برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ جمال طه إسماعيل ندا
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، وإبراهيم سيد أحمد الطحان، ومحمد ياسين لطيف شاهين.
نواب رئيس مجلس الدولة
مبانٍ– توصيل المرافق للمباني المخالفة- حظر المشرع على الجهات القائمة على شئون المرافق (الكهرباء والمياه وغيرها) تزويد العقارات المبنية أو أية وحدة من وحداتها بخدمات هذه المرافق إلا بعد تقديم صاحب الشأن شهادة تفيد أن المبنى المطلوب تزويده بالمرافق قد صدر له ترخيص في البناء، وأنه مطابق لشروط الترخيص- من يخالف شروط الترخيص أو يقوم بالبناء بدون ترخيص يحرم من تزويد عقاره أو أي من وحداته بخدمات المرافق- لا يغير من ذلك صدور حكم قضائي بإلغاء قرار إزالة الأعمال المخالفة إذا كان هذا الحكم قد استند في قضائه بالإلغاء إلى عيب شكلي يتمثل في صدور تلك القرارات عن غير مختص؛ لأن هذا الحكم لم ينفِ حصول المخالفة، وليس من شأنه إسباغ المشروعية عليها.
– المادتان رقما (4) و(17 مكررا) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المعدَّل بموجب القانون رقم 25 لسنة 1992 (الملغى لاحقا -عدا المادة 13 مكررا منه- بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء).
في يوم السبت الموافق 18/11/2006 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) بجلسة 26/9/2006 في الدعوى رقم 30166 لسنة 59 ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة -للأسباب الواردة في تقرير الطعن- تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لتقضي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الخامسة عليا الطعن على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 23/4/2012 قررت إحالته إلى الدائرة الخامسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا، وحددت لنظره أمامها جلسة 19/5/2012، حيث نظرته المحكمة بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات، وبجلسة 20/10/2012 أودع الحاضر عن المطعون ضدها الأولى حافظة مستندات طويت على صور المستندات المثبتة على غلافها، وبجلسة 26/4/2014 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص، وقد نظرته هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 7/2/2015 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 11/4/2015 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل المضروب دون تقديم شيء، ثم مُد أجل الحكم لجلسة اليوم 18/4/2015 لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 26/9/ 2006 وأقيم الطعن الماثل طعنا عليه بتاريخ 18/11/2006، فمن ثم يكون قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، وإذ استوفى الطعن جميع أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن تهيأ للفصل في موضوعه، فقد بات الفصل في الشق العاجل منه غير ذي موضوع.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضدها الأولى كانت قد أقامت دعواها الصادر فيها الحكم المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بصحيفة أودعت قلم كتابها بتاريخ 13/6/2005، طالبة الحكم بصفة مستعجلة بتوصيل التيار الكهربائي إلى الشقة المملوكة لها، الكائنة بالجهة الشمالية الغربية القبلية يسار السلم بالدور السادس فوق الأرضي بالعقار رقم 17 شارع 263 المعادي الجديدة قسم البساتين- القاهرة، والمقامة على القطعة رقم 18 هـ شارع 263 الشطر الثالث المعادي الجديدة، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بعدم توصيل التيار الكهربائي للشقة المذكورة، وذلك على سند من المدعية بأن حي البساتين امتنع عن توصيل التيار الكهربائي لهذه الشقة بحجة صدور قرار بإزالة الدور السادس فوق الأرضي بالعقار، ولما كان هذا القرار قد ألغي بالحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 16/8/1997 في الدعوى رقم 411 لسنة 48 القضائية، وتأيد بالحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/5/2001، فإن استمرار الامتناع عن تزويد الشقة بالتيار الكهربائي يكون مخالفا للقانون.
………………………………………………….
وبجلستها المنعقدة في 26/9/2006 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، وشيدته على أن المشرع اشترط لتزويد العقار بالمرافق العامة على وفق المادة (17 مكررا) من القانون رقم 106 لسنة 1976 أن يحصل صاحب الشأن على شهادة من الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم تتضمن أن البناء مطابق للترخيص، ولما كان الثابت بالأوراق أن الجهة الإدارية قد امتنعت عن تزويد شقة المدعية بالتيار الكهربائي بسبب وجود قرار بإزالتها، وقد حكم بإلغاء هذا القرار، وتأيد الحكم في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، فإن ذلك يترتب عليه زوال السبب الذي استندت إليه جهة الإدارة في الامتناع عن توصيل التيار الكهربائي للشقة، ولما كان في استمرار الامتناع مخالفة لأحكام القانون، فيتعين إلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها التزام المدعى عليهم كل فيما يخصه باتخاذ الإجراءات اللازمة لتزويد شقة المدعية بالتيار الكهربائي، والتزام الشركة المدعى عليها بإتمام هذا التوصيل .
………………………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأنه أهدر النصوص القانونية القاطعة التي خولت جهة الإدارة الامتناع عن توصيل المرافق للمباني المخالفة للقانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته على وفق المادة (17 مكررا) من هذا القانون، وأنه لما كانت الشقة المراد توصيل التيار الكهربائي إليها قد تم بناؤها بالمخالفة للقانون المشار إليه، وهو ما لم تنكره المطعون ضدها، فإن امتناع الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم عن الترخيص في إدخال التيار الكهربائي إليها يكون مطابقا للقانون، مما ينأى به عن الإلغاء.
………………………………………………….
وحيث إن المادة (17 مكررا) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء([1]) (الملغى والذي يطبق على النزاع في الطعن الماثل) تنص على أنه: “لا يجوز للجهات القائمة على شئون المرافق تزويد العقارات المبنية أو أي من وحداتها بخدماتها، إلا بعد تقديم صاحب الشأن شهادة من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم تفيد صدور ترخيص بالمباني المقامة ومطابقتها لشروط الترخيص ولأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية”.
ومؤدى هذا النص وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 55 لسنة 18 القضائية (دستورية) بجلسة 22/3/1997([2]) أن المشرع في قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء لم يجز تزويد المباني بالمرافق التي تلزمها، إلا بعد صدور شهادة من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم تفيد صدور ترخيص بإقامة المباني، ومطابقتها لشروط الترخيص ولأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية، وهذا الحكم هو نتيجة مترتبة بالضرورة على نص المادة (4) من هذا القانون التي تقضي بأن الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في شأن المباني التي يراد إنشاؤها أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها، يعد شرطا لازما لإجراء هذه الأعمال؛ تقيدا بمواصفاتها، وضمانا لخضوعها للأصول الفنية التي يقتضيها تنفيذها، وبما يكفل سلامتها، بما مؤداه حرمان من يخالف شروط الترخيص أو أحكام القانون المشار إليه من تزويد عقاره أو أي من وحداته بخدمات المرافق؛ ذلك أن المباني التي يقيمها أصحابها بدون ترخيص تفتقر في الأعم الأغلب من الأحوال لشروط متانتها، ولا تلتئم كذلك والأوضاع التنظيمية المتطلبة فيها، بل تكون عملا عشوائيا يهدد بانهيارها، بما يخل بأمن سكانها وجيرانهم، ويحتم إخلاءها.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية رفضت توصيل التيار الكهربائي للشقة المملوكة للمطعون ضدها الكائنة بالدور السادس فوق الأرضي يسار السلم بالعقار رقم 17 شارع 263 بالمعادي، استنادا إلى بناء هذا الدور بدون ترخيص ومخالفته قيود الارتفاع والشروط البنائية التي تتطلبها شركة المعادي للتنمية والتعمير، وتحرر عن ذلك محضر المخالفة رقم 321 لسنة 1993 وقرار إيقاف الأعمال رقم 62 لسنة 1993 وقرار الإزالة رقم 69 لسنة 1993، ومن ثم فإن قرار جهة الإدارة برفض تزويد هذه الشقة بالتيار الكهربائي يكون متفقا وصحيح حكم القانون إعمالا لنص المادة (17 مكررا) المذكورة سالفا.
ولا ينال من ذلك صدور أحكام عن محكمة القضاء الإداري بإلغاء بعض قرارات الإزالة المحررة عن العقار المذكور؛ إذ الثابت من هذه الأحكام أنها استندت في قضائها بالإلغاء إلى عيب شكلي يتمثل في صدور تلك القرارات عن غير مختص بإصدارها، ومن ثم فإن تلك الأحكام لم تنفِ حصول مخالفات في أعمال البناء للقانون ولشروط الترخيص الممنوح للعقار المذكور، ولا تؤدي إلى إسباغ المشروعية على الأدوار المخالفة في هذا العقار، إذ يظل أمر المخالفات قائما، بما يستتبعه من عدم جواز مد التيار الكهربائي للوحدات المخالفة، مما يكون معه القرار المطعون فيه قد جاء مطابقا لصحيح حكم القانون، ويضحى طلب إلغائه مفتقدا لسنده القانوني السليم، جديرا بالرفض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى غير هذه النتيجة، فإنه يكون قد وقع مخالفا لأحكام القانون، ويتعين القضاء بإلغائه، والقضاء مجددا برفض الدعوى.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
([1]) هذه المادة مضافة بموجب القانون رقم 25 لسنة 1992.
([2]) قضت المحكمة الدستورية العليا في هذه القضية برفض الدعوى بطلب الحكم بعدم دستورية المادة (17 مكررا) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |