برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الفتاح صبري أبو الليل
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ فوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومحمد أحمد أحمد ضيف، ومحمد ياسين لطيف شاهين، وأحمد جمال أحمد عثمان.
نواب رئيس مجلس الدولة
مبانٍ– اعتماد خطوط التنظيم للشوارع- اختيار الموقع المناسب للشارع يدخل في إطار السلطة التقديرية للجهة الإدارية، ولا يعيبها إلا عيب الانحراف بالسلطة- في ظل هذه السلطة التقديرية ينتفي وجود إلزام على الجهة الإدارية أن تتخذ إجراءً معينا.
– المادة رقم (13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الملغى لاحقا -عدا المادة 13 مكررا منه- بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء).
بتاريخ 23/3/2006 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم, قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 24/1/2006 في الدعوى رقم 8448 لسنة 57ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن اعتماد خطوط التنظيم للشارع القائم على الطبيعة الذي يربط بين شارعي بورسعيد والخليج بحي حدائق القبة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم في ختام عريضة الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددا (أصليا) بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، و(احتياطيا) برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده في أي من الحالتين المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد نظرت الدائرة الخامسة فحص بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بجلسة 28/6/2010 وفيها قررت إحالته إلى الدائرة الأولى (فحص) للاختصاص، حيث تدوول الطعن أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/4/2014 قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 7/6/2014 وفيها وما تلاها من جلسات تدوول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 23/5/2015 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم, حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 24/1/2006، وأقيم الطعن الماثل طعنا عليه بتاريخ 23/3/2006، فمن ثم يكون الطعن قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، وإذ استوفى جميع أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -على وفق الثابت من الأوراق- في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 8448 لسنة 57 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبا في ختامها الحكم بقبولها شكلا، وفي الموضوع بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بامتناع المدعى عليهم بصفاتهم عن إصدار قرار بإلغاء خط التنظيم للوصلة بين شارع بورسعيد وشارع الخليج المصري بحدائق القبة واعتماد خط التنظيم للشارع القائم على الطبيعة طبقا للرسومات المعتمدة رقم 2023 الصادر بالقرار رقم 38 لسنة 1967، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعي شرحا لدعواه أنه يمتلك قطعة الأرض رقم 188 شارع الخليج المصري، ومقاما عليها مصنع لتصنيع قوالب الأحذية، وصادر له ترخيص في 4/3/1965، واستصدر بتاريخ 5/8/1982 ترخيص مبانٍ رقم 87 لسنة 1982 بتكملة الدور الأرضي وتعليته دورين فوق الأرضي, وبتاريخ 31/5/1983 قامت المحافظة ببيع قطعة أرض مساحتها 277,70 مترا مربعا له، وهي عبارة عن زوائد تنظيم أمام القطعة المملوكة له نظير مبلغ قدره 1388,500 جنيها بموجب العقد المشهر رقم 1954/1983 شمال القاهرة، وعقب صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1107 لسنة 1995 بتمليك المواطنين واضعي اليد على أراضي الدولة بمحافظة القاهرة, تقدم المدعي بطلب لتملك أرض المصنع وضع يده، إلا أنه فوجئ بالإفادة بأن الأرض المقام عليها المصنع ضائعة في خط التنظيم باعتبارها شارعا يربط بين شارعي بورسعيد والخليج, فتقدم بطلب لاستبعاد تلك الأرض من خط التنظيم، ولما لم يتلق ردا أقام دعواه بطلباته المذكورة سالفا.
………………………………………………….
وبجلسة 24/1/2006 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المشار إليه سالفا، وشيدته على أن الجهة الإدارية قد قررت عدم جدوى خط التنظيم الصادر بِشأن الرسم المعتمد رقم 2023/1967 كشارع يربط بين شارعي بورسعيد والخليج؛ وذلك لوجود شارع آخر قائم بالفعل على الطبيعة عرضه 17م يربط بين الشارعين ويتفادى الأرض التي قامت الدولة ببيعها للمواطنين، ومن ثم يكون امتناع الجهة الإدارية عن اعتماد هذا الشارع يشكل قرارا سلبيا بالامتناع يتعين الحكم بإلغائه.
………………………………………………….
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية هذا القضاء أقامت طعنها الماثل ناعية عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين: (أولهما) لأنه لم يقض بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري لانتفاء التزام الجهة الإدارية بإلغاء خط تنظيم تم اعتماده بالفعل، و(ثانيهما) أنه بعد اعتماد خط التنظيم فإن القرار الصادر بذلك يظل قائما ومنتجا لآثاره إلى أن يصدر قرار بإلغائه عن الجهة الإدارية المختصة، وإذا كان قد حدث خطأ مادي عند تنفيذ خط التنظيم على الطبيعة، فإن ذلك لا يصلح سببا لإلغاء القرار الإداري مادام قد صدر مستوفيا شرائطه القانونية.
………………………………………………….
وحيث إنه عن الوجه الأول من أوجه النعي على الحكم المطعون فيه والمتمثل في مخالفة أحكام القانون لافتراضه توفر القرار الإداري في صورته السلبية بمقولة امتناع الجهة الإدارية عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه قانونا على الرغم من عدم توفر هذه الصورة في الحالة المعروضة.
وحيث إن المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:… (خامسا) الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية. … ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح”.
وتنص المادة (13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الملغى والذي كان نافذا عند صدور الحكم المطعون فيه) على أن: “يصدر باعتماد خطوط التنظيم للشوارع قرار من المحافظ بعد موافقة المجلس المحلي المختص. ومع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين، يحظر من وقت صدور القرار المشار إليه في الفقرة السابقة إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم، على أن تعوض أصحاب الشأن تعويضا عادلا، أما أعمال التدعيم لإزالة الخلل وكذلك أعمال البياض فيجوز القيام بها. وإذا صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم، جاز للمجلس المحلي المختص بقرار مسبب إلغاء التراخيص السابق منحها أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد، سواء كان المرخص له قد شرع في القيام بالأعمال المرخص بها أو لم يشرع، وذلك بشرط تعويضه تعويضا عادلا…”.
وحيث إن مفاد ما تقدم -وعلى ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة- أن القرار الإداري السلبي لا يصح القول بقيامه وإمكانية مخاصمته بدعوى الإلغاء -طبقا لنص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة- إلا إذا ثبت أن الجهة الإدارية قد امتنعت أو قعدت عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقا للقوانين واللوائح، وذلك بأن يكون صاحب الشأن قد توفرت بشأنه الشروط والضوابط التي استلزمها القانون، والتي أوجب بتوفرها على الجهة الإدارية التدخل بقرارها لإحداث الأثر الذي رتبه القانون، أما إذا لم يكن إصدار مثل هذا القرار واجبا عليها، فإن امتناعها عن إصدار مثل هذا القرار لا يشكل قرارا سلبيا مما يقبل الطعن عليه قضائيا بدعوى الإلغاء. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3586 لسنة 43ق.ع بجلسة 7/4/2001، وحكمها في الطعن رقم 11091 لسنة 46 ق.ع بجلسة 13/9/2003).
ومتى كان ذلك، وكان المشرع في المادة (13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه قد ناط بالمحافظ المختص بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي المختص سلطة إصدار قرارات اعتماد خطوط التنظيم للشوارع، وقد أصدر محافظ القاهرة القرار رقم 38 لسنة 1967 باعتماد خط التنظيم للشارع الذي يربط بين شارعي بورسعيد والخليج المصري، فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر عَمَّنْ يملك سلطة إصداره قانونا، وبعد اتباع الإجراءات المقررة في هذا الشأن، ومن ثم لا مجال للنعي عليه بمقولة وجود شارع قائم على الطبيعة بالفعل لا يبعد أكثر من خمسين مترا عن الشارع المشار إليه؛ بحسبان أن اختيار الموقع المناسب للشارع يدخل في إطار السلطة التقديرية للجهة الإدارية، والتي لا يعيبها إلا عيب الانحراف بالسلطة، وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق، فضلا عن أنه متى تمتعت الجهة الإدارية بالسلطة التقديرية انتفى مجال الإلزام باتخاذ إجراء معين، الذي يلزم توفره لتوفر القرار السلبي القابل للنعي عليه قانونا؛ إعمالا لعينية دعوى الإلغاء، والتي توجه إلى قرار إداري، إيجابيا كان أم سلبيا، ويتعين القضاء بعدم قبولها إذا انتفى القرار الإداري.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق تمتع الجهة الإدارية بسلطة تقديرية تخولها الحق في اختيار الموقع المناسب للشارع، وإصدار القرار اللازم باعتماد خط تنظيمه، مما ينتفي معه في الحالة المعروضة الإلزام الذي هو عماد القرار السلبي، مما كان يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بوجهة النظر هذه، وافترض توفر القرار الإداري السلبي، فإنه يكون قد وقع مخالفا لأحكام القانون، ويتعين القضاء بإلغائه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات إعمالا لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |