برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. جمال طه إسماعيل ندا
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ منير عبد القدوس عبد الله، وإبراهيم سيد أحمد الطحان، ومحمد ياسين لطيف شاهين، وأحمد جمال أحمد عثمان.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى:
عوارض سير الخصومة- وقف الدعوى جزائيا واعتبارها كأن لم تكن- الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد وقفها جزائيا يستلزم توفر أمرين: (أولهما) سبق الحكم بوقف الدعوى لتقاعس المدعي عن تقديم المستندات، أو عن تنفيذ إجراءٍ ما من إجراءات المرافعات سبق أن أمرت به المحكمة، و(ثانيهما) انقضاء مدة الوقف وخمسة عشر يوما تالية لها دون قيام المدعي بطلب السير في دعواه، أو قيامه بتعجيل الدعوى خلال المدة المقررة قانونا، دون أن يقوم بتنفيذ ما أمرت به المحكمة قبل انتهاء مدة الوقف- متى تحقق الأمران فإن المحكمة لا تملك أية سلطة تقديرية في الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن- حكما الوقف واعتبار الدعوى كأن لم تكن يرتبطان ارتباط السبب بالنتيجة، فيلزم للحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن أن يكون حكم الوقف الذي سبقه حكما صحيحا قانونا([1]).
(ب) دعوى:
عوارض سير الخصومة- الحكم بوقف الدعوى جزائيا وباعتبارها كأن لم تكن- الطعن فيهما- الحكمان الصادران بالوقف واعتبار الدعوى كأن لم تكن يرتبطان ارتباطا جوهريا، ارتباطَ السبب بالنتيجة، ومن ثم فإن الطعن في الثاني منهما يثير الطعن في الحكم الأول، ولو لم يكن قد طُعن فيه، بما يستتبع أن تتصدى محكمة الطعن له، وأن تراقب أسبابه من الناحيتين القانونية والواقعية؛ للتأكد من صدوره استنادا إلى وقائع صحيحة، وعلى نحو يتفق والتطبيق القانوني السليم([2]).
(ج) دعوى:
الحكم في الدعوى- الطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا- الطعن أمامها يُحَركُ الطعنَ في أيِّ حكمٍ مُرتبِط بالحكم المطعون فيه ارتباطًا وثيقًا، ولو لم يُطْعَنْ فيه خلال الميعاد؛ وذلك حتى تسلط المحكمة رقابتها على الحكمين معا، لبيان وجه الحق فيهما، وحتى لا تُغَلَّ يُدها عن إعمال ولايتها في التعقيب بحرية على الحكم المطعون فيه، وضْعا للأمور في نصابها، وتحقيقا للعدالة، ونزولا على سيادة القانون([3]).
(د) إدارة محلية:
وحدات الإدارة المحلية– الصفة في تمثيلها- وحدات الإدارة المحلية هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى- منح المشرع كلا منها الشخصية الاعتبارية، فرئيس كل وحدة منها هو صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء، وفي مواجهة الغير- تطبيق: لا يلزم اختصام المحافظ في الدعاوى المقامة طعنا في قرار صادر عن رئيس أحد الأحياء.
في يوم الإثنين الموافق 15/4/2013 أودع تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا موقعا من الأستاذ/… المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته، طعنا في حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة) الصادر بجلسة 19/2/2013 في الدعوى رقم 7112 لسنة 65ق، الذي قضى منطوقه باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن (بصفته) –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من غلق مصنع الشركة الطاعنة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكـم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها، والفصل فيها بهيئة مغايرة. ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/4/2015 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع وجرى تداوله أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 8/8/2015 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 17/10/2015، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد إتمام المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا .
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق–في أنه بتاريخ 21/11/2010 أقام الطاعن (بصفته) الدعوى رقم 7112 لسنة 65ق أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة) مختصما فيها رئيس حي الوراق بصفته، طالبا فيختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه الصادر بغلق مصنع الشركة،مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة المطعون ضدها المصروفات.
وذكر شرحالدعواه أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه رقم 390 لسنة 2010 بغلق مصنع الشركة الكائن بشارع كورنيش النيل أمام جزيرة محمد، دون أن يتم إخطاره رسميا حتى يتمكن من توفيق أوضاعه إذا كان لذلك محل، أو إيضاح الأمور للسلطة المختصة، وأن القرار المطعون فيه قد جاء مبهما في ألفاظ عامة غير واضحة وغير محددة، صـادرا في غير الحالات التي أجازها القانون للغلق، وعن غير السلطة المختصة بذلك، وانتهى إلى وصم القرار المطعون فيه بالقصور في التسبيب والبطلان المطلق، طالبا الحكم بوقف تنفيذه ثم إلغائه على النحو المذكور سالفا.
……………………………………………………..
وتدوول نظر الدعوى أمام تلك المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/2/2013 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه المذكور سالفا.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه قد سبق لها أن قضت بوقف الدعوى جزاءً لمدة شهر إعمالا لحكم المادة (99) من قانون المرافعات لتخلف المدعي عن تنفيذ أمر المحكمة له باختصام محافظة الجيزة، وأن المدعي وإن قام بتعجيل الدعوى من الوقف خلال المدة المقررة قانونا، إلا أنه لم يقم بتنفيذ ما أمرت به المحكمة وكان سببا في الوقف، ومن ثم يتعين الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ولا ينال من ذلك قيام المدعي باختصام محافظ الجيزة بتاريخ 5/9/2012؛ إذ إنه قد تم بعد فوات مدة الخمسة عشر يوما التالية لانتهاء مدة الوقف المحكوم بها والمطلوب تنفيذ الاختصام خلالها على وفق نص المادة (99) مرافعات.
……………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن (بصفته) فقد بادر إلى إقامة طعنه الماثل، ناعياعلى الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، على سند من القول بأن قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 قد أعطى رؤساء وحدات الإدارة المحلية (ومن بينهم رؤساء الأحياء) الحق في تمثيلها أمام القضاء، وفي مواجهة الغير، وبناءً عليه فقد اختصم في دعواه رئيس حي الوراق؛ بحسبانه مصدر القرار المطعون فيه، ولأنه المختص قانونا بتمثيل الحي أمام القضاء، ومن ثم يكون الأمر الذي أصدرته المحكمة باختصام المحافظ من قبيل التزيد الذي لا يجوز قانونا أن يضار الطاعن بسبب عدم تنفيذه، مما يعيب الحكم المطعون فيه بعيب الخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
……………………………………………………..
وحيث إن المادة رقم (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، معدلة بموجب القانـون رقم 18 لسنة 1999 تنص على أن: “تحكم المحكمة على من يتخلف من العاملين بهـا أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجـراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته المحكمة بغرامة… ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم على المدعي بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا بعد سماع أقوال المدعى عليه. وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعي السير فى دعواه خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهائها، أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة، حكمت المحكمـة باعتبار الدعوى كأن لم تكن”.
وحيث إن المستفاد مما تقدم أنه يشترط للحكم لاعتبار الدعوى كأن لم تكن توفر شرطين: (أولهما) سبق الحكم بوقف الدعوى لتقاعس المدعي عن تقديم المستندات، أو عن تنفيذ إجراءٍ ما من إجراءات المرافعات سبق أن أمرت به المحكمة، و(ثانيهما) انقضاء مدة الوقف وخمسة عشر يوما تالية لها دون قيام المدعي بطلب السـير في دعواه، أو قيامه بتعجيل الدعوى خلال المدة المقررة قانونا دون أن يقوم بتنفيذ ما أمرت به المحكمة قبل انتهاء مدة الوقف.
ومتى تحقق الشرطان المذكوران فإن المحكمة –طبقا لحكم المادة (99) من قانون المرافعات منذ تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992– لا تتمتع بسلطة تقديرية في القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وذلك على نحو مغاير لما كانت عليه الحـال قبل تعديل هذه المادة، ورائد المشرع في هذا التعديل هو منع إطالة أمد التقاضي، وتخفيف العبء على المحاكم، وعدم ازدحام ساحاتها بالأنزعة بدون مبرر، وبهذه المثابة فإن ترتيب هذا الأثر القانوني والحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن رهين بتحقق أسبابه التي منها -كما سلف بيانه- أن يكون قد استبقه حكم صحيح قانونا بوقف الدعوى؛ وذلك لارتباط هـذا الحكـم الأخير بالحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن ارتبـاطَ السبب بالنتيجة،إذ لا يتأتى الحكم باعتبار الدعـوى كأن لم تكن على وفق حكم المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ما لم يكن قد انبنى على حكم سابق عليه بوقف الدعوى بالتطبيق للمادة نفسها.
وحيث إنه متى كان الحكمان الصادران بالوقف واعتبار الدعوى كأن لم تكن مرتبطين أحدهما بالآخر ارتباطا جوهريا على النحو السالف بيانه، فإنه –على وفق ما جرى به قضاء هذه المحكمة– لا مندوحة من اعتبار الطعن في أحدهما مثيرا للطعن في الحكم الآخر، ومن ثم فإن الطعن فى الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إعمالا لحكم المـادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية يثير -وبحكم اللزوم نتيجةً للارتباط الجوهري المشار إليه- الطعن في حكم وقف الدعوى الصادر بالتطبيق لحكم المادة المذكورة، بما يستتبع أن تتصدى هذه المحكمة له، وأن تراقب أسبابه من الناحيتين القانونية والواقعية للتأكد من صدوره استنادا إلى وقائع صحيحة، وعلى نحو يتفق والتطبيق القانوني السليم، وذلك إلى جانب إعمال رقابتها على الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن نفسه للتحقق من توفر الشروط القانونية المبينة سالفا، والتى يتطلبها القانـون للقضـاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وصولا إلى تأييد الحكم الأخير أو إلغائه.
ولا ينال من ذلك التحدي بحجية الحكم الصادر بالوقف لصيرورته نهائيا بعدم الطعن عليه خلال الميعاد القانوني؛ إذ إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا خلال الميعاد المقرر يحرك بالضرورة الطعن في أي حكم مرتبط به ارتباطا وثيقا، ولو لم يطعن فيه خلال الميعاد؛ حتى تسلط المحكمة رقابتها على الحكمين معا لبيان وجه الحق فيهما وحتى لا تُغَلَّ يُدها عن إعمال ولايتها في التعقيب بحرية على الحكم المطعون فيه، وضْعا للأمور في نصابها، وتحقيقا للعدالة، ونزولا على سيادة القانون (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 397 لسنـة33 القضائية عليا، بجلسة 25 من مارس 1989).
وهو الأمر الذي ينطبق من باب أولى على الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن تطبيقا للمادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، حيث يثير الطعن عليه بحكم اللزوم الطعن على حكم الوقف السابق له الصادر إعمالا للمادة نفسها، بما يستتبع أن تسلط المحكمة الإدارية العليا رقابتهـا على الحكمين معا، وذلك لما بين الحكمين من ارتباط جوهري وثيق؛ وبحسبان الآثار الخطيرة المترتبة على حكم الوقف الجزائي، والمتمثلة في اعتبار الدعوى كأن لم تكن، وزوال كل ما كان قد تولد عن رفعها من آثار، ومنها قطع المواعيد، حيث يزول هذا الأثر وتسري جميع المواعيد، بما في ذلك مواعيد رفع الدعـوى ومـواعيد التقـادم كما لو أن الدعوى لم ترفع قط، مما قد يؤدي إلى نتائج خطيرة قد تودي بالحق الموضوعي نفسه، لاسيما بعد التعديل الذي أجراه المشرع على هذه المادة، الذي أصبح القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن بمقتضاه واجبا على المحكمة، وصارت المحكمة لا تتمتع بأية سلطة تقديرية في القضاء بذلك متى تحققت شرائطه المنصوص عليها بالمادة (99) المذكورة آنفا.
وحيث إن المادة (1) من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، معدلة بموجب القانون رقم 50 لسنة 1981 تنص على أن: “وحدات الإدارة المحلية هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى، ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية…”.
كما تنص المادة (4) منه على أن: “يمثل المحافظة محافظها كما يمثل كل وحدة من وحدات الإدارة المحلية الأخرى رئيسها، وذلك أمام القضاء وفى مواجهة الغير”.
وحيث إن المستفاد مما تقدم –على وفق المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة– أن المشرع قد منح بنص خاص وحدات الإدارة المحلية (وهي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى) الشخصية الاعتبارية، وأن رئيس كل وحدة منها هو صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء وفي مواجهـة الغير، فإن رئيس الحي يغدو هو صاحب الصفة قانونا في تمثيل الحي أمام القضاء وفي مواجهة الغير، وتصبح جهة الوصاية (ممثلة في المحافظة، والمحافظ بحسبانه من يمثلها) غير ذات صفة في تمثيل الوحدات المحلية التابعة لها، ومنها الأحياء.
وحيث إنه تأسيسا على ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه أمام محكمة أول درجة طعنا على قرارغلق مصنع الشركة، مختصما فقط رئيس حي الوراق، وبجلسة 22/2/2011 قررت المحكمة تكليفه باختصام محافظ الجيزة، وأجلت نظرها لهذا السبب لأكثر من ثلاث جلسات، كانت آخرها جلسة 24/1/2012، وبالجلسة المنعقدة بتاريخ 28/2/2012 أصدرت محكمة أول درجة حكمها بوقف الدعوى جزاءً لمدة شهر على سند من القول إن المدعي قد تقاعس عن تنفيذ أمر المحكمـة المذكور سالفا باختصام محافظ الجيزة خلال مدة الوقف.
ولما كان رئيس حي الوراق هو صاحب الصفـة في تمثيل الحي قانونا، وكان قــرار الغلق رقــم 390 لسنة 2010 المطعون فيه أمام محكمة أول درجة صادرا عن رئيس حي الـوراق بصفته هذه، وليس بصفته مفوَّضا في إصداره من قبل المحافظ، فمن ثم تكون الخصومة في الدعوى قد تم توجيهها إلى صاحب الصفة فيها، وإذ خلت الأوراق مما يدل على وجود أية مصلحة للعدالة أو لإظهار الحقيقة تستدعي ضرورة اختصام محافظ الجيزة إعمالا للمادة (118) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فمن ثم يغدو الأمر الصادر عن محكمة أول درجة إلى الطاعن بتكليفه وإلزامه اختصام محافظ الجيزة، وما ترتب عليه من حكم بوقف الدعوى جزاءً لمدة شهر مفتقدا لسنده القانوني السليم، مجاوزا لنطاق سلطة المحكمة التقديرية، واقعا في حومة مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، مما يتعين معه عدم التعويل عليه أو الاعتداد به.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان صدور الحكم بوقف الدعـوى على نحو يتفق وصحيح حكم القانون هو أمر تحتمه المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وتستلزمه لصحة الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وذلك على النحو السابق تفصيله، وإذ تبين أن الحكـم الصادر بوقف الدعوى قد جانبه الصواب، ولا يجوز لذلك الاعتداد به أو التعويل عليه قانونا؛ فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وقد انهار الأساس القانوني الذي بني عليه، قد صدر مخالفا للقانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر باعتبار الدعوى كأن لم تكن، بما مفاده أن محكمة أول درجـة لم تنظر الدعوى ولم تقم بالتصدي لها على أي وجه من الوجوه، فإنه يتعين إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجددا بهيئة مغايرة.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها والفصل فيها بهيئة مغايرة.
([1]) في هذا الاتجاه: حكم محكمة النقض (مدني) الصادر بجلسة 22/12/2011 في الطعن رقم 2213 لسنة 53 القضائية، حيث أكدت أن قضاء المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن إعمالا لحكم المادة (99/3) من قانون المرافعات، معدلا بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992، هو جزاء يوقع على المدعي لإهماله في اتخاذ ما تأمر به المحكمة، قُصد به تأكيد سلطتها في حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها، إلا أن مناط توقيع هذا الجزاء أن تكون المحكمة قد التزمت لدى إصدارها الأمر أحكامَ القانون، فإن هي خرجت عليها انتفى موجب توقيع الجزاء، وخرج الأمر عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية، وأصبح محضَ تحكمٍ واستبدادٍ، وهو ما يتنافى مع مقتضيات العدالة، وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ذلك سائغا، ولا يخالف الثابت بالأوراق، وانتهت المحكمة إلى نقض الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد سبْق الحكم بوقفها جزائيا؛ لمخالفة حكم الوقف الثابت بالأوراق.
وقارن بحكمي المحكمة الإدارية العليا الصادرين في الطعن رقم 37341 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 24/2/2015، وفي الطعن رقم 11799 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 24/3/2015 (منشوران بهذه المجموعة- المبدآن 122 و123)، حيث أكدت أنه يتعين على المحكمة متى قضت بوقف الدعوى جزائيا، ولم يتم تنفيذ ما أمرت به، أن تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ولو كان الحكم بوقف الدعوى جزائيا غير سديد؛ إذ إنه حكم له ما للأحكام من حجية، فإذا لم يطعن عليه ذو الشأن في الميعاد القانوني حاز قوة الأمر المقضي، وتمتنع إعادة النظر فيما تضمنه، أو إثارة الجدل بشأنه، وورد بالحكم الأول صراحةً أنه يمتنع على المحكمة الإدارية العليا عند نظرها الطعن في الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن رقابة السبب الذي قام عليه حكم الوقف الجزائي.
ويراجع الحكم الصادر بجلسة 6 من يناير سنة 2016 في الطعن رقم 5117 لسنة 58 القضائية عليا (منشور بهذه المجموعة- المبدأ 27/و)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه لا يجوز الطعنُ على الحكم الصادر بالوقف الجزائي بسبب تقاعس المدعي عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة، لكن يجب على محكمة الطعن وهي بصدد إعمال رقابتها على الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن، أن تُمَحِّصَ الحكمَ الصادر بالوقف الجزائي وأسبابه التي قام عليها؛ لكونه يُمَثِّلُ حجرَ الزاوية الذي بُني عليه هذا الحكمُ، فإذا لم تتوفر الأسباب والموجبات التي تبرِّرُ الوقفَ الجزائي، انهار تبعًا لذلك الأساسُ الذي قام عليه الحكمُ باعتبار الدعوى كأن لم تكن، مِمَّا يُوقِعُه في حومةِ مخالفة القانون.
وتنص المادة (212) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه: “لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة، وفي الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المحالة إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن”.
[3])) في الاتجاه نفسه: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 28926 لسنة 52 القضائية (عليا) بجلسة 18 من مايو سنة 2014 (منشور بمجموعة السنة 59، مكتب فني، المبدأ رقم 67/د)، وكذا ما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا من أنه إذا أقيم طعن في الحكم لصدوره على خلاف حكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم فيه فإن الطعن في الحكم الأخير من شأنه أن يحرك الطعن في الحكم الأول للارتباط الوثيق بينهما، فمتى كانت الخصومة والطلبات في الدعويين واحدة فإنه يتعين تسليط رقابة المحكمة الإدارية العليا على الحكمين لبيان وجه الحق فيهما ووضعا للأمور في نصابها. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 880 لسنة 50 ق.ع بجلسة 26/7/2007، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة الأولى 2006/2007، مكتب فني، جـ2 ص297).وكذا ما قررته من أن المحكمة الإدارية العليا لا تتقيد لدى نظر الطعن في أحد الأحكام بحكم آخر صادر عن المحكمة الأدنى وأصبح نهائيا بعدم الطعن عليه، وأن الطعن في حكم أمام المحكمة الإدارية العليا يحرك بالضرورة الطعن في أي حكم مرتبط به ارتباطا وثيقا، ولو لم يطعن فيه أمامها؛ حتى تسلط رقابتها على الحكمين معا لبيان وجه الحق فيهما وتوحيد كلمـة القانون بينهما، بما لا يكون هناك وجه معه للتحدي بحجية حكم نهائي لم يطعن فيه؛ حتى لا تغل يدها عن إعمال ولايتها فى التعقيب بحرية على الحكم المطعون فيه أمامها، وحتى لا يعلو الحكم الذي لم يطعن فيه (وهو صادر عن محكمة أدنى) على حكم المحكمة الإدارية العليا (وهي خاتمة المطاف فى نظام التدرج القضائي بمجلس الدولة)، وبينت المحكمة أنه لا يتصور اختلاف الحكم القانوني في مسألة قانونية واحدة بحكمين قضائيين طعن في أحدهما ولم يطعن في الآخر (حكمها في الطعن رقم 3540 لسنة 58 القضائية (عليا) بجلسة 28 من يناير سنة 2012، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في شأن الأحزاب السياسية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية 2011/2016، المبدأ رقم 34).
وعلى خلاف ذلك انتهت المحكمة الإدارية العليا في قضاء قديم لها إلى أنه إذا صدر في موضوع الخصومة الواحدة حكمان نهائيان، وكان الأخير منهما يخالف الأول، ثم طعن في الأول، فإن الحكم الأخير لا يقيد المحكمة الإدارية العليا. أما إذا كان الحكم الأول قد حاز قوة الأمر المقضي وطعن في الحكم الأخير فإنه لا مناص أمام المحكمة الإدارية العليا من إلغاء الحكم الأخير، ولو كان الحكم الأول لم يصب الحق في قضائه؛ إعلاء لقوة الأمر المقضي به التي تمتع بها الحكم الأول. (حكمها في الطعن رقم 1271 لسنة 2ق.ع بجلسة 30/11/1957، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 3 القضائية، مكتب فني، جـ1 ص131).
وراجع ما قررته محكمة النقض في حكمها الصادر في الطعنين رقمي 5379 و7113 لسنة 69 القضائية بجلسة 26/4/2011 (مجموعة س62 مكتب فني، ص562) من أن على المحاكم، وفي مقدمتها محكمة النقض، عند الفصل في الطعن المطروح عليها ألا تعارض حكما صار باتا قبل صدور حكمها، حتى لو لم يكن كذلك وقت رفع الطعن؛ احتراما لقوة الأمر المقضي، وهو سبب متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، وأبانت أن احترام حجية الأحكام يعلو على ما عداه من اعتبارات النظام العام؛ ذلك أن المشرع اعتبر أن تناقض الأحكام هو الخطر الأكبر الذي يعصف بالعدالة ويمحق الثقة العامة في القضاء، فأوجب على المحاكم كلما بدا لها احتمال تناقض بين الأحكام أن تدرأه بما يسره القانون من سبل. وأكدت أن المسألة الواحدة إذا كانت أساسية، وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطالب به في الدعوى أو بانتفائه، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم، ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن حق جزئي آخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة الكلية السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها، ويعد الموضوع متحدا إذا كان الحكم الصادر في الدعوى الثانية مناقضا للحكم السابق، وذلك بإقراره حقا أنكره هذا الحكم أو بإنكاره حقا أقره، فيناقض الحكم الثاني الحكم الأول.
هذا وتنص المادة (222) من قانون المرافعات على أنه: “ويجوز أيضا استئناف جميع الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي إذا كان الحكم صادرا على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المقضي. وفي هذه الحالة يعتبر الحكم السابق مستأنفا بقوة القانون إذا لم يكن قد صار انتهائيا عند رفع الاستئناف”.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |