئ عن المسئولية التقصيرية- الحقوق المقررة طبقا لذلك القانون تقررت مراعاة لظروف ومخاطر الوظيفة، بينما يكون التعويض في حالة المسئولية التقصيرية في حالات الخطأ العمدي أو الجسيم، حيث تكون الحقوق التي قررها القانون المذكور غير كافية لتغطية الضرر، وعندئذ يكون ظرف العمد أو الخطأ الجسيم مقتضيا لتعويض مكمل لحجم الضرر، إلى جانب ما قدره القانون المشار إليه للمستحقين من حقوق.
– المادة رقم (163) من القانون المدني.
(ب) القوات المسلحة– الخدمة العسكرية- التعويض عن الوفاة أثناء الخدمة العسكرية وبسببها- تكليف جهة الإدارة المجند بمهام معينة، دون أن تتخذ من الإجراءات والوسائل والتدابير ما يحقق له الأمان المطلوب أثناء قيامه بتنفيذ الأوامر الصادرة إليه، ويكفل له العودة إلى وحدته سالما، يشكل خطأ جسيما في جانبها، يرتب مسئوليتها التقصيرية عما أصاب ورثته من أضرار مادية وأدبية.
(ج) تعويض– التعويض الموروث- مناطه- إذا أصيب المورث بضرر نتيجة ما وقع عليه من إيذاءٍ قبل وفاته، وكان أهلا فيما يسبق الموت ولو للحظة لكسب الحقوق، فإنه يكون مستحقا للتعويض، وينتقل هذا الحق من بعده لورثته، ويكون لهم حق المطالبة به- هذا التعويض يغاير التعويض الناشئ عن المسئولية التقصيرية، ويقتصر على الضرر المادي، ولا يمتد إلى الضرر الأدبي الذي لا ينتقل إلى ورثة المضرور إلا إذا كان المورث قد طالب به أمام القضاء، أو اتفق بشأنه قبل وفاته.
– المادة رقم (222/1) من القانون المدني.
بتاريخ 15/6/2010 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة) الصادر في الدعوى رقم 23656 لسنة 60ق بجلسة 18/4/2010، القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعيين المصروفات.
وطلب الطاعنان -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى الافتتاحية.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعينت لنظر الطعن أمام الدائرة السابعة (فحص) بالمحكمة جلسة 1/2/2012، والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/4/2012 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (فحص) للاختصاص، حيث نظر أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت بجلستها المنعقدة في 20/5/2013 إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع)، التي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم طرفا الخصومة ما عنَّ لهما من مستندات ومذكرات دفاع، وبجلسة 13/12/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل دون تقديم أية مذكرات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد المقرر، واستوفى سائر أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر النزاع تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعنين كانا قد أقاما دعواهما ابتداء بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة شمال القاهرة الابتدائية بتاريخ 3/2/2005، قيدت بجدولها برقم 254 لسنة 2005، وطلبا فيها الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته أن يؤدي لهما مبلغا مقداره (مئتان وخمسون ألف جنيه) تعويضا ماديا وأدبيا وموروثا نتيجة وفاة مورثهما/…، وإلزامه المصروفات والأتعاب، وذلك على سند من أن مورثهما المذكور كان قد جند بالقوات المسلحة بتاريخ 5/4/2003، وألحق بخدمة مزرعة بدر العسكرية، وظل يؤدى عمله بها حتى وفاته بتاريخ 30/5/2004، حيث كان يعمل موزعا للأعلاف على المزارع الفرعية لمزرعة بدر، وقد كلف في التاريخ المشار إليه بالانتقال بين المزارع للقيام ببعض المهام مستقلا إحدى السيارات المدنية المتعاقد مالكها مع وحدته العسكرية على شراء الألبان، والتي خرجت من الوحدة العسكرية وهو موجود بها تنفيذا لما كلف به، وذلك على مرأى ومسمع من جميع أفراد الأمن الذين أقروا بذلك، وأثناء قيامه بما كلف به تعرضت السيارة المذكورة لحادث تصادم نشأ عنه وفاته، مما يجعل هذه الوفاة بسبب الخدمة، ونتيجة خطأ جهة الإدارة، حيث لم توفر له وسيلة الانتقال اللازمة، ولم تتخذ في هذا الشأن من الحيطة والحذر ما يلزم للمحافظة على حياته، وقد ترتب على هذه الوفاة إلحاق أضرار مادية وأدبية بالطاعنين، لكون مورثهما هو العائل لهما ولباقي أفراد الأسرة، وبوفاته انقطع ذلك، وشعرا بأحزان وجراح شديدة لا تزول مهما طال الأمد، مما يستوجب تعويضهما عن ذلك طبقا لأحكام المادة (163) من القانون المدني، إضافة إلى التعويض الموروث لما أصاب مورثهما من أضرار غاية في القسوة والخطورة، يحق لهما المطالبة بالتعويض عنها، وخلص الطاعنان إلى طلباتهما المبينة سالفا.
………………………………………………….
وبجلسة 29/3/2006 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بعدم الاختصاص الولائي لها بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
ونفاذا لهذا الحكم وردت الدعوى إلى قلم كتاب محكمة القضاء الإداري، حيث قيدت بجدولها برقم 23656 لسنة 60 ق. وتدوولت أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/4/2010 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعيين المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها بعد استعراض المادتين (163) و(174) من القانون المدني على انتفاء ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية، حيث لا يوجد إلزام على القوات المسلحة بتوفير وسيلة انتقال لكل فرد من أفرادها حال قيامه بأية مأمورية، فضلا عن خلو الأوراق مما يفيد أن مورث الطاعنين قد تلقى أوامر بركوب السيارة المدنية مرتكبة الحادث الذي أودَى بحياته، وهي وقائدها لا يتبعان القوات المسلحة، وخلصت المحكمة إلى أن الدعوى غير قائمة على سند صحيح، جديرة بالرفض.
………………………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف حكم القانون وأخطأ في تطبيقه، وجاء مشوبا بالفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، لكون مورث الطاعنين كان مكلفا بالتنقل بين المزارع وتوزيع الأعلاف عليها، وقد صدرت له أوامر بمرافقة السيارة المتعاقدة مع القوات المسلحة، والتي ارتكبت الحادث الذي أدى إلى وفاته أثناء قيامه بتنفيذ ما كلف به، وأن قائدها تابع للقوات المسلحة، وعليه تسأل الجهة الإدارية، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك، مما يتعين معه الحكم بإلغائه، والقضاء مجددا بالطلبات الواردة بعريضة الدعوى.
………………………………………………….
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المادة (163) من القانون المدني بما نصت عليه قد حددت أركان المسئولية التقصيرية، بأنها الخطأ والضرر وعلاقة السببية فيما بينهما، فإن توفرت هذه الأركان مجتمعة كانت هناك مسئولية موجبة للتعويض الجابر للضرر الذي سببه الخطأ، وإن انتفى أحد الأركان المذكورة لم يتوفر بعد موجب للتعويض.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن مورث الطاعنين/… قد تم تجنيده بالقوات المسلحة بتاريخ 5/4/2003، واستمر في أداء الخدمة العسكرية بالسلاح الذي ألحق به بمزرعة بدر بكبريت بالجيش الثالث الميداني، وبتاريخ 30/5/2004، وأثناء وجوده بإحدى السيارات المدنية المتعاقد مالكها مع القوات المسلحة على نقل الألبان من المزرعة، تعرضت هذه السيارة خارج وحدته لحادث تصادم مع سيارة أخرى نشأ عنه وفاته، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 585 لسنة 2004 جنح عتاقة، واعتبرت الجهة الإدارية وفاة مورث الطاعنين بغير سبب الخدمة، مدعية هروبه، وقامت بصرف مستحقات للطاعنين طبقا لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، دون أن تقدم التحقيقات التي أجرتها تنفيذا لأحكام هذا القانون، رغم مطالبتها بتقديمها من جانب محكمة أول درجة، ومن جانب هذه المحكمة على وفق الثابت بمحضر جلسة 26/4/2014، وهذا غير مؤدٍ بحال من الأحوال إلى إهدار حقوق الطاعنين ومورثهما أو النيل منها، في الوقت الذي جاءت فيه ملابسات الحادث الذي تعرض له مورث الطاعنين وظروفه وأوراق ومستندات النزاع لتقطع في يقين المحكمة أن مورث الطاعنين لم يهرب من وحدته العسكرية، وإنما خرج تنفيذا لأوامر صادرة إليه عن قيادته، يؤكِّد ذلك ما شهد به أفراد أمن بوابة المزرعة من أنه خرج أمامهم من وحدته العسكرية مع السيارة المبينة سالفا بعد تحميلها بحصة الألبان.
وبناء على ذلك، تكون واقعة وفاة مورث الطاعنين قد حدثت بسبب قيام الجهة الإدارية بتكليفه بمهام معينة، دون أن تتخذ من الإجراءات والوسائل والتدابير ما يحقق له الأمان المطلوب أثناء قيامه بتنفيذ الأوامر الصادرة إليه، ويكفل له العودة إلى وحدته سالما، ومن ثم تكون قد أخلت بواجباتها الضرورية للحفاظ على حياة مورث الطاعنين المجند لديها لتأدية واجب مقدس، بما يشكل بلا ريب خطأ جسيما في جانبها، يرتب مسئوليتها عما أصاب ورثته من أضرار مادية بسبب هذا الخطأ، تمثلت في حرمان الطاعنين من فرصة إعالته لهما، ومعاونتهما على مصاعب الحياة، وتدبير شئونها، ورفع العوز والحاجة عنهما، لاسيما في شيخوختهما وكبر سنهما، وكذلك ما لحق بهما من أضرار أدبية جراء وفاة فلذة كبدهما وهو في زهرة شبابه ومقتبل عمره، وما صاحب ذلك من لوعة الفراق، وشعور بالحزن والأسى، وقد قامت علاقة السببية بين الخطأ المبين سالفا، وما أصاب الطاعنين من أضرار مادية وأدبية، ومن ثم تكون المسئولية التقصيرية بأركانها الثلاثة قد توفرت في جانب الجهة الإدارية، وتحققت من ثم موجبات التعويض، الأمر الذي يتعين معه -والحال كذلك- تعويض الطاعنين تعويضا جابرا لما لحق بهما من أضرار مادية وأدبية من جراء وفاة مورثهما بمبلغ مالي تقدره المحكمة بمئة ألف جنيه، إلى جانب ما قررته لهما الجهة الإدارية من حقوق أشارت إليها في أوراق الطعن طبقا لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المبين سالفا؛ بحسبان أن هذه الحقوق تقررت مراعاة لظروف ومخاطر الوظيفة، بينما يكون التعويض في حالة المسئولية التقصيرية في حالات الخطأ العمدي أو الجسيم، حيث تكون الحقوق التي قررها القانون المذكور غير كافية لتغطية الضرر، وعندئذ يكون ظرف العمد أو الخطأ الجسيم مقتضيا لتعويض مكمل لحجم الضرر، إلى جانب ما قدره القانون المشار إليه للمستحقين من حقوق.
– وحيث إنه عن التعويض الموروث الذي يطالب به الطاعنان، فإن ما أصاب مورثهما من ضرر نتيجة ما وقع عليه من إيذاءٍ قبل وفاته، وكان أهلا فيما يسبق الموت ولو للحظة لكسب الحقوق، يكون موجبا للحق في التعويض، وينتقل هذا الحق من بعده لورثته، ويكون لهم حق المطالبة به، بيد أن هذا التعويض -وهو يغاير التعويض الناشئ عن المسئولية التقصيرية- يقتصر على الضرر المادي دون أن يمتد إلى الضرر الأدبي الذي لا ينتقل إلى ورثة المضرور، إلا إذا كان قد طالب به أمام القضاء، أو اتفق بشأنه قبل وفاته، عملا بحكم المادة (222/1) من القانون المدني التي نصت على أن: “1- يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضا، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق، أو طالب الدائن به أمام القضاء…”، وليس هناك شك في أن مورث الطاعنين قد أصابه ضرر مادي قبل وفاته من وقع تصادم السيارتين، وثبت له ذلك، مما تقضي معه المحكمة بتعويض مقداره ثلاثون ألف جنيه جبرا للأضرار المادية التي لحقت بمورث الطاعنين، وينتقل هذا الحق إلى ورثته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف ما تقدم، فإنه يكون قد جانبه الصواب، متعينا الحكم بإلغائه، والقضاء مجددا بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها أن تؤدي للطاعنين تعويضا مقداره مئة وثلاثون ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهما من جراء وفاة مورثهما، وكذا عن الأضرار الموروثة.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها أن تؤدي للطاعنين تعويضا مقداره (مئة وثلاثون ألف جنيه)، وألزمتها المصروفات عن درجتي التقاضي.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |