مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 20529 لسنة 58 القضائية (عليا)
يوليو 18, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الرابعة – الطعن رقم 7632 لسنة 56 القضائية (عليا)
يوليو 19, 2021

الدائرة الأولى – الطعن رقم 26823 لسنة 54 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 15 من مارس سنة 2014

الطعن رقم 26823 لسنة 54 القضائية (عليا)

(الدائرة الأولى)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وأحمد وجدي عبد الفتاح، ومحمـد ياسين لطيف شاهين، وأحمد محمد أحمد الإبياري.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) مساجد– ضمها لوزارة الأوقاف- إشرافُ وزارة الأوقاف على المساجد وإدارتُها لها رهنٌ بثبوت المسجدية للمكان، بحيث يكونُ مُخَصَّصًا لأداء الصلاة، أو من ملحقاته المرصودة لخدمة أداء الشعائر، كالمكان المخصَّص للوضوء- لا يجوزُ للجهة الإدارية الجورُ على الملكية الخاصة، بأن تضمَّ المباني التي تنفصلُ عن المسجد ولا تُعَدُّ مكانًا تُقَامُ فيه العبادةُ أو موقوفةً على خدمة المسجد، سواءً كانت أعلاه أم أسفله أم بِجِوَارِه- تظلُّ هذه الأجزاء ملكَ صاحبِها، وله حقُّ استغلالها بما لا يضرُّ المسجدَ وتخصيصه لإقامة الشعائر([1]).

(ب) مسئولية– مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية- مناطها هو أن يوجد خطأ في جانبها، بأن يكون القرارُ غيرَ مشروعٍ لعيبٍ شابه من العيوب المنصوص عليها بقانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضررٌ، وأن تقوم علاقةُ السببية بين الخطأ والضرر.

(ج) مسئولية– تقدير مبلغ التعويض- سلطة محكمة الموضـوع في ذلك- يجبُ أن يُقَدَّرَ التعويضُ بمقدار الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بالمضرور، دون زيادةٍ تمثِّلُ إثراءً للمضرور، أو انتقاصٍ ينالُ من حقِّهِ- لا مُعَقِّبَ لمحكمة الطعن على محكمة الموضوع في تقديرها، مادام أنه كان جابرًا للضرر بجميع عناصره- إذا لم يكن التعويضُ المحكوم به على هذا النحو، فإن لمحكمة الطعن سلطةَ تعديل قيمته؛ لجبر جميع الأضرار التي لحقت بالمضرور، وليشملَ ما فاته من كسبٍ وما لحقه من خسارة.

الإجراءات

بتاريخ 26/5/2008 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا نيابةً عن الطاعنين قلمَ كُتَّابِ المحكمةِ الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ، قُيِّدَ بجدولها العام برقم 26823 لسنة 54 القضائية عليا، وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 6776 لسنة 58 ق بجلسة 27/3/2008، الذي قضى بعدم قبول تدخل: عبد العزيز… في الدعوى، وإلزامه مصروفات تدخله، وبقبول الدعوى شكلا، وإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعين تعويضًا قدره مئتا جنيه شهريًّا عن المدة من فبراير 1992 وحتى تمام تسليمهم حصتهم من العقار موضوع النزاع، وإلزامها المصروفات.

وطلب الطاعنون -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم: (أولا) بقبول الطعن شكلا، و(ثانيًا) في الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام المطعون ضدهم من الأول حتى الرابع أن يؤدوا للطاعنين ما يخصُّهم شرعًا من التعويض المستحَق لمورثهم قِبَل وزارة الأوقاف، وقدره 433755 جنيهًا (أربع مئة وثلاثة وثلاثون ألفًا وسبع مئة وخمسة وخمسون جنيهًا)، كتعويضٍ عن الأضرار المادية والأدبية التي أصيب بها مورثهم من تاريخ استيلاء وزارة الأوقاف على حصته في عقار التداعي عام 1992، شاملا ريع وأرباح الطابقين الأول والثاني علوي من ذلك العقار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكمَ بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليضحى بأحقية الطاعنين في التعويض عن الأضرار التي أصابتهم من الجهة الإدارية (وزارة الأوقاف) مُضافًا إليه ريع وثمار العقار موضوع النزاع الذي حصلته الوزارة طوال فترة الاستيلاء على العقار اعتبارًا من 1992 حتى تاريخ تسليم العقار للطاعنين، وكذلك أحقيتهم في ريع وثمار الطابق الثاني الذي أقامته الجهة الإدارية على نفقتها، والذي أضحى ملكًا للطاعنين تنفيذًا لحكم المحكمة المدنية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الثالثة (فحص الطعون) على النحو الموضَّح بمحاضر الجلسات، وقررت إحالته للدائرة الثالثة (موضوع) لنظره بجلسة 26/3/2013، وفيها قدم الحاضر عن الطاعنين إعلانًا، ثم قررت الدائرة حجز الطعن للحكم بجلسة 25/6/2013 ومذكرات لِمَنْ يشاءُ خلال أسبوعين، وبتاريخ 7/4/2013 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرةَ دفاعٍ، طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن، وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة وإحالته إلى الدائرة الأولى للاختصاص، وقد عُيِّنَتْ لنظره أمام هذه الدائرة جلسةُ 12/10/2013، وتدوول نظره على وفق الموضَّح بمحاضر الجلسات، وقررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 22/2/2014، ثم قررت المحكمة مَدَّ أجلِ النطق بالحكم لجلسة 15/3/2014 لإتمام المداولة، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.

وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 27/3/2008، وأقيم الطعن الماثل بتاريخ 26/5/2008 خلال الميعاد المقرر قانونًا، وإذ استوفى الطعن جميع أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن الموضوع يخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن مورث الطاعنين سبق له أن أقام الدعوى رقم 869 لسنة 2001م. ك. إسكندرية، وطلب في ختامها الحكم: (أولا) بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين أن يؤدوا إليه مبلغا مقداره مئة ألف جنيه كتعويضٍ عن حرمانه من الانتفاع بحصته في العقار موضوع النزاع منذ تاريخ استيلاء وزارة الأوقاف عليه وحتى الآن، مع ما يخصُّه من مقابلٍ في ريع هذا العقار عن تلك الفترة، و(ثانيًا) بإلزامهم أداء المبالغ التي تخصُّه من أرباح الطابقين بدءًا من عام 1992 بالنسبة للأول، وعام 1996 بالنسبة للأخير وحتى الآن، وما يُستجَد حتى تسليم العقار أو الفصل في الدعوى، أيهما أقرب، والفوائد القانونية منذ تاريخ تحقق تلك الأرباح وحتى تمام السداد.

وقال شارحًا دعواه إن مورثته المرحومة/ زينب… كانت تمتلكُ حال حياتها قطعةَ أرضٍ بشارع القاهرة- سيدي بشر قبلي- قسم المنتزه، مساحتُها 402,93 متر مربع، وقد قامت ببناء طابقين على تلك الأرض، الأول خَصَّصَتْهُ كمُصلَّى تحت مُسمَّى مسجد الصالحين، والثاني كانت تُعِدُّه سكنًا لها، إلا أنها توفيت إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 2/3/1989 بعد إتمام البناء وقبل السكن به، وانحصر إرثُها الشرعي فيه وآخرين، وقد أصدرت وزارة الأوقاف عام 1991 قرارها بضم المسجد وملحقاته إلى الوزارة، إلا أنها لم تقتصر على المسجد وملحقاته، بل استولت على الدور الأول علوي الذي كان مُخصَّصًا لسكن مورثته، ولا يُعَدُّ من ملحقات المسجد، وقامت بتحويله إلى مستوصف طبي، كما قامت الوزارة ببناء طابق ثانٍ عام 1994 لتشغيله كفصول تقوية، مما دفعه إلى إقامة الدعوى رقم 3934 لسنة 1996م. ك. التي قضت فيها المحكمةُ بجلسة 31/1/2000 بثبوت ملكية مورثته للأرض المقام عليها المسجد، وتأيَّد هذا الحكمُ في مواجهة المدعى عليهم بالاستئناف رقم 1620 لسنة 56 ق. الصادر بجلسة 15/8/2000، وأضاف أن ما قامت به الوزارة ترتب عليه إصابته بأضرار جسيمة من جراء عدم الانتفاع بحصته في ذلك العقار بسبب الاستيلاء عليه ومنعه من التعلية على نحوٍ يُبَرِّرُ له طلبَ التعويض، فضلا عن حصته في أرباح المستوصف الطبي المقام في الدور أعلى المسجد، وكذا أرباح فصول التقوية المقامة في الدور الذي يعلوه. واختتم عريضة دعواه بطلباته المذكورة سالفًا.

………………………………………………..

وأثناء تداول الدعوى اختصم المدعي (مورثُ الطاعنين) هيئةَ الأوقاف بصحيفةٍ مُعلَنة وكذا جميع ورثة المرحومة/ زينب… والمتمثلين في شقيقه:… وشقيقته…، وبجلسة 30/8/2001 حكمت المحكمةُ تمهيديًّا بندب خبير في الدعوى لتحديد مساحة العقار، وحصة المدعي في ريع وأرباح طوابقه، والفوائد القانونية. وبتاريخ 29/12/2002 أودع الخبيرُ تقريره، الذي حدَّد فيه ما يخصُّ المدعي في طوابق العقار عدا المسجد وملحقاته بحسب نصيبه في التركة على النحو الوارد تفصيلا بالتقرير.

وبجلسة 24/7/2003 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص، ونفاذًا لهذا الحكم فقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة المذكورة حيث قُيِّدَتْ بجدولها العام بالرقم الموضَّح بعاليه.

وجرى نظر الدعوى بجلسات المرافعة أمام المحكمة على النحو الموضَّح بمحاضرها، وخلالها حضر المحامي وأقرَّ بوفاة المدعي وقدَّم الإعلام الشرعي الخاص به، وكذا صحيفةً مُعلَنة بتصحيح شكل الدعوى متضمنةً أسماء بعض الورثة، حدَّد فيها طلباته الختامية بإلزام المعلن إليهم بصفاتهم أن يؤدوا لهم ما يخصُّهم شرعًا من المبلغ المستحَق لمورثهم المرحوم/ محمد… ومقداره 401519 جنيهًا (أربع مئة وواحد ألف وخمس مئة وتسعة عشر جنيهًا) كتعويضٍ عن الأضرار المادية والأدبية التي أصيب بها من تاريخ استيلاء وزارة الأوقاف على حصته في عقار التداعي، شاملا ما يخصُّ حصته من ريعٍ وأرباح الطابقين الأول والثاني العلويين من ذلك العقار وحتى تاريخه، كما قدم الحاضر عن الورثة حافظة مستندات طويت على صورة رسمية من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 6739 لسنة 60 ق. عن محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 19/6/2006، وكذا مذكرتي دفاعٍ طلب فيهما الحكم بإلزام المدعى عليهم أن يؤدوا إلى الورثة ما يخصُّهم شرعًا من المبلغ المستحَق لمورثهم ومقداره 433755 جنيهًا كتعويضٍ مادي وأدبي، شاملا ما يخصُّهم من ريعٍ وأرباح وما يُستجَد، وأودع الحاضر عن الدولة مذكرةً بدفاعه طلبَ فيها الحكمَ برفض الدعوى.

– وبجلسة 27/3/2008 صدر الحكم المطعون فيه بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعين تعويضًا قدره مئتا جنيه شهريًّا عن المدة من فبراير 1992 وحتى تمام تسليمهم حصتهم من العقار موضوع النزاع، وإلزامها المصروفات.

وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بجلسة 19/6/2006 في الاستئناف رقم 6739 لسنة 60ق الذي قضى بإخلاء الدور الأول علوي من عقار التداعي وتسليمه خاليًا مما يشغله للمستأنفين (المدعين)، وبتسليمهم الدور الثاني علوي بالعقار خاليًا حال أن يدفعوا للمستأنف عليهم بصفاتهم (جهة الإدارة) مبلغ تسعة عشر ألف جنيه قيمة مباني هذا الدور الذي أقامته الإدارة على ملك المدعين، ومن ثم فإن جهة الإدارة تكون قد تجاوزت الحدود التي قررها القانون بشأن ضم المساجد إلى وزارة الأوقاف، واعتدت على ملكية المدعين ومورثتهم من قبل على النحو الذي كشفت عنه أحكام القضاء المدني المختص، وبذلك يكون مسلكُها في هذا الشأن مخالفًا للقانون، مما يُشكِّلُ ركنَ الخطأ في جانبها.

أما عن تقدير الضرر، والذي يتمثل أساسًا في حرمان المدعين ومورثهم من الانتفاع بالدور الأول منذ عام 1992، والذي كانت مورثتهم قد أقامته بنفسها وعلى نفقتها، فإن الحرمان من حق الانتفاع يجبره سداد القيمة الإيجارية المقررة للعقار موضوع الانتفاع؛ باعتبار أن تقاضي المالك القيمة الإيجارية المقررة للعقار موضوع الانتفاع يعوِّضه عن حقه في الانتفاع بالعين، وبذلك فإنه لا تكون صحيحةً مطالبةُ المؤجر للمستأجر بنصيبه في أرباح المشروع الذي يديره في العين المؤجرة؛ لكون التزامات المستأجر تقتصر فقط على سداد القيمة الإيجارية للعين، وتكون المطالبةُ بأرباح مشروع المستوصف الطبي وفصول التقوية لا أساس لها من القانون، ولكن يبقى للمدعين فقط الحق في القيمة الإيجارية عن الدور الأول علوي الذي أقامته مورثتهم وحُرِمُوا من الانتفاع به، وإذ قدَّرَ الخبيرُ المبلغ بألف جنيه شهريًّا؛ لكون مساحة الدور ثلاث مئة متر، وأن استغلاله كان في نشاطٍ مهني تجاري، إلا أن المحكمةَ تقدِّرُ أن أصل المشروع خيريٌّ لا يستهدف الربح بقدر ما يستهدف خدمة المواطنين، ومن ثم فإنها تقدِّرُ مقابلَ الإيجار الشهري عن هذا الدور بمبلغ خمس مئة جنيه، يَستحِقُ المدعون منه مئتي جنيه اعتبارًا من أول فبراير 1992 حتى تاريخ تسلم العقار تنفيذًا للحكم الصادر لمصلحتهم.

أما عن طلب التعويض عن الحرمان من الانتفاع بالدور الثاني علوي من العقار، فقد ثبت من تقرير الخبير المودع في الدعوى أنه أقيم بأموال المتبرعين، وأن مجلس إدارة المسجد كان حسنَ النية، مما لا يكون معه للمدعين طبقًا لحكم المادة (925) من القانون المدني سوى استرداده بعد دفع قيمة المواد وأجرة العمل، وهو ما انتهى إليه الحكم الاستئنافي الصادر في الاستئناف رقم 6739 لسنة 60ق، وبذلك فإن استرداد المدعين حصتهم من هذا الدور يكونُ تعويضًا كافيًا لجبر ما أصابهم من ضررٍ مادي ومعنوي، ولا يستحقون بذلك مقابلا للانتفاع أو غيره عن هذا الدور، فضلا عن أنه لا محل للتعويض عن الحرمان من تعلية العقار؛ باعتبار أن هذا الحق هو مجرد حق احتمالي، لم يقم أيُّ دليلٍ من الأوراق حتى على إمكانية تحقيقه قانونًا على وفق قوانين المباني ومدى تحمل العقار لهذه التعلية، مما يتعين معه رفض هذا الطلب، بالإضافة إلى ما تراه المحكمة في الأحكام الصادرة عن القضاء المدني ومن بينها الحكم الأخير ما يعد كافيًا لجبر الأضرار الأدبية التي أصابتهم.

أما عن طلب الفوائد القانونية، فإن المحكمة تقضي برفض هذا الطلب؛ بحسبان أن مبلغ التعويض موضوع النزاع هو مبلغ تحدده المحكمة بموجب الحكم الصادر عنها، ولم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى طبقًا لنص المادة (226) من القانون المدني.

………………………………………………..

وإذ لم يرتضِ الطاعنون هذا الحكم، فقد أقاموا الطعن الماثل ناعين عليه مخالفته لأحكام القانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، على سندٍ من القول بأن المحكمة في حكمها المطعون فيه حال تحديدها لعناصر الضرر ومقدار التعويض الجابر له وقعت في أخطاء قانونية وواقعية، باعدت بينها وبين صحيح القانون؛ باعتبار أنها حصرت عناصر الضرر في مجرد الحرمان من الانتفاع بريع الدور الأول منذ عام 1992، ورفضت الاعتداد بباقي عناصر الضرر، والمتمثلة في حرمان الطاعنين من الأرباح التي حصدتها جهة الإدارة من نشاط المستوصف، بزعم أن دور المالك في هذا المقام كدور المؤجر، ومكمن الخطأ فيه أن الأمر مشروطٌ بكون الغاصب للعقار حسنَ النية، وأن تكون حيازته بموافقة المالك ورضاه، فضلا عن أن يكون مقابل الانتفاع الذي يدفعه قد حدده له المالك سلفًا وارتضاه، ومن ثمَّ فإن الحكم المطعون فيه اعتبر جهة الإدارة في حكم الحائز بحسن نية، وهو يناقض ما انتهت إليه المحكمة في حكمها، حينما سردت الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة وتجاوزاتها في حق الطاعنين، وكذلك ما خلصت إليه جميع الأحكام الصادرة عن جهة القضاء العادي، ومن بينها الحكم الصادر في الاستئناف رقم 6739 لسنة 60ق بجلسة 19/6/2006، الذي خلص إلى أن يد وزارة الأوقاف على العقار محل التداعي هي يدٌ غاصبة، لا تستند لسببٍ صحيح من الواقع أو القانون، وأن بناء الدور الثاني علوي يعد بمثابة بناء على ملك الغير وبسوء نيةٍ؛ لعلم الإدارة بأنها لا تملك الأرض المقام عليها البناء من الأساس.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى: فقد أهدر الحكم المطعون فيه حق الطاعنين في مقابل ريع الدور الثاني علوي؛ بحسبان أن الثابت من حكم محكمة الاستئناف المشار إليه آنفًا أن وزارة الأوقاف هي من قامت ببناء هذا الدور وبسوء نيةٍ، لعلمها بأن هذه الأرض غير مملوكة لها، مما دفع محكمة استئناف الإسكندرية إلى القضاء بتسليمه للطاعنين حال قيامهم بدفع مبلغ مقداره تسعة عشر ألف جنيه للجهة الإدارية، فضلا عن أن الأوراق والمستندات خلت مما يفيد تأييد باقي الورثة لمسلك الإدارة في هذا الشأن، ومن ثم يكونُ من حق الطاعنين المطالبةُ بريع هذا الدور ضمن عناصر التعويض المادي؛ باعتبار أنه أقيم على الأرض المملوكة لمورثهم بطريق الغصب وبسوء نية على النحو المبين سالفًا.

كما تجاهل الحكم المطعون فيه حرمان الطاعنين ومن قبلهم مورثهم من الانتفاع بحصته في عقار النزاع منذ عام 1992 وحتى تاريخه، وما يتبعه من مُكنة الاستثمار المتاحة في العديد من الأنشطة.

بالإضافة إلى إهدار الحكم الطعين لحقهم في التعلية بما يوازي حصة مورثهم، فالجهة الإدارية لم تقم ببناء الدور الثاني علوي إلا بعد التأكد من تحمل أساسات العقار للتعلية، وأنه كان يجب مراعاة ارتفاع الأسعار والأثمان، خاصةً أن القيمة التي حددها الخبير في تقريره كانت منذ أكثر من ست سنوات.

أما من ناحية الأضرار الأدبية فقد أغفلت المحكمة ما أصابهم من ألم نفسي وشعور بالحزن من جراء حرمان مورثهم من حقه الثابت والمشروع في ملكه، وكذا رؤيتهم للجهة الإدارية وهي تتصرف في العقار تصرف المالك لمدة تزيد على ستة عشر عامًا متصلة دون وجه حق.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه قد خالف صحيح حكم القانون والواقع، خليقًا بالإلغاء.

وحيث إنه عن موضوع النزاع، فإن الفيصل في النزاع يكمنُ في تحديد مدى مشروعية القرار الوزاري رقم 282 لسنة 1991 بضم مسجد الصالحين الكائن بناحية شارع القاهرة بسيدي بشر- قسم المنتزه بمحافظة الإسكندرية، وما يكون موقوفًا عليه من أعيان وملحقات وخلافه إلى وزارة الأوقاف؛ لبيان ما إذا كان مسلكُ الجهة الإدارية في هذا الشأن مطابقًا لصحيح حكم القانون، أو مسَّ المركزَ القانوني لمورث الطاعنين على نحوٍ يُفْقِدُهُ مشروعيةَ إصدارِه ومُبَرِّرَ وجودِه أم لا.

وحيث إنه من المسلم به أن مناطَ مسئوليةِ الإدارةِ عن القرارات الإدارية الصادرة عنها أن يوجد خطأٌ في جانبها، بأن يكون القرارُ غيرَ مشروعٍ لعيبٍ شابه من العيوب المنصوص عليها بقانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، وأن يحيق بصاحب الشأن ضررٌ، وأن تقومَ علاقةُ السببية بين الخطأ والضرر.

وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن إشرافَ وزارة الأوقاف على المساجد وإدارتَها رهنٌ بثبوت المسجدية للمكان، بحيث يكونُ مُخَصَّصًا لأداء الصلاة، أو من الملحقات المرصودة لخدمة أداء الشعائر الدينية كالمكان المخصَّص للوضوء، ولم يعطها المشرِّعُ الحقَّ في الجور على حقوق الملكية الخاصة، فحقُّ الوزارة في الضم لا ينصرفُ إلى المباني التي تنفصل عن المسجد ولا تُعَدُّ مكانًا تُقَامُ فيه العبادةُ أو موقوفةً على خدمة المسجد، سواءً كانت أعلاه أم أسفله أم بجواره؛ إذ تظلُّ هذه الأجزاء ملكَ صاحبِها وله حقُّ استغلالها بما لا يضرُّ المسجدَ وتخصيصه لإقامة الشعائر.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خلُص في حيثياته إلى أن قرار وزارة الأوقاف فيما تضمنه من ضم ملحقات مسجد الصالحين والمتمثل في الدور الأول العلوي صدر معيبًا مخالفًا للقانون؛ لكون الجهة الإدارية قد جاوزت النطاق المسموح به بضم ما يعلو المسجد موضوع النزاع، بالرغم من كونه غيرَ مرصودٍ لخدمة أداء الشعائر الدينية، ولا يُعَدُّ في الوقت نفسه بمثابة مكان تُقَامُ فيه العبادةُ أو موقوفا على خدمة المسجد، وهو ما يغدو معه الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من توفر أركان المسئولية التقصيرية الموجِبة للحكم بالتعويض قد أصاب وجه الحق، وطبَّق صحيح حكم القانون، وذلك للأسباب التي أقام عليها قضاءَه.

وحيث إن التعويضَ المقضي به للطاعنين قدَّرَتْهُ المحكمةُ بمبلغ مئتي جنيه شهريًّا عن المدة من فبراير 1992 وحتى تمام تسليم حصتهم من العقار موضوع النزاع، فإنه من المسلَّم به أن التعويضَ الذي تُقَدِّرُهُ محكمةُ الموضـوع لا مُعَقِّبَ عليه، مادام أن تقديرَها للتعويض جابرٌ للضرر بجميع عناصره؛ ذلك أن التعويضَ يجبُ أن يُقَدَّرَ بمقدار الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بالمضرور، دون زيادةٍ تمثِّلُ إثراءً للمضرور، أو انتقاصٍ ينالُ من حقِّهِ، فإذا كان التعويضُ المحكوم به على غيرِ هذا النحو، فإن لمحكمة الطعن سلطةَ تعديل قيمته؛ لجبر جميع الأضرار التي لحقت بالمضرور.

ولما كان الثابتُ من الأوراق أن محكمة الإسكندرية الابتدائية قضت لمصلحة مورث الطاعنين بجلسة31/1/2000 في الدعوى رقم 3934 لسنة 1996 م. ك. إسكندرية بثبوت ملكية مورثته المرحومة/ زينب… للأرض الكائنة بشارع القاهرة- سيدي بشر قبلي بمحافظة الإسكندرية، والمقام عليها مسجد الصالحين، وتأيَّد هذا الحكمُ من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 15/8/2000 بموجب الاستئناف المقيَّد برقم 1620 لسنه 56 ق.

وبناءً على ما تقدم فإن القرارَ غير المشروع بضم ملحقات المسجد المشار إليه ترتبَ عليه استيلاءُ جهة الإدارة على الدور الأول علوي من عقار التداعي بغير وجه حق، واستغلاله كمستوصف طبي، وحرمان مورث الطاعنين من مقابل الانتفاع به، فضلا عن القيام بتعلية الدور الثاني علوي من العقار نفسه، وذلك حسبما انتهى إليه تقرير الخبير المودع الدعوى رقم 869 لسنة 2001 مدني كلي الإسكندرية، الذي تطمئن إليه المحكمة وتأخذ بمضمونه، وإذ كان التعويضُ الذي قضت به محكمةُ القضاء الإداري غيرَ كافٍ لجبر جميع الأضرار التي لحقت بالطاعنين، فإن المحكمة تقضي بزيادة التعويض ليكونَ مبلغًا مقداره خمسة آلاف جنيه تعويضًا سنويًّا لهم بدءا من أول فبراير 1992 وحتى تاريخ تسلم العقار محل النزاع، ويشملُ هذا التعويضُ ما فاتهم من كسبٍ وما لحقهم من خسارةٍ من جراء عدم استغلال هذين الدورين، وهو ما تراه المحكمة جابرًا لجميع الأضرار التي لحقت بهم نتيجة صدور القرار رقم 282 لسنة 1991 بضم المسجد وملحقاته.

وحيث إن الحكم الطعين قد جانبه الصوابُ في مقدار التعويض لِما قضى به من قيمةٍ غير تلك التي خلُصَتْ إليها المحكمةُ حقًّا وصدقًا في حكمها الراهن؛ لذلك فإن المحكمة تقضي بتعديله على النحو المبين سالفًا.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادتين (184) و(240) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بتعويض الطاعنين بمبلغ مقداره خمسة آلاف جنيه سنويًّا بدءا من أول فبراير 1992 وحتى تاريخ تسلم العقار محل النزاع، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.

([1]) يراجع: حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 20/5/2006 في الطعن رقم 10309 لسنة 47ق.ع، (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 51، جـ2، المبدأ رقم 122، ص858)، حيث قالت المحكمة بمتن حكمها: إن المباني الملحقة بالمساجد التي تقيمها الجمعياتُ الأهلية وتخصِّصُها لأداء بعض الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية تنأى عن إشراف وزارة الأوقاف (ولا يجوز ضمُّها).

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV